المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من نفط إيران وإلى سياساتنا: أولويات بوش المجنونة..!



على
02-14-2005, 09:39 AM
توماس فريدمان

نشرت وول ستريت جورنال على صدر صفحتها الأولى يوم الثلاثاء، مقالة مزعجة من إيران. وتشرح المقالة أن الملالي في طهران، والذين يسبحون في بحور من الدولارات البترولية بفضل ارتفاع أسعار النفط، لم يعودوا يستجدون المستثمرين ليجيئوا إلى إيران، بل صاروا يرفضون بعضهم. وقد روت المقالة كيف جمد الملالي في البرلمان عقدا كان قد أبرم مع شركة هاتف جوال تركية، لأنهم خافوا من تمكن الأتراك وشركائهم من التجسس على إيران. كما أوردت ما قاله علي أنصاري المتخصص في الشؤون الإيرانية في جامعة سانت أندروز باسكتلندا، حول أن المحللين ظلوا يتحدثون خلال العشر سنوات الأخيرة عن حاجة إيران للإصلاح الاقتصادي، وقال الأنصاري:

«السيناريو أسوأ حاليا في حقيقة الأمر. إنهم يملكون كل هذه الأموال من ارتفاع النفط، وقد انتفت لديهم الحاجة بالتالي لإصلاح الاقتصاد».
وتضيف الصحيفة أن الملالي المحافظين يشعرون بحمية أكبر حاليا للقول بأن إيران، ما دامت لديها هذه الأموال النفطية الطائلة، فإنها لا تحتاج إلى الاستثمارات الغربية، «كما أنها يمكن أن تواصل تطوير أسلحتها النووية من دون تدخل من أحد».

هذا مثال صارخ على سياسة بوش النفطية، وسياسة بوش النفطية يمكن تلخيصها في شعار: لا حرمان لأي ملا. فما دامت الإدارة محجمة عن فعل أي شيء من شأنه تحسين برامج توفير الطاقة الأميركية، أو فرض ضريبة دولار واحد على كل جالون غازولين على أصحاب السيارات الأميركيين، أو مطالبة صانعي السيارات في ديترويت بصنع سيارات تستهلك قدرا أقل من البنزين، أو تطوير برنامج عاجل للطاقات البديلة، ما دامت الإدارة عاجزة عن كل ذلك أو محجمة عنه، فإنها تكون متورطة في تمويل طرفي الحرب ضد الإرهاب.

نحن نمول القوات المسلحة الأميركية بالضرائب التي يدفعها مواطنونا، كما نرسل من خلال استخدامنا الإهداري للطاقة، دفعيات مالية هائلة لأكثر من دولة عربية وإسلامية، حيث تستخدم هذه المبالغ في عزل هذه الأنظمة وحمايتها من أية ضغوط لفتح اقتصادها، أو تحرير نسائها، أو تحديث مدارسها. بل إن هذه الدول ينتهي بها الأمر إلى تمويل المدارس الدينية والجوامع والمقاتلين المعادين أساسا للأجندة التقدمية التعددية التي تطرحها أميركا في الإقليم. فما الذكاء في كل ذلك؟

كانت سياسة المحافظين الجدد ضرورية لتدشين الإصلاح في العراق والعالم العربي الأوسع. ولكنها لن تكون كافية ما لم يتبعها ما أسميه «الاستراتيجية الجيو ـ خضراء».

وباعتباري منتميا لهذه المجموعة، أعتقد أن الجمع بين المبادئ البيئوية والجيوسياسية هو أكثر الاستراتيجيات أخلاقية وواقعية، والتي يمكن أن تتبعها الولايات المتحدة اليوم، وهي تصور كيف ستكون الأمور لو استخدم الرئيس بوش نفوذه ورأسماله السياسي لتوجيه انتباه الأمة بصورة مركزة، على أهمية تخفيض استهلاك الطاقة والرضا بضريبة استهلاك للنفط؟ ماذا يمكن لمثل هذا الإجراء أن يحقق؟

سيحقق الإصلاح في بعض أسوأ النظم في العالم، من طهران، إلى موسكو. إنه سيقلل الفرص أمام احتمالات الصراع الأميركي الصيني حول النفط، والذي نتوجه نحن إليه الآن لا محالة، فيما سيساعدنا ذلك على تقوية الدولار وتخفيض العجز الحالي في الموازنة باستيرادنا لكميات أقل من النفط الخام. سنخفض تغييرات المناخ أكثر من إتفاقية كيوتو. وسنحسن بصورة مقدرة من مكانة أميركا في العالم بجعلنا موطنين صالحين على المستوى العالمي. وسنقلل من اعتمادنا على بعض دول الخليج مما سيمكننا من أن نقول لهم الحقيقة. فالمدمنون لا يملكون أن يقولوا الحقيقة لمن يوفرون لهم مادة إدمانهم. كما أن ذلك كله سيقنع الصين بالتخلي عن دعم أسوأ الحكومات في العالم مثل الحكومة السودانية، لأنها تحتاج إلى نفطها.

يضاف إلى ذلك أن جعل الإستقلال النفطي الأولية القصوى لجيلنا، يمكن أن يدفع المزيد من شبابنا إلى مجال البحث العلمي والهندسي، وهو ما نحتاج إليه حاجة ماسة.

الحقيقة المحزنة هي أن فريق بوش لن يفكر في ذلك مجرد تفكير. فهو يفضل الصواريخ على الضوابط. إننا نحتاج إلى حركة قاعدية. أين طلاب الجامعات هذه الأيام؟ أود أن أرى كل الجامعات الأميركية وهي تطالب مجالس أمنائها بالانسحاب من الاستثمار في أية شركة سيارات لا تقلل استهلاك سياراتها من النفط. أود أن أرى كل مدينة جامعية وهي تعلن أنها منطقة خالية من الأزيز. وأن تقول للذين يقودون سيارات تعب الغازولين بلا حساب، إذهبوا إلى العراق، نحن لا نريدكم في مدينتنا. وثمة فكرة من زوجتي آن:

مواقف مجانية لكل من يقود سيارة هجينة، قليلة الاستهلاك. ولكن لا. فالرئيس بوش لديه مشروع أفضل: وهو استدانة تريليون آخر من الدولارات، مما يجعلنا أكثر اعتمادا على الصين والسعودية التي توفر لنا ديوننا، حتى تتمكن أنت، إذا فعلت كل شيء صحيح، وعشت بما فيه الكفاية، من الحصول على دولارات إضافية قليلة من حسابك للضمان الاجتماعي.
إن أولويات الرئيس بوش تعبر عن جنون كامل.