الدكتور شحرور
04-18-2013, 06:20 AM
الرئيس الأسد: الوضع الآن أفضل من بداية الازمة .. الحريق لا يتوقف عند حدودنا والأردن معرّض له كما سوريا .. نقوم بعملية قضاء على الارهابيين وان لم نقض عليهم فلا معنى لتحرير أي منطقة في سورية .. نستمد التفاؤل من عائلات الشهداء الجبارة .. طالما لانخشى من الطائفية لا أعتقد انه يجب أن نخشى من التقسيم
http://www.champress.net/UserFiles/Image/2009/04/20130417-215822_h477954.jpg
دمشق..
أكد الرئيس بشار الأسد في لقاء مع قناة الاخبارية السورية أننا بحاجة أكثر بكثير للتمسك بمعنى الجلاء وبمعاني الاستقلال ليكون عيد الجلاء بالنسبة لنا ماضي العزة وحاضر الكرامة مشيرا إلى أن سورية تتعرض لمحاولة استعمار جديدة بكل الوسائل ومختلف الطرق.
وقال الرئيس الأسد.. هناك قوى كبرى وتحديدا القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة تاريخيا لا تقبل بأن تكون هناك دول لها استقلاليتها حتى في أوروبا فكيف بدول العالم الثالث.
وأكد الرئيس الأسد أن الشعب السوري هو شعب عظيم لا قلق عليه، ونستمد التفاؤل من المواطنين وبشكل خاص من عائلات الشهداء الجبارة ولا يوجد خيار أمامنا سوى الانتصار، مشيرا إلى أن الوضع في سورية الآن أفضل من بداية الأزمة.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن أردوغان مستعد أن يقدم كل بلده مقابل نفسه لافتا إلى الخسائر التي مني بها سياسيا داخل تركيا على خلفية فشله بما سمي سياسة صفر مشاكل والتي تحولت إلى صفر سياسة وصفر أصدقاء وصفر أخلاق.
وحول زيارة كيري إلى المنطقة أكد الرئيس الأسد أن هذا يدل على أن العامل الخارجي هو عامل أساسي في ما يحصل في سورية منذ اليوم الأول وأنه كلما حققنا نجاحات فسوف نشهد المزيد من التصعيد.
وقال الرئيس الأسد إنه من غير الممكن أن نصدق أن الآلاف يدخلون مع عتادهم إلى سورية من الأردن في الوقت الذي كان الأردن قادرا على إيقاف أو إلقاء القبض على شخص واحد يحمل سلاحا بسيطا للمقاومة في فلسطين عبر السنوات الماضية.
وفيما يلي النص الكامل للقاء:
سؤال.. نحن نعيش أجواء عيد الجلاء.. ما الذي تودون أن توجهوه للشعب السوري في هكذا يوم وخصوصا في ظل ما تمر به سورية من أحداث...
الرئيس الاسد : من البديهي أن يربط عيد الجلاء بانسحاب القوات الأجنبية من أي وطن ولكن أول سؤال نسأله في مثل هذه الظروف وفي الظروف العربية بشكل عام التي سبقت هذه الأزمة.. ماذا لو خرج المستعمر وأخذ معه السيادة والقرار... فلا قيمة للجلاء.. فالاستقلال الحقيقي والجلاء الحقيقي هو عندما يجلى المستعمر عن الأرض ونستعيد السيادة بكل ما تعني هذه الكلمة من معان.. فإذا كانت هناك أرض محتلة ولكن شعبها حر أفضل بكثير من أن يكون لدينا أرض محررة وشعب فاقد للسيادة ودولة فاقدة للقرار الوطني.. هكذا يجب أن نفهم الجلاء والاستقلال.. الجلاء والاستقلال بمعناه الشامل.. وأعتقد أن سورية في مثل هذه الظروف تتعرض لمحاولة استعمار جديدة بكل الوسائل وبمختلف الطرق.. هناك محاولة لغزو سورية بقوات تأتي من الخارج من جنسيات مختلفة ولو أنها تتبع تكتيكا جديدا يختلف عن التكتيك التقليدي للاستعمار الذي كنا نسميه الاستعمار الحديث الذي كان يأتي بقواته إلى المنطقة وآخره كان الاحتلال الأميركي للعراق ولأفغانستان.. وهناك أيضا محاولة لاحتلال سورية من الناحية الثقافية عبر الغزو الفكري باتجاهين.. إما من أجل أن تذهب سورية باتجاه الخضوع والخنوع للقوى الكبرى والغرب تحديدا أو بالاتجاه الآخر وهو الخضوع للقوى الظلامية التكفيرية.
نحن بحاجة أكثر بكثير للتمسك بمعنى الجلاء وبمعاني الاستقلال
أنا أعتقد أنه بهذه المناسبة نحن بحاجة أكثر بكثير للتمسك بمعنى الجلاء وبمعاني الاستقلال.. منذ أن كنا أطفالا كان يعني لنا هذا العيد الكثير من العزة.. اليوم يجب أن يبقى هذا الموقع ويرتقي لكي يكون عيد الجلاء بالنسبة لنا ماضي العزة وحاضر الكرامة.
سؤال.. سيادة الرئيس.. على ذكر ما تمر به سورية من أوضاع.. الأحداث تطورت في هذا البلد من أزمة مرت بأحداث أمنية ثم بعد ذلك ما سميتموه يوما وقلتم عنه بأنه حرب.. اليوم بالضبط ما هو الحاصل في سورية كيف توصفه...
الرئيس الاسد : الحقيقة ما يحصل هو حرب.. هي ليست أحداثا أمنية.. ربما ظهرت في البداية على شكل أحداث أمنية والبعض مازال يتعامل معها حتى هذه اللحظة ويطرح التساؤلات والتقييمات من خلال كون ما يحصل هو أحداث أمنية.
الحقيقة هي حرب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.. هناك قوة كبرى وتحديدا القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة تاريخيا لا تقبل بأن يكون هناك دول لها استقلاليتها حتى في أوروبا.. تريد أوروبا خانعة فكيف بدول العالم الثالث.. كيف بدول صغيرة... لا بد أن تكون خانعة لكي تعمل من أجل مصالح تلك الدول. بنفس الوقت سورية هي في موقع جيوسياسي مهم جدا فالرغبة في السيطرة على سورية أيضا شيء تاريخي وتقليدي في سياسة الدول الاستعمارية.. هذه الدول تلعب دورا في هذه المعركة من خلال تقديم الدعم السياسي والإعلامي في البداية.
وانتقلوا علنا مؤخرا لتقديم الدعم المادي واللوجستي ونعتقد بأنهم يدعمونهم أيضا في مجال التسليح.
هناك دول إقليمية عربية وغير عربية كتركيا على سبيل المثال.. هذه الدول باعت واشترت الكثير وأوجدت لنفسها موقعا على الساحة العربية والإسلامية من خلال الدعم الظاهري للقضية الفلسطينية وعلى ما يبدو أن هذا الدور ذهب بعيدا بشكل يتجاوز ما هو مسموح لهم من قبل الأسياد.. أي الدول الكبرى فكان لا بد من التراجع عن هذا الدور.. هنا الدور السوري الشفاف تجاه القضايا المختلفة ومنها القضية الفلسطينية ومنها قضية الحقوق والكرامة يفضح هذه الدول.. فبقاء الدور السوري كما هو محرج لهم.. لذلك أصبحت القضية السورية أو الموضوع السوري أو الأزمة السورية مثار إحراج لهم وقضية حياة أو موت من الناحية السياسية بالنسبة لهذه الدول فزجوا بكل قوتهم من أجل ضرب سورية وطنا وشعبا. هناك العوامل الداخلية.. هناك مجموعة من اللصوص.. هناك مجموعة من المرتزقة التي تأخذ الأموال من الخارج مقابل أعمال تخريبية معينة.. وهناك التكفيريون أو القاعدة أو جبهة النصرة.. كلهم يقعون تحت مظلة فكرية واحدة.
ما يحصل الآن أننا نواجه بشكل أساسي القوى التكفيرية
الحقيقة ما يحصل الآن أننا نواجه بشكل أساسي تلك القوى التكفيرية.. العنصران الأول والثاني عمليا أصيبا بضربات قاسية جدا فإما أنهم انتهوا في بعض الأماكن أو أنهم انتقلوا قسرا للعمل تحت مظلة القاعدة رغما عنهم لكي يكونوا جزءا منها.. فعمليا نحن الآن نحارب القوى التكفيرية.
سؤال.. لطالما قلتم سيادة الرئيس بأن سورية باتت تشكل إحراجا.. فهم دائما يجدون وترا جديدا ليعزفوا عليه كلما فشلوا في مرحلة.. الآن بات الحديث كثيرا عن أن سورية تشهد اقتتالا طائفيا وربما مذهبيا والبعض تحدث عن ظواهر هنا وهناك.. بصراحة.. سيادة الرئيس.. ألا تخشون من طائفية باتت تطل برأسها أحيانا في سورية..
