Osama
07-11-2013, 02:56 PM
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/authorblock/authors/62604.jpg
الاسم: أنور جمعة
طفولتي كانت محظوظة، لأن شخصيتي لم تتأثر بأي تقسيمات مجتمعية، وهذا يعود لتربية اسرية وطنية، لكن تخرجي صدم طفولتي، ومن هنا بدأت.
غير متيقن من كوني من القلة المحظوظين، أم أن الوضع في تلك الايام كان هكذا، حظيت بطفولة ومراهقة، وحتى سن الجامعة، بحياة خالية من أي ظواهر للطائفية، وكان صديقي المقرب في المدرسة «بست فريند» من طائفة وطبقة مختلفة، ورغم تمضية معظم وقتنا
مع بعض في المدرسة و«السكة»، فلم نردد يوماً كلمة شيعي أو سني، ومن دون أي مبالغة كان ذلك بسبب جهلنا بجدوى تناول هذا التفصيل البشري، وحتى وقت الزعل بين الاصدقاء كنا نبحث عن «عيارة» اخرى للشخص المعني، ومرة اخرى كان بسبب جهلنا، بمعنى هذه التقسيمات، أما قضية بدوي وحضري فلم نكن نشعر بوجودها أصلا، وتفسيري لكوننا نسكن في منطقة «حضرية» تماماً، وقد بدأ شكل هذا التقسيم ولونه يتكونان بعد انتقالنا الى منطقة «مختلطة»، حيث برزت ملامح هذا الاصطلاح وتطور الى المعرفة بأنواع القبائل وبعض التفاصيل. عند دخولي جامعة الكويت التمست
شيئا من التمييز، وبفضل انتسابي الى قائمة «الوسط الديموقراطي» تجلى أثره، بل تحول الى عامل ايجابي، خاصة بعد أن بات أعضاء القائمة أصدقاء مقربين، وقد كان لهذه الصداقة المميزة ــ ولا يزال ــ أثر في نبذ كل انواع التمييز والتفرقة، حيث كان الشعار الجامع لنا ـ ضد كل اشكال التعصب والتمييز ـ وقد ترجم بشكل عملي وحقيقي، هذا الشعار بيننا. ومن هنا أرفع لزملائي «القبعة» تحية لروحهم الوطنية.
صدمتي الكبرى كانت بعد التخرج، وبالتحديد عند تسلمي أول وظيفة في الحكومة، كان مزيجا من الاستغراب والتشتت بسبب معاملة البعض لي «الناشفة»، ومع الايام اكتشفت الحقيقة الغائبة، وهي «طائفتي»، وفي المستقبل انتمائي السياسي، وهذه قصة أخرى بحاجة الى مقال آخر.
من دون شك، هناك عوامل رئيسية جعلتني وغيري نحظى بطفولة مميزة، اولها الاهل، حيث لم يكونوا طائفيين أو عنصريين حتى لو بالصدفة، لان اليوم، مع الاسف، كثير ممن يدعون وينادون بالتسامح المجتمعي، خاصة أمام اصدقائه ـ من غير مذهبه أو نسبه ـ تجده
جهاراً نهاراً يردد أمام ابنائه وافراد اسرته اشكالا وانواعا من العنصرية والتقسيم. العنصر الآخر، في اعتقادي، هو الانتخابات، فمع شدة التنافس ودمج الدوائر الانتخابية ومع تحول «النيابة» الى مشروع تجاري مربح جدّاً، بات الوصول الى المقعد يتطلب «الدوس» على بعض القيم والمبادئ الوطنية، ومنها قيم الوحدة الوطنية، حيث امتهن البعض ــ وهم كثر ــ استغلال القبيلة والأصل والطائفة، للنجاح الانتخابي، مخلفاً دمارا وخرابا وأنقاضا مجتمعية، لا يصلحها أي
«عطار».
أهم هذه العوامل ما قامت وتقوم به السلطة، حيث حرصت منذ زمن على استغلال هذا التقسيم لغرض انجاح أطراف واقصاء آخرين، وقد نجحت في مشروعها الهادم للمجتمع، بل تفوقت وبات ابناؤنا، وفي سن مبكرة جداً، يتداولون على شكل «عيارة»، وليس باستفسار هذا شيعي وذاك سني، وهذا بدوي وذاك حضري، وطبعاً بيسري وأصيل.. واقع مر، الكل شارك فيه من دون ادنى مسؤولية تجاه مستقبل ابنائه، اصلاحه صعب بحاجة الى وقت طويل، ويتطلب تقديم امثلة قد تكون «دموية» حتى يستوعب البعض خطورة ما نرمي اليه.
