فيثاغورس
04-10-2013, 07:19 AM
كيف تواجه الابتزاز الديني؟
عزيزي الشاب لا تدع أحداً يبتزك بآيات من القرآن يخرجها عن سياقها، فيجعلك تشعر أن إسلامه أفضل من إسلامك، لا تعطِه الفرصة أن يضعك أمام آيات مثل: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، أو "أولئك هم الظالمون" أو "أولئك هم الفاسقون".
كان هؤلاء يُسكتون معارضيهم عند الخلاف بعبارات مثل "ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته؟" أو "إزاي أنت معترض على الشريعة؟ كيف تعترض على شرع الله؟"، فكان الكثير من الشباب يتردد أمام هذه الاتهامات
الثلاثاء 09 أبريل 2013
http://aljarida.com/files/editors/preview/1362929853768207600.jpg (http://www.aljarida.com/editors/index/2116/باسم-يوسف)
كتب المقال: باسم يوسف (http://www.aljarida.com/editors/index/2116/باسم-يوسف)
في أميركا حتى القرن الثامن عشر كان إذا أشيع عن امرأة أو فتاة أنها ساحرة أو مشعوذة، تخرج القرية كلها لمطاردتها ومحاكمتها، وأمام المحكمة لابد أن تمر الساحرة بالاختبار المقدس الذي يثبت إن كانت مشعوذة أم لا، فكانوا يربطونها بحجر ثقيل ثم يرمون بها في النهر، فإذا طفت إلى السطح فهي لاشك ساحرة واستخدمت قوى الشر السفلية لإنقاذ نفسها، وفي هذه الحالة تَثبت عليها التهمة فيقتلونها حرقاً بتهمة الشعوذة، أما في حالة غرقها، وهو المتوقع طبعاً، فإن أهل القرية يدركون أنهم أخطأوا في حقها ويصلّون من أجل أن يقبلها المسيح ويغفر ذنوبهم وذنوبها.
هذا الأسلوب اتبعه كل من سلط نفسه رقيباً على عقائد الناس على مر التاريخ، فعلها الإسبان الكاثوليك وقت محاكم التفتيش، وفعلتها الكنيسة في أوروبا مع العلماء ومع خصومها السياسيين، بل فعلها الأميركان أنفسهم في الخمسينيات ولكن بإرهاب أيديولوجي لا عقائدي أثناء الهجمة الشرسة للمكارثية، حيث كانت تهمة الشيوعية سيفاً مصلتاً على أعناق المفكرين والمشاهير في أميركا.
فأفضل طريقة للفوز بأي معركة فكرية أو اجتماعية أو حتى اقتصادية أن تضع خصمك في خانة المهرطق الكافر العدو لدين الله (أو الخائن المعادي للوطن المحب للشيوعية مثلما حدث في أميركا)، فبذلك لا تحتاج إلى تقديم أي حلول أو ضمانات حقيقية لمشروعك ولا تحتاج إلى أي مجهود لإثبات نظرياتك، فبالنسبة للعامة أنت كافر ومهرطق ومزدرٍ للأديان، فحتى إن كنت على صواب فلن يستمع إليك أحد.
هذا الأسلوب ليس ببعيد عن تاريخنا الإسلامي، فحين ظهر الخوارج وكفّروا الجميع، بمن فيهم الإمام علي، فعلوا ذلك باستخدام كتاب الله، وقاموا بالمذابح والمجازر والفظائع وهم الحافظون لكتاب الله.
رغم من أن أسلوبهم وطريقتهم كانا بعيدين كل البعد عن الصواب والدين وحتى عن الممارسة السياسية الصائبة، فإن ذلك لم يكن مهماً، ماداموا يلتحفون بغطاء ديني ويرددون آيات القرآن ويزايدون على الإمام علي نفسه، حتى إن الإمام علي بعد خطبته في جمع من الناس إبّان الفتنة الكبرى، هتف عليه جمع منهم "الله أكبر"، فقال علي: "كلمة حق يراد بها باطل"، وكانوا هم ممن أجبروا علياً على قبول خديعة التحكيم بكتاب الله بعد رفعه على أسنة الرماح.
ربما تعتقد أن ما أقوله هنا عبارة عن ذكريات من تاريخ سحيق، ولكن يا عزيزي نحن نتعرض لهذا الابتزاز الديني بشكل يومي.