الرئيس الاسد : في كل مجتمع هناك مجموعات من الأشخاص تحمل فكرا محدودا وأفقا ضيقا وتحمل شعورا وطنيا ضعيفا.. وهذه المجموعات تظهر في كل الأزمات.. تظهر على الساحة بفكرها وبأدائها الضار.. قد لا يكون ضارا على المستوى الواسع ولكنها تظهر على شكل بؤر.. وهذا ما حصل في سورية في الثمانينيات خلال أزمة الإخوان المسلمين الذين استخدموا أيضا الفكر الطائفي بالرغم من عدم توفر الإنترنت والفضائيات في ذلك الوقت.. مع ذلك تمكنوا من تسويق الفكر الطائفي وظهرت تلك البؤر.. ولكن عند هزيمة الإخوان المسلمين عاد الوضع في سورية إلى طبيعة المجتمع السوري.
الشيء الوحيد الذي نراهن عليه في هذه الحالة هو وعي الشعب.. والشعب السوري أثبت فعلا خلال عامين غير مسبوقين أنه شعب واع.. ولولا ذلك لكنا رأينا الوضع مختلفا جدا في سورية لذلك لو دخلت مباشرة إلى الجواب على السؤال أستطيع أن أقول دون مبالغة أن الوضع الآن في سورية أفضل منه في بداية الأزمة.. في بداية الأزمة استخدم الخطاب الطائفي وظهرت هذه البوءر بقوة وكان هناك قلق وفقدان توازن لدى الكثيرين حول هذه النقطة.. مع الوقت كان هناك زيادة في الوعي لمخاطر ما يحصل وفهم للتزوير الحاصل في الإعلام ووعي لمعنى سورية التي كنا نعيشها ولكن ربما لا نلمس أهمية ما كنا نعيش فيه من الأمن والأمان والتجانس.. ولا أقول التعايش فهذه كلمة غير دقيقة. لذلك أستطيع أن أقول انه بعد سنتين من صمود الشعب السوري بهذه الطريقة في وجه تلك الهجمة الإعلامية مع فضائيات تسعى لنشر التكفير والتفرقة والطائفية.. أقول ان هذا الشعب السوري هو شعب عظيم لا قلق عليه.
سؤال.. وبهذا المعنى سيادة الرئيس لا يبدو قلقا أبدا من هكذا أحاديث باتت تروج وربما ترسخ...
السيد الرئيس: على الاطلاق.. أنا أقول العكس تماما.. على مبدأ اللقاح.. اللقاح هو جرثوم ضعيف.. إن لم يقتل فسيعطيك مناعة.
استشهاد البوطي أحزن الجميع من دون استثناء بمختلف الطوائف
لدينا أمثلة كثيرة مررنا بها وأظهرت الوحدة الوطنية.. ولكن آخر مثال هو استشهاد الدكتور البوطي.. استشهاد البوطي أحزن الجميع من دون استثناء بمختلف الطوائف ورأينا ذلك في مجالس العزاء العفوية.. الدولة ليس لها دور في هذا الموضوع..والدكتور البوطي لم يكن يتواصل مع الكثير من هؤلاء.. مع ذلك رأينا مجالس عزاء ورأينا الحزن لدى الأخوة من المسيحيين.. ليس فقط المسلمين.. فهذا يعني أن هناك وحدة وطنية حقيقية.. وهذه البؤر الطائفية لدى الاشخاص محدودي الفكر لا تخيفنا.. أنا لست قلقا منها على الاطلاق.
سؤال.. سيادة الرئيس.. بصراحة.. نسمع كثيرا مؤخرا في وسائل الإعلام وعبر متحدثين عرب وأجانب أن هناك مناطق محررة.. أي خارجة عن سيطرة الدولة.. ونرى الوضع في حلب وفي الرقة وفي حمص أحيانا.. هل هناك بالفعل مناطق خارجة عن سيطرة الدولة اليوم في سورية...
الرئيس الاسد : أحيانا نتعامل مع هذه الحالة من الناحية العسكرية بشكل مشابه للتعامل مع عدو تقليدي.. عندما يأتي عدو بالطريقة التقليدية ليحتل جزءا من الأرض فتقوم القوات الوطنية بمهاجمة هذا العدو والدفاع عن الوطن وطرد العدو خارجا.. لا يهم إذا كانت قضت على العدو أم لم تقض عليه.. ربما يخرج فقط من دون القضاء عليه.. ولكن المهم في تلك الحالة هو تحرير الأرض.. أما في هذه الحالة فنحن نتعامل مع وضع مختلف تماما.. حرب جديدة.. أسلوب جديد.. نحن نتعامل مع مجموعات تدخل في المدن.. البعض منها غير سوري.. أجنبي وعربي.. والبعض منها سوري تدخل في المدن وفي الأحياء وتقوم بأعمال تخريب.
في بداية الأعمال العسكرية التي قامت بها القوات المسلحة كانت تطرد الإرهابيين من المدن.. أحيانا يستغرق العمل بضع ساعات.. فنرى أن هؤلاء الإرهابيين خرجوا من مكان وذهبوا إلى مكان آخر هروبا أو مناورة.. فهذا يعني أن تقضي الزمن كله بعملية تحرير أراض من دون نهاية.
لكي نكون دقيقين حول هذه النقطة.. نحن الآن لا نقوم بعملية تحرير أرض لكي نتحدث عن مناطق محررة.. نحن نقوم الآن بعملية قضاء على الإرهابيين.. والفرق كبير بين الأولى والثانية.. إن لم نقض على الإرهابيين لا معنى لتحرير أي منطقة في سورية.
إذا فهمنا هذه النقطة نفهم ما الذي يحصل على الأرض.. هناك جانب آخر عندما تقوم القوات المسلحة أو الدولة بوضع خطط عسكرية فهي تضع أو تبني خططها على عدد من الأسس منها مثلا أهمية الموقع من الناحية السياسية والإعلامية.. ومنها الجانب الإنساني أي معاناة المواطنين والجانب العسكري.. التفاصيل العسكرية اللوجستية.
هناك توافق بين الأولوية العسكرية والأولوية الإنسانية
الأولوية دائما بالنسبة لنا هي الناحية الإنسانية.. حماية أرواح المواطنين ورفع المعاناة عن المناطق التي يدخل إليها الإرهابيون.. الناحية الإعلامية والسياسية لا نعطيها الأولوية.. أحيانا يستفيد منها الطرف الآخر.. لا يهم.. المهم الواقع.. أحيانا نهمل الجانب الإعلامي فيقومون بعملية "تطبيل وتزمير" لإظهار انتصارات.. هذا لا يعنينا ولكن في كثير من الأحيان تفرض طبيعة المعركة ألا يكون هناك توافق بين الأولوية العسكرية والأولوية الإنسانية.. طبعا بشكل مؤقت وبشكل جزئي في بعض المناطق.. هناك أشياء تفرضها المعركة ولكن بالنسبة لنا الأولوية هي للناحية الإنسانية.
سؤال.. المشكلة أن هناك أحاديث كثيرة يروج لها.. هناك أناس يتحدثون عن تقسيم جغرافي وتقسيم طائفي وحتى مذهبي.. سيادة الرئيس.. هل هذا حقيقة فعلا.. أم هو يدرج في إطار الترهيب والحرب النفسية التي لا تزال ركنا أساسيا من أركان هذه الحرب الدائرة على سورية.
لا أعتقد أن هناك أسسا حقيقية للتقسيم.. التقسيم لا بد له من حدود دينية أو طائفية أو عرقية.. عمليا هذه الخطوط غير موجودة
الرئيس الاسد : طالما أننا لا نخشى من الطائفية.. فلا أعتقد أن هناك أسسا حقيقية للتقسيم. التقسيم لا بد له من حدود دينية أو طائفية أو عرقية.. عمليا هذه الخطوط غير موجودة لأن المجتمع السوري مندمج تقريبا في كل منطقة من سورية.. وأحيانا في كل قرية من القرى الصغيرة.. أحيانا على مستوى ما نسميه "مزارع" وهي أصغر من قرية وغير موجودة على الخريطة الإدارية.. نرى هذا الاندماج على مستوى التزاوج والعائلات فمن الصعب أن يكون هناك تقسيم من دون خطوط من هذا النوع.. لكن أعتقد بأن ما ينشر من خرائط أو يسوق بطرق مختلفة ويسرب للسوريين بمختلف المستويات هو جزء من الحرب النفسية وجزء من الهزيمة التي دائما أتحدث عنها والتي أسميها الهزيمة الافتراضية أو الهزيمة المجانية.. أي أن يرسلوا رسالة للسوريين ويقنعوهم.. بـ "أنكم لن تكونوا قادرين بعد الآن على أن تعيشوا كما كنتم في السابق.. بلدا موحدا..، أنتم غير قادرين أن تعيشوا مع بعضكم البعض.. أنتم شعب مقسم بطبيعته" عملية إيحاء الهدف منها تكريس هذه القناعة لدى السوريين.. أيضا هذا الطرح لا يقلقني طالما أن الطرح الأول وهو الطرح الطائفي..وهو الأكثر خطورة قد فشل.. ولم يعد هناك عمليا من أسس لكي تبنى عليها هذه الخرائط.. أو أي تسريبات وأفكار يمكن أن تنقل إلينا بشكل مشابه.
