مشاهدة النسخة كاملة : مقتل رفيق الحريرى فى عملية إنتحارية فى بيروت
fadel
02-14-2005, 10:49 PM
قتل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبنانى السابق فى انفجار انتحاري ضخم استهدف موكبه وهو متوجه إلى منزله ، وقد قتل 9 اشخاص من مرافقيه فى هذا الحادث المروع الذى اعلنت بعض المنظمات التكفيرية عن مسؤليتها عن هذا الحادث ، وهناك جدل عن جدية هذا الإعلان وعما إذا كان غطاء للجهة الحقيقية التى قامت بهذا العمل الشنيع .
رحم الله الفقيد فقد قدم لدولة لبنان أفضل إمكانياته فى الوقت الذى كان الاخرون يمارسون هواية إطلاق الشعارات الفارغة وذم النجاح الذى كان يحققه الحريري .
الفاتحة على روح الفقيد الكبير
Osama
02-15-2005, 01:39 AM
الله يرحمه ، الصراحة ما يستاهل
صورة الرئيس الحريري بعد الحادثة
http://www.alraialaam.com/15-02-2005/ie5/Mainpix.jpg
الحريري... ملياردير ورئيس وزراء سابق
رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري الذي قتل امس، في انفجار في بيروت، هو ابرز السياسيين في الطائفة السنية والوجوه المعارضة منذ استقالته من رئاسة الحكومة الخريف الماضي.
والحريري البالغ من العمر 60 عاما جمع ثروته في السعودية قبل ان يتملكه شغف الحياة السياسية ويشكل خمس حكومات اعتبارا من العام 1992.
شغل منصب رئيس الوزراء في لبنان من 1992 الى 1998 ومن 2000 الى 2004. واستقال في اكتوبر 2004 وانتقل الى صفوف المعارضة, وكان الفائز الاكبر مع حلفائه في الانتخابات التشريعية الاخيرة التي شهدها لبنان العام 2000 حيث حصد نسبة كبيرة من المقاعد.
والحريري الذي شكل خمس حكومات عرف كيف يتكيف نسبيا مع قواعد اللعبة التي تفرضها دمشق التي تمارس نفوذا كبيرا جدا على جارها الصغير ولا تزال تنشر فيه اكثر من 14 الف جندي.
ولد الحريري الممتلئ الجسم الذي غزا الشيب شعره في صيدا (جنوب) من اب يعمل في القطاع الزارعي.
عمل محاسباً حتى يستطيع اتمام دراسته الجامعية في كلية التجارة في جامعة بيروت العربية قبل ان ينتقل (بفعل اعلان في جريدة يومية) الى السعودية حيث عمل في التدريس، ثم عاد الى تدقيق الحسابات مجدداً، جامعاً هذه المرحلة في 6 سنوات، معيلاً لنفسه ومعيناً لعائلته، قبل ان يضع قدمه عام 1970 في عالم المال والأعمال مؤسساً شركة صغيرة سماها «سيكونيست», وينطلق بقوة عام 1977 عبر قبول تحد فيه الكثير من المغامرة من خلال اشتراكه مع شركة «اوجيه» الفرنسية في انشاء فندق في الطائف، في فترة تسعة اشهر، بعدما اعتذرت شركات كبرى عن قبول هذا التحدي في حينه، ليلاقي اول انجازاته الكبرى ويؤسس بعدها «سعودي اوجيه» المولودة من دمج «سيكونيست» مع «اوجيه» وليكسب بعدها في عام 1987 شرف الجنسية السعودية التي يعتبرها من اهم العلامات المضيئة في سيرته الذاتية.
قد يكون لقب «رجل الدولة» او «الرئيس» افضل الألقاب بالنسبة الى الحريري، الذي يتجاهل عمداً خلفيته كأحد كبار رجال الأعمال في العالم, ويبدو ذلك جلياً من خلال انغماسه في تفاصيل الحركة السياسية في لبنان والمنطقة امتداداً الى نفوذه وعلاقاته الدولية، مما يجعل الغوص في حجم ثروته واستثماراته مهمة صعبة يمكن الركون فيها على التقديرات لكن يستحيل تكوين صورة متكاملة وحقيقية, وهذه المعادلة تنطبق على جميع الثروات الكبرى التي يحتفظ اصحابها بخصوصيات تجعل الرؤية احياناً كرؤية جبل الجليد.
وتقدر ثروة الحريري بنحو عشرة مليارات دولار, وقد استثمر كثيرا في القطاعات المصرفية والعقارية والصناعة ووسائل الاتصالات والاعلام, ويملك الحريري محطة تلفزيون خاصة «المستقبل» و صحيفة «المستقبل», كما يملك «اذاعة الشرق» ومقرها باريس.
وخلال الحكومات التي شكلها، عمد الحريري الى وضع اتصالاته الشخصية في خدمة بلده, فالى جانب العائلة الملكية في السعودية، يقيم علاقات شخصية مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي يعتبره «صديقا».
وراح الحريري يجول في العالم لنيل ثقة المستثمرين الاجانب واللبنانيين المهاجرين يحضهم على العودة الى لبنان بعد الحرب (1975 ـ1990)، وذلك رغم استمرار النزاع في الشرق الاوسط, وفي الوقت ذاته، قاد عملية اعادة اعمار مؤسسات الدولة والبنى التحتية في وقت شغلت فيه جرافاته وسط العاصمة اللبنانية التي اوكلت الى شركة «سوليدير» الخاصة التي اسسها وباتت اسهمها مطروحة في بورصة بيروت.
وفي نوفمبر 2002، حصل على موافقة المجتمع الدولي خلال لقاء في باريس لنجدة لبنان الذي كان على شفير الاختناق المالي في مقابل اصلاحات اقتصادية تشمل خصخصة عدة قطاعات من الاقتصاد.
لكن خلافاته مع الرئيس اميل لحود ادت الى شلل السلطة التنفيذية ومنعت تطبيق الاصلاحات, ويرزح لبنان اليوم تحت عبء دين يقارب الخمسة والثلاثين مليار دولار اي نحو ضعفي اجمالي ناتجه الداخلي.
وتزوج الحريري مرتين وله خمسة اولاد.
وفي خط مواز للاعمال والاستثمارات، انشأ الحريري عام 1979 «مؤسسة الحريري» وهي منظمة لا تبغي الربح ساهمت في تعليم اكثر من 30 الف طالب لبناني في الجامعات الرسمية والخاصة في لبنان وفي جامعات اوروبا واميركا، كما تؤمن المؤسسة ايضاً خدمات صحية واجتماعية وثقافية.
ومع تغليب شخصية السياسي على شخصية رجل الأعمال، بدأ التحول في شخصية الحريري والاهتمام بالشؤون اللبنانية مبكراً ايضاً, وبدأ ظهوره «السياسي» على ساحة الاحداث عام 1982 لكن من الباب الاقتصادي، حيث يتذكره اللبنانيون جيداً «كفاعل خير» وضع امكاناته بتصرف الدولة اللبنانية وساهم في ازالة الآثار الناجمة عن الاجتياح الاسرائيلي للبنان ووصوله الى العاصمة بيروت.
الحريري ... دولة الشهيد
بيروت ـ من وسام أبو حرفوش:
في عملية اجرامية تشبه الاعصار، اغتيل امس في بيروت، رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري عبر انفجار سيارة مفخخة على مقربة من فندق «السان جورج»، على الكورنيش البحري في عين المريسة، استهدف موكبه «المحصن».
ولم يكن جف دم الحريري، الذي تفحمت جثته من جراء الانفجار الكبير الذي استهدف موكبه، حتى تداعت المعارضة بكل اطرافها الى لقاء عقد في دارته، اصدرت على اثره بياناً حمّل في شكل واضح السلطة اللبنانية و«سلطة الوصاية» السورية مسؤولية اغتياله, ودعت المجتمع الدولي الى «تحمل مسؤولياته»، والى تشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف ملابسات الجريمة «في ظل انعدام الثقة بهذه السلطة واجهزتها كافة».
وطالبت المعارضة بخروج كامل للجيش السوري من لبنان قبل الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، مطالبة «برحيل السلطة الفاقدة شرعيتها الدستورية والشعبية والدولية وقيام حكومة انتقالية».
كما اتهم النائب المعارض والوزير السابق مروان حماده سورية بالوقوف وراء الاغتيال, وقال حماده الذي كان نجا من محاولة اغتيال في الاول من اكتوبر 2004 «انها جريمة بشعة والمسؤوليات عنها معروفة : فهي تبدأ في دمشق وتمر في بعبدا (حيث القصر الرئاسي اللبناني) والحكومة اللبنانية واجهزة الاستخبارات اللبنانية, هذا كل ما عندي لاقوله».
وتحدث العماد ميشال عون صراحة عن «مسؤولية سورية» في «الجريمة الشنيعة, وقال: «انهم مسؤولون, انهم هم الذين يمسكون بالامن والاجهزة المخابراتية (في بيروت)»، مشيرا الى «دلائل عدة» مثل «الوسائل المستخدمة لـ (تنفيذ) هذا الاعتداء في وسط المدينة», واضاف: «نحن تعودنا منذ قرابة 30 سنة، خلال الحقبة السورية، على سلسلة من الجرائم لم يكشف اي منها»، مذكرا بالاعتداء على الزعيم الدرزي كمال جنبلاط والمفتي السني الشيخ حسن خالد والسفير الفرنسي السابق لوي ديلامار وعلى الرئيس اللبناني المنتخب بشير الجميل والرئيس رينه معوض,
وكان لافتاً ان الزعيم المعارض وليد جنبلاط تلقى امس اتصالاً من الامين العام للامم المتحدة كوفي انان، طالباً منه اتخاذ الحيطة والحذر، فيما اعلنت كتلة الحريري البرلمانية رفضها مشاركة اركان السلطة في مأتمه بعدما حملتها مسؤولية قتله.
وعلم من مصادر امنية موثوقة اجرت تحقيقاً اولياً حسياً، ان الانفجار ناتج عن عبوة ناسفة تزن بين 250 و300 كيلو غرام من مادة «تي ان تي» شديدة الانفجار، وان العبوة كانت موضوعة على الارجح داخل سيارة من نوع «مرسيدس»، لكن لم يتم حسم نوعها ومواصفاتها بعد، ولا يزال العمل الجنائي جارياً عليها بعد التحقق من السيارات المتضررة في الحادث، بغية معرفتها اذ قد يؤدي ذلك الى كشف خيوط حول هذه الجريمة.
واحدثت قوة الانفجار حفرة بلغ عمقها ثلاثة امتار وقطرها نحو 15 متراً مما يدل على عنف الانفجار.
وتحدثت معلومات امنية ليلاً عن دهم منزل الشخص الظاهر في شريط الفيديو الذي بثته محطة «الجزيرة» وأذاع خلاله بياناً صادراً عن جماعة تعلن عن نفسها للمرة الاولى تدعى «النصر والجهاد في بلاد الشام»، وهو فلسطيني يدعى احمد تيسير ابو عدس (والدته نهاد) من مواليد 1982 ويسكن في محلة الطريق الجديدة قرب الجامعة العربية، وينتمي الى احد التيارات الارهابية وتم ضبط اسلحة وأعتدة منه.
وعُلم ان التحقيقات تجري لمعرفة اذا كان ابو عدس فجّر نفسه ام انه فجّر السيارة المفخخة.
وليلا، حاول عشرات من الشبان تخريب واحراق مقر الفرع اللبناني لحزب البعث الحاكم في سورية, وحطم الشبان واجهات المحال التجارية الواقعة في الطابق السفلي لمبنى من 12 طبقة يضم الاول منها مقر حزب البعث في بيروت في احد الاحياء السنية في جنوب العاصمة اللبنانية.
وفي مدينة صيدا، مسقط رأس الحريري، نزل المئات الى الشارع واغلقوا بإطارات السيارات المشتعلة الطريق الساحلية التي تربط هذه المدينة الجنوبية بالعاصمة.
من ناحيتها، وجهت فرنسا تلميحا «اصابع الاتهام» الى النظامين السوري واللبناني، من خلال دعوتها الى فتح تحقيق دولي وملاحقة ومحاسبة المسؤولين,,, فدعوتها تعني عدم ثقتها بالتحقيقات اللبنانية والسورية من جهة، وعزمها على رفع القضية الى مجلس الامن من جهة ثانية.
واعلنت الولايات المتحدة امس انها تريد التعاون مع مجلس الامن ومع حلفائها «لمعاقبة المسؤولين» عن الاعتداء.
وقال الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان «سنبحث مع مجلس الامن ومع آخرين كيفية معاقبة المسؤولين» عن هذا الاعتداء من دون ان يذكر سورية.
وكان ذكر قبلا في تعليق اولي على الاغتيال «ان الجريمة هي عامل تذكير مريع بأن الشعب اللبناني يجب ان يكون قادرا على تحقيق تطلعاته وتقرير مستقبله السياسي بعيدا عن العنف والترهيب وبحرية من دون الاحتلال السوري».
وفي موقف لافت على سرعة صدوره، ومن مستوى اعلى الهرم، «دان» الرئيس بشار الاسد اغتيال الحريري واصفا العملية بـ «العمل الاجرامي الرهيب», وقال في بيان له بثته وكالة «سانا»، ان «سورية حكومة وشعبا تعلن وقوفها الى جانب لبنان الشقيق في هذه الاوضاع الخطيرة وتتوجه الى اسرة السيد رفيق الحريري وعائلات الضحايا بمواساتها وتعازيها الحارة».
واستنكرت الكويت عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، معربة عن تأييدها وتضامنها مع كل ما يتخذه لبنان من إجراءات «لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية» وبعث سمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد برقية تعزية ومواساة إلى الرئيس اميل لحود، معربا سموه عن تعازي الكويت قيادة وشعباً للشعب اللبناني الشقيق وقيادته بهذا الحادث المؤلم واستنكارها لهذه الأعمال الخارجة عن الأعراف والأخلاق، كما بعث سموه برقية تعزية أخرى إلى أسرة الفقيد.
وبعث سمو ولي العهد الشيخ سعد العبدالله برقيات مماثلة استنكر فيها هذه الأعمال الإجرامية التي تزعزع الأمن والاستقرار وتروع الآمنين، كما نعى رئىس مجلس الأمة جاسم الخرافي رئىس وزراء لبنان السابق، معربا عن ادانته الشديدة «للعمل الإجرامي الذي أسفر عن مقتل أحد رجالات الأمة العربية» لافتا إلى ان «هذا الحادث المؤسف إن دل على شيء فهو يدل على جهل من قام به».
وعبر سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد في برقية تعزية إلى رئىس الوزراء اللبناني عمر كرامي، عن وقوف الكويت وتضامنها مع البلد الشقيق في كل ما يتخذه من إجراءات لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية للحفاظ على أمنه وسلامته.
عمل مدان بكل المقاييس والغريب إن قتله تم فى عيد الحب أو الفالنتين
مقاتل
02-15-2005, 04:28 PM
اللحظات الأخيرة للحريري: جلسة مع الرفاق حول فنجان قهوة
تحدث مع السبع وبويز في مجلس النواب ثم غادر بعد 7 دقائق قائلا «لا شيء لدي لأقوله»
جلسة حول فنجان قهوة مع بعض نواب كتلته واصدقائه في مقهى في مواجهة مبنى مجلس النواب وفي قلب مشروع «سوليدير»، ابرز انجازاته في بيروت، كانت آخر ما قام به رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري قبل اغتياله امس.
سبع دقائق امضاها قبل ذلك في جلسة اللجان النيابية المشتركة التي اجتمعت امس للبحث في قانون الانتخابات. وقد حرص الحريري على الحضور، كما فعل في وقت سابق، لمناقشة مشروع القانون الذي كان يوليه اهمية بالغة خصوصاً في ما يتعلق بتقسيمات بيروت الانتخابية. لكن كثرة طالبي الكلام (17 نائباً) وعدم الدخول في تفاصيل القانون وتقسيمات بيروت، جعلته يعدل عن ذلك مفضلاً فنجان القهوة والعودة بسيارته الى... حيث لاقى حتفه. في الجلسة، فضَّل الحريري الانزواء في حديث جانبي مع عضو كتلة النائب وليد جنبلاط النائب باسم السبع، رفيق درب الحريري في السياسة، ثم غادر الجلسة حيث التقى عند الباب الوزير السابق النائب فارس بويز. وانغمسا في حوار سريع انتهى بتربيتة من يد الحريري على كتف بويز ووداع. وفيما رفض الوزيران السابقان السبع وبويز الخوض في تفاصيل النقاش الاخير «احتراماً للحظة» قال النائب عدنان عرقجي، عضو كتلة الحريري السابق، ان مرافق الحريري الشخصي يحيى العرب (الذي قضى في الانفجار ايضاً) قلل أمامه من أهمية ما تردد عن استبعاده من لائحة الترشيحات في بيروت، قائلاً له: «معليش طوِّل بالك مع الريس كل شيء بيكون مليح».
الحريري رفض لدى مغادرته المجلس النيابي التحدث للصحافيين «لا شيء لدي لأقوله». لكنه كان أدلى بحديث قصير لصحيفة «السفير» هو آخر ما قاله، دافع فيه عن أعضاء في جمعية خيرية تابعة له حقق معهم القضاء في قضية توزيع زيت اعتُبر رشوة انتخابية. الحريري قال انه في صفوف المعارضة، لكنه رفض ان يوضع في خانة «المعادي للثوابت الكبرى».
JABER
02-15-2005, 04:37 PM
الحريري غادر البرلمان ملوحاً بيده .. وأحذية وبقايا ملابس شكلت الدليل على هوية الجثث بعد الانفجار
بيروت: سناء الجاك
لحظات قليلة كانت كافية لينقلب محيط فندق الفينيسيا الى ساحة دمار، ويستعيد تاريخه قبل ربع قرن كمحور من محاور الحرب اللبنانية البغيضة. دوي انفجار هائل غيَّر معالمه وزرع الموت فيه، ومحا صورة الحياة التي عرفها خلال السنوات الماضية. عادت اليه رائحة لم يستطع اللبنانيون نسيانها حتى الآن: رائحة الموت.
جثث ممزقة وحطام سيارات محترقة وركام ووحل وماء يتفجر من أنابيب مكسورة وزجاج مشظى تساقط على الأرض. ووسط كل ذلك أشلاء وبقع دم عند أشجار جذوع أشجار النخيل على الرصيف البحري لوسط بيروت... هذا الوسط الذي أعاده الرئيس الراحل رفيق الحريري جوهرة على خاصرة لبنان، أراده القدر تصبح تخومه مقبرة له ولرفاقه صباح أمس.
متابعة المشهد بدت كالانتقال من الواقع الى عالم الكوابيس.
عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي والدفاع المدني وصلوا بعد دقائق قليلة، كذلك الصحافيون والمصورون والفضوليون. لم يكن التجول في مسرح الجريمة صعباً في بداية الأمر، مع أن رجل الأمن أوقفني بقوله: «أين تذهبين؟ الموت أمامك. ربما هناك عبوة أخرى. اعملي معروف وعودي الى الوراء. لا توجعوا قلوبنا». لكني اقتربت. كذلك فعل غيري. دخلت في زحمة الناس. أكثرهم كان من العمال في الورش المحيطة بفندق السان جورج. لم اصدق أني أسير على الطريق نفسها التي عبرتها قبل ساعتين، اذ لم يكن قد مر اكثر من ربع ساعة على دوي الانفجار. ولا احد عرف من استهدف.
قال احد الجرحى: «طارت الكراسي بنا. وسقط لوح زجاج علي». وقال آخر: «أحسست في بادئ الأمر انه اختراق قوي لجدار الصوت تسببت به طائرة حربية إسرائيلية. وبعد لحظات بدأنا نفهم ماذا حصل».
لكن من عايش سنوات الحرب الأهلية وسمع دوي انفجارات مماثلة، منها السفارتان العراقية الاميركية ومقرا المارينز والجنود الفرنسيين، عرف فوراً ما حصل، حتى قبل ان ينظر الى السماء ويرى الدخان الأسود الكثيف الذي ابتلع الطبقات العليا من الأبنية المحيطة، وحتى قبل أن تنقطع خطوط الهاتف الجوال، ويصبح الاتصال مستحيلاً، يزيد من فظاعة المشهد وقسوته.
لم تنفع محاولات العناصر الأمنية في أبعاد الناس الذين توافدوا الى مكان الانفجار. معظمهم كان يريد الاطمئنان على أخ أو قريب أو صديق يعمل في الفنادق أو المؤسسات المحيطة، لاسيما في البنك البريطاني (HSBC) وفندق الفينيسيا وفندق السان جورج الذي يعيد العمال ترميمه حيث تحول المدخل الى حفرة اكبر من غرفة. على الجانب المقابل سيارة جيب خضراء من طراز شيفروليه، لم يتحطم هيكلها، قال النائب باسم يموت إنها في عداد موكب الرئيس الراحل وهز رأسه أسفاً وهاجم المعارضة في تصريح لقناة تلفزيونية ثم انصرف.
في هذه اللحظة خرج احد أبناء يحيى العرب (أبو طارق)، مرافق الرئيس الحريري، من دائرة الجحيم المزنرة بشريط اصفر. ضرب رأسه بيديه وصرخ باكياً «راحوا». انتقلت عدوى البكاء الى مجموعة شبان التفوا حوله، بينهم عناصر من الدفاع المدني والجيش.
توافد بعض نواب كتلة الحريري. ولعل المشهد الأكثر تأثيراً في النفوس عكسه النائب محمد الحجار، الذي اقترب من السيارات المحترقة خلال سحب الجثث وكاد أن يتهاوى تحت وطأة الصدمة. النائب ميشال فرعون بدا متماسكاً أكثر، لكن الحزن أخرسه لتعبر دمعة محبوسة في عينه عن فظاعة ما حصل.
واصل عناصر الصليب الأحمر والدفاع المدني سحب الجثث. حاولوا سترها بأغطية خلال نقلها الى سيارات الإسعاف، لكن الركام على الطريق كان يؤدي الى كشف «المستور» لتظهر على الحمالات رؤوس محترقة حمراء وسوداء وأطراف مشعلة وأحذية وبقايا ملابس شكلت الدليل على هوية الجثث.
احدهم عرف قريبه من حذائه وصرخ «هذا هو». التف حوله الصحافيون، فأبعد عناصر الجيش الجميع.
سارع احد رجال الأمن الى التقاط لوحة سيارة سوداء كالفحم، غسلها بماء أنبوب مكسور. سألته «ما رقمها؟» أجاب: «لم يعد واضحاً» لكني قرأت: «ثمانية وواحد» قبل ان يبتعد بها.
اقتربت امرأة وهي ترجو عناصر قوى الأمن ليسمحوا لها بالدخول والتفتيش عن ابنتها. قالت: «اسمها راغدة مقداد وتعمل في «بيت المحترف» الملاصق لفندق السان جورج، ويفترض ان تكون قد عبرت لحظة الانفجار. لم تصل الى عملها. دخيلكم دعوني امر».
لم يسمحوا لها بالطبع، خوفاً عليها، لكنهم ساعدوها، لتجد طريقاً أخرى تقودها الى «بيت المحترف». وطمأنوها الى أن الاتصالات المقطوعة هي سبب جهلها مصير ابنتها، متمنين لها أن تكون بخير.
فندق الفينيسيا المواجه لمكان الانفجار خسر معظم واجهاته الزجاجية وأقفل مدخله بشريط اصفر. منع من ليس له عمل من الدخول إليه.
المصور الصحافي سامي عياد بدا مذهولاً. وقال: «شاهدته يخرج من البرلمان. رفع يده بالتحية وغادر ليتوجه الى حتفه».
ضاعف عناصر الأمن إجراءاتهم ومنعوا الجميع من الاقتراب. انتهت مواكبة الموت، فابتعد الصحافيون والمصورون. سألتني صحافية إسبانية: «لماذا حصل هذا. ألم يكن رفيق الحريري الزعيم الأشهر في بلادكم؟» لم اجبها، فالكلام يبدو تافهاً حيال رهبة الموت. لكني تذكرت كمال جنبلاط والمفتي حسن خالد والرئيس رينيه معوض وغيرهم وغيرهم. وتذكرت الحرب، ولا سيما أن شاحنات الجيش باتت أكثر من السيارات المدنية على الطرق. وجوه الجنود فيها بدت واجمة، كذلك وجوه الناس، حتى أصبحت رؤية ابتسامة ما أمرا مستحيلاً.
«لا بد من المغادرة» قال احدهم لرفيقه محذراً إياه من السير تحت الأبنية، مضيفاً «ما زال الزجاج يتساقط، كذلك ألواح الانترنت التي قد يقلبها الهواء على رؤوسنا». فأجابه الآخر: «انقلب البلد رأساً على عقب. وحده الله يعرف مقدار الأذى الذي سيطيح بمستقبل لبنان».
JABER
02-15-2005, 04:39 PM
محطات في حياة الحريري
* رئاسته للحكومة ساعدت في زيادة النمو
* بعد أيام على توليه رئاسة الوزراء اللبنانية عام 1992، ارتفعت قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 15 في المائة، وازدادت ثقة الدول الأجنبية في لبنان، نسبة للعلاقات الواسعة التي كان يحظى بها الحريري في الولايات المتحدة وأوروبا ومنطقة الخليج.
وخلال فترة رئاسته للحكومة استقرت الليرة اللبنانية، وارتفعت نسبة النمو حتى وصلت الى 8 في المائة عام 1994، كما انخفضت نسبة التضخم حتى وصلت الى 29 في المائة بعد ان كانت 131 في المائة.
* إعادة إعمار وسط العاصمة
* ربما كانت إحدى البصمات التي تركها الحريري في بيروت هي دوره في إعادة إعمار الوسط التجاري للعاصمة اللبنانية، حيث شغلت فيه جرافاته التي أوكلت إلى شركة «سوليدير» الخاصة التي أسسها وباتت أسهمها مطروحة في بورصة بيروت.
وتحول الوسط التجاري في بيروت بعد إعادة إعماره إلى رمز للعاصمة الموحدة التي كانت مقسمة إلى شطر غربي وآخر شرقي طيلة الحرب الأهلية اللبنانية، ويلتقي فيها اليوم اللبنانيون من كل أطياف المجتمع.
* «مؤسسة الحريري»
* في عام 1979 أسس الحريري «المعهد الإسلامي للتعليم العالي» في مسقط رأسه بصيدا، قبل ان يؤسس في نفس السنة «مؤسسة الحريري للثقافة والتعليم العالي» التي وفرت فرص التعليم لأكثر من 33 ألف طالب من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية بينهم حملة درجة الدكتوراه في مختلف العلوم والتخصصات.
وفي عام 1983، شيد الحريري مستشفى، وثانوية، وجامعة، ومركزا رياضيا كبيرا في منطقة كفر فالوس بلبنان. ويجمع اللبنانيون وغيرهم ان «مؤسسة الحريري» كانت أهم إنجازات الفقيد.
* دور بارز في «مؤتمر الطائف»
* في عام 1983 قام الحريري بجهود حوارية وتفاوضية مع قيادات سياسية لبنانية بهدف إنهاء الحرب الأهلية. وفي العام التالي، 1984، شارك في مؤتمري الحوار الوطني اللذين عقدا في مدينتي جنيف ولوزان بسويسرا وحضرهما ابرز ممثلي القوى السياسية والطائفية اللبنانية. وأطلق كذلك عدة مبادرات لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ 1975، وأثمرت جهوده في الأخير في عقد «مؤتمر الطائف» عام 1989، بالسعودية تحت رعاية المملكة، وهو المؤتمر الذي ابرم فيه «اتفاق الوفاق الوطني» وأنهى فعليا ودستوريا الحرب اللبنانية نهائيا.
* توجه للسعودية بعد قراءته خبرا عن حاجتها لمدرسين
* ولد الحريري عام 1944 في صيدا بجنوب لبنان من أب يعمل في القطاع الزراعي. وبعد ان أنهى تعليمه الثانوي عام 1964، سجل في جامعة بيروت العربية لدراسة المحاسبة، وكان في تلك المرحلة نشطا في الحركة الوطنية العربية.
وفي عام 1965، توقف عن دراسته (تردد انه فعل ذلك بسبب عجزه عن تسديد متطلبات الدراسة المالية) وتوجه إلى السعودية بعد ان قرأ إعلانا في صحيفة يشير إلى حاجة المملكة إلى مدرسين. عمل في السعودية مدرسا ومحاسبا قبل ان يؤسس شركة خاصة أطلقت شهرته في عالم البناء.
* بناؤه فندقا في الطائف كان بداية نجاحه
* حالفه الحظ عام 1977 عندما كلفت الحكومة السعودية هذا المقاول بناء فندق في الطائف لاستضافة احد المؤتمرات، وقد وعد بتشييده في فترة قياسية لم تتجاوز ستة أشهر. وبالفعل، نجح في رهانه وفاز تاليا بثقة المسؤولين السعوديين. وفي 1978 حصل على الجنسية السعودية.
* باريس ـ 1 و2
* استخدم الحريري علاقاته الشخصية والسياسية ونجح في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002 في الحصول على موافقة المجتمع الدولي خلال لقاء «باريس ـ 1» وفي مطلع 2003 «باريس ـ 2» لنجدة لبنان الذي كان على شفير الاختناق المالي في مقابل إصلاحات اقتصادية تشمل خصخصة قطاعات عدة من الاقتصاد.
لكن خلافاته مع رئيس الجمهورية إميل لحود أدت إلى شلل السلطة التنفيذية ومنعت تطبيق الإصلاحات. ويرزح لبنان اليوم تحت عبء دين يقارب 35 مليار دولار أي ضعفي إجمالي ناتجه الداخلي.
JABER
02-15-2005, 04:54 PM
رفيق الحريري بدأ رجل أعمال عصاميا من عائلة غير سياسية واستقطب الزعامة السنية في لبنان ووظف رصيده في إعادة إعماره
نجح رفيق الحريري، رجل الأعمال الثري، في أن يحقق انجازاً عجز عنه كل الساسة السنة في لبنان المستقل منذ رئيس حكومة الاستقلال الأولى رياض الصلح: احتكار الزعامة الفعلية للمسلمين السنة في البلاد. والمفارقة مع زعامة الحريري أنه لا يتحدر من بيت سياسة وزعامة عريق، بل نبع بروزه السياسي من عصاميته وحرصه على ان يساعد ثراؤه (تقدر ثروته الشخصية بأكثر من 4 مليارات دولار أميركي) في مسيرة النهوض والتنمية في لبنان الخارج من حرب أهلية مدمرة قتل فيها وفقد أكثر من 200 الف شخص.
* البداية
* ولد رفيق الحريري عام 1944 في عائلة مسلمة سنية من الطبقة من دون المتوسطة في مدينة صيدا عاصمة محافظة لبنان الجنوبي. والده بهاء الدين كان مزارعا. اشقاؤه شفيق، وهو حائز اجازة من كلية التجارة في جامعة بيروت العربية، وبهية، وهي نائبة في البرلمان اللبناني منذ 1992 . تلقى رفيق الحريري علومه الابتدائية في مدرسة فيصل الاول المجانية التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية والثانوية في ثانوية المقاصد في صيدا. ونال شهادة التوجيهية المصرية عام1964 . بدأ الحريري الشاب حياته المهنية قاطفاً للحمضيات (البرتقال والليمون) في بساتين صيدا ثم في قطاف التفاح في البقاع. ثم عمل مصحّحاً صحافياً في العاصمة اللبنانية بيروت. وفي بيروت التحق بكلية التجارة في جامعة بيروت العربية، وباشر العمل في ميدان المحاسبة للتكلف بنفقات تعليمه الجامعي. غير أنه وجد صعوبة في مواصلة مشواره الجامعي. وفي يوم من الأيام قرأ اعلاناً لوظيفة في المملكة العربية السعودية، وسافر الى المملكة، عام 1966، حيث عمل مدرّسا للرياضيات في «ليسيه جدة» لمدة سنتين، ثم عاد الى المحاسبة وتدقيق الحسابات على امتداد ست سنوات.
* الصعود المالي
* عام 1970 خطا الحريري خطواته الأولى في عالم الأعمال الحرة عندما أسس شركة صغيرة هي «سيكونيست». ثم حقق قفزة جبارة عام 1977 عندما قبل تحدياً لا يخلو من مجازفة عبر مشاركته مع شركة «أوجيه» الفرنسية للانشاءات في تشييد فندق فاخر بمدينة الطائف فرغ من تشييده خلال تسعة أشهر، بعدما جبنت شركات كبيرة عن النهوض بالمشروع. وبعدها دمج شركته الصغيرة «سيكونيست» بشركة «أوجيه» التي اشتراها وأطلق على الشركة المدمجة الجديدة اسم «سعودي أوجيه» التي تعد اليوم إحدى أكبر شركات المقاولات والانشاءات في العالم العربي، وقد امتلكها بالكامل عام 1979 .
وبين المشاريع الانشائية الضخمة التي نفذتها الشركة: فندق «انتركونتيننتال» في مكة المكرمة، ومركز الشروق الحكومي في الظهران، ومجمّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، والمركز الحكومي في الرياض (بتكلفة 3 مليارات ريال سعودي)، ومشروع «الفا» في الرياض الذي يضم مجلس الشورى والديوان الملكي، وفندق «المسرة» (انتركونتيننتال) في الطائف، والمدينة الحكومية في الدمام، وقصر الامويين في العاصمة السورية دمشق.
وبعد «سعودي أوجيه»، سرعان ما عزز الحريري نجاحاته ونمّى ثروته عبر استثماراته الناجحة في مختلف المجالات الاقتصادية بما فيها العقارات والقطاع المصرفي، داخل العالم العربي وخارجه، عبر الملكية التامة لمجموعة البحر المتوسط ـ التي تضم «بنك البحر المتوسط» و«البنك اللبناني السعودي» ـ وملكية بنسب متفاوتة لأسهم في بنوك عربية واوروبية منها «البنك العربي» و«اندوسويز»، واستثمارات موازية في القطاع المالي والاوراق المالية المصدرة في البورصات العالمية والعائدة لمؤسسات تعمل في حقول مختلفة.
يضاف اليها استثمارات سياحية على غرار فنادق «شيراتون» في المملكة العربية السعودية، ثم الاستثمارات الاعلامية التي بدأت بتأسيس شبكة تلفزيون «المستقبل» وشراء «اذاعة الشرق» التي تبث من العاصمة الفرنسية باريس منذ عام 1981، وامتلاك امتياز مجلة «المستقبل» وجريدة «صوت العروبة» واصدار جريدة «المستقبل»، وامتلاك نسبة اسهم في دار «النهار» (باع حصته فيها لاحقاً). وبين الاستثمارات المعلنة الأخرى الاسهام بتأسيس الشركة العربية القابضة في سورية برأس مال قدره 100 مليون دولار بالاشتراك مع ثلاث مجموعات سعودية كبرى. وفي خط مواز للاعمال والاستثمارات، أطلق رفيق الحريري عام 1979 «مؤسسة الحريري»، وهي منظمة لا ربحية ساهمت في تعليم اكثر من 30 الف طالب لبناني في جامعات لبنان واوروبا واميركا، إضافة إلى تأمين خدمات صحية واجتماعية وثقافية. وجعلت المؤسسة لها مراكز في كل من بيروت وباريس وواشنطن.
* دخول عالم السياسة
* كان الحريري، وفق من عرفوه في شبابه، مثالاً للشاب المسلم الصيداوي المؤمن بشدة بالقومية العربية. ويؤكد بعض هؤلاء أنه ظل متحمساً لهذه الهوية رغم انغماسه في عالم المال والأعمال غير أنه صار أكثر «براغماتية»، وانفتح على تيارات عديدة في العديد من الدول العربية والأجنبية، وأنشأ شبكة علاقات وطيدة مع طيف واسع من رجال السياسة في عواصم القرار الدولي. وهذا بالذات ما أهله لدخول ساحة السياسة اللبنانية في مرحلة ما بعد الحرب من الباب الواسع وأن يشغل منصب رئاسة الحكومة للمرة الاولى في تاريخه. والواقع أن الظهور «السياسي» على ساحة الاحداث جاء عام 1982 من الباب الاقتصادي، عندما اطل متبرعاً ومغيثاً وواضعا امكاناته المالية وشبكة علاقاته الواسعة بتصرف الدولة اللبنانية، بالاضافة طبعاً الى استثماره بجيل الشباب الذي أنفق على تعليمه. وقد ساهمت أموال الحريري وطواقم مؤسساته في ازالة آثار الاجتياح الاسرائيلي للبنان الذي بلغ العاصمة بيروت.
بعدها، عام 1983 نشط في مهام حوارية وتفاوضية مع القيادات والزعامات السياسية اللبنانية ساهمت في إخراج لبنان من نفق النزاع الأهلي المظلم. وفي العام التالي 1984 شارك في مؤتمري الحوار الوطني اللذين عقدا في مدينتي جنيف ولوزان بسويسرا وحضرهما أبرز ممثلي القوى السياسية والطائفية اللبنانية، وأطلق عدة مبادرات عملية لانهاء الحرب الأهلية اللبنانية المستمرة منذ 1975 . وأثمرت جهود الحريري عام 1989 في عقد «مؤتمر الطائف» بالمملكة العربية السعودية تحت رعاية المملكة، وهو المؤتمر الذي أبرم فيه «اتفاق الوفاق الوطني» وأنهى فعلياً ودستورياً الحرب اللبنانية نهائياً.
* في الواجهة السياسية
* وفي اكتوبر (تشرين الأول) من عام 1992 أولاه الزعماء والقادة اللبنانيون ثقتهم وكلفه رئيس الجمهورية ـ يومذاك ـ الرئيس الياس الهراوي بتشكيل أول حكومة يترأسها وكانت عملياً أول حكومة «وفاقية» في لبنان ما بعد الطائف. وفي العام نفسه انتخب نائباً في البرلمان عن بيروت واحتفظ بمقعده حتى اليوم. وألف الحريري حكومته الثانية في مايو (أيار) 1995. ثم بعد انتخابات سبتمبر (ايلول) 1996 التي فاز بها على رأس قائمته التي ضمت 13 مرشحاً في بيروت، ألف حكومته الثالثة في أكتوبر من العام نفسه.
وفي عهد هذه الحكومة أجريت في لبنان أول انتخابات بلدية منذ عام 1963، كما أعيد افتتاح مطار بيروت الدولي الموسع الجديد عام 1998. ومما يذكر أن الحريري أطلق من خلال مشاركته غير المنقطعة في الحكم على امتداد 6 سنوات (بين 1992 و1998) أضخم عملية إعمار وبناء في تاريخ البلاد، من علاماتها البارزة إعادة إعمار وتأهيل وسط بيروت التجاري ومرافقها الحيوية الذي بدأ عام 1994 عبر شركة «سوليدير». كما أنشأ عام 1993 وزارة للمهجرين نشطت في تأمين عودة عشرات الآلاف من مهجري الحرب ومشرديه الى مدنهم وقراهم.
في نوفمبر (تشرين الثاني) 1998، وسط تنافر واضح بين الحريري ورئيس الجمهورية الجديد اميل لحود حول صلاحيات الرئيسين، ومن منهما الرأس الفعلي للسلطة التنفيذية، أحجم الحريري عن ترؤس الحكومة، فكلف لحود بتشكيلها رئيس الوزراء السابق سليم الحص المعروف بأنه من منتقدي الحريري وخصومه السياسيين في العاصمة اللبنانية.
أشرفت حكومة الحص على انتخابات نيابية عام 2000 شابتها حملات اعلامية حكومية منظمة ضد الحريري عبر عدد من السياسيين وأجهزة الاعلام الرسمية. الا أن هذا العداء من قبل الرئيس لحود والاستهداف المباشر للحريري أوجد حالة تعاطف اسلامية غير مسبوقة له في الشارع البيروتي كانت نتيجتها، في سبتمبر (أيلول) 2000 اكتساح قوائم الحريري الثلاث العاصمة مجدداً حاصدا المقاعد الـ18 المخصصة للمدينة، وسقوط الرئيس الحص نفسه في هذه الانتخابات. وكانت تلك أول حالة سقوط لرئيس وزراء في السلطة في انتخابات برلمانية في لبنان. وعلى الأثر، ونتيجة المشاورات النيابية اضطر الرئيس لحود، في اكتوبر لتكليف الحريري مجدداً بتشكيل حكومته الرابعة بعد ما سماه لرئاستها 103 نواب من أصل مجموع نواب البرلمان الـ128. ثم عاد الحريري فشكل حكومته الخامسة في ابريل (نيسان) 2003 بعدما رشحه للمنصب 93 نائباً (من الـ128)، الا ان علاقاته برئيس الجمهورية ظلت على حالها من السلبية.
* نهاية الطريق مع لحود...ودمشق
* وفي صيف عام 2004 اشتد التجاذب في الساحة السياسية، وازدادت الضغوط السورية لتعديل الدستور لكي يتسنى تمديد فترة حكم الرئيس لحود أمام تردد الحريري ومعارضة حليفه القوي الزعيم الاشتراكي الدرزي وليد جنبلاط، وكذلك الرفض المعلن من جانب الولايات المتحدة وفرنسا. وفي نهاية المطاف، وتجاوبا مع الضغوط السورية وافقت حكومة الحريري على التمديد.
وفيما امتنع معظم اعضاء كتلته عن تأييد القرار لدى احالته في مجلس النواب، صوتت كتلة جنبلاط علناً ضد التمديد. وبعدها شعر الحريري أنه لم يعد قادرا على البقاء في الحكم في وجه تأييد دمشق الواضح للرئيس لحود فاستقال. وقاطع نواب كتلته ونواب حليفه جنبلاط الحكومة البديلة التي كلف لحود بتشكيلها رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي، أحد خصوم الحريري المزمنين. وجاء تشكيل الحكومة بمثابة اعلان حرب على حلف الحريري ـ جنبلاط، اذ ضمت عدداً من ألد خصومهما السياسيين إلى جانب حلفاء للحود وممثلين عن الأحزاب المؤيدة أو التابعة لدمشق.
غير أن هذا «السيناريو» ساهم في استحصال واشنطن وباريس على قرار من مجلس الأمن الدولي (رقم 1559) يطالب بانسحاب القوات السورية من لبنان وتجريد كل القوى غير الشرعية (بما فيها المقاومة اللبنانية) من أسلحتها وارسال الجيش اللبناني الى الجنوب. كذلك ساعد على تنامي صفوف المعارضة، اذ طوى جنبلاط صفحة عداوته القديمة مع قوى اليمين المسيحي، بما في ذلك جماعتا الجنرال ميشال عون قائد الجيش السابق المقيم في فرنسا، والقائد السابق لميليشيا «القوات اللبنانية» سمير جعجع السجين في مقر وزارة الدفاع اللبنانية بضواحي بيروت.
وبالتدريج أخذ نواب كتلة الحريري يعمّقون تنسيقهم مع تحالف جنبلاط والمعارضة المسيحية في وجه الرئيس لحود وداعميه من القوى المؤيدة لدمشق وعلى رأسها القوتان الشيعيتان الرئيسيتان «حزب الله» وحركة «أمل».
