على
02-01-2005, 10:06 AM
هناك شياطين من الانس أصعب من شياطين الجن وعلى الناس الحذر
هناك مثل شعبي يقول: «رزق الهبل على المجانين»، وتبدو الحقيقة أن «رزق الدجالين.. على المشاهير» فاللجوء إلى الدجالين لم يعد مقصوراً على البسطاء، وإنما تخطاهم إلى طبقات أخرى من المشاهير كالفنانين والإعلاميين ورجال وسيدات الأعمال الكبار والمثقفين.. فالعلم لم يعد يقنع هؤلاء، والطب بات وسيلة لا تحقق غايتهم، لذلك يلجأون إلى أشخاص هم في نظرهم شيوخ مبروكون.
في هذا الحوار نلتقي مع ساحر الفنانات والمشاهير الذي اعتزل السحر والشعوذة وتاب إلى الله توبة نصوحا، وأدى فريضة الحج عسى أن يتقبل الله توبته.. حيث يعترف بحكايته في عالم السحر والشعوذة سواء منه أو من الدجالين الآخـرين، ويقدم نصائحه للناس بألا ينجرفوا في هذا العالم لأنه وهم وليس فيه شيء من الحقيقة وكله «نصب في نصب» ويدعوك إلى قراءة هـذا الحوار لتكتشف بنفسك أساليب خداع الدجالين المختلفة لنصب شباكهم على الضحايا لابتزاز أموالهم.
> كذب المنجمون ولو صدقوا، أو صدفوا ـ متى صدقتها؟ وإلى أي مدى؟ قبل أو بعد التوبة؟
ـ أنا مؤمن ومصدق بها في كل وقت قبل توبتي وبعدها.. ولكن ظروف حياتي التي سبق أن شرحتها ووسوسة الشيطان هما السبب في سلوكي هذا الطريق.
سأروي لك قصة قصيرة تؤكد هذا المعنى: تزوج رجل اسمه عصفور امرأة اسمها جرادة، وكانا يعيشان عيشة الفقر، الأمر الذي كدر جرادة كثيراً، فقالت لزوجها عصفور: اذهب ودبر لك شغلاً حسناً ترزق منه خيراً كثيراً، لأن المعيشة التي نحن فيها سيئة للغاية.
فقال لها: يصعب أن أخالف رغبتك، ولكني أجد الأمر صعباً. والعمل غير ميسر لدي الآن، وربما مع الأيام نحصل على الخير الوفير، لأن من صبر ظفر، والأمور مرهونة بأوقاتها.
فقالت له: إن سمعت مني تجد عملا حسناً، غير أن ذلك يلزمه فصاحة في اللسان، وصمود في العمل.
فقال لها: وما هذا العمل الذي يشترط فيه كلام كثير؟
أجابته: هو أن تعمل منجماً، وتدعي أنك تعلم الغيب، ولا تظن أن ذلك غير ممكن، ولكي تفعل ذلك، تأخذ هذه السبحة وتنادي بصوت جهوري وتقول: أكشف الغيب وأعرف البخت، فمن قصدك وسألك شيئاً مال قلبه فيه، قل له ما يتراءى لك، ولا تظن أن أحداً يعترضك في ذلك!.
فسلم عصفور أمره لله وأخذ السبحة، وخرج يمشي في الحواري والأزقة، وينادي بأعلى صوته «منجم يعرف الغيب، ويكشف الأسرار، ويعمل الأعمال العجيبة»، ولم يزل يمشي من حارة إلى حارة، ومن بلد إلى بلد، حتى وصل إلى شارع واسع. وكان في هذا الشارع قصر الملك، فلما وصل إلى القصر، تصادف وجود الملك مع الملكة في تلك الساعة! وكانت الملكة حبلى، فقالت: هيا بنا نحضر هذا الرجل ونسأله إذا كان يعرف الغيب حقيقة أم لا؟
فلما حضر المنجم بين يدي الملك سأله: هل أنت منجم تعرف الغيب؟ أجابه: نعم أعرف ذلك. فقال له الملك: أخبرني هل ستلد الملكة إبناً أم بنتاً؟
احتار عصفور في أمره ماذا يجيب ! فصار يعد حبوب السبحة ويقول صبي.. بنت حتى انتهى على آخرها، فجاءت آخر حبة «بنتا»، فأعاد العدد مرة ثانية فجاءت آخر حبة «صبيا». فوقع في مأزق وأخذ يفكر. فقال له الملك: تكلم ماذا ظهر لك؟ فقال المنجم: ظهر لي أنها ستلد «صبيا بنتا» وهو كلام مبهم. فقال: عرفنا ذلك! أكشف لي هل ستلد في الطابق الأعلى أو في الطابق الأسفل؟
أخذ عصفور السبحة وصار يعد ويقول.. ستلد فوق.. ستلد تحت، وأخذ يكرر هذا حتى انتهى على آخرها. فقال له: تلد فوق تحت. فقال الملك لمن حوله: خذوا هذا الرجل وأبقوه تحت الحفظ حتى تلد الملكة. فإن صدق في قوله أكرمناه وأحسنا إليه، وإن لم يصدق نجازيه بالجلد على كذبه ـ بما يستحق تأويباً له وعبرة لغيره.