سؤال.. لكن سيادة الرئيس يتم الحديث عن أن هناك فصلا ربما بين بعض المدن الرئيسية والأرياف.. مثلا في حلب فصل حلب عن ريفها.. وفي المناطق الشمالية والشمالية الشرقية أيضا يتم الحديث عن موضوع الرقة وكذلك القامشلي.. يحكى أيضا أن هناك خطوطا باتت فعلا تقسمها وقد تكون خارجة عن سيطرة الدولة وربما بركن مستقل ومعزول عن سورية.. حتى هذا الأمر ينطبق عليه التوصيف الذي قدمته قبل قليل..
الرئيس الاسد : لا.. هذا ليس في إطار التقسيم.. هو أساسا لا يبنى على خطوط عرقية أو طائفية.. يبنى على أماكن فيها إرهابيون.. وعمليا إذا أردنا أن نتحدث حتى عن سيطرة الدولة بمعنى تواجدها فلا يوجد مكان حاولت أن تدخل إليه القوات المسلحة إلا وتمكنت من دخوله.. إذا لا يوجد خطوط ثابتة.
لذلك أنا أقول.. إنه بالنسبة لنا الأولويات الإنسانية والعسكرية هي التي تفرض أماكن التواجد والتكتيك العسكري.
لا بد أن ننظر إلى سورية ككتلة واحدة على طريقة الأواني المستطرقة.. إذا وضعنا سوائل في عدد من الأوعية ووصلنا بينها بأنابيب فتغير منسوب الماء في مكان يؤثر في كل الأوعية الأخرى.. الشيء نفسه بالنسبة للإرهابيين.. عندما يضربون في مكان يؤثر إيجابا على الأماكن الأخرى.. فالتكتيك العسكري أحيانا يفرض على الدولة أن تتدخل في مكان قبل اخر وأن تتواجد في مكان قبل أن تتواجد في مكان آخر.. هو تأجيل زمني لأهداف عسكرية بحتة.. لكن لا يرتبط على الاطلاق بموضوع التقسيم.. ولا بموضوع المناطق العازلة.
سؤال.. تركيا على ما يبدو سوف تصل إلى أزمة مع مشكلة الأكراد وهناك كلام عن أن أردوغان ربما سيعطي دولة للأكراد.. وكذلك ربما التنازل عن بعض المطالب وربما الوصول إلى تقسيم تركيا.
إذا هناك دولة سوف تقام مقابل الوصول إلى سدة الرئاسة.. ماذا عن الوضع في سورية وبالتحديد وضع الأكراد...
الرئيس الاسد : بالنسبة لأردوغان.. طبعا هو مستعد أن يقدم كل بلده مقابل نفسه.. هذا صحيح.. هذا بالنسبة للجزء الأول من السؤال وأنت أعطيت الجواب.
ولكن بالنسبة للأكراد في سورية.. أنا أريد أن أكرر ما أقوله دائما عندما يطرح هذا الموضوع.
الأكراد في سورية هم جزء طبيعي وأساسي من النسيج السوري وهم موجودون في هذه المنطقة منذ قرون
الأكراد في سورية هم جزء طبيعي وأساسي من النسيج السوري وهم موجودون في هذه المنطقة منذ قرون عديدة مثلهم مثل العرب والأتراك والفرس وآخرين موجودين في هذه المنطقة. ليسوا ضيوفا او طارئين.. معظم الأكراد في سورية هم وطنيون سوريون.. ولكن دائما في أي مجتمع.. هناك أشخاص انتهازيون يسعون لاستخدام عناوين معينة من أجل مصالحهم الشخصية.. لذلك رأينا عددا من التجمعات التي أطلقت على نفسها اسم أحزاب كردية في سورية وكانت دائما تزايد على ما يسمى القضية الكردية أو اضطهاد الأكراد في سورية.. وهذا الكلام غير صحيح على الإطلاق.. كانوا يتحدثون عن موضوع تجنيس الأكراد.. نحو 110 آلاف وهو ما تم منذ نحو عامين.. كانوا يعتبرون ذلك قضية.. تم التجنيس.. انتقلوا لكلام آخر..عن موضوع اللغة.. الآن أقرت الدولة منذ أشهر موضوع اللغة الكردية والأدب الكردي كمادة تدرس في كليات الآداب في سورية.. وغيرها من الإجراءات.. ولكن دائما سيبحثون من وقت لآخر عن شيء يستخدم من أجل إيجاد موقع لهم على الساحة الوطنية.. هذه الحالة نراها من وقت لآخر.. هذا شيء لا يقلق لأن الغالبية هم مع الوطن السوري.. ولكي لا نقول كلاما إنشائيا.. لن أعود لدور الأكراد في الثورة السورية وفي مراحل مختلفة من النضال ضد الاستعمار.. بل سأتحدث عن الأحداث الحالية.. كثير من عائلات الشهداء التي التقيت بها هم من الأكراد.. أنا لا أعرف أنهم أكراد أو عرب لأنني لا أهتم بهذا الموضوع.. ولكن من خلال حديثهم يقولون لنا نحن أهل الشهيد.. ونحن من الأكراد.. هل يمكن لشخص لا يؤمن بالوطن ويسعى للانفصال.. كما يطرح من وقت إلى آخر.. أن يقدم حياته أو حياة أبنائه من أجل هذا الوطن.. هذا الكلام غير منطقي.
سؤال.. لكن سيادة الرئيس عندما نتحدث عن هذه النقطة الحساسة جدا.. نحن تابعنا من خلال سياسة الحكومة التركية مؤخرا أنها استخدمت الكثير من الأوراق.. لكن يقال أن هذه الورقة الكردية هي ربما آخر الأوراق بيد أردوغان على وجه التحديد ولن يتم الاستغناء عنها ببساطة.. وسيكون أكثر شراسة حتى تحقق له نتيجة في سورية على الأقل.. وفي هذا التوقيت بالذات يتم السعي لإحداث تسوية.. إلى أي حد تراقب القيادة السورية بشكل دقيق هذه النقطة.. وماذا تعد في حال تم أي شيء في مواجهة هذه الدولة..
الرئيس الاسد : هذا موضوع هام.. ولا يمكن تبسيطه.. ولكن أردوغان له هدف داخلي وهدف خارجي.
الظروف بالنسبة للموضوع الكردي في سورية تختلف تماما عن تركيا من ناحية تاريخ العلاقة
الهدف الخارجي هو سورية.. أي لإحراج سورية في هذا الموضوع مع الأخذ بالاعتبار أن الظروف بالنسبة للموضوع الكردي في سورية تختلف تماما عن تركيا من ناحية تاريخ العلاقة.. نحن لم نقم بمجازر تجاه الأكراد ولم نضطهدهم كما حصل معهم منذ مرحلة تفكك الدولة العثمانية.. الوضع مختلف تماما..هناك تجانس في سورية وهناك تآخ حقيقي.. وما طرح في الموضوع الكردي طرح في سورية منذ عقود قليلة فقط من خلال بعض القوى الانتهازية.. وعلاقتنا بالاكراد هي دائما علاقة جيدة.. حتى مع الأحزاب الكردية التي كانت تناضل من أجل حقوقها في تركيا.. أما الهدف الآخر لأردوغان فهو هدف داخلي.. فبعد الخسائر التي مني بها سياسيا داخل تركيا على خلفية فشله بما سمي سياسة صفر مشاكل والتي تحولت إلى صفر سياسة وصفر رؤية وصفر أصدقاء وصفر مصداقية وصفر أخلاق.. أصفار بكل الاتجاهات الأخرى ما عدا صفر مشاكل.. فخسر الكثير حتى من الموالين له.. فكان لابد من الاستعانة بالموضوع الكردي من أجل الاستفادة من الكتلة الكردية الكبيرة في تركيا بهدف الحصول على أصوات ربما في الدستور المقبل الذي يفكر من خلاله أن يكون رئيسا للجمهورية بصلاحيات واسعة.. لذلك نحن نهتم بهذا الموضوع لأن ما يحصل في أي بلد مجاور سيؤثر فينا سلبا أو إيجابا ولكن من دون أن نكون قلقين.. عدا أنه لا توجد مصداقية لأردوغان في مثل هذا الموضوع تجاه الأكراد وهذا ما وردنا مؤخرا من القوى الكردية الصديقة التي تعمل على الساحة التركية والسورية.. بأنهم لا يثقون بأردوغان.
سؤال.. هناك أيضا نقطتان متناقضتان باتت تتهم بهما الدولة السورية مؤخرا.. رأي يقول ان الدولة السورية هي علمانية تحارب الدين.. والبعض الآخر يقول إن سورية تراجعت عن علمانيتها مسايرة للأحداث الأخيرة بل على العكس باتت أكثر تدينا.. ما حقيقة الموضوع سيادة الرئيس..