* وضعه الشخصي ـ متزوج مرتين. زوجته الثانية الحالية نازك عودة الحريري.
ـ تقدر ثروته وفق مسح مجلة «فوربز» الأميركية لأغنى أغنياء العالم بـ4.3 مليار دولار محتلاً بذلك المرتبة الـ108 بين أغنى الأغنياء لعام 2004 . ـ يحمل الجنسية السعودية منذ عام 1987 الى جانب جنسيته اللبنانية.
ـ تشغل شقيقته النائب بهية الحريري أحد المقعدين البرلمانيين لمدينة صيدا (مسقط رأسه) في البرلمان اللبناني، وهي حالياً رئيسة لجنة التربية في البرلمان.
السيارة... أداة القتل «المفضلة» في لبنان
ينحاز تاريخ الاغتيالات السياسية في لبنان الى السيارة كأداة مفضلة للقتل، في الاغتيالات السياسية العديدة التي شهدها هذا البلد منذ استقلاله وحتى اليوم. ذلك ان تسع عمليات اغتيال من اصل 16 عملية بارزة استهدفت شخصيات لبنانية في سياراتهم، عدا عن المحاولات الفاشلة كتلك التي استهدفت النائب مروان حمادة في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، او محاولة اغتيال النائب وليد جنبلاط عام 1982 .
وفي ما يأتي ابرز الاغتيالات السياسية التي شهدها لبنان:
*16 يوليو (تموز) 1951: اغتيال رئيس الحكومة رياض الصلح خلال زيارة كان يقوم بها للاردن على يد ثلاثة مسلحين (فلسطينيين ولبناني)، انتقاماً لاعدام مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي انطون سعادة.
* 1958: اغتيال نسيب المتني صاحب جريدة «التلغراف».
* 10 ابريل (نيسان) 1969: كوماندوز اسرائيلي يغتال 3 قادة فلسطينيين في بيروت.
* 17 فبراير (شباط) 1975: اغتيال النائب معروف سعد بينما كان يقود مظاهرة لصيادي السمك في مدينة صيدا.
* 16 مارس (اذار) 1977: اغتيال مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط (والد النائب وليد جنبلاط)، في مكمن نصب له قرب بلدة دير دوريت في الشوف اللبناني.
* 13 يونيو (حزيران) 1978: اغتيال النائب طوني فرنجية (نجل الرئيس الراحل سليمان فرنجية) مع زوجته وابنته في هجوم شن على قصره في اهدن، بينما نجا ابنه وزير الداخلية الحالي سليمان فرنجية.
* 23 فبراير 1980: مقتل الطفلة مايا الجميل (سنة ونصف السنة) ابنة الرئيس اللبناني الراحل بشير الجميل بتفجير سيارة مفخخة كانت تستهدفه في محلة الاشرفية ببيروت.
* 4 مارس (آذار) 1980: اغتيال سليم اللوزي رئيس تحرير مجلة «الحوادث» أثناء زيارة له الى لبنان.
* 20 يوليو 1980: اغتيال نقيب الصحافة اللبنانية رياض طه بالرصاص على يد مسلحين مجهولين.
* 14 سبتمبر (ايلول) 1982: اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب بشير الجميل بتفجير مقر حزب «الكتائب اللبنانية» في الاشرفية قبل تسلمه مقاليد الحكم.
* 4 مارس 1985: اغتيال اثنين من قادة حركة «امل»، هما محمد سعد وخليل جرادي بتفجير عبوة ناسفة في حسينية بلدة معركة الجنوبية.
* 7 اكتوبر (تشرين الاول) 1986: اغتيال رئيس المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى الشيخ صبحي الصالح باطلاق الرصاص عليه في بيروت.
* اول يونيو (حزيران) 1987: اغتيال رئيس الحكومة رشيد كرامي بتفجير عبوة زرعت تحت مقعده في طائرة هليكوبتر كانت تقله من طرابلس الى بيروت.
* 16 مايو (ايار) 1989: اغتيال مفتي لبنان الشيخ حسن خالد بتفجير عبوة ناسفة لدى مرور موكبه في محلة عائشة بكار في بيروت.
* 31 اغسطس (آب) 1989: اغتيال ثلاثة قادة من حركة «امل» بتفجير سيارة مفخخة لدى مرور موكبهم عند مدخل بيروت الجنوبي.
* 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989: اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض بتفجير عبوة استهدفت موكبه لدى مغادرته القصر الحكومي بعد مشاركته في احتفالات ذكرى الاستقلال.
* 21 اكتوبر 1990: اغتيال رئيس حزب «الوطنيين الاحرار» داني شيمعون على يد مسلحين اقتحموا منزله بعد ايام على اطاحة حكومة العماد ميشال عون.
* 20 نوفمبر 1991: اغتيال عضو المكتب السياسي لحزب الكتائب الياس الزايك برصاص مسلحين.
* 16 فبراير 1992: اغتيال الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ عباس الموسوي بهجوم شنته طائرات اسرائيلية على موكبه.
* 24 يناير (كانون الثاني) 2002: اغتيال الوزير والنائب السابق ايلي حبيقة بتفجير استهدف سيارته في محلة الحازمية في بيروت.
19 يوليو 2004: اغتيال مسؤول ملف فلسطين في «حزب الله» غالب عوالي بتفجير عبوة ناسفة في سيارته.
جنبلاط : النظام اللبناني والسوري والمخابرات وراء اغتيال الحريري ومحاولة اغتيال حمادة
اتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط «النظام اللبناني والسوري المدعوم من الاستخبارات» بأنهما «وراء جريمة اغتيال الرئيس (رفيق) الحريري، ومحاولة اغتيال (النائب) مروان حمادة» ، مشيراً الى ان السلطة اللبنانية «حللت دم المعارضة»، عندما اتهم رئيس مجلس الوزراء عمر كرامي والوزراء، جنبلاط والحريري وغيرهما من المعارضين بـ «الارتباط بإسرائيل».
ودعا جنبلاط ، في تصريحات ادلى بها امس خلال وجوده في دارة الرئيس الحريري في قريطم الى «اخراج لبنان من الدائرة الأمنية التي تمسكه». وطالب بـ «حماية دولية».
وتساءل: «لما لا تدخل الى لبنان قوات عربية كما دخلته القوات السورية بتفويض عربي؟».
وقال: «عندما تقوم السلطة اللبنانية وعلى لسان رئيس وزرائها ومجمل وزرائها ورسمييها باتهام المعارضة ورفيق الحريري ووليد جنبلاط بالارتباط باسرائيل واميركا وفرنسا، نعتبر ان هذه السلطة المدعومة من سورية، مع الاسف، حللت دم المعارضة. فكان بالأمس اغتيال الشهيد الصديق رفيق الحريري. بعدما حاولوا بالامس القريب اغتيال مروان حمادة».
واضاف: «ليس هناك تفسير آخر لما حدث. وجميعنا سائرون لبناء لبنان حر ديمقراطي سيد مستقل، فالتضحيات ترخص عندما نرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري».
واعتبر جنبلاط «ان النظام اللبناني والسوري مدعوم من الاستخبارات السورية ، والفريق المحيط بهم عاملونا كأننا خونة وعملاء لاسرائيل وفرنسا واميركا. وانا اتهمهم مباشرة بأنهم كانوا وراء جريمة اغتيال الرئيس الحريري ومحاولة اغتيال مروان حمادة. والحريري لا يمكن لأحد ان يملأ مكانه».
وأفاد: «اذا قال المرء في قلب وطنه «لا» يقتل، فأي حماية واي قضاء يتحدثون عنه؟ انه بلد ممسوك أمنياً. فعندما تعارض تقتل وتغتال. لذلك لا بد من اخراج لبنان من هذه الحلقة الجهنمية، وعليه، فإذا كانت هناك حماية دولية وانتداب دولي فلا مانع لدي. لقد انهار حائط برلين والمنظومة الاشتراكية ولم يعد هناك بلد ممسوك مثل لبنان. واذا عدنا الى التاريخ فقد دخلت القوات السورية بتفويض عربي. واذا أتت قوات عربية اليوم فلم لا؟ لكن لا نستطيع البقاء في دوامة الارهاب. لا بد من حماية دولية وتطبيق القانون الدولي، فهناك جريمة بحق الانسانية ارتكبت بالامس. ولا بد لمحكمة العدل الدولية والقانون الدولي ان يأخذا مجراهما وكفانا».
ولفت جنبلاط الى «ان اتفاق الطائف كان واضحاً جداً، فقد ساعدتنا سورية رسمياً وعسكرياً لمنع التقسيم وتحرير الجنوب من اسرائيل. المهمة الرسمية لسورية انتهت. ولا بد من علاقات مختلفة بين الدولتين اللبنانية والسورية. ولا نستطيع ان نبقى ككيان وكأمة مصادرة. هذا غير مقبول».
من جهة اخرى، قال جنبلاط عن مصافحته لنائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام خلال التعزية بأن الاخير «صديق قديم».
سيارة الرئيس الحريري المصفحة دُمرت بالكامل رغم التقنيات المتطورة لتعطيل المتفجرات
3 فرضيات لكيفية تنفيذ عملية الاغتيال
فشلت الاجراءات الأمنية والاحتياطات الوقائية التي كان الرئيس الراحل رفيق الحريري يعتمدها خلال تنقلاته في منع التفجير الاجرامي الذي اودى بحياته. ولم تنجح عمليات التشويش على اجهزة الاتصال التي كان يستخدمها موكبه ولا السيارة المصفحة في الحيلولة دون انضمامه الى قائمة شهداء لبنان.
وتتعدد الروايات والتخمينات حول حقيقة ما جرى وتفاصيل الجريمة والتقنيات المعتمدة في تنفيذها وخلفياتها والمستفيدين منها. وكان موكب الرئيس الراحل الذي تم استهدافه وتدميره بالكامل بواسطة عبوة قدرت زنتها بـ 350 كيلوغراماً من المتفجرات، يتألف عادة من 4 سيارات من نوع مرسيدس طراز 600، اضافة الى سيارتي دفع رباعي من نوع تويوتا «لاند كروزر» وسيارة اسعاف من نوع «جي. ام. سي».
ويقول مصدر ملم بالترتيبات الأمنية التي كان الرئيس الراحل يعتمدها انه كان يستقل سيارته المصفحة والتي غالباً ما تكون الرابعة في الموكب، اذ تكون سيارة «لاند كروزر» في المقدمة تليها السيارة المجهزة لتعطيل الاتصالات اللاسلكية والتي تشوش على اجهزة الاتصال على مسافة الف متر، ثم سيارة المرافقين فسيارة الرئيس الحريري (مرسيدس 600 ـ شبح) وخلفها سيارة اخرى مجهزة لتعطيل الارسال اللاسلكي والتشويش عليه. وتأتي بعدها سيارة دفع رباعي، فسيارة الاسعاف. والى جانب هذا هناك دراجة نارية يستقلها رجلان ترافق الموكب وتؤمن مروره عند التقاطعات.
وذكر المصدر ان الموكب تم تدميره بالكامل. ورجح 3 فرضيات لامكانية تخطي الاحتياطات التي كان الرئيس الحريري يتخذها في تنقلاته. وهي: اولاً، فرضية العملية الانتحارية عبر اقتحام الموكب بسيارة وتفجيرها. ثانياً، فرضية استقدام اجهزة اكثر تطوراً، تعطل عمل اجهزة موكب الحريري اللاسلكية، وهذا امر يتطلب تقنيات عالية لا تتوافر الا للدول وليس للجماعات الصغيرة. اما الفرضية الثالثة، فهي امكانية ان يكون قد تم الاعتماد على تقنية بسيطة وهي أجهزة إنذار السيارات. وهذه الاجهزة يشغِّلها مرور موكب الحريري بسبب اجهزة الرصد الموجودة فيه. ويمكن بالتالي ان تكون اجهزة الانذار هذه استخدمت لاحداث التفجير لدى مرور الموكب.
خبراء أمن مصريون وبريطانيون يرجحون تنفيذ مخابرات دولة للعملية
تساؤلات حول سرعة وصول شريط المسؤولية المزعوم وظهور المتحدث مكشوف الوجه
قال خبراء أمنيون لـ«الشرق الأوسط»، إن المرجح ان مسؤولية اغتيال الحريري تقع على عاتق «مخابرات أجهزة دولة»، أو أجهزة أمنية تستطيع رصد واستطلاع موكب رئيس الوزراء اللبناني وتفجيره. وقال اللواء فؤاد علام الرئيس السابق لمباحث أمن الدولة في مصر في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن تفجير موكب رئيس الحكومة اللبناني السابق الحريري كان بإمكانيات عالية للغاية وسبقها رصد واستطلاع لخط سير موكبه وتدريب على العملية قبل فترة طويلة من تنفيذها.
وقال علام الخبير الأمني البارز، الذي عرف بتتبع الجماعات المتطرفة المسلحة في مصر: «من الواضح أن الحفرة الكبيرة التي خلفها الحادث الإرهابي، تكشف عن نوعية جيدة وغير تقليدية وكبيرة من المتفجرات التي استخدمت في التنفيذ». وأعرب اللواء علام عن اعتقاده باستخدام المنفذين لأكثر من سيارة في تنفيذ التفجير. وقال: «كان من المفترض صدور بيان أمني مبدئي من الداخلية اللبنانية يتعرض لظروف ارتكاب الحادث البشع». وأضاف: «كل هذه الأمور تدعونا الى تصور الإمكانيات العالية لمنفذي العملية». وأشار إلى ان «ما حدث يشابه العمليات الارهابية التي ترتكب في العراق، ولكن تنفيذ العملية في قلب بيروت، يترك علامات استفهام كبيرة، لأنه يحتاج الى إمكانيات ضخمة، خاصة أن الحريري كان يخشى من وقوع خطر على حياته الشخصية، مما يصعب مهمة المنفذين». وقال: «إن المنفذين لا بد انهم راقبوا موكب الحريري لأيام طويلة بحثا عن ثغرة لتفجير موكبه، خصوصا أنه كان، حسبما تردد، يستخدم أجهزة إلكترونية للرصد والتشويش على أجهزة التفجير». وأضاف: «ان تنفيذ العملية لشخص يشعر انه مستهدف ربما كان صعبا، ولكن يحتاج تنفيذ العملية إلى جهود منظمة أو أجهزة تتوافر لديها امكانات غير عادية».
وأفاد اللواء علام: لا يجب استبعاد بيان المدعو (أبو عدس) الذي بثته قناة «الجزيرة»، وأعلن فيه مسؤولية منظمة غير معروفة تدعى «النصر والجهاد في بلاد الشام» عن العملية، فمن الواضح أن شريط إعلان المسؤولية كان معدا سلفا قبل التنفيذ».
وأوضح ان المدعو «أبو عدس» الذي داهمت السلطات اللبنانية منزله أول من أمس، ربما هو الآخر مع عناصر لبنانية وفلسطينية، استخدم من قبل «أجهزة مخابرات»، لم يسمها علام، في تنفيذ العملية. وكشف اللواء علام من واقع خبرته الأمنية، عن «وجود سيارات استكشاف في المواكب الرسمية لرؤساء الحكومات». إلا أنه أشار إلى أن «قدرات سيارات الاستكشاف غير فعالة في معظم الأحوال، وربما عطلت تلك الأجهزة في موكب الحريري». وقال انه شاهد ذات مرة موكب الرئيس الحريري في بيروت، وكان به سيارات مصفحة، وتغلب عليه الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذت عند سير موكبه. واستطرد علام قوله ان الصراع الأمني في استخدام تقنية الأمن يجابه على الطرف الآخر من قبل المنظمات الارهابية وعصابات المافيا، بتطور علمي آخر في مجال استخدام أجهزة الرصد والتشويش. ومن جهته قال تشارلز شوبردج الخبير الأمني البريطاني في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، عن اعتقاده بأن الإسلاميين المتطرفين ليس لهم علاقة بحادث تفجير السيارة الملغومة الذي أودى بحياة الحريري و12 شخصا آخرين على الأقل في بيروت.
وأضاف: «على الأرجح ان تفجير موكب الحريري شأن داخلي لبناني بمساعدة قوى خارجية، ربما تكون سورية أو إسرائيل». واستغرب تصريحات سليمان فرنجية وزير الداخلية اللبناني أمس حول شبهة قيام انتحاري بتنفيذ العملية، وقال «إن ذلك يحتاج الى تحقيقات خبراء الطب الشرعي، وقد يستغرق ذلك عدة أيام».
واستبعد أن يكون التفجير قد تم لاسلكيا نظرا الى التقنيات الحديثة والمتطورة التي تعتمدها مواكب رؤساء الحكومات في الشرق الأوسط، وقال: «إذا كان التفجير ناجما عن سيارة مفخخة فإن تفجيرها قد تم يدويا وليس عن بعد». ولفت إلى أن موكب الحريري على الأرجح كان مزودا بأجهزة انذار متطورة تستطيع ان تكشف وجود عبوات أو متفجرات عن بعد فتعمل على تعطيلها وإبطال مفعولها، وهو ما لم يحصل.
ولم تتوصل التحقيقات الاولية غداة مقتل رفيق الحريري، الى تحديد طبيعة التفجير الهائل الذي استهدف موكبه وسط بيروت، ولا تزال الفرضيات تتراوح بين ان يكون منفذها سائق انتحاري، أو أن تكون ناجمة عن سيارة مفخخة تركت في المكان، أو عبوات تفجيرية زرعت في الطريق.
ومن جهتها استبعدت الدكتورة مها عزام، المحللة من المعهد الملكي البريطاني، تشلتنهام هوس، بلندن في اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط»، تورط منظمات أصولية أو جهادية في العملية التي أودت بحياة رئيس الحكومة اللبناني السابق أول من أمس في تفجير هائل استهدف موكبه في وسط بيروت التجاري، وقالت:
«على الأرجح ان المنفذين لهم علاقة بالأوضاع في لبنان والوجود السوري في بيروت». من جانبه علق الأصولي المصري الدكتور هاني السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات في لندن، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» على البيان المنسوب لتنظيم «القاعدة»، مشيرا إلى ان البيان شدد على عدم صلتهم بهذه العملية، لأن لهم أولويات، وهي محاربة الأميركان. واضاف: «ورغم هذا النفي يجب ألا نستبعد أن تكون وراء الحادث جماعة إسلامية لا علاقة لها بـ«القاعدة» تنظيمياً». إلا انه أشار إلى وجود قرائن تدل على أن هناك جهة دولية وراء هذا الحادث ولها مصلحة في اغتيال الحريري.
وكانت «القاعدة » أشارت في بيانها أمس على الإنترنت إلى أن «ما حدث في بيروت، ثم محاولة الجهة المنفذة إلقاء التهمة على التيارات الجهادية والسلفية في بلاد الشام، هو محض افتراء عظيم». وقال البيان «إن التنظيمات الجهادية في بلاد الشام لها أولويات تعمل على أساسها وليس من أولوياتها تفجير السيارات في مدن البلاد».
وزعم البيان ان التفجير من صناع جهاز المخابرات في أسرائيل أو سورية أو لبنان. وقال: «نحن نتهم بصراحة أحد ثلاثة أجهزة بذلك، هي جهاز الموساد، أو استخبارات النظام في سورية، أو استخبارات النظام اللبناني».
وقالت الجماعة «لقد وضح جليا أن أكبر مستفيد من إعادة إشعال الفتنة في لبنان هو الصهيونية العالمية تمهيدا للوصاية الأميركية عليها والاجتياح الأميركي المفترض لسورية». وكانت جماعة أصولية غير معروفة قالت في تسجيل بالفيديو أذاعته قناة «الجزيرة» الفضائية، إنها قتلت الحريري في هجوم انتحاري أول من أمس، مدعية أن السبب في ذلك علاقته بالسعودية.
وقال رجل ملتح يعتمر عمامة بيضاء ويرتدي لباسا أسود في الشريط: «نصرة لاخواننا المجاهدين في بلاد الشام وثأرا للشهداء الأبرياء الذين قتلتهم قوات الأمن التابعة للنظام السعودي في بلاد الحرمين، عزمنا على إنزال القصاص العادل بعميل هذا النظام وأدواته الرخيصة في بلاد الشام... رفيق الحريري».
وكان الرجل يجلس أمام علم أسود يحمل اسم «جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام».
الى ذلك تحفظت دبلوماسية بريطانية على مزاعم المنظمة الاسلامية المجهولة التي تبنت الاغتيال، كما انتقدت إفساح الوقت لاذاعة هذا الشريط.
ومن جهة اخرى استغرب اصوليون في لندن سرعة وصول شريط المنظمة التي اعلنت مسؤوليتها وتدعى «النصر والجهاد في بلاد الشام» الى فضائية «الجزيرة» في العاصمة القطرية.
وقال اسلاميون في لندن إن الامر ظهر كمحاولة يائسة لربط الاصوليين بالتفجير، ما يثير الشكوك حول جدية هذا الشريط، وانه مجرد شيء مفتعل للتشويش على الفاعل الحقيقي للجريمة وتضليل جهات التحقيق.
رفيق درب الحريري «في الحلوة والمرة» يحيى العرب سيدفن إلى جانبه بجامع الأمين في مراسم جنازة واحدة
بيروت: سناء الجاك
«وحدة المسار والمصير» كانت عنواناً فعلياً لعلاقة الراحلين الرئيس رفيق الحريري ورفيق دربه يحيى العرب، او ابو طارق كما يعرفه الجميع.
فالانفجار الآثم قضى عليهما معاً، كانا جنباً الى جنب في سيارة واحدة، وفي بقية سيارات الموكب كان المرافقون الآخرون الذين شاركوهما درب الموت وهم: طلال ناصر واياد طراف وعمر المصري ومحمد سعد الدين درويش ومحمد رياض غلاييني.
«الشرق الأوسط» زارت منزل ابي طارق في منطقة الرملة البيضاء قرب السفارة المصرية، غرب بيروت. تعرفت الى ام طارق وطارق ووائل وعليا، والاحفاد الاربعة الذين يسألون عن «جدو» لا سيما ياسمين ابنة طارق. كانت تريد ان تعطي جدها حبة الدواء ونظارتيه والصحيفة ليقرأ. اما اولاد عليا فكانوا يريدون ان يصطحبهم كالعادة «ليفسدهم» بالهدايا والالعاب والمحبة المتدفقة كالسيل.
كذلك تعرفت «الشرق الأوسط» الى حميمية العلاقة التي جمعت الراحلين، اثر دخول سعد الدين رفيق الحريري الى المنزل ليواسي «ست البيت» بمصابها الاليم ويطلب اليها ان توافق على مراسم جنازة واحدة لرفيقي الدرب في جامع الامين، على ان يدفنا معاً، كما كانا معاً. وفوراً ألغيت ترتيبات دفنه في مقبرة الشهداء. قال سعد الدين لها:
«من منا سيعزي الآخر؟". فردت: «راحوا الابطال يا ضيعانهم». اختنق سعد الدين الحريري بدموعه. اخفى وجهه وادار ظهره للجميع الذين لم تكن حالهم افضل على رغم وصية كان يرددها ابو طارق، ربما ليحضّر عائلته لما كان يتوقعه. كان يقول لهم: «اجمدوا وتوكلوا». «الراحلان كانا على الوعد. استشهدا معاً» قال طارق نجل يحيى العرب لـ«الشرق الأوسط» وهو يغالب دموعه في غرفة جانبية في منزل ابي طارق. واضاف: «كان والدي يقول لنا: «اتفقت مع الرئيس الحريري اننا لن ننفصل الا اذا مات قبلي او مت قبله. والارجح اننا سنموت معاً. الخيار الثالث اصاب. وكنا نعرف ان والدي لن يموت في فراشه. لكن علينا ان نجمد ونتوكل على الله. هكذا كان يطلب الينا في حياته، وهكذا سنفعل كرمى له وللرئيس».
كيف تلقى طارق يحيى العرب خبر الانفجار؟ قال: «سمعت الانفجار. لم يرن هاتفي عندئذ عرفت انه هو. عادة عندما يحصل اي خلل أمني او يقع خطر، كان والدي يتصل بي ليطمئن علي. وكنت اعرف فاذهب فوراً الى قصر قريطم (دارة الرئيس الحريري) او الى اوجيه لبنان (الشركة التي يملكها). لم يرن الهاتف، فخرجت ولحقت بالدخان ووصلت وعرفت ان الاثنين استشهدا. ألم اخبِرك بالامس ان مقتل والدي يعني مقتل الحريري؟». اما كيف تلقت ام طارق خبر الفاجعة، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخسارة خسارتان. خسرت زوجي وخسرت الرئيس.الاثنان لا يسهل تعويضهما. نحتاج سنوات طويلة قبل ان يأتينا امثالهما».
تقاطعها ابنتها عليا بقولها: «والدي كان يقول انه طالما النساء تنجب طالما الابطال يولدون». وتضيف ام طارق: «كنت دائماً اشعر بالرعب. اخاف عليه ولكنه كان يشجعني ويدفعني الى التسلح بالايمان. قبل اسبوع انتابني شعور حاد بالاكتئاب. سألني عن السبب. للمرة الاولى اخفيت الامر، واكدت له انني بخير. لم ارد ان اشغل باله، لكن عدم ابتعاد زوجي عن الحريري اثار قلقي. كأنهما شعرا بخطر من دون ان يفهما حقيقة شعورهما».
تدخل عليا على الخط وتقول: «الجبناء لم يستطيعوا مواجهتهما الا بالاغتيال. ما هكذا يتقاتل الرجال». وتضيف: «لم اشاهده في الامس. كان قد وعدني ان يأخذنا لنتعشى خارجاً. لا اعرف كيف سأخبر اولادي. ماذا اقول لاحفاده؟».
عن لقاء الراحلين يقول طارق: «تعرف والدي الى الرئيس (الحريري) عام 1982. حينها كان يعمل في بلدية بيروت. تعاون معه الوزير السابق، رئيس مجلس الانماء والاعمار الحالي الفضل شلق، لازالة الركام من بيروت بتكليف من الحريري. بدأ يعمل ليل نهار، لان بيروت كانت حبيبته. وحدث في احد الايام ان كلفه شلق احضار تسعة ملايين ليرة لبنانية من احد المصارف. امين الصندوق اخطأ في الحساب، اعطاه عشرة ملايين. جن جنون والدي وقال لشلق: يجب ان اعيد المبلغ فوراً الى الرجل. لا استطيع ان انتظر الى الغد. قد يتضرر واخرب له بيته (المليون آنذاك كان يساوي حوالي 200 الف دولار على سعر صرف الليرة اللبنانية) لم ينتبه والدي خلال حديثه الى رجل كان يراقب ما يجري. سأل الرجل الفضل شلق: من هذا؟ اجابه: انه البولدوزر الذي اخبرتك عنه. فقال الرجل: لم يعد يعمل معك. بعد الآن سيعمل معي».
الرجل كان رفيق الحريري الذي اصبح الاب الثاني لعائلة ابي طارق. «كان الرئيس يتابع تفاصيلنا اليومية. كان يريد ان يريح ابي ليستطيع التفرغ له ولهمومه. عندما مرض اخي، احضر له الدواء من الخارج بطائرته الخاصة. وعندما نويت ان اتزوج، اشترط علي مقابلة العروس والتعرف اليها حتى يوافق على الزواج. مصابنا كبير، لاننا كنا نعتبر ان فقدان والدي يعوضه الرئيس، وفقدان الرئيس يعوضه والدي. الآن اشعر بفراغ مخيف. لا اعرف كيف اعزي سعد الدين (نجل الحريري) او كيف يعزيني».
*هل كان ابو طارق يشعر بالخطر المتربص بالرئيس الحريري؟
ـ ليس عشية الجريمة، لكنه جمعنا قبل شهرين وقال لنا ان الايام صعبة وعلي ان الازم الرئيس بشكل مكثف. كنت معه في الايام الحلوة وسأبقى في الايام المرة. احس بالخطر، لكنه لم يكن يخاف. كذلك الرئيس لم يعرف الخوف. وغالباً ما كان يقول لنا: الرب واحد والعمر واحد.
وعن سبب تعلق يحيى العرب الى هذه الدرجة برفيق الحريري، يقول طارق: «والدي كان يعتبر الرئيس ولياً من اولياء الله ببذلة رسمية وشخصية عصرية. كان يعرف اسراره في عمل الخير ومساعدة الناس. ولم يكن يفشي اياً منها. لكن وجهه كان يعبر عن مدى رغبة الرئيس في عمل الخير، الى درجة تستحيل على الوصف. من هنا كان مستعداً ليفديه بحياته. وقد تعرضنا لاخطار كبيرة معاً، بعضها لم يصل الى وسائل الاعلام. وبعضها خلال الحرب عندما كانا ينتقلان تحت القذائف».
وابو طارق المولود في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1943، اي تاريخ استقلال لبنان، وهو اكبر من الرئيس الحريري بسنة واحدة، كان يعتبر الحريري الامل الوحيد لانقاذ البلد لذا كان قريباً من اذن الرئيس، ينقل اليه الخبر الصحيح من دون مواربة او ممالقة. وكان حريصاً على سره وموضع ثقته، يتولى مهمات خاصة ليعرف الحقيقة وينقلها. لذا عاشت اسرة ابي طارق ظروف الرئيس حتى بات صعباً فصل الروابط. ويقول طارق: «تعرضنا الى التهديد بالخطف والابتزاز عام 1987. ودفعنا فدية وقصف بيتنا لم يتغير ولاؤنا للرئيس الحريري ولن يتغير شيء بعد وفاتهما».
اشارت الصحافة الايرانية الى اسرائيل على انها المستفيد الرئيسي بل المحرض على جريمة الاغتيال. فكتبت صحيفة «ايران» الرسمية الاصلاحية ان «الدولة الوحيدة المستفيدة من زعزعة الاستقرار في لبنان هي اسرائيل» ولو ان «البعض يحاولون حماية اسرائيل من الاتهامات وتجاهل عمل اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية» في لبنان. واعتبرت الصحيفة ان «تورط سورية في هذا الاغتيال امر مشكوك به» رغم اقرارها بان امكانية عودة رفيق الحريري الى السلطة كان امرا «لا يحتمل بنظر سورية».
جامع محمد الأمين كان «خلوة عبادية» زمن العثمانيين وأصبحت باحته ضريح الحريري في وسط بيروت
مسجد محمد الأمين، وهو الأكبر في بيروت، سيضم في باحة منه اليوم جثمان رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، أو الرجل الذي تبرع من ماله الخاص ليبنيه بعد أن دمرته الحرب الأهلية في لبنان.
ولمسجد محمد الأمين قصة في تاريخ بيروت تعود لأكثر من 110 سنوات، حين داهم وباء الرمد، المعروف طبيا باسم «تراخوما» عاصمة لبنان في أواخر القرن التاسع عشر، فوصلت على عجل بعثة من راهبات اللعازارية ضربت خيامها في أرض كانت مقابل سوق لبيع البيض والدجاج ما زالت معروفة بـ«درج خان البيض» إلى الآن.
ولأن البعثة استطاعت التخفيف شبه الكلي من وطأة التراخوما على سكان العاصمة، أصدر السلطان العثماني عبد المجيد الأول «فرمانا» شاهانيا قدم بموجبه الأرض، حيث ضربت المعالجات للمرض خيامهن، هبة للراهبات «وذلك جزاء خدماتهن الطبية» وفقا لما ورد في فرمانه الشاهاني.
ولكي يكون السلطان متوازنا في مبادراته بين المسيحيين والمسلمين، أصدر فرمانا آخر منح بموجبه مسلمي المدينة عن طريق نقيب الأشراف، المرشد الشيخ عمر أبو النصر اليافي، قطعة أرض أخرى في الجهة الغربية الجنوبية من ساحة البرج، المعروفة في وسط بيروت آنذاك باسم «سهلات البرج» ليفيدوا من ريعها. ولأن الراهبات بنين على الأرض الممنوحة لهن ديرا عرف بعدها باسم «دير اللعازارية» وجعلنه في الوقت نفسه «مأوى للقطاء من البنات غير الشرعيات» بحسب ما ورد في موجبات بنائه الذي تضمن جناحا خاصا لمعالجة المصابين بالتراخوما.
بنى المسلمون بقيادة نقيب الأشراف سوقا تجارية على الأرض الممنوحة لهم، وأطلق عليها النقيب اسم عائلته، فعرفت باسم «سوق أبو النصر» التي بنى بجوارها النقيب بيتا كبيرا كان الأفخم في العاصمة اللبنانية وخصص بعض غرفه لركن خاص سماه «الزاوية الخلواتية» التي كان هو نفسه شيخا لها. وفي هذه الدار نزل ضيفا لليلة واحدة الأمير عبد القادر الجزائري، لأنه مر ببيروت في أواخر عشرينات من القرن الماضي في طريقه إلى دمشق التي اختارها لإقامته بعد احتلال الفرنسيين للجزائر.
واعتاد نقيب الأشراف البيروتيين أن يجذب إلى «الزاوية الخلواتية» أهل العلم والدين والفقه ليعقدوا فيها حلقات دراسية دينية وفكرية متنوعة «على الطريقة الخلواتية» التي أسسها الشيخ عمر كمال الدين الخلواتي، إلا أن النقيب غير اسمها في 1938 الى «زاوية أبو النصر» على اسم عائلته والسوق التجارية أيضا، مع أن الزاوية كانت معروفة لأهل بيروت باسم «الخانقة» أو «التكية» أو «الحضرة» لكن «زاوية أو النصر» استمرت كاسم باستمرار اسم السوق التجاري، وهو كان أحد أهم الأسواق التجارية في وسط العاصمة قبل الحرب الأهلية.
بعد 10 سنوات تحولت «زاوية أبو النصر» إلى ملكية الأوقاف الإسلامية في بيروت، التي فكرت بإقامة مسجد عليها، وراحت عبر السنين تجمع التبرعات من الداخل والخارج بدءا من الخمسينات، فنال المشروع تبرعات من العاهل السعودي الراحل، الملك فيصل بن عبد العزيز، ومن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وكذلك من أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح وسواهم، فبدأ المسجد الذي سموه «محمد الأمين» على اسم الرسول الأعظم ولقبه، بالارتفاع على مساحة 3950 مترا من عقار تابع لمرفأ بيروت في وسط العاصمة، إلى أن بدأت الحرب الأهلية في 1975 وطالته بقذائفها طوال 17 سنة تقريبا، فتهدم معظمه ولم يعد صالحا لأن يؤمه أحد من المصلين.
في أواخر العام الماضي تقرر البدء بتنفيذ مشروع إعادة بنائه كأكبر مساجد بيروت، وبتبرع خاص من رئيس الوزراء رفيق الحريري.
وفي يوم البدء بالبناء وصل مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ محمد رشيد قباني، إلى موقع المشروع، وكان معه دلو محمل بالباطون سكب محتوياته على ما كان يظن بأنه أول أساسات رفعوها لمسجد تعلوه 4 مآذن بارتفاع 86 مترا مع 3 قباب بارتفاع 55 مترا، لأنه كان قد عاهد نفسه بأن يكون أول الساكبين للاسمنت في الأساسات هناك... بعد أن انتهى شاهد في الموقع صورة التقطوها لمن سبقه إلى وضع الحجر الأساس للمسجد الكبير ولم تكن تلك الصورة إلا لرفيق الحريري وهو يقوم بتمرير أول كتلة إسمنت وباطون على الأساسات التي يعود إليها اليوم جثمانا يدفنونه بجوارها.
لا يوجد
02-16-2005, 09:28 PM
السؤال المطروح فى وسائل الإعلام عن الجهة المستفيدة من تغييب الحريرى ولكن أظن إن السؤال ناقص ، ويجب أن يكون ( من هى الجهة المستفيدة من ارباك الواقع اللبنانى ) والإجابة إن إسرائيل هى أكثر جهة مستفيدة من هذا الأمر ولها مصلحة فى احراج سوريا واخراجها من لبنان ، وعلى المعنيين الإنتباه لهذا الأمر .
مجاهدون
02-17-2005, 04:24 PM
اللبنانيون ودعوا الحريري بحضور دولي.. ودعوات لكشف الحقيقة
جنبلاط: سقطت كل المحرمات
اكثر من مليون شخص شاركوا في تشييع رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ومرافقيه الستة الى مثواهم في مسجد محمد الامين في منطقة وسط بيروت التي كانت شاهداً على الحرب اللبنانية فحوّلها الحريري الى تحفة معمارية وملتقى للبنانيين جميعاً، بينما تحول منزل الحريري الى قمة عربية دولية لبنانية مع توافد الشخصيات العربية الرسمية والدولية التي جاءت للتعزية. وكان ملحوظا غياب أي ممثل عن السلطة اللبنانية بعد ان طلبت الاسرة ان تكون الجنازة شعبية.
وقد انطلق موكب التشييع من دارة الرئيس الحريري مخترقاً عدداً من شوارع وأحياء بيروت وصولاً الى مسجد محمد الامين في ساحة الشهداء. وحالت الحشود دون وصول جثامين الشهداء في موعد صلاة الظهر، كما كان مقرراً، وتمت بصعوبة كبرى الصلاة على ارواحهم ومواراتهم الثرى، بسبب تدافع آلاف المشيعين لالقاء النظرة الاخيرة على الرئيس الحريري ورفاقه. وقام انجال الفقيد الكبير برفع نعش والدهم عند اقترابه من المسجد حيث اقيم مثواه في باحته. كما حضرت عقيلته السيدة نازك الحريري وشقيقته النائبة بهية الحريري وأنجالهما مراسم التشييع وبدتا منهارتين، وقامتا بمعانقة النعش طويلاً وهما تبكيان وتنتحبان.
وشارك في التشييع، وفي تقديم التعازي، عدد كبير من الزعماء وكبار المسؤولين العرب والاجانب، وكان بينهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي طالب بـ«كشف الحقيقة كاملة» حول عملية الاغتيال التي اعتبرها «عملا شنيعا لا وصف له».
وفيما وصفت زيارة شيراك الى بيروت بالخاصة، ولم يجر له اي استقبال رسمي، قال الرئيس الفرنسي لدى وصوله الى مطار بيروت: «لم اشعر يوماً بالتضامن مع الشعب اللبناني كما اشعر اليوم».
من جانبه دعا الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، الذي قدم ايضا العزاء لأسرة الحريري، الى اتمام التحقيق «سريعا» للوصول الى الجاني ومعاقبته «لأن المشاعر ملتهبة ليس فقط في لبنان وانما في العالم العربي». واضاف محذراً «وإلا فإن الأمر يسير سيرا لا تحمد عقباه لا عربيا ولا دوليا».
وصدرت في لبنان امس مواقف سياسية لافتة، اذ اعتبر مجلس المطارنة الموارنة بعد اجتماع عقده برئاسة البطريرك نصر الله صفير «اغتيال الحريري دليلاً على خطة انتهجها النظام الديكتاتوري (من دون ان يسميه) الذي تعوّد قطع رؤوس قادة الرأي في كل بلد يستهدفه ليبقى الشعب من دون قائد».
من جانبه اكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان المعارضة اللبنانية «ستتوجه الى كل المحافل الدولية من اجل طرح قضية لبنان بعد ان سقطت كل المحرمات». وقال في حوار مع راديو «سوا» من واشنطن بعد انتهاء مراسم تشييع رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري «ان لبنان اليوم على المحك. فإما ان يبقى النظام البوليسي المغطى والمسنود من قبل سورية، واما ان ينتصر القرار اللبناني الحر من اجل حياة افضل لجميع اللبنانيين».
وعلى صعيد التحقيقات الجارية في حادث الاغتيال طلب القضاء اللبناني الاستعانة بخبراء سويسريين متخصصين بالمتفجرات والعلوم الجينية. وكان النائب اللبناني المعارض والوزير السابق مروان حمادة قد قال ان هناك «معلومات مرجحة» تفيد بان عملية التفجير «وقعت عبر نفق تحت الارض».
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
لم استطع ان امنع نفسي من الحزن العميق ومقلتي من ان تذرفا الدموع الغزيرة على هذا الرجل الإنسان بحق ، الذى قدم حياته فداءا للبنان ولشعب لبنان ولم يبخل بمال أو جهد في سبيل رفعة بلده ، القلب مكلوم والعين دامعة ولازلت غير مصدق ماحدث ومصير الطيبين والأخيار هكذا مغادرتنا من غير موعد ، رحمك الله أيها الزعيم الكبير وجعل الجنة مثواك ونطلب من الله عز وجل ان ينتقم من قاتليك ومن اعانهم على قتلك وان يرينا فيهم جزاءه فى الدنيا قبل الآخرة .
إنا لله وإنا إليه راجعون
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
المهدى
02-18-2005, 10:04 AM
دعا نصرالله إلى التعاون مع التحقيق جنبلاط: «السوريين كامشين البلد كمش»
وحزب الله ربما تعاون معهم للاغتيال
شن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط امس هجوما شديدا على سوريا وأعاد تحميلها مسؤولية الاغتيال البشع للرئيس رفيق الحريري الذي ووري الثرى أمس الاول.
وألمح جنبلاط في حديث مع تلفزيون المستقبل امس بشدة الى احتمالات تورط حزب الله اللبناني المدعوم من سوريا في الاغتيال.
ووصف السوريين بأنهم «كامشين البلد كمش».. وأضاف ان «حمادة زمط منها.. وقتلوا الحريري.. وبكرة بنشوف مين بيقتلوا»؟؟
وحث جنبلاط حزب الله وبالتحديد السيد حسن نصرالله على التعاون للكشف عن قاتل الحريري.
رفيق الحريري .. الرجل الذي أعاد لقصر اليونسكو رونقه الأصيل
بقلم - حسن توفيق:
ظهيرة أمس الأول، كنت أوشك أن أبدأ عملي اليومي المعتاد، لكني فوجئت مفاجأة صادمة ومؤلمة بما لم أكن أتوقع، وما لا يقبله أي انسان، لديه ولو ذرة صغيرة من الضمير الإنساني. حفرة هائلة عميقة، وحرائق تتأجج في عدة سيارات، وحطام متناثر، ووجوه مذعورة أجهش أصحابها بالبكاء، بل بالعويل.. هكذا تسمرت عيناي أمام شاشة الجزيرة ولم يكن النبأ الفاجع.. نبأ اغتيال الإنسان البشوش.. رجل الأعمال القدير.. والسياسي المخضرم رفيق الحريري قد تأكد بعد. بقدر من العصبية، عبثتُ بأزرار الريموت متمهلاً عند قناة المستقبل التي يملكها رفيق الحريري، فإذا بي أجد برنامجاً حواريا، تتمايل خلاله المذيعة علي وقع كلمات أحد شعراء الأغنية اللبنانية. توقف بث البرنامج بعد قليل، ولكن لم يتم الإعلان عن شيء مما جري. تنقلت بعيني بين عدة قنوات، وكان لابد من عودة حاسمة إلي الجزيرة حيث تأكد النبأ الفاجع.
