فيثاغورس
05-17-2013, 03:35 PM
نبيه برجي (http://beta.charlesayoub.com/Author.aspx?pageid=1512)
17/05/2013
http://beta.charlesayoub.com/admin/img.ashx?pageid=7961&PHName=Image
نبيه البرجي /
مائة الف قتيل حتى الآن من اجل انقلاب عسكري، يستتبع الانقلاب الانقلاب تلو الانقلاب، في سوريا. هل هناك من يعترض على هذا الكلام؟
لا شيء سوى رأس بشار الاسد. يسقط فيحكم الملائكة، الملائكة إن كانوا على شكل الرسوم المتحركة، كما هي حال غسان هيتو او جورج صبرا او عبد الباسط سيدا، او على شكل أكلة لحوم البشر. حدقوا جيداً في وجوههم، وفي ايديهم، وهي تقطع اوصال الجندي إياه. اختزال بانورامي لما ستكون عليه سوريا...
لا يعني ذلك ان هناك من يقف ضد التحديث او ضد التغيير او ضد القيم السياسية للسلطة ما دمنا في ذلك العالم العربي، العالم الافتراضي كما قلنا، نعيش ذروة الهلهلة في سائر مناحي حياتنا، ونسأل ما اذا كان هؤلاء السادة الذين على اكتافنا، وعلى ثرواتنا، وعلى انفاسنا، يصلحون حتى للادغال...
لنتكلم اكاديمياً ونسأل هل هذه ثورة فعلا؟ قد يقال ان الثورات، كما الفرنسية، تحتاج الى اجيال لكي تأخذ شكلها الاخير، خصوصاً عندما يكون التاريخ ثقيلا ومثقلاً بكل انواع القتلة وبكل انواع الضحايا. ولكن هل وصل الى احد منكم اي تصور ايديولوجي او استراتيجي، للثورة التي لا شك انها بحاجة الى مفاهيم ورؤى وآليات لتشغيل الزمن ودفعه، ولو على عكاز خشبي احيانا، الى لحظة البيغ بانغ. اجل، الثورة هي ولادة جديدة للمجتمع وللدولة وللدور، فأي من هؤلاء الناس، بادمغتهم العرجاء، وبأكياس الدراهم التي توزع عليهم، كما صعاليك البلاط، والذين يدارون بالخيوط، واحيانا بالاقدام، ينطبق عليه مفهوم الثوري او الثائر...
قلنا اكثر من مرة ان هؤلاء الذين يظهرون على الشاشات (مع تحياتنا حينا لاسماعيل ياسين وحينا لنعيمة عاكف)، لن يكون لهم مكان في سوريا. وقلنا انهم مجرد قطع اثرية بالية تتنقل بين ردهة واخرى، بين يد واخرى، فماذا عندما يقول احد الزملاء، وعبر الشاشة، ان مقاتلي «جبهة النصرة» لا يشكلون سوى 10 الاف من اصل 200 الف مقاتل يخوضون الثورة ضد نظام بشار الاسد؟
بادىء بدء لو كان لدى هوشي منه او كان لدى ارنستو تشي غيفارا، مثل هذا العدد من الثوار لرفعوا الرايات الحمراء على ناطحات السحاب في مانهاتن. هل من تساءل حين يكون هناك ذلك العدد الهائل من المقاتلين، ويكون هناك من يقول انه مستعد لدفع مائة مليار دولار لاطاحة النظام في سوريا، فكيف تمكن هذا النظام من البقاء، ونحن الذين نعلم مدى التخلخل في بنيته، كما نعلم مساحة تلك الحالات الخشبية في داخله؟
حتماً، النظام يستند الى ديناميات محددة للقوة حالت دون حصول انشقاقات دراماتيكية فيه على المستوى السياسي كما على المستوى العسكري كما على المستوى الديبلوماسي، فكيف للسوريين، وهم احفاد يوسف العظمة، كما هم احفاد الكواكبي وهنانو، ان يتقبلوا تلك الوجوه التي تم تصنيعها على ضفاف الدردنيل او في اروقة الريتز في باريس، او في التضاريس الافغانية التي تمتد من واشنطن الى اورشليم؟
ولعلم الزميل إياه، فإن تقريراً للاستخبارات الاردنية، وما ادراك ما الاستخبارات الاردنية، اشار الى ان عدد مقاتلي الجماعات الاصولية في سوريا يترواح بين 40 و50 الف مقاتل، فكيف لـ«لجيش السوري الحر» الذي تحوّل الى عصابات، او الى شراذم مناطقية، ان يصمد في وجه اولئك الذين يعتبرون ان السواطير هي طريقهم الى الجنة...
