الدكتور عادل رضا
02-07-2005, 03:01 PM
رداً على مقال أحمد الإسكاني
زهيرالأسـدي *
في مقال سابق للسيد أحمد الإسكاني وردت أفكار أرى أنها في غاية الخطورة على أمن ومستقبل العراقيين جميعا دونما استثناء وعلى أمن ومصالح المسلمين بالذات الشيعة والسنة, هذه الحالة تجدها بوضوح منذ السطر الأول للمقال الذي قال فيه (( بداية اريد ان اقول بكل وضوح انني مع تقسيم العراق او على الأقل مع استقلال شيعة العراق وسأسعى من اجل ذلك الهدف بكل الوسائل السلمية المتحضرة لأنني اثق ان من مصلحة الشيعة الاستقلال دون ان يكون ذلك الأستقلال بالضرورة ضد مصالح الآخرين اذا ما تم بشكل سلمي كما حصل في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق او كما حصل في تشكيسلوفاكيا التي أصبحت جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا دون عنف ولا دماء.لا توجد حتمية بتحول التقسيم الى تكرار للتجربة اليوغسلافية المؤلمة الا إذا أراد طرف ان يستحوذ على كل شيء دون الاخرين.))
أقول: أن تصدر تلك الأفكار وبهذا الوضوح من أعداءنا الصهاينة والأمريكان أمراً مألوفاً لا يثير الدهشة والاستغراب لأن ذلك ديدن الأعداء ( فرق تسد) في كل زمان ومكان الذين يجدون في وحدة خصومهم قوة حقيقية جبارة تقف عائقاً حقيقياً أمام تنفيذ مشاريعهم العدائية والاستعمارية , أما أن تصدر من عراقي يدعي انه مسلم شيعي بلده محتل و شعبه يعاني الأمرين فهذا أمر غير مألوف وغير مسبوق ولا ويمكن أن تصدر من إنسان سوي مجبول بالفطرة على الإيمان وحب الخير لنفسه وللآخرين الذين يشاركوه الدين والوطن والأمة .
وقد اتخذ السيد الإسكاني الدول الشيوعية وشعوبها الملحدة التي عانت المرارة بعد استقلالها عن أمتها مثالاً يريد تطبيقه على العراق المسلم ومن منطلق أنه يتكلم باسم الشيعة , متناسياً تماماً أن ذلك التقسيم والاستقلال قد اضر بتلك الشعوب وزادها ضعفاً وفقراً, وهو لم يأت نتيجة طبيعية لمطالب تلك الشعوب بل نتيجة الحرب الباردة ما بين المعسكر الغربي وعلى رأسه أمريكا وبين المعسكر الاشتراكي الذي كان يقوده الاتحاد السيوفياتي سابقا, وقد استخدمت أمريكا في تحطيم خصمها الشيوعي أساليب غير عسكرية ( سلمية) واستخباراتية وفرقته إلى دويلات , وها هو السيد الإسكاني يتبنى أسلوب أمريكا التي تحتل بلده عسكرياً, وجعل نفسه في معسكرهم في تقسيم العراق ويريد أن يسعى من اجل ذلك الهدف- غير النبيل- بكل الوسائل السلمية المتحضرة كما يزعم في الفقرة أعلاه المنقولة عن مقاله.
السؤال هنا : لماذا لم يتخذ السيد الإسكاني تجربة أوربا الموحدة وما حققته من رفاهية ومكاسب لشعوبها إلى درجة أن هناك دولا ًمثل تركيا تبذل الكثير من الجهود وتتوسل بكثير من الوسائل وتقدم التنازلات في سبيل الانضمام إليه مثالاً يحتذى به في العراق والمنطقة , وجعل نفسه مع التقسيم على الرغم من مخاطره المحتومة وليست المحتملة ؟ ومن المستفيد من تلك الطروحات التي ثبتت بالأدلة التاريخية والعملية انها مطالب الصهاينة والأمريكان وهم أعداءنا بلا أدنى شك؟؟
يجب هنا مصارحة القارئ الكريم بأنني لم أكن أرغب في كتابة هذا المقال لأن وقتي هذه الايام لا يتسع لذلك, وأيضاً لا ارغب في إثارة هذه المسالة الحساسة على الملأ , ولكن السيد الإسكاني و بعد أن قرأ رسالتي الخاصة إليه تعقيباً على مقاله طلب مني ذلك بنفسه أن أرد عليه في موقع كتابات لنصل إلى فهم مشترك للمسألة كما يقول وقد وجه ألي بعض الأسئلة يطلب الجواب عليها :
ولأجل ذلك أقول : إن ما يحز بالنفس ويدمي الفؤاد حقاً أن توجه لي- أو لغيري- أسئلة من نوع :
1.من هو العدو الأول للشيعة ؟
2. هل كان ماقامت به امريكا احتلالا ام تحريرا ؟
3. حتى اذا اختلفنا في التسمية,اي احتلال ام تحرير,كيف يجب ان نتعامل مع أمريكا ؟
4. هل المسيحيون هم بالضرورة اعداء للمسلمين ؟
5. كون الشيعة اقلية مضطهدة يعني انها متأثرة شاءت ام ابت بالافكار والدعايات وطرق التفكير السنية.وهذا يطرح سؤالا هاما وهو هل نستطيع ان نميز فعلا ما هو المتطابق في تفكيرنا مع ما هو سني ومع ما هو شيعي ؟
6. من ضحايا المقاومة الآن ؟
أقول: إن جواب هذه الأسئلة من البديهيات المحسومة ولا يشك فيها إلا من كانت عقيدته مهزوزة أو متأثر بأفكار غير أصيلة ولا أقول خبيثة. وعلى هذا فإن جواب أسئلتك يا سيد الإسكاني يتوقف على من هم الشيعة ؟؟, وأي نوع من الشيعة أنا وأنت وغيرنا ؟؟ .