أخذ الحراس عصفور ووضعوه تحت المراقبة، وهو يفكر ماذا يفعل. وذات يوم كانت الملكة في الطابق الأسفل، فأتاها المخاض فولدت ولداً قبل أن يتمكنوا من حملها إلى فوق. وحينما طلعت الطابق الأعلي ولدت بنتاً! وبذلك تحقق كلام عصفور الذي قاله ببديهته من دون معرفة، ولكن حكمة الله اقتضت ذلك. ففرح الملك وأحضر عصفوراً لديه ولاطفه، وأنعم عليه بمال وافر، وقال له: ستقيم عندي، وإذا احتجنا إلى شيء سألناك عنه.
عجائب الصدف
ساء ذلك عصفور لعلمه أن المسألة جاءت عفواً وخاف إذا سئل عن شيء بعد ذلك ولم يجب أن يقع تحت طائلة العذاب، وصار يفكر في حيلة يخرج بها من قصر الملك. وصار يترقب الفرصة إلى أن خرج الملك يوماً في الصباح الى الحمام. وبعد ذهابه ببرهة وجيزة تبعه عصفور ودخل عليه مسرعاً من دون إذن صاحب الحمام، وكان الملك لم يرفع ثيابه عنه. فمسك به عصفور، وقال له: أخرج يا مولاي حالاً. عجل بالخروج من هذا المكان، اسرع لا تبطئ، لا تتأخر. وسحبه من ياقته إلى الخارج.
تعجب الملك من فعله ولم يتمكن من سؤاله، وكان قصد عصفور من ذلك أن يظهر نفسه مجنوناً أمام الملك فيطرده «ولكن جاء الأمر بخلاف ذلك، لأنهما بعد بضع خطوات سقط الحمام على من فيه. تعجب الملك كل العجب، وظن أن عصفوراً ما قصد بإخراجه من الحمام إلا نجاته من الموت فضاعف له الأجر، وضاعف له الإكرام، وأنزله أحسن مكان، وأمر أن يقوموا بخدمته أحسن قيام، وصرح له بالدخول عليه في أي وقت أراد، وأن يطلب منه ما يريد ويرغب.
فطاب العيش لعصفور، وأرسل لامرأته مالاً وافراً، ونسي حالته الأولى، ورغب في الإقامة بقصر الملك بعد أن كان خائفاً من ذلك.
وفي أحد الأيام كان الملك واقفاً أمام شباك القصر يستنشق رائحة الزهور، ويشاهد تلاعب الطيور، وإذا بعصفور (طائر) يطارد جرادة، فاضطرت الجرادة أن تدخل كم الملك والعصفور وراءها. أمسك الملك كمه وهما في داخله، وإذا بعصفور المنجم داخل عليه فرحاً مسروراً، فقال له الملك: جئت حين الحاجة إليك. أخبرني بالحال ما الذي داخل كمي؟ إن عرفت أجزلت عطاءك، وأحسنت جزاءك، وإن لم تعرف لا يكون لك إلا القتل العاجل.
خاف عصفور واضطربت أفكاره وتغيرت أحواله، ورأى الموت نصب عينيه ونسي العز الذي هو فيه، والكرامة التي حصلت له.