حزنت علي الرجل، علي الإنسان، وحزنت علي كل الذين لا أعرفهم ممن نجح القتلة في إقصائهم عن الحياة، لكني أحسست بخوف ثقيل علي لبنان - الأرض والوطن والناس. وما بين الحزن والخوف تذكرت الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل. تذكرت الحوار المطول الذي اجرته معه الجزيرة وتم بثه في آخر ايام السنة الغاربة، سنة 2004 في خاتمة هذا الحوار، رأي الأستاذ أن السنة الجديدة - 2005 - ستكون سنة الفزع وشرح بإيجاز ما يتصور أن يحدث خلالها من كوارث، ومن مآسٍ، ومن مزيد من التنازلات العربية علي المستوي السياسي، ومزيد من الانكسار الروحي لدي المهتمين الواعين بقضايا أمتهم العربية. سألت نفسي: أيمكن أن تكون الجريمة المروعة، جريمة إقصاء رفيق الحريري لا عن السياسة وحدها، بل عن الحياة ذاتها، تمثل وجها دمويا من وجوه هذه السنة التي أسماها الأستاذ سنة الفزع ؟
في بيروت التي عشقته، وظل هو يحتضنها مع سائر لبنان في عناق طويل، أتيح لي ان ألتقي مرتين مع رفيق الحريري، لكني لن أتوقف عندهما الآن الا بعد أن أقتطف هذا الوصف الشاعري الجميل لطبيعته ومكانته ودوره، مما كتبه غسان شربل في الحياة حيث يقول عنه: رجل تتكيء عليه مدينة .. رجل يتكيء عليه جبل... رجل تتكيء عليه بلاد.. وبعض الرجال يثير حسد الجبال.. هكذا استجار به لبنان ذات يوم، ليستعيد بيروت من ركامها.. .
من هذه الإشارة الجميلة لاستعادة بيروت من ركامها، أتوقف عند اللقاء الأول. المكان هو قريطم حيث دارة دولة رئيس الوزراء رفيق الحريري.. والزمان كان يوم الأربعاء 4 مارس 1998. كنا مجموعة كبيرة من الشعراء والكتاب العرب، نشارك في حفل إعادة افتتاح قصر اليونسكو ببيروت. كان هذا القصر قد شيد سنة 1948 ، لكن الصهاينة قصفوه بالصواريخ ضمن اعتداءاتهم الحاقدة علي كل ما هو جميل طالما أنه عربي. وهكذا قدر للبنان أن يرمم آثار هذا القصف، بفضل همة رفيق الحريري، لتكون إعادة افتتاحه برونقه الأصيل بعد خمسين سنة من افتتاحه سنة 1948 . بعد المشاركة في حفل إعادة الافتتاح، انطلقنا إلي قريطم حيث وليمة العشاء الضخمة والفخمة، وقام رفيق الحريري ليحيينا، ثم تساءل: ألا يُعد إعمار قصر اليونسكو وإعادة افتتاحه من أولويات لبنان؟ .. هنا صفقنا جميعا لأننا أدركنا مغزي التساؤل، فقد كان هناك من اللبنانيين من سبق أن كتبوا أو صرحوا بأن إعادة افتتاح قصر اليونسكو ليست من الأولويات، لكن رفيق الحريري، وهو رجل الأعمال والمال، كان يعرف قيمة الثقافة، وأهمية اعادة النبض لصرح ثقافي عريق، لكي يعيد بث إشعاعه الحضاري الأصيل.
لم يكن عدد المدعوين يقل عن أربعمائة مدعو، وكان في مقدمة المدعوين فيديريكو مايور المدير العام لليونسكو وقتها، وحين تهيأنا للانصراف، حرص رفيق الحريري أن يكون فيديريكو مايور إلي جانبه، وهو يصافحنا واحداً تلو الآخر.
أكد لي هذا اللقاء الأول معني أن تكون الرأسمالية الوطنية مستنيرة ومتفتحة، يعقد أفرادها الصفقات التجارية، ويقيمون المشروعات الاقتصادية، لكنهم لا ينسون الثقافة والفن.. المثال الناصع لهذا كان رائد الاقتصاد الوطني في مصر طلعت حرب، وها هو رفيق الحريري يستعيد بيروت من ركامها دون أن ينسي أن يعيد لقصر اليونسكو رونقه الأصيل.
كان هذا نهاية سنة 1998 ، أما في اكتوبر من نفس السنة، فقد كنت واحدا ممن شاركوا في دورة الأخطل الصغير التي نظمتها في لبنان مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري. وفي مساء يوم افتتاح تلك الدورة كنا جميعا سعداء لا لمجرد حضور رفيق الحريري فحسب، وانما لأنه حرص علي أن يظل معنا طيلة وقت الاحتفال، وقام بتوزيع الجوائز علي الفائزين، وألقي كلمة جميلة حيا فيها الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين علي الدور الذي يقوم به في رعاية الشعر العربي، ومما قاله إن أعلام الشعراء هم في ذاكرتنا جنبا إلي جنب مع أعلام القادة وكبار العلماء.. .
اللقاء الثاني مع رفيق الحريري، كان كسابقه، من خلال وليمة عشاء، لكن جلستنا معه كانت حميمة، وتبادلنا فيها حوارات شتي، ولم تخل الجلسة من الضحكات والقفشات والدعابات، أما السر في انها كانت جلسة حميمة، فيرجع إلي أن عددنا لم يكن يزيد علي عشرين مدعوا من الشعراء والأدباء العرب، وقد تطرقت الجلسة الحميمة إلي قضايا مختلفة.. في السياسة.. في الثقافة.. في الفن.. في الاقتصاد، وكان من بين القضايا التي طرحت قضية الوجود العسكري السوري في لبنان، وقد لاحظنا جميعا أن إجابات رفيق الحريري كانت تتميز بالتوازن الدقيق.
المتشنجون من اليساريين أو اليمينيين علي حد سواء لا يحبون التوازن الدقيق، لأنهم لا يتفهمون معني وجود رأي آخر. جميعهم يتصورون أنهم أصحاب المنطق السديد، وأن الآخرين ممن يخالفونهم في الرأي لا يفهمون!.. الرجل البشوش.. صاحب التوازنات الدقيقة لم يعد موجوداً، فقد تم إقصاؤه من الحياة، لمجرد أنه لا يعترف باللونين، الأبيض والأسود وحدهما، بل يجب أن يري مختلف الألوان.
أعود فأقول إن الجريمة المروعة ضد رفيق الحريري علي أيدي القتلة المأجورين من المتشنجين، تمثل وجها دمويا من وجوه سنة 2005 سنة الفزع كما رآها محمد حسنين هيكل.
.. من هم أصحاب السوابق في الاغتيالات..؟
جبران كورية *
ذهب السيد رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان السابق من عالم الاحياء في ظروف شديدة المأسوية، وبسرعة توازي السرعة التي جاء بها الى عالم السياسة المحلية في لبنان بعد الحرب اللبنانية التي يسميها البعض «الحرب الاهلية اللبنانية» وبعض آخر، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية اللبنانية السابق السيد الياس الهراوي، «حرب الآخرين على الارض اللبنانية»، وكذلك الى عالم وسراديب السياسات الاقليمية والى قصور وكهوف وأقبية الاجهزة السرية واحتكارات النفط في الدول المهتمة بثروات الشرق الاوسط النفطية وموقعه الجغرافي موزعة في الصراعات الدائرة على امتداد العالم بين القطب العالمي الوحيد في الزمن الحالي من جهة، وكل القوى التي تشعر انها مهددة بسياسة السيطرة على العالم وعلى الشعوب بالقوة من جهة اخرى.
والشعوب التي حصلت على استقلالها مع انهيار النظامين الكولونيالي والامبريالي وسارت على طريق الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية وبناء اقتصادي وطني يساهم في رفع مستوى الشعوب المعاشية والثقافية والاقتصادية وغيرها هي التي تجد نفسها في عصر الدولة العظمى الوحيدة مهددة في حريتها واستقلالها وسيادتها ومعرضة لعدوان آلة الحرب الاميركية، التي انفلتت من العقال ومن مبادئ ميثاق الامم المتحدة ومن القانون الدولي وتحاول وضع نفسها فوق منظمة الامم المتحدة، وكل القوانين والمواثيق والقرارات والمحاكم الدولية.
وقد رضخت دول نامية كثيرة لاملاء الدولة العظمى الوحيدة ففتحت ابوابها امام القوات الزاحفة للهيمنة على العالم وثرواته النفطية، فقامت القواعد العسكرية الاميركية في قطر والكويت والبحرين وفي جيورجيا واذربيجان وعلى حدود افغانستان مع الصين وايران، والبلدان النفطية على الشواطئ السابقة للاتحاد السوفيتي على بحر قزوين.
هذه الدول النامية التي رضخت ظنت انها وجدت زورق الخلاص بالتبعية للولايات المتحدة، الا ان دولا بالذات في اميركا اللاتينية، والبلاد العربية رفضت الاستسلام امام الامبراطورية الاميركية الموجودة في حالة التكون العسيرة ومنها سوريا ولبنان. وقد تخيل حكام الولايات المتحدة ان سوريا (البعثية) ستقف رغم خلافاتها مع النظام العراقي (البعثي) عندما ترتد عليه الولايات المتحدة من الكويت الغنية بالنفط والطالبة للأمن والامان تحت ابط الولايات المتحدة، فتضرب بذلك بلدين عربيين يشكلان قوة اقليمية كبيرة ونواة لجبهة اقليمية ذات وزن كبير في المعادلة مع اسرائيل، وهي المعادلة التي كان الرئيس السوري الراحل الكبير حافظ الاسد يسعى اليها من منظور استراتيجي لتكوين جبهة شرقية تكون زواياها الثلاث سوريا ـ العراق ـ ايران لتقف في وجه الامتداد والانتشار الاسرائيليين في المنطقة العربية والاسلامية.
ومع غياب الاتحاد السوفيتي عن الساحة الدولية انهارت الاتفاقات الدولية السابقة حول مناطق النفوذ، وتقدمت الولايات المتحدة لوضع اليد على موارد ومنابع وطرق نقل النفط، وابتدعت نظرية الارهاب وحولتها، وهي من صنع يدها، الى فزاعة لشعبها وغيره من الشعوب، وذهبت من اجل ذلك الى افغانستان وجورجيا واذربيجان، وحاولت وفشلت في وضع اليد على نفط فنزويلا وقلب حكومتها.
وهذه السرعة الاميركية لوضع اليد على نفط العالم واستخدامه لفرض ارادتها على الدول الأخرى بما فيها الدول الحليفة السابقة التي تعمل لايجاد تكتل اوروبي كبير يقف في وجه الولايات المتحدة وحربها الاقتصادية على اوروبا، دفعت الى نزاعات مع الدول الأوروبية والى تسويات وقتية في هذه او تلك من مناطق العالم.
ومن هذه التسويات التي سعت اليها الولايات المتحدة بعد وقوف قواتها المسلحة في العراق على ابواب هزيمة، قد تصبح تاريخية، مؤذنة ببدء انحسار التمدد العسكري الأميركي في العالم. ويبدو ان حكام الولايات المتحدة يشعرون بالهزيمة المقبلة بعد ان استحال عليهم الانتصار، ولذلك يحاولون عبثا قطع الطريق على الهزيمة بزيادة الايغال في استعمال القوة، وحتى الأسلحة المحرمة على النحو الذي جرى في فيتنام، في نفس الوقت الذي يتحدثون عن وضع استراتيجية للانسحاب من العراق.
وكل شيء في المنطقة ينبئ بأن الهزيمة في العراق قادمة، وان الانسحاب العسكري من العراق قادم ولاراد له، ولذلك يحاول حكام الولايات المتحدة التفتيش عن مشجب تعلق عليه الهزيمة، وعن عدو مزعوم يتآمر لإلحاق الهزيمة بالقوات الاميركية المحتلة في العراق، ومن هنا جاءت الاتهامات الاميركية والعقوبات لسوريا. كما جاء اتهام سورية باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري حتى قبل ان يشيع خبر الجريمة في العالم، مع ان أي منطق سليم يجب ان يستبعد سوريا من دائرة الاتهام، فسوريا المعرضة منذ بعض الوقت للاتهامات والافتراءات الاميركية تسعى الى تهدئة الأوضاع حولها، السياسية والعسكرية، والى تقديم تنازلات هنا وهناك بما في ذلك تنازلات أمام الولايات المتحدة، أخذت تقترب حتى من الخطوط الحمر التي لا يجرؤ أحد في سوريا على تجاوزها، كما اقامت جدارا ترابيا عاليا على حدودها مع العراق قضت به على الاتهامات المختلقة بأن المقاتلين في داخل العراق يأتون عبر سوريا، وكأن المقاومة ضد الاحتلال تصدر أو تستورد، وكأن المتطوعين الآتين من هنا وهناك يستطيعون وهم غرباء عن الأرض والسكان والتضاريس، إلحاق الهزائم والخسائر اليومية بالمحتلين.
ان سوريا ليست في مأزق لتعمل على إثارة التوتر في المنطقة وعلى قلب الأوضاع رأسا على عقب. الذي في مأزق هو الولايات المتحدة الاميركية التي منيت قواتها المسلحة بهزيمة امام المقاومين العراقيين. هذه الدولة العظمى تحاول تحويل انظار الناس في العالم عن «الهزيمة الاميركية في العراق»، لأنها في حاجة الى مادة تصرف بها الانظار عن العراق وعن الهزيمتين العسكرية والسياسية في العراق والمنطقة.
الذي يحتاج الى ستارة عسكرية، وأخرى سياسية، هو الذي ارتكبت قواته جريمة العدوان وكل الجرائم الأخرى المترافقة معها.
لقد سقطت الولايات المتحدة وقواتها في المستنقع العراقي وفي جريمة الغزو والعدوان والارهاب، أما سوريا فإنها تسعى الى السلام والاستقرار وتنفيذ مبادئ وقرارات الامم المتحدة. اما الولايات المتحدة فإنها الدولة صاحبة التاريخ الطويل في الاغتيالات السياسية والانقلابات العسكرية والحروب العدوانية. والاغتيالات هي واحدة من أهم الأسلحة الاميركية، قديما وحديثا، فمن الذي قتل رئيس تشيلي الليندي، ومن الذي ارسل السيكار القاتل مع (الجميلة) الى فيدل كاسترو لقتله به؟ والقائمة طويلة جدا، واضبارات التحقيقات في مجلس الكونغرس الاميركية تعطي الراغبين في المزيد اضبارات كثيرة موجودة في مكتبة الكونغرس.
ان الذي يسحب قواته من بلد شقيق باتفاق ثنائي، ويرسل نائب وزير خارجيته الى المعارضين للحكومة اللبنانية والموالين لها ويعمل لتحقيق الوفاق الوطني اللبناني وتأمين السلم والهدوء، لا يمكن ان يشعل النار في لبنان.
* صحافي سوري، مدير المكتب الصحافي
للرئيس الراحل حافظ الأسد
ما بين قواعد حماة .. وقواعد بغداد..!
توماس فريدمان *
قبل حوالي أسبوعين توقف أحد أصدقاء رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عند مكتبي، لإطلاعي على ما هو جديد في الشأن اللبناني، وتوصيل رسالة لي من الحريري الذي أعرفه منذ بدئي إرسال تقاريري من بيروت في أواخر السبعينات. تقول الرسالة إن المعارضة للوجود السوري في لبنان قد أصبحت موحدة ـ وهذا تحت تأثير المثال العراقي والتجاوزات المتصاعدة للاحتلال السوري. وقال صديق الحريري إنه، أي الحريري، يخطط لاستخدام الانتخابات اللبنانية المقبلة، ويأمل بتحقيق نصر مبين للمعارضة كي يكون ممكنا بعث رسالة حقيقية للسوريين: حان الوقت كي تذهبوا.
حسنا، يا رفيق فهذه الرسالة مني إليك، ولكن وأسفاه، أنك لن تستطيع قراءتها.
سيكون من الصعب إثبات من قتل الحريري، لكن الحكم السوري يمتلك كل القدرات والخبرات والحوافز لقتل رجل الدولة اللبناني للطريقة التي تعاون وفقها مع باريس وواشنطن، كي تتم المصادقة على قرار الأمم المتحدة الأخير رقم 1559، الذي يدعو سورية إلى الانسحاب من لبنان. وكان الحريري قد ضغط باتجاه صدور القرار الدولي ثم استقال من مكتبه، بعد أن قامت سورية بتشويه النظام الديمقراطي اللبناني، عن طريق قسر البرلمان كي يوافق على تمديد 3 سنوات لرئاسة أميل لحود.
حينما يشعر النظام السوري بأنه محاصر، يلجأ دائما إلى «قواعد حماة». وقواعد حماة هي مفهوم تبنته بعد أن قام الجيش السوري بمسح كلي لجزء من تلك المدينة، كي يقمع تمردا قاده أصوليون مسلمون هناك عام 1982. وتم دفن ما بين 10 و20 ألف سوري تحت حطام المدينة المهدمة. وكان لقتل الحريري، الملياردير العصامي الذي كرس أمواله وطاقته لإعادة بناء لبنان بعد الحرب الأهلية، يوم الاثنين الماضي، كل الخصائص التي تتمتع بها «قواعد حماة» ابتداء من الديناميت الذي يبلغ وزنه حوالي 300 كغم، إلى حرق موكب السيارات المدرعة.
إنها رسالة من النظام السوري إلى واشنطن وباريس والمعارضة اللبنانية تقول: «أنتم تريدون أن تلعبوا هنا، إذن من الأفضل لكم أن تكونوا مستعدين للعب وفق قواعد حماة. أنتم تريدون أن تحاصرونا بواسطة العراق من جانب والمعارضة اللبنانية من جانب آخر، لذلك فإنه من الأفضل بالنسبة لكم أن تضعوا ما هو أكثر من القرارات الدولية فوق طاولة المفاوضات. عليكم أن تكونوا مستعدين للذهاب كل الطريق، لأننا سنقوم بذلك. لكنكم أيها الأميركيون مرهقون بسبب العراق، وأنتم اللبنانيون لا تمتلكون الشجاعة التي تمكنكم من الوقوف في وجهنا، وأنتم الفرنسيون قادرون على صناعة خبز على هيئة هلال، لكنكم لا تمتلكون «قواعد حماة» في ترسانتكم. نحن نطلق النار على الصليب الأحمر. نحن مسحنا مدننا. أنتم تريدون أن تلعبوا وفق «قواعد حماة» فدعونا نرى ما في حوزتكم، وإلا فوداعا».
ومع ذلك فهناك معيار لمقياس درجة القرف التي يشعر بها اللبنانيون من الاحتلال السوري، حيث راح الجميع ابتداء من السياسيين اللبنانيين الكبار، مثل الشجاع وليد جنبلاط، إلى المتظاهرين في الشوارع باتهام سورية باغتيال الحريري.
ماذا يستطيع اللبنانيون أن يفعلوا؟ عليهم أن يوحدوا طوائفهم وأن يضربوا النظام السوري بـ«قواعد بغداد» التي ظهرت على أرض الواقع قبل عشرة أيام من قبل الشعب العراقي. «قواعد بغداد» هذه يجسدها قيام جمهور عربي بعمل غير متوقع حدوثه تماما: أي خروج أفراده إلى الشوارع على الرغم من التهديد بالعنف من قبل الجهاديين والبعثيين للتعبير عن إرادتهم الديمقراطية.
كان رفيق الحريري قد توقف عن اللعب وفق «قواعد لبنان»، التي وفقها يقبل اللبنانيون بابتلاع أي طعام يلقيه السوريون لهم، وبدلا من ذلك قام بتحديهم، وإذا أراد اللبنانيون أن يتحرروا فعليهم أن يكونوا في مقدمة الصفوف، وأن يستجمعوا نفس الشجاعة التي أظهرها الحريري ونفس الشجاعة التي أظهرها الشعب العراقي، في الوقوف بوجه الفاشيين وجها لوجه، وتسميتهم بأسمائهم عبر المؤتمرات الصحافية وعلنا، ومواجهة الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية تجاه رغبتهما بتجاهل الاضطهاد السوري.
ليس هناك شيء يمكن له أن يفقد سورية صوابها أكثر من العصيان المدني وتبيان الحقيقة، أي أن يكف الناس عن الخوف من الترهيب ويقفوا من أجل حريتهم ويقوموا بإضراب، وأن يلعبوا وفق «قواعد بغداد»، أي أن يرفع اللبنانيون الإصبع البنفسجي أمام النظام السوري في كل مكان وكل يوم.
المهدى
02-19-2005, 01:04 PM
التحقيق الرسمي يميل إلى فرضية العملية الانتحارية في اغتيال الحريري
تتواصل التحقيقات القضائية حول حادثة اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري ومجموعة من مرافقيه الاثنين الماضي، على أكثر من خط. وأكدت مصادر قضائية أمس أن التحقيق ما زال يرجح فرضية العملية الانتحارية بواسطة أكثر من أي احتمال آخر، بعدما استبعد احتمال وجود سيارة تم تفجيرها إلى جانب الطريق، أو احتمال وضع العبوة تحت الأرض كما تروّج بعض المعلومات.
وفي المعلومات المتوافرة فإن الخبراء عملوا خلال اليومين الماضيين على التحقق من فرضية وضع العبوة تحت الأرض لأن الأشغال التي افترض البعض أنها أجريت في مكان الانفجار غير حقيقية لكون الأشغال المشار إليها نفذت ما بين فندق الفاندوم ومنتجع المارينا، أي على مسافة 400 متر تقريباً إلى شمال مكان الانفجار، علماً أن قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر الذي يضع يده على التحقيق سَطّر استنابات إلى القوى الأمنية طلب بموجبها سؤال محافظ بيروت يعقوب الصراف عن الأشغال التي كانت أجرتها بلدية بيروت في مكان الحادث ومعرفة سبب الحفريات التي نفذت ومن كلف العمّال بها، وذلك في إطار السعي لكشف ملابسات الجريمة وتوضيح كل النقاط المطروحة.
ولفتت المصادر إلى أن القضاء يعوّل على الخبراء السويسريين المتوقع وصولهم إلى لبنان للتحقق من احتمال التفجير الانتحاري لتحديد نوع العبوة وزنتها وما إذا كانت أشلاء الانتحاري المفترض قد التصقت بحطام السيارة المستعملة وامتزجت بالحديد الذي انصهر بفعل قوة انفجار العبوة التي يرجح أن زنتها تجاوزت الـ 300 كلغ.
إلى ذلك، أرجأ وزير العدل اللبناني عدنان عضوم، المواكب لسير التحقيقات، مؤتمراً صحافياً كان مقرراً عقده صباح أمس لإعلان بعض المعلومات للرأي العام، وذلك بسبب تأخر وصول أجوبة من الإنتربول في استراليا والسعودية على برقية أرسلها لبنان لتزويده بمعلومات عن 14 لبنانياً يحملون الجنسية الاسترالية كانوا غادروا لبنان بعد ساعتين من عملية التفجير إلى سيدني عبر مطار بيروت، ويعتقد أنهم أصوليون. وقد وصل منهم إلى سيدني 12 شخصاً. ويعتقد أن الشخصين الآخرين نزلا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأكد عضوم أن القضاء اللبناني يعرف أسماء هؤلاء الأشخاص الذين جاءوا من استراليا إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، ومنها انتقلوا إلى لبنان حيث أقاموا فيه 25 يوماً. وأفاد بأن كل المعلومات تؤكد أن مقعدين كان يجلس عليهما اثنان من هؤلاء وجدت عليهما آثار لمادة (تي. إن. تي) كانت عالقة في ثيابهما وبعض الآثار الأخرى من شعرهما، وان البعض من هؤلاء خضعوا للاستجواب في استراليا، مشيراً إلى أن تطابق نتائج التحقيق مع هؤلاء مع ما هو متوافر من معطيات لدى التحقيق في لبنان قد يحسم القضية إلى حد كبير ويحل اللغز المتعلق باختفاء الفلسطيني احمد أبو العدس الذي ظهر في شريط فيديو على إحدى الفضائيات وتبنى عملية تفجير موكب الرئيس الحريري، وان الكتاب المرسل إلى استراليا يطلب كامل هويات الأشخاص وسجلات قيودهم وصورهم الشمسية.
وطلب من النائبة العامة التمييزية بالانتداب القاضية ربيعة عماش قدورة إرسال كتاب تأكيدي الى السلطات الاسترالية لتزويد لبنان بالمعلومات المطلوبة عن هؤلاء الأشخاص بأسرع وقت ممكن.
وفي الإطار نفسه، رجحت معلومات مستقاة من بعض الخبراء والمحللين في قضايا التفجير ان تكون العبوة دست تحت الأرض وفي مجاري الصرف الصحي وانه تم تفجيرها سلكياً بواسطة شريط كهربائي ربط بالصاعق الموضوع داخل العبوة وموصول فيها بطول يقارب 300 متر، ولدى مرور الموكب فوق المتفجرة جرى وصل الشريط الكهربائي بواسطة احد الأشخاص فحصل التفجير الذي كان كفيلاً بتدمير الموكب وقتل من فيه. وأشارت المعلومات الى ان ما يعزز هذا الاحتمال الذي لا يتطابق ومعلومات المحققين القضائيين، ان الشظايا والحصى وقطع الزفت التي اقتلعها الانفجار تطايرت عمودياً بارتفاع 200 متر، وانه إذا كانت فرضية التفجير الانتحاري صحيحة لما أحدث الانفجار هذه الحفرة العميقة، ولكان حطام الموكب تطاير بشكل أفقي.
من جهة أخرى، سطر قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر استنابة الى الأجهزة الأمنية طلب فيها إجراء مسح شامل لمكان الانفجار ومحيطه بواسطة الكلاب البوليسية لمعرفة مصير المواطن عبد الحميد غلاييني الذي لا يزال مجهولاً، في حين رفعت عائلة غلاييني أمس كتاباً الى وزير العدل عدنان عضوم طلبت فيه الإيعاز للأجهزة المختصة إجراء مزيد من البحث ورفع الأنقاض لعدم عثورهم على هذه الجهة رغم مرور اربعة ايام من البحث المتواصل.
إلى ذلك كلف القاضي مزهر البروفيسور فؤاد ايوب المتخصص بعلم الحمض النووي Dna إجراء مسح شامل للمنطقة المحيطة بمكان الانفجار الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري في محلة السان جورج في منطقة عين المريسة، والخارج عن نطاق المتفجرة الضيق وسحب المواد العضوية التي يمكن ان تعود الى ضحايا الانفجار، ليجري إجراء الفحوص اللازمة الخاصة للتعرف الى هويات أصحابها. وسمح له بالاستعانة بالأشخاص والمختبرات الذين يراهم مناسبين لإنجاز مهمته.
فضل الله يتهم اسرائيل باغتيال الحريري ويندد بدعوة جنبلاط لانتداب دولي
قال المرجع الشيعي اللبناني العلامة محمد حسين فضل الله امس انه لا يبرىء المخابرات الاسرائيلية من عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري الذي قتل الاثنين الماضي في انفجار استهدفه.
وقال فضل الله في خطبة صلاة الجمعة التي القاها في ضاحية بيروت الجنوبية «لا نبرىء المخابرات الاسرائيلية من العملية الاخيرة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري لانها لا تريد للبنان ان يكون بلدا مستقرا آمنا بل نموذجا للامن في المنطقة كما انها لا تريد للبنانيين ان ينطلقوا في عملية العيش المشترك لتدخل على خط الخلاف السياسي مستفيدة من القرار الدولي الذي لم يدرس دراسة دقيقة موضوعية الواقع المحيط بالبلد كله، «ودعا فضل الله اللبنانيين الى الامتناع عن اطلاق الاحكام الانفعالية التي ترتكز على الخلفيات السياسية في نطاق اللعبة المحلية والاقليمية والدولية دون تحقيق او تدقيق حتى ان الاجواء الحادة لا تقترب في الاتهام من اسرائيل صاحبة التاريخ الطويل في العبث بالامن اللبناني على اكثر من صعيد».
وقال فضل الله «ان من اللافت في اجواء الاثارة ان نطالب بذهاب وصاية معينة لنستدعي وصاية اخرى عربية او دولية والعودة الى مرحلة الانتداب واين هو العقل في اضافة تعقيدات جديدة للواقع اللبناني على طريقة المستجير من الرمضاء بالنار».
جنبلاط : طالب الحريري بتنفيذ الطائف فقتلوه
أكد عضو لقاء قرنة شهوان سمير فرنجية ان لامناقشة لقانون الانتخاب في هذه الظروف المصيرية مضيفا ان المعارضة ستطلب من رئيس المجلس دعوة المجلس النيابي لمناقشة ما ال اليه الوضع القائم.
وعن استقالة النواب قال فرنجية انهم لن يتركوا للسلطة هذا الموقع الديمقراطي وان هذا الموقع ملك الشعب اللبناني وردا على سؤال عن تأجيل الانتخابات اجاب:» نحن نطالب بانسحاب فوري قبل اجراء هذه الانتخابات وبحال عدم الانسحاب السوري سنجتمع ونقرر على ضوء الوضع القائم.
اما النائب وليد جنبلاط فقال : نحن 29 نائبا تحدينا التمديد كان الجواب قتل الحريري واليوم الشعب معنا ندعو الى الاعتصام الى اضاءة الشموع والصلاة ماهو حاصل هو بحد ذاته كاف لتحقيق مطالبنا.. الشعب معنا ويعبر في ساحة الشهداء عن موقفه اما بعد فماذا باستطاعتهم فعله هل يقتلون ملايين من الشعب اللبناني فأهلا وسهلا بهم.
وعن استبدال رستم غزالة قال نحن نطالب بانسحاب كامل ولانبحث عن تبديل وتشكيلات واضاف جنبلاط بعد ربع ساعة من الانفجار سربت اجهزة الدولة اسماء يتكلمون اليوم عنهم: لسنا نحن عملاء حللوا دمنا فليسمح لنا فرنجية وكرامي ولحود.
ثلاثة ضباط دبروا اغتيال الحريري!
نيويورك - »السياسة
لندن - حميد غريافي
برلين - مروان علي
تتطور الأحداث الدولية, في اثر اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق بسرعة فاجأت السلطة اللبنانية الحاكمة في بيروت بدعم سوري, كما فاجأت نظام دمشق نفسه, بحيث بات تحرير لبنان قاب قوسين أو أدنى, وقد أصبحت هذه الأحداث بمثابة محادل تهدد بقلب المعادلات الراهنة كما حصل في العراق.
وفي تطورات هذه الأحداث فقد علم ان الأشخاص الذين خططوا ونفذوا عملية اغتيال الحريري ثلاثة هم اللواء الركن آصف شوكت الذي أعلن أمس أنه أصبح رئيس الاستخبارات العسكرية السورية, واللواء بهجت سليمان رئيس استخبارات أمن الدولة, واللواء جميل السيد مدير عام الأمن العام اللبناني المعروف بولائه المطلق للنظام السوري.
وفي هذا السياق كشفت مصادر قريبة من »المحافظين الجدد« في الادارة الاميركية عن ان واشنطن حسمت خياراتها عشية لقاء الرئيسين الاميركي والفرنسي يوم الاثنين في بروكسل على اساس انسحاب سورية السريع من لبنان, واجراء انتخابات نيابية كاسحة, وانتخاب رئيس للجمهورية بدلاً من اميل لحود.
ووسط هذا الصخب الدولي بعث الرئيس السوري بشار الأسد برسالة شفهية الى الرئيس الفرنسي جاك شيراك عبر فيها عن رغبته بسحب قواته من لبنان على دفعتين, وخلال ستة أشهر. وقد رفض الرئيس شيراك مناقشة هذا العرض وجدد طلبه بضرورة انصياع سورية الكامل للقرار 1559 .
وفي تفاصيل هذه التطورات تناهت معلومات تفيد ان اغتيال الحريري كان تنفيذاً لقرار اتخذ على أعلى مستوى في دمشق قبيل حلول عيد الأضحى الماضي, وقبيل الوصول الى اتخاذ هذا القرار الخطير تم في دمشق تحليل مواقف الحريري بوجه عام, وأسباب رفضه التمديد للحود في ولاية ثانية, ولمدة ثلاث سنوات بوجه خاص, وقد شاركت أجهزة السلطة الأمنية في لبنان في هذه التحاليل المعمقة, وتوصل المعنيون في دمشق وبيروت الى قناعة مفادها أن الحريري يلعب أدواراً خطيرة, وانه هو المحرك الفعلي والحقيقي للمعارضة اللبنانية, وبعلاقاته الدولية تمكن من تحريض فرنسا وأميركا على سورية, ودفع الدولتين الى العمل على استصدار القرار 1559 الذي يدعو سورية الى الخروج من لبنان, وبناء على هذا التقييم اتخذ القرار بالتخلص من الحريري وتصفيته جسدياً, ورأى أصحاب قرار التصفية أن الحريري إذا لم تتم تصفيته فإن لوائحه ستكتسح الانتخابات النيابية في شهر مايو المقبل, وبالتالي فإنه سيتمكن من قلب المعادلة الراهنة في لبنان, والتخلص من السلطة الحاكمة فيه, ومن الوجود السوري الذي يهيمن عليه منذ اكثر من ثلاثين سنة.
وبعد اتخاذ قرار التصفية تولت ثلاث قيادات امنية مهام التخطيط والتنفيذ وهي اللواء الركن آصف شوكت الرئيس الجديد لجهاز الاستخبارات العسكرية السورية, وصهر الرئيس بشار الاسد »زوج اخته بشرى«, واللواء الدكتور بهجت سليمان, رئيس استخبارات امن الدولة, وراعي توصيل بشار الاسد الى الرئاسة ووراثه ابيه, واللواء جميل السيد مدير عام الامن العام في لبنان وقد تم تنفيذ الخطة صباح يوم الاثنين الماضي بنجاح, بحيث تم القضاء على الحريري ومن معه بانفجار مروع في منطقة سان جورج غربي بيروت.
ويذكر انه بعد اعلان استشهاد الحريري في الواحدة الا خمس دقائق ظهر يوم الاثنين الماضي تمت ترقية اصف شوكت الى رتبة لواء بعد نصف ساعة وتعيينه رئيساً للاستخبارات العسكرية خلفاً للواء حسن خليل الذي قيل انه ذهب الى التقاعد بعد بلوغه السن. وكان اللواء خليل قد تسلم مركزه من اللواء الشهيد علي دوبا الذي احيل على التقاعد سنة 2000 بتهمة غير معلنة هي بيع النفط السوري والعراقي لاسرائيل الذي كشف عنه جهاز مكافحة التجسس التابع للسلطة الفلسطينية, وأبلغه عرفات للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد عبر مبعوث سري, وكان اللواء خليل ضابط الارتباط الرسمي بوكالة المخابرات المركزية الاميركية, فضلاً عن مهمته الاخرى كمستشار أمني للفريق السوري المفاوض مع اسرائيل.
اما اللواء شوكت فقد كان مكروهاً من النجل الاكبر للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد, باسل الاسد, والذي كان يعارض اقترانه بشقيقته بشرى, وظل على معارضته الى ان قتل في حادث سيارة على دوار مطار دمشق, وقيل لو ان باسل الاسد ظل على قيد الحياة, لما تمكن شوكت من الاقتران بابنة الرئيس الى جانب ان اللواء شوكت هو احد مجموعة الضباط الاثني عشر الذين اطلق عليهم مسؤول اميركي لقب »عصابة الدرزن التي تحكم سورية فعليا«, والمتورطة حسب واشنطن, بعمليات الارهاب في العراق وغير العراق, وهو من ينتظر الاطاحة بهم بقوة مفاعيل »قانون اغتيال الحريري«.
وفي الوقت الذي تتناقل فيه بيروت هذه الاخبار افادت مصادر اللوبي اللبناني في واشنطن امس, ان الانسحاب العسكري السوري من الاراضي اللبنانية سيتم بسرعة, وخلال اسابيع, وان الانتخابات النيابية ستتم في موعدها المحدد وستسفر عن اكتساح المعارضة لمقاعد مجلس النواب الجديد, كما سيتم اجراء انتخابات رئاسية فورية بعد الغاء قرار التمديد للرئيس لحود داخل المجلس, وافادت هذه المصادر ان اكتساح المجلس النيابي الجديد قد يتم باكثر من 90 مقعداً بسبب اغتيال الحريري, والعزل الشعبي لرجال السلطة الحاكمة وقرار الانتفاضة عليها, وبسبب أن تلك الانتخابات تجري للمرة الأولى بغياب النفوذ السوري, وحلول النفوذ الفرنسي الاميركي الاوروبي مكانه لضبط الامور والتسريع في اعادة لبنان الى سكة الديمقراطية, التي افتقدها منذ اكثر من 29 عاما هو عمر الوجود السوري فيه.
واوضحت المصادر ان توجيه دعوة الى البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس بوش الشهر المقبل حملها نائب وزيرة الخارجية الاميركية وليم بيرنز الى الصرح البطريركي في بكركي الاربعاء الفائت هدفه »الوقوف على رأي البطريرك الذي اثبت اعتداله الكبير وسط اجواء التطرف الهائل على الساحة اللبنانية, حيث قام بتمرير السلم الاهلي في البلاد بطريقة مجربة وخبرة معهودة في الساسة اللبنانيين في مسألة الانتخابات الرئاسية, التي يعتبرها جناح قوي داخل الادارة الاميركية محسومة بضرورة استقالة لحود تلقائيا او حمله على الاستقالة داخل مجلس النواب الجديد وربما يصل الامر في بحث هذا الموضوع الى الوقوف على رأي صفير بالاسم او بالاسماء التي يرى في اصحابها القدرة على تحمل اعباء الرئاسة في المرحلة المقبلة الصعبة بأقل مشكلات وقلاقل ممكنة.
ورأت المصادر ان زيارة صفير الى البيت الابيض حسب الاوساط اللبنانية في واشنطن » ستشكل العمود الفقري الجديد الذي سينهض عليه لبنان من كبوته الطويلة واذا ابدى بالفعل وهذا مستبعد رغبته في دعم زعيم سياسي ماروني معين للرئاسة فان رأيه سيكون مهما جدا بالنسبة لبوش ومساعديه الذين يثقون به وبقراراته وببعد نظره المجرب على الارض طوال السنوات الماضية«.
»اما اذا رفض غبطته الدخول في الاسماء كعادته وفي تزكية مرشحه المفضل للرئاسة الجديدة فان الولايات المتحدة لن تتخذ اي قرار منفرد في هذا الشأن وانما حتما ستتناقش مع الفرنسيين للوصول الى مرشح مشترك قوي وعادل ونظيف الكف ويمتلك شعبية داخلية لابأس بها بحيث تمكنه هذه الصفات من تجاوز كل الالغام المتوقع ان تزرع امامه لعرقلة قيام الدولة الديمقراطية الحقيقية«.
من جانب اخر اكد ديبلوماسي عربي في اتصال هاتفي مع »السياسة« ان الرئيس السوري بعث رسالة شفهية الى الرئيس الفرنسي عن طريق السفارة السورية في باريس يبدي فيها رغبته بسحب القوات السورية من لبنان على دفعتين وخلال ستة اشهر على ان تكون الدفعة الاولى والتي ستتضمن سحب نحو ثمانية الاف جندي خلال اسبوعين.
واشار الديبلوماسي الى ان الرئيس الفرنسي رفض مناقشة العرض السوري وجدد طلبه لناقله بالانصياع الكامل للقرار 1559 وسحب الاستخبارات السورية بشكل نهائي من لبنان والتوقف عن التدخل في شؤونه الداخلية والموافقة على قيام تحقيق دولي في عملية اغتيال الرئيس الحريري.
الى ذلك كشفت القناة الهولندية الاولى ان الرئيس السوري طلب وساطة المملكة العربية السعودية لفتح صفحة جديدة مع عائلة الحريري وان الرد السعودي جاء بتأجيل ذلك بعد انتهاء التحقيقات في عملية الاغتيال واكتشاف الجناة وتقديمهم للمحاكمة وضرورة عدم قيام السوريين بعرقلة اجراءات التحقيق وسير المحاكمات لاحقا.
fadel
02-20-2005, 04:47 PM
الصدمة
خليفة مساعد الخرافي
كنت أتابع إحدى القنوات الفضائية اللبنانية ظهر الاثنين، ففوجئت بانقطاع البرنامج جراء خبر عاجل عن انفجار كبير حدث على كورنيش مقابل وسط بيروت، الذي طوره الحريري وجعله قبلة سياح لبنان بجميع شرائحهم، وتم بثه بشكل مباشر من موقع الحدث، وبعدها تبين أن المستهدف موكب الرئيس الحريري. وبعدها بفترة اعلن عن اغتياله، ومن بداية انقطاع البرنامج الى ان تم اعلان اغتيال الرئيس الحريري، انتابني الكثير من المشاعر، وانا اتابع بحرص جميع المحطات العربية منها والعالمية، حتى تم الاعلان عن اغتيال الرئيس الحريري بأيد مجرمة مجهولة تعمل في الظلام.
صدمت وتأثرت كثيرا بين مصدق ومكذب، هل رجل بهذا الحجم من القدرات والإمكانات السياسية والمادية والإنسانية، وهو من صادق الملوك والرؤساء واساطين المال والذي اصبح منهم بعصاميته، ان ينتهي بمثل هذه النهاية البشعة من قبل اشباح ينوون دمار لبنان؟ الا انني تعوذت من الشيطان ورددت: انا لله وانا اليه راجعون.
ولا احد ينكر دور ابي بهاء في تنمية واعمار لبنان، فأتاه رئىس وزراء، والبلد بسبب الحرب الاهلية مدمر، منشآتها ونفوسها واستطاع بإيمانه ببلده وعلاقاته الطيبة مع قادة الدول الغنية ان يعيد بناء البنية الاساسية في زمن قياسي يدل على حسن الادارة وحسن القيادة والحكمة.
عليك الرحمة يا أبا بهاء، لقد كنت رجل دولة بمعنى الكلمة، فسبحان الله كان قبلها بدقائق في مجلس النواب مجتمعا مع بعض حلفائه، حيث دخل عليهم صباحا بابتسامته المحببة الى القلوب المملوءة ثقة، وكان كالعادة قلبه مملوءاً حيوية ونشاطا وتفاؤلا وحبا لجميع طوائف بلده لبنان، وبعد دخوله ولقائه مع بعض حلفائه ختمها بارتشاف القهوة ومضى الى مجهول لا يعلمه الا الله، حيث نجح اصحاب الايادي القذرة في مرادهم باغتياله.