فبعد الثورة وخروج الكثير ممن تكلموا باسم المشروع الإسلامي، كان هؤلاء يُسكتون معارضيهم عند الخلاف بعبارات مثل "ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته؟" أو "إزاي أنت معترض على الشريعة؟ كيف تعترض على شرع الله؟"، فكان الكثير من الشباب يتردد أمام هذه الاتهامات، فهو في نفس وضع المتهمات بالشعوذة فإما الغرق أو الحرق، فلا يجرؤ شاب أن ينكر الشريعة الإسلامية، فالتكفير والخروج من الملة جاهز واتهامه بأوصاف مثل علماني، كافر، ليبرالي، فاجر، موجود، وإذا قبلها فلا معنى لمعارضته للإخوان والسلفيين.
ولكنك يا عزيزي الشاب لست مجبراً على قبول هذه الخيارات، فلا السلفيون احتكروا الشريعة ولا "الإخوان" حراس لها، يجب أن تدرك في قرارة نفسك أن هذه الأسئلة المصوغة في صورة اتهامات يجب أن ترتد على سائليها.
اسأل من يتشدقون بالشريعة عن إعلامهم المليء بالخوض في الأعراض ونشر الأكاذيب والافتراء على الناس، اسألهم عن خطب شيوخهم المليئة بالكراهية والعنصرية والسب واللعن، اسألهم عن انحيازهم إلى الباطل في كل موقف سياسي بعد الثورة، وكيف استأسدوا الآن وقد كانوا كالقطط الأليفة أيام مبارك، ولم يتعهدوا بالموت من أجل الشريعة (المستخدمة بصورة مطاطة)، إلا بعد أن داسوا على جثث الشباب الذين اتهموهم في عرضهم ودينهم ووطنيتهم.
أي شريعة ونحن نرى الخلاف بين أقطاب التيارات الإسلامية وصل إلى حد أن كفّر بعضهم بعضاً واتهم بعضهم بعضاً بالكذب وعدم الأمانة والفساد؟
أي شريعة؟ أي نموذج للمشروع الإسلامي تريدون تطبيقه؟ ما هي المواد التي تريدون إضافتها إلى القانون غير مواد المنع والتضييق؟ فبالنسبة لهم الشريعة تدور حول الكلام في منع الخمر وتطبيق الحدود، وكأننا في مصر نرى الناس يزنون ويسكرون عياناً بياناً في عز الظهر.
لماذا لا يطبق الإسلاميون الذين وصلوا إلى الحكم والدول الإسلامية التي تساندهم فرض إخراج زكاة الركاز، وهو إخراج عشرين في المئة من خراج الأرض من معادن وبترول وخلافه وتوزع على الفقراء، وذلك كفيل بالقضاء على الفقر في جميع الدول الإسلامية، لكن ذلك غير مهم، فالتركيز على لبس المرأة والخمر والحدود، هو بلا شك أهم كثيراً.
ثم يأتون بصلفهم وبذاءتهم وكذبهم ونقضهم للعهود ويتكلمون عن الشريعة.
عزيزي الشاب لا تدع أحداً يبتزك بآيات من القرآن يخرجها عن سياقها، فيجعلك تشعر أن إسلامه أفضل من إسلامك، لا تعطِه الفرصة أن يضعك أمام آيات مثل: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، أو "أولئك هم الظالمون" أو "أولئك هم الفاسقون".
فلا هم حكموا بما أنزل الله، ولا هم أرونا مثالاً يحتذى به في الحوار والحديث والأخلاق، من الآخر كده المفروض ألا يُستأمن هؤلاء على تطبيق شريعة لا يفهمونها ولا يعملون بها ولا يطبقونها على كبرائهم قبل صغارهم.
وتذكر أن أشهر مَن تشدق بهذه الآيات زيد بن حصن الطائي الذي خطب في الخوارج في بيته وخرجوا بعدها ليُعملوا القتل والتكفير والتعذيب في خلق الله.
حين يأتي أحدهم ويزنقك بمقولة: "ماذا رأيت من شريعة الله حتى تكرهه؟"، قل له: للأسف رأيتك ورأيت أخلاقك التي ليست لها علاقة بشريعة الله، نحن لا نكره الله ولا نستطيع، نحن فقط لا نطيقكم.
http://www.aljarida.com/news/index/2012595820/كيف-تواجه-الابتزاز-الديني؟
عزيزي الشاب لا تدع أحداً يبتزك بآيات من القرآن يخرجها عن سياقها، فيجعلك تشعر أن إسلامه أفضل من إسلامك، لا تعطِه الفرصة أن يضعك أمام آيات مثل: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، أو "أولئك هم الظالمون" أو "أولئك هم الفاسقون".
