المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة عن مواقع الإرهاب فى الإنترنت



Osama
02-07-2005, 09:00 AM
المستشار البحراني: الأحداث الدامية في الكويت جزء من مخطط متطرف يهدف إلى تغيير الأنظمة في دول الخليج العربي


أكد المستشار في وزارة التخطيط فؤاد البحراني أهمية الاستعداد الفني لمواجهة خطر الجماعات الارهابية التي باتت تخوض حربا شرسة وتبث أفكارها في المجتمع من خلال استغلال الوسائل التكنولوجية الحديثة وأهمها الانترنت.
وأوضح البحراني في دراسة أعدها حول «مواجهة الارهاب الالكتروني»، ان الحرب مع الجماعات الارهابية ازدادت خطرا بعد ان اصبحت هذه الجماعات تستخدم الانترنت لنشر فتاواها التكفيرية واصدار التعليمات والاوامر أو حتى تجنيد بعض الشباب وهم في منزلهم وبين أهلهم.

وحذر من ان الامر الاخطر هو امكانية تسلل هذه الجماعات الارهابية الى شبكات المعلومات للمؤسسات الحكومية والمرافق الحيوية والعبث بها او تدميرها او الحصول على معلومات عن الافراد والمؤسسات تستغل في تنفيذ اعمال ارهابية, وجاء في الدراسة:

الأحداث الدامية التي تشهدها الكويت هذه الأيام ليست أعمالا مرتجلة، وانما هي جزء من مخطط تنفذه قوى متطرفة تنتشر شبكاتها ومنظماتها في مختلف دول العالم وخاصة دول الخليج العربي، وتعمل لتحقيق هدف أيديولوجي معلن وهو تغيير أنظمة الحكم بالقوة، هذه المنظمات في غاية الحرفية في التخطيط والتنسيق، وتضم بين صفوفها شبابا متعلما ومتخصصا في كافة المجالات العلمية والهندسية، بل وقادر على الابداع واستغلال كافة الوسائل التكنولوجية الحديثة لتحقيق أهدافه، وقد وجدت هذه المنظمات في شبكة الانترنت البيئة المثالية لتنفيذ مخططاتها، فهي وسيلة اتصال تربط العالم بأسرة لا تعيقها حدود سياسية أو جغرافية، وغير مسيطر عليها من قبل الحكومات المحلية، فمن خلال هذه الشبكات تصل الفتاوى التكفيرية لـ «بن لادن والمقدسي والزرقاوي» الى كل بيت.

ومن خلال هذه الشبكة يتعلم الشاب كيف يصنع قنبلة وكيف يقتل، ومن خلال هذه الشبكة يبعث (المجاهد) بالمعلومات لأمرائه في الخارج، ومن خلالها يتلقى الأوامر منهم للقتل أو التدمير أو الانتحار, ان ما يقوم به رجال الأمن هو بلا شك عمل بطولي ولكن لابد أن يتوافق مع هذه المواجهة المسلحة الشجاعة، مواجهه أخرى تقنية وثقافية لتجفيف منابع الارهاب وحماية شبابنا من هذه الرياح الصفراء الالكترونية.

كيف استغلوا الانترنت
الانترنت وسيلة نشر ونقل للمعلومات، وهي الى عهد قريب كانت أرضا حرة يمكن لأي شخص أن يقول فيها ما يشاء لمن يشاء وأن ينشر ما يشاء في أي وقت يشاء، وهو ما لا يتوافر في أكثر الدول حرية وديمقراطية، ومن البدهي أن تكون الانترنت هي النافذة التي يطل منها أصحاب التوجهات والآراء السياسية الممنوعة في مواطنها، ومنهم متبني أفكار ومعتقدات الجماعات المتطرفة، ولذلك بدأت تنتشر على شبكة الانترنت المواقع المبشرة والمناصرة لفكر التكفير والعنف.