فلما رآه الملك توقف عن الجواب، قال له: لماذا لا تجيب؟ تكلم في الحال وإلا قتلتك من دون إهمال.
فتحير عصفور، وقال: ايها الملك لا أقول لك إلا جملة واحدة هي« لولا جرادة ما وقع عصفور» وهو يعني امرأته جرادة التي أوقعته، فظن الملك أنه عرف تماماً أن العصفور الذي في كمه لو لم يطارد الجرادة لما وقع في الأسر. فجاء قوله مطابقاً كل المطابقة لحقيقة الحال.
تعجب الملك من ذلك وأخرج الجرادة والعصفور من كمه، وقال له: حقيقة أنك تعرف الغيب ولا يمكن لأحد أن ينازعك في ذلك! لأنك عرفت أن الملكة تلد ولداً وبنتاً وعرفت أن الحمام على وشك السقوط فأسرعت وأنجيتني منه. والأغرب من هذا كله عرفت كيف أنه لولا جرادة ما وقع العصفور! وكان ذلك كما رأيت بعيني، ومن حيث أن كل شيء وقع كما أخبرت عنه، فاطلب مني ما تريد، بشرط أن تُقيم هنا بالقصر.
فقال عصفور للملك: أرجوك أن تسمح لي أن أذهب إلى بيتي لكي أعيش مع امرأتي.
فأنعم عليه الملك بمال وافر وخير كثير، وذهب الي جرادته هادئ البال.
وإلى هنا يمكن القول «كذب المنجمون ولو صدقوا أو صدفوا».
قارئة الفنجان
> وماذا عن قارئة الفنجان؟
ـ ذهبت مرة لزيارة الشيخة «قارئة الفنجان»، فلما دخلت عليها قابلتني بكل احترام وقالت لي: «اجلس يا شيخ هذا يوم عيد لنا لأنك شرفتنا في منزلنا»، وجلست على فرو صوف.
وبادرتها قائلا: أتيت إليك في أمر مهم. قالت: خير. قلت لها: «انتي بتشوفي الأتر. أم بتقرئي الفنجان؟». قالت: «مش أنا دي الست الكبيرة اللي بتشوف الأتر والفنجان مع بعض»، فقلت لها: وأين هي؟، فأجابت: «الست الكبيرة..! فيه حد ميعرفش الست الكبيرة؟! الست الكبيرة بتحضر على جسمي وتتكلم بلساني»
وسألتها: في أي وقت تحضر؟
قالت: «أنا اللي بحكم عليها أحضرها في أي وقت أشاء».
أخرجت من جيبي منديلين: الأول لأنثى تبلغ من السن 67 عاما والمنديل الثاني منديلي أنا. أخذت الدجالة مني المنديلين وبقيت تشم كل منديل على حدة كما يشم كلب الشرطة أثر الجريمة، ثم تركتني وخرجت. وبعد قليل عادت ومعها مبخرة من النحاس. أشعلت الفحم في المبخرة، وأطلقت البخور، وبعد حوالى ربع الساعة، تغيرت ملامحها، وخبطت بيدها على الأرض ثم قالت: «سعيدة». أجبتها: سعيدة مبارك. فقالت: اسمع يا شيخ.. هات منديل الست. أخذته وقالت: أبكر أم متزوجة؟، أجبتها إنها بكر، فشمت المنديل وقالت: «يا خسارة كل ما يجي عريس يخطبها يخرج ولا يرجع ثاني.. غلبانة حظها أسود من أرن (قرن) الخروب.. مسكينة معمول لها سبعة أعمال كل عمل في مكان.
... لا. لا. لا تتجوز الآن، لسه بدري».
فقلت لها: «يعني إمتى كده؟»، قالت: «بعد هذا سر سهر» (تقصد أحد عشر شهرا)
ثم قالت: تعرف تكتب كتوبا؟ فأجبتها: إيه يعني كتوبا؟ وكانت ابنتها بجواري فقالت: بتقولك إنت بتعرف تكتب؟، فقلت: طبعا. فقالت الشيخة: «دهز هلم وورطة». فقالت ابنتها: بتقولك جهز قلم وورقة. جهزت قلما وورقة فهمهمت: «فرجة همرة، وفرجة هودة، وفرجة دمئية، وديد أهمر تبير، وتدي هود سدير، وهشر سمهات طبار، وهشرة تردم مكس، وهسرة تردم ما ترد، وتيد تومي تبير، وديل هنا، مهاك تلات هيام، تأضر فيها الهادات، وتدبهم هنا، هلسان نهمل لها رده، ونفت لها الاهمال».