ولا يستبعد هذا العمل عن اسرائيل لأنها هي الجهة الوحيدة المستفيدة من توجيه الاتهام الى سوريا، لأن في ذلك العمل الجبان تزداد المشاكل والفتن في لبنان وهذا ما يتمناه العدو الاسرائيلي، فلا اعتقد ان سوريا من السذاجة ان تقوم بمثل هذا العمل المشين، وليست من الغباء لتخسر طائفة السنة التي تقف بقوة خلف الحريري، وخصوصا انها مراقبة ومتابعة دوليا وتعتبر في موقف حرج جدا مع اميركا واوروبا بما يتعلق بالقرار الدولي رقم 1559 المتعلق بانسحاب سوريا من لبنان، وليس من مصلحتها فتح باب يؤدي الى تعقيد امورها بشكل اكبر.
ومن اهم مصالح اسرائيل هو جعل سوريا في المفاوضات القائمة حاليا بينها وبين اسرائىل في موقف الضعيف مما يعطي تنازلات افضل لإسرائيل، لا بل ان علاقات الحريري مع قادة الدول الكبرى هي في مصلحة سوريا، وخير مثال على ذلك قدرة الرئيس الحريري، رحمه الله، على اقناع القيادة الفرنسية بعدم وضع حزب الله على قائمة الارهاب، ونعلم قوة العلاقات بين حزب الله وسوريا، فليس هناك من لديه هذا التأثير المتميز من خلال علاقة متميزة من القادة العرب مع قادة الغرب (اميركا - اوروبا)، سوى الرئىس حسني مبارك والمرحوم رفيق الحريري.
ما اخاف اسرائىل من الرئىس الحريري، هو انه الوحيد القادر على تخريب مخططهم خصوصا انه لمع نجمه وسطع ضوؤه بقوة كبيرة محليا وعربيا وعالميا، واصبح كبار السياسيين في لبنان اقزاما عند الحريري، لهذا استهدفت اسرائىل رأس الحريري، رحمه الله، وخصوصا، كما اسفلنا، أن الارضية السياسية والشعبية في لبنان خصبة وجاهزة لاتهام سوريا بسبب الخلافات بين المعارضة اللبنانية وسوريا والهجمة الشرسة من قبل أعداء سوريا لتركيعها في اتفاقية السلام مع اسرائيل، حتى تكون سوريا في الموقف الاضعف تفاوضيا لتصبح بنود الاتفاقية لمصلحة اسرائيل، ونعلم جميعا مدى دهاء ومكر المخابرات الاسرائيلية واهدافها الشريرة بتمزيق الامة العربية، فاذا كانت الولايات المتحدة الاميركية ممثلة بوزيرة خارجيتها الدكتورة كونداليسا رايس، لم تستطع حتى الآن توجيه اتهام لأي أحد في هذه الجريمة الشنعاء وكذلك فرنسا، فكيف تم بعد الحادث مباشرة وخلال دقائق اتهام سوريا؟ هذا أمر لا يقبله العقل ولا المنطق.. ولكن للأسف الشديد هذا هو شأن العرب، فالعاطفة هي التي تحكمهم وتوجههم وتؤثر فيهم، وقد تكون الهتافات من بعض العملاء لاسرائيل او السذج، وهم كثر في لبنان، هي احد الاسباب التي شجعت ذلك الاتهام ونوايا بعض السياسيين اللبنانيين المعارضين.
ان الايادي الاسرائيلية، التي تلطخت بشكل يومي بالدم الفلسطيني، تهدم المنازل وتهجر العائلات من دون ان تهتز مشاعرها، هذه الايادي ليس من الشاق عليها تفجير موكب الشهيد الحريري، فهي معتادة على الاجرام، كم من الشهداء قد سقطوا ضحايا جرائمها وفي مقدمتهم الشيخ احمد ياسين.
في هذه المرحلة الصعبة، من الواجب علينا كعرب الوقوف مع القيادة السورية خصوصا ان هناك مبادرات اصلاحية مشجعة من قبل الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد، وهي اصلاحات على جميع الاصعدة سواء، سياسية او ادارية او اقتصادية، لهذا من الواجب ان ندعم الرئيس الشاب الدكتور بشار الاسد، ومن اهم مبادراته هي محاربته للفساد في سوريا، التي طالت رؤوسا عديدة متنفذة.
ففي هذه الفترة الحرجة الصعبة والهجمة الشرسة، التي تواجهها سوريا بسبب رغبة اميركا والغرب بانهاء ملف قضية فلسطين بالشكل الذي يريح اسرائيل الى الابد، فمن الواجب علينا الوقوف مع سوريا لا محاربة سوريا، فهذا ما ترغب فيه اسرائيل واعوانها لتبقى سوريا في وضع تفاوضي ضعيف جدا.
اتمنى على الوطنيين العرب ان يتنبهوا الى مخطط اسرائيل الكبير لتحقيق اهدافها الشريرة.
ان احدى الامنيات الكبرى لاسرائيل هي ابقاء سوريا في وضع سياسي واقتصادي سيئ، فهدفها هو اضعاف سوريا على جميع الاصعدة، لأن ضعف سوريا هو قوة لاسرائيل وهذه بديهية لا تحتاج الى ذكاء، ومخطط اسرائيل في الفترة الحالية مرتكز على الهاء سوريا العروبة بمعارك جانبية تلهيها عن عملية الاصلاح واضعافها، ولكن لا نظن ان اسرائيل، ومن يقف وراءها، قادرة على تركيع سوريا بما يتعلق بمفاوضاتها مع اسرائيل وبايقاف خطوات الاصلاح، التي تم القيام بها بأسس علمية متطورة.
ختاما.. ادعو الله لك بالمغفرة والرحمة يا أبا بهاء انت ورفاقك الذين استشهدوا معك، وادعو الله ان يحفظ لبنان من القادم له في مقبل الايام، ولو ان ابا بهاء قد مات بجسده، فان بهاء واخوانه سوف يكملون مشواره المملوء خيرا وحبا لكل لبنان.
e.mail bo_musaed1@hotmail.com
لحود: اسرائيل هي المستفيد الاول من اغتيال الحريري
قال الرئيس اللبناني اميل لحود أمس ان «اسرائيل هي المستفيد الاول من جريمة اغتيال الحريري».
وتساءل لحود في بيان صدر اثر اجتماعه مع نائب الرئيس الايراني للشؤون القانونية والبرلمانية مجيد انصاري «هل من المصادفة ان تقع هذه الجريمة في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة متغيرات تذكرنا بالتطورات التي رافقت اجتماعات كامب دايفيد وما نتج عنها من تداعيات على واقع الصراع العربي الاسرائيلي من جهة وعلى عدد من الدول العربية بينها لبنان من جهة اخرى».
واكد لحود ان القضاء اللبناني يعمل على جلاء ملابسات جريمة الاغتيال موضحا ان «الدولة اللبنانية ستضع نتائج هذه التحقيقات امام الرأي العام المحلي والعربي والدولي ليكون الجميع على بينة مما حصل».
وعبر عن ترحيب لبنان بأي معلومات يمكن ان تردها من اي جهة كانت من شأنها ان تساعد في التحقيق مؤكدا ان الدولة تتعاطى مع كل ما يتصل بهذه الجريمة «بشفافية ومسؤولية».
الموساد.. ما غيره
محمد مساعد الصالح
من السابق لأوانه تحديد الجهة أو الدولة التي خططت ونفذت اغتيال رفيق الحريري.. ونستعيد مقولة وليد بك جنبلاط عندما أجاب عن سؤال عن الاغتيال ومن هو المسؤول عنه قال: نحن نحكي سياسة وأريد أن أتحدث سياسة، اذ من السابق لأوانه معرفة قتلة رئيس وزراء لبنان السابق..
ولقد استمعت الى أمين عام حزب الله حسن نصر الله يقول في احد لقاءاته التلفزيونية انه كان يجتمع اسبوعيا مع رفيق الحريري.. وأنه، أي الحريري، قال له انه اذا عاد الى الحكم بعد الانتخابات فإنه لن يطالب بنزع سلاح حزب الله.. ولن يعتبره حزبا ارهابيا.. كما أنه ضد توطين الفلسطينيين في لبنان وعددهم يقارب اربعمائة ألف نسمة..
كما أن رفيق الحريري كان طوال ترؤسه للوزارات التي شكلها، على علاقة حسنة مع سوريا.. بل ان وزارته الاخيرة وافقت على تمديد ولاية الرئيس اميل لحود.. كل هذه المواقف مؤشر على علاقة طيبة مع سوريا.. واذا كان الحريري بعد استقالته من الوزارة قد ايد او انضم الى المعارضة فهو ضد بقاء القوات السورية في لبنان وضد سيطرة الأمن السوري على الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان، وهو أمر مشروع، تعرف سوريا قبل غيرها، ان اعدادا كبيرة من الشعب اللبناني يعارض تواجدها..
وعليه، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي مصلحة سوريا من اغتيال رفيق الحريري؟
والسؤال موجه لمن يعتقد ذلك، فإذا أضفنا إلى ذلك ان الطريقة التي استعملت في الانفجار الذي أودى بحياة الحريري لا يملكها الا دول لها مقدرة وخبرات عالية.. ولا أعتقد ان هناك دولة لها هذه الإمكانات سوى اسرائيل بعد تعاون الرئيس الحريري مع حزب الله وعدم نزع سلاحه حيث تعتبر اسرائيل هذا الحزب ارهابيا.. كما أن اسرائيل مع توطين الفلسطينيين في لبنان وبقية الدول العربية لكيلا يعودوا الى ديارهم ومنازلهم ليشكلوا أكثرية عربية في اسرائيل.. اذن فإن صاحب المصلحة في اغتيال الحريري هو الموساد الاسرائيلي بالتعاون مع دول كبرى.. والله من وراء القصد.
رجل من... حرير!
فؤاد الهاشم
.. كان رئيس الوزراء اللبناني السابق المرحوم «رفيق الحريري» رجلا من طراز فريد، بداخله عجينة غريبة تسري في دمه وقل ان تجد لها مثيلا بداخل اي مواطن لبناني او حتى عربي، هذه العجينة هي التي تجعله لا يفرق بين طائفة وأخرى في بلد السبع عشرة ملة!! قال شاب في الثانية والعشرين من عمره ماتت والدته في عملية «عناقيد الغضب» التي شنتها اسرائيل ضد بلده «قانا» في جنوب لبنان ان.. «مؤسسة الحريري الخيرية دفعت له خمسين الف دولار كتعويض ليبدأ حياته بها»، ثم اكمل..«انا شيعي ولم اجد من يساعدني الا هذا الرجل الثري.. السني»!
مواطن لبناني سني قال -امام شاشات التلفزيون- «لقد طلبنا من الحريري ان يهتم بمساعدة ابناء طائفته السنة فقط، فرفض بشدة، وقال كلنا.. لبنانيون»! «الحريري»تكفل بتعليم اكثر من 35 الف طالب من المرحلة الابتدائية وحتى الدكتوراه في داخل لبنان وخارجه، وهو رقم لا تستطيع دولة عربية مثل الاردن او السودان او اليمن ان تقدمه لأبنائها، ومع ذلك قدم «الحريري» كل هذه الملايين من الدولارات للشيعي قبل السني وللمسيحي قبل المسلم وللدرزي قبل.. اولاده!
كان هذا الرجل العملاق يقدم ثمانين مليون دولار سنويا من جيبه الخاص لهذه المساعدات ثم يشكر ربه على نعمته فيزيده الباري عز وجل ثراء على ثراء لقوله تعالى.. «لئن شكرتم لأزيدنكم»، اما بوابة قصره في منطقة «قريطم» فقد تحولت الى ماكينة صرف آلي تفرخ الدولارات في كل يوم للعشرات الذين يقصدونه املا في عملية جراحية او سكن لايتام، او «تنكة زيت» لجياع!! يوم امس الاول، اتصل احد الزملاء وروى لي هذه الحكاية فاسمعوها منه مباشرة:
«سافرت الى انقرة على متن احدى طائرات شركة اجنبية، وفي مقاعد الدرجة السياحية.. شاهدته، انه ملياردير كويتي، وبعد السؤال عن الصحة والطقس والسفر سألته عن وجهته فقال.. الى لندن!! استغربت ذلك، وقلت له ان الطريق الى لندن ليس عبر تركيا لكن جوابه اثار استغرابي ودهشتي اكثر حين اجاب قائلا.. ان سعر تذكرة الطائرة من الكويت الى لندن مباشرة على متن الكويتية اغلى بـ200 دينار من سعر التذكرة على متن هذه الشركة الاجنبية عبر تركيا مع فترة انتظار في مطار انقرة تمتد لاربع ساعات!..
كل ذلك من اجل ان يوفر مبلغ 200 دينار كويتي فقط.. لاغير!
كان من المفروض ان يكون لدينا «30» او «40 حريري» في الكويت لكننا لا نرى الا واحدا او اثنين يعملان لأوجه الخير والبقية.. «رافعين الجام» وكأنهم سيأخذون هذه المليارات معهم الى.. الصليبيخات! «الحريري» - وحده هو الذي نفعته امواله في الدنيا والآخرة، فها هي ذكراه في الدنيا باقية في تلك العيون الدامعة التي تبكيه وفي تلك القلوب المحترقة على فراقه، وفي الآخرة سيجد -ان شاء الله- «رضوان» حارس الجنة فاتحا ابوابها له، مع انه قد دفن في قبره وليس معه دولار امريكي واحد من ملياراته التي تكاد تغطي عين.. الشمس! رحم الله «الحريري» وجعل كل أثرياء الكويت والعالم العربي والاسلامي.. «حريريين»!
fadel
02-23-2005, 10:42 AM
انتظروا المزيد .. إنه «تسونامي» سياسي!
فهمي هويدي
لم يبالغ الذين قالوا إن مقتل السيد رفيق الحريري هو «تسونامي» سياسي ضرب لبنان، وان آثاره ستتجاوز حدوده إلى مدى لا يعلمه إلا الله. والذي لا شك فيه أن عملية الاغتيال ستكون فرصة لتصفية عدة حسابات في المنطقة، كما أنها تشكل جواً مواتياً لإجراء بعض عمليات «التفكيك» وإعادة التركيب، التي تطلع إليها من نادوا بإعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط، بحيث تُشكَل من جديد على نحو يجعلها أكثر «تجاوباً» مع الرياح القوية التي هبت عليها.
بتعبير أكثر صراحة، أزعم أن المحافظين الجدد ومن لف لفهم من دعاة إقامة الامبراطورية الأميركية، وتطويع كل المتمردين على الهيمنة الأميركية، سيجدون في ما حدث بلبنان ذريعة قوية للغاية تمكنهم من بلوغ الكثير مما تمنوه، بعد «الإنجاز» النسبي الذي حققوه باحتلال العراق، الأمر الذي يفتح شهيتهم لتحقيق المزيد من التقدم على صعيد بسط النفوذ ومحاولة تركيع الجميع.
إذ كما أن أولئك المحافظين انتهزوا فرصة وقوع أحداث 11 سبتمبر 2001، واستخرجوا أجندتهم المعدة منذ أوائل التسعينيات، ونجحوا في فرضها على السياسة الأميركية تحت مظلة الحرب على الارهاب وملاحقته في مكانه، حتى جرى ما جرى، وانتهى الأمر بإسقاط النظام العراقي، غير المأسوف عليه، واحتلال البلد بعد تدميره، فلن نحتاج إلى بذل جهد كبير لكي نتوقع أن تُستَثمَر عملية اغتيال الحريري في تحقيق بعض أهداف الأجندة التي تتلاقى فيها المصالح الأميركية مع الاسرائيلية.
الفرصة مهيأة ومواتية تماماً لهم. واذا كانت أحداث 11 سبتمبر قد كلفت الولايات المتحدة الكثير، وكانت قد دفعت ثمناً باهظاً، قبل أن تتحرك واشنطن لكي تحصد الجوائز وتبلغ الأهداف المرجوة باسم «مكافحة الإرهاب»، إلا أن الفرصة أفضل بكثير هذه المرة، إذ بوسع واشنطن أن تحصد جوائز أخرى كثيرة من دون أن تدفع مقابلها شيئاً مقدماً. ذلك أن اغتيال الحريري هو بمثابة «هدية مجانية» هبطت عليها من السماء، ولنا أن نتوقع استثمارها إلى أبعد مدى.
لعلنا لا نبالغ إذا قلنا ان سوريا ستكون الخاسر الأكبر مما جرى، تماماً كما أن الولايات المتحدة (لسنا بحاجة إلى أن نشير في كل مرة إلى أن اسرائيل كامنة في عباءتها) ستكون الرابح الأكبر. وذلك لا علاقة ضرورية له بثبوت أو عدم ثبوت ضلوع سوريا أو مسؤوليتها عن الاغتيال. إذ حتى إذا ظل الفاعل مجهولاً فإن الخطاب السياسي والاعلامي حسم المسألة من الناحية العملية لصالح اتهامها، ومن ثم وضعها في القفص، وجرى التصرف على هذا الأساس، منذ اللحظة التي بادرت فيها إلى سحب سفيرتها من دمشق.
الضغوط على سوريا ليست جديدة، إذ طالما تعرضت لها، سواء لتغيير موقفها من شروط الانسحاب الاسرائيلي من الجولان، أو من جراء إيوائها بعض الفصائل الفلسطينية المعارضة للتسوية مع قادتها، أو بسبب موقفها الإيجابي، وربما الداعم لحزب الله في لبنان، أو بسبب وجودها العسكري في لبنان، أو نتيجة لاحتفاظها بعلاقات خاصة مع إيران، وأخيراً، منذ احتلال العراق، حيث اتهمت سوريا بإيواء بعض قيادات البعث الهاربين، وبتقديم مساعدات لمقاومة الاحتلال الأميركي.
معلوم أنه بعد احتلال العراق، فإن إجماع المحللين انعقد على أن الدور حل على سوريا ومن بعدها إيران. ورُشحت سوريا في البداية لأنها تمثل حلقة أضعف من ناحية، ولتقاطع مصالح متعددة فيها من ناحية أخرى، من قبيل ما أشرنا إليه تواً.
حادث الاغتيال أصبح فرصة ذهبية لاستهداف سوريا، إذ زاد موقفها ضعفاً. أولاً، لأن مختلف الاشارات حملتها المسؤولية عن الجريمة منذ اللحظة الأولى. وثانيا، لأنها خسرت التأييد الدولي ـ الأوروبي بخاصة ـ لها، ومن ثم فإنها أصبحت تقف وحيدة أمام الضغوط التي وجهت لها. وثالثا، لأن المعارضة اللبنانية تكتلت ضدها ورفعت صوتها عاليا باتهامها، وداعية إلى سحب قواتها من لبنان.
ومن جراء تلك التعبئة شهدت شوارع بيروت ـ لأول مرة ـ في جنازة الحريري، هتافات علنية ضد دمشق طالبت بإخراج قواتها. وهو ما وضع سوريا في موقف حرج للغاية أمام الرأي العام العربي والدولي، خصوصاً أن ثمة قراراً دولياً يدعوها إلى الخروج من لبنان.
حلفاء سوريا في داخل لبنان أصبحوا أيضاً في موقف أشد حرجاً، بعدما وجهت إليهم المعارضة السياسية اتهامات جارحة، حتى أن رموز الحكم في بيروت لم يستطيعوا المشاركة في جنازة الحريري خشية التعرض لغضب الجماهير ونقمتها.
لا أعرف إلى أي مدى يمكن أن تصمد دمشق أمام الزلزال أو الاعصار، لكن القدر المتيقن أن ارهاصات موجات «تسونامي» تتجه بسرعة صوب السواحل السورية، وسنحتاج إلى بعض الوقت لكي نحصر الخسائر التي يمكن أن تترتب على ذلك. اننا نستطيع أن نرى بوضوح أن وضع سوريا في دائرة الهدف في أعقاب احتلال العراق أصاب دمشق بقلق شديد، غير أن ظهور المقاومة العراقية بسرعة، والازعاج الذي سببته للوجود الأميركي خففا بدرجة نسبية من ذلك القلق. والذين زاروا دمشق بعد الاحتلال مباشرة، ثم في أعقاب الأشهر الستة الأولى من سقوط نظام بغداد، كان بوسعهم أن يلمسوا فرقاً كبيراً في المعنويات السياسية بالعاصمة السورية. وكيف أنها ارتفعت على نحو ملحوظ بعد صعود مؤشرات المقاومة في بغداد.
اختلف الأمر الآن كثيراً، ليس فقط لأن ذرائع الضغط على دمشق أقوى بكثير من السابق، وإنما أيضاً لأن الجو أصبح مهيئا تماماً لاستقبال وتمرير أية محاولة لتصفية الحساب مع النظام هناك.
ولست أشك في أن القوى المهيمنة على السياسة الأميركية لن تفوت الفرصة. لأن استهداف النظام القائم في سوريا يمس ملفات كثيرة لا تريح الولايات المتحدة وتزعج اسرائيل. ذلك أن السهام التي توجه إلى دمشق من شأنها مثلاً أن تطوي صفحة حزب البعث، الذي رُفِع لواء «اجتثاثه» من العراق بعد سقوط النظام. كما أنها لا بد أن تصيب الفصائل الفلسطينية المعارضة للتسوية وقياداتها المتمركزة في دمشق. ستصيب أيضاً حزب الله في لبنان (وموقف اسرائيل من الملفين الأخيرين معروف) ثم انها ستقصم العلاقة الاستراتيجية المفترضة مع ايران، الأمر الذي يترتب عليه إضعاف طهران وتكثيف الضغوط عليها. أما الذي يمكن أن يحدث في داخل لبنان، خصوصاً في ظل وجود قطاعات ونخب موالية لسوريا هناك، فباب الاحتمالات فيه مفتوح بلا حدود.
هكذا، فإنه إذا كان زلزال «تسونامي» قد ضرب 7 دول في جنوب شرق آسيا، فإن الـ«تسونامي» السياسي، الذي تتحرك موجاته الآن متهيئة للاندفاع بقوة، مرشح لضرب خمس جبهات على الاقل. وما يصيب تلك الجبهات يمهد الطريق لتنفيذ أشواط غير قليلة من مخطط إعادة تشكيل المنطقة ورسم خرائطها السياسية من جديد.
لا أعرف حدود ممانعة النظام السوري، رغم وجود شائعات تتحدث عن احتمال لجوئه إلى اتخاذ خطوات «استباقية» تجهض محاولات حصاره وعزله، من قبيل الانسحاب الكامل من لبنان لامتصاص غضب الرأي العام اللبناني على الأقل، ولقطع الطريق على حجة التذرع به، وهي خطوة ايجابية لا ريب، قد تشعر كثيرين بأن «انتفاضة الاستقلال» حققت هدفها، لكنها لن تشفع للنظام السوري ولن تبرئ ساحته، لأن مخططي السياسة الأميركية لن يفوتوا الفرصة المواتية على الأرجح لتوجيه حزمة السهام إلى الأهداف الأخرى التي سبقت الاشارة إليها.
وليس هناك شك في أن الممانعة السورية كان يمكن أن تكون أقوى بكثير لو كان توفر للوضع الداخلي قدر من العافية السياسية المرتكزة على قاعدة من الممارسة الديمقراطية، التي تكفل مساندة الرأي العام، والتعويل عليه في الصمود أمام كل الأعاصير. غير أن غياب تلك العافية المنشودة يمثل نقطة ضعف أساسية تغري المتحاملين والناقمين بالاجتراء على ممارسة ضغوطهم وتوجيه سهامهم، وهم مطمئنون إلى أنها ستصيب أهدافها بسهولة. وهو أمر يؤسف له حقاً، لأن تلك الهشاشة السياسية ليست من نصيب سوريا فحسب، بل هي تمثل حالة عربية عامة، نكتشف فداحتها حين يواجه كل قطر امتحانا من قبيل الذي تواجهه دمشق هذه الأيام.
إن خروج سوريا من المأزق الراهن يحتاج إلى معجزة لا تحققها إلا قوة إرادة الشعوب، وعافيتها السياسية. وحين تغيب تلك الإرادة تضيع معها فرصة تحقيق المعجزة، لأن زمن المعجزات المجانية قد ولى!
مقاوم
02-24-2005, 02:55 PM
أنباء عن اتجاه الحكومتين السورية واللبنانية إلى رفع دعوى في الكويت ضد رئيس التحرير حول ظروف اغتيال الحريري
الجارالله: جاهزون.. ولدينا الكثير سنقوله في المحكمة
رئيس التحرير الاستاذ أحمد الجارالله
»السياسة« - خاص:
ترددت أنباء في الكويت أمس تفيد بأن الحكومتين السورية واللبنانية سترفعان دعوى ضد جريدة »السياسة« ورئيس تحريرها الأستاذ أحمد الجارالله, على خلفية الخبر الذي نشرته أخيراً حول ظروف اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري, ومن هي الأيدي التي نفذت الجريمة. والدعوى من حكومتي بيروت ودمشق سترفع في الكويت أمام المحاكم الكويتية.
وبسؤال رئيس التحرير الأستاذ الجارالله عن صحة هذه الأنباء قال انه لا يهتم إن كانت مؤكدة أم لا, إلا أنه يرحب بهذه الخطوة من قبل الحكومتين, ويرى أن الدعوى هذه المرة تقدم الى محاكم ذات اختصاص, وفي البلد الذي تصدر منه الجريدة وتنتمي اليه, وليس في بلد آخر كما جرت العادة حيث كانت بعض الحكومات العربية تقاضي »السياسة« أمام محاكمها, علماً بأنها ليست مختصة, والجريمة, إن وقعت, لم تقع على أراضيها.
وأضاف الجارالله ان المحاكمة, لو انعقدت, فإنها ستعطي فرصة اضافية للادلاء بمعلومات أكثر أهمية لم تتوافر الفرصة لنشرها من قبل, وطبعاً فإن هذه المعلومات الاضافية لن تكون محصورة داخل جدران المحكمة بل ستنقل عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة في كل مكان..وفي هذا فرصة تسمح لهذه الوسائل بالتوسع في نشر المعلومات تحت مظلة القانون, وفي سياق اجراءات التقاضي, وفي مجال هوامش الحرية في بلد ديمقراطي كالكويت, وفي مجال حرية التعبير التي كفلها الدستور الكويتي.
وأضاف الجارالله ان النظام الديمقراطي في الكويت الذي يتيح حرية التعبير, كثيراً ما دافعت وسائله الإعلامية عن قضايا الحكومتين السورية واللبنانية, ووقفت بجانبهما خصوصاً في القضايا المتعلقة بمواجهة اسرائيل, وبشروط البلدين لإبرام معاهدة سلام.
وفي كل الأحوال, يقول الجارالله, فإن توجه حكومتي دمشق وبيروت لمقاضاته ومقاضاة جريدته سيكون توجهاً مرحباً به, لأن قوانين دولة الكويت, وهي دولة ديمقراطية, تسمح لمن يعتقد انه متضرر من نشر الخبر, حول الضالعين في مؤامرة اغتيال الحريري, بأن ترفع الدعاوى الاعتراضية, وفي الوقت نفسه تسمح للمدعى عليه ان يدافع عن نفسه, ويثبت وجهات نظره, ويعلن انه لم يقدم على شيء يخترق حدود القانون, وانه مارس عمله في نشر المعلومات على وجه أكمل, مع العلم ان هذه المعلومات قد تكون مؤكدة أو شبه مؤكدة.
وكرر رئيس التحرير موقفه, في مجال الترحيب بالمحاكمة, وقال ان الاجواء ستسمح بالافصاح عن معلومات تفصيلية اخرى تتعلق بظروف اغتيال الحريري, وبالأيدي التي نفذت الاغتيال ولم يكن الوقت مسعفاً لنشرها.
وبسؤال أوساط حقوقية كويتية افادت بان المحاكمة لو انعقدت وتم تكييف القضية والنظر بها, فإن القاضي المختص سيحكم بحفظ القضية ويمتنع عن النطق بالحكم لانتفاء وجود جريمة كون المدعى عليه, افتراضاً, قد قام بعمله وفق مواصفات مهنية عالية, ونشر معلومات, تعتبر كغيرها حمالة أوجه ولا تلزم المحكمة ناشرها, إلا باستقبال تنويه او نفي الجهة التي تعتقد انها متضررة من النشر, وعليه الالتزام بتلبية رغبات هذه الجهات وترك الامر برمته لتقييم الناس وهم الطرف المقصود بالمعلومات.
واضافت هذه الأوساط الحقوقية انه اذا ما تمت ملاحظة وجود غرض سياسي في موضوع التقاضي, فإن ذلك لا يرجع الى اختصاصات القانون بل الى علاقات حكومات الدول مع بعضها البعض. وفي هذا الجانب حرصت الحكومة الكويتية يوم الاثنين الماضي على الايضاح علناً, وبعد مداولة متخصصة في مجلس الوزراء, ان ما تناولته الصحف المحلية حول حادثة اغتيال الحريري لا يمثل الموقف الرسمي الكويتي وان الاتهامات التي تشير اليها تلك الصحف لجهات معينة هي مجرد اجتهادات اعلامية لا تمت للموقف الرسمي الكويتي الشاجب للاعتداء على لبنان بصلة, وأن هذه الاخبار يجب أن نأخذها بحجمها الطبيعي, وأن بعض الصحف لتغطية جوانب معينة من الاحداث قد تنشر اخبارا لتحقيق سبق صحافي. وشددت الكويت على انها رسميا وشعبيا واعلاميا تبتعد كل البعد عما تتناقله بعض الاقلام الصحافية, وانها عبرت بشكل مباشر عن شجبها الكامل لعملية الاغتيال, معتبرة أن اعداء الاستقرار في المنطقة هم الذين قاموا بها.
ورأت الاوساط الحقوقية أن في الموقف الرسمي الكويتي ما يكفي للتأكيد على عدم علاقة الحكومة بما نشر, وعلى التأكيد على حركية المجتمع المدني الديمقراطي, التي تعبر عن حيوية سياسية تعود نتائجها على القطاع الاهلي, وهو قطاع تعددي, فيه جميع الآراء والمواقف, ويضمن بعضه البعض دونما حاجة الى تدخل حكومي.
وهذه الحقيقة يجب أن تكون في علم السفراء الذين يحتجون فيرجعون عن احتجاجهم احتراما لنظام البلد الديمقراطي, وتقديرا للحرية التي يتمتع بها المجتمع المدني, واعترافا بتفاوت قيم التعامل بين الانظمة الشمولية والانظمة الديمقراطية, وبالفارق في العلاقة بين علاقة النظامين المتناقضين بشعبهما.
واعتبرت الاوساط الحقوقية أنه في الجانب السياسي من هذه القضية يمكن أن نتلمس ملامح اختلاف, ومن طرف واحد, بين الحكم المطلق, وبين الحكم الدستوري, اما بهدف الاستقواء عليه, او بهدف التسلط, او بهدف الدفاع عن النفس بعد أن تغير العالم ويجري تنظيفه من الانظمة الستالينية.
مجاهدون
02-25-2005, 11:26 AM
اللواء السيد في الكويت لمقاضاة الزميلة «السياسة»
وصل الى الكويت امس مدير عام الامن العام اللبناني اللواء جميل السيد. وتوجه من المطار الى مكتب احد المحامين حيث باشر اجراءات رفع دعوى ضد الزميلة «السياسة». وقالت المديرية العامة للامن العام في بيان، ان اللواء السيد سيقدم دعوى شخصية امام القضاء الكويتي بحق صاحب ورئيس تحرير الزميلة «السياسة» لاقدام الصحيفة على ذكر اسمه في 19 الجاري في اطار المتهمين في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري مع ثلاثة ضباط سوريين آخرين.
وقال بيان الأمن العام اللبناني ان السيد «فضل الادعاء على الصحيفة ورئيس تحريرها امام القضاء الكويتي لاتاحة المجال امام المدعى عليه احمد الجارالله لتقديم مرافعته في بلده الكويت بعيدا عن اي تأويل او انطباع قد ينجم عن مقاضاته في لبنان بسبب الموقع الرسمي الذي يشغله السيد في الدولة».
مجاهدون
02-25-2005, 11:51 AM
بهاء الدين الحريري في أول حوار له مع :«الشرق الاوسط»
حوار موفق النويصر
طالبت عائلة رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الراحل بفريق دولي تابع للأمم المتحدة يشارك في التحقيق حول ملابسات اغتياله، مرجعة أسباب ذلك إلى إهمال في نشاط جهات التحقيق المحلية، التي لم يصدر عنها شيء طوال خمسة اشهر من المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب مروان حمادة.
وأكد بهاء الدين الحريري النجل الأكبر للرئيس الراحل رفيق الحريري في اول حوار له مع مطبوعة عربية، أنه وعائلته ملتزمون بالصمت حتى اكمال فرق التحقيق مهامها، مشددا على أن فريقا من المحامين سيتولون متابعة النتائج الصادرة واتخاذ التدابير القانونية حيالها.
ولم يغفل الحريري الابن تقديم شكره وامتنانه لجميع الذين شاطروهم العزاء في والدهم، خاصا بالذكر القيادة السعودية التي كانت لهم سندا ودعما في هذا المصاب، كما كانت سند والدهم الدائم طوال ثمانية وثلاثين عاما. وإلى تفاصيل الحوار...
* ما الذي حدث يوم 14 فبراير؟
ـ كنت في مكتبي الساعة التاسعة صباحا بصحبة الصديق مصطفى ناصر، وخلال حديثنا سمعنا صوت انفجار قوي جدا، فتوقعنا أنه اختراق لجدار الصوت من قبل الطيران الاسرائيلي، كوننا سمعنا هذا الصوت في السابق، ولكن بعد لحظات شعرت بقلق نحو والدي، فاتصلت مباشرة بإبراهيم دياب المسؤول الأمني عنه، وطلبت منه البحث عن الوالد، فأخبرني أنه في الطريق إلى منزله في قريطم.
بعدها خرجت من المكتب وحاولت الاتصال بالوالد أو أحد مرافقيه، لكن الاتصالات كانت متعثرة نتيجة ضغط الشبكة، وبعد محاولات عدة تمكنت من الاتصال بالأهل في منزل الوالد، وسألتهم عنه فأخبروني أنه سيتوجه إلى البرلمان وبعدها سيعود إلى المنزل، فمررت بموقع الانفجار أثناء توجهي إلى البرلمان، ولكني لم أتنبه إلى أن الموكب المستهدف كان لوالدي.
وعند وصولي للبرلمان سألت عنه فأخبروني أنه حضر إلى المجلس صباحا ولكنه خرج بعد وقت قصير مع بعض النواب وقبل رحيله جلس في ساحة النجمة ـ المقابلة للمجلس ـ مع بعض النواب والصحافيين يحتسون القهوة، بعد ذلك غادر إلى المنزل، فذهبت إلى منزله ولكني لم أجده، عندها بدأ القلق يتسلل إلى نفسي، فتوجهت مرة أخرى إلى موقع الانفجار، فشاهدت سيارات الموكب المرافق للوالد وقد اصابها الانفجار، فسألت عن الوالد فأخبروني أنه نقل إلى مستشفى الجامعة الأميركية، فذهبت إلى هناك فوجدت بعض النواب من بينهم النائب غطاس خوري ووليد جنبلاط وآخرون، وكان واضحا أنهم مستوعبون للأمر أكثر مني، فأخبروني أن الوالد لم يصل بعد، بعدها أخذني النائب غطاس خوري إلى الأسفل وحاول أن يمهد لي الخبر، وبعد ذلك علمت أن الوالد توفي في الانفجار.
* كم تبلغ المسافة بين المكتب وموقع الانفجار؟
ـ تقريبا 5 كيلومترات.
* ومع ذلك كان الصوت قويا؟
ـ صوت الانفجار كان عاليا جدا، وتشعر أنه على أقرب نقطة منك، وهو شبيه باختراق حاجز الصوت.
* ماذا فعلت بعد أن تيقنت من وفاة الوالد؟
ـ أول شيء عدت إلى منزل الوالد، فوجدت شقيقتي جمانة وهند، اللتين كانتا مرعوبتين من الأخبار التي بدأت تتناقلها وسائل الاعلام، عن إصابة موكب رفيق الحريري وتباين الأخبار حول إصابته أو وفاته، فحرصت على تمهيد الموضوع لهما، قبل أن أخبرهما بوفاته.
* هل شاهدت التغطية التلفزيونية التي نقلت الحادث؟
ـ لم استطع من مشاهدتها، كونها كانت مؤلمة جدا جدا بالنسبة لي ولأفراد عائلتي.
* متى كانت آخر مرة شاهدت الوالد؟
ـ الليلة التي سبقت مقتله، كنت أنا وزوجتي وأبنائي وأخواني موجودين عنده على الغداء.
* كيف كان ذلك اليوم؟
ـ عادي، مثل الأيام السابقة، حيث كانت لديه عادة يجمع فيها أبناءه وأحفاده كل يوم أحد، ويقضي هذا اليوم معهم.
* المحاولة التي استهدفت النائب مروان حمادة هل أشعرتكم بالقلق على حياة الوالد؟
ـ ما في شك أن المحاولة الفاشلة لاغتيال مروان حمادة أصابتنا بقلق شديد على حياته، خلافا له فقد كان مؤمنا أنه بعيد عن الاغتيال كونه يمتلك علاقة أكثر من جيدة مع الجميع على اختلافهم.
* خط سير رفيق الحريري.. هل كان ثابتا أم متغيرا؟
ـ هناك حوالي أربعة أو خمسة خطوط يسلكها الوالد في ذهابه وعودته إلى المنزل، وذلك بحكم أن بيروت مدينة صغيرة مقارنة بالرياض مثلا، لذلك كان يعتمد خط سير مختلفا في كل مرة.
* من يختار الطريق الذي سيسلكه موكب الحريري؟ ـ بالطبع هذا الأمر من مهمة الأمن المرافق له فهو المعني باختيار اي الطرق سيتم سلوكه.
* هذا يدفعني للسؤال كيف تم تفجير موكب رفيق الحريري؟
ـ حتى هذه اللحظة لا نعلم كيف تم ذلك، والاحتمالات الثلاثة بحسب ما تم تداوله إعلاميا هي: إما عبر سيارة مفخخة اقتحمت الموكب، أو سيارة اقتحام الموكب من قبل انتحاري أو أن المتفجرات كانت مزروعة في الأرض وتم تفجيرها بمجرد مرور الموكب.
* أي الاحتمالات هي الأقرب بالنسبة لكم؟
ـ والله لا أعلم، فنحن مثل والدنا لم ولن نطرق باب الاغتيالات، وسجل الوالد ناصع في هذا المجال، لذلك لا أعلم أي الأساليب استخدم لاغتيال رفيق الحريري.
* من خلال المحيطين بكم. ما هي أقرب الطرق التي استخدمت في التفجير؟
ـ جميع الأقاويل تتناقض مع مقولة أن الانفجار ناتج عن سيارة مفخخة أو اقتحام انتحاري لموكب الرئيس الحريري، إضافة إلى تردد أحاديث عن وجود اسفلت عالق في أعلى البنايات المجاورة لموقع التفجير، وهذا يرجح الفرضية الثالثة.
هناك معلومة أخيرة أنه عثر قبل يومين من الحادث في موقع التفجير على جثة رجل تحت إحدى السيارات المتوقفة في المنطقة.
* كيف علمت الجهة المنفذة أن الموكب سيسلك هذا الطريق؟
ـ أعتقد أن الاجابة بسيطة، تم تفخيخ هذا الموقع على ان يتم التنفيذ في اليوم الذي سيمر بهذا الموقع، اليوم أو غدا، أو بعد غد.
* ما حقيقة الاتصالات التي أجرتها السلطات اللبنانية معكم بشأن المأتم الرسمي المقترح للرئيس الحريري وأدى إلى رفضكم العرض؟
ـ في البداية نحن نعتبر أن رفيق الحريري أب لجميع اللبنانيين، ومن حق اللبنانيين علينا أن يشاركوا في تشييع جثمانه، ولدينا يقين أن المأتم أكبر من أن يكون رسميا، لذلك فضلنا بعد اجتماع العائلة أن نرفض المأتم الرسمي ونبقي على الآخر الشعبي، إضافة إلى أننا رغبنا أن يشمل التشييع جثمان مرافقيه الذي استشهدوا في الحادث.
* هل هناك تعارض بين أن يكون المأتم رسميا وحضور الجماهير لتشييع الجثمان؟
ـ بالطبع، حينما يكون المأتم رسميا لن تتمكن الجموع الراغبة في تقديم العزاء والمشاركة في التشييع من الحضور بحكم البروتوكول المنفذ في مثل هذه المناسبات الرسمية. وأعتقد أن الجميع شاهد جموع اللبنانيين الذين حضروا هذه المراسم، وكان من الظلم منعهم من الحضور.
* طالبتم بمشاركة دولية في التحقيق حول عملية الاغتيال. لماذا؟
ـ دعنا نعود إلى الوراء قليلا، قبل أكثر من خمسة أشهر تعرض مروان حمادة لمحاولة اغتيال، أين وصل التحقيق في الحادث؟ حتى هذه اللحظة لم نسمع عن أي نتيجة توصل لها فريق التحقيق، لذلك طالبنا بوجود فريق دولي يشارك في عملية التحقيق حول ملابسات اغتيال الحريري. أضف إلى ذلك أننا لم نشاهد أو نسمع طوال الأيام الماضية اي تفسير عاقل ومنطقي لما حدث، في البداية قالوا سيارة مفخخة، ومرة أخرى قالوا ان انتحاريا اقتحم الموكب، ومرة ثالثة اتهموا مجموعة من اللبنانيين المقيمين في استراليا. وجميعها محاولات لتمييع القضية، فكيف يطلب منا الوثوق في تحقيقات من هذا النوع.
* هل لديكم أي معلومات حول المشاركة الدولية في التحقيق؟
ـ سمعنا أن هناك لجنة دولية تابعة للأمم المتحدة ستصل إلى بيروت خلال اليومين المقبلين للمشاركة في التحقيق حول الحادث.
* ذكر وليد جنبلاط في أحاديث تلفزيونية أنه بعد محاولة اغتيال مروان حمادة كان يتوقع أن يكون هو أو الحريري الشخص التالي المستهدف في الاغتيال؟
ـ حديث وليد جنبلاط يسأل هو عنه، أما فيما يتعلق بالوالد فكان يستبعد فكرة اغتياله نهائيا، وكان بالإمكان ملاحظة ذلك من خلال النظر إلى وجهه، حيث تشعر دائما أنه مطمئن ولديه يقين أنه لن يتعرض لمثل هذا الموقف.
* هل تعرض رفيق الحريري للتهديد بالقتل؟
ـ لم يتعرض الوالد لأي تهديد من أي جهة، ولكن قبل اسبوع من اغتياله اتهمه بعض الوزراء بالعمالة مع اسرائيل، وهذا الموضوع أحزنه كثيرا واثر في نفسه.
* هل يمكن الربط بين من اتهمه بالعمالة لاسرائيل ومنفذي عملية الاغتيال؟
ـ لن نستبق الأحداث، ولن نلقي التهم جزافا على أي جهة، وسننتظر نتائج التحقيق الدولي وما ستسفر عنه.
