مطيع
06-05-2013, 11:52 PM
نصر الله... لولا لقاء غير محسوب بالنَّجف؟!
اللقاء بعباس الموسوي، نائب الأمين العام في ما بعد لحزب الله، كانت الصدفة التي غيرت مسار حياة نصر الله، ولولاها لظل مجرد معمم.
خلاصة من بحث هيأة التحرير 'كاريزما نصر الله'، ضمن الكتاب 15 (مارس 2008) 'حزب الله' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.
ميدل ايست أونلاين
http://www.middle-east-online.com/meopictures/biga/_156384_mmmmmaa.jpg
حياة وممات الموسوي وراء مجد نصر الله
لم تحظَ سيرة رجل دين شيعي - في العالم العربي- بالشهرة والصيت، الذي ما زال يلاقيه مثل زعيم «حزب الله» اللبناني، السيّد حسن نصر الله. والتي تثير في نفس دارسها أحاسيس متناقضة، فهو يجعل محدثه أو سامعه يحسّ بأنه محنك وبراغماتي إلى أقصى درجة، وأنه يخفي ذكاءه وثقته بنفسه، في وقت يُظْهِرُ تواضعاً، وخفةَ دمٍ، وسرعة بديهة، تقربه ممن يتعامل معه، ولو كان خصماً.
ولد السيّد حسن عبد الكريم نصر الله، في بلدة البازورية، الواقعة على بعد 10 كلم شرقي مدينة صور، في جنوب لبنان، في 31 أغسطس (آب) 1960، وهو الأكبر سناً، بين ثلاثة أشقاء وخمس شقيقات.
اضطر وهو صغير للنزوح مع عائلته إلى بيروت، وذلك بسبب ضيق ذات اليد، وانعدام فرص العمل في بلدته الجنوبية، وأقامت العائلة في حي شرشبوك، الكائن في منطقة «الكرنتينا»، بضاحية بيروت الشرقية، وهي أحد أحزمة البؤس المنتشرة حول أطراف العاصمة، وفي هذه المنطقة قضى أغلب طفولته.
عمل في أولى أيام حياته في مساعدة والده عبد الكريم نصر الله، في بيع الخضار والفاكهة، وفي متجر والده الصغير. وبسبب عدم وجود مسجد في الكرنتينا، فإنه كان يضطر للذهاب إلى مساجد المناطق المجاورة، في سن الفيل، وبرج حمود، والنبعة. ويبدو أن نزعته الإسلامية كانت ظاهرة في نوعية قراءاته، فكان يقرأ كلَّ ما يتعلق بالدين الإسلامي.
http://middle-east-online.com/meoicons/inimg/leftcorner.gifhttp://middle-east-online.com/meopictures/inphotos/_13703423355.jpg
قبل السماع بولاية الفقيهhttp://middle-east-online.com/meoicons/inimg/bright.gifhttp://middle-east-online.com/meoicons/inimg/bleft.gif
أتمّ السيّد دراسته الابتدائية، في مدرسة «النجاح» الخاصة في الحي، ثم درس في مدرسة سن الفيل الرسمية، وبعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان وفي العام 1976، رجع مع عائلته إلى بلدته البازورية في الجنوب، وهناك تابع دراسته الثانوية في مدرسة صور الرسمية للبنين.
بعد عودته الى بلدته البازورية، التحق نصر الله بصفوف «حركة أمل»، التي أسسها السيد موسى الصدر. بعدها أصبح مندوب «أمل» في بلدته. وفي صور تعرَّف نصر الله إلى السيد محمد منصور الغروي، الذي كان يقوم بتدريس العلوم الإسلامية، في أحد مساجد المدينة باسم السيد الصدر، وبعد مدة من لقائهما، طلب نصر الله من السيد الغروي مساعدته على الذهاب إلى النجف بالعراق، أهم المدن التي تتلمذ فيها كبار علماء الدين الشيعة، إذ طالما حلم أن يصبح رجلَ دين.