إذا كان الشيعة مؤمنين يتقون الله في كل صغيرة وكبيرة ويعملون في سبيل الله ومن أجل الآخرة , فإن
1- أعداء الشيعة هم أعداء الله وأعداء الإسلام وهم الصهاينة والأمريكان بلا أدنى شك, وواضح ذلك من خلال ظلمهم وفسادهم في الأرض . ولا يجوز للشيعة معاداة أخوانهم المسلمين أصحاب الشهادتين والقبلة وحملة القرآن وأتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم , ولا عدوان إلا على الظالمين .
2- وإن ما قامت به أمريكا احتلال واضح وصريح لأجل أمن الصهاينة الذين تثبت كتبهم الدينية موعد اقتراب نهايتهم على يدي المهدي عليه السلام وأصحابه الأخيار , و هو عدوان يتضمن جرائم كبرى بحق الإنسان العراقي والمقدسات وسيادة البلد و ليس تحريراً كما يزعم البعض, فليس من العقل ولا الحكمة أن تقوم دولة بصرف مليارات الدولارات شهرياً –تكاليف الأحتلال- وتقدم جنودها ضحايا لأجل تحرير شعب يبعد عنهم آلاف الكيلومترات سبق وأن حاصروه بظلم ونذالة لم يشهدها التاريخ من قبل, أذهب إلى محرك البحث ( google) وأكتب فيه العبارات التالية ( 3war ,IIIwar) ستجد ما يقارب مئة وخمسة وسبعين ألف موقعاً الكترونيا باللغة الانجليزية – أغلبها أمريكية- يتحدث عن الحرب المقدسة والتحضير لها ,وباعتقادهم أن المزيد من الضحايا ( المسلمين) هو السبيل لتعجيل ظهور السيد المسيح ( عليه السلام) على حد زعمهم , وقد صرح بوش العين عندما شن حربة على العراق بأنها حرب صليبية مقدسة , فأمر غريب جداً ان تطرح مثل هذا السؤال هل ما قامت به أمريكا احتلال أم تحرير ؟؟ في السؤال التالي تفترض إجابات مختلفة على أمر بديهي ثم تفرع منها سؤالاً آخر.
3- أن يتعامل الشيعة مع أمريكا -المعلوم ظلمها وفسادها في الأرض من خلال الحروب التي تشنها والحصار الذي فرضته من قبل- كما يريد الله لنا أن نتعامل مع أعداءه الكفار والمفسدين , أن نجاهدهم دفاعاً عن النفس والوطن والمقدسات ويستلزم ذلك أن نتحد مع أخواننا المسلمين –السنة- الذين يحملون القرآن وينطقون الشهادتين ويتوجهون إلى ذات القبلة التي نتوجه إليها ويقدسون ذات الرسول الذي نقدسه ويعبدون نفس الإلهة الذي نعبده, أو على الأقل لا نركن إلى الأعداء ونعتمد عليهم في شؤون حياتنا أياً كانت ,فالله يحذرنا من ذلك بكل صراحة ووضوح: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) (113هود)
4- وإن المسيحيين المؤمنين بالله- ورسوله المسيح عليه السلام ليسوا أعداءنا بل هم أصحاب كتاب لهم شأن خاص نستطيع حتى الزواج من نسائهم والتصاهر معهم , ويحرم ذلك مع الكافرين أعداء الله ورسوله , وعند تطبيق مبادئ الشرعية يجب عليهم أن يدفعوا الجزية ( وهي ضريبة رمزية من مبلغ بسيط) مقابل دفع المسلمين للخمس والزكاة والصدقات ونحو ذلك ليكونوا مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات .
5- نعم يستطيع الشيعة التمييز بوضوح ما هو متطابق مع أخواننا المسلمين أهل السنة ,منها توحيد الله والشهادتين والقرآن والقبلة , بالإضافة إلى أصول الدين وفروعه التي لا اختلاف فيها إلا في عقيدة الإمامة , وحتى هذه ليس نهائية بل هم –سوى الوهابية- يؤمنون بالمهدي عليه السلام الذي يطهر الأرض من الشرك والفساد وكتب الأحاديث المعتبرة عندهم تشهد بذلك , والمجاهدين الشرفاء من أخواننا السنة اليوم (وليس المجرمين) أرى أنهم من أنصار المهدي عليه السلام اكثر بعض الشيعة المتخاذلين والمنافقين الذين ارتضوا بالذل والمهانة وطاعة الأحتلال من دون الله , مقابل كراسي ومكاسب زائلة عنهم حتماً.
