المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوف تدفعون الثمن غالياً .... د. صلاح الفضلي



كاكاو
06-28-2013, 01:16 PM
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleImages/IEGOWAJLRQVGRJSQRDIKTAJJ.jpg


د. صلاح الفضلي



من يراجع تاريخ معركة النهروان التي قاتل فيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الخوارج يجد أنه لم يبدأهم بالقتال رغم أنهم كانوا يتهمونه بالردة تارة وبالكفر تارة أخرى، حتى وصل بهم الحال أن يقاطعوا خطبة الإمام علي في مسجد الكوفة قائلين "الحكم للّه لا لك يا علي".

فكان رد الإمام عليهم بقوله: "كلمة حق أُريد بها باطل، إنّ لكم عندنا ثلاثاً ما صحبتمونا: لا نمنعكم مساجد اللّه أن تذكروا فيها اسمه، ولا الفيء ما دمتم معنا، ولا نقاتلكم حتى تبدؤونا وننتظر فيكم أمر اللّه".

وهكذا كان حتى بدأ الخوارج بقطع الطريق وترويع الآمنين ثم ارتكبوا جريمتهم البشعة بقتل الصحابي عبدالله بن خباب وأحتزوا رأسه إلى جنب النهر رغم أنه كان يقول لهم بيني وبينكم كتاب الله، ثم لم يرعووا عن أن قتلوا زوجته وبقروا بطنها وذبحوا جنينها، وعندها لم يجد الإمام علي (ع) بداً من محاربة الخوارج، وبالفعل نازلهم في معركة النهروان وهزمهم شر هزيمة، فقال له أحد أصحابه "هلا ملت يا أمير المؤمنين على هؤلاء فأفنيتهم"، فرد عليه السلام بقوله "إنهم لا يفنون، إنهم لفي أصلاب الرجال و أرحام النساء إلى يوم القيامة".

ها نحن نشهد صدق مقولة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عندما أخبر بأن الفكر الخارجي المبني على فهم مغلوط للإسلام والمغلف بمظاهر عبادية فارغة مع وحشية بالغة لن ينتهي، وإنما سوف يستمر في الظهور بين فترة وأخرى إلى يوم القيامة، وما نشاهده من أحداث إجرامية بشعة من قتل ونحر وسحل وقتل للنساء والأطفال

في أماكن عديدة من العالم الإسلامي من قبل جماعات تكفيرية متوحشة يؤكد أن المنتمين لهذه الجماعات هم تجسيد كامل وصورة مستنسخة من خوارج القرن الأول الهجري، وكما أن خوارج النهروان لم ينفع معهم –في نهاية الأمر- إلا القتل فإن خوارج القرن الواحد

والعشرين لا ينفع معهم إلا القتل لأنهم –وعبر فكرهم المتحجر الغارق في الجهل والوحشية- يريدون أن يهلكوا الحرث والنسل ويسعون في خراب العباد والبلاد، وهم ما دخلوا أرضاً إلا وحل بها الخراب والدمار.
لمحة بانورامية لسلوك جماعات التكفير الخوارجية تكشف عن صورة كربونية في المجتمعات التي أبتليت بمثل هؤلاء، بدءاً من أفغانستان على يد حركة طالبان، وعلى يد الزرقاوي في العراق، وعلى يد

الجماعة الإسلامية في الجزائر، وجماعة الشباب المسلم في الصومال، وجبهة النصرة في سوريا، وأخرها قبل يومين في لبنان من جماعة أحمد الأسير في صيدا وقبل عدة سنوات من جماعة شاكر العنسي في نهر البارد.

رغم وضوح خطر هؤلاء وتكرار الجرائم البشعة التي يرتكبونها فإن بعض الدول العربية والغربية لازالت تعيد إرتكاب نفس الأخطاء في استخدام هذه الجماعات التكفيرية المتوحشة في صراعاتها السياسية، وهم لم يتعلموا الدرس من أن مثل هذه الوحوش البشرية متى ما انتهت من فريستها سوف تعود لافتراس من أطلقها، وهذا بالفعل ما نشاهده في ليبيا وتونس وسوريا، وسوف تندم الدول الداعمة لهذه الجماعات أشد الندم، ولكن سيكون ذلك بعد فوات الأوان.

salahma@yahoo.com


http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=45250