كان هؤلاء يُسكتون معارضيهم عند الخلاف بعبارات مثل "ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته؟" أو "إزاي أنت معترض على الشريعة؟ كيف تعترض على شرع الله؟"، فكان الكثير من الشباب يتردد أمام هذه الاتهامات
الثلاثاء 09 أبريل 2013
http://aljarida.com/files/editors/preview/1362929853768207600.jpg (http://www.aljarida.com/editors/index/2116/باسم-يوسف)
كتب المقال: باسم يوسف (http://www.aljarida.com/editors/index/2116/باسم-يوسف)
في أميركا حتى القرن الثامن عشر كان إذا أشيع عن امرأة أو فتاة أنها ساحرة أو مشعوذة، تخرج القرية كلها لمطاردتها ومحاكمتها، وأمام المحكمة لابد أن تمر الساحرة بالاختبار المقدس الذي يثبت إن كانت مشعوذة أم لا، فكانوا يربطونها بحجر ثقيل ثم يرمون بها في النهر، فإذا طفت إلى السطح فهي لاشك ساحرة واستخدمت قوى الشر السفلية لإنقاذ نفسها، وفي هذه الحالة تَثبت عليها التهمة فيقتلونها حرقاً بتهمة الشعوذة، أما في حالة غرقها، وهو المتوقع طبعاً، فإن أهل القرية يدركون أنهم أخطأوا في حقها ويصلّون من أجل أن يقبلها المسيح ويغفر ذنوبهم وذنوبها.
هذا الأسلوب اتبعه كل من سلط نفسه رقيباً على عقائد الناس على مر التاريخ، فعلها الإسبان الكاثوليك وقت محاكم التفتيش، وفعلتها الكنيسة في أوروبا مع العلماء ومع خصومها السياسيين، بل فعلها الأميركان أنفسهم في الخمسينيات ولكن بإرهاب أيديولوجي لا عقائدي أثناء الهجمة الشرسة للمكارثية، حيث كانت تهمة الشيوعية سيفاً مصلتاً على أعناق المفكرين والمشاهير في أميركا.
فأفضل طريقة للفوز بأي معركة فكرية أو اجتماعية أو حتى اقتصادية أن تضع خصمك في خانة المهرطق الكافر العدو لدين الله (أو الخائن المعادي للوطن المحب للشيوعية مثلما حدث في أميركا)، فبذلك لا تحتاج إلى تقديم أي حلول أو ضمانات حقيقية لمشروعك ولا تحتاج إلى أي مجهود لإثبات نظرياتك، فبالنسبة للعامة أنت كافر ومهرطق ومزدرٍ للأديان، فحتى إن كنت على صواب فلن يستمع إليك أحد.
هذا الأسلوب ليس ببعيد عن تاريخنا الإسلامي، فحين ظهر الخوارج وكفّروا الجميع، بمن فيهم الإمام علي، فعلوا ذلك باستخدام كتاب الله، وقاموا بالمذابح والمجازر والفظائع وهم الحافظون لكتاب الله.
رغم من أن أسلوبهم وطريقتهم كانا بعيدين كل البعد عن الصواب والدين وحتى عن الممارسة السياسية الصائبة، فإن ذلك لم يكن مهماً، ماداموا يلتحفون بغطاء ديني ويرددون آيات القرآن ويزايدون على الإمام علي نفسه، حتى إن الإمام علي بعد خطبته في جمع من الناس إبّان الفتنة الكبرى، هتف عليه جمع منهم "الله أكبر"، فقال علي: "كلمة حق يراد بها باطل"، وكانوا هم ممن أجبروا علياً على قبول خديعة التحكيم بكتاب الله بعد رفعه على أسنة الرماح.
ربما تعتقد أن ما أقوله هنا عبارة عن ذكريات من تاريخ سحيق، ولكن يا عزيزي نحن نتعرض لهذا الابتزاز الديني بشكل يومي.