* ذكرتم في بيان وجهتموه للرأي العام اللبناني أنكم تنوون المحافظة على كتلة قرار بيروت. ماذا يعني ذلك؟
ـ البيان تضمن سردا لمسيرة الوالد السياسية والخيرية، ورغبنا من خلال هذا البيان التأكيد على استمرارنا على النهج الذي رسمه رفيق الحريري طوال مشواره الحافل، وتعهدنا أمام الله ثم رفيق الحريري المضي قدما فيما بدأه.
* هل تنوون خوض الانتخابات المقبلة في العاصمة اللبنانية بديلا عن رفيق الحريري؟
ـ نحن الآن في فترة حداد، وما يشغل بالنا هو نتائج التحقيق وما ستؤول إليه، ومن الجهة التي ارتكبت هذه الجريمة.
* ما المدة المتوقعة لظهور نتائج هذا التحقيق؟
ـ بحسب المعلومات المتوفرة لدينا أن الوقت المطلوب للكشف عن تفاصيل الحادث لن تكون أكثر من شهر واحد.
* ما خطتكم في حال أن النتائج لم تظهر بعد شهر أو أكثر من ذلك؟
ـ نحن لدينا ثقة كبيرة في فرق التفتيش الدولية، ويقيننا أننا سنتلقى اجابات على استفساراتنا في المدة التي حددوها.
* ما صحة أن رفيق الحريري نصحكم بعدم دخول الميدان السياسي؟
ـ حاليا نحن في فترة حداد والعمل السياسي لا يشغل بالي.
* أقصد بعد انتهاء فترة الحداد؟ هل سيكون بهاء الحريري خليفة لوالده؟
ـ أستطيع أن أقول إننا كعائلة الحريري لن نتخلى عن مسيرة الوالد، وهذا الموضوع تحديدا سيكون من أولوياتنا كعائلة لمناقشته ووضع الخطوط العريضة له بعد انتهاء فترة الحداد.
* تجاهل بيان المعارضة الذي صدر من منزلكم ببيروت الاشارة إلى اتفاق الطائف. هل كان هذا التجاهل عفويا أو مقصودا؟
ـ نحن في كتلة بيروت أصدرنا في أول ايام العزاء وتحديدا عند الساعة الرابعة عصرا بيانا يعبر عن رأينا الرسمي المنبثق عن توجهات الوالد السياسية، وفيه تأكيدنا على التمسك ببيان الطائف. أما ما صدر عن المعارضة فهو يعبر عن رأيها، وكون البيان صدر من منزلنا فهذا بسبب أننا لا نستطيع أن نطلب من الناس أن لا تأتي لتقديم واجب العزاء. ولكن لو تلاحظ فان الاجتماع الثاني تم في البريستول.
* ما رأيكم في البيانات التي وزعت في بيروت باسم «مؤسسات المجتمع المدني» والتي تستنكر مشاركة ستريدا جعجع وأمين الجميل في تقديم التعازي في دارتكم؟
ـ بداية بيتنا مفتوح لجميع الراغبين في المشاركة وتقديم العزاء، ونحن خلال وجودنا في المملكة العربية السعودية تعلمنا اصول العادات والتقاليد وأن نستقبل جميع من يصل إلى بابنا، ولذلك لا نستطيع أن نمنع أحدا يرغب في تقديم العزاء لنا. وكما استقبلنا ستريدا جعجع وأمين الجميل فقد استقبلنا أيضا عمر كرامي وسليمان فرنجية والرئيس اللبناني اميل لحود.
* بعد حادثة الاغتيال تجاذبت المعارضة والحكومة الرئيس الراحل رفيق الحريري. أين يقف الحريري بالتحديد؟
ـ رفيق الحريري طوال تاريخه السياسي كان له نهجه الخاص في التعامل مع المتغيرات، فهو ليس موالاة أو معارضة.
* هل تعتقدون بتورط جهات خارجية في محاولة الاغتيال؟
ـ أعتقد أن الاجابة على هذا التساؤل سابقة لأوانها، ونحن لن نستعجل طرح الفرضيات قبل أن يكمل فريق التحقيق مهامه ويعرض النتائج التي توصل لها. ومن جهتنا لدينا فريق من المحامين سيتابع نتائج التحقيق والتصرف بموجب المعطيات التي ستصله.
* ما اسباب تعطل الأجهزة الأمنية في سيارات موكب الرئيس الحريري؟
ـ ليست لدينا معلومات حيال هذا الموضوع، وحتى هذه اللحظة وبعد مرور عشرة ايام على الحادث لم تصلنا أي معلومة من الأجهزة الأمنية المباشرة للتحقيق، واين وصل هذا التحقيق.
* كم عدد القتلى من المرافقين للوالد؟
ـ عدد الذين قتلوا في الحادث مع الوالد سبعة اشخاص من المرافقين له.
* ما أول اتصال وصلك من السعودية بعد وفاة الوالد؟
ـ في الحقيقة في ذلك اليوم تلقيت العديد من الاتصالات من أمراء ومسؤولين ورجال اعمال، ولكن اتصال الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير الرياض كان أولها، بعد ذلك جاءني اتصال من الأمير سلطان بن عبد العزيز والأمير نايف بن عبد العزيز.
* كيف تصف علاقة رفيق الحريري مع السعودية؟
ـ الوالد وصل إلى هذه البلاد وعمره 21 عاما، وكان في هذه الفترة متزوجا من والدتي، وعمري في ذلك الوقت كان عاما واحدا تقريبا، وقد بدأ حياته العملية كمحاسب في إحدى الشركات، بعد ذلك بدأ نشاطه الخاص في قطاع المقاولات بمشاركة شركة أوجيه الفرنسية حينما نفذا أحد المشاريع في مدينة الطائف، وبعد نجاحه في هذا المشروع نفذ مشروع قصر المؤتمرات، ومن هنا كانت الانطلاقة، حيث تمكن من التواصل مع مختلف فئات المجتمع السعودي، وقد نشأت بينه وبين الملك فهد بن عبد العزيز علاقة وطيدة استمرت طوال السنين الماضية.
* وكيف تحول إلى السياسة؟
ـ بعد النجاح الذي حققه الوالد في المجال الاقتصادي بدأ يفكر في بلده لبنان، الذي كان في تلك الفترة ساحة لحرب اهلية، فبدأ يبحث عن حلول لإنهاء حالة الحرب، وقد اثمرت هذه الجهود اتفاق الطائف، والذي كان برعاية المملكة العربية السعودية والملك فهد بن عبد العزيز شخصيا، وكان الوالد عراب هذا المشروع، وبالفعل تم اتفاق الطائف، وبموجبه توقفت الحرب الدائرة في ذلك الوقت.
* ما مصير استثمارات رفيق الحريري بعد رحيله؟
ـ نحن ورثة رفيق الحريري اتفقنا فيما بيننا على الجوانب العملية لكيفية ادارة استثمارات الوالد، وهناك اتفاق واجماع بين الاخوان على الآلية التي سيتم بها تولي الأمور، هذا بالإضافة إلى أن الوالد رحمه الله كان قبل خمسة عشر عاما أسس لقاعدة تسيير شركاته من بعد وفاته، فهو بطبعه يهوى الخطط طويلة المدى وينظر دائما للمستقبل ويخطط له، ولا يركن كثيرا للخطط قصيرة المدى، وبالتالي نحن ملزمون بقناعتنا تنفيذ ذلك.
* لماذا أقمتم العزاء في الرياض بعد انتهاء مراسمه في لبنان؟
ـ والدي رحمه الله كان يتحدث دائما أنه يدين بما وصل إليه من خير ومجد إلى هذه البلاد، وفي مناسبات عدة ذكر عبارته الشهيرة «لحم أكتافي من السعودية»، وكان لا يخجل من هذا القول، لذلك كان يتوجب علينا نحن أبناءه أن نستقبل المعزين في والدنا من إخواننا السعوديين، الذين يعتبرون رفيق الحريري ابنهم، ويحضرني هنا مقولة لأحد المسنين الذين قدموا العزاء لنا في أول أيام العزاء بالرياض إذ قال «الحريري حقنا».
«إنتيليجنس ريفيو»: اغتيال الحريري خطوة في سيناريو «التغيير الجذري»
كتبت مجلة «انتيليجنس ريفيو» الأميركية في عددها الذي يصدر اليوم ان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، في بيروت «كان عملاً تم التخطيط له وتنفيذه بعناية فائقة بحيث أُريدَ له أن يطلق العنان لسلسلة تفاعلية من الأحداث في المنطقة، وهي الأحداث التي قد تمهد الطريق أمام تحقيق أهداف عقيدة سياسة راسخة خاصة بـ «عصبة» المحافظين الجدد التي تدير البيت الأبيض الأميركي حالياً».
وأضافت انه «في سبيل فهم الأسباب التي تقف وراء عملية الاغتيال- رغم بقاء الفاعل مجهولاً حتى الآن - فإنه يتعين على المرء أن يعود إلى الوراء، وتحديدا إلى العام 1996، كي يلقي نظرة على الوثيقة السياسية التي تحمل عنوان:
التغيير الجذري: استراتيجية جديدة لتأمين المنطقة, وهي الوثيقة التي تم اعدادها آنذاك تحت اشراف ديك تشيني الذي يشغل حالياً منصب نائب الرئىس الأميركي، بالتعاون مع فريق عمل ضم منظرين مهمين أمثال «ريتشارد بيرل» ودوغ فيث وديفيد وورمسر, تلك الوثيقة رسمت معالم سيناريو مدروس ينص على أن يتم أولا القضاء في شكل كامل على كل ما أفرزه اتفاق أوسلو المبرم بين اسرائىل والسلطة الفلسطينية، ثم يتم بعد ذلك استهداف العراق أولا ثم سورية ثم لبنان فحزب الله وايران بهجمات عسكرية في موازاة عمليات زعزعة سياسية».
وأوردت ان الوثيقة «نصت بوضوح على انه ينبغي على اسرائىل أن تشتبك مع حزب الله وسورية وايران باعتبارها العوامل الأساسية التي تقف وراء العنف ضدها,,, وهو الاشتباك الذي يجب - وفقاً للوثيقة - أن يتضمن السعي إلى ترسيخ سابقة مفادها أن الأراضي السورية لا تتمتع بالمناعة أو الحصانة ضد إمكان تعرضها لهجمات انطلاقا من لبنان بواسطة قوات تعمل بالوكالة لحساب إسرائىل»، وكذلك «القيام بضرب أهداف عسكرية سورية في لبنان»، وفي حال ثبوت عدم كفاية كل هذا، فإن الوثيقة توصي بـ «توجيه ضربات عسكرية إلى أهداف منتقاة في داخل الأراضي السورية».
كما تنص الوثيقة على أنه «يجب على إسرائيل ايضا ان تسعى الى تشتيت انتباه سورية عن طريق استخدام عناصر المعارضة اللبنانية بهدف زعزعة وتقويض السيطرة السورية على لبنان».
وعلاوة على ذلك فإن تلك الوثيقة دعت الى «التركيز على ازالة واقصاء صدام حسين عن السلطة في العراق,,,».
ويمكن القول ان المحصلة النهائية التي سعت عقيدة «التغيير الجذري» الى تحقيقها عن طريق تلك السلسلة من الاحداث التفاعلية هي عبارة عن «شرق اوسط جديد» تكون إسرائيل هي المهيمنة عليه من خلال اشرافها على مجموعة من الدول المبلقنة حديثا والتي تديرها انظمة حاكمة عميلة, ولقد اعادت الادارة الاميركية اخيرا تأكيد عزمها على التخلص من حكومات تلك الدول الواحدة تلو الاخرى، وهي الحكومات التي اطلق عليها مسؤولو الادارة لقب «مواقع متقدمة للطغيان».
اما بالنسبة الى الترتيب الذي كان من المقرر ان يتم ضرب تلك الحكومات وفقا له، فإنه كان من المفترض له اساسا ان يبدأ بايران، الا انه تم بعد ذلك نقل سورية الى المركز الاول في القائمة.
ونقلت عن احد الخبراء في شؤون المنطقة «ان السبب الذي يقف وراء هذا التبديل (اي سورية اولا بدلا من ايران) يكمن في انه اذا تعرضت ايران لهجوم عسكري من جانب الولايات المتحدة او إسرائيل، فإن الجمهورية الاسلامية ستبادر الى الرد بشكل قد يؤدي الى خروج الامور عن نطاق السيطرة، حيث انها ستطلق العنان للقوات الحليفة والقوات الشيعية المتعاطفة معها في منطقة الخليج وفي لبنان, ونتيجة لذلك فإن حزب الله سيبدأ في حشد واستخدام كل قدراته لاستهداف إسرائيل بشكل مكثف وفعال, وهنا تكمن الحاجة - وفقا لما يراه ذلك الخبير - الى استئصال حزب الله الذي يتخذ من لبنان مقرا له، مع العمل في الوقت ذاته على تحييد سورية تماما قبل البدء في التحرك (عسكريا) ضد طهران».
ورأت أن قرار مجلس الامن 1559 «كان الاداة الديبلوماسية التي جرى استحداثها خصيصا بهدف التمهيد لمرحلة زعزعة سورية بشكل مباشر، وهو القرار الذي قدمته الولايات المتحدة وفرنسا معا, هذا القرار الذي تم تبنيه في شهر سبتمبر الماضي يطالب بانهاء الوجود السوري في لبنان وبنزع سلاح حزب الله, ولكن بدلا من شن هجوم إسرائيلي مباشر ضد سورية - وهو الهجوم الذي لابد له ان يثير احتجاجا دوليا - فإنه تقرر تنفيذ عملية جانبية تتمثل في عمل ارهابي من المرجح له ان يعطي الذريعة لتحريك قوات عسكرية حاشدة ضد الوجود السوري في لبنان,,, ومن هذا المنطلق كان اغتيال رفيق الحريري».
جميل السيد في الكويت لمقاضاة أحمد الجارالله
برلين- من مروان علي
وصل الى البلاد امس المدير العام لجهاز الامن العام اللبناني اللواء الركن جميل السيد لمقاضاة »السياسة« ورئيس التحرير الاستاذ أحمد الجارالله وفق ما اعلن مصدر من الامن العام اللبناني.
واوضح المصدر ان السيد »سيتقدم بدعوى شخصية مباشرة امام القضاء الكويتي على صاحب صحيفة »السياسة« الكويتية ورئيس تحريرها احمد الجارالله, لنشرها في عددها الصادر في تاريخ 19/2/2005 وفي موقعها على الانترنت, افتراءات واتهامات لا اساس لها من الصحة, تناولت اللواء السيد بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري«.
واشار المصدر الى ان السيد قرر ان يرفع الدعوى امام القضاء الكويتي لا في لبنان حتى لا يتهم باستغلال موقعه.
وقال »اختار الادعاء على الصحيفة ورئيس تحريرها امام القضاء الكويتي, لإتاحة المجال امام المدعى عليه الجارالله لتقديم مرافعته في بلده الكويت, بعيدا عن اي تأويل او انطباع قد ينجم عن مقاضاته في لبنان, بسبب الموقع الرسمي الذي يشغله اللواء السيد في الدولة«.
ورحب الاستاذ أحمد الجارالله في تصريح لفضائية »العربية« الاخبارية مساء امس بلجوء المدير العام لجهاز الامن العام اللبناني اللواء السيد الى القضاء الكويتي, مؤكدا ان هذا حق من حقوقه وان هذا يثبت ان الكويت دولة ديمقراطية.
وشدد الاستاذ الجارالله ان الكلمة الفصل ستكون للقضاء وان »السياسة« ستحمي بكل تأكيد مصادرها الاخبارية الخاصة ولديها الكثير لتقوله امام القضاء.
في غضون ذلك اكد خبراء قانونيون اوروبيون أن أية دعوى تقيمها الحكومتان السورية واللبنانية على »السياسة« سترتد على اصحابها و من شان ذلك فتح ملفات عديدة وابواب كثيرة على النظامين السوري واللبناني لان هناك العديد من حالات الاغتيالات التي تمت في بيروت وتتحمل الحكومتان اللبنانية والسورية اللتان تدعيان الحفاظ على الامن والاستقرار في بيروت ولبنان المسؤولية عن حدوثها.
ولفتت تلك المصادر الى ان الاتهامات التي اطلقتها الحكومة اللبنانية على المعارضين للوجود السوري في لبنان والمطالبين بسحب القوات السورية هي تحريض على القتل ويجب تقديم هؤلاء للمحاكمة خصوصا بعد أن ادت تلك التصريحات الى اغتيال رجل سياسي من طراز رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ولم تتحرك الحكومة اللبنانية حتى الآن لكشف الجهة التي كانت وراء هذه العملية الارهابية الفظيعة, بالاضافة الى حالات أخرى لم تكتشف الجهة التي نفذتها مثل اغتيال الرئيس اللبناني بشير الجميل ومحاولة اغتيال الوزير والنائب مروان حمادة وسجلت كلها ضد مجهول.
واشار الخبراء الى ان كل ذلك يكشف ان الحكومة اللبنانية غير قادرة على اكتشاف من يقف وراء كل تلك الاغتيالات وبالتالي هناك حاجة ماسة للجنة تحقيق دولية للتحقيق في جريمة اغتيال الحريري وهي ان استطاعت كشف الجهة التي تقف وراءها فانها بالتاكيد ستجد خيوطا قد تؤدي الى كشف الجهة او الجهات التي كانت وراء عمليات الاغتيال السابقة.
اللواء السيد: التحقيق في اغتيال الحريري يتم تحت الشمس ويسير في الاتجاه الصحيح
أكد المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء الركن جميل السيد أمس، من الكويت، ان التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري يتم «تحت الشمس»، و«يسير في اتجاهه الصحيح»، ولم يستبعد أن «يكون هناك أخطاء من أمن خاص أيضا»، بين العوامل التي أدت الى اغتيال الحريري.
وأعلن السيد في مؤتمر صحافي عقده في قاعة التشريفات في مطار الكويت الدولي، قبل عودته الى بيروت، أنه أوكل الى المحامي عبد الحميد الصراف مقاضاة الزميلة «السياسة» أمام القضاء الكويتي لاتهامها اياه ومسؤولين أمنيين سوريين، بالضلوع في اغتيال الرئيس رفيق الحريري, وقال ان «وجود الخبراء الاجانب الى جانب» الأجهزة الأمنية اللبنانية، «مع تقنيات مختلفة او متقدمة، سيؤدي الى تثبيت وازالة بعض النقاط التي قد تكون عالقة», واستبعد السيد وجود «مخاوف من عودة الحرب» في لبنان، مؤكداً أن «الشعب اللبناني لديه ما يكفي من الوعي كي لا ينجرف خلف هذا الموضوع الذي لا يزال في الاطار السياسي الاعلامي، ولو كان طابعه حادا جدا».
ووصف السيد الاتهامات التي نشرتها الزميلة «السياسة» عقب اغتيال الرئيس الحريري بانها «خطيرة جدا», وأوضح انه اختار رفع الدعوى ضد «السياسة» في الكويت وليس في لبنان كي يترك لصاحبها ورئيس تحريرها احمد الجارالله «حرية اكثر في عرض موضوعه», وقال «اخترت ان تكون هذه القضية بيد القضاء الكويتي، اولا، لثقتي المطلقة بهذا القضاء، ثانيا، كي لا يكون هناك انطباع خاطئ، بان مقاضاة الجارالله في لبنان قد تتأثر بالموقع الرسمي الذي اشغله», وأشار الى أن الصراف سيقدم الدعوى الاثنين المقبل، بعد انتهاء الاجازة الرسمية.
وأقفل السيد ووكيله الصراف الباب أمام إمكان أي تسوية حبية على أساس تقديم الزميلة «السياسة» اعتذاراً، اذا قال «المسألة ليست مسألة اعتذار، بل هي مسألة اتهام, لو كنت في لبنان ورأيت كيف تم استغلال هذا الموضوع وكيف تم تداوله في التظاهرات وخارج التظاهرات، في أوساط الطلاب وغير الطلاب عبر شبكة الانترنت، وحجم الاضرار والتشويش الذي نتج عن هذا الموضوع، فستعرف ان المسألة ليست مسألة اعتذار»,
وأعلن المحامي الصراف انه «بصدد تقديم الدعوى الاثنين المقبل»، آملاً في ان «تسارع النيابة العامة الى تحديد جلسة قريبة جدا للاستماع الى أقوالنا التي تمثل الحقيقة ردعا لهذا التجاسر غير العادي من جريدة السياسة ومالكها», وقال «نحن لسنا امام اعتذار من شخص الى شخص، بل نحن أمام اساءة وصلت الى الشارع اللبناني، اتهم من خلالها اللواء السيد بأنه ضالع في هذه المسألة وله أصابع فيها، وهذا في ذاته يمنع ان يكون هناك مكان للصلح أو انهاء المسألة وديا».
أما الجارالله فأصدر بياناً رد فيه على تصريحات اللواء السيد، فأعرب عن ايمانه «بعدالة القضاء الكويتي الذي وقفنا امامه آلاف المرات واثبت انه قضاء منصف، ولديه تاريخ حافل بالانتصار لمبادئ النظام الديموقراطي في الكويت، والتي في طليعتها تأتي حرية التعبير، المكفولة دستوريا، والصحافة الكويتية الحرة», وقال ان «ما نشرته (السياسة) يدرج في سياق نشر خبر عادي لم يتقدم اليه اي من المعنيين لنفيه», ونقلت وكالة فرانس برس عن الجارالله قوله «ان كل ما فعلناه هو عمل صحافي مهني في نشر الاخبار», واضاف «أهلا وسهلا به (السيد)، فالكويت بلد حرية وعدالة، ونحن مارسنا مهمتنا في اشاعة الخبر», وتابع «كان الاولى بالسيد الا يترك بلده في مثل هذه الظروف العصيبة ويأتي الى الكويت, كان بامكانه ان يبعث نفيا للخبر وكنا نشرناه».
مجاهدون
02-26-2005, 04:55 PM
جميل السيد: جريدة «السياسة» أضرت بي
أحمد الـجارالله: الفصل للقضاء
كتب ناصر العتيبي:
رحب رئيس تحرير صحيفة السياسة الزميل أحمد الجارالله بلجوء مدير الأمن العام اللبناني اللواء جميل السيد الى القضاء الكويتي.
وقال الجارالله في بيان صحفي امس ان ذلك يثبت ان الكويت دولة ديموقراطية وان الكلمة الفصل ستكون للقضاء.
وكان اللــواء الســيد قــد قال في مؤتمر صحــفي ان الضــرر الذي تعرض له كبــير جـــدا، اذ زج اســمه فــي جــريمة اغتيال الرئيس الحريري، وهذا اتهام.
واضاف السيد: ان الجريدة الحقت أذى معنويا وعمليا بالذين اشارت اليهم في القضية.
*ــــــــــــــــــــــــ* التفاصيل *_______________________*
«أؤمن بنزاهة القضاء الكويتي»
اللواء السيد: لن أقبل باعتذار أو تسوية
كتب ناصر العتيبي:
رفض مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء جميل السيد اي نوع من أنواع التسوية مع الزميلة صحيفة السياسة، حتى لو اعتذرت «السياسة» عما بدر منها، مشيراً الى ان المسألة ليست اعتذاراً بل اتهام.
وقال السيد في مؤتمر صحفي قبيل مغادرته البلاد «من كان في لبنان ورأى تداول هذا الموضوع في التظاهرات وفي أوساط الطلاب وغيرهم وعبر شبكة الانترنت وحجم الاضرار والتشويش الذي نتج عن هذا الموضوع لعرف ان المسألة ليست اعتذاراً، فهو لم يكتب عن طريق الخطأ انني كنت في مكان ولم أكن فيه، فهو قال ان اشخاصاً معينين نفذوا وخططوا لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وزج اسمي في هذا الموضوع، وهذا لا يمسحه اعتذار بل يمسح بتحقيق جدي مع الجار الله لاثبات ما لديه وهذا حقه، أما ان يحكم القضاء عليه بما يتناسب مع حجم هذا الجرم، ولا اقول مخالفة، فما ارتكب جرم في حقنا».
ثقة
وأكد السيد ان اختياره بأن ترفع الدعوى في المحاكم الكويتية وليس اللبنانية لثقته بالقضاء الكويتي ولا يكون هناك انطباع خاطئ بأن القضية في لبنان ستتأثر بموقعه الرسمي.
وقال «على هذا الأساس فضلت ان اترك المجال للاستاذ الجار الله بأن يوضح بشكل أكبر كل المعطيات والمعلومات التي لديه أمام القضاء الكويتي لتـكون اتهاماته مسؤولة»، مشيراً الى انه لو ظهر لاحقـاً ان اتهاماته غير مسؤولة وكانت عبـارة عن افـتراءات فـإن لكل حـادث حديث والقضاء سيأخذ مجراه، خصوصاً انه الحق أذى معنوياً وعملياً بالذين أشار اليهم في اخباره.
لا وساطة
ورداً على سؤال عما إذا كان سيقبل تدخل القيادة الكويتية أو اللبنانية لحل المشكلة مع الزميلة «السياسة» بشكل ودي قال «انا دعوتي شخصية مباشرة ضد احمد الجار الله، وبما ان الضرر مباشر فأنا لا استطيع ان اقول هناك وساطة، والقضية ليست شخصية بيني والجارالله بل هي قضية مبدأ معين. فهل يحق لهذا الشخص الذي يملك سلاحاً ممثلا بالجريدة ان يتعرض للناس مجاناً ودون ان يخضع لحساب معين نتيجة تعرضه للناس.
وتساءل السيد: هل له الحق بأن ينسب جريمة الى جهة معينة من دون ان تكون لديه المعطيات الكافية عنها؟
واضاف «نحن نعلم من خلال خبرتنا في العمل الأمني ان من ينسب جريمة فاعلها مجهول الى شخص معلوم يكون يغطي عن الفاعل الحقيقي، فهل هذا حصل عرضاً، أم ان الجار الله عنده شيء معين أبعد من هذا الاتهام، فعليه ان يظهر هذا الموضوع ويشرحه للقضاء الكويتي خصوصاً ونحن على ثقة بأن هذا الموضوع سيحصل حسب الأصول القانونية، وأنا انوي ان أتابع هذا الموضوع حتى آخر نقطة فيه».
وأشار السيد الى انه ترك للمحامي عبدالحميد الصراف تحديد ما يراه مناسباً وفقاً لمقتضيات هذه الحالة القانونية وما يراه مناسباً، سواء على المستوى المعنوي أو الجزائي والمدني والمادي وكل ما يترتب على ذلك، «ونحن سنطالب بالحد الأقصى».
مقتل الحريري
وحول سير التحقيقات بمقتل الحريري قال السيد «ان هذه التحقيقات بعهدة القضاء المختص، وأنا لست في موقع ان اتحدث عن التحقيقات خصوصاً ان وفداً من الأمم المتحدة وصل أمس (أمس الأول) لمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيق، وبالتالي فإن الإفصاح عن أي تفاصيل حالياً وبمشاركة رأي آخر معنا له محاذير والقاضي العدلي هو المختص بهذه الأمور.
وأعرب اللواء السيد عن اعتقاده بأن التحقيق يسير في الاتجاه الصحيح بصرف النظر عن التفاصيل التي تم التوصل اليها.
وعن الغموض الذي شاب الحادث أوضح السيد «ان ذلك هو دور الخبراء الدوليين، وان تحديد مسرح الجريمة عبارة عن مزيج من العمل الذي قام بجزء كبير منه الأجهزة اللبنانية المختصة، ووجود الخبراء الأجانب معهم مع تقنيات متقدمة ستؤدي الى ازالة بعض النقاط العالقة خصوصاً ان هناك استنتاجات احياناً تختلف من شخص الى آخر مما يلزم تعاون الجميع للوصول الى تحديد دقيق».
ولفت اللواء السيد الى ان عمل الخبراء الدوليين سيبدأ بلقاء وزير العدل ثم التنسيق مع السلطات اللبنانية المختصة وقاضي التحقيق المكلف مؤكداً ان المهم في هذا الموضوع ان التحقيق يجري تحت الشمس.
قرار سياسي
وعن مطالب المعارضة بخروج بعض المسؤولين من الحكومة وهو واحد منهم وعما إذا كان يوافق على ذلك قال «لست أنا الذي يوافق أو لا يوافق، فهذه المسألة قرار سياسي، فهذا البلد تحكم الادارات فيه قرارات سياسية من مؤسسات دستورية هي المعنية بتحديد مسؤولية أي طرف في التقصير أو عدم التقصير».
ولفت اللواء السيد الى امكانية توجيه استجواب للحكومة يحضر فيه رؤساء المؤسسات الأمنية ويصرحون بما لديهم «وانه من المؤكد ان لديهم أموراً ستظهر فعلياً مدى حجم المسؤوليات ليس فقط على المستوى الرسمي، وإنما من المحتمل ان يكون هناك من أمن خاص على سبيل المثال».
القضية.. الاثنين المقبل
أكد اللواء السيد أنه لم يلتق أي أحد من المسؤولين الكويتيين، مشيرا الى ان زيارته مخصصة لاحضار التوكيل للمحامي عبدالحميد الصراف وليناقش معه تفاصيل القضية التي سترفع يوم الاثنين المقبل.
ليس من اختصاصي!
سُئل اللواء السيد عن توقعه بوقت انسحاب القوات السورية من لبنان فقال «هذا الموضوع يبحث بين الحكومتين اللبنانية والسورية وليس من اختصاصي».
الشعب اللبناني لديه ما يكفي من الوعي
وعما اذا كان التصعيد بين السلطة والمعارضة يؤدي الى فراغ سياسي ومن ثم الى حرب أهلية اعتبر السيد أن هذا السؤال كبير، مشيرا الى ان السياسة في لبنان تشهد حدة من هذا النوع في الأمور الكبرى، ولكن الشعب اللبناني لديه ما يكفي من الوعي لكي لا ينجرف وراء هذا الموضوع، لافتا الى ان هذا الأمر لايزال في اطاره السياسي الاعلامي «ولو كان بطابع حاد» وتلك هي طبيعة النظام اللبناني.
ــــــــــــ*
المحامي الصراف: ابتعد عن المـحاكم اللبنانية لعــدم الأخــذ بمنصبه
ثمن المحامي عبدالحميد الصراف خطوة اللواء السيد بأن يرفع الدعوى ضد الزميلة «السياسة» ورئيس تحريرها احمد الجار الله من خلال القضاء الكويتي.
واعتبر الصراف خلال المؤتمر الصحفي ان حضور السيد لرفع القضية في المحاكم الكويتية حادثة فريدة خاصة انه يستطيع اللجوء الى القضاء اللبناني على اعتبار ان الضرر في لبنان محسوم أكثر، إلا أنه اختار القضاء الكويتي ليحتكم لديه في واقعة إساءة عليه بألفاظ يعجز وصفها مستشهدا بمقولة العرب «يجيش الصدر ولا ينطلق اللسان».
وأكد الصراف ان حجم الضرر الذي وقع على موكله كبير جدا، خاصة انه واسرته معرضون بأن تتغلب العاطفة على بعــض الأشخــاص في لبـنان مما يدفعهم الى أعـمال قد تؤدي إلى اضرار لا يمــكن تداركها مستقبلا.
وأعلن الصراف انه تم ترتيب دعوة طبقا للقانون الكويتي، مشيرا الى ان هذه الدعوى هي عبارة عن بلاغ سيتوجه به إلى النيابة العامة على اعتبار انها هي الجهة المعنية بالتحقيق في مثل هذه الحوادث وعلى ان تنظر هذه القضية محكمة الجنايات.
وأعرب الصراف عن أمله في أن يحكم القضاء الكويتي في هذه المسألة.
وشكر الصراف اللواء السيد لأنه تقدم بهذه القضية في المحاكم الكويتية وأبعد نفسه عن مقولة أشعر بأنه لجأ الى القضاء اللبناني وان القضاء اللبناني يتعامل معه بحكم منصبه، وهو بذلك حمّل نفسه مشقة الحضور الى الكويت وشرح ابعاد هذه القضية، مشيرا الى انه كان يكتفي باتصال ونذهب اليه.
وأوضح الصراف ان التعويض أمر متروك للقاضي فهو المعني بذلك، معربا عن أمله في أن يتحسس القاضي مواطن الضرر وأن يكون التعويض مناسبا لحجم الاضرار.
وعما إذا كان تكذيب الخبر ونفيه ينهي القضية قال الصراف «لا أعتقد ذلك لأن الاعتذار يزيل هذا الضرر، ولكننا نتحدث الآن عن رأي عام أصبح جزءا من هذه القضية».
ــــــــــــ*
الـجارالله: الكلمة الفصل .. للقضاء
رد رئيس تحرير جريدة «السياسة» الزميل احمد الجارالله في بيان صحفي تلقت «القبس» نسخة منه على ما ورد في مؤتمر اللواء جميل السيد هذا نصه: «اعرب رئيس التحرير الاستاذ احمد الجارالله عن ايمانه بعدالة القضاء الكويتي الذي وقفنا امامه آلاف المرات، واثبت انه قضاء منصف، ولديه تاريخ حافل بالانتصار لمبادئ النظام الديموقراطي في الكويت، والتي في طليعتها تأتي حرية التعبير، المكفولة دستوريا والصحافة الكويتية الحرة.
واضاف الجارالله: ان التراث القضائي وتراكم القيم في المجتمع الكويتي الحر، وانتشار ثقافة التعدد والقبول بالآخر.. ان كل هذا جعل النظرة الى الصحافة على انها مرآة تعكس ما هو موجود في المجتمع وما يعتريه من مشاعر، وان كانت سلبية.
واذ رحب الجارالله بلجوء المسؤول الامني اللبناني الى القضاء رأى ان في هذا اللجوء ما يثبت ان الكويت دولة ديموقراطية، وان الكلمة الفصل ستكون للقضاء، وان «السياسة» ستحمي مصادرها الاخبارية الخاصة، ولديها الكثير لتقوله امام المحكمة.
وتعليقا على ما اعتبره المحامي الصراف تدخلا من «السياسة» في الشأن اللبناني، قال الجارالله: ان هذا الشأن، بعد اغتيال الحريري اصبح شأنا دوليا، اهتم به مجلس الامن والولايات المتحدة، والاتحاد الاوروبي والدول العربية، الى جانب سائر الدول الاخرى، وبالتالي، ووفق هذا الاجماع العالمي، بات واضحا ان قناعة الدول تشكلت حول ان احتلال لبنان، واغتيال الحريري، اصبحا قضية تهدد استقرار الشرق الاوسط والامن فيه، وهو الامر الذي نلاحظه الآن في الموقف الدولي، وفي مواقف دول العالم بأسرها، وبالتالي فان القول بان ما اقدمت على نشره «السياسة» يعتبر تدخلا في الشأن اللبناني هو قول انتقائي عمد الى تصغير قضية دولية اصبحت في عهدة لجنة تقصي حقائق مكلفة بالكشف عن الملابسات، ورفع تقرير الى الامين العام للامم المتحدة حول من اغتال الحريري، او وقف خلف عملية الاغتيال تخطيطا وتدبيرا.
وبناء عليه، اضاف الجارالله، فان ما نشرته «السياسة» يدرج في سياق نشر خبر عادي لم يتقدم اليه اي من المعنيين لنفيه، اضافة الى ان الخبر لم يقتصر على تسمية اللواء السيد وحده بل شمل آخرين.
وختم الجارالله بالقول: نحن نحترم قرار اللواء السيد باللجوء الى القضاء الكويتي، الذي نحترمه ونجله، خاصة اننا نعيش في دولة ديموقراطية، يجب وضع الاعتبار الكبير لنظمها وقوانينها، ولسلطاتها المنفصلة».
ــــــــــــ*
فرق بين الاتهام بالمسؤولية السياسية وارتكاب الـجريمة
قال اللواء السيد «انه عندما تتهم وتقول ان الاجهزة اللبنانية مسؤولة فذلك يعني المسؤولية السياسية التي قد تكون في التقصير».
واضاف «هناك فرق كبير بأن تكون متهما بالتقصير الى ان تكتشف الجريمة، وفرق كبير ان تكون مسؤولا بأنك من ارتكب الجريمة، وما قام به الجار الله انه اشار الى اشخاص محددين بأنهم ارتكبوا تلك الجريمة، بينما كل الاتهامات على الساحة اللبنانية حددت واتهمت بالمسؤولية السياسية ولم تسم اشخاصا محددين، مشيرا الى ان الجريدة الوحيدة في العالم التي أعلنت اسماء هي صحيفة السياسة وحدها.
وتابع «انطلاقا من هذه التسمية أشيع لاحقا هذا الخبر عبر وسائل الاعلام الأخرى مما يجعل الاستاذ الجار الله مسؤولا بصورة كبيرة عن نتائج خطيرة تترتب عما فعله، فهو قد لا يدرك فعلا حجم ما فعله سواء تجاه سير التحقيق او تجاه الاضرار بالاساءة الى أشخاص، خاصة ان هذا الموضوع ترافقه انفعالات عاطفية في الشارع اللبناني وقد يصدقه بعض البسطاء وينتج عن ذلك انفعالات»، مؤكدا ان كل هذه الأمور سيحملها لأحمد الجار الله الآن ومستقبلا.
في مقابلة مع صحيفة إيرلندية قد تكون الأخيرة وطلب عدم نشرها
الـحريري: حذرت السوريين من التمديد والأسد أكد لي أنه هو يختار رئيس لبنان
نشرت صحيفة ذي ايرش تايمز The Irish Times الايرلندية مقابلة، ربما تكون الاخيرة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، باح خلالها بكل مكنوناته وما يعتمل في نفسه من رؤية لخطه السياسي ومستقبل لبنان.
المقابلة اجرتها مراسلة الصحيفة الايرلندية في باريس لارا مارلوي، وقد اشترط الرئيس المغدور عليها بالانكليزية: «انا اثق بك لارا، لا تغدري بي I trust You Lara Donصt betray me طالبا عدم نشر المقابلة. ولكن اغتياله اسقط المحظور ونشرت الصحيفة نص الحوار على صفحاتها الواسعة الانتشار:
قال لي الرئيس رفيق الحريري: انا اثق بك لارا، لا تغدري بي. التقيته خلال زياراته الدورية للعاصمة الفرنسية في المنزل القائم عند المرتفع المطل على برج ايفل. المنزل الذي بناه غوستاف ايفل (مهندس برج ايفل) واشتراه الحريري لنفسه. كانت تلك المرة الاخيرة التي رأيته فيها قبل ستة اسابيع، وهناك ايضا تقبلت ارملته نازك التعازي من صديق الحريري الحميم الرئيس جاك شيراك.
السوريون في ورطة كبيرة
عندما التقيت الحريري اصر على ان المقابلة ليست للنشر off record chat وكان علي الا انشر ما دار بيننا. بدا لي ممتلئا حماسة ضد السوريين الذين اصبحوا في ورطة كبيرة في لبنان (...) ومنذ احداث 11 سبتمبر 2001 اصبحت دمشق تحت ضغط واشنطن التي تتهمها بالارهاب. يعتقد بعض اللبنانيين ان الحريري كان وراء قرار مجلس الامن 1559 المدعوم من الولايات المتحدة وفرنسا والذي يدعو الى انهاء الوصاية السورية على لبنان. لقد كان الرئيس الحريري حذرا وترك الامور للزعيم وليد جنبلاط لاعلان المواقف المعارضة للسياسة السورية في لبنان، وبعد استقالته من رئاسة الوزراء بدأ يسير مع تيار المستقبل المؤيد له في اتجاه معارضة سوريا.
قال لي: «لدى المعارضة ما يقارب من ثلث البرلمان واذا تمكنا فقط من الفوز بـ 46 في المائة من المقاعد في الانتخابات النيابية، فانا متأكد ان اربعة في المائة على الاقل سينضمون الى جانبنا وسنحظى بالاكثرية، ولن يتمكن السوريون من تزوير النتائج والاعلام العالمي سيمارس رقابة دقيقة».
الأرض تتزحزح
لم يعلن ابدا انه سينضم الى المعارضة لكنه قال لي: «سأكون في المعارضة من دون ادنى شك وانا ألعبها على الطريقة اللبنانية ولدينا نائبان من كتلتي يحضران اجتماعات اللقاء الديموقراطي (يقصد البريستول) ووسائل الاعلام التي املكها تفرد حيزا واسعا للمعارضين والارض تتزحزح والقوة السورية تتزعزع. اريد ان اعطي السوريين فرصة اخيرة، لقد ابلغ الاميركيون الى السوريين انهم يتحملون مسؤولية اي عنف يحصل في لبنان واعلن السفير الاميركي ان على السوريين المغادرة بهدوء وبطريقة منظمة، انه حلم ولكنه سيتحقق».
واضاف: «سوريا تتصرف اكثر فاكثر كقوة احتلال لانهم يشعرون بالتهديد ويشددون قبضتهم على بلادنا، والرئيس السوري الحالي بشار الاسد ليس ماهرا مثل والده. قبل عام قال لي بشار: انا الوحيد الذي املك الحق في اختيار رئيس لبنان وليس لأي شخص آخر هذا الحق سوريا كان ام لبنانيا (...)».
سألت الحريري: هل كان السوريون وراء تفجير سيارة مروان حمادة؟ اجابني: «على ادنى تقدير سمحوا بحدوثها وعلى اقصى تقدير اعطوا الاوامر بتنفيذها (...) ان اللوبي اللبناني في واشنطن يزداد قوة وافراده يستطيعون الوصول الى الرئيس جورج بوش. لقد حلم الفرنسيون والاميركيون بقرار مثل 1559 وبشار الاسد وفر لهم القضية والذريعة. هذه هي المرة الاولى منذ 30 عاما اي منذ دخول السوريين الى لبنان، يقرر فيها المجتمع الدولي ان عليهم الرحيل. لقد حذر الاميركيون والفرنسيون من اعادة تعيين لحود وانا حذرتهم ولكن اذا ارادوا الانتحار فدعهم».
لا يريدون الديموقراطية
وكتبت الصحافية الايرلندية ان رئيس الحكومة الانتقالية في العراق اياد علاوي هو نصف لبناني وان والدته من عائلة عسيران الشيعية الارستوقراطية وقد عرف الحريري علاوي جيدا. والولايات المتحدة تنحو باللائمة على سوريا لانها تعتقد ان دمشق تساهم في نشر الفوضى في العراق (...) وقال الحريري: «ان لبنان يتناسب جدا مع مشاريع بوش للشرق الاوسط لناحية الحرب على الارهاب او لناحية نشر الديموقراطية، وبوش يعتقد ان محاربة الارهاب تقتضي نشر الديمواقراطية. لكن وبدلا من تشجيع الديموقراطية فان السوريين الحمقى لا يريدون الديموقراطية ويتحفظون عليها وبوش يعتقد ان هؤلاء الناس يعملون ضد مشروعه الكبير، لذلك يريد ان يقدم لبنان نموذجا وسينجح في ذلك».