عندنا في لبنان مازال هناك من يهلل لتلك « الثورة»، فيما تركيا، وبالصوت المتعالي للباب العالي، بدأت تشكو من تداعيات الفوضى السورية عليها. لاحظوا كيف ان معلقين بارزين في الصحف التركية بدأوا يتحدثون عن الظواهر الافغانية او الصومالية في سوريا. ولكن لا مجال إلا لان نتنفس الصعداء لان من قالوا بأن «ثورة الارز»، وهي هنا ثورة الكافيار، كانت الملهمة للثورات العربية الغراء، وحيث محمد
مرسي ليس اكثر من نسخة كاريكاتورية عن حسني مبارك، وحيث معمر القذافي، بكل قباحاته، بات في كل زقاق، وحيث السلفيون في تونس بدأوا يصفون راشد الغنوشي بالزنديق الذي ينبغي تحطيمه، بالمطارق، كما يتم تحطيم الاضرحة الصوفية...
كان علينا ان ندرك منذ البداية ان ما يحدث في سوريا جزء لا يتجزأ من الصراع الاقليمي، والصراع الدولي، بعدما بدا ان تصور جورج بوش الاب للنظام العالمي الجديد (وقد علّق زبغينو بريجنسكي آنذاك وقال... بل الفوضى العالمية الجديدة) قد تهاوى مع ظهور امبراطوريات اقتصادية اخرى وترنح القارة العجوز.
ولعلنا سمعنا ما قاله فلاديمير بوتين في بدايات الازمة من ان قواعد النظام العالمي الجديد تتحدد في سوريا، ولعلنا سمعنا ايضا ما قاله الرئيس الروسي لبنيامين نتنياهو من ان زعزعة الاستقرار، والمقصود حتما الاستقرار الاستراتيجي، لسوريا خط احمر...
اذاً، لتكن مرة واحدة مواقفنا وتصريحاتنا (وحتى بهلوانياتنا) على قياسنا، فلا نربط تشكيل الحكومة، ولا خارطة القوى في ساحة النجمة، بالصراع في سوريا وحول سوريا.
هناك لعبة الامم، وهنا لعبة المقاعد. فارق كبير بين الحالتين. لو كان للنـظام في سوريا ان يســقط لسقط من المائــة الدقـيقة الاولى الا اذا فتنتكم تصريحات عبد الحليم خدام. اجل، ثمة من يصغي، وباهتمام، الى هذه الجثة!
17/05/2013
http://beta.charlesayoub.com/admin/img.ashx?pageid=7961&PHName=Image
نبيه البرجي /
مائة الف قتيل حتى الآن من اجل انقلاب عسكري، يستتبع الانقلاب الانقلاب تلو الانقلاب، في سوريا. هل هناك من يعترض على هذا الكلام؟
لا شيء سوى رأس بشار الاسد. يسقط فيحكم الملائكة، الملائكة إن كانوا على شكل الرسوم المتحركة، كما هي حال غسان هيتو او جورج صبرا او عبد الباسط سيدا، او على شكل أكلة لحوم البشر. حدقوا جيداً في وجوههم، وفي ايديهم، وهي تقطع اوصال الجندي إياه. اختزال بانورامي لما ستكون عليه سوريا...
لا يعني ذلك ان هناك من يقف ضد التحديث او ضد التغيير او ضد القيم السياسية للسلطة ما دمنا في ذلك العالم العربي، العالم الافتراضي كما قلنا، نعيش ذروة الهلهلة في سائر مناحي حياتنا، ونسأل ما اذا كان هؤلاء السادة الذين على اكتافنا، وعلى ثرواتنا، وعلى انفاسنا، يصلحون حتى للادغال...
لنتكلم اكاديمياً ونسأل هل هذه ثورة فعلا؟ قد يقال ان الثورات، كما الفرنسية، تحتاج الى اجيال لكي تأخذ شكلها الاخير، خصوصاً عندما يكون التاريخ ثقيلا ومثقلاً بكل انواع القتلة وبكل انواع الضحايا. ولكن هل وصل الى احد منكم اي تصور ايديولوجي او استراتيجي، للثورة التي لا شك انها بحاجة الى مفاهيم ورؤى وآليات لتشغيل الزمن ودفعه، ولو على عكاز خشبي احيانا، الى لحظة البيغ بانغ. اجل، الثورة هي ولادة جديدة للمجتمع وللدولة وللدور، فأي من هؤلاء الناس، بادمغتهم العرجاء، وبأكياس الدراهم التي توزع عليهم، كما صعاليك البلاط، والذين يدارون بالخيوط، واحيانا بالاقدام، ينطبق عليه مفهوم الثوري او الثائر...