وقد أدركت هذه الجماعات أهمية وجودها على الانترنت، فكانت تطور من مستوى هذا الوجود كما ونوعا، فكانت ولا تزال مواقع هذه الجماعات على شبكة الانترنت من أفضل المواقع من الناحية الفنية ومن ناحية ما تحتويه من خدمات ومميزات، مما يدل بشكل واضح على الدعم المالي القوي الذي تتلقاه من مصادر تمويلها، فبالإضافة الى المعلومات الدعائية المباشرة، شمل الكثير منها منتديات حوارية، ومكتبات مسموعة ومرئية ومقروءة، والعديد من الخدمات المجانية في مختلف المجالات، وبالرغم من سمة التطرف العامة لهذه المواقع، والتزامها جميعا بالفكر التكفيري والقتالي، الا انها تختلف في أهدافها.

فمنها ما تخصص في تكريس الحقد والكره الطائفي، ومنها ما تخصص في التحريض ضد الأنظمة والحكومات، ومنها ما تخصص في الدعوة للجهاد ضد الغرب والولايات المتحدة الاميركية بشكل خاص، وأخطرها الذي تخصص في دعم الأنشطة الارهابية بشكل مباشر من خلال جمع الأموال واقناع المتطوعين للانضمام الى صفوف مقاتلي الجماعات المتطرفة، بل وفي تدريبهم على العمليات العسكرية عبر (كليات إرهابية مفتوحة).

مواقع ارهابية
ولكي نكون على دراية أكبر بطبيعة النشاط الاعلامي لهذه الجماعات على شبكة الانترنت، اخترنا بعضا من هذه المواقع، كأمثلة حية لما تبثه هذه الجماعات المتطرفة من ثقافة عنف وتدمير يتلقاها قطاع غير قليل من الشباب، علما بأنه لن يكون بمقدورنا ذكر كل ما قرأناه أو رأيناه في هذه المواقع اما لكونها تشير الى أشخاص بعينهم سواء كانوا قادة أو رموزا سياسية واجتماعية، أو لكونها تعرض مشاهد في غاية العنف والدموية.

وأول هذه المواقع يدل اسمه على محتواه، (الارهاب الاسلامي)، نعم هذا هو اسمه، وهو ملاحق باستمرار من قبل «الهاكرز الاميركيين»، فما ان يستقر على عنوان حتى يهاجم ويحتل، فينقله أصحابه الى عنوان آخر، الموقع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى هو كلية عسكرية ارهابية متكاملة، يتعلم فيها المنتمي اليها الكثير من علوم الحرب التقليدية وحرب العصابات، بالاضافة الى التدريب على صنع المتفجرات والأسلحة البيولوجية وكيفية استعمال أنواع عديدة من الأسلحة وتنفيذ الاغتيالات، كما يتعلم تقنيات الحرب الالكترونية أو ما يسميه أصحاب الموقع (الارهاب الالكتروني).

ويهتم الموقع بمخاطبة الشباب من الجنسين بأسلوب ترغيبي، مثير للعواطف الدينية، فهناك قسم حواري خاص بالمرأة المجاهدة، وهناك قسم خاص بخطب وفتاوى أسامة بن لادن التي يحث فيها على قتال الكفار وكل من يواليهم من المسلمين، ومكتبة للصوتيات وأفلام الفيديو، ومعرض للصور الفوتوغرافية الخاصة بالمجاهدين وهم يتدربون في المعسكرات، وصور لقادتهم ورموزهم، وعند الدخول الى قسم الاعداد العسكري، تجد نفسك أمام قائمة طويلة من الدروس الخاصة بالتدريب العسكري، منها على سبيل المثال: القواعد الأساسية في التعامل مع المتفجرات، والتكتيك العسكري للعمليات الجهادية والتعريفات المهمة للأسلحة وتقنية الصواريخ المضادة للطائرات ومتفجر( c 1) ، وغيرها من العناوين ضمن قائمة طويلة تملأ أكثر من ثلاث صفحات, وكجزء من العملية التعليمية في هذه الكلية الالكترونية تمكنت من تحميل كتب متنوعة باللغتين العربية والانجليزية عن الأسلحة والأمن العسكري والمتفجرات والسموم والتدريبات العسكرية.

وفي أغلب الأحيان تدور حوارات بين المشاركين في هذه الدروس، يطرحون فيها أسئلة على المدرب ويتلقون منه الاجابات ويتحاورون فيما بينهم مستفسرين أو طالبين للمساعدة، وعلى سبيل المثال شدني هذا الحوار الذي دار أثناء درس خاص بصناعة الصواريخ المضادة للطائرات.