وبعد هذه الهمهمة انتفضت أكثر من مرة، ورجعت إلى حالتها الطبيعية، ثم قالت: «اياك تقول الست خدمتك؟».
فقلت لها: «طبعا، لكن الأشياء اللي طلبتها مش فاهم منها حاجة»، فقالت بنتها: «أنا أفسرها لك.. فرجة همرة (فرخة حمرة) وفرجة هودة (فرخة سوداء) فرجة دمئية (فرخة جمعية يعني من كل لون) وتديد أهمد تبير (ديك أحمر كبير) وتدي هسور سدير (جدي أسود صغير) وهشر سمهات طبار (عشر شمعات كبار) وهشرة تردم مكس (عشرة درهم مسك) وهشرة تردم ما ترد (عشرة درهم ماء ورد) وتيد تومي تبير (ديك رومي كبير) وديله هنا (كيلو حنا) مهاك ثلاث هيام (معاك ثلاثة أيام) تأضر فيها الهادات (تحضر فيهم الحاجات) وتدبهم هنا (وتجيبهم هنا) هلسان نهمل لها رده (علشان نعمل لها رضوة) ونفت لها الأهمال (ونفك لها الأعمال).
أجلت الحكم عليها قليلا حتى ترى منديلي.
وبعد قليل حضرت إلى مساعدتها، ومعها فنجان من القهوة وقالت: اتفضل اشرب هذا الفنجان، فقلت لها: المنديل لا يخصني، ولكنه خاص بزميل لي في العمل، فذهبت إلى سيدتها ورجعت وقالت: «تقولك اشرب الفنجان على نيته هو»، فشربت الفنجان.
وبعد قليل حضرت الست قارئة الفنجان، وجلست ثم تثاءبت وتمطعت، ووضعت على وجهها طرحة بيضاء، وأخذت الفنجان، وأخذت تنظر فيه ثم قالت: «صاحب هذا المنديل كم عمره؟، قلت لها: 22 سنة تقريبا، فقالت: هل هو متزوج؟ فقلت لها: لا. فقالت: مريض. فقلت لها: لا، فقالت: أمال أنت عايز أشوف له إيه؟، فقلت لها: لقد خرج منذ شهرين ولم نعرف له مكانا، فنظرت في الفنجان، وقالت: «بتشتموه ليه؟ أهه زعل وسابكم وطفش، وهو حاليا موجود عند أحد التجار في مدينة بور سعيد، وسيحضر لكم بعد سبعة أيام بعد العصر، بس أوعوا تزعلوه منكم تاني».
فقلت لها: أسافر لكي أحضره؟ قالت: لا لأنك لا تعرف مكانه، لأنك لو سافرت، هو سوف يراك وأنت لا تراه، فأنا سأسهر عليه لمدة خمسة أيام حتى أحضره لك، بس على شرط لا يغضبه أحد!
فقلت لها: أخبريني عن حالته حاليا، هل هو تعبان أم مستريح؟ فقالت: إنه حاليا يأكل فولا مدمسا مضافا اليه البيض وسمك ورز، يرتدي بنطلونا وقميصا مقلما ومبسوط وفرحان ومعه مبلغ 135 جنيها.
وهنا انتهت من قراءة الفنجان، ولكني لم أتركها! فقلت لها: أنا صاحب المنديل، فبهتت ولم تتكلم، وقالت: لماذا تفعل ذلك؟ فقلت لها: لكي اختبرك هل تعرفين أم لا؟ فقالت: خليها في سرك أنا امرأة تربي أيتاما، هذا أحسن من ان اتجه الى الانحراف وممارسة الرذيلة!
فلم أرد عليها وخرجت من عندها وأنا ساخط عليها وعلى أمثالها وهكذا تكون حيل النصب، والدجل، والاحتيال، على مئات الضحايا وضعاف النفوس الذين وقعوا في شباك الدجالين.