واضاف: «السوريون يتعرضون لضغوط قوية، وبوش يعرف ان سوريا دولة ضعيفة وسيهتم بأمرها فور حل المشكلة الفلسطينية، والاميركيون يهددون بعقوبات جديدة ضد سوريا واذا تبعهم الاوروبيون فستكون كارثة على دمشق. ان 14 الفا من الجنود السوريين في لبنان ليسوا مشكلة
بل المشكلة في المخابرات».
وختمت الصحافية الايرلندية مقالها ان الحريري طلب منها ان تضع قلمها جانبا واخذ يخبرها كيف شتمه رئيس الاستخبارات السورية والحاكم الفعلي للبنان على الهاتف واهانه.
(ترجمة وتقديم الزميلة «النهار» اللبنانية)
بغض النظر عن إستفادة إسرائيل من عدمها فإنه لايمكن تجاهل الإحتمال الذى يشير إلى أصابع سورية فى عملية الإغتيال ، لاسيما إن المقابلة الأخيرة للشهيد رفيق الحريري مع الصحيفة الإيرلندية توضح ملابسات خفية عن خلافات عميقة مع النظام فى سوريا وأجهزة المخابرات هناك .
الأسد: سورية لا تستفيد من قتل الحريري
أكد في حديث إلى صحيفة إيطالية أن أميركا تستهدف دمشق وطهران
روما: عبد الرحمن البيطار
قال الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة نشرتها صحيفة «لا ريببلكا» الايطالية امس «ان اوروبا تعرف ان مصلحتنا هي في تثبيت الاستقرار ونحن نعرف كيف نحارب الارهاب. لكن لهجة البيت الابيض الآن تشبه اللغة المستعملة قبل غزو العراق، ونحن نعرف اننا مستهدفون مع ايران لكنهم بحاجة لنا فالسلام غير ممكن بدوننا».
واضاف ان «اتهام سورية بمقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري غير صحيح لان هذا يعني انتحارا سياسيا بالنسبة الينا، والسؤال من هو المستفيد من مقتله والاكيد انها ليست سورية».
وسئل عن العملية الانتحارية الاخيرة في تل ابيب، فقال «تتهمنا اسرائيل بالمسؤولية لكنه اتهام لا معنى له وسورية اقفلت مكتب منظمة «الجهاد» منذ سنوات». واردف «كنت اود لقاء الرئيس الراحل ياسر عرفات، لكنه كان محتجزا في المقاطعة، والآن نعمل مع ابو مازن بشكل وثيق».
واضاف الرئيس الاسد «الولايات المتحدة تتصرف كقوة عظمى من دون رؤية مستقبلية لانها لم تحل اياً من المشاكل التي ولّدها حادث 11 سبتمبر (ايلول)، وقد عرضنا عليهم المساهمة في مكافحة الارهاب وسيرون عاجلا ام آجلا اننا نحمل مفتاح الحل».
الحريري للنائب محسن دلول قبل ساعات من اغتياله: لن أعود إلى رئاسة الحكومة هذه المرة
«سأحقق في الانتخابات النيابية، بعون الله، نتائج كبيرة طيبة أكبر من نتائج انتخابات عام 2000»، لكنني لن أعود الى رئاسة الحكومة هذه المرة».
هذا الكلام قاله الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل ساعات قليلة من جريمة اغتياله. وقد كشفه لـ«الشرق الأوسط» النائب محسن دلول الذي تربطه بالرئيس الشهيد علاقات قربى (نجله نزار دلول زوج السيدة جمانة ابنة السيدة نازك الحريري عقيلة رئيس الوزراء السابق).
كان النائب دلول في زيارة طويلة لدارة الرئيس الشهيد في بيروت قبل يوم واحد من جريمة الاغتيال مثلما هي العادة بين الرجلين في نهاية كل اسبوع، على ما أوضح دلول الذي اشار الى ان الرئيس الشهيد كان في ذلك اليوم فرحا مرحا، ولم يأخذ قيلولة بعد الظهر على غير عادته. إذ انه أجرى ثلاثة اتصالات قبل الظهر بالنائب دلول، الذي كان متجها الى قصر قريطم من بلدته علي النهري البقاعية، مستعجلا اياه الوصول ليحدثه في بداية اللقاء عن «فضيحة صفائح الزيت» التي هزت البلد قبل يومين.
واستنادا الى ما ذكره دلول، فان الرئيس الحريري حطّم «ديسك» جهاز الكومبيوتر الذي كان يحوي اسماء العائلات التي استفادت من حصص التموين الغذائية في شهر رمضان المبارك من «جمعية التنمية الاجتماعية»، في بيروت، والتي استفادت لاحقا من موسم الزيت من هذه الصفائح التي اشترتها الهيئة العليا للاغاثة من مزارعي الزيتون والتي دفع ثمنها الرئيس الحريري، محققا نتيجتين لمصلحة المزارعين والناس. وقد حطم «ديسك» الكومبيوتر امام عيني احد الموظفين لأن عمل الخير يقتضي السرية. دلول دمعت عيناه مرارا اثناء الحوار. واكثر ما بدا متأثرا به هو ان نجله نزار قال للرئيس الحريري في لقاء الاحد انه مسافر الى باريس، فأجابه الرئيس الشهيد «خذني معك.. ما بيطلعلي ارتاح». وكان يداعب حفيداته بنات نزار وجمانة.
ودمعت عينا ابي نزار ايضا عندما روى لنا ان الرئيس الحريري نزل معه من الطبقة السابعة في قصر قريطم الى الطبقة الخامسة ثم الى الطبقة الارضية، وهو يأخذ عليه عدم ارتدائه معطفا في البرد.
ويتأثر ابو نزار كثيرا عندما يتذكر انه قال للرئيس الشهيد لحظة وداعه عند المغيب يوم الاحد: هل تريد ان اعود الى هنا قبل يوم الاربعاء. لكن الرئيس الحريري لم يجب مكتفيا بقول ترافق مع ابتسامة: لا نعلم ماذا يخلق الله من الآن وحتى الاربعاء.
ونسأل دلول عن السبب الذي حدا بالرئيس الحريري الى القول انه غير راغب بترؤس حكومة ما بعد الانتخابات. فيجيب ان الرئيس الشهيد كان في تلك اللحظة مقتنعا بأن «رجل الدولة» اهم من «الرئيس». كما انه قال بالحرف: «لا اريد ان تهزم سورية في لبنان، وانا الذي دخلت في عام 1982 من بوابتها، وغادرت في عام 1998 من بوابتها، وعدت في الـ2000 من البوابة نفسها التي غادرت ايضا عبرها».
واضاف دلول: ان الرئيس الحريري كان حتى الساعات الاخيرة يرى الحل عبر اتفاق الطائف، وقد اتصل بنائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم مقترحا عليه العودة ولقاء المعارضة للتفاهم على المخارج الممكنة.
وبسؤال دلول عن الحل راهنا، قال: الحل اشار اليه الرئيس الشهيد، مما يعني ان هناك ضرورة للكلام سياسيا مع تشكيل حكومة حيادية.
واقترح ان تكون هذه الحكومة سداسية برئاسة الوزير السابق فؤاد السنيورة صديق ورفيق درب الرئيس الشهيد، مهمتها الاشراف على التحقيق في جريمة الاغتيال والاشراف على الانتخابات النيابية.
وعن مطلب اللبنانيين معرفة الحقيقة قال: لا يمكنني معرفة القاتل، فهذا عمل القضاء، الا ان القضاء لا يتحرك بالشكل المطلوب، وقد وقع في عدم الموضوعية حين ذكر ان الانفجار نجم عن سيارة مفخخة، ثم عن عملية انتحارية، ثم تحميل «اسلاميين اصوليين» المسؤولية، ليتبني لاحقا انهم حجاج، وان السلطات الاسترالية اكدت ذلك، ولم يقل القضاء حتى الآن ان الانفجار ناجم عن شحنات تحت الارض داخل نفق. كما انه كان بالامكان تنظيم جولة ميدانية لرجال الاعلام اذا كان الكلام عن عدم وجود نفق ومتفجرات صحيحا.
وتابع دلول قائلا: لي مآخذ كثيرة على وزير العدل الذي اختلفت بشأنه مع الرئيس الحريري، ووزير العدل آنذاك بهيج طبارة حين عين مدعيا عاما تمييزيا.
وجوابا عن سؤال، قال: ان الرئيس الحريري حقق أمنيته في تأكيد وحدة اللبنانيين، وهم كانوا اوفياء له من خلال تحلقهم حول ضريحه ومن خلال ادراكهم لاخلاصه للوطن.
واضاف: ان الرئيس الحريري كان بحق رجل دولة، وكان ايضا رجلا عالميا لن يجيء مثله الا بعد اجيال. ففي احدى المرات كنت شاهدا على اتصال تلقاه من رئيس باكستان برويز مشرف يطلب منه تدخله، وقد اجرى على الفور اتصالات بالرئيس الفرنسي وبرئيس الوزراء البريطاني وبمستشار المانيا. كما ان الرئيس الحريري كان يحمل في عقله وقلبه قضايا الامة العربية، اضافة الى انه لم يكن في لبنان لطائفة او مذهب او فريق، وانما كان لكل اللبنانيين، والدليل على ذلك انه كان يعتزم الترشح للانتخابات النيابية في الدائرة التي تضم شيعة وأرمن ومسيحيين.
وردا على سؤال عمن سيخلف الرئيس الحريري، قال دلول ان باب دارته سيبقى مفتوحا للناس، وان افراد عائلته سيواصلون العمل في الحقل الاجتماعي والانساني، مشيدا بالنائبة السيدة بهية الحريري وبأنجاله، لا سيما الشيخ بهاء، والشيخ سعد.ومع انتهاء الحوار، رافقنا النائب دلول في المصعد ليغادر موكبه باتجاه وسط بيروت، زائرا ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وأبلغنا بحسرة انه لم ينقطع عن مثل هذه الزيارات اليومية منذ حصول جريمة الاغتيال.
اكثر من ذلك، قال دلول انه وخلال تقديمه التعزية في دارة آل الحريري في مجدليون، وبعد التعازي في بيروت، نسي ان الرئيس الحريري قد استشهد واعتقد وهو ينظر الى صورته وقامته الطويلة انه آت ليسلم عليه. فسارع الى الوقوف ليدرك ساعتئذ الحقيقة وليغادر الدارة على عجل والدموع تنهمر من عينيه.
ومع الدموع التي لا تجف يردد ابو نزار انه كان يخاطب الرئيس الحريري على مدى ثلاثة عشر عاما بأبي بهاء الورد. وهو يقول اليوم: لم يعد لبنان الذي نعرفه بعد ابي بهاء البورد.. ووقى الله لبنان واللبنانيين شر المصيبة.
الله يرحمه خيره شمل اللبنانيين كلهم الشيعى قبل السنى والمسيحى والدرزى والكردى ومختلف القوميات فى لبنان العزيز .
سيد جميل السيد مدير الأمن العام اللبنانى ولد عمنا وابن رسول الله والتقول عليه من غير دليل لا يجوز والسيد له حق ولازم ياخذه ........ الله يعينه السيد .
Osama
03-04-2005, 07:53 AM
سيارة مفخخة اقتحمت الموكب
الكشف عن أشرطة مصورة رصدت عملية الاغتيال
أكدت مصادر مقربة من التحقيق في حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وجود أشرطة مصورة عدة رصدت الحركة في الشارع الذي شهد في 14 فبراير عملية التفجير التي راح ضحيتها الحريري و18 شخصاً آخرين.
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها »توجد أفلام عدة رصدت حركة الشارع وليس فقط سيارات موكب الحريري وذلك حتى وقوع الانفجار«.
وأوضحت »ان الأشرطة الموجودة حالياً في ملف التحقيق صورتها كاميرات فنادق وأقمار صناعية«.
يشار الى أن عملية التفجير وقعت عند واجهة بيروت البحرية حيث يوجد الكثير من الفنادق الفخمة والمؤسسات المصرفية.
وأكدت المصادر ان هذه الأشرطة »بحاجة لتحليل علمي يقوم به الخبراء وقد يساعد كثيراً في تحديد نوعية المتفجرات المستخدمة في الجريمة«.
وكانت مصادر صحافية لبنانية مطلعة أشارت أمس الى ان التحقيقات أثبتت ان التفجير تم بسيارة مفخخة متحركة, ونقلت عن مصادر أمنية رفيعة المستوى أن المحققين اللبنانيين والفريق الدولي توصلوا الى قناعة شبه جازمة ان التفجير حصل بسيارة مفخخة متحركة باتت معروفة النوع واللون.
وأشارت الى ان صور الأقمار الصناعية وكاميرات فندق فينيسيا والمصرف البريطاني (الموجودين بمحاذاة موقع التفجير) تدل على أن السيارة كانت متحركة وأظهرت ملاحقتها للموكب وسرعتها.
وقالت ان السيارة كانت تسير بسرعة أقل بكثير من سرعة السيارات الاخرى وقطعت المسافة بين مكان وقوفها وبين مكان حصول التفجير ب¯ 33 ثانية بينما قطعتها السيارات الاخرى المارة بنحو ثانيتين تقريباً.
ويتطابق هذا التحليل مع ترجيح وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة سليمان فرنجية غداة الاغتيال نظرية قيام انتحاري بعملية التفجير.
الى ذلك, أعلنت الحكومة السويسرية انها وافقت على ارسال خمسة خبراء الى لبنان لمساعدة فريق الامم المتحدة لتقصي الحقائق في الاعتداء.
وأوضح المكتب الفيدرالي للشرطة ان خبراء في المتفجرات والقذائف والبحث عن أدلة سينضمون الى الفريق الدولي في الأيام المقبلة, أربعة منهم شرطيون والخامس تابع لوزارة الدفاع السويسرية.
وكان رئيس فريق الأمم المتحدة الايرلندي بيتر فيتزجيرالد طلب رسمياً الثلاثاء الدعم السويسري, ولم يحدد في طلبه مدة عمل الخبراء, لكن الحكومة السويسرية رجحت مسبقاً ان تستغرق التحقيقات بضعة أيام.
ويعمل اثنان من الخبراء في جهاز ال
علوم والأبحاث التابع للشرطة البلدية في زيوريخ وهما متخصصان في تحليل المتفجرات, وسيرافقهما خبيران في البحث عن الأدلة من الجهاز نفسه.
أما الخبير الخامس فهو متخصص في علم القذائف ويعمل في هيئة »ارماسويس« المسؤولة عن بيع الاسلحة وشرائها لحساب الحكومة السويسرية.
Osama
03-04-2005, 08:10 AM
خبير أمني بريطاني: اغتيال الحريري تم بعملية انتحارية نفذها «جهادي»
لندن: نزار عبود
حذر خبير أمني بريطاني رفيع من أن عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السباق رفيق الحريري ستتبعها عمليات مشابهة في عدة مناطق من الشرق الأوسط على يد انتحاريين «جهاديين». وقال كريسبن بلاك أمام جمع من الدبلوماسيين وكبار مديري الشركات في مقر غرفة تجارة وصناعة لندن أمس أن الراحل قتل بعملية انتحارية على يد جماعة متطرفة مستخفا بالروايات التي تحدثت عن دور للمخابرات سواء من اسرائيل أو سورية أو إيران رغم أن كل طرف وظف النتيجة لصالحه.
واستند مدير مؤسسة «جانوسيان» التابعة لمجموعة «رسك أدفايزري غروب» إحدى أكبر المؤسسات الاستشارية الأوروبية في الشؤون الأمنية والتي تقدم خدماتها التحليلية الاستخباراتية للحكومات والأفراد في حكمه على جملة مؤشرات ومتابعات، أهمها مراقبة توجهات الجماعات «الجهادية» المتعصبة وأفكارها ونشاطاتها.
المقدم السابق في الجيش البريطاني الحائز وسام استحقاق شرف، المختص بالتحليل الاستخباري، والذي يتمتع بخبرة واسعة في العمل في إطار برنامج «كوبرا» الذي شكلته الحكومة البريطانية بعد 11 سبتمبر (أيلول) لمعالجة الأزمات الإرهابية، قال إن الجماعات المتشددة تعرف جيدا أن الحريري كان مستعدا فنيا واستخباراتيا لعمليات تستهدفه.
وبالتالي فإنه اتخذ اقصى ما يمكن من حيطة لأساليب الاستهداف التقليدية وغير التقليدية، «لكنه لا يستطيع الاحتراز من عملية انتحارية تستهدفه بسيارة مفخخة». ونفى أن تكون العملية تطلبت درجة عالية من التقنية أو المعدات الحديثة. وأضاف الخبير الذي شملت مهامه إعداد تقارير استخباراتية وعروض لمكتب رئيس الوزراء البريطاني فضلا عن إعداد تحاليل استراتيجية للجنة الاستخبارات المشتركة أن القاعدة وأتباعها من أمثال مصعب الزرقاوي حددوا أهدافا رئيسية ثلاثة:
قطاع الطاقة الذي يعتبرون أن المسلمين لا يستفيدون منه، والبنى الأساسية التي تستخدمها الدولة للقمع، والقطاع السياحي الذي ينشر الفساد. وقال «بيروت أصبحت مقصدا سياحيا رئيسيا يؤمه السياح العرب وغير العرب، وذاع صيته في وسائل الإعلام. كما أن الحريري بارتباطه بالمملكة العربية السعودية، جعله هدفا للجماعات الإرهابية. وهم عندما يقولون انهم سيهاجمون هدفا عادة يهاجمونه كما نلاحظ من تخريب قطاع النفط العراقي وغيره».
كريسبن بلاك استبعد أن تكون سورية وراء اغتيال الحريري نظرا لأهمية لبنان الاستراتيجية بالنسبة اليها، لا سيما وأن الاغتيال وقع بعد وقت قصير من التمديد للرئيس اللبناني أميل لحود وما رافقه من أخذ وشد مع الرئيس الحريري. واستبعد أن تكون الاستخبارات السورية من السذاجة بحيث تقدم على عملية تكون تكلفتها بهذا الحجم.
وذكر الخبير البريطاني بما قاله جون نغروبونتي، رئيس أجهزة الاستخبارات الأميركية، والسفير الأميركي السابق في العراق من أن الجهاديين الذين سيكتب لهم البقاء بعد العراق يمكن أن ينفذوا عمليات إرهابية كبرى. ورأى أن ما حدث في بيروت من استهداف لدولة في الرئيس الحريري نموذج لشكل الخطر المحدق بالمنطقة. وقال إن الارهابيين يتدربون عمليا ونفسيا ليلحقوا أكبر أذى ممكن بالسكان والمنشآت. ولم يستبعد أن يكون مصدر عملية بيروت الارهابي مصعب الزرقاوي.
وكان وزير خارجية بريطانيا جاك سترو لمّح إلى شبهات قوية تشير إلى دمشق، فيما قالت وزيرة الخارجية الأميركية إن العلاقات الأميركية السورية لا تسير في إتجاه إيجابي. ووصف الخبير البريطاني تصريحها بأنه يدفع على التوجه إلى الملاجئ الواقية من الغارات.
مجاهدون
03-05-2005, 11:42 AM
بهية الـحريري: جهاز مخابرات كبير وراء العملية
دعت النائبة بهية الحريري الى اقالة كل رؤساء الاجهزة الامنية، مبدية عدم ارتياحها حيال التحقيقات في جريمة اغتيال شقيقها.
ولاحظت ان السلطات اللبنانية اظهرت اهمالا غير معقول، متسائلة: «لماذا ابعاد سيارات الرئيس الحريري عن مسرح الجريمة، وهل هذا الاخفاء ادلة معينة؟».
وكانت المراجع الامنية قد نقلت السيارات الى احدى الثكنات بدعوى الحفاظ على الادلة من المطر او غير ذلك. واشارت الحريري الى «ان عملية الاغتيال لا يمكن ان تقوم بها، خاصة في تلك المنطقة التي حصلت فيها، سوى جهاز مخابرات كبير لديه القدرة على الدخول والخروج منها كما يحلو له».
مجاهدون
03-05-2005, 11:44 AM
أبو عدس قد يكون الفاعل لكنه لا يحسن القيادة
مصادر قضائية ترجح السيارة الانتحارية
رجحت المصادر القضائية في بيروت ان تكون عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري تمت بتفجير سيارة تمهلت لكي يتجاوزها موكب الرئىس الراحل، وبعد اجتيازها فجرّت وتوقعت ان يكون احمد تيسير، ابو عدس، الذي تبنى عملية التفجير علنا، يقود هذه السيارة او انه الى جانب السائق، وقدرت المصادر نفسها كمية المتفجرات بـ350 كيلوغراما، الا ان نوع المتفجرات المستعملة وكميتها وغيرها من التفاصيل يحددها الخبراء السويسريون الذين يحضرون الى لبنان، اليوم او غدا، وعددهم خمسة خبراء ليكونوا في عداد لجنة التحقيق الدولية برئاسة الضابط الايرلندي.
وذكرت المصادر القضائىة انه سيتم الاسبوع المقبل الاعلان عن التصور الكامل، وفق ما توصل اليه القضاء اللبناني وهوية الفاعل وهو احمد ابو عدس الذي تبنى العملية علنا.
وكان المحقق العدلي القاضي ميشال عراج قد طلب من رئىس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي العقيد فؤاد عثمان ورئيس قسم المباحث الجنائية العملية العقيد هشام الاعور، تمكين الوفد الدولي من الاطلاع على المرحلة التي توصل اليها التحقيق وتزويدهم بالمستندات والمحاضر التي تسهل مهمتهم.
وذكرت المصادر القضائية ان اعضاء اللجنة الدولية الذين زاروا منزل الرئيس الحريري لتعزية استمعوا الى اقوال مرافقيه بعدما اجتمعوا اليهم.
واشارت الى ان والد ابو عدس، الذي استمع الى افادته، أدلى بها عينها في كل مراحل التحقيق الاولى، ولدى المحقق العسكري ولدى المحقق العدلي، وقال ان ابنه لا يحسن قيادة السيارة، وانه من عامين التزم دينيا وبدأ يرتاد المسجد للصلاة ويرتدي ملابس اسلامية.
«النصرة والجهاد»؟
واشارت المصادر القضائية الى ان «اصواتا غريبة بلهجة فلسطينية لا تزال تتصل وتعلن انها تنطق باسم منظمة «النصرة والجهاد في بلاد الشام» مؤكدة البيان الاول الذي ادعى ان هذه المنظمة مسؤولة عن اغتيال الحريري.
الجانب التقني يستحوذ الآن على الاهتمام من خلال تحليل اشرطة الكاميرات المثبتة في المنطقة، لا سيما ما يعود منها الى المصرف البريطاني HSBC على ان يتم الطلب من الولايات المتحدة تزويد السلطات اللبنانية وبالتالي فريق التحقيق الدولي بصور التقطها القمر الاصطناعي الاميركي «كديك بيرد» للمحلة قبيل الانفجار بدقائق قليلة، ولدى وقوعه واحداث تدمير واسع في المنطقة.
مرتاح
03-07-2005, 12:31 AM
مشرف: أتيت لأنحني أمام ضريح صديقي
انحنى الرئيس الباكستاني برويز مشرف امس (السبت) امام ضريح رئىس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري الذي زاره برفقة عقيلته وقرأ الفاتحة عن روحة، وقال مشرف للصحافيين «اتيت لانحني امام ضريح صديقي ولاقدم التعازي الى عائلته.
يجب محاكمة المجرمين الذين اقدموا على اغتياله».
ورافقت نازك زوجة الحريري ونجلاه بهاء الدين وسعد الدين مشرف وعقيلته والوفد الرسمي الباكستاني الى الضريح وكان الرئيس الباكستاني الذي تربطه علاقة وثيقة بالحريري قد وصل الى بيروت ظهر السبت بدون ان يطلب اي موعد مع المسؤولين اللبنانيين.
fadel
03-07-2005, 01:31 AM
أكدت النائبة بهية الحريري «اننا لا نثق بالسلطة الحالية التي تحاول تركيب مشروع عن سبب جريمة الاغتيال، خصوصا ان القاضي الحالي (اي قاضي التحقيق ميشال ابو عراج) هو قاض جنائي يعطل السبت والاحد، ولا يرد ليلا، وهو لم يفتح حتى الآن الملفات التي لا تزال في الصناديق».
وتمنت على الاعلام «عدم الدخول في لعبة المصادر التي لا تملك اي تحليل علمي في موضوع اغتيال الرئيس الحريري، فمنذ يوم الجريمة وحتى اليوم، هناك محاولة للقول انها عملية انتحارية ويحاولون خلق نوع من ادلة مركبة».
وطلبت الحريري «عدم التجارب مع هذا النمط المضلل للتحقيق المستبعد عن مسرح الجريمة الحقيقي».
وأكدت رفضها استقبال احد من لجنة التحقيق المحلية المعنية حتى لو طلبت اللجنة ذلك.
من جهته، رأى النائب محمد قباني ان «الحقيقة تأتي من لجنة تحقيق دولية كاملة الصلاحيات وبعيدة عن التأثيرات السياسية»، ملاحظا «ان مسلسل التصرف الرسمي حيال مسرح الجريمة قبل وبعد وقوعها.. واكتشاف جثة الشهيد عبدالحميد غلاييني قبل يومين، يدعوان الى عدم الثقة».
تقرير فيتزجيرالد عن اغتيال الحريري:
دمشق وبيروت في دائرة الاتهام!
دمشق - باريس - خاص
عطفاً على إشارة الزعيم اللبناني المعارض وليد جنبلاط والنائب بهية الحريري أول من أمس الى ان تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق حول ظروف وملابسات اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري سيتضمن معلومات غير سارة لدمشق ولسلطتها التابعة في بيروت, نقل المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية (تنظيم معارض) عن ديبلوماسي فرنسي قوله في باريس ان اللجنة ستوجه اتهاماً صريحاً للأجهزة السورية واللبنانية بإخفاء أدلة, والى ان هناك توصية بتشكيل لجنة دولية, بقرار من مجلس الأمن, للتحقيق مع مسؤولين سوريين ولبنانيين دون أي اعتبار لموقعهم الوظيفي.
وأضاف الديبلوماسي الفرنسي ان اللجنة التي يرأسها الضابط الايرلندي فيتزجيرالد ستضع بين يدي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان, بعد عودته من الجزائر حيث من المقرر ان يحضر الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة العربية اليوم, معلومات »ستشكل صدمة كبيرة للنظام السوري وحلفائه في لبنان« مشيراً الى »ان التوصيات التي سيتضمنها التقرير, والتي من شبه المؤكد ان يأخذ بها مجلس الأمن بعد تحويلها له من قبل الأمين العام, سيكون من شأنها اذا ما حولها المجلس الى قرار رسمي ان تضع النظامين السوري واللبناني في وضع قانوني شبيه بوضع قادة صرب البوسنة, وليس من المستبعد أبداً ان يصبح بعضهم جيرانا لميلوسوفيتش«!
وفي التفاصيل, قال المصدر الديبلوماسي الفرنسي الذي تسنى له الاطلاع على مسودة التقرير, ان التقرير سيؤكد على النقاط التالية:
»ان الأجهزة الأمنية اللبنانية عملت منذ اللحظات الاولى للانفجار على طمس وإخفاء الكثير من العناصر بقصد تضليل التحقيق وحرفه عن مساره الطبيعي«.
»ان الشريط الذي بثته فضائية »الجزيرة« لمدعي القيام بالعملية أحمد أبو عدس, وقد حصلت اللجنة على نسخة منه, يرجح أن يكون فيه الصوت مركبا على صورة أبو عدس بطريقة المونتاج. بمعنى أن الصورة له والصوت لغيره«!
»ان أحمد أبو عدس, طبقاً للمعلومات التي حصلت عليها لجنة التقصي من ذويه ومن مصادر أخرى, كان معتقلا في سورية خلال شهر فبراير الماضي«.
»ان هناك نفقا بالفعل يربط بين أوتيل السان جورج والملحق التابع له في الجهة الأخرى من الطريق, بعكس ما ادعت أوساط رسمية لبنانية نفت وجوده«, وان هذا النفق »جرت محاولات أمنية لبنانية حثيثة لطمس وتخريب المعالم التي تشير الى وجوده في طرفيه (من جهة الأوتيل وجهة الملحق)«.
»ان العبوة المتفجرة وضعت في النفق المشار اليه, وتم تفجيرها سلكيا, وليس بواسطة سيارة مفخخة«.
»ان المادة المتفجرة مباعة إلى عدد من الجيوش الشرق أوسطية التي تعتمد على السلاح الأوروبي الشرقي, وبشكل خاص روسيا, ومعها كوريا الشمالية التي تعتمد المواصفات والمقاييس الصناعية نفسها المستخدمة في البلدان المشار اليها«.
»ان المادة المتفجرة هي في الواقع مادتان ممزوجتان معاً«.
»ان بعض المعلومات المهمة جداً حصلت عليها اللجنة من ضابط سوري التقته سراً في بيت معارض لبناني كبير خارج بيروت, وقد تولى هذا الأخير تأمين احضاره بطريقة أمنية معقدة«.
وفيما يتعلق بالتوصيات التي خلص اليها التقرير, اشار المصدر الى ان مسودته تضمن بشكل صريح توصية بتشكيل لجنة دولية كاملة الصلاحية, وهو بالتعبير القانوني »لجنة لها صلاحيات ودور قاضي التحقيق في محكمة الجنايات الدولية«. الا ان هذا يبقى من صلاحيات مجلس الامن الدولي. وعلى الارجح ان هذا ما سيطالب به كوفي عنان في تقريره الذي سيعده لصالح المجلس اذا ما كانت الولايات المتحدة وفرنسا, ومن ورائهما بقية الدول الاوروبية, مصرتان على المضي في القضية الى نهايتها المنطقية المفترضة.
وردا على سؤال تم توجيهه الى المحامي الفرنسي وليم بوردون, الامين العام السابق للفيدرالية الدولية لحقوق الانسان والمتخصص في القضايا الجنائية, حول صلاحية اللجنة المذكورة في حال صدر قرار من مجلس الامن بتشكيلها, قال بوردون: »ان اللجنة يكون لها في هذه الحالة صفة قاضي التحقيق في محكمة الجنايات الدولية, الامر الذي يعني انه سيكون لها صلاحيات التحقيق مع اي شخص ترى في التحقيق معه فائدة من شأنها المساعدة في الوصول الى حقيقة مدبري الجريمة ومنفذيها, بغض النظر عن مواقعهم الوظيفية, سواء داخل لبنان او خارجه«.
واضاف بوردون: »لكن, هذا من غير المنطقي ان يكون الا في اطار تشكيل محكمة تتولى القضية بمراحلها كافة, بدءا من التحقيق وانتهاء باصدار الاحكام, مرورا باصدار استنابات واوامر اعتقال بحق من يراه المدعي العام في المحكمة ضالعا في الجريمة. وبالنظر الى ان الولايات المتحدة ترفض الاعتراف حتى الآن بمحكمة الجنايات الدولية, فالارجح هو ان يتم تشكيل محكمة خاصة بالقضية على غرار المحاكم التي تولت قضايا الابادة الجماعية في بعض البلدان الافريقية كرواندا. وليس من المستبعد ان تعطى المحكمة صلاحية التحقيق في جرائم اخرى سابقة«.
ولدى السؤال عن الشخصيات المرشحة للمثول امام لجنة التحقيق في حال تشكلت محكمة من هذا النوع, قال المصدر الديبلوماسي الفرنسي: »ان قادة الاجهزة الامنية اللبنانية كافة, فضلا عن وزير الداخلية سليمان فرنجية, سيكونون اول من يمثل امام اللجنة. اما بالنسبة للشخصيات السورية, فإن العميد رستم غزالة قائد جهاز المخابرات السورية في لبنان, والعميد جامع الجامع, مسؤولها في بيروت, سيكونان في طليعة من سيتم التحقيق معهم. لكن وبالنظر الى ان الشخصين المذكورين تابعان لقيادة عليا, فان قيادتهما في دمشق ستخضع للاستجواب ايضا.
مجاهدون
03-24-2005, 10:13 AM
قاضي التحقيق في اغتيال الحريري: «تعبت فقدمت استقالتي ونقطة على السطر»
«لقد تعبت كثيرا وكفى... قدمت استقالتي ونقطة على السطر». بهذه الكلمات المقتضبة أعلن المحقق العدلي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ميشال ابو عراج، تنحيه عن مهمته. وكان القاضي ابو عراج، حضر صباح امس الى مكتب رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي طانيوس الخوري وسلمه كتاب تنحيه عن ملف الرئيس الحريري، معللاً السبب بعدم تمكنه من متابعة التحقيق فيه لوجود مئات الملفات لديه في محكمة الجنايات، ولإفساح المجال امام قاضٍ آخر ليتولاه ويكون لديه الوقت الكافي للتحقيق وإيلاء القضية الاهمية التي تستحق.
وتزامن تنحي ابو عراج مع معلومات كشفتها أمس مصادر دبلوماسية في نيويورك لـ«الشرق الأوسط» تفيد بأن تقرير الامين العام للامم المتحدة، كوفي انان، الذي وضعه استنادا الى تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق، ينتقد السلطات اللبنانية «لعدم ابدائها مستوى كاف من من المهنية في تعاملها مع عملية الاغتيال» ليخلص الى الاستنتاج بأن لبنان يفتقر الى الامكانات المطلوبة لإجراء عملية تحقيق تكون على المستوى المطلوب، ما قد يستدعي الحاجة «لإجراء عملية تحقيق أكثر شمولية».
لمياء
03-25-2005, 03:03 PM
القاضي عيد محققاً عدلياً في اغتيال الحريري
اعلن في بيروت امس عن تعيين القاضي الياس عيد محققاً عدلياً في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، بعدما كان اعلن المحقق العدلي القاضي ميشال ابو عراج تنحيه عن متابعة الملف، الامر الذي اثار تساؤلات حول اسباب موقفه.
وجاء تعيين القاضي عيد محققاً عدلياً من مجلس القضاء الاعلى اثر اقتراح تقدم به وزير العدل في الحكومة المستقيلة عدنان عضوم.
واستغربت النائبة بهية الحريري (شقيقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري) ما روّجته بعض الاوساط من ان تنحي المحقق العدلي القاضي ابو عراج عن الملف جاء بناء على طلب من عائلة الرئيس الشهيد.
وقالت: «يروّج البعض في السلطة لاضاليل مفادها ان تنحي ابو عراج جاء نتيجة اقتراح النائبة بهية الحريري تعيين محقق عدلي بديل في هذه الجريمة، ان هذا الكلام لا يمت الى الحقيقة وهو عار عن الصحة جملة وتفصيلاً، وفي جميع الاحوال فإن موقفي منبثق بالكامل عن موقف العائلة المطالب بتحقيق تجريه هيئة دولية بإشراف الامم المتحدة وبتنحية رؤساء الاجهزة الامنية كافة ومعهم النائب العام التمييزي في ما خص مسؤولياتهم في هذه القضية».
وفي سياق متصل، حيا النائب وليد عيدو (من كتلة الحريري) القاضي ابو عراج على قراره بالتنحي، مؤكداً «ان هذه الخطوة تعني انه لا يزال هناك من لبنان قضاة قادرون على قول لا لهذا النظام البوليسي القضائي الموجود في العدلية ويمكن ان يؤسس عليهم لاعادة الصورة الزاهية الى القضاء اللبناني».
وقال: «يفترض بالقاضي المكلف النظر في ملف ما استخدام كل الوسائل المشروعة ضمن القانون لاحقاق الحق وكشف الحقيقة، واعتقد ان الرئيس ابو عراج وصل الى طريق مسدود، وكان امام احتمالين اما ان يكون شريكاً في عملية التضليل وطمس الحقيقة من خلال استمراره في الامساك بهذا الملف من دون ان تكون بين يديه اي معلومات توصل الى احقاق الحق المطلوب، واما ان يكون شاهد زور على عملية تقوم بها الاجهزة منذ 40 يوماً من دون ان يتوصل التحقيق حتى اليوم الى تحديد الامور البديهية وبينها نوع المتفجرات التي استعملت في الجريمة ووزنها واين زُرعت (,,,)».
واضاف: «القاضي ابو عراج اتخذ القرار السليم احتراماً لضميره ومهنته، وهو لا يقبل بأن يكون شاهد زور في قضية بهذا الحجم (,,,) وفي رأيي انه لو كان يعرف انه قد يصل الى حقيقة ما لو استمر ممسكاً بالملف لما تنحى (,,,)».
وكان القاضي ابو عراج قدم كتاباً لرئيس مجلس القضاء الاعلى طانيوس الخوري اول من امس طلب فيه قبول تنحيه عن متابعة النظر في ملف اغتيال الحريري عازياً السبب الى «كثافة اعمال محكمة الجنايات الوحيدة في بيروت التي يترأسها».
وقال القاضي عيد لـ «الرأي العام» إن «هذه المهمة من ضمن واجباتنا وإن شاء الله نتمكن من الوصول إلى النتيجة المرجوة».
والقاضي عيد من مواليد بلدة ديقون في الشوف في العام 1961، عين قاض في معهد الدروس القضائية في اواخر العام 1985، وتخرج منه قاضياً أصيلاً في العام 1990، وشغل مراكز قضائية مختلفة هي: رئيس محكمة إيجارات المتن، رئيس محكمة جزاء المتن، مستشار محكمة جنايات جبل لبنان، محام عام استئنافي في جبل لبنان، قاضي تحقيق في بيروت, وهو أستاذ جامعي لمادتي قانون العقوبات الخاص و قانون الموجبات والعقود في جامعتي الحكمة واللويزة, متاهل وله ابنتان.
لمياء
03-25-2005, 03:05 PM
كلينتون عن اغتيال الحريري: لا أستطيع النوم
بقلم بيل كلينتون: لا أستطيع النوم
الرئيس الأميركي السابق
مقتطفات من مذكرات كتبها في 22 مارس
لا أستطيع النوم, أخذت قرصي منوم، لكنهما لم يجديا نفعا, لا استطيع ان آخذ مزيد من الأقراص المنومة لأنني أتعاطى أيضا دواء للقلب, حاولت ان ألعب البوكر عبر الانترنت، الا انني لا أستطيع التركيز.
هناك ثمة شيء لطالما أردت ان أقوله منذ مدة طويلة، لكن الوقت لم يسعفني بسبب زيارتي لآسيا, أود ان أقدم أعمق التعازي الى أسرة صديقي الحميم، رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري, كان موته صدمة بالنسبة الي, لقد روّعني نبأ اغتياله، انني أعرف من فعلها (اغتاله) على وجه التحديد، كما أعرف السبب من وراء ذلك, سأكشف المزيد عن ذلك في وقت لاحق.
اتصلت هاتفيا بأفراد أسرة الحريري، كي أعبر لهم عن مدى صدمتي, كنت أود ان أكون حاضرا في جنازته، لكن جهاز الأمن السري اعترض على الفكرة, فالأجواء (هناك) ليست آمنة، بخاصة ان «حزب الله» ما زال مدججا بالسلاح الى حد كبير.
ان السيد الحريري ـ الذي كان مواطنوه المحبون له يطلقون عليه لقب «السيد لبنان» ـ كان بمثابة القوة الدافعة خلف عملية اعادة الاعمار في أعقاب الحرب الأهلية, وفي أواخر حياته، كان هو ايضا القوة الدافعة وراء الحركة المطالبة للحكومة السورية بسحب قواتها وأجهزتها الاستخباراتية من لبنان.
وهذا هو السبب الذي دفع السوريين الى قتله, فاضطرار سورية الى الانسحاب من لبنان، سيجعلها محاطة من معظم الجهات بدول معادية, فهناك عضو حلف شمال الاطلسي، تركيا في الشمال، والقوات الأميركية في العراق شرقا، وفي الجنوب الأردن الموالي للولايات المتحدة (وبالمناسبة، فإن سورية تحتل جزءا كبيرا من الأراضي الأردنية، وهو الجزء الذي يريد الملك عبدالله استرداده)، اضافة الى اسرائيل في الجنوب الغربي.
لقد قتل السوريون رفيق الحريري، ليس لأنهم يخشون ان لبنان سيحصل على سيادته بعد انسحاب قواتهم، بل لأنهم يعتقدون ان لبنان سيقع مع مرور الوقت تحت هيمنة قوة أخرى ـ كإسرائيل أو الولايات المتحدة ـ وهو الأمر الأرجح.
وهناك سبب آخر وهو العمق الاستراتيجي, فالعاصمة السورية لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن الحدود اللبنانية، كما انها لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن مرتفعات الجولان التي تحتلها اسرائيل, ولعل هذا هو السبب الذي دفع اسرائيل الى احتلال تلك المرتفعات, والسوريون يدركون ذلك جيدا, فاحتلال الجولان يعد رادعا قويا ضد أي مغامرة سورية.
وهذا هو السبب الذي يكمن وراء لجوء الحكومة السورية دائما الى استخدام «حزب الله» اللبناني لمهاجمة اسرائيل بدلا من قيامها هي بذلك.
وناهيك عن البعد المتعلق بالدفاع الوطني، هناك ايضا البعد الاقتصادي, فسورية لديها نظام اقتصادي هجين، نصفه شيوعي ونصفه الآخر رأسمالي, سورية مفلسة، وهي على ذلك الحال منذ انهيار الاتحاد السوفياتي, ومن دون القوة الاقتصادية المستمدة من لبنان، ستنهار سورية اقتصاديا.
وعلاوة على ذلك، فإن سورية خاضعة لعقوبات اقتصادية من جانب الولايات المتحدة، في حين ان لبنان ليس كذلك، ولهذا فإن السلع والمنتجات التي تحتاجها سورية يقوم لبنان بشرائها ثم تحويلها الى سورية, كما ان هناك نحو مليون سوري يعملون في لبنان, واذا اضطر أولئك السوريون الى العودة الى وطنهم، فإن سورية ستواجه مشاكل اقتصادية جمة بسبب أولئك الشباب العاطلين عن العمل.
وبتعبير آخر، يمكن القول ان سورية من دون لبنان ستصبح في مأزق خانق من الناحيتين العسكرية والاقتصادية, سورية من دون لبنان ستصبح ضعيفة ومكشوفة.
من وجهة نظر السوريين، كان لا بد من موت الحريري، لأنه أرادهم ان يرحلوا، كما انه كملياردير كانت لديه القدرة على حشد الدعم الدولي لتلك الفكرة, كان هو الذي طلب من الولايات المتحدة وفرنسا ان تدعما قرار مجلس الأمن الرقم 1559 والذي يطالب سورية بالرحيل عن لبنان.
Osama
03-25-2005, 03:40 PM
تحفّظ على طلب نزع سلاح حزب الله .. واستبعد الحرب الأهلية
مبارك: اغتيال الحريري قد يكون فخاً نصب لسوريا
http://www.assafir.com/iso/today/front/L_121a.JPEG
شيراك يهم بمعانقة مبارك أمام قصر الاليزيه قبل اجتماعهما أمس
حذر الرئيس المصري حسني مبارك، في باريس أمس، من أن اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري قد يكون من صنع <<يد خارجية>> أرادت <<نصب فخ لسوريا>>، وأوضح أن طلب نزع سلاح حزب الله يعني الدخول في طريق غير سليم، مشيراً إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد <<سيحدد في خلال أسبوع جدولاً زمنياً لسحب كامل قواته من لبنان>>.