«يقول الأول: نريد مواقع أو روابط تنفعنا في تقنية الصواريخ المضادة للطيران
بارك الله في الجميع وجعلنا الله واياكم نافعين لأمتنا
فيرد عليه آخر قائلا: أخي الحبيب,,, لي قريب يعمل في قوات الدفاع الجوي فأود أن تخبرني ما تريده بالضبط كي أحاول الحصول عليه».

وفي قسم الارهاب الالكتروني، هناك فصول مختلفة يتعلم فيها الارهابي الناشئ كافة الطرق والتقنيات التي تمكنه من التسلل عبر الانترنت وسرقة البريد الالكتروني وتدمير المواقع، بما في ذلك توفير نسخ مجانية من البرامج الضرورية لتنفيذ هذه العمليات، وشرحها خطوة خطوة باستخدام الصور التوضيحية، كما يتلقى المدرس الأسئلة من الطلبة ويرد عليها، ويتضح من صيغة هذه الأسئلة أن المنتسبين الى هذه الدروس هم من مختلف الجنسيات ومن بلدان مختلفة أغلبها دول شرق أوسطية، وهم يتلقون تدريبا ممتازا على وسائل وتقنيات التسلل عبر الانترنت والتخريب، لتخريجهم كمتسللين محترفين «هاكرز»، والهدف طبعا من ذلك هو التسلل من خلال الانترنت الى نظم المعلومات في الدول التي هم بها أو دول أخرى لتخريبها أو الحصول منها على معلومات، فهم يعتبرون أنفسهم مجاهدين الكترونيين.

وبشكل عام هناك تركيز في هذه المواقع على دروس اعداد أنواع مختلفة من المتفجرات مثل TNT وC1 وC4 وRDX وغيرها من الأنواع، وكيفية تجهيزها واستعمالها في عمليات ارهابية، وفي موقع آخر اسمه «الاعداد» يمكنك متابعة سلسلة متكاملة من المحاضرات حول اعداد المتفرجات والتدريب على قتل المدنيين، وسنورد لكم دون تحريف بعض ما ذكر أحد المدربين في احد هذه الدروس المفصلة، شارحا للمجاهدين أفضل أساليب زراعة المتفجرات في الأماكن المدنية كالأسواق والباصات والملاعب وضمان أكبر عدد ممكن من القتلى، فيقول:
«ان اقتحام الأسواق المفتوحة ومواقف الباصات يكون أسهل من اقتحام الأسواق المغلقة، ولاقتحام الأسواق المغلقة يجب البحث عن المدخل الذي يمكن أن تدخل منه السيارة، وهنا يجب خداع الحرس في حال كان هناك حرس، وذلك عن طريق التظاهر بأنك تريد أن توقف السيارة أمام المدخل ثم تضع مبدل السرعة على السرعة المنخفضة ثم تنطلق فجأة وتقتحم السوق فتقتل من تقتل دهساً والباقي يموت من المتفجرات».
وهذا قليل من ثقافة الرعب والقتل التي تبث عبر هذه المواقع.

التشفير الالكتروني

هل خطر ببالك وأنت تتجول في موقع رياضي أو موقع عن الطبيعة أو الموسيقى، أن الصور التي تراها أو مقاطع الموسيقى التي تسمعها ربما تحتوي على خرائط لمواقع ستهاجمها المنظمات الارهابية في بلدك أو بلد آخر، أو تحتوي على رسائل وتعليمات عسكرية من قادة هذه الجماعات الى أفرادها، أو معلومات تفصيلية بالأسماء والتواريخ والأدوار لمنفذي هذه العملية, نعم هذا ما كانت تفعله ولا تزال الجماعات المتطرفة، فقد أثبتت التحريات أن بن لادن وآخرين كانوا يستخدمون تكنولوجيا التشفير لتخبئة خرائط وصور ورسائل تضم تعليمات وأوامر، في مواقع خاصة بالرياضة، ومواقع (اباحية أيضا) وغيرها من المواقع العامة.