العلمانية تدعم الأديان ولا تقف في وجهها
الرئيس الاسد : نحن دائما نغرق بالمصطلحات ولا نناقش المضمون.. نغرق بالمعنى اللغوي.. ولكن المهم هو الممارسة.. فمثلا كان هناك اشتراكيات.. ولكن كلها كانت تسمى اشتراكية.. فهناك من يمارس العلمانية على أنها اللادينية وتتحول كما كانت في تركيا في مراحل مختلفة ضد الدين وتحارب الدين.. وهناك العلمانية التي نفهمها نحن.. البعض يقول علمانية بفتح العين وهي بالنسبة لنا حرية الأديان.. نحن مجتمع متنوع.. فكل أتباع شريعة أو طائفة لهم الحرية في أن يتبعوا الشعائر ويمارسوها بالطريقة التي يرونها مناسبة.. أيضا هذا يعني بألا نتعامل نحن كدولة على أساس الدين.. عندما يأتي عدد من الأشخاص ليتقدموا إلى وظيفة على سبيل المثال.. لا نسأل إلى أي دين أو عرق ينتمي هذا الشخص.. لا يجوز أن نميز لا على اساس الدين ولا على أساس العرق.. هذا هو المفهوم.. وأعتقد أن هذا المفهوم هو مفهوم إيجابي و جيد للمواطنين.. وطالما أنها ليست العلمانية اللادينية فهذا يعني بأنها لا يمكن أن تكون ضد الدين.. طالما نتحدث عن حرية الأديان فهذا يعني أن هذه العلمانية تدعم الأديان ولا تقف في وجهها.. بالعكس تماما الدين هو أخلاق ونحن بحاجة للأخلاق وبالتالي نحن بحاجة للدين.. عملية التطوير على سبيل المثال.. كان الكثير من الأشخاص يسألون لماذا تتعثر هذه العملية في أماكن مختلفة.. أقول لهم.. لأنكم تنظرون إلى عملية التطوير في سورية على أنها مجموعة قوانين.. بينما هي قوانين تبنى على الأخلاق.. عندما لا تتواجد الأخلاق في مجال ما لا يمكن أن يتطور المجتمع.. فأن أكون علمانيا يعني ألا أفرق بين الأشخاص.. لكن هذا لا يعني ألا أكون مسلما ومؤمنا أو مسيحيا ومؤمنا.. بالعكس تماما فهذه الصورة هي صورة خاطئة.. كالصورة التي وضعت في السابق حول التعارض بين العروبة والإسلام.. إما أنك قومي أو إسلامي.. لا.. أنا عربي ومسلم.. عربي ومسيحي.. فإذا التناقض بين الاثنتين هو كلام غير صحيح.. أما أن يقال اننا انتقلنا من العلمانية باتجاه الدينية.. ففي سورية بني منذ عام 1970 حتى اليوم ثمانية عشر ألف مسجد.. فلو كانت العلمانية ضد الدين أو نمارسها ضد الدين.. كيف نسمح ببناء 18 ألف مسجد.. بني 220 مدرسة شرعية وثانوية شرعية وغيرها.. بني العشرات من المعاهد لتأهيل الدعاة.. إذا الجانب الديني في سورية كان دائما جانبا مهما.. الأهم من ذلك إذا أردنا أن نقول إن العلمانية هي اللادينية كما يحصل في عدد من الدول أو كما تفسرها دول أخرى فهذا مستحيل.. لأن الدولة هي مرآة المجتمع.. وإذا كان المجتمع ملتزم بدينه فلا بد أن تكون الدولة مبنية على الأسس الدينية حتى وإن كانت علمانية.. لا يمكن أن تكون الدولة لا دينية والمجتمع متدين.. والعكس صحيح.. لا يمكن أن تكون دولة ذات شكل ديني والمجتمع غير ملتزم بدينه.. فإذا نحن مرآة للمجتمع.. وبالتالي الطرح الأول والطرح الثاني كلاهما غير صحيح وغير دقيق ويعبر عن عدم فهم لحقيقة ومعنى الدولة السورية ومعنى علمانية الدولة السورية.
سؤال.. لكن سيادة الرئيس نحن نتحدث هنا عن إجراءات وقرارات اتخذت خلال الأزمة.. منها الموافقة على إنشاء قناة دينية.. السماح للداعيات بالعمل الدعوي العلني...
الملتزمون بدينهم في سورية سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين هم الأكثر وطنية خلال هذه الأزمة.. ومن تحدث بالطائفية ليس من هذه الشرائح
الرئيس الاسد : طرح هذا الموضوع سواء بشكل شخصي ومباشر معي في حوارات مع أشخاص أو من خلال بعض الكتابات.. وهذا يدل على جهل من يكتب عن هذا الموضوع.. لأن هذه الأشياء ليس لها علاقة بالأزمة على الإطلاق.. الحقيقة أن البوادر الأولى أو علامات الإنذار للخطر بدأت بعد غزو العراق.. وتحديدا في عام 2004 عندما بدأت تظهر بوادر التطرف على الساحة السورية ولكنها كانت في ذلك الوقت في معظمها حركة أشخاص وفكرا متطرفا عابرا لسورية.. العراق بداية ولاحقا لبنان.. وبدأ يحاول أن ينتشر في سورية.. في ذلك الوقت تمت مكافحته بشكل أساسي بالطريقة الأمنية.. أول حادثة مقلقة كانت هي حادثة الهجوم على مبنى الإذاعة والتلفزيون في عام 2006 من قبل بعض المغرر بهم الذين قال لهم الشيخ الوهابي المتطرف إن هذا المكان هو بؤرة فساد وكفر.. فقاموا بالهجوم عليه.. ولكن الإنذار الأكبر عندما حصل التفجير الانتحاري الأول في سورية في عام 2008 وفي شهر رمضان من قبل أشخاص سوريين.. كان هذا علامة إنذار كبرى.. على خلفية هذا التفجير قمت بالاجتماع مع عدد من كبار علماء الدين في سورية وناقشنا الموضوع وقلنا ان المعالجة الأمنية لم تعد تكفي.. فهذا الإرهاب هو إرهاب فكري بالدرجة الأولى ومنشوءه فكري ولا بد من محاربته.. ولا يمكن أن يحارب الإرهاب أو التطرف الديني إلا بالدين الصحيح.. هذا أول العلاج.. وتأتي الوسائل الأخرى كوسائل مكملة.. فطرحت عدة أفكار كانت واحدة منها قناة نور الشام.. في ذلك الوقت لم تكن تسمى قناة نور الشام.. لكن كنا بحاجة لطريقة لمواجهة الأقنية التكفيرية التي بدأت تغزو الفضاء في العالمين العربي والإسلامي.. لماذا تأخرنا من عام 2008 لعام 2011 أي مدة ثلاث سنوات.. لأن الفكرة كانت في البداية أن تطلق هذه القناة من قبل القطاع الخاص.. ولأسباب مختلفة تأخرت.. فأخذنا القرار أن نطلقها نحن كدولة كي تكون قناة إسلامية جامعة لا تعبر عن فكر ديني معين أو تيار ديني معين.. بالنسبة للداعيات أيضا في عام 2008 كانت واحدة من الإجراءات نفسها.. خاصة أن العمل الدعوي للنساء في ذلك الوقت كان عملا سريا يحصل في البيوت.. أو كي لا أقول سريا على الأقل ليس تحت أعين الدولة لأنه غير رسمي.. فكانت الفكرة بأن هذا ليس عملا سياسيا.. نحن مع الدعوة.. الدعوة للدين هي شيء إيجابي.. لكن عندما تكون هذه الدعوة تحت أعين الدولة والدولة هي المسوءولة عن كل قطاعات المجتمع بما فيها القطاع الديني فهذا يحمل الدولة المسؤولية وفي نفس الوقت إذا كان هناك محاولة لاستغلال الدعوة لأهداف خارج إطار جوهر الدعوة الدينية فيمكن للدولة أن تصحح هذا الانحراف.. وأثبتت هذه التجربة أنها تجربة جيدة ومفيدة.. فهذه الإجراءات وغيرها لم يكن لها علاقة بالأزمة مطلقا.. بل على العكس.. الأزمة أتت لتثبت منذ اليوم الأول بأن المؤسسات الدينية كانت الأكثر انضباطا.. ولتثبت بأن الملتزمين بدينهم في سورية سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين هم الأكثر وطنية خلال هذه الأزمة.. ومن تحدث بالطائفية ليس من هذه الشرائح.. إنما من فصيلتين.. إما من فصيلة المنحرفين عن الدين باتجاه التطرف الديني.. أو من فصيلة المزايدين بالعلمانية.. أما المعتدل والملتزم حقيقة فكان وطنيا.. لذلك هذه الإجراءات ليست مرتبطة بالأزمة.
سؤال.. سيادة الرئيس.. إذا أردنا أن نبقى بالشأن الداخلي.. لو سمحتم سيادتكم أن نتحدث عن الحل السياسي.. ومنذ أن كلفت الحكومة تنفيذ المراحل الثلاث لهذا الحل بدأت بتنفيذ المرحلة الأولى المتعلقة بإنهاء العنف والتمهيد للحوار.. حاليا ما يتم هو مشاورات.. لكن سيادة الرئيس حتى الآن الشارع ربما لا يدرك ما هي محظورات الحوار ومحددات هذا الحوار بما يتعلق بالموضوعات وكذلك الأشخاص.. وهذا الحوار مع من في نهاية المطاف...
http://www.champress.net/UserFiles/Image/2009/04/20130417-215822_h477954.jpg
دمشق..
