المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصتي مع نيوكنكرج! والربيع التكفيري في سوريا .... باقر جبر الزبيدي



القمر الاول
05-19-2013, 05:52 AM
تاريخ الخبر : 18/05/2013


http://www.alkuwaitiah.com/ArticleImages/OAEIQMQMWAQZAMOOTKABXKZJ.jpg (http://www.alkuwaitiah.com/ArticleImages/OAEIQMQMWAQZAMOOTKABXKZJ.jpg)


قصتي مع نيوكنكرج! ( 2-2)



باقر جبر الزبيدي


بعد سقوط النظام العراقي عام 2003 تم تعييني وزيرا للإعمار والإسكان في حكومة مجلس الحكم، وقبل أن أودع دمشق الحبيبة على قلب كل عراقي صليت صلاة الجمعة الأخيرة في ذات المسجد، وكان ذلك في بداية أيلول 2003 لكنني يا سيد كنكرج شاهدت شيئا مختلفا هذه المرة عن مشاهداتي طيلة عشرين سنة ماضية!

التفت إلي الرجل الأميركي وقال لي: ماذا حصل.. هل تغير شيء ما في بنية الوضع العام؟!

بادرته.. نعم فقد امتلأت باحة المسجد ومحيطه والشوارع المؤدية إليه بالآلاف من المصلين، ما اضطرني للعودة إلى بيتي لآخذ سجادة الصلاة وأصلي عن بعد لعدم استطاعتي دخول مسجد الأنصاري، بل حتى محيطه لكثرة المصلين!

قلت للرجل أيضا.. إنني وأثناء استماعي لخطبة الجمعة التي كان يؤمها جار لي سبق وعمل ندابا وضاربا للدف في المواليد والأعراس، وأصبح إماما للمسجد بدأت أتفحص وجوه المصلين فوجدتهم على هيئات مختلفة، فمنهم صاحب اللحية الكثة والدشداشة القصيرة، ومنهم حليق اللحية، وبدأت أفكر في ما هو أبعد من هذا المشهد عميقا في التحول الذي جرى سريعا وخلال السنوات الـ20 الماضية في بنية المجتمع السوري، حيث ضربت السلفية أطنابها وتغلغل الفكر الوهابي، وتسربت الأفكار التكفيرية، وأتذكر أن الكتب والأقراص المدمجة تصل حتى إلى دارنا، ما يعني أن المجتمع السوري كان مهيئا إلى درجة كبيرة لقبول فكرة التحرك لإسقاط النظام، والاندماج بمشروع الربيع التكفيري!

رد كنكرج علي قائلا.. إن هذه القصة لخصت الإجابة التي كنت أبحث عنها في خضم سؤال سياسي أميركي كبير يتعلق بسوريا!

عدت إلى كنكرج قائلا.. إن خيار الضربة العسكرية سينتج نظاما تكفيريا لا يختلف عن طالبان، ما يؤثر على الجهود التي تبذل من أجل ترسيخ تجربة الديمقراطية العراقية الراهنة!

وتابعت.. أنصح بدعم الحكومة العراقية والقبول بفكرة إصلاح خط الأنابيب العراقي السوري كركوك بانياس، وإعطاء سوريا سعرا تفضيليا، ومد جسور التبادل التجاري بين البلدين الذي سيكون مردوده لصالح دمشق، التي تبحث دائما وتغلب العامل الاقتصادي ومصالحها المالية في علاقاتها مع الآخرين، وحين تعتاد دمشق على هذه المنافع يمكننا عندها التهديد والتلويح بإيقاف ضخ النفط والتبادل التجاري!

كان كنكرج قد وضع أمامه في بداية اللقاء قصاصة من الورق أخرجها من جيبه، وكنت ألاحظ ماذا يكتب.. لقد كتب خمس جمل قصيرة لخص فيها مجمل الأفكار السورية التي طرحتها عليه من خلال قصة المسجد، وأذكر أنني أنهيت حديثي بجملة إن البديل السوري القادم سيكون مزعجا للمصالح الأميركية في المنطقة ولأصدقائكم في إسرائيل!

انتهى اللقاء وشعرت أن كنكرج اقتنع بحديثي وتحليلي والنتائج التي توقعتها.. وبعد فترة من تاريخ هذا اللقاء وجهت دعوة من السفارة الأميركية لعدد من الوزراء في الحكومة العراقية لحضور حفل استقبال السيد ديك جيني نائب الرئيس الأميركي، وأثناء فترة انتظار اللقاء مع نائب الرئيس دخل علينا الجنرال بترايوس وأكد للوزراء العراقيين ضرورة إصلاح أنبوب النفط بين العراق وسوريا، وضخ النفط بأسعار تفضيلية لدمشق!

وحين أكمل الجنرال الأميركي تيقنت أن رؤيتي التي قدمتها للبيت الأبيض عبر كنكرج قد آتت ثمارها!