وبالفعل، ساعده السيد الغروي على الذهاب إلى النجف، بعد أن حمّله كتابَ توصيةٍ إلى السيد محمد باقر الصدر. هناك سأل عن كيفية القدرة على الاتصال بالسيد محمد باقر الصدر؛ فدلوه على شخص يدعى السيد عباس الموسوي، ولما التقاه خاطبه نصر الله بالعربية الفصحى، ظناً منه أنه عراقي، لكنه فوجئ بأن الموسوي لبناني، من بلدة النبي شيت البقاعية (شرق لبنان). وكان هذا اللقاء محور تغيُّر مهم في حياة نصر الله ومسيرته الجهادية، كونه وابتداءً من هذه اللحظة قامت صداقة قوية ومتينة بين الرجلين، اللذين كتبا فصلاً مهماً من تاريخ لبنان الحديث، عبر مساهمتهما في إنشاء وتأسيس «حزب الله»، العام 1982.
بعد لقاء السيد نصر الله بالسيد محمد باقر الصدر طلب الأخير من السيد عباس الموسوي، رعاية نصر الله والاعتناء به، وتأمين ما يلزم له من مال واحتياجات، كما عهد إليه بتدريسه، وكان النظام القائم في الحوزة العلمية نظاماً خاصاً، ينقسم إلى ثلاث مراحل: «المقدمات»، يليها «السطوح»، ثم بحث «الخارج»، التي تعتمد على محاضرات المجتهدين الكبار العامة، لا تتقيد بزمن محدد، وربما يستمر فيها الطالب حتى نهاية عمره، وهي خاصة بإعداد المجتهدين. ومَنْ ينجِزْ المرحلة الأولى، وينتقل الى المرحلة الثانية؛ يصبِحْ في إمكانه تدريس ما درسه.
كان الموسوي صارماً في دوره كمعلم، وبفضل تدريسه المتشدد، استطاع طلابه أن ينهوا خلال سنتين ما يُعْطَوْنَ عادة خلال خمس سنوات في الحوزة، وهذه الأجواء أمَّنت لنصر الله الفرصة لإنهاء علومه الدينية في فترة قصيرة نسبياً، حيث أنهى المرحلة الأولى العام 1978.
مسؤوليات ما بعد العودة
غادر نصر الله العراق عائداً إلى لبنان، حيث التحق بحوزة الإمام المنتظر، التي أسسها السيّد الموسوي في مدينة بعلبك (شرق لبنان)، وهناك تابع حياته العلمية، معلماً وطالباً، إضافة إلى ممارسته العمل السياسي، ضمن صفوف تنظيم حركة أمل، التي كانت قد بلغت أوجها في ذلك الحين.
بعدها استطاع الوصول إلى منصب مندوب الحركة في منطقة البقاع، وهو منصب لا يتسلمه –عادة- إلاّ مَنْ كان يمتلك صفات قيادية من الدرجة الأولى، وأيضاً عُيِّنَ عضواً في المكتب السياسي للحركة، وهو شهد في تلك الفترة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وتأثر بنتائجه ومفاعيله. وفي تلك الفترة تزوج نصر الله من السيدة فاطمة ياسين، وله منها خمسة أبناء هم: الشهيد هادي (استشهد وهو ابن 18 سنة، في: 15 سبتمبر/أيلول 1997، خلال عملية للمقاومة في جنوب لبنان)، محمد جواد، زينب، محمد علي، محمد مهدي.
تأسيس «حزب الله»
عقب الاجتياح الإسرائيلي في عام 1982، قرر رئيس حركة «أمل» نبيه بري، المشاركة في ما كان يُسَمَّى: «هيئة الإنقاذ الوطني»، لمواجهة التطورات السياسية والعسكرية، الناتجة عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وهو القرار الذي لاقى معارضة شديدة من قِبَل الجناح المتشدد دينياً داخل الحركة، إذ اعتبرت أن غاية تشكيل الهيئة إيصال (الرئيس اللبناني الأسبق) بشير الجميل إلى سدة الحكم، وهو أمر كانت ترفضه بشدة، لعلاقة الجميّل بإسرائيل، وكان هذا الخلاف بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فوقع الانشقاق داخل الحركة، وخرجت منها مجموعة من الكوادر لتؤسس «حزب الله» مع مجموعات إسلامية متفرقة، يعود بعضها إلى جمعيات خيرية وثقافية، ومنها مَنْ ينتمي إلى «حزب الدعوة»، الذي كان موجوداً على الأرض اللبنانية بشكل سري قبل 1982، وقد رفعت هذه المجموعات شعار مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. وتم التأسيس مثلما هو معروف بدعم إيراني وسوري، ومباركة شخصية من الخميني.