6- ضحايا المقاومة الشريفة المجاهدة في سبيل الله ,هم قوات الأحتلال بالدرجة الأولى هم وطائراتهم ودبابتاتهم وآلياتهم ومرتزقتهم ومنافقيهم , وأنا لا اصدق أبدا أن المسلم الذي يصلي ويصوم ويجاهد في سبيل الله من أجل الفوز بالجنة يفكر أن يقتل مسلم مثله ينطق الشهادتين , وإنما يفعل ذلك من الصهاينة والكفرة والمرتدين , وانسب الحوادث المؤسفة إلى الأحتلال نفسه أو أتباع الصهاينة , الذين يحاولون عبثاً تشويه صورة المقاومة الشريفة ويحفزون الناس ضدهم بتلك الدعاية الرخيصة الفاشلة, نحو تضخيم صورة الزرقاوي والارتقاء به إلى مصاف أبطال الأساطير , والسيارات المفخخة ونحو ذلك , وما هي إلا لعبة من لعبات الأحتلال يريدون أن يبرروا احتلالهم للعرق بعدما تفندت مزاعمهم في أسلحة الدمار الشامل .
تلك أجوبة اسألتك في حال كون الشيعة قوم مؤمنين يمتثلون لأمر الله ورسوله ص ( المجاهد الأول في الإسلام) وعلى خط الإمام علي عليه السلام وما إدراك ما علي , لم يجامل الظلمة والمفسدين قط ولم يترك السيف منذ صباه وحتى آخر يوم في حياته ,وإذا كانوا على خط الحسين عليه السلام المعروفة سيرته وواقعة كربلاء للجميع , وانا يشرفني ان انسب نفسي إلى هؤلاء وأن أنال شرف الشهادة في سبيل الله .
أما إذا كان الشيعة منافقين ومن محبي الدنيا والجاه والكراسي وعبدة النفس الأمارة بالسوء ونحو ذلك ( كما يزيد لعنة الله عليه ) فإن الأجوبة تختلف وتكون بالصورة التالية:
1- أعداء هكذا شيعة هم المسلمون المجاهدون (رضوان الله عليهم ) وكل الخيرين الشرفاء في الأرض أصحاب العزة والكرامة وواقفي وقفات البطولة أمام الظلمة والمفسدين كما وقفة الحسين عليه السلام أمام يزيد وأعوانه .
2- وإن ما قامت به أمريكا في العراق (في نظر هؤلاء) هو تحرير وعمل بطولي لأجل سواد عيون الشيعة ورفاهيتهم ومزيد من ملذات الدنيا والدولارات والكراسي والقصور والسيارات الفخمة والحماية الأجانب والشقراوات ومزيد من الكروش المترهلة بأموال السحت والرواتب المشبوهة والرشى والصفقات.
3- بالطبع شيعة من هكذا نوع يتعاملون مع أمريكا التي وفرت لهم تلك الأمور بالسمع والطاعة ويعتبرونها ولية أمرهم من دون الله وقد فعلها بعضهم وأعلنها على الملأ , فقد نقل لي أحد الثقاة أنه يسمع من عدنان الزرفي أنه يرفض طلبات أبناء عشيرته الذين يطلبون منه وظيفة أو عمل يسترزقون منه , ويقول لهم أنهم ليسوا عشيرته بل الأمريكان عشرته .... طبعاً فهم الذين اعطوه الكرسي وفروا له تلك النعمة الحرام وأموال السحت التي سيتركها حتماً ويخرج من الدنيا أما بكفن أو بدونه- كما طرازان )
4- لا أعرف جواباً محدداً هنا ولكن أذكّر الجميع بمبادرة السيستاني بترميم كنائس الأخوة المسيحيين , وأتمنى أن نسمع بمبادرات مماثلة بترميم مساجد المسلمين التي تضررت بالأحتلال , أو بناء دور للأيتام او مستشفيات للمرضى أو مجمعات سكنية للفقراء والمساكين الذين يسكنون في المدارس والحسينيات و الفرق الحزبية التي خلفها النظام المقبور , أو نسمع أن السيد قد بنى مؤسسة ثقافية للمسلمين ( الشيعة) في العراق , او قام بمشروع تحلية مياه الشرب لحاجة العراقيين الشديدة إليه , من الأموال الشرعية التي يدفعها الشيعة وهي مليارات ( أكرر مليارات ).
5- إن شيعة من ذلك النوع الثاني ( المنافق) بالتأكيد لا يستطيعون تمييز ما هو متطابق مع أخواننا المسلمين من أهل السنة -الكثير منهم مجاهدين إبطال شرفاء وقفوا أمام الاستكبار وقاوموا بما لديهم من إمكانيات- لأن النفاق وحب الدنيا قد اعميا بصائرهم وقد يعتبرونهم أعداء لأنهم ببساطة أعداء لأمريكا وليّة نعمتهم, حيث كل يوم يقتلون منهم العشرات ويسقطون طائراتهم ويفجرون دباباتهم ويأسرون طواقم مخابراتهم المستترين تحت عناوين مدنية, وهذه الأفعال البطولية بالتأكيد تحسس الأقزام المنبطحين تحت جزمات الاحتلال بحجمهم الحقيقي فلا يملكون إلا اللجوء - عبثا- إلى تحطيم صورة العمالقة وتصغيرهم عسى ولعل يكونوا بنفس حجمهم الحقير, لترتاح نفوسهم المريضة التي ارتضت بالذل والأنبطاح للغازي المحتل ولكن دون جدوى.