أنور جمعة
Anwar636@yahoo.com
الاسم: أنور جمعة
طفولتي كانت محظوظة، لأن شخصيتي لم تتأثر بأي تقسيمات مجتمعية، وهذا يعود لتربية اسرية وطنية، لكن تخرجي صدم طفولتي، ومن هنا بدأت.
غير متيقن من كوني من القلة المحظوظين، أم أن الوضع في تلك الايام كان هكذا، حظيت بطفولة ومراهقة، وحتى سن الجامعة، بحياة خالية من أي ظواهر للطائفية، وكان صديقي المقرب في المدرسة «بست فريند» من طائفة وطبقة مختلفة، ورغم تمضية معظم وقتنا
مع بعض في المدرسة و«السكة»، فلم نردد يوماً كلمة شيعي أو سني، ومن دون أي مبالغة كان ذلك بسبب جهلنا بجدوى تناول هذا التفصيل البشري، وحتى وقت الزعل بين الاصدقاء كنا نبحث عن «عيارة» اخرى للشخص المعني، ومرة اخرى كان بسبب جهلنا، بمعنى هذه التقسيمات، أما قضية بدوي وحضري فلم نكن نشعر بوجودها أصلا، وتفسيري لكوننا نسكن في منطقة «حضرية» تماماً، وقد بدأ شكل هذا التقسيم ولونه يتكونان بعد انتقالنا الى منطقة «مختلطة»، حيث برزت ملامح هذا الاصطلاح وتطور الى المعرفة بأنواع القبائل وبعض التفاصيل. عند دخولي جامعة الكويت التمست
شيئا من التمييز، وبفضل انتسابي الى قائمة «الوسط الديموقراطي» تجلى أثره، بل تحول الى عامل ايجابي، خاصة بعد أن بات أعضاء القائمة أصدقاء مقربين، وقد كان لهذه الصداقة المميزة ــ ولا يزال ــ أثر في نبذ كل انواع التمييز والتفرقة، حيث كان الشعار الجامع لنا ـ ضد كل اشكال التعصب والتمييز ـ وقد ترجم بشكل عملي وحقيقي، هذا الشعار بيننا. ومن هنا أرفع لزملائي «القبعة» تحية لروحهم الوطنية.
صدمتي الكبرى كانت بعد التخرج، وبالتحديد عند تسلمي أول وظيفة في الحكومة، كان مزيجا من الاستغراب والتشتت بسبب معاملة البعض لي «الناشفة»، ومع الايام اكتشفت الحقيقة الغائبة، وهي «طائفتي»، وفي المستقبل انتمائي السياسي، وهذه قصة أخرى بحاجة الى مقال آخر.
من دون شك، هناك عوامل رئيسية جعلتني وغيري نحظى بطفولة مميزة، اولها الاهل، حيث لم يكونوا طائفيين أو عنصريين حتى لو بالصدفة، لان اليوم، مع الاسف، كثير ممن يدعون وينادون بالتسامح المجتمعي، خاصة أمام اصدقائه ـ من غير مذهبه أو نسبه ـ تجده
جهاراً نهاراً يردد أمام ابنائه وافراد اسرته اشكالا وانواعا من العنصرية والتقسيم. العنصر الآخر، في اعتقادي، هو الانتخابات، فمع شدة التنافس ودمج الدوائر الانتخابية ومع تحول «النيابة» الى مشروع تجاري مربح جدّاً، بات الوصول الى المقعد يتطلب «الدوس» على بعض القيم والمبادئ الوطنية، ومنها قيم الوحدة الوطنية، حيث امتهن البعض ــ وهم كثر ــ استغلال القبيلة والأصل والطائفة، للنجاح الانتخابي، مخلفاً دمارا وخرابا وأنقاضا مجتمعية، لا يصلحها أي
«عطار».
أهم هذه العوامل ما قامت وتقوم به السلطة، حيث حرصت منذ زمن على استغلال هذا التقسيم لغرض انجاح أطراف واقصاء آخرين، وقد نجحت في مشروعها الهادم للمجتمع، بل تفوقت وبات ابناؤنا، وفي سن مبكرة جداً، يتداولون على شكل «عيارة»، وليس باستفسار هذا شيعي وذاك سني، وهذا بدوي وذاك حضري، وطبعاً بيسري وأصيل.. واقع مر، الكل شارك فيه من دون ادنى مسؤولية تجاه مستقبل ابنائه، اصلاحه صعب بحاجة الى وقت طويل، ويتطلب تقديم امثلة قد تكون «دموية» حتى يستوعب البعض خطورة ما نرمي اليه.
أنور جمعة
Anwar636@yahoo.com