هكذا، تمّ تأسيس «حزب الله»، وحينها لم يكن نصر الله في عداد أعضاء «الشورى»، وهي الهيئة القيادية العليا في الحزب، بل تدرج في مواقع عدة داخل الحزب، كانت كلها تُسْتَحْدَثُ معه، فمن عضو في مجموعة الاستقبال في بعلبك، التي كانت تتولى تعبئة المقاومين، إلى مسؤول منطقة بعلبك، فمسؤول منطقة البقاع، حتى عام 1985، حيث انتقل بعدها إلى بيروت، وتولى فيها مسؤوليات عديدة.
http://middle-east-online.com/meoicons/inimg/rightcorner.gifhttp://middle-east-online.com/meopictures/inphotos/_137034243112.jpg
طفولة قلقةhttp://middle-east-online.com/meoicons/inimg/bleft.gif
في 1987 تم استحداث منصب المسؤول التنفيذي العام لحزب الله، حيث جرى تعيينه في هذا المنصب، إلى جانب عضويته في مجلس الشورى «شورى القرار» أعلى هيئة قيادية في الحزب. وفي 1989؛ غادر السيد نصر الله إلى مدينة قم المقدسة بإيران؛ للالتحاق بالحوزة العلمية مجدداً، وإكمال دراسته الدينية (لكن رأياً آخر يقول: إن سبب هذا السفر خلافات داخل أجنحة الحزب، حُسمت –لاحقاً- لمصلحة التيار الإيراني داخله، مقابل تيار يتزعمه الأمين العام الأول للحزب الشيخ صبحي الطفيلي)، ولكنه عاد بعد عام واحد، ليكمل مسؤولياته، بناء على قرار مجلس الشورى، وإلحاح المسؤولين والكوادر الأساسية، وتحت ضغط التطورات العملية، والسياسية، والميدانية في لبنان، آنذاك.
وفي الفترة الممتدة ما بين عامي 1982 و1989، كان نصر الله رجل المهمات التنظيمية، فعكف على بناء الكوادر وتعليمها وتحضيرها للمقاومة والجهاد، ويقول مقربون منه: إنه كان دائم القول: «إن إسرائيل قوية في أذهاننا فقط، وعندما نسقط هذا الوهم، ونستخدم القوة الكامنة فينا، سنجد أن هذا الكيان -الذي اسمه إسرائيل- أوهن من بيت العنكبوت».
زعامته للحزب
في يوم 16 فبراير (شباط) 1992 اغتالت إسرائيل الأمين العام الثاني للحزب، السيد عباس الموسوي، في بلدة تفاحتا الجنوبية، خلال عودته من بلدة جبشيت في جنوب لبنان، هو وزوجته وطفلهما، من خلال استهداف موكبه بصاروخ أطلق من الجو، عندما كان يشارك في احتفال بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد الشيخ راغب حرب، فانتخب مجلس الشورى بالإجماع السيد نصر الله، أميناً عاماً للحزب، على الرغم من أنه لم يكن نائباً للأمين العام للحزب، لكن جملة عوامل أسهمت في هذا الاختيار، إضافة إلى تزكية القيادة الإيرانية له.يروى أن قرار «الشورى» أحرج نصر الله، كونه كان أصغر الأعضاء سناً، فضلاً عن أن عمله كان تنظيمياً داخلياً، وغير مرتبط بالإطلالة الخارجية، وأمام إصرار أعضاء الشورى، استجاب للأمر، وأكمل ولاية الموسوي، التي انتهت العام 1993، لِيُعَادَ انْتِخَابُهُ ثانيةً، وثالثةً، ورابعةً، وخامسةً، منذ ذلك الحين كل ثلاث سنوات.
