المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آخر ملوك مصر ....أنيس منصور



Osama
02-08-2005, 11:19 AM
أنيس منصور


مصر ظلمت اثنين من حكامها: آخر ملوكها فاروق.. وأول رئيس لها: محمد نجيب.. وكان الظلم فادحاً.. أما ظلم الملك فاروق فقد تولته الصحافة بمنتهى القسوة والشراسة. ونسبوا إليه ما ليس فيه. تبريرا للثورة عليه.. أو منافقه للثوار.

أما ظلم الرئيس محمد نجيب فقد تولاه وحده وبمنتهى الوحشية: الرئيس جمال عبد الناصر.
وشعرت بالعطف على فاروق وأولاده ـ مع أنني لا كنت غنياً ولا رأسمالياً ولا اقطاعياً. وانما أنا واحد من أبناء الطبقة الوسطى. وقد بهرتني الأبهة الملكية في مصر وفي أوروبا.. ولم تبهرني الفوضى والتبذل والاستهانة بالقيم وإثارة الأحقاد وكراهية كل ما كان.. فقد رسخت الثورة المصرية في نفوس الناس: ان كل غني لص، وكل ناجح غشاش.. وان الأغنياء والناجحين: لصوص لأرزاق الشعب.

وعندما كنت في طريقي إلى أوروبا قامت الثورة المصرية. ولم نعرف معنى الثورة. ولكنها قامت وألقت بالملك في سفينة في البحر ليخرج بلا عودة. يعني ايه؟ لقد أغرقتنا الدهشة فلم نتساءل كيف ومتى ولماذا ؟ وفي جزيرة كابري رأيت الملك فاروق ـ الملك السابق. فاروق الأول والأخير. وإن لم يكن الأخير فقد جعلوا ابنه أحمد فؤاد ملكاً على مصر وجعلوا عليه وصاية. وكما عينوه ملكاً وهو لا يدري، أسقطوه وهو أيضاً لا يدري !

وتابعت ما تنشره الصحف الايطالية عن الملك من غراميات وفضائح. وأكثرها ليس صحيحاً.
ونشرت صحف مصر أنه كان لا يفيق من الخمر. وعرفت من زوجته الملكة فريدة أنه لم يذق الخمر، لا ايماناً، وإنما كراهية لرائحتها.. وعرفت من ابنه الأمير أحمد فؤاد عندما لاحظت أنه يسرف في التدخين. فقال: أنا كوالدي لا أشرب الخمر.

وقالوا إنه مصاب بمرض السرقة، وإن الحاشية كانت كذلك تهيئ له السرقة بأن يترك الباشوات ولاعاتهم الذهبية المرصعة بالماس ليسرقها. وليس هذا صحيحاً.. وقالوا ان لكل كباريه في مصر بابا سريا لدخول وخروج الملك. وسألت الراقصة سامية جمال. فأقسمت على المصحف أنه لم يكن لها بالملك أية علاقة، وان كانت تتمنى ذلك مثل ألوف الفتيات!

وعرفت من قريب لي طبيب أمراض نساء كان يعالج الفنانة كاميليا ان كان عندها مرض نسائي يمنعها في الثلاث سنوات الأخيرة من حياتها أن تكون لها صلة غرامية بالملك أو بغيره!
ولم تتمكن الملكة فريدة بسبب مرضها أن نجلس معاً لأكتب مذكراتها.. وعرفت بناتها.. وفي الأسبوع الماضي كنت أتحدث إلى ابنتها فريدة وأسألها عن أختها فوزية. فقالت: فوزية كويسة أنا مريضة وعندي سرطان وعاجزة عن الحركة.

وماتت فوزية بعدها بدقائق. واتصلت الأميرة فريال بالسيدة سوزان مبارك. فيسرت نقل جثمان الأميرة والجنازة وسفر وإقامة الأمير أحمد فؤاد على نفقة الدولة. فهم جميعاً مصريون.

المهدى
02-25-2005, 12:36 PM
ماتت لأعيش أنا!