أكد الرئيس بشار الأسد في لقاء مع قناة الاخبارية السورية أننا بحاجة أكثر بكثير للتمسك بمعنى الجلاء وبمعاني الاستقلال ليكون عيد الجلاء بالنسبة لنا ماضي العزة وحاضر الكرامة مشيرا إلى أن سورية تتعرض لمحاولة استعمار جديدة بكل الوسائل ومختلف الطرق.
وقال الرئيس الأسد.. هناك قوى كبرى وتحديدا القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة تاريخيا لا تقبل بأن تكون هناك دول لها استقلاليتها حتى في أوروبا فكيف بدول العالم الثالث.
وأكد الرئيس الأسد أن الشعب السوري هو شعب عظيم لا قلق عليه، ونستمد التفاؤل من المواطنين وبشكل خاص من عائلات الشهداء الجبارة ولا يوجد خيار أمامنا سوى الانتصار، مشيرا إلى أن الوضع في سورية الآن أفضل من بداية الأزمة.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن أردوغان مستعد أن يقدم كل بلده مقابل نفسه لافتا إلى الخسائر التي مني بها سياسيا داخل تركيا على خلفية فشله بما سمي سياسة صفر مشاكل والتي تحولت إلى صفر سياسة وصفر أصدقاء وصفر أخلاق.
وحول زيارة كيري إلى المنطقة أكد الرئيس الأسد أن هذا يدل على أن العامل الخارجي هو عامل أساسي في ما يحصل في سورية منذ اليوم الأول وأنه كلما حققنا نجاحات فسوف نشهد المزيد من التصعيد.
وقال الرئيس الأسد إنه من غير الممكن أن نصدق أن الآلاف يدخلون مع عتادهم إلى سورية من الأردن في الوقت الذي كان الأردن قادرا على إيقاف أو إلقاء القبض على شخص واحد يحمل سلاحا بسيطا للمقاومة في فلسطين عبر السنوات الماضية.
وفيما يلي النص الكامل للقاء:
سؤال.. نحن نعيش أجواء عيد الجلاء.. ما الذي تودون أن توجهوه للشعب السوري في هكذا يوم وخصوصا في ظل ما تمر به سورية من أحداث...
الرئيس الاسد : من البديهي أن يربط عيد الجلاء بانسحاب القوات الأجنبية من أي وطن ولكن أول سؤال نسأله في مثل هذه الظروف وفي الظروف العربية بشكل عام التي سبقت هذه الأزمة.. ماذا لو خرج المستعمر وأخذ معه السيادة والقرار... فلا قيمة للجلاء.. فالاستقلال الحقيقي والجلاء الحقيقي هو عندما يجلى المستعمر عن الأرض ونستعيد السيادة بكل ما تعني هذه الكلمة من معان.. فإذا كانت هناك أرض محتلة ولكن شعبها حر أفضل بكثير من أن يكون لدينا أرض محررة وشعب فاقد للسيادة ودولة فاقدة للقرار الوطني.. هكذا يجب أن نفهم الجلاء والاستقلال.. الجلاء والاستقلال بمعناه الشامل.. وأعتقد أن سورية في مثل هذه الظروف تتعرض لمحاولة استعمار جديدة بكل الوسائل وبمختلف الطرق.. هناك محاولة لغزو سورية بقوات تأتي من الخارج من جنسيات مختلفة ولو أنها تتبع تكتيكا جديدا يختلف عن التكتيك التقليدي للاستعمار الذي كنا نسميه الاستعمار الحديث الذي كان يأتي بقواته إلى المنطقة وآخره كان الاحتلال الأميركي للعراق ولأفغانستان.. وهناك أيضا محاولة لاحتلال سورية من الناحية الثقافية عبر الغزو الفكري باتجاهين.. إما من أجل أن تذهب سورية باتجاه الخضوع والخنوع للقوى الكبرى والغرب تحديدا أو بالاتجاه الآخر وهو الخضوع للقوى الظلامية التكفيرية.
نحن بحاجة أكثر بكثير للتمسك بمعنى الجلاء وبمعاني الاستقلال
أنا أعتقد أنه بهذه المناسبة نحن بحاجة أكثر بكثير للتمسك بمعنى الجلاء وبمعاني الاستقلال.. منذ أن كنا أطفالا كان يعني لنا هذا العيد الكثير من العزة.. اليوم يجب أن يبقى هذا الموقع ويرتقي لكي يكون عيد الجلاء بالنسبة لنا ماضي العزة وحاضر الكرامة.
سؤال.. سيادة الرئيس.. على ذكر ما تمر به سورية من أوضاع.. الأحداث تطورت في هذا البلد من أزمة مرت بأحداث أمنية ثم بعد ذلك ما سميتموه يوما وقلتم عنه بأنه حرب.. اليوم بالضبط ما هو الحاصل في سورية كيف توصفه...
الرئيس الاسد : الحقيقة ما يحصل هو حرب.. هي ليست أحداثا أمنية.. ربما ظهرت في البداية على شكل أحداث أمنية والبعض مازال يتعامل معها حتى هذه اللحظة ويطرح التساؤلات والتقييمات من خلال كون ما يحصل هو أحداث أمنية.
الحقيقة هي حرب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.. هناك قوة كبرى وتحديدا القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة تاريخيا لا تقبل بأن يكون هناك دول لها استقلاليتها حتى في أوروبا.. تريد أوروبا خانعة فكيف بدول العالم الثالث.. كيف بدول صغيرة... لا بد أن تكون خانعة لكي تعمل من أجل مصالح تلك الدول. بنفس الوقت سورية هي في موقع جيوسياسي مهم جدا فالرغبة في السيطرة على سورية أيضا شيء تاريخي وتقليدي في سياسة الدول الاستعمارية.. هذه الدول تلعب دورا في هذه المعركة من خلال تقديم الدعم السياسي والإعلامي في البداية.
وانتقلوا علنا مؤخرا لتقديم الدعم المادي واللوجستي ونعتقد بأنهم يدعمونهم أيضا في مجال التسليح.
هناك دول إقليمية عربية وغير عربية كتركيا على سبيل المثال.. هذه الدول باعت واشترت الكثير وأوجدت لنفسها موقعا على الساحة العربية والإسلامية من خلال الدعم الظاهري للقضية الفلسطينية وعلى ما يبدو أن هذا الدور ذهب بعيدا بشكل يتجاوز ما هو مسموح لهم من قبل الأسياد.. أي الدول الكبرى فكان لا بد من التراجع عن هذا الدور.. هنا الدور السوري الشفاف تجاه القضايا المختلفة ومنها القضية الفلسطينية ومنها قضية الحقوق والكرامة يفضح هذه الدول.. فبقاء الدور السوري كما هو محرج لهم.. لذلك أصبحت القضية السورية أو الموضوع السوري أو الأزمة السورية مثار إحراج لهم وقضية حياة أو موت من الناحية السياسية بالنسبة لهذه الدول فزجوا بكل قوتهم من أجل ضرب سورية وطنا وشعبا. هناك العوامل الداخلية.. هناك مجموعة من اللصوص.. هناك مجموعة من المرتزقة التي تأخذ الأموال من الخارج مقابل أعمال تخريبية معينة.. وهناك التكفيريون أو القاعدة أو جبهة النصرة.. كلهم يقعون تحت مظلة فكرية واحدة.
ما يحصل الآن أننا نواجه بشكل أساسي القوى التكفيرية
الحقيقة ما يحصل الآن أننا نواجه بشكل أساسي تلك القوى التكفيرية.. العنصران الأول والثاني عمليا أصيبا بضربات قاسية جدا فإما أنهم انتهوا في بعض الأماكن أو أنهم انتقلوا قسرا للعمل تحت مظلة القاعدة رغما عنهم لكي يكونوا جزءا منها.. فعمليا نحن الآن نحارب القوى التكفيرية.
سؤال.. لطالما قلتم سيادة الرئيس بأن سورية باتت تشكل إحراجا.. فهم دائما يجدون وترا جديدا ليعزفوا عليه كلما فشلوا في مرحلة.. الآن بات الحديث كثيرا عن أن سورية تشهد اقتتالا طائفيا وربما مذهبيا والبعض تحدث عن ظواهر هنا وهناك.. بصراحة.. سيادة الرئيس.. ألا تخشون من طائفية باتت تطل برأسها أحيانا في سورية..
