جبار
02-07-2005, 11:00 AM
توماس فريدمان *
جاء في الأخبار قبل عدة أسابيع أن إدارة الرئيس بوش تفكر في مضاعفة الجائزة المرصودة للقبض على بن لادن من 25 مليون دولار إلى 50 مليون دولار. وأنا أوافق بصورة كاملة على إعادة النظر في الجائزة، ولكنني أعتقد أن إدارة بوش أخطأت في الرقم خطأ كبيرا. إذ أن على إدارة بوش أن تعلن عن تخفيض جائزة القبض على بن لادن من 25 مليون دولار إلى فلس واحد، وأن تعلن ذلك مع صورة موقعة لجورج بوش. وعليها في نفس الوقت أن تخفض الجائزة المرصودة لأبي مصعب الزرقاوي، الإرهابي الأكبر في العراق، إلى حبة خردل مع صورة موقعة من ديك تشيني.
ولا تسيئوا فهم ما أقول. فقد قتل بن لادن والزرقاوي آلاف الناس، وأنا أريد القبض عليهما أمواتا أم أحياء. والأفضل أن تكون الأولى. وإذا كنت أعتقد أن مائة مليون ستؤدي هذا الغرض، فإني سأوافق عليها من دون ريب. ولكن هذه الجوائز الهائلة لا تجدي، بل يبدو أنها ترسل رسالة خاطئة كليا.
أولا: يبدو أن هذين الرجلين مصابان بجنون العظمة. إذ يعتقدان أن العالم كله يتابع كل كلمة يتفوهان بها، وينتظر كل شريط يخرجانه. ونحن عندما نرصد هذه المبالغ الكبيرة للقبض عليهما، فإننا نغذي هذا الشعور بالعظمة لديهما، ونقول لهما كم هما مهمان وخطيران، خاصة في حالة بن لادن الذي نحاول أن نضاعف جائرة القبض عليه إلى 50 مليون دولار. كما أننا نرفع مكانتهما في الشارع السياسي العربي، باعتبارهما البطلين اللذين يقاتلان أميركا وينهضان لمقاومتها. كما أننا نشجع المصابين بنفس المرض، والذين تراودهم أوهام مشابهة، ليسلكوا نفس الطريق الذي يسلكه حاليا بن لادن والزرقاوي.
ولذلك فإن علينا أن نفعل العكس: بأن نقول لهذين الخاسرين إننا لا نعتبرهما أكثر أهمية من فلس وخردلة.
ولكن هناك مسألة مبدئية كذلك. إننا يجب ألا ندفع للعراقيين أو العرب من أجل حل مشاكلهم. فأسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي لعنتان حلتا بحضارة العرب. ولذلك فإن القبض عليهما ستكون له قيمة، بالنسبة إليهم وإلينا وللعالم، لو حدث بأيدي العرب والمسلمين أنفسهم، ومن أجل شفاء حضارتهم من هاتين الخليتين السرطانيتين. وكذلك فإن جيران بن لادن والزرقاوي لو سلموهما من دون مقابل، فإن في ذلك ردعا قويا لأمثالهما. وعلى كل حال، ما هي الرواية التي تفضل أن تقرأها بعد القبض على بن لادن؟ هل تريد أن تقرأ الرواية التالية:
«قبض على أسامة بن لادن صباح هذا اليوم بعد أن سلمته مجموعة من القرويين إلى مركز الشرطة المحلية. وقد تسلم القرويون جائزة قدرها 50 مليون دولار كانت مرصودة لمن يقبض عليه، وهربوا من البلاد وهم يضعون الأقنعة على وجوههم لأنهم يخشون أن يتعرف عليهم الآخرون».
أم هذه الرواية البديلة:
« قبض صباح هذا اليوم على أسامة بن لادن، بعد أن أبلغت مجموعة من القرويين الشرطة المحلية بمكان اختفائه. وقد قال أحد القرويين، واسمه أحمد محمد أحمد، للمراسلين: « هذا الرجل شوه اسم الإسلام، دين الرحمة والتسامح. هناك مكان خاص في نار جهنم لهذا الرجل. إنني سارقص على قبره».