اللقاء بعباس الموسوي، نائب الأمين العام في ما بعد لحزب الله، كانت الصدفة التي غيرت مسار حياة نصر الله، ولولاها لظل مجرد معمم.
خلاصة من بحث هيأة التحرير 'كاريزما نصر الله'، ضمن الكتاب 15 (مارس 2008) 'حزب الله' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.
ميدل ايست أونلاين
http://www.middle-east-online.com/meopictures/biga/_156384_mmmmmaa.jpg
حياة وممات الموسوي وراء مجد نصر الله
لم تحظَ سيرة رجل دين شيعي - في العالم العربي- بالشهرة والصيت، الذي ما زال يلاقيه مثل زعيم «حزب الله» اللبناني، السيّد حسن نصر الله. والتي تثير في نفس دارسها أحاسيس متناقضة، فهو يجعل محدثه أو سامعه يحسّ بأنه محنك وبراغماتي إلى أقصى درجة، وأنه يخفي ذكاءه وثقته بنفسه، في وقت يُظْهِرُ تواضعاً، وخفةَ دمٍ، وسرعة بديهة، تقربه ممن يتعامل معه، ولو كان خصماً.
ولد السيّد حسن عبد الكريم نصر الله، في بلدة البازورية، الواقعة على بعد 10 كلم شرقي مدينة صور، في جنوب لبنان، في 31 أغسطس (آب) 1960، وهو الأكبر سناً، بين ثلاثة أشقاء وخمس شقيقات.
اضطر وهو صغير للنزوح مع عائلته إلى بيروت، وذلك بسبب ضيق ذات اليد، وانعدام فرص العمل في بلدته الجنوبية، وأقامت العائلة في حي شرشبوك، الكائن في منطقة «الكرنتينا»، بضاحية بيروت الشرقية، وهي أحد أحزمة البؤس المنتشرة حول أطراف العاصمة، وفي هذه المنطقة قضى أغلب طفولته.
عمل في أولى أيام حياته في مساعدة والده عبد الكريم نصر الله، في بيع الخضار والفاكهة، وفي متجر والده الصغير. وبسبب عدم وجود مسجد في الكرنتينا، فإنه كان يضطر للذهاب إلى مساجد المناطق المجاورة، في سن الفيل، وبرج حمود، والنبعة. ويبدو أن نزعته الإسلامية كانت ظاهرة في نوعية قراءاته، فكان يقرأ كلَّ ما يتعلق بالدين الإسلامي.
http://middle-east-online.com/meoicons/inimg/leftcorner.gifhttp://middle-east-online.com/meopictures/inphotos/_13703423355.jpg
قبل السماع بولاية الفقيهhttp://middle-east-online.com/meoicons/inimg/bright.gifhttp://middle-east-online.com/meoicons/inimg/bleft.gif
أتمّ السيّد دراسته الابتدائية، في مدرسة «النجاح» الخاصة في الحي، ثم درس في مدرسة سن الفيل الرسمية، وبعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان وفي العام 1976، رجع مع عائلته إلى بلدته البازورية في الجنوب، وهناك تابع دراسته الثانوية في مدرسة صور الرسمية للبنين.
بعد عودته الى بلدته البازورية، التحق نصر الله بصفوف «حركة أمل»، التي أسسها السيد موسى الصدر. بعدها أصبح مندوب «أمل» في بلدته. وفي صور تعرَّف نصر الله إلى السيد محمد منصور الغروي، الذي كان يقوم بتدريس العلوم الإسلامية، في أحد مساجد المدينة باسم السيد الصدر، وبعد مدة من لقائهما، طلب نصر الله من السيد الغروي مساعدته على الذهاب إلى النجف بالعراق، أهم المدن التي تتلمذ فيها كبار علماء الدين الشيعة، إذ طالما حلم أن يصبح رجلَ دين.