الرئيس الاسد : في كل مجتمع هناك مجموعات من الأشخاص تحمل فكرا محدودا وأفقا ضيقا وتحمل شعورا وطنيا ضعيفا.. وهذه المجموعات تظهر في كل الأزمات.. تظهر على الساحة بفكرها وبأدائها الضار.. قد لا يكون ضارا على المستوى الواسع ولكنها تظهر على شكل بؤر.. وهذا ما حصل في سورية في الثمانينيات خلال أزمة الإخوان المسلمين الذين استخدموا أيضا الفكر الطائفي بالرغم من عدم توفر الإنترنت والفضائيات في ذلك الوقت.. مع ذلك تمكنوا من تسويق الفكر الطائفي وظهرت تلك البؤر.. ولكن عند هزيمة الإخوان المسلمين عاد الوضع في سورية إلى طبيعة المجتمع السوري.
الشيء الوحيد الذي نراهن عليه في هذه الحالة هو وعي الشعب.. والشعب السوري أثبت فعلا خلال عامين غير مسبوقين أنه شعب واع.. ولولا ذلك لكنا رأينا الوضع مختلفا جدا في سورية لذلك لو دخلت مباشرة إلى الجواب على السؤال أستطيع أن أقول دون مبالغة أن الوضع الآن في سورية أفضل منه في بداية الأزمة.. في بداية الأزمة استخدم الخطاب الطائفي وظهرت هذه البوءر بقوة وكان هناك قلق وفقدان توازن لدى الكثيرين حول هذه النقطة.. مع الوقت كان هناك زيادة في الوعي لمخاطر ما يحصل وفهم للتزوير الحاصل في الإعلام ووعي لمعنى سورية التي كنا نعيشها ولكن ربما لا نلمس أهمية ما كنا نعيش فيه من الأمن والأمان والتجانس.. ولا أقول التعايش فهذه كلمة غير دقيقة. لذلك أستطيع أن أقول انه بعد سنتين من صمود الشعب السوري بهذه الطريقة في وجه تلك الهجمة الإعلامية مع فضائيات تسعى لنشر التكفير والتفرقة والطائفية.. أقول ان هذا الشعب السوري هو شعب عظيم لا قلق عليه.
سؤال.. وبهذا المعنى سيادة الرئيس لا يبدو قلقا أبدا من هكذا أحاديث باتت تروج وربما ترسخ...
السيد الرئيس: على الاطلاق.. أنا أقول العكس تماما.. على مبدأ اللقاح.. اللقاح هو جرثوم ضعيف.. إن لم يقتل فسيعطيك مناعة.
استشهاد البوطي أحزن الجميع من دون استثناء بمختلف الطوائف
لدينا أمثلة كثيرة مررنا بها وأظهرت الوحدة الوطنية.. ولكن آخر مثال هو استشهاد الدكتور البوطي.. استشهاد البوطي أحزن الجميع من دون استثناء بمختلف الطوائف ورأينا ذلك في مجالس العزاء العفوية.. الدولة ليس لها دور في هذا الموضوع..والدكتور البوطي لم يكن يتواصل مع الكثير من هؤلاء.. مع ذلك رأينا مجالس عزاء ورأينا الحزن لدى الأخوة من المسيحيين.. ليس فقط المسلمين.. فهذا يعني أن هناك وحدة وطنية حقيقية.. وهذه البؤر الطائفية لدى الاشخاص محدودي الفكر لا تخيفنا.. أنا لست قلقا منها على الاطلاق.
سؤال.. سيادة الرئيس.. بصراحة.. نسمع كثيرا مؤخرا في وسائل الإعلام وعبر متحدثين عرب وأجانب أن هناك مناطق محررة.. أي خارجة عن سيطرة الدولة.. ونرى الوضع في حلب وفي الرقة وفي حمص أحيانا.. هل هناك بالفعل مناطق خارجة عن سيطرة الدولة اليوم في سورية...
الرئيس الاسد : أحيانا نتعامل مع هذه الحالة من الناحية العسكرية بشكل مشابه للتعامل مع عدو تقليدي.. عندما يأتي عدو بالطريقة التقليدية ليحتل جزءا من الأرض فتقوم القوات الوطنية بمهاجمة هذا العدو والدفاع عن الوطن وطرد العدو خارجا.. لا يهم إذا كانت قضت على العدو أم لم تقض عليه.. ربما يخرج فقط من دون القضاء عليه.. ولكن المهم في تلك الحالة هو تحرير الأرض.. أما في هذه الحالة فنحن نتعامل مع وضع مختلف تماما.. حرب جديدة.. أسلوب جديد.. نحن نتعامل مع مجموعات تدخل في المدن.. البعض منها غير سوري.. أجنبي وعربي.. والبعض منها سوري تدخل في المدن وفي الأحياء وتقوم بأعمال تخريب.
في بداية الأعمال العسكرية التي قامت بها القوات المسلحة كانت تطرد الإرهابيين من المدن.. أحيانا يستغرق العمل بضع ساعات.. فنرى أن هؤلاء الإرهابيين خرجوا من مكان وذهبوا إلى مكان آخر هروبا أو مناورة.. فهذا يعني أن تقضي الزمن كله بعملية تحرير أراض من دون نهاية.
لكي نكون دقيقين حول هذه النقطة.. نحن الآن لا نقوم بعملية تحرير أرض لكي نتحدث عن مناطق محررة.. نحن نقوم الآن بعملية قضاء على الإرهابيين.. والفرق كبير بين الأولى والثانية.. إن لم نقض على الإرهابيين لا معنى لتحرير أي منطقة في سورية.
إذا فهمنا هذه النقطة نفهم ما الذي يحصل على الأرض.. هناك جانب آخر عندما تقوم القوات المسلحة أو الدولة بوضع خطط عسكرية فهي تضع أو تبني خططها على عدد من الأسس منها مثلا أهمية الموقع من الناحية السياسية والإعلامية.. ومنها الجانب الإنساني أي معاناة المواطنين والجانب العسكري.. التفاصيل العسكرية اللوجستية.
هناك توافق بين الأولوية العسكرية والأولوية الإنسانية
الأولوية دائما بالنسبة لنا هي الناحية الإنسانية.. حماية أرواح المواطنين ورفع المعاناة عن المناطق التي يدخل إليها الإرهابيون.. الناحية الإعلامية والسياسية لا نعطيها الأولوية.. أحيانا يستفيد منها الطرف الآخر.. لا يهم.. المهم الواقع.. أحيانا نهمل الجانب الإعلامي فيقومون بعملية "تطبيل وتزمير" لإظهار انتصارات.. هذا لا يعنينا ولكن في كثير من الأحيان تفرض طبيعة المعركة ألا يكون هناك توافق بين الأولوية العسكرية والأولوية الإنسانية.. طبعا بشكل مؤقت وبشكل جزئي في بعض المناطق.. هناك أشياء تفرضها المعركة ولكن بالنسبة لنا الأولوية هي للناحية الإنسانية.
سؤال.. المشكلة أن هناك أحاديث كثيرة يروج لها.. هناك أناس يتحدثون عن تقسيم جغرافي وتقسيم طائفي وحتى مذهبي.. سيادة الرئيس.. هل هذا حقيقة فعلا.. أم هو يدرج في إطار الترهيب والحرب النفسية التي لا تزال ركنا أساسيا من أركان هذه الحرب الدائرة على سورية.
لا أعتقد أن هناك أسسا حقيقية للتقسيم.. التقسيم لا بد له من حدود دينية أو طائفية أو عرقية.. عمليا هذه الخطوط غير موجودة
الرئيس الاسد : طالما أننا لا نخشى من الطائفية.. فلا أعتقد أن هناك أسسا حقيقية للتقسيم. التقسيم لا بد له من حدود دينية أو طائفية أو عرقية.. عمليا هذه الخطوط غير موجودة لأن المجتمع السوري مندمج تقريبا في كل منطقة من سورية.. وأحيانا في كل قرية من القرى الصغيرة.. أحيانا على مستوى ما نسميه "مزارع" وهي أصغر من قرية وغير موجودة على الخريطة الإدارية.. نرى هذا الاندماج على مستوى التزاوج والعائلات فمن الصعب أن يكون هناك تقسيم من دون خطوط من هذا النوع.. لكن أعتقد بأن ما ينشر من خرائط أو يسوق بطرق مختلفة ويسرب للسوريين بمختلف المستويات هو جزء من الحرب النفسية وجزء من الهزيمة التي دائما أتحدث عنها والتي أسميها الهزيمة الافتراضية أو الهزيمة المجانية.. أي أن يرسلوا رسالة للسوريين ويقنعوهم.. بـ "أنكم لن تكونوا قادرين بعد الآن على أن تعيشوا كما كنتم في السابق.. بلدا موحدا..، أنتم غير قادرين أن تعيشوا مع بعضكم البعض.. أنتم شعب مقسم بطبيعته" عملية إيحاء الهدف منها تكريس هذه القناعة لدى السوريين.. أيضا هذا الطرح لا يقلقني طالما أن الطرح الأول وهو الطرح الطائفي..وهو الأكثر خطورة قد فشل.. ولم يعد هناك عمليا من أسس لكي تبنى عليها هذه الخرائط.. أو أي تسريبات وأفكار يمكن أن تنقل إلينا بشكل مشابه.