أما مبلغ الـ 75 مليون دولار فإنني سأنفقه على مسابقة لطلاب المدارس الثانوية في أكثر من بلد عربي وإسلامي. وسيطلب من هؤلاء الطلاب ما يلي: إكتب، مقالة من ألفي كلمة، حول أحد هذين الموضوعين:
لماذا تعتقد أن العالم العربي الإسلامي قادر تماما على إقامة حكومات ديمقراطية تمثيلية، وكيف تتصور أنه يمكن أن يفعل ذلك بصورة سلمية، ودون أي تدخل أميركي أو خارجي؟
أكتب مقالة عن عالم رياضيات أو طبيعيات، أو فيلسوف عظيم من العصور الإسلامية الوسيطة، عربيا كان أو مسلما، وكيف ساهمت اكتشافاته في صياغة عالمنا الحالي؟
وسيمنح الفائزون تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، ومنحا دراسية لمدة أربع سنوات في أية جامعة أميركية مرموقة يجدون فيها قبولا. وستعلق المقالات الفائرة على شبكات الإنترنت بالإنجليزية والعربية، والأردو والفارسية والفرنسية.
ما هو الذي يجعل أميركا أكثر أمانا في نظرك؟ هل منح جائزة لرجل واحد، لأنه قبض على بن لادن، أم تعليم آلاف الطلاب العرب المسلمين في الجامعات الأميركية؟
وربما نطلق على هؤلاء «الباحثين عن بن لادن». فأنا أحب أن أتصور بن لادن جالسا في كهف ما مظلم، يسجل شريطه المعتوه الأخير، ثم يعلم فجأة أننا حولنا المبالغ التي كنا رصدناها لقتله، إلى قتل أفكاره، ولتقريب الشباب العرب والمسلمين إلى أميركا بدلا من إبعادهم منها.
وأنا أعرف أن اسر ضحايا 11 سبتمبر (أيلول) يريدون أن تطيق العدالة والحلول النهائية فيما يتعلق بابن لادن. وأنا أيضا أريد ذلك، وأريد أكثر لو سلمه جاره ذات يوم، مقابل فلس أو خردلة.
جاء في الأخبار قبل عدة أسابيع أن إدارة الرئيس بوش تفكر في مضاعفة الجائزة المرصودة للقبض على بن لادن من 25 مليون دولار إلى 50 مليون دولار. وأنا أوافق بصورة كاملة على إعادة النظر في الجائزة، ولكنني أعتقد أن إدارة بوش أخطأت في الرقم خطأ كبيرا. إذ أن على إدارة بوش أن تعلن عن تخفيض جائزة القبض على بن لادن من 25 مليون دولار إلى فلس واحد، وأن تعلن ذلك مع صورة موقعة لجورج بوش. وعليها في نفس الوقت أن تخفض الجائزة المرصودة لأبي مصعب الزرقاوي، الإرهابي الأكبر في العراق، إلى حبة خردل مع صورة موقعة من ديك تشيني.
ولا تسيئوا فهم ما أقول. فقد قتل بن لادن والزرقاوي آلاف الناس، وأنا أريد القبض عليهما أمواتا أم أحياء. والأفضل أن تكون الأولى. وإذا كنت أعتقد أن مائة مليون ستؤدي هذا الغرض، فإني سأوافق عليها من دون ريب. ولكن هذه الجوائز الهائلة لا تجدي، بل يبدو أنها ترسل رسالة خاطئة كليا.
أولا: يبدو أن هذين الرجلين مصابان بجنون العظمة. إذ يعتقدان أن العالم كله يتابع كل كلمة يتفوهان بها، وينتظر كل شريط يخرجانه. ونحن عندما نرصد هذه المبالغ الكبيرة للقبض عليهما، فإننا نغذي هذا الشعور بالعظمة لديهما، ونقول لهما كم هما مهمان وخطيران، خاصة في حالة بن لادن الذي نحاول أن نضاعف جائرة القبض عليه إلى 50 مليون دولار. كما أننا نرفع مكانتهما في الشارع السياسي العربي، باعتبارهما البطلين اللذين يقاتلان أميركا وينهضان لمقاومتها. كما أننا نشجع المصابين بنفس المرض، والذين تراودهم أوهام مشابهة، ليسلكوا نفس الطريق الذي يسلكه حاليا بن لادن والزرقاوي.