وبالفعل، ساعده السيد الغروي على الذهاب إلى النجف، بعد أن حمّله كتابَ توصيةٍ إلى السيد محمد باقر الصدر. هناك سأل عن كيفية القدرة على الاتصال بالسيد محمد باقر الصدر؛ فدلوه على شخص يدعى السيد عباس الموسوي، ولما التقاه خاطبه نصر الله بالعربية الفصحى، ظناً منه أنه عراقي، لكنه فوجئ بأن الموسوي لبناني، من بلدة النبي شيت البقاعية (شرق لبنان). وكان هذا اللقاء محور تغيُّر مهم في حياة نصر الله ومسيرته الجهادية، كونه وابتداءً من هذه اللحظة قامت صداقة قوية ومتينة بين الرجلين، اللذين كتبا فصلاً مهماً من تاريخ لبنان الحديث، عبر مساهمتهما في إنشاء وتأسيس «حزب الله»، العام 1982.
بعد لقاء السيد نصر الله بالسيد محمد باقر الصدر طلب الأخير من السيد عباس الموسوي، رعاية نصر الله والاعتناء به، وتأمين ما يلزم له من مال واحتياجات، كما عهد إليه بتدريسه، وكان النظام القائم في الحوزة العلمية نظاماً خاصاً، ينقسم إلى ثلاث مراحل: «المقدمات»، يليها «السطوح»، ثم بحث «الخارج»، التي تعتمد على محاضرات المجتهدين الكبار العامة، لا تتقيد بزمن محدد، وربما يستمر فيها الطالب حتى نهاية عمره، وهي خاصة بإعداد المجتهدين. ومَنْ ينجِزْ المرحلة الأولى، وينتقل الى المرحلة الثانية؛ يصبِحْ في إمكانه تدريس ما درسه.
كان الموسوي صارماً في دوره كمعلم، وبفضل تدريسه المتشدد، استطاع طلابه أن ينهوا خلال سنتين ما يُعْطَوْنَ عادة خلال خمس سنوات في الحوزة، وهذه الأجواء أمَّنت لنصر الله الفرصة لإنهاء علومه الدينية في فترة قصيرة نسبياً، حيث أنهى المرحلة الأولى العام 1978.
مسؤوليات ما بعد العودة
غادر نصر الله العراق عائداً إلى لبنان، حيث التحق بحوزة الإمام المنتظر، التي أسسها السيّد الموسوي في مدينة بعلبك (شرق لبنان)، وهناك تابع حياته العلمية، معلماً وطالباً، إضافة إلى ممارسته العمل السياسي، ضمن صفوف تنظيم حركة أمل، التي كانت قد بلغت أوجها في ذلك الحين.
بعدها استطاع الوصول إلى منصب مندوب الحركة في منطقة البقاع، وهو منصب لا يتسلمه –عادة- إلاّ مَنْ كان يمتلك صفات قيادية من الدرجة الأولى، وأيضاً عُيِّنَ عضواً في المكتب السياسي للحركة، وهو شهد في تلك الفترة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وتأثر بنتائجه ومفاعيله. وفي تلك الفترة تزوج نصر الله من السيدة فاطمة ياسين، وله منها خمسة أبناء هم: الشهيد هادي (استشهد وهو ابن 18 سنة، في: 15 سبتمبر/أيلول 1997، خلال عملية للمقاومة في جنوب لبنان)، محمد جواد، زينب، محمد علي، محمد مهدي.
تأسيس «حزب الله»
عقب الاجتياح الإسرائيلي في عام 1982، قرر رئيس حركة «أمل» نبيه بري، المشاركة في ما كان يُسَمَّى: «هيئة الإنقاذ الوطني»، لمواجهة التطورات السياسية والعسكرية، الناتجة عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وهو القرار الذي لاقى معارضة شديدة من قِبَل الجناح المتشدد دينياً داخل الحركة، إذ اعتبرت أن غاية تشكيل الهيئة إيصال (الرئيس اللبناني الأسبق) بشير الجميل إلى سدة الحكم، وهو أمر كانت ترفضه بشدة، لعلاقة الجميّل بإسرائيل، وكان هذا الخلاف بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فوقع الانشقاق داخل الحركة، وخرجت منها مجموعة من الكوادر لتؤسس «حزب الله» مع مجموعات إسلامية متفرقة، يعود بعضها إلى جمعيات خيرية وثقافية، ومنها مَنْ ينتمي إلى «حزب الدعوة»، الذي كان موجوداً على الأرض اللبنانية بشكل سري قبل 1982، وقد رفعت هذه المجموعات شعار مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. وتم التأسيس مثلما هو معروف بدعم إيراني وسوري، ومباركة شخصية من الخميني.