وأدلى مبارك بهذه التصريحات لوسائل إعلام فرنسية خلال وجوده أمس في باريس حيث التقى مطولاً أمس الرئيس الفرنسي جاك شيراك في قصر الاليزيه وناقشا قضايا الشرق الأوسط والعراق والانتخابات الرئاسية المصرية ودعم باريس لحصول مصر على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى الأزمة اللبنانية.
وتكتمت مصادر الاليزيه حول تفاصيل المحادثات التي أكد وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط أنها تناولت لبنان،
من دون أن ينفي ذلك المتحدث باسم الرئاسة الفرنسية جيرار بونافون الذي أشار إلى أن شيراك يضع ذلك في أولوية اهتماماته الخارجية منذ تعديل الدستور اللبناني والتمديد للرئيس أميل لحود.
وأشارت أوساط مقربة من مبارك إلى أن الوضع في لبنان وسوريا أثير أكثر من مرة في خلال المحادثات التي امتدت على غداء، ولكن الرئيسين تناولا هذين الملفين، خصوصاً في خلال الخلوة التي جمعت مبارك بشيراك والتي استمرت حوالى 20 دقيقة.
وأوضحت الأوساط نفسها أن الرئيس المصري أطلع شيراك على ما دار في كواليس القمة العربية في الجزائر وعلى تفاصيل لقائه مع الأسد العاتب على الموقف الفرنسي. وأكد مبارك لشيراك، بحسب المصادر نفسها، أن الرئيس السوري بات مدركاً لخطورة الأوضاع الحالية ويعرف أن لا مناص من تطبيق القرار 1559، ولذلك فمن الأفضل تشجيعه بدلاً من الضغط عليه في الوقت الراهن، خصوصاً أن الانتخابات المقبلة ستحدد تماماً طبيعة التجاوب السوري مع الأسرة الدولية وقرارات مجلس الأمن.
وتتابع باريس عن قرب الاستعدادات للانتخابات المقبلة بحيث أكد شيراك لمبارك على ضرورة عدم الإخلال بموعدها أو التلاعب في القوانين المتعلقة بها.
وتتجه فرنسا، وفق بعض التسريبات التي صدرت عن محيط مبارك، إلى رفع مستوى الضغوط في المرحلة المقبلة بغية إقرار مبدأ وجود مراقبين دوليين للانتخابات المقبلة. واتفق شيراك ومبارك على أن هذه الانتخابات ستكون محطة حاسمة في سياق الأوضاع اللبنانية المقبلة، كما أكد الرئيس المصري لمضيفه الفرنسي على أن الدول العربية التي اجتمعت في الجزائر باتت شبه مجمعة على ضرورة استكمال سحب القوات والاستخبارات السورية من لبنان وترك لبنان يستعيد كامل سيادته واستقلاله.
وأعرب الرئيسان، في خلال الاجتماع، عن حرصهما على تجنيب لبنان خضات ما بعد الانسحاب السوري، خصوصا أن ثمة من يعتزم تفخيخ الأوضاع للقول بأن لبنان لا يمكن أن يحكم نفسه بنفسه.
وكررت مصادر فرنسية مسؤولة القول إن <<المهم هو استكمال سحب القوات والاستخبارات السورية وإجراء انتخابات حرة>>.
واعتبر مبارك، رداً على سؤال لصحيفة <<لو فيغارو>>، عما إذا كان يرغب في إلقاء <<الضوء كاملا>> على جريمة اغتيال الرئيس الحريري، <<نعم. لكننا حتى اليوم لا نعرف من يقف وراء هذه العملية. ربما تكون يد خارجية أرادت بث الفرقة أو نصب فخ لسوريا. كل شيء جائز>>.
وأضاف، رداً على سؤال عن نزع سلاح حزب الله، أن مثل هذا الإجراء يعني أن <<ندخل في طريق غير سليم>>. وأوضح أن <<حزب الله قوي. يمكن أن نطلب منه نزع سلاحه والتحول إلى حزب سياسي لبناني مثل باقي الاحزاب عندما يكون الوضع مستقراً>>.
ورداً على سؤال بشأن ما اذا كانت التفجيرات الاخيرة عرّضت لبنان لخطر عدم الاستقرار، قال مبارك <<لا أعتقد أن انفجاراً أو اثنين يمكن أن يؤديا الى حرب أهلية جديدة>>.
وأضاف مبارك أنه طلب من الأسد عدم التدخل في تشكيل الحكومة اللبنانية. وأوضح مبارك <<أجاب (الأسد): لن أتدخل، لن أقول شيئاً>>.
وقال مبارك في حديث للقناة الثالثة في التلفزة الفرنسية: <<لقد أجريت محادثات عديدة مع الرئيس الأسد وقد واصلنا هذه اللقاءات في الجزائر في خلال القمة العربية التي كررت تبنيها لمبادرة السلام التي كانت أطلقت في قمة بيروت، والرئيس السوري يطبق القرار 1559 وسيحدد في خلال أسبوع جدولاً زمنياً لسحب كامل القوات السورية من لبنان>>.
وتابع مبارك <<لقد طلبت من الرئيس الأسد وجوب استكمال سحب القوات قبل الانتخابات النيابية وذلك تفادياً لوقوع مشاكل أخرى، وأعتقد انه يدرك تماماً هذا الأمر وهو مصمم على سحب قواته وأجهزة الاستخبارات السورية الموجودة في لبنان>>.
ولم يعرف ما إذا كان الرئيسان قد تناولا التقرير الدولي بشأن اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، ولكن الأكيد أن شيراك يلقي بكل ثقله بغية متابعة التحقيق وهناك مشاورات فرنسية أوروبية أميركية حثيثة في هذا المجال <<لعدم ترك الملف يضيع كما ضاعت ملفات عديدة أخرى في لبنان>>، وفق ما ذكرت مصادر فرنسية.
من جهة أخرى، طلب مبارك، في حديثه للتلفزيون الفرنسي، من واشنطن أن تتخلى نهائياً عن فكرة توجيه ضربة عسكرية لإيران. وقال <<نقول لأصدقائنا في الولايات المتحدة إنه علينا الابتعاد عن حرب مدمرة>>، مضيفاً أن <<توجيه ضربة عسكرية (لإيران) قد يؤدي إلى كارثة في المنطقة بكاملها>>. وتابع أن <<المشكلة يمكن حلها بمبادرة أصدقائنا الأوروبيين>>.
مجاهدون
03-26-2005, 09:11 AM
نص تقرير فريق تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة حول اغتيال رفيق الحريري
* 24 مارس 2005
* السيد الرئيس أتشرف بأن اقدم هنا تقرير بعثة التحقيق في ظروف واسباب وتبعات التفجير الذي وقع في بيروت يوم 14 فبراير الماضي والذي اعد تنفيذا لتصريح رئيس مجلس الأمن في فبراير 2005.
إن هذا التحقيق المستقل لتقصي الحقائق المعروض على المجلس اليوم يطرح بعض المزاعم الاكثر خطورة واشكالية. وقد توصلت البعثة الى ان الامر يحتاج الى اجراء تحقيق دولي مستقل.
أقف الى جانب توصيات البعثة بأنه يجب اجراء مثل هذا التحقيق. والهدف سيكون الوصول الى نتائج تكون بقدر الامكان كاملة حول من المسؤول عن اغتيال السيد (رفيق) الحريري ومقتل 19 آخرين.
أود ان اتقدم بالشكر الى السيد بيتر فيتزجيرالد رئيس البعثة وأعضاء فريقه لانجازهم التقرير.
أكون شاكرا لو نقلتم هذا الموضوع إلى اهتمام أعضاء مجلس الأمن. وفي الوقت نفسه فاني أرسل هذا التقرير إلى حكومة لبنان.
* نيافة السيد رونالدو هوتا ساردنبيرغ ـ رئيس مجلس الأمن ـ نيويورك
* تقرير
* بعثة تقصي الحقائق في لبنان التي تتحرى أسباب ملابسات وتبعات اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري 25 فبراير - 24 مارس 2005
* ملخص إجرائي
* في 14 فبراير 2005 قتل انفجار في قلب مدينة بيروت 20 شخصا بينهم رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وقام الأمين العام للأمم المتحدة بارسال بعثة تقصي حقائق الى بيروت للتحقيق في أسباب وملابسات وتبعات هذا الاغتيال. ومنذ ان وصلت البعثة الى بيروت في 25 فبراير التقت عددا كبيرا من المسؤولين اللبنانيين وممثلين لمختلف المجموعات السياسية وأجرت مراجعة مكثفة للتحقيق اللبناني وللاجراءات القانونية وزارت مكان الجريمة والأدلة التي تم تجميعها بواسطة الشرطة المحلية وجمعت وحللت نماذج من مكان الجريمة واجرت مقابلات مع بعض شهود العيان في ما يتعلق بالجريمة.
لا يمكن الجزم بالاسباب المحددة لاغتيال السيد الحريري على نحو يقيني الا بعد أن يتم تقديم الجناة في هذه الجريمة الى العدالة. ولكن، من الواضح ان الاغتيال تم في إطار سياسي وأمني يتسم باستقطاب حاد حول النفوذ السوري وفشل الدولة اللبنانية في تقديم حماية كافية لمواطنيها.
وفي ما يتعلق بملابسات الاغتيال فان البعثة ترى ان الانفجار قد وقع بواسطة عبوة 1000 كيلوغرام من مادة «تي إن تي» وضعت في الغالب فوق سطح الأرض. وتشير مراجعة التحقيق الى أنه كان هناك افتقار في الالتزام من جانب السلطات اللبنانية للتحقيق في الجريمة على نحو فعال وأن هذا التحقيق لم يتم إجراؤه وفقا للمعايير المقبولة عالميا. وترى البعثة أيضا ان التحقيق اللبناني يفتقر للثقة الضرورية لقبول نتائجه لدى السكان.
يمكن أن تكون تبعات الاغتيال بعيدة المدى. ويبدو أن الاغتيال فتح أبواب الاضطرابات السياسية التي كانت تعتمل طوال العام الماضي. وتتصاعد الاتهامات والاتهامات المضادة في زيادة حدة الاستقطاب السياسي المتواصل ويتهم البعض أجهزة الأمن والقيادة السورية باغتيال الحريري لأنه صار عقبة كأداء أمام نفوذهم في لبنان. وتمسك مؤيدو سورية بأن الحريري اغتيل بواسطة «أعداء سورية»، هؤلاء الذين يريدون خلق ضغوط عالمية على القيادة السورية لأجل التصعيد من أجل تقليص نفوذها في لبنان و/أو البدء في سلسلة من ردود الفعل تستطيع في نهاية الأمر أن تفرض «تغييرا للنظام» داخل سورية نفسها. وقد عبر سياسيون لبنانيون من مختلف الخلفيات للبعثة عن مخاوفهم، فان لبنان قد يصير حلبة لصراع بين سورية والمجتمع الدولي تنتج عنه تبعات مدمرة على السلام والأمن اللبنانيين.
بعد جمع الحقائق المتاحة توصلت البعثة الى أن استعادة تماسك ومصداقية جهاز الأمن اللبناني سيكون لها أهمية حاسمة لأمن واستقرار البلاد. وسيكون من الضروري لبلوغ هذا الهدف بذل جهد متواصل لإعادة هيكلة واصلاح وتعزيز أجهزة الأمن اللبنانية، وبالتأكيد سيتطلب الأمر مساعدة وتفاعل المجتمع الدولي. وأخيرا فان البعثة ترى أن الدعم الدولي والاقليمي يعتبر ضروريا في وقاية وحدة لبنان وحماية هيكل الحكم الهش من الضغوط غير المشروعة. كما ان تحسين احتمالات السلام والأمن في المنطقة سيوفر أرضية أكثر صلابة لاستعادة الحياة الطبيعية في لبنان.
* تقرير بعثة تقصي الحقائق في لبنان للتحري في أسباب وملابسات وتبعات اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري 25 فبراير - 24 مارس 2005
* تقديم
1- في 14 فبراير 2005 قتل انفجار في قلب مدينة بيروت 20 شخصا بينهم رئيس الوزراء السابق رفيق بهاء الدين الحريري وقتل أيضا في الانفجار يحي مصطفى العرب، ومحمد بن سعد الدين درويش، وطلال نبيه ناصر، وزياد محمد طراف، وعمر أحمد المصري، ومحمد رياض حسين جلياني، ومازن عدنان الذهبي، ويمامة كامل ضمين، وهيثم خالد عثمان، وعلاء حسن عصفور،و زاهي حليم رجيلي، وجوزيف ايملي عون، وريما محمد رئيف، ورواد حسين حيدر، وصبحي محمد الخضر، وعبدو توفيق بوفرح، وعبد الحميد محمد حلايين، وأحمد صالح الخلف، ومحمد صالح الحمد المحمد.
2- وبالاضافة للقتلى ما زال فرحان أحمد العيسى مفقودا ويعتقد انه بين الضحايا. وقد أصيب 220 آخرون بجروح.
3- في 15 فبراير أصدر رئيس مجلس الأمن بيانا بالنيابة عن المجلس طلب فيه من الأمين العام «المتابعة عن كثب للوضع في لبنان والابلاغ على نحو عاجل بالملابسات والأسباب والتبعات لهذا الفعل الارهابي». وأعلن الأمين العام يوم 18 فبراير أنه سيرسل بعثة تقصي حقائق إلى بيروت لتجميع معلومات تعتبر ضرورية له كي يعد تقريرا للمجلس على نحو عاجل. وبعد تبادل رسائل بين الأمين العام والرئيس اللبناني أرسلت بعثة إلى بيروت يرأسها بيتر فيتزجيرالد نائب مفوض الشرطة الايرلندية وجاردا سيوشانا وضمت اثنين من محققي الشرطة ومستشارا قانونيا ومستشارا سياسيا لتجميع حقائق حول أسباب وملابسات وتبعات الاغتيال، بالاضافة إلى خبراء المتفجرات والمواد البلاستيكية والجينات الوراثية وخبراء في فحص مكان الجريمة قد جلبوا يوم 6 مارس بعد اتفاق مع الحكومة اللبنانية وجمع نماذج لذلك.
4- منذ وصول أعضاء بعثة تقصي الحقائق الى بيروت يوم 25 فبراير التقوا عددا كبيرا من المسؤولين اللبنانيين وممثلي مختلف المجموعات السياسية اللبنانية وأجروا مراجعة شاملة للتحقيق اللبناني والاجراءات القانونية وفحصوا مكان الجريمة والأدلة التي جمعتها الشرطة المحلية وجمعوا وحللوا عينات أخذت من مكان الجريمة وأجروا مقابلات مع بعض شهود العيان في ما يتعلق بالجريمة. ولأن بعض الاشخاص الذين أجريت معهم مقابلات طلبوا عدم ذكر أسمائهم فإن هذا التقرير لن يضم القائمة الكاملة لكل الذين أجريت مقابلة معهم. وقد أكملت البعثة تحقيقها في لبنان يوم 16 مارس 2005. ويتضمن التقرير الحالي النتائج والتوصيات التي توصلت اليها نتائج التحري.
* تقع نتائج تحري البعثة في ثلاث مجموعات
ا ـ الاسباب:
5- لا يمكن التأكيد على نحو يقيني بالاسباب المحددة لاغتيال الحريري الا ما بعد تقديم مرتكبي هذه الجريمة الى العدالة. ولكن من الواضح ان الاغتيال وقع في اطار سياسي وأمني يتسم باستقطاب حاد حول النفوذ السوري في لبنان وفشل الدولة اللبنانية في توفير حماية وافية لمواطنيها.
* الإطار السياسي
6- وظف لبنان على نحو متكرر كساحة معركة بين أطراف النزاع العربي ـ الاسرائيلي مما جلب تأثيرا مدمرا لوحدته الوطنية واستقلاله، كما أظهرت ذلك الحرب الأهلية المأساوية (1975 - 1990) وبحملات عسكرية عديدة على ترابه. وقد حافظت سورية على وجود عسكري في لبنان منذ مايو 1976 بقبول من الحكومة اللبنانية. وقد مارست أيضا نفوذها في الشؤون اللبنانية وهو نفوذ تزايد على نحو مميز منذ عام 1990 وقد تقنن عام 1991 بمعاهدة «الإخوة والتعاون والتنسيق».
7- ظل الحضور السوري في لبنان عموما غير متغير حتى سحب إسرائيل قواتها من جنوب لبنان عام 2000. وبدأت الشخصيات السياسية بالتعبير عن معارضتها للنفوذ السوري المتواصل ودعت الى تطبيق المواد المتبقية من اتفاقية الطائف (1989) والتي إذا طبقت ستقلص كثيرا حجم الوجود السوري في لبنان الى مستوى انسحاب كامل محتمل. ومع أن الحريري تحاشى بعناية هذا الحوار الا ان علاقاته مع الرئيس اميل لحود الذي يوصف عموما بأنه رجل سورية المفضل كانت مستقرة. وكما ذكر مسؤول أمني كبير مقرب من سورية فان الرجلين تنازعا مرارا خلال فترة رئاسة الحريري لمجلس الوزراء (2000 ـ 2004) لدرجة تطلبت «تدخلا خارجيا ووساطات يومية». وقد أثر النزاع بين لحود والحريري على قدرة الحريري في إدارة الحكومة وتنفيذ سياساته وبلغ الأمر في بعض الأحيان درجة الشلل. وفسر تزايد صعوبات الحريري مع لحود كعلامة لعدم ثقة سورية في الحريري.
8- كانت فترة رئاسة لحود ستنتهي عام 2004 من دون احتمال للتجديد وفقا للدستور. وكان الحريري، بوضوح، يأمل في أن نهاية فترة رئاسة لحود ستمكنه من استعادة التحكم في حكومته. ولكن، خلال عام 2004، لمحّت بعض الأصوات اللبنانية الى تعديل الدستور لتمديد فترة رئاسة لحود. وقد صار هذا الاحتمال جزءا من الحوار حول الوجود السوري في لبنان وأججه أكثر. وبسبب توزيع المقاعد في البرلمان فان تعديل الدستور يتطلب تأييد معسكر الحريري وهو تأييد لم يكن الحريري مستعدا لتقديمه. وفوق ذلك فهناك معلومات من مصادر موثوقة بأن الحريري قد استطاع الحصول على التزام القيادة السورية بعدم تمديد فترة رئاسة لحود.
9- لكن القيادة السورية قررت فيما بعد تأييد تمديد فترة الرئاسة وذلك لثلاث سنوات بدلا من ست سنوات. وكان الضغط من أجل التمديد قويا وانقساميا وذا تبعات بعيدة المدى. وكما ذكر مسؤول لبناني قريب من القيادة السورية للبعثة فان القرار السوري بعث برسالة واضحة الى الحريري بأن عليه أن يذهب، وقال «لم يكن هناك وسيلة لكي يعمل الاثنان معا»، وقد التقى الحريري بالرئيس الاسد في دمشق في آخر محاولة لاقناعه بألا يؤيد التمديد. وتسلمت البعثة تقريرا عن هذا الاجتماع من مصادر مختلفة داخل وخارج لبنان، كلها زعمت انها سمعت بما جرى في الاجتماع من الحريري نفسه بعد وقت قصير من انعقاد الاجتماع. ولا تملك البعثة تفاصيل حول الاجتماع من جانب الاسد، فقد رفضت السلطات السورية طلب البعثة بمقابلته. والشهادات التي تسلمتها البعثة توافق بعضها بعضا حرفيا.
10- ووفقا لهذه الشهادات فان الحريري ذكَّر الاسد بتعهده بألا يسعى لتمديد فترة رئاسة لحود وان الاسد رد بأن هناك تحولا سياسيا وأن القرار قد اتخذ سلفا. وأضاف أن لحود يجب أن يعتبر ممثله الشخصي في لبنان وأن «معارضته تبلغ مستوى معارضة الأسد نفسه». ثم أضاف أنه (الاسد) «يفضل أن يحطم لبنان على رؤوس الحريري و(الزعيم الدرزي وليد) جنبلاط على أن يرى كلامه حول لبنان يتحطم». ووفقا للشهادات فان الاسد هدد بعد ذلك كلا من الحريري وجنبلاط بالأذى الجسدي اذا عارضا التمديد للحود. وذكر ان الاجتماع استمر لمدة 10 دقائق وهو آخر وقت يلتقي فيه الحريري بالاسد. وبعد الاجتماع أبلغ الحريري مؤيديه بأنه لا يوجد لهم خيار آخر غير تأييد التمديد للحود. وقد تلقت البعثة أيضا أقوالا حول تهديدات أخرى للحريري من مسؤولي الأمن في حالة تغيبه عن التصويت لصالح التمديد أو «حتى مغادرة البلاد».
في 2 سبتمبر 2004 تبنى مجلس الأمن قراره 1559 الذي يدعو في بعض مواده «كل القوات الأجنبية المتبقية بالانسحاب من لبنان واعلان تأييده لعملية انتخابية حرة ونزيهة في انتخابات الرئاسة اللبنانية المقبلة تجرى وفقا لقواعد الدستور اللبناني من دون تدخل خارجي». ويعتقد على نحو واسع، داخل وخارج لبنان، ان الحريري قدم تأييدا قويا لهذا القرار. وقد أبلغ عدد من المصادر في لبنان البعثة بان القيادة السورية اعتبرت الحريري شخصيا مسؤولا عن تبني القرار وان هذا القرار مثل نهاية لأي ثقة تبقت بين الطرفين. وفي 3 سبتمبر اجري التصويت في البرلمان على تمديد فترة الرئاسة، وصوت الحريري ومعسكره البرلماني لصالحه. وصوت ثلاثة وزراء ضده وبينهم مروان ممدوح وهو معاون وثيق الصلة للحريري وجنبلاط. وتمت اجازة التعديل الدستوري وتم تمديد فترة رئاسة لحود لثلاث أعوام، وفي 9 سبتمبر أعلن الحريري استقالته.
11ـ بلغ التوتر السياسي ذروة جديدة بهذه الاستقالة. وقد انضمت شخصيات سياسية اضافية الى ما سمي فيما بعد بـ«المعارضة» والتي دعت بصورة رئيسية الى مراجعة العلاقات السورية - اللبنانية. وقد تظاهر بعض قادة المعارضة بأنهم يراجعون هذه العلاقات على ضوء قرار مجلس الأمن رقم 1559 بينما تظاهر آخرون بأنهم يراجعونها تحت لواء اتفاقية الطائف. وترى الانتخابات البرلمانية المقبلة على نحو واسع بأنها نقطة تحول وأصبح واضحا لكل الأطراف انها تستعد الى مواجهة أخيرة. والى أن تم التمديد للرئيس لحود كانت المعارصة تتكون على نحو رئيسي من السياسيين والمجموعات المسيحية، ومثل قرار معسكر جنبلاط بالانضمام اليهم تطورا رئيسيا مما وسع المعارضة الى ما يتعدى الخطوط الطائفية الفاصلة بين الاطراف خصوصا على ضوء تحالف جنبلاط التقليدي السابق مع سورية. وقد اضافت استقالة الحريري قوة اكثر للمعارضة بجلب الطائفية السنية كبيرة العدد والنفوذ.
12ـ في 2 اكتوبر نجا الوزير السابق مروان حمادة من الموت باعجوبة حينما انفجرت قنبلة بالقرب من سيارته وقتل حارسه في الانفجار. وقد احدثت محاولة اغتيال حمادة صدمة هائلة عبر لبنان وزادت من الاستقطاب المتواصل. ولم يتم التعرف على مرتكبي محاولة الاغتيال وساد شعور عام بأنه لن يتم التعرف عليهم. وخيم جو ثقيل على المشهد اللبناني، اذ اصبح «الجميع تحت التهديد» كما أبلغ العديد من مسؤولي الأمن البعثة. وقد ابلغ عدد كبير من الناس داخل وخارج لبنان البعثة بان الحريري وجنبلاط يخشيان على حياتهما وان اعتبروا محاولة اغتيال حمادة جزءا من صراع القوة المتواصل مع القيادة السورية.
وسط توتر متصاعد تواصل تماسك تحالف المعارضة بالاضافة الى الاعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة وجرت اتصالات ومفاوضات بين جنبلاط والحريري والقائد الماروني في المنفى ميشال عون. وبنهاية يناير 2005 برز معسكر سياسي قوي في لبنان ضم للمرة الأولى ممثلين من كل المجموعات السياسية والدينية تقريبا عدا «أمل» و«حزب الله» الشيعيتين. وشكل هذا المعسكر منتدى مستقلا اذا لم يعتبر مناوئا لسورية وبدا واثقا بانه سيحصل على الاغلبية في الانتخابات المقبلة كما تمتع بتأييد لاعبين أساسيين في المجتمع الدولي وبدا واثقا من قدرته على اجبار سورية على تطبيق واجباتها بمقتضى اتفاقية الطائف و/أو قرار مجلس الأمن رقم 1559. وفي قلب هذا المعسكر هناك رجل واحد برز بوصفه العقل المدبر وهو رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي اغتيل.
-13بوضوح، حدث اغتيال الحريري في صراعه السياسي مع سورية بغض النظر عن من نفذ الاغتيال وبأي مساعدة. ومع ذلك فان من المهم تذكر انه فقط باجراء تحقيق صحيح وليس بالتحليل السياسي يمكن الوصول لتحديد هؤلاء الذين أمروا وخططوا ونفذوا هذه الجريمة البشعة. وسيكون من الانتهاك للقواعد الاساسية للعدالة القفز الى نتائج حول مرتكبي الاغتيال من دون تحقيق صحيح وأدلة مقنعة ومحاكمة حقيقية.
تابع التقرير ....
مجاهدون
03-26-2005, 09:15 AM
* الخلفية الأمنية
14ـ وصف الجميع الحريري للبعثة بأنه «أهم شخصية في الحياة اللبنانية العامة» وبالتالي فان اغتياله طرح سؤالا حول مستوى الحماية له من جهاز الأمن اللبناني ويتكون نظام الأمن اللبناني من وكالات عديدة. وتحتل استخبارات الجيش موقعا رئيسيا في التركيبة وهي تغطي الأمن القومي ومقاومة التجسس ومقاومة الارهاب وقوة هجومية. وتضم أيضا شعبة لمراقبة الاتصالات. ويغطي «الأمن العام» الشؤون المتعلقة بالاجانب وجوازات السفر والحدود بالاضافة الى الموضوعات الأمنية ذات الطابع السياسي. وتضم «قوة الأمن الداخلي» قوة الشرطة وشعبة جمع المعلومات.
ويعتبر «أمن الدولة» مسؤولا عن الموضوعات الأمنية ذات الاساس السياسي. أما الحرس الجمهوري المفوض بحماية الرئيس فهو تحت الاشراف العام لقائد الجيش. وتحتفظ المخابرات العسكرية السورية، وهي فرع من سورية بمكاتب في أماكن عديدة من ضمنها بيروت. وعلى عكس التأكيدات التي تلقتها البعثة من قائدها فان الادلة والشهادات تقودنا الى الاعتقاد من دون أي شك بان هذا الفرع يلعب دورا رئيسيا في الحياة السياسية اللبنانية وله تغلغل شديد فيها ان لم يكن اشرافا مباشرا وادارة للشؤون الأمنية في لبنان.
15ـ وفقا للقواعد والتنظيمات المتبعة فان هذه الوكالة تنسق مع بعضها البعض وكلها أعضاء في مجلس الأمن المركزي الذي يجتمع مرة في الشهر تحت قيادة وزير الداخلية. ولكن عددا من المصادر من بينها مسؤولون أمنيون ووزراء ورؤساء سابقون ابلغوا البعثة أن الممارسة تتبع وتيرة مختلفة أولا: التنسيق بين الوكالات غير موجود والمجلس المذكور لا يتجاوز أن يكون مجرد شكل.
ثانيا : خطوط التبليغ تتبع ولاءات شخصية وسياسية بدلا من الترتيبات الدستورية. ورؤساء الوكالات الاستخبارية يقدمون اكبر قدر من تقاريرهم المعلوماتية الى «أولئك الذين قاموا بتعيينهم والذين يخصون لهم بالولاء» ويحتفظون بشكليات ومعلومات ضئيلة لمجلس الأمن المركزي. وبالاضافة الى ذلك هناك افتقار شديد للمراقبة و/أو المراجعة القانونية لعمل الوكالات الاستخبارية.
16ـ يوضح هذا التركيب جزئيا افتقار لغة الشعب اللبناني في وكالاته الاستخبارية، فكل الذين تحدثت البعثة معهم، من دون تمييز، بما فيهم بعض مسؤولي الأمن عبروا عن شكوك حول طاقة و/أو ارادة الوكالات الأمنية في توفير الأمن الى شخصيات سياسية تواجه التهديد. وقال آخرون ان الثقافة السائدة هي انه يجب على السياسيين حماية أنفسهم بوسائلهم الخاصة أو، في أحسن الظروف، لا تملك الاجهزة امكانيات كافية لحمايتهم. وأشار عديدون الى حقيقة ان لبنان شهد عددا كبيرا من الاغتيالات السياسية خلال الثلاثين عاما الماضية ومعظم جرائم الاغتيالات هذه لم يصل فيها أي أي نتيجة الى اليوم.
17ـ بعد حوارات مع العديد من المسؤولين الأمنيين بما في ذلك مسؤولين من الاستخبارات العسكرية والقوات الخاصة وشعبة مكافحة الارهاب والأمن العام وقوات الأمن الداخلي والحرس الجمهوري توصلت البعثة الى استنتاج ان هناك فشلا ذريعا قد حدث من جهاز الأمن اللبناني في ما يتعلق بالتنبؤ باغتيال الحريري والحيلولة دون وقوعه رغم الشائعات الواسعة بالتهديد بالاذى الجسدي للحريري وجنبلاط بما في ذلك احتمال محاولات اغتيالهما او اغتيال أي من افراد اسرتيهما وبالرغم من محاولة الوزير السابق مروان حمادي اذا لم تقدم أي من وكالات الأمن باتخاذ اجراءات اضافية لحماية أي منهما.
ـ نفت كل الاجهزة الانية انها تلقت معلومات بتهديد أو باحتمال تهديد للحريري او جنبلاط أو أي من افراد اسرتيهما ولكن أي شخص آخر خارج أجهزة الأمن تحدثت معه البعثة بدا مدركا لهذه التهديدات. وبالاضافة الى ذلك فإنه رغم الاعتراف بالتوتر المتزايد لم تعد أي من الوكالات لاجراء تقييم لأمن الحريري. ولم تقترح أي وكالة من وكالات الأمن أو ترشد أو تحاول أن ترفع مستوى الحماية المقدمة للحريري من قوات الأمن الداخلي. وعلى العكس من ذلك فقد تم تقليص عدد فريق الحماية المقدم للحريري من 40 شخصا الى 8 اشخاص. ورغم ان التقليص يتماشى مع التدابير المتبعة الا انه يمثل اهمالا للظروف الخاصة في ذلك الوقت. وكانت حماية الحريري عند لحظة اغتياله تقوم على نحو شبه كامل على فريق أمنه الخاص.
ـ عندما ناقشت البعثة هذا الموضوع مع مسؤولي الأمن اللبناني تحجج العديد منهم بأن مفهوم الحيلولة من دون الاغتيال يعتبر مفهوما غريبا للادارة الأمنية في لبنان. وقد اخبرنا الحرس الجمهوري بأنهم حافظوا على اجراء تقييم على فترات لأمن الرئيس بما في ذلك تقييم مستوى التهديد والمخاطر التي تستهدفه على اساس قراءة الحرس الجمهوري للوضع السياسي والشائعات ومجمل الوضع الأمني. ويجب ان يتم اعداد وتمتين جهاز فعال يتمتع بالممهنية والمصداقية.
ـ بناء على ما ذكر اعلاه ترى البعثة ان جهاز الأمن اللبناني فشل في تقديم حماية مناسبة للحريري وبالتالي وفر اطارا مهيئا لاغتياله.
ب ـ الملابسات
ـ في اطار جمع الحقائق التي تتعلق بملابسات اغتيال الحريري حددت البعثة التحركات الاخيرة للحريري مباشرة قبل وقوع عملية الاغتيال محددة اصل التفجير ونوع وحجم المادة المتفجرة التي استخدمت وراجعت المداخل الاساسية للتحقيق الذي اجرته السلطات اللبنانية على اساس المعايير الدولية المقبولة. وتضمنت مراجعة التقرير المناطق الحساسة في ادارة مشهد الجريمة والمحافظة على ادلة التحقيق لبث قناة الجزيرة التي زعم مسؤولية الاغتيال والتحقيق في مشبوه بالتفجير والتحقيق في سيارة مشتبهة وملاحظات عامة حول تماسك التحقيق.
* التحركات الاخيرة للحريري
ـ في يوم الاثنين 14 فبراير 2005 وفي نحو الساعة الثانية عشرة والنصف غادر الحريري مبنى البرلمان في وسط بيروت وسار نحو 70 مترا الى مقهى (بلاس دي لوتيل) في ميدان النجمة حيث التقى عددا من الناس وفي الثانية عشرة وخمسين دقيقة غادر المقهى يصحبه وزير سابق وعضو البرلمان باسل فليحان. كانت قافلة فريقه الأمني تتكون من ست سيارات أولها سيارة جيب به اربعة من رجال الشرطة (السيارة التي في المقدمة) ومرسيدس سوداء بها ثلاثة من رجال الأمن الخاصين وسيارة مرسيدس مدرعة يقودها الحريري ومرسيدس سوداء بها اربعة حراس ومرسيدس اخرى بها ثلاثة حراس ايضا وسيارة جيب في المؤخرة بها ثلاثة حراس. وكانت كل السيارات مزودة باسلحة نارية وكل الحراس مدربون.
ـ كان طريق السير قد حدد ا للسيارة الاولى في المقدمة فقط حينما غادر الحريري المقهى. وغادرت القافلة ميدان النجمة وسارت على امتداد شارع اهداب وشارع وفش، وفي تقاطع شارع فوش بشارع سوابورت اتجهت القافلة يسارا وسارت على الطريق الاسحلي تجاه فندق سان جورجيوس.
ـ في الساعة الثانية عشرة والدقيقة 56 والثانية 25 كانت قافلة الحريري تسير خارج الفندق مباشرة وهو طريق سارت عليه ست مرات خلال الاشهر الثلاثة الماضية. وقع انفجار هائل نتج عنه مقتل الحريري وسبعة من رجال الأمن و12 من المدنيين في الحال. نقل الحريري الى مستشفى الجامعة الأميركية حيث تم تمييز جثمانه بواسطة طبيبه الخاص وعدد كبير من الاطباء الذين عينتهم الحكومة.
* الانفجار:
ـ اجرت البعثة فحصا وتحليلا واجرت اختبارات في مشهد الانفجار خلال فترة امتدت لسبعة ايام. ويتلخص راي البعثة في ما يتعلق بطبيعة ونوع الانفجار على تفسير خبرائها لاربعة عناصر على (أ) حجم وقوة وشكل الشظايا الناتجة عن الانفجار (ب) حجم وشكل الهوة الذي خلفه الانفجار(ج) التفسيرات البلاستية (د) التفسيرات ذات العلاقة بالدمار الذي احدثه الانفجار في المباني بمنطقة الانفجار.
ـ تحليل الشظايا التي تسبب فيها الانفجار وشكل الهوة التي خلفها الانفجار تشير الى افتراضات تتعلق بانفجار على سطح الارض.
ـ العديد من المؤشرات تشير الى ان الانفجار هو من النوع فوق سطح الارض والمؤشرات مستمدة من شظايا اسفلت الشارع والثقوب وغيرها مما عثر عليه في السطح الاعلى لارضية فندق سان حورجيوس والآثار التي وجدت على سقف السيارة.
ـ بعد اجراء كل التحليلات والنقاشات التي تتعلق بالعينات التي تم جمعها توصل خبراء البعثة الى نتيجة فحواها ان الانفجار في الغالب هو انفجار وضعت مادته فوق سطح الارض وان المادة التي استخدمت هي (تي إن تي) والمادة المستخدمة تبلغ تقريبا الف كيلوغرام.
* مسرح الجريمة:
ـ يقع مسرح الجريمة في عين المريسة بمدينة بيروت خارج فندق جورجيوس. الفترة التي تلت التفجير مباشرة كانت مشهد فوضى وكانت هناك عدد من خدمات الطوارئ وممثلين لأجهزة الإعلام ومئات المارة، ووصل سكان بيروت الى موقع الانفجار للمساعدة ومشاهدة ما يجري. عمليات إجلاء القتلى والمصابين بدأت فور الانفجار. كثير من الخدمات الاولية قدمت بصورة غير رسمية بواسطة اشخاص وصلوا الى موقع الانفجار قبل وصول خدمات الطوارئ. ـ عقب وقوع الانفجار في 14 فبراير، اصبح التحقيق حول الجريمة من اختصاص المحكمة العسكرية وتولى القاضي رشيد مظهر، قاضي هذه المحكمة، ادارة التحقيق حول الجريمة، بما في ذلك الإشراف على الاجراءات المتعلقة بمسرح الجريمة والمحافظة على الأدلة وجمعها بواسطة السلطات المحلية المؤهلة. بوصفه عمل يعلق بأمن الدولة، احيلت القضية الى المجلس القضائي تطبيقا للتشريع الخاص بذلك وفي 21 فبراير جرى تعيين القاضي ميشال ابو عراج، قاضي المحكمة الجنائية، قاض للتحقيق ليحل محل رشيد مظهر.
وتم تعيين قاضي المحكمة الجنائية باعتباره قاضي التحقيق ليحل محل رشيد مشهار.
ـ الفشل في تنفيذ معظم المهام الجوهرية التي لا صلة بهذه المسؤولية يصبح جليا منذ البدء حينما يتم الكشف عن العناصر التالية:
(أ) اعتبر جسد الرجل الذي تم العثور عليه يوم 15 فبراير أنه نجا لمدة تقارب العشرين ساعة بعد الانفجار.
(ب) هناك جسد وضع عن طريق الخطأ وتم العثور عليه يوم 22 فبراير 2005.
(ج) هناك جسد وضع من قبل أفراد أسرته وتم العثور عليه يوم الأول من مارس 1005.
(د) أخبر عن فقدان شخص ويعتقد أنه ما زال في موقع الانفجار.
34 ـ الحفاظ على الأدلة في حين يعتبر الحفاظ على الدليل أساسيا في نجاح كل تحقيق، فإنه ثانوي بالنسبة إلى الحفاظ على الحياة واسترداد الأجسام.. ففي هذه الحالة، مثلما هو الحال مع أي حالة طوارئ أساسية، فإن الحفاظ على المشهد ما كان محط الاهتمام الأساس لموظفي خدمات الطوارئ الذين جاءوا لتقديم المساعدة. مع ذلك بعد الفوضى التي سادت بدايةً، ونقل الموتى والجرحى، فإن أجهزة الأمن بقيادة وتوجيه قاضي التحقيق رشيد مظهر، كان ينبغي أن تبعد الناس عن المنطقة وتمنع الدخول غير المشروع إليها. بإكمال بحث مفصل للمنطقة للتأكد من انه تم انتشال الجثث والجرحى، كان يجب أن يؤمن الموقع بنحو كاف للإبقاء على كل الأدلة المتوفرة. السلطات المسؤولة فشلت في عمل ذلك.
35 ـ ما حددت الهيئة النواقص التالية:
أ ـ قبل منتصف ليلة 14 فبراير (شباط) بقليل جرى نقل ست سيارات، التي يتكون منها موكب السيد الحريري، وسيارة بي أم دبليو (ليس لها علاقة بالموكب)، من موقع الانفجار إلى ثكنات شرطة حلو في مدينة بيروت. وعلى الرغم من أنه تمت تغطية السيارات بعد نقلها، فإنها ما زالت حتى الآن غائبة عن أماكنها الخاصة بها في موقع الانفجار، لذا فإن هذا حال دون أي تحليل خاص بالقذائف والمتفجرات وجمع الأدلة في الموقع.
ب ـ تدخل موظفو الجيش اللبناني والشرطة والمخابرات، ومن ضمنهم خبراء المتفجرات، ونقلوا مواد يحتمل أن تكون ذات قيمة في الأدلة من دون توثيقها بشكل سليم، ومن دون وضعها مع بعضها والإخبار عنها.
ج ـ باستثناء من السماح الأولي للإعلام بدخول الموقع بعد الانفجار مباشرة، منح الإعلام إذناً رسمياً بدخول الموقع في 15 فبراير من قبل القاضي مظهر، بعد أن قامت أجهزة الأمن بتأمين الموقع.
د ـ غمر مقعد الانفجار (الحفرة الناتجة) بالماء في الأيام التالية للانفجار، بعد أن أخفقت السلطات المحلية ـ الشرطة، في حبس الماء والحيلولة دون تسربه إلى الحفرة من الأنابيب المتكسرة في الموقع، وبذلك جرى الإضرار بأدلة أساسية أو حتى محوها.
هـ ـ أجزاء من سيارة بيك آب جلبت من قبل أعضاء في أجهزة الأمن، في وقت ما بعد الحادث، ووضعت تلك الأجزاء في الحفرة، وجرى لاحقاً تصويرها وتصنيفها على اعتبارها أدلة.
و ـ لاحظت الهيئة أنه حتى 6 مارس (أذار) وجود عدد كبير من الموظفين بزيهم النظامي وأشخاص بملابس مدنية، وهم يتجولون في الموقع، وما كان هناك سجل بالأشخاص الداخلين إلى الموقع أو الخارجين منه، وما كانت هناك سيطرة على نقل أو وضع مواد ـ عينات في الموقع.
ز ـ في اجتماع مع الفريق المحلي للإدارة السامية للتحقيق في 8 مارس 2005، طلب أعضاء الهيئة تقريراً بالوقائع خاصاً بموقع الجريمة، مثل دخول الموظفين، الأدلة المجموعة، الصور المأخوذة، الاختبارات التي أجريت والإدارة العامة لموقع الجريمة. وجرى إخبار الهيئة في 15 مارس 2005 بأن تقريراً مثل هذا غير موجود ولا يمكن توفيره.
ح ـ هناك دليل قوي يشير إلى أن قضاة التحقيق ما كانوا يسيطرون على مجرى التحقيق.
ط ـ تدخلت وكالات حكومية ـ أمنية على الموقع من دون موافقة قضائية على ما يبدو، وفشلت لاحقاً في تنسيق نتائج التحقيق.
36 ـ عليه فإن الهيئة ترى أن موقع الجريمة لم يدر على نحو سليم أو يجري الحفاظ عليه، وتحصيلا على ذلك فإن أدلة مهمة إما أزيحت أو جرى التخلص منها من دون تثبيتها. وينبغي محاسبة هؤلاء المسؤولين عن سوء الإدارة هذا.