6- وأن شيعة من ذلك النوع ( المنافق ) الراكن للاحتلال ويعتبره متفضلاً عليهم على الرغم من كل تلك المآسي , بالتأكيد يصدقون دعاية الأحتلال المغرضة بحق المقاومة الشريفة , وقد يعتبرون أن تلك الأفعال الإجرامية التي يقوم بها الصهاينة والاحتلال وعملاؤهم هي من فعل المقاومة , حيث الأحتلال لا يفكر بمجابهة المقاومة بالسلاح فحسب بل في الإعلام أيضاً وهذه كلها محاولات فاشلة لا تنطلى إلا على المنافقين وأصحاب الضمائر المريضة , أما المؤمنين ذوي القلوب الطاهرة فيحسنون الظن بإخوانهم المسلمين ويعتبرون أنفسهم معهم في خندق واحد ضد عدوهم الغازي المحتل الذي سبق وأن حاصر شعبهم وتسبب بكثير من الماسي التي نشهد آثارها اليوم بكل وضوح.
وأمام واقع الأحتلال البغيض وأبواق النفاق والدعاية التي أوصلت البعض إلى مستوى التشكيك بالثوابت والبديهيات العقلية, وما دمنا في معرض الحديث عن طرح السيد الإسكاني أنه مع تقسيم العراق ,ارى أنه من الضروري ومن بعد أن أجبت على تلك الأسئلة التي وجهها لي السيد الأسكاني , أن نطرح السؤال الأهم وهو أيهما يفيد الناس ويفيد العراقيين , الوحدة ( التوحد) أم التفرقة ( التقسيم) ؟؟
للجواب أقول : لما كان الله تعالى مجده يأمر بالوحدة (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا..) آل عمران على اعتبارات وجودية أصيلة في الوجود منتزعه من هويته تعالى مجده , والنشأة بجميع عناصرها تتجه نحو الوحدة ( نحو لقاء الله الواحد الأحد ) فإن الحركة الطبيعة والتي تنسجم مع قوانين الله التكوينية والشرعية تكمن في الوحدة والتوحد وهذا هو الحق المبين وهو الذي ينفع العراقيين والناس اجمعين وكل عناصر الكون التي تبلغ قمة كمالها بلقاء الله الواحد الأحد, أما التقسيم والتفرقة وما يسمونه استقلال , فانه يخالف قوانين الله التكوينية والشرعية وهو الباطل بعينه , وهذا لا يمكن أن يكون ولا حتى يفكر به إنسان عاقل أو صاحب فطرة سليمة فضلاً عن مؤمن تقي .
ولما كان الحق في قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: (( لا يعرف الحق بالرجال ,أعرف الحق تعرف رجاله )) وكان الله واحد أحد- بلا كثرة- هو الحق المبين تعالى مجده وما سواه باطل , فإن رجال الحق هم رجال الوحدة والتوحد والتوحيد , ورجال الباطل هم رجال التفرقة والتقسيم وتعدد الآلهة وتعدد الشرعية والقوانين والأوطان ونحو ذلك .
وعلى ضوء ما سبق أقول : ليس التقسيم والتفرقة من مصلحة العراقيين سواء كانوا شيعة أو سنة أو أكراد أو عرب أو تركمان أو مسيحيين أو صابئة أو يزيدية أو أو ..الخ , و ان وما يفيدهم ويجلب لهم الخير والمنفعة هي الوحدة التي يأمر بها الله تعالى مجده ,وتدعوا إليها الفطرة الإنسانية السليمة وقوانين الكون المتحركة بحول الله الواحد الأحد وتتجه صوبه تعالى مجده , وليس من مصلحة الشيعة أن يشعروا أخوانهم المسلمين أهل السنة أنهم يرغبون بالانفصال عنهم ,بل من مصلحتهم أن يستفيدوا منهم ومن إمكانياتهم النوعية في المقاومة الشريفة والرفض الواضح للاحتلال وما ينجم عنه من باطل بحق بلدنا, وأن يركزوا على الثوابت المشتركة في العقيدة معهم ونحو ذلك.
فإذا كانت أوربا المختلفة في الكثير من مظاهر هويتها وخاضت فيما بينها حربين عالميتين وحروب تاريخية قديمة قد توحدت وعاشت شعوبها بأمان ورفاهية إلى درجة سعي الكثير من الدول -ومنها تركيا - للانضمام إليها, فإن العراق الوطن الواحد تاريخياًً وجغرافياً أولى بهذه الوحدة من غيره, وليس من حق أي عراقي أن يعلن أنه لا يرغب بالآخرين ان يشاركوه الوطن ويردد كما الببغاء مطالب أعداءنا بالتقسيم أو ما يسمونه استقلال,( انا هنا لا أقصد السيد الأسكاني بالذات) لأن الأرض وخيراتها قد جعلها الله للناس اجمعين دونما استثناء ,(( وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ)) (10الرحمن) أي أنها مملوكة لهم شرعاً, والشرع هو القانون الفطري الأصيل الذي ينسجم مع حاجات الإنسان الأصيلة على اعتباره من عناصر الكون , والكون كله يتجه نحو الوحدة , نحو لقاء الله الواحد الأحد .
فالحق مع الوحدة والوحدة مع الحق , وخلاف ذلك باطل مرفوض عقلاً وشرعاً يأباه الذوق العقائدي السليم.