بيت العفاريت
ويستطرد الشيخ مبروك حديثه فيقول: هناك حكايات كثيرة عن أماكن يسكنها الجان ويهرب الناس من دخولها حتى لا يؤذيهم، ولكنها في الحقيقة حكايات من صنع البشر.
ومن هذه الخرافات حكاية منزل مسكون بالجن. فقد توفي رجل في بلدة من عهد غير بعيد، وترك بيتا جميلا، وكان ذلك البيت متسع الأرجاء كثير الغرف مزينا بالنقوش والزخارف البديعة الشكل، اللطيفة المنظر، وفي صحن الدار نافورة من المرمر لطيفة الصنع، وعلى دائرها جملة تماثيل مختلفة الأشكال والألوان والمياه تتدفق من أفواهها.
ولم يكن لذلك الرجل ولد يرثه، فأصبح ذلك البيت من بعد وفاة صاحبه خاويا من الناس خاليا من الإنس، فاتفق أقاربه على بيعه، وكانت آمالهم عظيمة في أنه يساوي مبلغا وفيرا، وما ان أعلنوا خبر بيعه حتى أشيع أنه مسكون بالجن، وداخله عفريت، وامتدت هذه الإشاعة في البلد حتى صارت حديث الناس في سمرهم، وإن خالف أحد هذا الاعتقاد وذهب ناحية البيت فانه لا يعود إلا معتقدا بأن البيت فيه مارد وشياطين! فابتعد الناس عن شرائه، وخاف الورثة سوء العاقبة، خصوصا بعد أن تقدم أحد الناس لشرائه، ودفع فيه ثمنا لا يساوي ربع ثمنه.
وقبل أن يستلم الورثة هذا المبلغ حضر شاب شجاع سمع بخبر البيت، وما يقوله الناس عنه، وكان من الذين لا يبالون بأمر الجن ولا يخافون من العفاريت، فقابل الورثة، وطلب منهم مبلغا من المال، وتكفل لهم بطرد الجن ومسك العفريت أو طرده!
قبلوا منه ذلك وأعطوه نصف الأجر تحت الحساب، وعند المساء ذهب ذلك الشاب وأخذ معه مسدسا يستعين به وقت الحاجة، ولما وصل البيت استراح قليلا وبعد إطفاء الشمعة نام. وبعد قليل شعر بأن يدا تسحب الغطاء عنه، فأمسك بها بكل قوته وقال: من الذي يشد الغطاء؟ من الذي يشد الغطاء؟
قال: أنا عفريت ولازم آخذ منك اللحاف، وإلا لبست جسمك.
فما كان من الشاب إلا أنه صبر قليلا ثم ترك الغطاء بغتة، فانقلب العفريت الذي كان يغالبه على قفاه، فقام الشاب، وركب على صدره، ووجه المسدس إلى رأسه وقال له: أخبرني من أنت وإلا خطفت روحك.
فخاف منه، وقال له: أتركني وسوف أخبرك. ما أنا عفريت ولا جن بل أنا مثلك إنس لا أختلف عنك إلا بقبح منظري.
فتركه وأوقد الشمعة لينظر من هو، فرآه رجلا قبيح المنظر، كأن عينيه تقدحان شررا، قال له: أخبرني ما سبب وجودك في هذا المكان؟
فقال: الضرورة هي التي أجبرتني لأني رجل فقير الحال عديم الكسب، وعندي أسرة كبيرة لا يعولها أحد غيري، فقصدت رجلا لكي يدبر لي عملا أعيش منه، فأمرني بأن أحضر كل ليلة إلى هذا البيت لأقيم فيه، وأوصاني إذا شعرت بدنو أحد من أهله أصفق بيدي، وأضرب على صفيحة أعددتها لهذه الغاية، وإذا رأيته جسورا ولم يعبأ بذلك أطلق الماء دفعة واحدة فتخرج من أفواه التماثيل عموما. وأقف فوق النافورة وأصرخ بأصوات تخيفه.
وقد كنت أفعل ذلك مقابل عشرين قرشا عن كل ليلة، ولا تسأل كم كنت مسرورا بهذا العمل الذي خفف عني وطأة الفقر، ولما كنت أسمع في النهار عن الجن كنت أضحك في نفسي، وأطلب من الله أن يبقي العالم في غفلة لتدوم هذه الحالة، ولكن مع الأسف كانت المدة قصيرة.