ولذلك فإن علينا أن نفعل العكس: بأن نقول لهذين الخاسرين إننا لا نعتبرهما أكثر أهمية من فلس وخردلة.
ولكن هناك مسألة مبدئية كذلك. إننا يجب ألا ندفع للعراقيين أو العرب من أجل حل مشاكلهم. فأسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي لعنتان حلتا بحضارة العرب. ولذلك فإن القبض عليهما ستكون له قيمة، بالنسبة إليهم وإلينا وللعالم، لو حدث بأيدي العرب والمسلمين أنفسهم، ومن أجل شفاء حضارتهم من هاتين الخليتين السرطانيتين. وكذلك فإن جيران بن لادن والزرقاوي لو سلموهما من دون مقابل، فإن في ذلك ردعا قويا لأمثالهما. وعلى كل حال، ما هي الرواية التي تفضل أن تقرأها بعد القبض على بن لادن؟ هل تريد أن تقرأ الرواية التالية:
«قبض على أسامة بن لادن صباح هذا اليوم بعد أن سلمته مجموعة من القرويين إلى مركز الشرطة المحلية. وقد تسلم القرويون جائزة قدرها 50 مليون دولار كانت مرصودة لمن يقبض عليه، وهربوا من البلاد وهم يضعون الأقنعة على وجوههم لأنهم يخشون أن يتعرف عليهم الآخرون».
أم هذه الرواية البديلة:
« قبض صباح هذا اليوم على أسامة بن لادن، بعد أن أبلغت مجموعة من القرويين الشرطة المحلية بمكان اختفائه. وقد قال أحد القرويين، واسمه أحمد محمد أحمد، للمراسلين: « هذا الرجل شوه اسم الإسلام، دين الرحمة والتسامح. هناك مكان خاص في نار جهنم لهذا الرجل. إنني سارقص على قبره».
أما مبلغ الـ 75 مليون دولار فإنني سأنفقه على مسابقة لطلاب المدارس الثانوية في أكثر من بلد عربي وإسلامي. وسيطلب من هؤلاء الطلاب ما يلي: إكتب، مقالة من ألفي كلمة، حول أحد هذين الموضوعين:
لماذا تعتقد أن العالم العربي الإسلامي قادر تماما على إقامة حكومات ديمقراطية تمثيلية، وكيف تتصور أنه يمكن أن يفعل ذلك بصورة سلمية، ودون أي تدخل أميركي أو خارجي؟
أكتب مقالة عن عالم رياضيات أو طبيعيات، أو فيلسوف عظيم من العصور الإسلامية الوسيطة، عربيا كان أو مسلما، وكيف ساهمت اكتشافاته في صياغة عالمنا الحالي؟
وسيمنح الفائزون تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، ومنحا دراسية لمدة أربع سنوات في أية جامعة أميركية مرموقة يجدون فيها قبولا. وستعلق المقالات الفائرة على شبكات الإنترنت بالإنجليزية والعربية، والأردو والفارسية والفرنسية.
ما هو الذي يجعل أميركا أكثر أمانا في نظرك؟ هل منح جائزة لرجل واحد، لأنه قبض على بن لادن، أم تعليم آلاف الطلاب العرب المسلمين في الجامعات الأميركية؟
وربما نطلق على هؤلاء «الباحثين عن بن لادن». فأنا أحب أن أتصور بن لادن جالسا في كهف ما مظلم، يسجل شريطه المعتوه الأخير، ثم يعلم فجأة أننا حولنا المبالغ التي كنا رصدناها لقتله، إلى قتل أفكاره، ولتقريب الشباب العرب والمسلمين إلى أميركا بدلا من إبعادهم منها.
وأنا أعرف أن اسر ضحايا 11 سبتمبر (أيلول) يريدون أن تطيق العدالة والحلول النهائية فيما يتعلق بابن لادن. وأنا أيضا أريد ذلك، وأريد أكثر لو سلمه جاره ذات يوم، مقابل فلس أو خردلة.