*باحث في علوم المستقبل
Almehdi_9@hotmail.com
زهيرالأسـدي *
في مقال سابق للسيد أحمد الإسكاني وردت أفكار أرى أنها في غاية الخطورة على أمن ومستقبل العراقيين جميعا دونما استثناء وعلى أمن ومصالح المسلمين بالذات الشيعة والسنة, هذه الحالة تجدها بوضوح منذ السطر الأول للمقال الذي قال فيه (( بداية اريد ان اقول بكل وضوح انني مع تقسيم العراق او على الأقل مع استقلال شيعة العراق وسأسعى من اجل ذلك الهدف بكل الوسائل السلمية المتحضرة لأنني اثق ان من مصلحة الشيعة الاستقلال دون ان يكون ذلك الأستقلال بالضرورة ضد مصالح الآخرين اذا ما تم بشكل سلمي كما حصل في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق او كما حصل في تشكيسلوفاكيا التي أصبحت جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا دون عنف ولا دماء.لا توجد حتمية بتحول التقسيم الى تكرار للتجربة اليوغسلافية المؤلمة الا إذا أراد طرف ان يستحوذ على كل شيء دون الاخرين.))
أقول: أن تصدر تلك الأفكار وبهذا الوضوح من أعداءنا الصهاينة والأمريكان أمراً مألوفاً لا يثير الدهشة والاستغراب لأن ذلك ديدن الأعداء ( فرق تسد) في كل زمان ومكان الذين يجدون في وحدة خصومهم قوة حقيقية جبارة تقف عائقاً حقيقياً أمام تنفيذ مشاريعهم العدائية والاستعمارية , أما أن تصدر من عراقي يدعي انه مسلم شيعي بلده محتل و شعبه يعاني الأمرين فهذا أمر غير مألوف وغير مسبوق ولا ويمكن أن تصدر من إنسان سوي مجبول بالفطرة على الإيمان وحب الخير لنفسه وللآخرين الذين يشاركوه الدين والوطن والأمة .
وقد اتخذ السيد الإسكاني الدول الشيوعية وشعوبها الملحدة التي عانت المرارة بعد استقلالها عن أمتها مثالاً يريد تطبيقه على العراق المسلم ومن منطلق أنه يتكلم باسم الشيعة , متناسياً تماماً أن ذلك التقسيم والاستقلال قد اضر بتلك الشعوب وزادها ضعفاً وفقراً, وهو لم يأت نتيجة طبيعية لمطالب تلك الشعوب بل نتيجة الحرب الباردة ما بين المعسكر الغربي وعلى رأسه أمريكا وبين المعسكر الاشتراكي الذي كان يقوده الاتحاد السيوفياتي سابقا, وقد استخدمت أمريكا في تحطيم خصمها الشيوعي أساليب غير عسكرية ( سلمية) واستخباراتية وفرقته إلى دويلات , وها هو السيد الإسكاني يتبنى أسلوب أمريكا التي تحتل بلده عسكرياً, وجعل نفسه في معسكرهم في تقسيم العراق ويريد أن يسعى من اجل ذلك الهدف- غير النبيل- بكل الوسائل السلمية المتحضرة كما يزعم في الفقرة أعلاه المنقولة عن مقاله.
السؤال هنا : لماذا لم يتخذ السيد الإسكاني تجربة أوربا الموحدة وما حققته من رفاهية ومكاسب لشعوبها إلى درجة أن هناك دولا ًمثل تركيا تبذل الكثير من الجهود وتتوسل بكثير من الوسائل وتقدم التنازلات في سبيل الانضمام إليه مثالاً يحتذى به في العراق والمنطقة , وجعل نفسه مع التقسيم على الرغم من مخاطره المحتومة وليست المحتملة ؟ ومن المستفيد من تلك الطروحات التي ثبتت بالأدلة التاريخية والعملية انها مطالب الصهاينة والأمريكان وهم أعداءنا بلا أدنى شك؟؟
يجب هنا مصارحة القارئ الكريم بأنني لم أكن أرغب في كتابة هذا المقال لأن وقتي هذه الايام لا يتسع لذلك, وأيضاً لا ارغب في إثارة هذه المسالة الحساسة على الملأ , ولكن السيد الإسكاني و بعد أن قرأ رسالتي الخاصة إليه تعقيباً على مقاله طلب مني ذلك بنفسه أن أرد عليه في موقع كتابات لنصل إلى فهم مشترك للمسألة كما يقول وقد وجه ألي بعض الأسئلة يطلب الجواب عليها :
ولأجل ذلك أقول : إن ما يحز بالنفس ويدمي الفؤاد حقاً أن توجه لي- أو لغيري- أسئلة من نوع :
1.من هو العدو الأول للشيعة ؟
2. هل كان ماقامت به امريكا احتلالا ام تحريرا ؟
3. حتى اذا اختلفنا في التسمية,اي احتلال ام تحرير,كيف يجب ان نتعامل مع أمريكا ؟
4. هل المسيحيون هم بالضرورة اعداء للمسلمين ؟
5. كون الشيعة اقلية مضطهدة يعني انها متأثرة شاءت ام ابت بالافكار والدعايات وطرق التفكير السنية.وهذا يطرح سؤالا هاما وهو هل نستطيع ان نميز فعلا ما هو المتطابق في تفكيرنا مع ما هو سني ومع ما هو شيعي ؟
6. من ضحايا المقاومة الآن ؟
أقول: إن جواب هذه الأسئلة من البديهيات المحسومة ولا يشك فيها إلا من كانت عقيدته مهزوزة أو متأثر بأفكار غير أصيلة ولا أقول خبيثة. وعلى هذا فإن جواب أسئلتك يا سيد الإسكاني يتوقف على من هم الشيعة ؟؟, وأي نوع من الشيعة أنا وأنت وغيرنا ؟؟ .