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=40771

القمر الاول
05-19-2013, 05:54 AM
تاريخ الخبر : 16/05/2013 07:44


http://www.alkuwaitiah.com/ArticleImages/OAEIQMQMWAQZAMOOTKABXKZJ.jpg (http://www.alkuwaitiah.com/ArticleImages/OAEIQMQMWAQZAMOOTKABXKZJ.jpg)
(http://www.alkuwaitiah.com/ArticleImages/OAEIQMQMWAQZAMOOTKABXKZJ.jpg)

قصتي مع نيوكنكرج (1-2)

باقر جبر الزبيدي


خلال وجودي على رأس وزارة المالية اعتدت حضور اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وعلى هامشها في العاصمة الأميركية واشنطن، كنت ألتقي بعض المسؤولين في المؤسسات الأميركية، وتدور في الأثناء حوارات ونقاش سياسي واقتصادي ومالي وأمني مفيد في الغالب، أستمع فيها لوجهة النظر الأميركية إزاء مجمل تطورات المشهد الداخلي، وألفت النظر إلى حقيقة الأوضاع العراقية.

في نهايات عام 2008 زرت العاصمة الأميركية واشنطن لنفس الغرض، لكن تلك الزيارة اكتسبت أهمية بالغة بالنظر ألى ما اكتنفها من لقائي بواحد من أهم الشخصيات السياسية الأميركية، وهو السيد نيوكنكرج المتحدث باسم الكونغرس الأميركي الذي يعادل في كل الدول رئيس مجلس النواب، وهو شخصية سياسية أميركية مهمة، وقيادي في الحزب الجمهوري الأميركي ترك الوظيفة بعد شبهة علاقة عاطفية مع سكرتيرته الخاصة، عاد بعدها إلى مقعده في الحزب الجمهوري!

نيوكنكرج كان أحد الشخصيات المرشحة للانتخابات الرئاسية الأخيرة مقابل الرئيس أوباما!
وكانت تلك الزيارة بالنسبة لي على المستوى الوطني إنجازا تاريخيا، تمثل في التوقيع على إطفاء ديون دولية على العراق، منه لبلغاريا وصربيا، حيث تجاوز الدين 5 مليارات دولار، وهكذا كنت أفعل في كل جولاتي واجتماعاتي الدولية. وزارة الدفاع الأميركية اتصلت حين كنت في واشنطن عام 2008، وطلبت تحديد موعد للقاء نائب وزير الدفاع كوردن إنجلند، والغاية من اللقاء تبادل وجهتي النظر الرسميتين العراقية الأميركية بشأن ما يتعلق بالأمن والحسابات الختامية لما يسمى بمبيعات التسلح العسكرية.

وبالفعل فقد توجهت إلى وزارة الدفاع الأميركية، والتقيت نائب الوزير وحضر اللقاء مستشارنا الشخصي والناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، واستمر اللقاء زهاء الساعة، وبعد التقاط الصور التذكارية بيني وبين نائب الوزير، وفيما نحن نهم بالخروج من الوزارة رن هاتف السيد كوردن إنجلند فتوقفنا إلى حين استكمال مكالمته الهاتفية، التي وصلته عبر أحد الهواتف الخاصة بالوزارة، حيث ظهر أن المكالمة من البيت الأبيض!

التفت إلي إنجلند وقال لي بابتسامة دبلوماسية.. إن السيد نيوكنكرج يريد لقاءك وهو في الطريق إلينا.. هنا أبديت موافقتي على اللقاء برئيس مجلس النواب الأميركي السابق، والصديق الحميم للرئيس جورج بوش، والعقل المفكر للحزب الجمهوري الأميركي!

بدأت أفكر قبل وصول هذه الشخصية الأميركية المهمة في البيت الأبيض والكونغرس، وتبادر إلى ذهني ما قاله لي أحد الجنرالات الأميركان عام 2006 حين كنت وزيرا للداخلية، من أن الولايات المتحدة الأميركية تفكر جديا بضربة عسكرية موجعة ومؤلمة إلى نظام بشار الأسد، انطلاقا من قاعدة الأسد في المنطقة الغربية من العراق!

بدأ الاجتماع وبادرني نيوكنكرج أنني عشت في سوريا معارضا لنظام صدام ما يقرب من 20 عاما، وتعرف كل تفاصيل الخريطة السياسية والحزبية والأمنية والاجتماعية السورية.. كيف يمكن التعامل مع هذا النظام الذي أوغل في قتل العراقيين والأميركان، من خلال إرسال السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، وتقديم الدعم والتدريب والتسليح واستقبال المقاتلين العرب؟!

خالجني إحساس بأن القيادة الأميركية تفكر بضربة عسكرية لدمشق، توقفها عن الاستمرار بنهج دعم المجموعات المسلحة التي تقتل الأميركان، وتزعج السياسة الأميركية، إضافة إلى قتل العراقيين بالجملة!

بادرت الرجل بالحديث عن قصة رويتها له تلخص كل ما يفكر به إزاء سوريا في حينه وقلت.. دخلت دمشق نهاية أيلول عام 1982، وانطلقت من الدار التي استأجرتها وسط العاصمة السورية باتجاه مسجد الصحابي أبو أيوب الأنصاري لتأدية صلاة الجمعة، وكان الحضور أيامذاك لا يتجاوز 50 مصليا! (ولنا تتمة في المقال القادم).


http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=40610