قلنا اكثر من مرة ان هؤلاء الذين يظهرون على الشاشات (مع تحياتنا حينا لاسماعيل ياسين وحينا لنعيمة عاكف)، لن يكون لهم مكان في سوريا. وقلنا انهم مجرد قطع اثرية بالية تتنقل بين ردهة واخرى، بين يد واخرى، فماذا عندما يقول احد الزملاء، وعبر الشاشة، ان مقاتلي «جبهة النصرة» لا يشكلون سوى 10 الاف من اصل 200 الف مقاتل يخوضون الثورة ضد نظام بشار الاسد؟
بادىء بدء لو كان لدى هوشي منه او كان لدى ارنستو تشي غيفارا، مثل هذا العدد من الثوار لرفعوا الرايات الحمراء على ناطحات السحاب في مانهاتن. هل من تساءل حين يكون هناك ذلك العدد الهائل من المقاتلين، ويكون هناك من يقول انه مستعد لدفع مائة مليار دولار لاطاحة النظام في سوريا، فكيف تمكن هذا النظام من البقاء، ونحن الذين نعلم مدى التخلخل في بنيته، كما نعلم مساحة تلك الحالات الخشبية في داخله؟
حتماً، النظام يستند الى ديناميات محددة للقوة حالت دون حصول انشقاقات دراماتيكية فيه على المستوى السياسي كما على المستوى العسكري كما على المستوى الديبلوماسي، فكيف للسوريين، وهم احفاد يوسف العظمة، كما هم احفاد الكواكبي وهنانو، ان يتقبلوا تلك الوجوه التي تم تصنيعها على ضفاف الدردنيل او في اروقة الريتز في باريس، او في التضاريس الافغانية التي تمتد من واشنطن الى اورشليم؟
ولعلم الزميل إياه، فإن تقريراً للاستخبارات الاردنية، وما ادراك ما الاستخبارات الاردنية، اشار الى ان عدد مقاتلي الجماعات الاصولية في سوريا يترواح بين 40 و50 الف مقاتل، فكيف لـ«لجيش السوري الحر» الذي تحوّل الى عصابات، او الى شراذم مناطقية، ان يصمد في وجه اولئك الذين يعتبرون ان السواطير هي طريقهم الى الجنة...
عندنا في لبنان مازال هناك من يهلل لتلك « الثورة»، فيما تركيا، وبالصوت المتعالي للباب العالي، بدأت تشكو من تداعيات الفوضى السورية عليها. لاحظوا كيف ان معلقين بارزين في الصحف التركية بدأوا يتحدثون عن الظواهر الافغانية او الصومالية في سوريا. ولكن لا مجال إلا لان نتنفس الصعداء لان من قالوا بأن «ثورة الارز»، وهي هنا ثورة الكافيار، كانت الملهمة للثورات العربية الغراء، وحيث محمد
مرسي ليس اكثر من نسخة كاريكاتورية عن حسني مبارك، وحيث معمر القذافي، بكل قباحاته، بات في كل زقاق، وحيث السلفيون في تونس بدأوا يصفون راشد الغنوشي بالزنديق الذي ينبغي تحطيمه، بالمطارق، كما يتم تحطيم الاضرحة الصوفية...
كان علينا ان ندرك منذ البداية ان ما يحدث في سوريا جزء لا يتجزأ من الصراع الاقليمي، والصراع الدولي، بعدما بدا ان تصور جورج بوش الاب للنظام العالمي الجديد (وقد علّق زبغينو بريجنسكي آنذاك وقال... بل الفوضى العالمية الجديدة) قد تهاوى مع ظهور امبراطوريات اقتصادية اخرى وترنح القارة العجوز.
ولعلنا سمعنا ما قاله فلاديمير بوتين في بدايات الازمة من ان قواعد النظام العالمي الجديد تتحدد في سوريا، ولعلنا سمعنا ايضا ما قاله الرئيس الروسي لبنيامين نتنياهو من ان زعزعة الاستقرار، والمقصود حتما الاستقرار الاستراتيجي، لسوريا خط احمر...
اذاً، لتكن مرة واحدة مواقفنا وتصريحاتنا (وحتى بهلوانياتنا) على قياسنا، فلا نربط تشكيل الحكومة، ولا خارطة القوى في ساحة النجمة، بالصراع في سوريا وحول سوريا.
هناك لعبة الامم، وهنا لعبة المقاعد. فارق كبير بين الحالتين. لو كان للنـظام في سوريا ان يســقط لسقط من المائــة الدقـيقة الاولى الا اذا فتنتكم تصريحات عبد الحليم خدام. اجل، ثمة من يصغي، وباهتمام، الى هذه الجثة!