إذا كان الشيعة مؤمنين يتقون الله في كل صغيرة وكبيرة ويعملون في سبيل الله ومن أجل الآخرة , فإن
1- أعداء الشيعة هم أعداء الله وأعداء الإسلام وهم الصهاينة والأمريكان بلا أدنى شك, وواضح ذلك من خلال ظلمهم وفسادهم في الأرض . ولا يجوز للشيعة معاداة أخوانهم المسلمين أصحاب الشهادتين والقبلة وحملة القرآن وأتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم , ولا عدوان إلا على الظالمين .
2- وإن ما قامت به أمريكا احتلال واضح وصريح لأجل أمن الصهاينة الذين تثبت كتبهم الدينية موعد اقتراب نهايتهم على يدي المهدي عليه السلام وأصحابه الأخيار , و هو عدوان يتضمن جرائم كبرى بحق الإنسان العراقي والمقدسات وسيادة البلد و ليس تحريراً كما يزعم البعض, فليس من العقل ولا الحكمة أن تقوم دولة بصرف مليارات الدولارات شهرياً –تكاليف الأحتلال- وتقدم جنودها ضحايا لأجل تحرير شعب يبعد عنهم آلاف الكيلومترات سبق وأن حاصروه بظلم ونذالة لم يشهدها التاريخ من قبل, أذهب إلى محرك البحث ( google) وأكتب فيه العبارات التالية ( 3war ,IIIwar) ستجد ما يقارب مئة وخمسة وسبعين ألف موقعاً الكترونيا باللغة الانجليزية – أغلبها أمريكية- يتحدث عن الحرب المقدسة والتحضير لها ,وباعتقادهم أن المزيد من الضحايا ( المسلمين) هو السبيل لتعجيل ظهور السيد المسيح ( عليه السلام) على حد زعمهم , وقد صرح بوش العين عندما شن حربة على العراق بأنها حرب صليبية مقدسة , فأمر غريب جداً ان تطرح مثل هذا السؤال هل ما قامت به أمريكا احتلال أم تحرير ؟؟ في السؤال التالي تفترض إجابات مختلفة على أمر بديهي ثم تفرع منها سؤالاً آخر.
3- أن يتعامل الشيعة مع أمريكا -المعلوم ظلمها وفسادها في الأرض من خلال الحروب التي تشنها والحصار الذي فرضته من قبل- كما يريد الله لنا أن نتعامل مع أعداءه الكفار والمفسدين , أن نجاهدهم دفاعاً عن النفس والوطن والمقدسات ويستلزم ذلك أن نتحد مع أخواننا المسلمين –السنة- الذين يحملون القرآن وينطقون الشهادتين ويتوجهون إلى ذات القبلة التي نتوجه إليها ويقدسون ذات الرسول الذي نقدسه ويعبدون نفس الإلهة الذي نعبده, أو على الأقل لا نركن إلى الأعداء ونعتمد عليهم في شؤون حياتنا أياً كانت ,فالله يحذرنا من ذلك بكل صراحة ووضوح: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) (113هود)
4- وإن المسيحيين المؤمنين بالله- ورسوله المسيح عليه السلام ليسوا أعداءنا بل هم أصحاب كتاب لهم شأن خاص نستطيع حتى الزواج من نسائهم والتصاهر معهم , ويحرم ذلك مع الكافرين أعداء الله ورسوله , وعند تطبيق مبادئ الشرعية يجب عليهم أن يدفعوا الجزية ( وهي ضريبة رمزية من مبلغ بسيط) مقابل دفع المسلمين للخمس والزكاة والصدقات ونحو ذلك ليكونوا مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات .
5- نعم يستطيع الشيعة التمييز بوضوح ما هو متطابق مع أخواننا المسلمين أهل السنة ,منها توحيد الله والشهادتين والقرآن والقبلة , بالإضافة إلى أصول الدين وفروعه التي لا اختلاف فيها إلا في عقيدة الإمامة , وحتى هذه ليس نهائية بل هم –سوى الوهابية- يؤمنون بالمهدي عليه السلام الذي يطهر الأرض من الشرك والفساد وكتب الأحاديث المعتبرة عندهم تشهد بذلك , والمجاهدين الشرفاء من أخواننا السنة اليوم (وليس المجرمين) أرى أنهم من أنصار المهدي عليه السلام اكثر بعض الشيعة المتخاذلين والمنافقين الذين ارتضوا بالذل والمهانة وطاعة الأحتلال من دون الله , مقابل كراسي ومكاسب زائلة عنهم حتماً.
6- ضحايا المقاومة الشريفة المجاهدة في سبيل الله ,هم قوات الأحتلال بالدرجة الأولى هم وطائراتهم ودبابتاتهم وآلياتهم ومرتزقتهم ومنافقيهم , وأنا لا اصدق أبدا أن المسلم الذي يصلي ويصوم ويجاهد في سبيل الله من أجل الفوز بالجنة يفكر أن يقتل مسلم مثله ينطق الشهادتين , وإنما يفعل ذلك من الصهاينة والكفرة والمرتدين , وانسب الحوادث المؤسفة إلى الأحتلال نفسه أو أتباع الصهاينة , الذين يحاولون عبثاً تشويه صورة المقاومة الشريفة ويحفزون الناس ضدهم بتلك الدعاية الرخيصة الفاشلة, نحو تضخيم صورة الزرقاوي والارتقاء به إلى مصاف أبطال الأساطير , والسيارات المفخخة ونحو ذلك , وما هي إلا لعبة من لعبات الأحتلال يريدون أن يبرروا احتلالهم للعرق بعدما تفندت مزاعمهم في أسلحة الدمار الشامل .
تلك أجوبة اسألتك في حال كون الشيعة قوم مؤمنين يمتثلون لأمر الله ورسوله ص ( المجاهد الأول في الإسلام) وعلى خط الإمام علي عليه السلام وما إدراك ما علي , لم يجامل الظلمة والمفسدين قط ولم يترك السيف منذ صباه وحتى آخر يوم في حياته ,وإذا كانوا على خط الحسين عليه السلام المعروفة سيرته وواقعة كربلاء للجميع , وانا يشرفني ان انسب نفسي إلى هؤلاء وأن أنال شرف الشهادة في سبيل الله .
أما إذا كان الشيعة منافقين ومن محبي الدنيا والجاه والكراسي وعبدة النفس الأمارة بالسوء ونحو ذلك ( كما يزيد لعنة الله عليه ) فإن الأجوبة تختلف وتكون بالصورة التالية:
1- أعداء هكذا شيعة هم المسلمون المجاهدون (رضوان الله عليهم ) وكل الخيرين الشرفاء في الأرض أصحاب العزة والكرامة وواقفي وقفات البطولة أمام الظلمة والمفسدين كما وقفة الحسين عليه السلام أمام يزيد وأعوانه .
2- وإن ما قامت به أمريكا في العراق (في نظر هؤلاء) هو تحرير وعمل بطولي لأجل سواد عيون الشيعة ورفاهيتهم ومزيد من ملذات الدنيا والدولارات والكراسي والقصور والسيارات الفخمة والحماية الأجانب والشقراوات ومزيد من الكروش المترهلة بأموال السحت والرواتب المشبوهة والرشى والصفقات.
3- بالطبع شيعة من هكذا نوع يتعاملون مع أمريكا التي وفرت لهم تلك الأمور بالسمع والطاعة ويعتبرونها ولية أمرهم من دون الله وقد فعلها بعضهم وأعلنها على الملأ , فقد نقل لي أحد الثقاة أنه يسمع من عدنان الزرفي أنه يرفض طلبات أبناء عشيرته الذين يطلبون منه وظيفة أو عمل يسترزقون منه , ويقول لهم أنهم ليسوا عشيرته بل الأمريكان عشرته .... طبعاً فهم الذين اعطوه الكرسي وفروا له تلك النعمة الحرام وأموال السحت التي سيتركها حتماً ويخرج من الدنيا أما بكفن أو بدونه- كما طرازان )
4- لا أعرف جواباً محدداً هنا ولكن أذكّر الجميع بمبادرة السيستاني بترميم كنائس الأخوة المسيحيين , وأتمنى أن نسمع بمبادرات مماثلة بترميم مساجد المسلمين التي تضررت بالأحتلال , أو بناء دور للأيتام او مستشفيات للمرضى أو مجمعات سكنية للفقراء والمساكين الذين يسكنون في المدارس والحسينيات و الفرق الحزبية التي خلفها النظام المقبور , أو نسمع أن السيد قد بنى مؤسسة ثقافية للمسلمين ( الشيعة) في العراق , او قام بمشروع تحلية مياه الشرب لحاجة العراقيين الشديدة إليه , من الأموال الشرعية التي يدفعها الشيعة وهي مليارات ( أكرر مليارات ).
5- إن شيعة من ذلك النوع الثاني ( المنافق) بالتأكيد لا يستطيعون تمييز ما هو متطابق مع أخواننا المسلمين من أهل السنة -الكثير منهم مجاهدين إبطال شرفاء وقفوا أمام الاستكبار وقاوموا بما لديهم من إمكانيات- لأن النفاق وحب الدنيا قد اعميا بصائرهم وقد يعتبرونهم أعداء لأنهم ببساطة أعداء لأمريكا وليّة نعمتهم, حيث كل يوم يقتلون منهم العشرات ويسقطون طائراتهم ويفجرون دباباتهم ويأسرون طواقم مخابراتهم المستترين تحت عناوين مدنية, وهذه الأفعال البطولية بالتأكيد تحسس الأقزام المنبطحين تحت جزمات الاحتلال بحجمهم الحقيقي فلا يملكون إلا اللجوء - عبثا- إلى تحطيم صورة العمالقة وتصغيرهم عسى ولعل يكونوا بنفس حجمهم الحقير, لترتاح نفوسهم المريضة التي ارتضت بالذل والأنبطاح للغازي المحتل ولكن دون جدوى.
6- وأن شيعة من ذلك النوع ( المنافق ) الراكن للاحتلال ويعتبره متفضلاً عليهم على الرغم من كل تلك المآسي , بالتأكيد يصدقون دعاية الأحتلال المغرضة بحق المقاومة الشريفة , وقد يعتبرون أن تلك الأفعال الإجرامية التي يقوم بها الصهاينة والاحتلال وعملاؤهم هي من فعل المقاومة , حيث الأحتلال لا يفكر بمجابهة المقاومة بالسلاح فحسب بل في الإعلام أيضاً وهذه كلها محاولات فاشلة لا تنطلى إلا على المنافقين وأصحاب الضمائر المريضة , أما المؤمنين ذوي القلوب الطاهرة فيحسنون الظن بإخوانهم المسلمين ويعتبرون أنفسهم معهم في خندق واحد ضد عدوهم الغازي المحتل الذي سبق وأن حاصر شعبهم وتسبب بكثير من الماسي التي نشهد آثارها اليوم بكل وضوح.
وأمام واقع الأحتلال البغيض وأبواق النفاق والدعاية التي أوصلت البعض إلى مستوى التشكيك بالثوابت والبديهيات العقلية, وما دمنا في معرض الحديث عن طرح السيد الإسكاني أنه مع تقسيم العراق ,ارى أنه من الضروري ومن بعد أن أجبت على تلك الأسئلة التي وجهها لي السيد الأسكاني , أن نطرح السؤال الأهم وهو أيهما يفيد الناس ويفيد العراقيين , الوحدة ( التوحد) أم التفرقة ( التقسيم) ؟؟
للجواب أقول : لما كان الله تعالى مجده يأمر بالوحدة (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا..) آل عمران على اعتبارات وجودية أصيلة في الوجود منتزعه من هويته تعالى مجده , والنشأة بجميع عناصرها تتجه نحو الوحدة ( نحو لقاء الله الواحد الأحد ) فإن الحركة الطبيعة والتي تنسجم مع قوانين الله التكوينية والشرعية تكمن في الوحدة والتوحد وهذا هو الحق المبين وهو الذي ينفع العراقيين والناس اجمعين وكل عناصر الكون التي تبلغ قمة كمالها بلقاء الله الواحد الأحد, أما التقسيم والتفرقة وما يسمونه استقلال , فانه يخالف قوانين الله التكوينية والشرعية وهو الباطل بعينه , وهذا لا يمكن أن يكون ولا حتى يفكر به إنسان عاقل أو صاحب فطرة سليمة فضلاً عن مؤمن تقي .
ولما كان الحق في قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: (( لا يعرف الحق بالرجال ,أعرف الحق تعرف رجاله )) وكان الله واحد أحد- بلا كثرة- هو الحق المبين تعالى مجده وما سواه باطل , فإن رجال الحق هم رجال الوحدة والتوحد والتوحيد , ورجال الباطل هم رجال التفرقة والتقسيم وتعدد الآلهة وتعدد الشرعية والقوانين والأوطان ونحو ذلك .
وعلى ضوء ما سبق أقول : ليس التقسيم والتفرقة من مصلحة العراقيين سواء كانوا شيعة أو سنة أو أكراد أو عرب أو تركمان أو مسيحيين أو صابئة أو يزيدية أو أو ..الخ , و ان وما يفيدهم ويجلب لهم الخير والمنفعة هي الوحدة التي يأمر بها الله تعالى مجده ,وتدعوا إليها الفطرة الإنسانية السليمة وقوانين الكون المتحركة بحول الله الواحد الأحد وتتجه صوبه تعالى مجده , وليس من مصلحة الشيعة أن يشعروا أخوانهم المسلمين أهل السنة أنهم يرغبون بالانفصال عنهم ,بل من مصلحتهم أن يستفيدوا منهم ومن إمكانياتهم النوعية في المقاومة الشريفة والرفض الواضح للاحتلال وما ينجم عنه من باطل بحق بلدنا, وأن يركزوا على الثوابت المشتركة في العقيدة معهم ونحو ذلك.
فإذا كانت أوربا المختلفة في الكثير من مظاهر هويتها وخاضت فيما بينها حربين عالميتين وحروب تاريخية قديمة قد توحدت وعاشت شعوبها بأمان ورفاهية إلى درجة سعي الكثير من الدول -ومنها تركيا - للانضمام إليها, فإن العراق الوطن الواحد تاريخياًً وجغرافياً أولى بهذه الوحدة من غيره, وليس من حق أي عراقي أن يعلن أنه لا يرغب بالآخرين ان يشاركوه الوطن ويردد كما الببغاء مطالب أعداءنا بالتقسيم أو ما يسمونه استقلال,( انا هنا لا أقصد السيد الأسكاني بالذات) لأن الأرض وخيراتها قد جعلها الله للناس اجمعين دونما استثناء ,(( وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ)) (10الرحمن) أي أنها مملوكة لهم شرعاً, والشرع هو القانون الفطري الأصيل الذي ينسجم مع حاجات الإنسان الأصيلة على اعتباره من عناصر الكون , والكون كله يتجه نحو الوحدة , نحو لقاء الله الواحد الأحد .
فالحق مع الوحدة والوحدة مع الحق , وخلاف ذلك باطل مرفوض عقلاً وشرعاً يأباه الذوق العقائدي السليم.
*باحث في علوم المستقبل
Almehdi_9@hotmail.com