وذلك بعد تشفير هذه التعليمات والخرائط بواسطة برامج التشفير المتوافرة مجانا عبر شبكة الانترنت وتستخدم تقنية ( steganography ستيغانوغرافي)، هذه البرامج تمكن من دمج أي رسالة أو صورة سرية ضمن ملفات الكترونية أخرى غير مشبوهة، كملفات لصور رقمية عن الطبيعة أو لقطات فيديو من أفلام سينمائية أو قطع موسيقية، ولا يمكن ملاحظة وجود الخريطة للمستخدم العادي لشبكة الانترنت، فتفاصيل العمليات الارهابية والأهداف المستقبلية تخبأ في مواقع عامة على الانترنت، وفقط عضو المنظمة الارهابية يمكنه مشاهدة هذه الصور والخرائط والتعليمات، بعد فك شفرتها بواسطة مفتاح خاص «private key» لا يعلمه أحد سواه.

المستقبل أسوأ
كل ما ذكرناه حتى الآن يتعلق باستخدام الانترنت كوسيلة مساعدة لتنفيذ أنشطة تحريضية وأنشطة ارهابية، ولكن الأخطر من ذلك كله هو أن تستخدم الانترنت نفسها وبشكل مباشر لتنفيذ عمليات ارهابية، وذلك من خلال التسلل الى شبكات المعلومات للمؤسسات الحكومية والخاصة والعبث بها أو تدميرها، أو الحصول منها على معلومات عن الأفراد والمؤسسات تستغل في أعمال ارهابية، وأخطر من ذلك هو تمكن ارهابيين من التسلل الى الأنظمة الآلية التي تشغل المرافق الحيوية في الدولة كمحطات توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية، وشبكات الاتصال الهاتفي، والنظم الدفاعية للجيش، وغيرها من الأنظمة، والسيطرة عليها.

فمع تطور تقنيات الاتصال بالانترنت، وتطور خبرات المتسللين والمخربين والارهابيين، فليس من المستبعد أن تكون الانترنت في المستقبل ليس بالبعيد هي الوسيلة والأداة المباشرة لشن هجمات ارهابية شديدة التأثير، فيمكن لارهابي أن يغتال زعيم دولة أو قائدا سياسيا منافسا فيما لو أدخل هذا الشخص لتلقي العلاج في أحد المستشفيات التي تمكن أحد الارهابيين من التسلل الى نظامها الآلي، فيقوم بتغيير وصفات الدواء المسجلة على الحاسب الآلي أو زيادة جرعتها مما يتسبب في قتل ذلك الزعيم أو القائد، وماذا لو سيطر الارهابيون على النظم الآلية الخاصة بتنظيم حركة الملاحة الجوية، فقد يتمكنون من تدبير حوادث تصادم جوية مريعة، وماذا لو سيطروا على أنظمة التحكم بالدفعات الجوية الصاروخية، والسيناريوهات المحتملة في هذا المجال لا حصر لها، وكل ذلك مرتبط بمدى تطور خبرة الارهابيين في التسلل عبر الانترنت ليدمروا كل ما تقع يدهم عليه.

والشيء الوحيد الذي لن يفكر الارهابيون بتدميره أبدا هي شبكة الانترنت نفسها، بل هم حريصون أكثر الحرص على استمرارها وانتشارها، فبالرغم من كراهية هذه الجماعات المتطرفة للانترنت التي يرون أن معظم ما يتداول بها من معلومات مخالف لتوجهاتهم العقائدية، الا انهم يرون فيها الوسيلة المثلى لتحقيق أهدافهم، وربما يعتبرونها جندا من جنود الله سخرها لنصرتهم وتأييدهم.

الهجوم المضاد
انها حرب حقيقية ميدانها يغطي العالم كله عبر شبكة الانترنت، وأسلحتها الحاسبات والبرامج، فالاميركيون يعتقدون أن مواجهتهم الالكترونية مع الارهابيين هي في صميم الدفاع عن الأمن القومي الاميركي، وقد سخرت لهذه المهمة موارد مادية وبشرية لا يستهان بها.