سؤال.. لكن سيادة الرئيس يتم الحديث عن أن هناك فصلا ربما بين بعض المدن الرئيسية والأرياف.. مثلا في حلب فصل حلب عن ريفها.. وفي المناطق الشمالية والشمالية الشرقية أيضا يتم الحديث عن موضوع الرقة وكذلك القامشلي.. يحكى أيضا أن هناك خطوطا باتت فعلا تقسمها وقد تكون خارجة عن سيطرة الدولة وربما بركن مستقل ومعزول عن سورية.. حتى هذا الأمر ينطبق عليه التوصيف الذي قدمته قبل قليل..
الرئيس الاسد : لا.. هذا ليس في إطار التقسيم.. هو أساسا لا يبنى على خطوط عرقية أو طائفية.. يبنى على أماكن فيها إرهابيون.. وعمليا إذا أردنا أن نتحدث حتى عن سيطرة الدولة بمعنى تواجدها فلا يوجد مكان حاولت أن تدخل إليه القوات المسلحة إلا وتمكنت من دخوله.. إذا لا يوجد خطوط ثابتة.
لذلك أنا أقول.. إنه بالنسبة لنا الأولويات الإنسانية والعسكرية هي التي تفرض أماكن التواجد والتكتيك العسكري.
لا بد أن ننظر إلى سورية ككتلة واحدة على طريقة الأواني المستطرقة.. إذا وضعنا سوائل في عدد من الأوعية ووصلنا بينها بأنابيب فتغير منسوب الماء في مكان يؤثر في كل الأوعية الأخرى.. الشيء نفسه بالنسبة للإرهابيين.. عندما يضربون في مكان يؤثر إيجابا على الأماكن الأخرى.. فالتكتيك العسكري أحيانا يفرض على الدولة أن تتدخل في مكان قبل اخر وأن تتواجد في مكان قبل أن تتواجد في مكان آخر.. هو تأجيل زمني لأهداف عسكرية بحتة.. لكن لا يرتبط على الاطلاق بموضوع التقسيم.. ولا بموضوع المناطق العازلة.
سؤال.. تركيا على ما يبدو سوف تصل إلى أزمة مع مشكلة الأكراد وهناك كلام عن أن أردوغان ربما سيعطي دولة للأكراد.. وكذلك ربما التنازل عن بعض المطالب وربما الوصول إلى تقسيم تركيا.
إذا هناك دولة سوف تقام مقابل الوصول إلى سدة الرئاسة.. ماذا عن الوضع في سورية وبالتحديد وضع الأكراد...
الرئيس الاسد : بالنسبة لأردوغان.. طبعا هو مستعد أن يقدم كل بلده مقابل نفسه.. هذا صحيح.. هذا بالنسبة للجزء الأول من السؤال وأنت أعطيت الجواب.
ولكن بالنسبة للأكراد في سورية.. أنا أريد أن أكرر ما أقوله دائما عندما يطرح هذا الموضوع.
الأكراد في سورية هم جزء طبيعي وأساسي من النسيج السوري وهم موجودون في هذه المنطقة منذ قرون
الأكراد في سورية هم جزء طبيعي وأساسي من النسيج السوري وهم موجودون في هذه المنطقة منذ قرون عديدة مثلهم مثل العرب والأتراك والفرس وآخرين موجودين في هذه المنطقة. ليسوا ضيوفا او طارئين.. معظم الأكراد في سورية هم وطنيون سوريون.. ولكن دائما في أي مجتمع.. هناك أشخاص انتهازيون يسعون لاستخدام عناوين معينة من أجل مصالحهم الشخصية.. لذلك رأينا عددا من التجمعات التي أطلقت على نفسها اسم أحزاب كردية في سورية وكانت دائما تزايد على ما يسمى القضية الكردية أو اضطهاد الأكراد في سورية.. وهذا الكلام غير صحيح على الإطلاق.. كانوا يتحدثون عن موضوع تجنيس الأكراد.. نحو 110 آلاف وهو ما تم منذ نحو عامين.. كانوا يعتبرون ذلك قضية.. تم التجنيس.. انتقلوا لكلام آخر..عن موضوع اللغة.. الآن أقرت الدولة منذ أشهر موضوع اللغة الكردية والأدب الكردي كمادة تدرس في كليات الآداب في سورية.. وغيرها من الإجراءات.. ولكن دائما سيبحثون من وقت لآخر عن شيء يستخدم من أجل إيجاد موقع لهم على الساحة الوطنية.. هذه الحالة نراها من وقت لآخر.. هذا شيء لا يقلق لأن الغالبية هم مع الوطن السوري.. ولكي لا نقول كلاما إنشائيا.. لن أعود لدور الأكراد في الثورة السورية وفي مراحل مختلفة من النضال ضد الاستعمار.. بل سأتحدث عن الأحداث الحالية.. كثير من عائلات الشهداء التي التقيت بها هم من الأكراد.. أنا لا أعرف أنهم أكراد أو عرب لأنني لا أهتم بهذا الموضوع.. ولكن من خلال حديثهم يقولون لنا نحن أهل الشهيد.. ونحن من الأكراد.. هل يمكن لشخص لا يؤمن بالوطن ويسعى للانفصال.. كما يطرح من وقت إلى آخر.. أن يقدم حياته أو حياة أبنائه من أجل هذا الوطن.. هذا الكلام غير منطقي.
سؤال.. لكن سيادة الرئيس عندما نتحدث عن هذه النقطة الحساسة جدا.. نحن تابعنا من خلال سياسة الحكومة التركية مؤخرا أنها استخدمت الكثير من الأوراق.. لكن يقال أن هذه الورقة الكردية هي ربما آخر الأوراق بيد أردوغان على وجه التحديد ولن يتم الاستغناء عنها ببساطة.. وسيكون أكثر شراسة حتى تحقق له نتيجة في سورية على الأقل.. وفي هذا التوقيت بالذات يتم السعي لإحداث تسوية.. إلى أي حد تراقب القيادة السورية بشكل دقيق هذه النقطة.. وماذا تعد في حال تم أي شيء في مواجهة هذه الدولة..
الرئيس الاسد : هذا موضوع هام.. ولا يمكن تبسيطه.. ولكن أردوغان له هدف داخلي وهدف خارجي.
الظروف بالنسبة للموضوع الكردي في سورية تختلف تماما عن تركيا من ناحية تاريخ العلاقة
الهدف الخارجي هو سورية.. أي لإحراج سورية في هذا الموضوع مع الأخذ بالاعتبار أن الظروف بالنسبة للموضوع الكردي في سورية تختلف تماما عن تركيا من ناحية تاريخ العلاقة.. نحن لم نقم بمجازر تجاه الأكراد ولم نضطهدهم كما حصل معهم منذ مرحلة تفكك الدولة العثمانية.. الوضع مختلف تماما..هناك تجانس في سورية وهناك تآخ حقيقي.. وما طرح في الموضوع الكردي طرح في سورية منذ عقود قليلة فقط من خلال بعض القوى الانتهازية.. وعلاقتنا بالاكراد هي دائما علاقة جيدة.. حتى مع الأحزاب الكردية التي كانت تناضل من أجل حقوقها في تركيا.. أما الهدف الآخر لأردوغان فهو هدف داخلي.. فبعد الخسائر التي مني بها سياسيا داخل تركيا على خلفية فشله بما سمي سياسة صفر مشاكل والتي تحولت إلى صفر سياسة وصفر رؤية وصفر أصدقاء وصفر مصداقية وصفر أخلاق.. أصفار بكل الاتجاهات الأخرى ما عدا صفر مشاكل.. فخسر الكثير حتى من الموالين له.. فكان لابد من الاستعانة بالموضوع الكردي من أجل الاستفادة من الكتلة الكردية الكبيرة في تركيا بهدف الحصول على أصوات ربما في الدستور المقبل الذي يفكر من خلاله أن يكون رئيسا للجمهورية بصلاحيات واسعة.. لذلك نحن نهتم بهذا الموضوع لأن ما يحصل في أي بلد مجاور سيؤثر فينا سلبا أو إيجابا ولكن من دون أن نكون قلقين.. عدا أنه لا توجد مصداقية لأردوغان في مثل هذا الموضوع تجاه الأكراد وهذا ما وردنا مؤخرا من القوى الكردية الصديقة التي تعمل على الساحة التركية والسورية.. بأنهم لا يثقون بأردوغان.
سؤال.. هناك أيضا نقطتان متناقضتان باتت تتهم بهما الدولة السورية مؤخرا.. رأي يقول ان الدولة السورية هي علمانية تحارب الدين.. والبعض الآخر يقول إن سورية تراجعت عن علمانيتها مسايرة للأحداث الأخيرة بل على العكس باتت أكثر تدينا.. ما حقيقة الموضوع سيادة الرئيس..