* بث قناة «الجزيرة» الفضائية:
37 ـ في الساعة 13.30 تقريباً يوم 14 فبراير 2005، تلقى مدير مكتب قناة «الجزيرة» ومراسلها في بيروت، اتصالاً هاتفياً من رجل وصفت لغته العربية بأنها ركيكة، أو أنه كان يتظاهر بذلك. أعلن الرجل أن «جماعة النصرة والجهاد في سورية الكبرى، مسؤولة عن مقتل العميل رفيق الحريري باسم المضطهدين، النصرة والجهاد». بثت قناة «الجزيرة» هذا البيان في الساعة 1400 تقريباً. وفي الساعة 14:19:25 قام شخص آخر بالاتصال بقناة «الجزيرة» لغته «العربية جيدة جداً»، قائلاً إن هناك شريط تسجيل موجود عند شجرة بالقرب من مقر الأمم المتحدة في بيروت.
أمر أحد موظفي «الجزيرة» بالذهاب إلى ذلك الموقع، لكنه فشل في العثور على الشريط.
وجرى إرسال شخص ثان من «الجزيرة» لجلب الشريط، وتم ذلك وسلم الشريط إلى المدير. وفي الساعة 15:27:37 تلقت الجزيرة» مكالمة هاتفية ثالثة تساءل صاحبها لِمَ لم يبث الشريط؟ أخبر المدير المتكلم أنه لا يمكن بث الشريط حتى يتخذ قرار بخصوص ذلك في مقر «الجزيرة» بقطر. وهدد المتكلم، الذي كان في تلك اللحظة يصرخ، المدير بأن سيندم على عدم بث الشريط. وفي الساعة 17:04:35 تلقت الجزيرة آخر مكالمة هاتفية، كان فيها صاحب الصوت نفسه، غاضباً جداً، سائلاً المدير ما إذا كان الشريط سيبث أم لا؟
جعل المدير المتكلم ينتظر على الخط، وقرر بعد ذلك بأن جرت الموافقة على بث الشريط، وأخبر المتكلمَ بأن عليه أن يشاهد التلفزيون. ظهر في الشريط المسجل، الذي بثته قناة «الجزيرة»، رجل ملتح وهو يعلن مسؤوليته بالنيابة عن «جماعة النصرة والجهاد في سورية الكبرى» عن مقتل الحريري. وهذا الشخص الذي ظهر في التسجيل هو أحمد أبو عدس، يقطن في بيروت وعمره 22 عاماً.
38 ـ في اليوم ذاته، 14 فبراير 2005 الساعة 14:11:25، تلقت مستشارة عاملة بوكالة رويترز للأنباء مكالمة هاتفية من شخص وصفته بأنه «ليست لديه لهجة لبنانية، لكنه استخدم لهجة فلسطينية مزيفة». لقد قالت إن المتكلم الذي كان يصرخ بصوت آمر، أخبرها بأن «اكتبي، اكتبي، ولا تتكلمين»، «اننا جماعة النصر والجهاد في سورية الكبرى، في هذا اليوم نال الكافر الحريري ما يستحقه من عقوبة حتى يكون عبرة لأمثاله». واعتماداً على تعليمات عامل (من رويترز) فإن فحوى المكالمة لم تنشر، لأنه لا يمكن التوثق من المكالمة.
39 ـ من المكالمات الخمس التي تسلمتها قناة «الجزيرة»، حدد موقع أصل اربعاً منها. جميع الأماكن التي حددتها الشرطة هي أكشاك تليفونات عمومية في مدينة بيروت. إن وضع شريط الفيديو في ذلك الموقع من قبل شخص أو أشخاص لهم علاقة بمقتل السيد الحريري، زود القوات الأمنية سبيلاً مهماً في التحقيق، فشرائط الكاميراتين المثبتين في مكانين مهمين اللذين حددهما أعضاء الهيئة لم يجر الاطلاع عليها، وشهود يعملون في المنطقة، ممن عينتهم الهيئة، لم تجر مقابلتهم، كما إن أكثر التحقيقات أساسية لم تنفذ. أظهر هؤلاء المسؤولون عن هذا الجانب من التحقيقات إهمالاً فادحاً.
* المشتبه فيه:
40 ـ ولد أحمد أبو عدس، وهو من أصل فلسطيني، في جدة بالمملكة العربية السعودية يوم 29 أغسطس (آب) 1982، وجاء إلى لبنان وعائلته العام 1991. وهو ابن تيسير أبو عدس ونهاد موسى نافح. له أختان تعيشان في بيروت، وأخ يقيم حاليا في ألمانيا. أحمد عاطل عن العمل. تظهر التحقيقات أن أحمد أبو عدس غادر في الساعة 0700 يوم 16 يناير (كانون الثاني) داره الكائنة بناية الاسكندراني رقم 6، الطابق الأول، محيط الجامعة العربية في مدينة بيروت، وأخبر على أنه مفقود رسمياً يوم 19 يناير 2005.
تابع التقرير .....
مجاهدون
03-26-2005, 09:18 AM
41 ـ أثبتت التحقيقات بأن أحمد أبو عدس تغير منذ ثلاث سنوات تقريبا من مراهق حر إلى أصولي متدين. أخبر أحمد، قبل أن يعلن عنه مفقوداً، عائلته بأنه التقى صديقا جديداً في جامع الحوري، حيث كان يصلي بالمصلين أحياناً، والمعلومات التي أدلت بها أم أحمد أبو العدس تقول إنه في الساعة 2100 تقريباً يوم 15 يناير 2005 اتصل «الصديق الجديد» ببيت أحمد أبو عدس، وأخبره بأنه سيراه الساعة 0700 يوم 16 يناير، قائلاً إن لديه مفاجأة لأحمد.
تزعم الأم إن أحداً جاء لأحمد الساعة 0700 يوم 16 يناير منذراً أياه ببوق سيارة خارج الشقة، وتضيف إن أحمد، الذي كان مستيقظاً منذ وقت الصلاة، طلب منها بعض النقود وأخذ منها 2000 ليرة لبنانية (حوالي دولار واحد 33 سنتا)، وقال إنه سيغيب ساعات قليلة فقط. وتقول أيضاً إن أحمد طلب منها أن تعتذر بالنيابة عنه لصديق آخر بأن لديه موعداً آخر في ذلك التاريخ.
42 ـ يوم 14 فبراير 2005 كانت عائلة أبو عدس تتفرج على التلفزيون حين بثت قناة «الجزيرة» شريط الفيديو الذي يعلن فيه أحمد المسؤولية عن قتل السيد الحريري نيابة عن جماعة «النصرة والجهاد في سورية الكبرى». في الساعة 2030 يوم 14 فبراير سلم الأب والأم والأخت الصغرى من أحمد، أنفسهم للشرطة، واعتقلوا جميعاً. حبس الوالدان سبعة أيام، لكن الأخت أطلق سراحها بعد اليوم الثاني. إن التحقيقات الخاصة بأحمد أبو عدس تضمنت اعتقال ومقابلة العائلة وأصدقاء وفحص سجل المكالمات التليفونية، وتفتيش بيت الوالدين حيث يعيش أحمد. تبين معلومات التحقيق إن لأحمد جهاز كومبيوتر جرت مصادرته كجزء من إجراءات التحقيق. ومن المواد المصادرة 11 شريط فيديو و55 قرصاً مدمجاً.. باستثناء المعلومات ـ البيانات ذات الطابع التخريبي، التي زعم إنه عثر عليها في جهاز الكومبيوتر، فإن لا يوجد ما يشير إلى أن لأحمد ميولاً تخريبية أو ميولا نحو العنف.
43 ـ التحقيق الذي شمل هذا الجانب من الجريمة بين العيوب التالية:
أ ـ الضباط الذين قادوا التحقيق طمأنوا الهيئة إلى أن لأحمد أبو عدس مدخلاً للإنترنت في بيته، وأن المعلومات الموجودة في الكومبيوتر حملت مباشرة من جهاز الكومبيوتر الموجود في بيت أحمد أبو عدس. بينت التحقيقات التي أجرتها الهيئة بأن أحمد أبو عدس ليس لديه مدخل للإنترنت من بيته، وما كان بوسعه الدخول إلى المواقع المقترحة من جهاز كومبيوتره الشخصي. تشير التحقيقات التي أجرتها الهيئة إلى أن الأجهزة الأمنية لم تفحص أو تجري تحقيقات في مقاهي الإنترنت المحلية بأمل معرفة أصل هذه البيانات المزعوم أنها موجودة في جهاز كومبيوتر أحمد أبو عدس.
ب ـ لا يوجد إثبات يدعم النظرية القائلة بأن لأحمد ميول عنف أو تطرف.
ج ـ لا يوجد دليل على أحمد خطط رحيله مسبقاً أو أنه لن يعود في ذلك الوقت الذي غادر الدار يوم 16 يناير 2005.
أ ـ لا تتوفر معلومات أمنية عن مجموعة » النصرة والجهاد في سورية الكبرى» بعد الانفجار أو قبله.
هـ ـ تقتضي عملية الاغتيال أموالاً طائلة ودقة عسكرية في طريقة التنفيذ ودعماً لوجستياً حقيقياً، وهي فوق طاقة أي فرد أو مجموعة إرهابية. لا يوجد دليل على أن أحمد كان يمكن أن يمتلك قابلية التخطيط وتنفيذ عملية الاغتيال بمفرده، كما ليست لديه القدرة المالية.
سيارة المشتبه فيه 44 ـ جرى تحدد موقع قريب لفرع بنك أتش أس بي سي من موقع الانفجار. للبنك كاميرته التي سجلت حركة موكب الحريري قبل الانفجار مباشرة لكنها لم تسجل مشهد الانفجار ذاته. أخذ رجال من الوكالات الأمنية اللبنانية نسخا من هذا التسجيل بعدما بدأ التحقيق ببعض الوقت.
وبمعاينة محكمة يبين الشريط المسجل دخول شاحنة بيك آب بيضاء منطقة الانفجار قبل موكب الحريري بوقت قصير. يبين هذا التسجيل بوضوح أن هذه الشاحنة تسير أبطأ بـ6 مرات من السيارات العابرة على نفس الطريق. وبتحليل سلسلة الوقت فإن لكل 50 إلى 60 متراً تغطيه الكاميرا، فالسيارة العادية تقطع ذلك خلال 3 إلى 4 ثوان، على حين تقطع الشاحنة ذلك في 5 إلى 6 ثوان.
إن البيك آب المشتبه فيها تقطع المسافة ذاتها في 22 ثانية تقريباً وتدخل منطقة الانفجار في دقيقة و49 ثانية، قبل وصول موكب الحريري. لقد خمن بأن لو استمرت البيك آب في مسيرتها بالسرعة ذاتها بدون توقف لكانت قوة الانفجار قد أثرت فيها، ولبقيت على الأرجح في الموقع بعد الانفجار. فحتى تتجنب الانفجار كان على الشاحنة زيادة سرعتها بشكل كبير حالما غابت عن عيون كاميرا أتش أس بي سي. لا يوجد دليل يدعم ذلك.
44 ـ حدد المحققون اللبنانيون وجود هذه الشاحنة وحركتها المشبوهة باعتبار ذلك مسألة تستدعي التحقيق. حددوا صناعة وطراز هذه السيارة المشبوهة بأنها متسوبيشي كانتر بيك آب (موديل 1995 ـ 1996 على الأرجح). تمركزت التحقيقات التي قامت بها قوات الأمن اللبنانية بشكل كبير على تحديد ملكية الشاحنة محاولين تتبع تاريخ الملكية عن طريق تسجيلات الاجازات ونقاط الحدود وتسجيلات الصناعة وأماكن بيع السيارات.
خلال البحث عن أدلة في موقع الانفجار اكتشفت قوات الأمن، كما زعمت، قطعاً من شاحنة البيك آب التي تشبه الشاحنة المشبوهة والتي تبين أن لها علاقة بحادث الانفجار. واكتشفت قوات الشرطة، كما تزعم، أكثر من 21 قطعة من هذه الشاحنة المشبوهة في منطقة الانفجار وحولها. تركز الجانب الكبير من تحقيقات القوة الأمنية على هذه النقطة فقط. لقد حددت الهيئة بأن هذه الشاحنة، مثلما ما هو واضح من كاميرا بنك اتش اس بي سي، موجودة حقاً وكانت عند الموقع قبل الانفجار مباشرة، الانفجار الذي أودى بحياة السيد الحريري.
وتقبل الهيئة بأن النظرية القائلة بأن لهذه الشاحنة علاقة بعملية الاغتيال الموقع، هي نظرية صادقة وتقتضي تحقيقاً شاملاً ودقيقاً. لقد انتشلت قوات الأمن اللبنانية أجزاء صغيرة من شاحنة متسوبيشي من الحفرة ومن المناطق المجاورة لموقع الانفجار. وقد انتشلوا قطعاً من الشاحنة متسوبيشي من جهة البحر المحاذية لموقع الانفجار. انتشلت الهيئة قطعة معدنية من الحفرة من ذات المعدن الذي لقطع الشاحنة التي تؤكد نظرية انفجار أرضي أو فوق أرضي.
46 ـ على ذلك، فإن التحقيق في هذا الجانب من القضية لم يكن كاملاً أو واسعاً، وحسب ما ترى الهيئة، فإنه جرى الإضرار به بشكل كبير وجوهري لأفعال وتماهل قوات الأمن على الأرض للأسباب التالية:
أ ـ إلى ما يقارب الشهر من عملية الاغتيال تقريبا، لم تحاول قوات الأمن أو حاولت قليلاً لتحديد حركة هذه الشاحنة قبل الانفجار مباشرة أو بعده. كان بامكان هذا الجانب من التحقيق أن يكشف أدلة مهمة ومنها امكانية تحديد الجاني ـ الجناة، مكان وقوف الشاحنة قبل وقوع الانفجار مباشرة، وما هو أكثر أهمية ما إذا استمرت الشاحنة بطريقا وأن لا علاقة لها البتة بعملية الاغتيال.
ب ـ قرت الهيئة بأن مساعي قليلة فعلت لمعرفة ما إذا استمرت الشاحنة بيك آب استمرت في رحلتها، ولم تبذل مساع تذكر لمعرفة مكان شرائط الكاميرات أو الشهود في الطريق بعد الانفجار.
ج ـ تستطيع الهيئة القول بثقة بأن قطعا من الشاحنة جلبت إلى مشهد الانفجار من قبل عضو من القوات الأمنية بعد عملية الاغتيال ببعض الوقت، ووضعت في الحفرة وجرى تصويرها لاحقاً من قبل أعضاء من القوات الأمنية، وهكذا خلقوا شكوكاً جدية في ما يتعلق بعلاقة الشاحنة في فعل الاغتيال، وهذا أضر جدياً بصدق الخط الاساسي للتحقيقات. هذا الخط من التحقيق أضر ضرراً كبيراً في ما يتعلق بمسألة الصدق والتحدي القضائي.
47 ـ باختصار، إن السلوك الذي اتبع في ما خص العنصر من التحقيقات يبين، اهمالاً فادحاً في الأقل، مصحوبا بأفعال إجرامية على الأرجح، ويتحمل القائمون به المسؤولية عن ذلك.
* تقييم عام للتحقيق:
53 ـ خلال فترة بقائنا في لبنان كان الناس العاديون يوقفوننا في شوارع بيروت ويشكروننا على جهودنا لكشف «الحقيقة»، حاثين إيانا على عدم ترك هذه القضية بدون حل، وتذكيرنا بأن من المهم جلب المذنبين أمام العدالة «من أجل لبنان». كانت اللافتات في شوارع بيروت تحمل كلمة واحدة بلغتين: «الحقيقة».
وأخبرنا الكثير من المسؤولين في كل المؤسسات الحكومية أن الكشف عن الحقيقة «في هذه المرة» أساسي للبدء بتحقق السلم المدني في البلد وتقليص التوتر، وهذا سيسمح للبنان بالتحرك نحو الوضع الطبيعي.
54 ـ إضافة إلى ذلك يبدو أن اغتيال الحريري فتح بوابات للانتفاض السياسي كانت مغلقة من قبل وكانت تغلي تحت السطح خلال أشهر السنة الماضية. الاتهامات والاتهامات المضادة مزدهرة تماما وتشحن الجدل السياسي المنقسم إلى قطبين. يتهم البعض دوائر الأمن والقيادة السورية باغتيال الحريري، لأنه أصبح عائقا لا يمكن تجاوزه أمام نفوذهم في لبنان.
وهؤلاء يعتقدون بأن إزالته أصبحت ضرورية لسورية كي تبقي سيطرتها على الحياة السياسية اللبنانية، خصوصا إذا أجبرت سورية على سحب قواتها من لبنان. ويصر المساندون لهذه الفرضية على أن القيادة السورية لن تمانع من أن تكون «مشتبها فيها»، وأنها استخدمت من قبل هذه التكتيكات في الماضي بدون أن تكون لديها أي مخاوف من ترك أي آثار وراء أفعالها. وحسب هذه المصادر فإن هذا النمط من السلوك هو جزء من إدارة سورية القسرية للشؤون اللبنانية، بينما يزعم آخرون أن القيادة السورية لم تتوقع أي ردود فعل عنيفة من الشعب اللبناني أو من المجتمع الدولي. ومن وجهة نظرهم فإن القرار لتصفية الحريري كان «خطأ استراتيجيا في الحسابات» شبيها بحسابات مغلوطة وقعت بها الحكومة السورية في السابق.
55 ـ لكن مساندي سورية يزعمون أن الحريري قتل على يد «أعداء سورية» الذين يريدون أن يفرضوا ضغطا دوليا على سورية من أجل الإسراع في إنهاء النفوذ السوري داخل لبنان أو البدء بسلسلة ردود أفعال تؤول في الأخير إلى إحداث تغيير للنظام داخل سورية نفسها.
وحسب أنصار هذه الفرضية فإن اغتيال الحريري سيكون غلطة كبيرة تقوم بها القيادة السورية. إذ أن سورية لن تكون المشتبه فيه رقم واحد بل ستكون الخاسر المباشر أيضا. وهؤلاء الذين يؤمنون بهذه الفرضية يذكّرون اللجنة بأن الاغتيالات السياسية لا تتم من أجل الانتقام بل من أجل تحقيق نتائج محددة. والنتائج التي تترتب عن اغتيال الحريري هي معاكسة بوضوح لما تريده سورية.
56 ـ كذلك وسع الاغتيال الفجوة بين الجماعات السياسية اللبنانية وأصبحت أكثر استقطابا ضمن المشهد السياسي إلى درجة مخيفة. فبعد الاغتيال مباشرة انقسمت ألوان الطيف السياسي إلى طرفين «معارضة» و«وموالية». وهي تتمحور حول الحكومة اللبنانية والرئيس اللبناني والعلاقات السورية اللبنانية. وبعد مضي أسبوعين على الاغتيال خرج عدد كبير من اللبنانيين إلى الشوارع للتعبير عن حزنهم وغضبهم ومعارضتهم السياسية للتورط السوري في الشؤون اللبنانية. واتهم زعماء المحتجين والمعارضة من تورط أجهزة الأمن اللبنانية في الاغتيال ودعوا إلى استقالة الحكومة ولخروج القوات والأجهزة الأمنية السورية من لبنان. وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء كرامي لديه الأكثرية في البرلمان وهو واثق من حصوله على ثقة الأكثرية، فإنه أعلن بعد استماعه للشارع استقالة حكومته بينما كانت الاحتجاجات متجمعة بالقرب من البرلمان.
57 ـ استمر زعماء المعارضة والمحتجين بحملتهم داعين إلى إقصاء رؤساء الأجهزة الأمنية وخروج الجيش السوري مع أجهزته الأمنية من لبنان وتشكيل حكومة محايدة تركز على التحضير للانتخابات التشريعية المقبلة وتشكيل لجنة دولية تقوم بالتحقيق باغتيال الحريري. لكن «الموالين» ردوا بشكل سريع على هذه المبادرة من خلال حشد ما لا يقل عن نصف مليون في شوارع بيروت يوم 8 مارس دعما للحكومة اللبنانية وسورية. وفورا أعلن الرئيس السوري نية حكومته سحب وحداتها حتى وادي البقاع تطبيقا لاتفاقية الطائف لعام 1989 ثم سحب القوات السورية حتى الحدود السورية لاحقا. مع ذلك فإن هذا الإعلان لم ينه النقاش الدائر حول الوجود السوري في لبنان. فزعماء المعارضة استمروا في إظهار شكوكهم حول نوايا النظام السوري، وطالبوا بجدول زمني لانسحاب شامل بينما دعا البعض لإنهاء كل الانسحاب قبل إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة.
58 ـ طبقا للتقديرات المتوفرة، تجمع ما يزيد على مليون شخص في 14 مارس في الساحة الرئيسية ببيروت وهتفوا من أجل «استقلال» لبنان وإنشاء لجنة دولية مستقلة وإقالة مسؤولي أجهزة الأمن وتشكيل حكومة «محايدة» للتحضير للانتخابات المقبلة. الخوف من الفراغ الدستوري جرى التعبير عنه على نحو واضح للجنية، فضلا عن المخاوف من عدم التمكن من التصويت على قانون الانتخابات في الوقت المناسب أو التحضير على نحو كاف للانتخابات التشريعية في مايو. اقتراح كثيرون ان يكون هناك إشراف دولي على الانتخابات ضمانا لنزاهتها. وأشاروا الى ان الانتخابات التي تتسم بالمصداقية تساهم بالفعل في استقرار الوضع السياسي. كانت هناك مخاوف ايضا من اندلاع نزع أهلي خصوصا في ظل الاستقطاب الحاد في وصوف المعارضين والموالين. هذه الاضطرابات السياسية تحمل مهددات للسلام والأمن في لبنان، كما لها انعكاساتها الواضحة على الاستقرار في المنطقة بأسرها.
59 ـ يضاف الى ما سبق ان السياسيين اللبنانيين من مختلف الخلفيات والولاءات عبروا للجنة عن مخاوفهم من أن يصبح لبنان مرة أخرى ميدان معركة لقوى خارجية. وأشار كثيرون الى الحرب الاهلية الطويلة والمأساوية كمثال لتنافس القوى الخارجية عبر قوى لبنانية. كما اشاروا ايضا الى هشاشة الدولة اللبنانية وقدرتها المحدودة على تحمل الضغوط. وأكد عدد من الرموز السياسية قلقهم من ان يجد لبنان نفسه وسط مواجهة محتملة بين سورية والمجتمع الدولي، مع احتمال ان تترتب على ذلك نتائج مدمرة على السلام والأمن اللبنانيين. توسل القادة السياسيون اللبنانيون الى اللجنة لمناشدة المجتمع الدولي بعدم استخدام لبنان كأداة للضغط. وقال واحد من المحاورين خلال حديثه: «هذه الأداة هشة للغاية ومن المحتمل ان تُكسر بسهولة».
* خاتمة وتوصيات:
60 ترى اللجنة أن أجهزة الأمن اللبنانية والاستخبارات العسكرية السورية تتحمل المسؤولية الرئيسية في انعدام الأمن والحماية والنظام والقانون في لبنان. أجهزة الأمن اللبنانية أظهرت إهمالا خطيرا ومنتظما في تنفيذ واجباتها التي عادة ما تنفيذ بواسطة أجهزة الأمن الوطنية المحترفة. وبذلك تكون قد فشلت فشلا ذريعا في توفير مستوى مقبولا من الأمن للمواطنين اللبنانيين، وعليه فإنها تكون بذلك قد شاركت في الترويج لثقافة التهديد والتخويف والإفلات من العقوبة. الاستخبارات العسكرية السورية تتحمل نصيبها من هذه المسؤولية الى حد مشاركتها في إدارة أجهزة الأمن في لبنان.
61 ـ ثانيا، ترى اللجنة أيضا ان حكومة سورية تتحمل المسؤولية الأساسية في التوتر السياسي الذي أعقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. مارست حكومة سورية بوضوح نفوذا تجاوز مجرد الممارسة المعقولة لعلاقات الجوار القائمة على التعاون، فقد تدخلت في تفاصيل الحكم في لبنان على نحو واضح كان سببا رئيسيا في الاستقطاب السياسي الذي حدث نتيجة لذلك. وبدون تحامل في نتائج التحقيق، من الواضح ان هذا المناخ ساهم في توفير خليفة لاغتيال الحريري.
62 ـ ثالثا، بات من الواضح للجنة ان عملية التحقيق اللبنانية تعاني من إخفاقات جدية. وبصرف النظر عما إذا كان السبب في ذلك هو الافتقار للقدرات أو عدم الالتزام والحرص، فإن هذا التحقيق لن يصل على نتيجة مرضية. يضاف إلى ذلك، أن مصداقية السلطات اللبنانية المسؤولة عن إجراء التحقيق محل تساؤل من جانب العديد من اللبنانيين في الحكومة والمعارضة على حد سواء. لذا، ترى اللجنة أن إجراء تحقيق دولي مستقل بات ضرورة للتوصل الى الحقيقة. ولإجراء مثل هذا التحقيق هناك حادة الى فريق يضم خبراء في مختلف المجالات ذات الصلة بالتحقيق، مع ضرورة وجود طاقم مساند وموارد كافية ومعرفة بالنظم القانونية وغيرها من النظم ذات الصلة بالتحقيق. هذا الفريق في حاجة إلى سلطات تنفيذية لتنفيذ الاستجواب والبحث والمهام الأخرى ذات الصلة. ويمكن مساعدة الفريق وتقديم النصح له بواسطة مصادر قانونية لبنانية من دون تأثير على استقلاليته، إلا أن هذه اللجنة لن تستطيع أن تباشر مهامها وتنفيذ واجباتها بصورة مرضية ـ وتتلقى التعاون الضروري واللازم من السلطات المحلية ـ في ظل وجود القيادة الحالية لأجهزة الأمن اللبنانية.
63 ـ رابعا، توصلت اللجنة الى نتيجة مؤداها ان عودة المصداقية والحياد إلى جهاز الأمن اللبناني مسألة ذات أهمية حيوية وبالغة لأمن واستقرار البلاد. لذا، يجب أن تكون هناك جهود لإعادة هيكلة وإصلاح وإعادة تدريب العاملين في هذه الأجهزة للوصول الى هذا الهدف، ويتطلب ذلك بالضرورة مساعدة ومشاركة نشطة من المجتمع الدولي. واعتمادا على إطلاع اللجنة على التركيبة الحالية لأجهزة الأمن اللبنانية، هناك ستة جوانب جرى تحديدها كأولويات للإصلاح الأمني هي:
أ ـ فصل الأمن عن السياسة وتأسيس خدمة ذات كفاءة ومهنية.
ب ـ تأميم جهاز الأمن بفك ارتباطه من النفوذ الخارجي والصعود به فوق الطائفية.
ج ـ تأسيس جهاز شرطة ديمقراطي مع تخصيص الاهتمام اللازم لحكم القانون وحقوق الانسان.
د ـ تأسيس نظام واضح للبلاغات الرسمية.
هـ ـ الاهتمام بجانب التأهيل ورفع القدرات. و.العمل بآليات واضحة فيما يتعلق بالمسؤولية والإشراف القضائي.
64 ـ أخيرا، ترى اللجنة أن السند السياسي الدولي والإقليمي سيكون ضروريا لحماية الوحدة الوطنية في لبنان وحماية نظام الدولة الهش من الضغوط التي لا مبرر لها. تحسين آفاق السلام والأمن في المنطقة سيوفر بدوره أرضية صلبة لاستعادة الأوضاع الطبيعية في لبنان.
* بيتر فيتزجيرالد ـ رئيس لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في لبنان ـ نيويورك، 24 مارس 2005
المهدى
04-14-2005, 06:56 AM
مقربون من الرئيس الشهيد سيضعونها بتصرف لجنة التحقيق الدولية
وثائق جديدة بـ"الصوت والصورة" عن اغتيال الحريري
بروكسل - كتب حميد غريافي:
تمتلك جهات سياسية لبنانية قريبة من آل الحريري مؤيدة للمعارضة اللبنانية أفلاما حصلت عليها من فنادق ومصارف محيطة بمسرح التفجير الارهابي الذي أدى الى مصرع رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وعدد كبير من مرافقيه ومن مواطنين عاديين, ولم يجر تسليمها (الافلام) الى سلطات التحقيق اللبنانية خشية اخفائها كما حدث لشريط كاميرا مماثل صور محاولة اغتيال الوزير السابق مروان حمادة أحد ابرز قادة المعارضة, ولا حتى الى »لجنة تقصي الحقائق« الدولية برئاسة الضابط الايرلندي بيتر فيتزجيرالد ظناً من هذه الجهات السياسية ان مهمته »استطلاعية« فقط لا تقريرية, بانتظار صدور قرار مجلس الامن (1595) الاخير تشكيل لجنة التحقيق الدولية الأكثر فاعلية والأوسع صلاحية الذي كانت تباشير صدوره واضحة بما لا يقبل اي شك.
وكشف تقرير استخباري غربي استنادا الى »مصادر ثقة« في بيروت النقاب عن ان »مسؤولين عن بعض الفنادق والمصارف التي تضرر بعضها بفعل التفجير الضخم في الرابع عشر من فبراير الماضي امام فندق سان جورج الشهير, قاموا في منتصف مارس الفائت بتسليم عدد من أفلام كاميراتهم الى اشخاص محسوبين على آل الحريري وعلى بعض قادة المعارضة, يصور مسرح التفجير قبل وخلال وبعد وقوعه ويميط اللثام عن كيفية نقل سيارات موكب الحريري المحترقة من مكان الجريمة (الى ثكنة الحلو العسكرية) ووجوه الاشخاص الذين شاركوا في ذلك, كما يمكن ان تكون احدى الكاميرات التقطت بعد ايام صور نقل اجهزة أمنية احدى قطع السيارات الضخمة الى الحفرة التي سببها الانفجار بهدف بلبلة التحقيقات وحرف اتجاهها«.
وذكر التقرير الذي اطلعت عليه الاجهزة الأمنية الاوروبية في بروكسل الاسبوع الماضي ان هذه الافلام التي لا تعرف بوجودها الاجهزة الامنية والقضائية اللبنانية »المتهمة من الزعامات السياسية اللبنانية ومن تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية بمحاولة اخفاء معالم الجريمة او التقصير او عدم الأهلية او ربما بالتواطؤ فيها« سيجري تسليمها مباشرة الى اعضاء رئاسة لجنة التحقيق الدولية فور وصولهم الى بيروت قبل نهاية هذا الشهر لتشكل احد أهم المستندات لعمليات التمويه الرسمية من اجل طمس حقيقة الفاعلين الاصليين«.
وقال التقرير ان بعض السفارات الغربية تمتلك تسجيلات صوتية لمكالمات هاتفية بواسطة الاقمار الصناعية جرت بين اطراف المؤامرة من مخططين ومنفذين ومراقبين عن بعد اثناء وبعد عملية التفجير, وبعض تلك المكالمات كانت مع مواقع حساسة معروفة او خرجت منها«.
وذكر التقرير ان البعثات الديبلوماسية الغربية في بيروت »لم تقرر بعد ما اذا كانت ستسلم هذه الاشرطة المسجلة الى لجنة التحقيق الدولية, ام تحتفظ بها لعدم التدخل في الموضوع مراعاة للبروتوكول الديبلوماسي الدولي, خصوصا وانها ستصبح طرفاً في التحقيقات علنيا ومعروفاً في حال مساعدة التحقيقات بها«.
وأعرب التقرير الاوروبي عن اعتقاد واضعيه, استنادا الى »فيض المعلومات في بيروت« ان »مفاجآت خطيرة قد تظهر خلال تحقيقات اللجنة الدولية, اذ هناك العشرات من الشهود قد يتقدمون من محققيها بمعلومات كانوا احجموا حتى الآن عن كشفها خشية الانتقام منهم, اما الآن, وبعدما اصبحت اللجنة امرا دوليا واقعا وبعد الانهيار الكبير الحاصل في جدار السلطة اللبنانية الحاكمة اثر الانسحاب السوري من لبنان وإعلان الولايات المتحدة واوروبا والامم المتحدة دعمها الكامل لمطالب المعارضة اللبنانية الاقوى في تاريخ لبنان, فان الخوف قد يكون زال, وبالتالي فان الكثيرين سيلقون بدلائهم في عمليات التحقيق هذه«.
في غضون ذلك, كشفت أوساط اميركية في واشنطن مقربة من وزارة الخارجية الاميركية النقاب ل¯ »السياسة« عن ان سفير لبنان في اميركا فريد عبود المحسوب على الاجهزة الامنية اللبنانية والذي طالبت المعارضة في بيروت الاسبوع الماضي باقالته مع قادة هذه الاجهزة يحاول مستميتاً (حسب وصف الأوساط) مع البعثة اللبنانية في الامم المتحدة في نيويورك الحصول على اسماء رئيس لجنة التحقيق الدولية واعضائها العشرة الكبار, بعدما تلقى من بيروت طلباً ملحاً بذلك, وان البعثة السورية ايضا في المنظمة الدولية تحاول منذ نهاية الاسبوع الماضي الوصول الى معرفة اسماء هؤلاء مسبقا لمعرفة ما اذا كان بينهم اشخاص محسوبون على الاستخبارات الاميركية (سي.آي.إيه) أو مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف. بي.آي) او اي مسؤول غربي آخر يتعاون مع هذه الاجهزة الأميركية أو مع وزارة الدفاع »البنتاغون«.
باسل فليحان.. «رفيق» الحريري يودع الحياة
بعد صراع 64 يوماً مع الحروق التي طالت 65% من جسمه
بيروت: ريما نزيه صيداني
بعد صراع مع الألم استمر 64 يوماً، أسلم النائب ووزير الاقتصاد والتجارة السابق باسل فليحان الروح في مستشفى بيرسي العسكري في باريس.
وكان فليحان قد عانى من حروقات بالغة طالت 95% من جسمه وجروح أصيب بها خلال عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير (شباط) الماضي، اذ كان جالساً الى جانبه في السيارة التي كان الرئيس الراحل يقودها بنفسه. وفي اليوم التالي للاغتيال نقل فليحان الى مستشفى بيرسي العسكري (الواقع في إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية) المتخصصة بمعالجة الحروق. وطوال هذه الفترة كانت حال فليحان سيئة جداً ولكن مستقرّة. اذ كان يجري تخديره بالمورفين معظم الأوقات. كما خضع لعمليتين جراحيتين لإزالة طبقات الجلد المحروق. وقد كانت حروق فليحان بليغة وأحدثت تشوهات كبيرة في وجهه وجسمه. ولم يعرف ما اذا كان مردها الى استخدام النابالم المحرم دولياً في المتفجرات التي استخدمت لاغتيال الرئيس الحريري.
ولد باسل فليحان في بيروت في العاشر من سبتمبر (أيلول) 1963 والتحق بفريق العمل الاقتصادي للرئيس الحريري في نهاية التسعينات، بعدما أمضى فترة طويلة من حياته في الولايات المتحدة. جذب الاقتصاد الشاب باسل فليحان منذ كان يافعاً فاختار دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت لينال البكالوريوس في الاقتصاد عام 1984 ويتخرج حائزاً جائزة «بنروز» مع امتياز. ليتابع فيما بعد دراساته العليا في الولايات المتحدة، حيث حصل على الماجستير من جامعة ييل في عام 1985، والدكتوراه من جامعة كولومبيا عام 1990. كما شكلت الولايات المتحدة وتحديداً واشنطن المحطة المهنية في حياة فليحان. اذ عمل في صندوق النقد الدولي منذ عام 1988 وحتى عام 1993، حين عاد الى لبنان. وفليحان الذي مراراً ما ردد ان الصدفة لعبت دوراً بارزاً في حياته، تعرّف الى الرئيس الحريري صدفة ايضاً.
في عام 1993 انتدب باسل فليحان من قبل برنامج الأمم المتحدة للتنمية للعمل في وزارة المالية اللبنانية، فاستمر في هذا الموقع على مدى ست سنوات، لشغل بعدها موقع مستشار وزير المالية، كما كان مسؤولاً عن اعادة تأهيل الوزارة. وخلال وجوده في وزارة المال، من عام 1993 وحتى 1999، تعرّف فليحان الى الرئيس الحريري عن طريق الوزير فؤاد السنيورة. وتوطدت علاقة فليحان بالرئيس الحريري واصبح يحظى بثقته. وكان الأخير يستشيره في مختلف الشؤون الاقتصادية.
والى جانب وجوده في وزارة المالية ما بين عامي 1994 و2000 كان فليحان يدرّس مادة الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت. وقد اعطى دروساً في اقتصاديات النمو والاقتصاد الدولي والسياسات الاقتصادية التطبيقية اضافة الى الاقتصاد الرقمي. وقد اجمع طلابه على وصفه بالأستاذ الذي يشحذ طلابه ويدفعهم الى تنمية مقدراتهم التحليلية النقدية، وقد نشأت بينه وبينهم علاقة صداقة.
وفي صيف عام 2000، وبينما كان فليحان يبلغ من العمر37 عاماً، اختاره الرئيس الحريري لترشيحه على لائحته الانتخابية لمدينة بيروت عن مقعد الطائفة الإنجيلية، التي تندرج ضمن خانة طوائف الأقليات. وفي سبتمبر (أيلول) 2000 أوكل رئيس الوزراء رفيق الحريري حقيبة الاقتصاد والتجارة للنائب باسل فليحان. الذي استمر بها بزخم حتى استقالة الحكومة في ابريل (نيسان) 2003. وعرف فليحان بجدارته الاقتصادية ورؤيته المنفتحة المتطورة نظراً للخبرة التي اكتسبها من صندوق النقد الدولي. وأبرز إنجاز له هو انه مهندس المؤتمر الاقتصادي «باريس ـ 2» الذي جرى برعاية الرئيس الفرنسي جاك شيراك في باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002 وقامت بموجبه العديد من الدول والهيئات الاقتصادية الدولية بمنح لبنان قروضاً ومساعدات بقيمة 4.6 مليار دولار. وفي عهده اتخذت أولى خطوات تحرير الاقتصاد اللبناني، إذ تم توقيع اتفاقية الشراكة الأوروبية ـ الشرق أوسطية التي تعتبر مدماكاً في خطة الإصلاح الاقتصادي، وتم بموجبها إلغاء التعرفة الجمركية تدريجياً وفتح الأسواق.
وطوال فترة رقود فليحان في مستشفى بيرسي كانت الأوساط اللبنانية ـ بمختلف مستوياتها ـ تتابع حالته الصحية. حتى انه في اواخر شهر مارس (آذار) الماضي دعا اصدقاؤه لمسيرة صامتة حملوا خلالها الشموع ودعوا له، ومعهم جميع اللبنانيين، بالشفاء. وكان أبرز المشاركين بالمسيرة يومها والدته السيدة رضا. باسل فليحان متزوج من السيدة يسمى مسلّم التي تواجدت الى جانبه طوال فترة وجوده في المستشفى. وللزوجين طفلة هي رينا ـ نور تبلغ من العمر اربع سنوات، وطفل هو ريان. ولفليحان شقيق اسمه رمزي.
ومساء أمس عقدت «كتلة قرار بيروت» النيابية التي كان يرأسها الرئيس الشهيد رفيق الحريري اجتماعاً انضم اليه «نواب اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط وتوجهوا بعدها الى وسط بيروت للصلاة عن راحة نفس زميلهم. ويتوقع ان يسافر النائبان غطاس خوري وعاطف مجدلاني الى باريس لمرافقة جثمان الراحل في طريق عودته الى بيروت، ولم يعلن بعد اين سيوارى الثرى.
وعند إعلان نبأ وفاة النائب فليحان أصدرت العديد من القيادات الرسمية، وأبرزها رئيس الجمهورية إميل لحود ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي وعائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بيانات نعي. كما خصت الجامعة الاميركية في بيروت ابنها باسل فليحان بنعي مؤثر جداً عنونته «الأميركية نعت ابنها باسل فليحان«، وصفت فيه الجامعة نفسها بالأم الثكلى وتحدثت عن مناقبية تلميذها وأستاذها.
وأبرز ما جاء في نعي الرئيس لحود: «غياب النائب الشهيد باسل فليحان، هو خسارة كبرى للبنان وللبنانيين نظراً لما كان يمثله داخل المجلس النيابي من حضور ومتابعة كوّنهما من خلال ثقافة جامعية واسعة، أضاف إليها خبرة عالية في عالم الاقتصاد والتجارة والمال لا سيما خلال عمله في البنك الدولي والأمم المتحدة، ومن ثم انتقاله الى لبنان، فكان الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، سواء في حياته العملية والنيابية ثم من خلال المسؤوليات الوزارية التي تحملها النائب فليحان بجدارة وإخلاص وتفان وهي صفات لطالما قدرناها بالنائب الشهيد عندما تسلم حقيبة الاقتصاد والتجارة».
وختم رئيس الجمهورية قائلاً: «إن لبنان يودع اليوم شهيداً آخر شكلت حياته نموذجاً للشباب اللبناني المندفع والمتفاني في خدمة وطنه».
أما عائلة الشهيد الحريري فقالت: «تنعى عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى اللبنانيين جميعاً شهيد الوطن النائب الدكتور باسل فليحان الذي انضم بعد 64 يوماً على الجريمة الإرهابية النكراء التي هزت لبنان والأمة العربية والعالم الى قافلة الشهداء الأبرار الذين سقطوا فداء للوطن ولحريته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي. إن خسارة الشهيد باسل فليحان الذي كان رفيقاً وفياً وصديقاً مخلصاً للرئيس الشهيد رفيق الحريري، تمثل بالنسبة إلينا خسارة فرد من أفراد عائلتنا التي أحبها وأحبته وافتخرت به شخصية مميزة وكفوءة عملت الى جانب الرئيس الشهيد في أصعب الظروف في سبيل النهوض بلبنان وبناء مستقبل مزدهر لاقتصاده ولجميع أبنائه».
yasmeen
05-05-2005, 07:10 AM
لبنان: فريق التحقيق الدولي يتعرض لإطلاق نار
تعرض الفريق الدولي للتحقق من الانسحاب السوري من لبنان لاطلاق نار من موقع فلسطيني شرق سهل البقاع، الامر الذي حمل اعضاء الفريق برئاسة ضابط سنغالي على الانكفاء نحو مدينة زحلة مع مرافقيهم من ضباط الجيش اللبناني.
وتعرض لاطلاق نار «تحذيري» من قبل مسلحين تابعين لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة» بزعامة احمد جبريل، الموالية لسورية. غير ان مسؤول الساحة اللبنانية في «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» انور رجا أوضح ان ما حصل من اطلاق نار «كان مجرد اشكال عرضي... نتج عن عدم التنسيق بين لجنة التحقق الدولية وبين عناصر القيادة العامة».
من جهته عبّر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أمس، عن قلقه الشديد ازاء الحادث وقال انه يتوقع أيضاً أن يُمنح الفريق حرية كاملة وغير مشروطة للتنقل في مختلف أرجاء لبنان في كل الأوقات». وأعلن أنان أمس أنه أرسل فريقاً انتخابياً الى لبنان.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir