المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف «تدير» مسؤولك في العمل؟



جون
02-09-2005, 11:08 AM
تجنبا للمشادة الكلامية المرهقة
!

كتب محمد النغيمش:

الموظف الفطن هو الذي يعرف كيف يدير مسؤوله المباشر في العمل!
ولا غرابة في ذلك، فلم تعد إدارة من هم دوننا في السلم الوظيفي هي الطريقة الوحيدة التي نظهر بها قدراتنا الإدارية المبدعة. بعض الموظفين محدودو المعلومات مهنيا غير أنهم يتمتعون بشخصية قوية تنافس كل المديرين بمسمياتهم الوظيفية الرفيعة. وإذا تعرضت هذه الشخصيات «الكاريزماتية» في العمل إلى مشادة كلامية غير معهودة مع مديريهم، فإن كل المحيطين بهم يلتفتون إليهم استغرابا. وسبب ذلك أن هؤلاء قد نجحوا في «طريقة تعاملهم الحكيمة» مع مديريهم ما أدى إلى بناء رابطة متينة من الاحترام المتبادل بينهم وبين مديريهم وهو ما يحول دون تطاولهم عليهم.

لا يحب الناس بفطرتهم اللوم والعتاب والنصيحة، فما بالنا إن جرت علانية. النصيحة العلنية فضيحة لا يحبذها أصغر موظف فكيف بمسؤولينا المباشرين؟ الموظف الفطن هو الذي يجعل المسؤول يكتشف بنفسه خطأه أو نتيجة قراره غير الرشيد، ولكل طريقته في ذلك. لماذا لا نضع القرار المرفوض من الإدارة العليا الذي أثار جدلا بيننا وبين المدير على مكتبه ضمن أوراق أخرى ليكتشف هو بنفسه أننا كنا على حق؟ أكثر الطرق تأثيرا في الناس هي الطرق غير المباشرة.

وليست الإشادة بالآراء الجيدة للمديرين تزلفا بل هي تصرف ذكي يقربنا منهم. فعندما نشيد بالآراء الرشيدة لمسؤولينا أثناء معارضة الزملاء نكون قد قدمنا إليهم تمريرة ذهبية رائعة اخترقت المدافعين بذكاء، كتلك التي انتظرها مهاجم كرة قدم أحرز هدفا ذهبيا لا ينسى.

وبناء الثقة مع مسؤولينا هو أحد الأساليب الناجعة في إدارتهم. فعندما نكون أهلا لثقتهم بأدائنا الكفؤ لأعمالنا وفي غضون الوقت المطلوب، فإن ذلك يعزز ثقتهم بنا، ونصبح مع مرور الوقت ذراعهم اليمنى التي لا يمكن الاستغناء عنها. وبطبيعة الحال سيحاول هؤلاء المديرون جاهدين شراء ودنا بمعاملتنا بشكل لائق وتقديم كل الامتيازات التي تكفل استمرارنا في العمل معهم.

كما أن احترام وقت مديرينا أحد طرق إدارتهم بشكل فعال. فأخذ رأيهم في كل شاردة وواردة قد يضيع وقتهم وربما يقلل من قيمتنا أمامهم. والاستعاضة عن ذلك بتقديم أفكار جديدة أو حلول لمشاكل تعانيها الإدارة يكون له تأثير أفضل في الاستفادة المثلى من أوقاتنا ونيل احترام مسؤولينا.

بعض الموظفين لديهم عقدة انتماء. فما أن يأتي مسؤول جديد «يعجبه» حتى يرتمي في أحضانه ويعلن لزملائه بطريقة غير مباشرة أنه أحد أفراد «شلة» هذا القيادي الجديد. الذين يؤمنون «بالشللية» ويمارسونها في العمل هم أكثر المتضررين، وسيكتشفون صحة ذلك بزوال ذلك أو المدير الرمز الذين التفوا حوله.

ولا ننسى أن نتيجة التقييم السنوي الجاد هو زبدة ما يريده المسؤولون منا. فكم من شخص اتبع حرفيا ما يريده مسؤوله فتحسنت علاقته معه وزاد إنتاجه، وأصبح بذلك نقطة إضافة إلى المؤسسة التي يعمل فيها. والموظف الذي يضيق ذرعا بانتقادات مديره في التقرير السنوي، عليه أن يعتبرها نصيحة تطوعية ستحسن من مستواه، وليتذكر أنه ليس ضحية بائسة تحتاج إلى الدفاع عن النفس. انتقاد المديرين لنا هو دعوة جديدة منهم للعمل سويا بشكل أفضل، وينبغي أخذها على محمل الجد فقد تصدق انتقاداتهم. مشكلة كثير منا أننا لا نرى عيوبنا فهي مثل بقعة زيت صغيرة توسخ قميصنا من الخلف، ولن نراها إلا بتنبيه من الآخرين. المدير الذي ينصحنا أثناء العام يريد لنا الخير، وإلا فإن بإمكانه ادخار نصائحه حتى نهاية العام ليفاجئنا بنتيجة تقييم أداء قاسية، قد تمنعنا من امتيازات العام المادية.

من يرد ضبط تصرفات مسؤوليه المباشرين معه عليه معرفة ما يحبون وما يكرهون ليساهم في بناء علاقة مثالية معهم. فبعض المديرين مثلا، وخصوصا عندما يكونون تحت ضغوط العمل، يفضلون الاتصال بهم «كتابة» سواء عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل الداخلية. وأي محاولة لتجاوز ذلك قد تزعجهم وتعكر مزاجهم. غير أن هناك مديرين يتمتعون بآذان الفيلة الكبيرة، فهم يفضلون الإنصات إلى الموظفين عبر اللقاءات الشخصية الشفهية والمكالمات الهاتفية في كل صغيرة وكبيرة. ولا يتضايقون من الاتصال بهم على مدار الساعة عبر هواتفهم المتنقلة، بينما قد لا يتحمسون للرسائل النصية القصيرةsms ، والذين ينجحون في إيصال حاجتهم إلى مسؤوليهم هم من يختارون الأسلوب الأمثل في الاتصال بهم من دون إزعاجهم. فبعض المديرين يثير غضبهم أشياء أخرى مثل الحضور المتأخر إلى الدوام أو الاجتماعات المهمة وقد لا يحبذ آخرون، مثلا، المبالغة في أخذ الإجازات الطويلة في أيام العمل المزدحمة، أو قراءة الصحف أو تضييع الوقت في أعمال أخرى غير منتجة، من وجهة نظرهم.

وعلى النقيض فهناك أناس إن جاز التعبير «يمسح بهم مديروهم الأرض» وإن سألتهم عن سبب رضوخهم لهذا التعدي السافر سطروا لك دروسا مثالية في كظم الغيظ والصبر ومحاسنه. ليس المقصود بإدارة مسؤولينا المباشرين أن ننحني أمام أي مشادة كلامية جارحة يستقبلوننا بها، بل المطلوب أن نبني لنا شخصية رزينة في العمل تضبط تعامل هؤلاء المديرين وغيرهم معنا.

لا أحد يستطيع «التحكم» بتصرفات مسؤوله المباشر ولكننا نستطيع «التحكم» في سلوكياتنا تجاهه وهي التي على إثرها ستتحدد معاملته لنا. وقد قيل «عامل الناس بما تحب أن تعامل».

mohammed@nughaimish.com