وقد تدرجت ردة الفعل الاميركية على عدة مستويات، منها اصدار التشريعات التي تدين استخدام الانترنت في التحريض أو المساعدة في تنفيذ أعمال ارهابية، ومنها انشاء مؤسسات متخصصة في مكافحة الارهاب بشكل عام والارهاب الالكتروني بشكل خاص، ومن أهمها ادارة الأمن الوطنيDepartment of Homeland Security(DHS) التي أسست سنة 2003 وخصصت لها ميزانية هذه السنة تقدر بحوالي 36 بليون دولار، هذه الادارة أسست قسم الأمن القومي الالكترونيNational Cyber Security Division (NCSD) ، وهو متخصص في توفير تحاليل عن الانترنت 24 ساعة في اليوم 7 أيام في الأسبوع، ويصدر التحذيرات اذا ما استشعر وجود خطر ارهابي، والاستجابة المباشرة لهذا الخطر، ومن هذه المؤسسات.

كذلك وكالة الأمن الوطني (NSA)National Security Agency المتخصصة في مجال الأمن المعلوماتي والتشفير الالكتروني، مهمتها الأساسية تتمحور حول تطوير أفضل النظم الأمنية وتقنيات التشفير الالكترونية لحماية النظم المعلوماتية الاميركية، وكذلك اختراق النظم الأمنية ونظم التشفير للأفراد والمؤسسات والدول المعادية للولايات المتحدة الاميركية، ولا شك أن الجانب الاستخباراتي في هذه الحرب هو أكبر مما هو معلن.

فالمواجهة المباشرة عبر شبكة الانترنت المتمثلة في تتبع مواقع الجماعات المتطرفة وتدميرها هو الجانب الظاهر الذي يلاحظه مستخدمو الانترنت، ويمكن تشبيهه بدخان المعركة وليس المعركة نفسها، فعند محاولتنا دخول مواقع تابعة لتنظيم القاعدة فوجئنا بشاشة يظهر عليها شعار الحكومة الاميركية وعبارة «Hacked, tracked , and now owned by the USA » أي أن الموقع قد صودر من قبل الحكومة الاميركية.

وطبعا كلما احتلت الجهات الأمنية الاميركية موقعا لإحدى هذه المنظمات المتهمة بالارهاب، بادرت هذه المنظمات بفتح مواقع أخرى تحت مسميات أخرى، اذن فهي لعبة القط والفأر المستمرة، وان كان سهلا على الحكومة الاميركية تعقب ومصادرة المواقع المستضافة في اميركا أو أي من الدول الحليفة لها، ولكن هل بامكانها مصادرة المواقع المستضافة في دول ليست مع وفاق معها؟

أما الجانب الاستخبارتي فهو أوسع من ذلك بكثير، فالوكالة المركزية للاستخبارات CIAتستغل الانترنت للحصول على معلومات عن تحرك أعضاء الجماعات المتطرفة، واثبات روابطهم واتصالاتهم بالأفراد والمنظمات في الدول الأخرى، وتحديد مصادر تمويلهم، ومحاولة كشف خططهم الارهابية قبل تنفيذها.

هل نحن مستعدون للمواجهة
الكويت تتعرض حاليا لهجوم اعلامي شرس من قبل الجماعات المتطرفة عبر مواقعها على شبكة الانترنت، ناعتين الكويت وقيادتها وفي بعض الأحيان حتى شعبها بأبشع الصفات بما فيها الكفر والارتداد، فشئنا أم أبينا نحن جزء من هذه الحرب، وهي حرب غير تقليدية تستخدم فيها هذه الجماعات كافة الوسائل، دون أي خطوط حمراء أو روادع، وتركز هذه الجماعات في مواقعها على عنصر التعبئة العقائدية، لضمان تعاطف الشعوب معها ومن ثم ترغيب الشباب بالانضمام اليها وتنفيذ مخططاتها.

وهنا تكمن خطورة هذه المواجهة، فالحرب بيننا وبينهم ليست في الصحراء، ولا يوجد خط جبهة يفصل بين الفريقين، فيمكن لهذه الجماعات أن تجند شابا وهو في منزله وبين ناظري أهله الذين لا يعلمون عنه شيئا الا انه يقضي الساعات أما جهاز الكمبيوتر، وفي نظرهم هذا دليل الاستقامة والذكاء، ليتخرج هذا الشاب وبحسن نية من مدرسة الارهاب الالكترونية، وينفذ أوامر قادته الذين لم يروه ولم يرهم وربما هم على بعد آلاف الكيلومترات عنه، وتقع الكارثة دون سابق انذار.