هكذا، تمّ تأسيس «حزب الله»، وحينها لم يكن نصر الله في عداد أعضاء «الشورى»، وهي الهيئة القيادية العليا في الحزب، بل تدرج في مواقع عدة داخل الحزب، كانت كلها تُسْتَحْدَثُ معه، فمن عضو في مجموعة الاستقبال في بعلبك، التي كانت تتولى تعبئة المقاومين، إلى مسؤول منطقة بعلبك، فمسؤول منطقة البقاع، حتى عام 1985، حيث انتقل بعدها إلى بيروت، وتولى فيها مسؤوليات عديدة.
http://middle-east-online.com/meoicons/inimg/rightcorner.gifhttp://middle-east-online.com/meopictures/inphotos/_137034243112.jpg
طفولة قلقةhttp://middle-east-online.com/meoicons/inimg/bleft.gif
في 1987 تم استحداث منصب المسؤول التنفيذي العام لحزب الله، حيث جرى تعيينه في هذا المنصب، إلى جانب عضويته في مجلس الشورى «شورى القرار» أعلى هيئة قيادية في الحزب. وفي 1989؛ غادر السيد نصر الله إلى مدينة قم المقدسة بإيران؛ للالتحاق بالحوزة العلمية مجدداً، وإكمال دراسته الدينية (لكن رأياً آخر يقول: إن سبب هذا السفر خلافات داخل أجنحة الحزب، حُسمت –لاحقاً- لمصلحة التيار الإيراني داخله، مقابل تيار يتزعمه الأمين العام الأول للحزب الشيخ صبحي الطفيلي)، ولكنه عاد بعد عام واحد، ليكمل مسؤولياته، بناء على قرار مجلس الشورى، وإلحاح المسؤولين والكوادر الأساسية، وتحت ضغط التطورات العملية، والسياسية، والميدانية في لبنان، آنذاك.
وفي الفترة الممتدة ما بين عامي 1982 و1989، كان نصر الله رجل المهمات التنظيمية، فعكف على بناء الكوادر وتعليمها وتحضيرها للمقاومة والجهاد، ويقول مقربون منه: إنه كان دائم القول: «إن إسرائيل قوية في أذهاننا فقط، وعندما نسقط هذا الوهم، ونستخدم القوة الكامنة فينا، سنجد أن هذا الكيان -الذي اسمه إسرائيل- أوهن من بيت العنكبوت».
زعامته للحزب
في يوم 16 فبراير (شباط) 1992 اغتالت إسرائيل الأمين العام الثاني للحزب، السيد عباس الموسوي، في بلدة تفاحتا الجنوبية، خلال عودته من بلدة جبشيت في جنوب لبنان، هو وزوجته وطفلهما، من خلال استهداف موكبه بصاروخ أطلق من الجو، عندما كان يشارك في احتفال بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد الشيخ راغب حرب، فانتخب مجلس الشورى بالإجماع السيد نصر الله، أميناً عاماً للحزب، على الرغم من أنه لم يكن نائباً للأمين العام للحزب، لكن جملة عوامل أسهمت في هذا الاختيار، إضافة إلى تزكية القيادة الإيرانية له.يروى أن قرار «الشورى» أحرج نصر الله، كونه كان أصغر الأعضاء سناً، فضلاً عن أن عمله كان تنظيمياً داخلياً، وغير مرتبط بالإطلالة الخارجية، وأمام إصرار أعضاء الشورى، استجاب للأمر، وأكمل ولاية الموسوي، التي انتهت العام 1993، لِيُعَادَ انْتِخَابُهُ ثانيةً، وثالثةً، ورابعةً، وخامسةً، منذ ذلك الحين كل ثلاث سنوات.