فلما سمع الشاب كلامه ساقه أمامه وقدمه للورثة وقص عليهم حكايته، فظهر لهم أن الرجل الذي كان يستأجره هو الذي تقدم ليشتري البيت، ودفع فيه ثمنا بخسا.
وشاعت الأخبار، وعرف الناس عموما أن مسألة الجن هي حديث خرافة، وتقدم جماعة واشتروا البيت وعملوه مدرسة ثم صار بيتا للعلوم.
(انتهى)
أتيت الكبـائـر
> بعد كل ما حكيت كيف ترى نفسك؟ وماذا جنيت؟
ـ لقد ارتكبت كل الكبائر مع بعض الحسناوات من اللائي يترددن علي واستطعت خلال سنوات طويلة أن أكوِّن ثروة طائلة وأصبحت أمتلك برجاً في أرقى أحياء القاهرة. لقد حرمني العمل في «السحر» من حريتي الكاملة فقد كنت لا أستطيع الذهاب الى المنتزهات والاماكن العامة حتى لا يراني أحد الزبائن. ومن هنا كنت أسافر في موسم الحج إلى أوروبا أنا وزوجتي وابني الوحيد أسامة وأخبر زبائني أنني أقوم بأداء فريضة الحج.
> ما سبب اقدامك على التوبة؟ وكيف؟
ـ ذات يوم سافر ابني أسامة ووالدته إلى الإسكندرية وبعد سفرهما بأسبوع اتصلت بي زوجتي وأخبرتني أن أسامة قد غرق في مياه العجمي، ولم تستطع شرطة المسطحات المائية العثور على «جثته»، كادت الصدمة تفقدني عقلي وخارت قواي في لحظة وحاولت أن أتماسك وسافرت بسيارتي أنا والسائق الخاص بي إلى الإسكندرية وهناك وجدت زوجتي ترتدي ملابس الحداد وحولها مجموعة من النسوة يشاركنها حزنها، وسألت أصدقاء أسامة الذين كانوا يسبحون معه عما حدث فتأكدت أن ابني قد غرق بالفعل، وأنهم فشلوا في انقاذه على الرغم من محاولاتهم. عقب وفاة ابني توقفت عن العمل في الدجل والسحر وأصبح يعيش داخلي «هاجس» أن غرق ابني وراءه عملي في السحر أو في النهب والاحتيال ومن هنا قاطعت هذه الأعمال وقررت «التوبة» وقمت بأداء فريضة الحج، وأصبحت أفرق بين الحلال والحرام بل أؤدي الصلاة في المسجد.. وأفكر جديا في التنازل عن جميع ما أملك لاتخلص من المعاصي تماما وأقابل ربي بوجه تائب متذلل إليه..
> ما النصيحة التي توجهها إلى الناس بعد هذه التجربة المريرة؟
ـ استعن بالله في كل أمورك، وإذا سألت فاسأل الله.. اجعل الله أمامك في كل ما تفعله، واتق الله في كل حياتك حتى ينجيك من كل سوء بإذنه ومشيئته.
وأخيرا أخي المسلم هناك شياطين من الأنس أصعب من شياطين الجن فكن حذرا منهم.
هناك مثل شعبي يقول: «رزق الهبل على المجانين»، وتبدو الحقيقة أن «رزق الدجالين.. على المشاهير» فاللجوء إلى الدجالين لم يعد مقصوراً على البسطاء، وإنما تخطاهم إلى طبقات أخرى من المشاهير كالفنانين والإعلاميين ورجال وسيدات الأعمال الكبار والمثقفين.. فالعلم لم يعد يقنع هؤلاء، والطب بات وسيلة لا تحقق غايتهم، لذلك يلجأون إلى أشخاص هم في نظرهم شيوخ مبروكون.
في هذا الحوار نلتقي مع ساحر الفنانات والمشاهير الذي اعتزل السحر والشعوذة وتاب إلى الله توبة نصوحا، وأدى فريضة الحج عسى أن يتقبل الله توبته.. حيث يعترف بحكايته في عالم السحر والشعوذة سواء منه أو من الدجالين الآخـرين، ويقدم نصائحه للناس بألا ينجرفوا في هذا العالم لأنه وهم وليس فيه شيء من الحقيقة وكله «نصب في نصب» ويدعوك إلى قراءة هـذا الحوار لتكتشف بنفسك أساليب خداع الدجالين المختلفة لنصب شباكهم على الضحايا لابتزاز أموالهم.