فبعد الثورة وخروج الكثير ممن تكلموا باسم المشروع الإسلامي، كان هؤلاء يُسكتون معارضيهم عند الخلاف بعبارات مثل "ماذا رأيتم من الله حتى تكرهوا شريعته؟" أو "إزاي أنت معترض على الشريعة؟ كيف تعترض على شرع الله؟"، فكان الكثير من الشباب يتردد أمام هذه الاتهامات، فهو في نفس وضع المتهمات بالشعوذة فإما الغرق أو الحرق، فلا يجرؤ شاب أن ينكر الشريعة الإسلامية، فالتكفير والخروج من الملة جاهز واتهامه بأوصاف مثل علماني، كافر، ليبرالي، فاجر، موجود، وإذا قبلها فلا معنى لمعارضته للإخوان والسلفيين.
ولكنك يا عزيزي الشاب لست مجبراً على قبول هذه الخيارات، فلا السلفيون احتكروا الشريعة ولا "الإخوان" حراس لها، يجب أن تدرك في قرارة نفسك أن هذه الأسئلة المصوغة في صورة اتهامات يجب أن ترتد على سائليها.
اسأل من يتشدقون بالشريعة عن إعلامهم المليء بالخوض في الأعراض ونشر الأكاذيب والافتراء على الناس، اسألهم عن خطب شيوخهم المليئة بالكراهية والعنصرية والسب واللعن، اسألهم عن انحيازهم إلى الباطل في كل موقف سياسي بعد الثورة، وكيف استأسدوا الآن وقد كانوا كالقطط الأليفة أيام مبارك، ولم يتعهدوا بالموت من أجل الشريعة (المستخدمة بصورة مطاطة)، إلا بعد أن داسوا على جثث الشباب الذين اتهموهم في عرضهم ودينهم ووطنيتهم.
أي شريعة ونحن نرى الخلاف بين أقطاب التيارات الإسلامية وصل إلى حد أن كفّر بعضهم بعضاً واتهم بعضهم بعضاً بالكذب وعدم الأمانة والفساد؟
أي شريعة؟ أي نموذج للمشروع الإسلامي تريدون تطبيقه؟ ما هي المواد التي تريدون إضافتها إلى القانون غير مواد المنع والتضييق؟ فبالنسبة لهم الشريعة تدور حول الكلام في منع الخمر وتطبيق الحدود، وكأننا في مصر نرى الناس يزنون ويسكرون عياناً بياناً في عز الظهر.
لماذا لا يطبق الإسلاميون الذين وصلوا إلى الحكم والدول الإسلامية التي تساندهم فرض إخراج زكاة الركاز، وهو إخراج عشرين في المئة من خراج الأرض من معادن وبترول وخلافه وتوزع على الفقراء، وذلك كفيل بالقضاء على الفقر في جميع الدول الإسلامية، لكن ذلك غير مهم، فالتركيز على لبس المرأة والخمر والحدود، هو بلا شك أهم كثيراً.
ثم يأتون بصلفهم وبذاءتهم وكذبهم ونقضهم للعهود ويتكلمون عن الشريعة.
عزيزي الشاب لا تدع أحداً يبتزك بآيات من القرآن يخرجها عن سياقها، فيجعلك تشعر أن إسلامه أفضل من إسلامك، لا تعطِه الفرصة أن يضعك أمام آيات مثل: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، أو "أولئك هم الظالمون" أو "أولئك هم الفاسقون".
فلا هم حكموا بما أنزل الله، ولا هم أرونا مثالاً يحتذى به في الحوار والحديث والأخلاق، من الآخر كده المفروض ألا يُستأمن هؤلاء على تطبيق شريعة لا يفهمونها ولا يعملون بها ولا يطبقونها على كبرائهم قبل صغارهم.
وتذكر أن أشهر مَن تشدق بهذه الآيات زيد بن حصن الطائي الذي خطب في الخوارج في بيته وخرجوا بعدها ليُعملوا القتل والتكفير والتعذيب في خلق الله.
حين يأتي أحدهم ويزنقك بمقولة: "ماذا رأيت من شريعة الله حتى تكرهه؟"، قل له: للأسف رأيتك ورأيت أخلاقك التي ليست لها علاقة بشريعة الله، نحن لا نكره الله ولا نستطيع، نحن فقط لا نطيقكم.
http://www.aljarida.com/news/index/2012595820/كيف-تواجه-الابتزاز-الديني؟