المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أستمساخ الشرق



الدكتور عادل رضا
02-08-2005, 06:10 PM
التغرب و التشبه بالغرب و تقليده , هل هو أمر مطلوب و حيوي للوصول ألي الحضارة المنشودة, و المرجو الوصول الي رتبتها؟

أم أنه شيء معيق و محبط للوصول؟

نحن أذا أعتقدنا أن شخصية أي مجتمع تبني و تقوم علي أيديولوجية , من خلالها تكون المواقف المتخذة للفرد , و عن طريقها تترسم طبيعة و نوعية و شكل الحياة التي تعاش في داخل نطاق المجتمع , و بها يكون لنا الوزن و الثقل أمام الاخرين من حولنا , و عليها يكون محور الانتماء و التعصب و الايمان.

أذا أعتقدنا بكل هذا نقول:

أن الايديولوجية الحقيقية الخاصة بالشرق , هي ما تصنع الشخصية المطلوبة لأنشاء الحضارة , و كل ما سبق ذكره في الجملة السابقة بالاعلي.


و هذه الخصوصية الشرقية , و نعني بها الايديولوجية الشرقية الحقيقية , النابعة من واقعنا و المتوافقة مع ذواتنا , أذا ألغيناها و شطبناها , فنحن نحدث بذلك فراغا, يُولد ذلك الفراغ ضياعاً للشخصية الشرقية, و بهذا الضياع يتوه الفرد و المجتمع , و يغيب الطريق , و يختفي الهدف , و تمسح الصورة , و نفقد كشرقيين الوزن و الثقل أمام ذلك الاخر.

أن هذا الضياع للشخصية , وذلك الفراغ الناشيء , يُحدث ضعفا , يؤدي في النهاية الي كراهية و أستحقارالانسان و المجتمع الشرقي , لذلك الضعف المتولد نتيجة للفراغ الذي أحدثة الفرد و المجتمع الشرقي لنفسه بنفسه!!!! أو تم جر الفرد و المجتمع الفاقد للوعي و البصيرة اليه , و أحداث ذلك الفراغ فيه , عن طريق التخطيط الاستخباراتي المبني علي التخطيط العلمي المتأسس علي الدراسات الاجتماعية النفسية للشعوب و علي دراسات المستشرقين الغربيين المرتبطين بأجهزة الاستخبارات و مكاتب التخطيط الامبريالي .


و مع مرور الزمن و مع فقدان الهوية و الانتماء الحقيقي السليم , تجري و تحدث عملية الاستبدال الايديولوجي من الغرب الي الشرق, و التي يصح أن نطلق عليها عملية استمساخ الشرق .


و أستمساخ , تأتي من كلمة مسخ( أي المشوهه معالمه أو الشيء غير معروف الهوية و قبيح الشكل و المظهر).

أن أستمساخ الشرق بالغرب , يخلق مسخا مشوها , يحاول التقليد و التشبه بالغرب , الاستمساخ يصنع كائنا ذليلا خاضعا , و تابعا لما هو قدوة في مخيلته , أي الغرب , صانع ذلك الاستمساخ.


أي يتم أستحداث قدوة أخري و شخصية أخري , تملأ الفراغ الذي تم أحداثه في داخل الفرد و المجتمع الشرقي , و هذه القدوة و الشخصية , هي شخصية الفرد المتغرب و المجتمع الاستهلاكي المتغرب , الساقط في خدمة مصالح الغرب , بلاوعي و لا بصيرة و لا أدراك .


أن هناك سقوط للمجتمعات الشرقية الغير واعية , والفاقدة للبصيرة , و التي لا تملك الادراك , لما تم التخطيط له للشعوب و المجتمعات الشرقية , بوسائل علمية , تستخدم علم الاجتماع و علم النفس , و تخلق أجواء دعائية عن طريق الاعلام الغربي القوي و المتمكن و المسيطر , لتمرير النموذج المزيف المسخ للفرد الاستهلاكي الغربي.


أي صناعة نموذج للانسان الكامل( حسب الايديولوجية الامبريالية أذا صح التعبير) , يكون الكمال في هذا الانسان , هو الحصول علي اللذة الحسية ( جنس و علاقات غير شرعية و غير نظامية , و تطبيق أقصي أنواع الاستهلاك للبضائع , و تقديم نماذج وهمية عن طريق السينما و التلفزيون لبشرو أفراد يتحركون في عالم الوهم السينمائي و التلفزيوني , و لكن هذا الوهم يبث أشارات في اللاوعي , علي أن طريق الكمال و السعادة , هو هذا الانسان الكامل, و علي أن النموذج الافضل هو هذا النموذج).


هذا اللاوعي الذي يتم أستحداثه في عقول الشعوب , و هو لاوعي , يحرك الشعوب في خط يطلب و يريد الاستهلاك , و يريد تطبيق النموذج الدعائي الغربي المزيف الخادم لمصالح الامبريالية , و هو نموذج يضرب عصفورين بحجر , أيضا , لأن الاعلام الغربي من سينما و تلفزيون , يحصل علي المال من جهة من يشاهدون هذا الاعلام , و من جهة أخري هو أعلام خادم للمخططات الامبريالية , في نشر الاستهلاك و التغرب .


أن الغرب مادي بطبعه , حسب تكوينه الفكري بعد النهضة العلمانية , التي جرت عنده , حيث المصلحة و المنفعة , وتحقيقهما , و المحافظة عليهما , و خلق أستمرارية لهما , كل هذا هو الهدف الاساسي للغرب , في أي تعامل و تفاعل يجريه و يفعله , و هذا كله تم , بعد النهضة التي خلقتها العلمانية.


و كان تطور البرجوازية , و هي طبقة تملك الالة و المصانع , الي رأسمالية , تسيطر علي رأس المال و الربحية , و من ثم أنتقالها في التطور الي قوي أستعمار و سيطرة و هيمنة علي الاخرين.


كان هذا كله الدافع الي عملية التفكير في النظر الي الشرق , نظرة المصالح و المنافع , و هذه النظرة أتت نتيجة الرغبة الرأسمالية الامبريالية في أيجاد أسواق و مراكز لأستهلاك الفائض من الانتاج الاوروبي و الامريكي , و أيضا جائت تلك النظرة نتيجة حاجة مصانع الانتاج الاوروبي الي موارد للمواد الأولية الثمينة(نفط , غاز , معادن ...ألخ....المفقودة و المتناقصة عنده في الغرب و الموجودة بكثرة و وفرة لدي من يعيشون في الشرق.



لذلك عملية التغريب و التغرب , جائت كوسيلة خادمة و منقذة , لكي يتم تحقيق مصالح الغرب في الشرق.

فأفراغ الشرقيين من ذواتهم و شخصيتهم , و أستبدالها بشخصيات أستهلاكية نهمة و مهووسة للشراء الي ما لانهاية, تعيش وهم و سراب الحضارة المزيفة الكاذبة, و تبيع كل ما لديها لأجل تحقيق ذلك الوهم و السراب المخادع, هي تبيع موادها الأولية الاساسية لتشتري أنتاج و منتجات الحضارة الغربية...!!!!!!!



هذا هو التغرب الذي نعيشه و نواجهه نحن هنا في الشرق, تغرب الاستهلاك.



الدكتور عادل رضا