> كذب المنجمون ولو صدقوا، أو صدفوا ـ متى صدقتها؟ وإلى أي مدى؟ قبل أو بعد التوبة؟
ـ أنا مؤمن ومصدق بها في كل وقت قبل توبتي وبعدها.. ولكن ظروف حياتي التي سبق أن شرحتها ووسوسة الشيطان هما السبب في سلوكي هذا الطريق.
سأروي لك قصة قصيرة تؤكد هذا المعنى: تزوج رجل اسمه عصفور امرأة اسمها جرادة، وكانا يعيشان عيشة الفقر، الأمر الذي كدر جرادة كثيراً، فقالت لزوجها عصفور: اذهب ودبر لك شغلاً حسناً ترزق منه خيراً كثيراً، لأن المعيشة التي نحن فيها سيئة للغاية.
فقال لها: يصعب أن أخالف رغبتك، ولكني أجد الأمر صعباً. والعمل غير ميسر لدي الآن، وربما مع الأيام نحصل على الخير الوفير، لأن من صبر ظفر، والأمور مرهونة بأوقاتها.
فقالت له: إن سمعت مني تجد عملا حسناً، غير أن ذلك يلزمه فصاحة في اللسان، وصمود في العمل.
فقال لها: وما هذا العمل الذي يشترط فيه كلام كثير؟
أجابته: هو أن تعمل منجماً، وتدعي أنك تعلم الغيب، ولا تظن أن ذلك غير ممكن، ولكي تفعل ذلك، تأخذ هذه السبحة وتنادي بصوت جهوري وتقول: أكشف الغيب وأعرف البخت، فمن قصدك وسألك شيئاً مال قلبه فيه، قل له ما يتراءى لك، ولا تظن أن أحداً يعترضك في ذلك!.
فسلم عصفور أمره لله وأخذ السبحة، وخرج يمشي في الحواري والأزقة، وينادي بأعلى صوته «منجم يعرف الغيب، ويكشف الأسرار، ويعمل الأعمال العجيبة»، ولم يزل يمشي من حارة إلى حارة، ومن بلد إلى بلد، حتى وصل إلى شارع واسع. وكان في هذا الشارع قصر الملك، فلما وصل إلى القصر، تصادف وجود الملك مع الملكة في تلك الساعة! وكانت الملكة حبلى، فقالت: هيا بنا نحضر هذا الرجل ونسأله إذا كان يعرف الغيب حقيقة أم لا؟
فلما حضر المنجم بين يدي الملك سأله: هل أنت منجم تعرف الغيب؟ أجابه: نعم أعرف ذلك. فقال له الملك: أخبرني هل ستلد الملكة إبناً أم بنتاً؟
احتار عصفور في أمره ماذا يجيب ! فصار يعد حبوب السبحة ويقول صبي.. بنت حتى انتهى على آخرها، فجاءت آخر حبة «بنتا»، فأعاد العدد مرة ثانية فجاءت آخر حبة «صبيا». فوقع في مأزق وأخذ يفكر. فقال له الملك: تكلم ماذا ظهر لك؟ فقال المنجم: ظهر لي أنها ستلد «صبيا بنتا» وهو كلام مبهم. فقال: عرفنا ذلك! أكشف لي هل ستلد في الطابق الأعلى أو في الطابق الأسفل؟
أخذ عصفور السبحة وصار يعد ويقول.. ستلد فوق.. ستلد تحت، وأخذ يكرر هذا حتى انتهى على آخرها. فقال له: تلد فوق تحت. فقال الملك لمن حوله: خذوا هذا الرجل وأبقوه تحت الحفظ حتى تلد الملكة. فإن صدق في قوله أكرمناه وأحسنا إليه، وإن لم يصدق نجازيه بالجلد على كذبه ـ بما يستحق تأويباً له وعبرة لغيره.