وأكثر من ذلك هناك احتمالات قوية أن تتمكن هذه الجماعات من التسلل الى أنظمتنا المدنية والعسكرية عبر شبكة الانترنت وسرقة ما بها من معلومات أو تدميرها دون أن نتمكن من منعهم، فنحن لا نملك القدرة على ذلك، فشبكات المعلومات والنظم الآلية في المؤسسات الحكومية والخاصة في الدولة كلها الآن مرتبطة بشبكة الانترنت وكلها غير محمية بطريقة فعالة، ومن يعتقد انه بتركيب وتشغيل نظام جدار ناريFire Wall فهو آمن من المتسللين والمخربين فهو مخطأ حتما، فالبنتاغون وهي أكثر المؤسسات حماية في العالم وفي أكثر دول العالم تقدما في مجال تكنولوجيا المعلومات تخترق نظمه الآلية بشكل مستمر من قبل متسللين هواة، فلا شك أن الوضع الأمني لمؤسستنا هو أكثر هشاشة من البنتاغون.

استراتيجية ثقافية
لا شك أن الاستعداد الفني هو ضرورة من خلال تطوير النظم الأمنية وحماية شبكات المعلومات والنظم الآلية في الدولة، كما أن المواجهة المباشرة أيضا ضرورية من خلال تدمير والاستيلاء على هذه المواقع، ولكن كل هذه التوجهات غير قادرة على حسم المعركة، خاصة مع ما هو متوفر لهذه الجماعات من موارد مالية كبيرة تمكنها من المناورة وتجاوز كافة الموانع التقنية التي توضع أمامها، والسلاح الأهم في هذه المواجهة هو السلاح الاعلامي، وذلك بمخاطبة شبابنا باللغة التي يفهمونها وكسبهم ثقافيا وعلميا من خلال استراتيجية اعلامية الكترونية واضحة وعملية.

كل ذلك يجب أن يعالج بشفافية وواقعية ضمن خطة ثقافية واعلامية تهدف بالدرجة الأولى الى مواجهة اطروحات العنف والتحريض ليس بالمنع ولكن بحملات تثقيفية واعلامية الكترونية مؤثرة ترد الحجة بالحجة والدليل بالدليل، وبأساليب جذابة للشباب ومنافسة لأساليب الجماعات المتطرفة، فهناك عناصر في خطاب هذه الجماعات تجذب هؤلاء الشباب، وهو في نظرهم أكثر مصداقية من الخطاب الرسمي التقليدي، الذي يرفض الخوض في الكثير من القضايا الدينية والسياسية والاجتماعية بحجة أنها تثير الفتنة، بينما تتم مناقشتها دون تحفظ في وسائل اعلام الجماعات المتطرفة عبر الانترنت، فتستقطب الشباب المتحمس وتستغل غياب الاعلام الحكومي لتعبئ هذا الشباب ضد حكوماته ومجتمعاته بل وحتى أهله.


هذه المواجه الثقافية الاعلامية تتطلب بالاضافة الى التخطيط توفير الموارد المادية والبشرية التي تتناسب وأهمية هذه القضية الأمنية، وهي ليست قضية ثانوية، فالاستثمار في هذه المواجهة سيكون ذا مردود أفضل من الاستثمار في شراء دبابة أو طائرة حربية، فالعدو التقليدي والمتمثل في «صدام» قد ذهب بلا رجعة، وعدونا اليوم ليس عبر الحدود، ولكن ربما لا يفصلنا عنه سوى ما يفصلنا عن شاشة الكمبيوتر في المنزل أو العمل, وهو عدو حقيقي كما رأينا وليس وهما، فان لم ننتبه اليوم ونفكر جديا كيف نواجهه سنجد أنفسنا في المستقبل القريب أمام كارثة لا يعلم أبعادها الى الله سبحانه.