العلمانية تدعم الأديان ولا تقف في وجهها
الرئيس الاسد : نحن دائما نغرق بالمصطلحات ولا نناقش المضمون.. نغرق بالمعنى اللغوي.. ولكن المهم هو الممارسة.. فمثلا كان هناك اشتراكيات.. ولكن كلها كانت تسمى اشتراكية.. فهناك من يمارس العلمانية على أنها اللادينية وتتحول كما كانت في تركيا في مراحل مختلفة ضد الدين وتحارب الدين.. وهناك العلمانية التي نفهمها نحن.. البعض يقول علمانية بفتح العين وهي بالنسبة لنا حرية الأديان.. نحن مجتمع متنوع.. فكل أتباع شريعة أو طائفة لهم الحرية في أن يتبعوا الشعائر ويمارسوها بالطريقة التي يرونها مناسبة.. أيضا هذا يعني بألا نتعامل نحن كدولة على أساس الدين.. عندما يأتي عدد من الأشخاص ليتقدموا إلى وظيفة على سبيل المثال.. لا نسأل إلى أي دين أو عرق ينتمي هذا الشخص.. لا يجوز أن نميز لا على اساس الدين ولا على أساس العرق.. هذا هو المفهوم.. وأعتقد أن هذا المفهوم هو مفهوم إيجابي و جيد للمواطنين.. وطالما أنها ليست العلمانية اللادينية فهذا يعني بأنها لا يمكن أن تكون ضد الدين.. طالما نتحدث عن حرية الأديان فهذا يعني أن هذه العلمانية تدعم الأديان ولا تقف في وجهها.. بالعكس تماما الدين هو أخلاق ونحن بحاجة للأخلاق وبالتالي نحن بحاجة للدين.. عملية التطوير على سبيل المثال.. كان الكثير من الأشخاص يسألون لماذا تتعثر هذه العملية في أماكن مختلفة.. أقول لهم.. لأنكم تنظرون إلى عملية التطوير في سورية على أنها مجموعة قوانين.. بينما هي قوانين تبنى على الأخلاق.. عندما لا تتواجد الأخلاق في مجال ما لا يمكن أن يتطور المجتمع.. فأن أكون علمانيا يعني ألا أفرق بين الأشخاص.. لكن هذا لا يعني ألا أكون مسلما ومؤمنا أو مسيحيا ومؤمنا.. بالعكس تماما فهذه الصورة هي صورة خاطئة.. كالصورة التي وضعت في السابق حول التعارض بين العروبة والإسلام.. إما أنك قومي أو إسلامي.. لا.. أنا عربي ومسلم.. عربي ومسيحي.. فإذا التناقض بين الاثنتين هو كلام غير صحيح.. أما أن يقال اننا انتقلنا من العلمانية باتجاه الدينية.. ففي سورية بني منذ عام 1970 حتى اليوم ثمانية عشر ألف مسجد.. فلو كانت العلمانية ضد الدين أو نمارسها ضد الدين.. كيف نسمح ببناء 18 ألف مسجد.. بني 220 مدرسة شرعية وثانوية شرعية وغيرها.. بني العشرات من المعاهد لتأهيل الدعاة.. إذا الجانب الديني في سورية كان دائما جانبا مهما.. الأهم من ذلك إذا أردنا أن نقول إن العلمانية هي اللادينية كما يحصل في عدد من الدول أو كما تفسرها دول أخرى فهذا مستحيل.. لأن الدولة هي مرآة المجتمع.. وإذا كان المجتمع ملتزم بدينه فلا بد أن تكون الدولة مبنية على الأسس الدينية حتى وإن كانت علمانية.. لا يمكن أن تكون الدولة لا دينية والمجتمع متدين.. والعكس صحيح.. لا يمكن أن تكون دولة ذات شكل ديني والمجتمع غير ملتزم بدينه.. فإذا نحن مرآة للمجتمع.. وبالتالي الطرح الأول والطرح الثاني كلاهما غير صحيح وغير دقيق ويعبر عن عدم فهم لحقيقة ومعنى الدولة السورية ومعنى علمانية الدولة السورية.
سؤال.. لكن سيادة الرئيس نحن نتحدث هنا عن إجراءات وقرارات اتخذت خلال الأزمة.. منها الموافقة على إنشاء قناة دينية.. السماح للداعيات بالعمل الدعوي العلني...
الملتزمون بدينهم في سورية سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين هم الأكثر وطنية خلال هذه الأزمة.. ومن تحدث بالطائفية ليس من هذه الشرائح
الرئيس الاسد : طرح هذا الموضوع سواء بشكل شخصي ومباشر معي في حوارات مع أشخاص أو من خلال بعض الكتابات.. وهذا يدل على جهل من يكتب عن هذا الموضوع.. لأن هذه الأشياء ليس لها علاقة بالأزمة على الإطلاق.. الحقيقة أن البوادر الأولى أو علامات الإنذار للخطر بدأت بعد غزو العراق.. وتحديدا في عام 2004 عندما بدأت تظهر بوادر التطرف على الساحة السورية ولكنها كانت في ذلك الوقت في معظمها حركة أشخاص وفكرا متطرفا عابرا لسورية.. العراق بداية ولاحقا لبنان.. وبدأ يحاول أن ينتشر في سورية.. في ذلك الوقت تمت مكافحته بشكل أساسي بالطريقة الأمنية.. أول حادثة مقلقة كانت هي حادثة الهجوم على مبنى الإذاعة والتلفزيون في عام 2006 من قبل بعض المغرر بهم الذين قال لهم الشيخ الوهابي المتطرف إن هذا المكان هو بؤرة فساد وكفر.. فقاموا بالهجوم عليه.. ولكن الإنذار الأكبر عندما حصل التفجير الانتحاري الأول في سورية في عام 2008 وفي شهر رمضان من قبل أشخاص سوريين.. كان هذا علامة إنذار كبرى.. على خلفية هذا التفجير قمت بالاجتماع مع عدد من كبار علماء الدين في سورية وناقشنا الموضوع وقلنا ان المعالجة الأمنية لم تعد تكفي.. فهذا الإرهاب هو إرهاب فكري بالدرجة الأولى ومنشوءه فكري ولا بد من محاربته.. ولا يمكن أن يحارب الإرهاب أو التطرف الديني إلا بالدين الصحيح.. هذا أول العلاج.. وتأتي الوسائل الأخرى كوسائل مكملة.. فطرحت عدة أفكار كانت واحدة منها قناة نور الشام.. في ذلك الوقت لم تكن تسمى قناة نور الشام.. لكن كنا بحاجة لطريقة لمواجهة الأقنية التكفيرية التي بدأت تغزو الفضاء في العالمين العربي والإسلامي.. لماذا تأخرنا من عام 2008 لعام 2011 أي مدة ثلاث سنوات.. لأن الفكرة كانت في البداية أن تطلق هذه القناة من قبل القطاع الخاص.. ولأسباب مختلفة تأخرت.. فأخذنا القرار أن نطلقها نحن كدولة كي تكون قناة إسلامية جامعة لا تعبر عن فكر ديني معين أو تيار ديني معين.. بالنسبة للداعيات أيضا في عام 2008 كانت واحدة من الإجراءات نفسها.. خاصة أن العمل الدعوي للنساء في ذلك الوقت كان عملا سريا يحصل في البيوت.. أو كي لا أقول سريا على الأقل ليس تحت أعين الدولة لأنه غير رسمي.. فكانت الفكرة بأن هذا ليس عملا سياسيا.. نحن مع الدعوة.. الدعوة للدين هي شيء إيجابي.. لكن عندما تكون هذه الدعوة تحت أعين الدولة والدولة هي المسوءولة عن كل قطاعات المجتمع بما فيها القطاع الديني فهذا يحمل الدولة المسؤولية وفي نفس الوقت إذا كان هناك محاولة لاستغلال الدعوة لأهداف خارج إطار جوهر الدعوة الدينية فيمكن للدولة أن تصحح هذا الانحراف.. وأثبتت هذه التجربة أنها تجربة جيدة ومفيدة.. فهذه الإجراءات وغيرها لم يكن لها علاقة بالأزمة مطلقا.. بل على العكس.. الأزمة أتت لتثبت منذ اليوم الأول بأن المؤسسات الدينية كانت الأكثر انضباطا.. ولتثبت بأن الملتزمين بدينهم في سورية سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين هم الأكثر وطنية خلال هذه الأزمة.. ومن تحدث بالطائفية ليس من هذه الشرائح.. إنما من فصيلتين.. إما من فصيلة المنحرفين عن الدين باتجاه التطرف الديني.. أو من فصيلة المزايدين بالعلمانية.. أما المعتدل والملتزم حقيقة فكان وطنيا.. لذلك هذه الإجراءات ليست مرتبطة بالأزمة.
سؤال.. سيادة الرئيس.. إذا أردنا أن نبقى بالشأن الداخلي.. لو سمحتم سيادتكم أن نتحدث عن الحل السياسي.. ومنذ أن كلفت الحكومة تنفيذ المراحل الثلاث لهذا الحل بدأت بتنفيذ المرحلة الأولى المتعلقة بإنهاء العنف والتمهيد للحوار.. حاليا ما يتم هو مشاورات.. لكن سيادة الرئيس حتى الآن الشارع ربما لا يدرك ما هي محظورات الحوار ومحددات هذا الحوار بما يتعلق بالموضوعات وكذلك الأشخاص.. وهذا الحوار مع من في نهاية المطاف...