أنيس منصور

كنت قد تحدثت عن الظلم الذي أصاب الملك فاروق من الصحافة المصرية، وكذلك الفنانة كاميليا. وقلت إن كاميليا كانت مصابة بمرض جعل من الصعب عليها أن تعايش رجلا . أما معلوماتي فنقلاً عن قريب لي طبيب أمراض نساء. وقيل إنها يهودية. والحقيقة أنها يهودية الاسم فقط.. أما هي فمسيحية كاثوليكية. وهي يهودية الاسم لأنها ولدت من عشيق لأمها أفلس فهرب. وأعطتها أمها اسم أحد النزلاء في البنسيون الذي تملكه. وهو ليفي كوهين ـ ولا يزال هذا الاسم منقوشاً على قبرها.

ثم احترقت في طائرة عند نهاية أغسطس سنة 1950 بفعل المخابرات الاسرائيلية، كما أن أسمهان اغتالتها المخابرات البريطانية ! وبالأمس صدر كتاب بعنوان (تاريخ أقل قبحاً) للأستاذ شريف سيد عفت. أما آخر فصول الكتاب فعنوانه (حكاية كاميليا وطغاة الصحافة) مؤكداً كل ما قلت.

أما وفاتها فعندي كلام، وأنا الوحيد الذي يستطيع ذلك. فيوم سفرها كنت أيضاً مسافراً. وكنت قد انتقلت حديثاً إلى جريدة «الأهرام» ـ بعد أن أغلقت الحكومة (الجريدة المسائية) التي كنا نعمل فيها وكان رئيس تحريرها كامل الشناوي. وقبل أن أسافر اتصلت بوالدتي هاتفياً أطمئن عليها. فلاحظت أن صوتها خافت، وأنها تحاول أن تغيره بما يعطي انطباعاً بأنها قوية (زي البمب). ولم تفلح.. ولما ذهبت اليها وجدتها مريضة. وعدلت عن السفر. وذهبت إلى شركة الطيران أعيد تذكرتي. وهناك وجدت الناقد الفني المعروف حسن امام عمر مع الفنانة كاميليا. وعرفت أنها تريد السفر لولا أنها لم تجد مكاناً فأعطيتها تذكرتي. وكان ما كان. وكانت ـ ولا تزال ـ حادثة كاميليا نموذجاً للأكاذيب الصحافية والشائعات التي تتحول بمرور الوقت إلى حقائق ظالمة!

ويقول الأستاذ شريف سيد عفت إنه يحتفظ بالبطاقة التي كتبها صحافي كبير لكاميليا بعنوان «شقة الملذات». ولم تذهب. فكانت هذه الحملة الاجرامية على فتاة مسكينة ويؤسفني ألا أذكر الصحافي.

أما حادث نجاتي من الموت فقد تكرر. والسبب مرض أمي.. فعندما كنت طالباً بالجامعة كنت أسكن في حي الزمالك. وكان بين الزمالك والجامعة ترام. وفي يوم ذهبت أبحث لأمي عن دواء، ولم أجد الصيدلي، قررت أن أعود إليه بعد الدراسة. وركبت الترام وبسبب الزحام وقفت على السلم. ونظرت فوجدت الطبيب في داخل الترام فسارعت إليه أخبره بحاجتي. في هذه اللحظة جاءت سيارة عسكرية وأطاحت بالواقفين على السلم. فماتوا.
وعندما عملت في «أخبار اليوم» افتتحت احدى شركات الطيران العالمية خطاً جديداً. قيل لي: تسافر؟ قلت : فوراً!. وقبل أن أسافر كان لا بد أن أطمئن على أمي.. وكلمتها. وجدت صوتها هزيلاً. وسألت أمي فتظاهرت بالصحة والعافية. فعدلت عن السفر. وفي اليوم التالي احترقت الطائرة عند نهاية الخط الجديد!

وقبل وفاتها، يرحمها الله، طلب مني الأطباء دواء من أميركا. وقفت أمام الأسانسير استدعيه. لم يأت. هبطت الدرج الطويل مسرعاً لكي أدرك أحد أصدقائي الطيارين.. ولم أكد أصل إلى الباب الخارجي للعمارة حتى سمعت انفجاراً مدوياً. لقد سقط الأسانسير بكل من فيه. وماتوا!
والأعمار بيد الله. ومثل هذه الحوادث وغيرها تؤكد أن الحياة اليوم تحت أقدام الأمهات. والجنة غداً. اللهم أمين