أخذ الحراس عصفور ووضعوه تحت المراقبة، وهو يفكر ماذا يفعل. وذات يوم كانت الملكة في الطابق الأسفل، فأتاها المخاض فولدت ولداً قبل أن يتمكنوا من حملها إلى فوق. وحينما طلعت الطابق الأعلي ولدت بنتاً! وبذلك تحقق كلام عصفور الذي قاله ببديهته من دون معرفة، ولكن حكمة الله اقتضت ذلك. ففرح الملك وأحضر عصفوراً لديه ولاطفه، وأنعم عليه بمال وافر، وقال له: ستقيم عندي، وإذا احتجنا إلى شيء سألناك عنه.
عجائب الصدف
ساء ذلك عصفور لعلمه أن المسألة جاءت عفواً وخاف إذا سئل عن شيء بعد ذلك ولم يجب أن يقع تحت طائلة العذاب، وصار يفكر في حيلة يخرج بها من قصر الملك. وصار يترقب الفرصة إلى أن خرج الملك يوماً في الصباح الى الحمام. وبعد ذهابه ببرهة وجيزة تبعه عصفور ودخل عليه مسرعاً من دون إذن صاحب الحمام، وكان الملك لم يرفع ثيابه عنه. فمسك به عصفور، وقال له: أخرج يا مولاي حالاً. عجل بالخروج من هذا المكان، اسرع لا تبطئ، لا تتأخر. وسحبه من ياقته إلى الخارج.
تعجب الملك من فعله ولم يتمكن من سؤاله، وكان قصد عصفور من ذلك أن يظهر نفسه مجنوناً أمام الملك فيطرده «ولكن جاء الأمر بخلاف ذلك، لأنهما بعد بضع خطوات سقط الحمام على من فيه. تعجب الملك كل العجب، وظن أن عصفوراً ما قصد بإخراجه من الحمام إلا نجاته من الموت فضاعف له الأجر، وضاعف له الإكرام، وأنزله أحسن مكان، وأمر أن يقوموا بخدمته أحسن قيام، وصرح له بالدخول عليه في أي وقت أراد، وأن يطلب منه ما يريد ويرغب.
فطاب العيش لعصفور، وأرسل لامرأته مالاً وافراً، ونسي حالته الأولى، ورغب في الإقامة بقصر الملك بعد أن كان خائفاً من ذلك.
وفي أحد الأيام كان الملك واقفاً أمام شباك القصر يستنشق رائحة الزهور، ويشاهد تلاعب الطيور، وإذا بعصفور (طائر) يطارد جرادة، فاضطرت الجرادة أن تدخل كم الملك والعصفور وراءها. أمسك الملك كمه وهما في داخله، وإذا بعصفور المنجم داخل عليه فرحاً مسروراً، فقال له الملك: جئت حين الحاجة إليك. أخبرني بالحال ما الذي داخل كمي؟ إن عرفت أجزلت عطاءك، وأحسنت جزاءك، وإن لم تعرف لا يكون لك إلا القتل العاجل.
خاف عصفور واضطربت أفكاره وتغيرت أحواله، ورأى الموت نصب عينيه ونسي العز الذي هو فيه، والكرامة التي حصلت له.
فلما رآه الملك توقف عن الجواب، قال له: لماذا لا تجيب؟ تكلم في الحال وإلا قتلتك من دون إهمال.
فتحير عصفور، وقال: ايها الملك لا أقول لك إلا جملة واحدة هي« لولا جرادة ما وقع عصفور» وهو يعني امرأته جرادة التي أوقعته، فظن الملك أنه عرف تماماً أن العصفور الذي في كمه لو لم يطارد الجرادة لما وقع في الأسر. فجاء قوله مطابقاً كل المطابقة لحقيقة الحال.
تعجب الملك من ذلك وأخرج الجرادة والعصفور من كمه، وقال له: حقيقة أنك تعرف الغيب ولا يمكن لأحد أن ينازعك في ذلك! لأنك عرفت أن الملكة تلد ولداً وبنتاً وعرفت أن الحمام على وشك السقوط فأسرعت وأنجيتني منه. والأغرب من هذا كله عرفت كيف أنه لولا جرادة ما وقع العصفور! وكان ذلك كما رأيت بعيني، ومن حيث أن كل شيء وقع كما أخبرت عنه، فاطلب مني ما تريد، بشرط أن تُقيم هنا بالقصر.
فقال عصفور للملك: أرجوك أن تسمح لي أن أذهب إلى بيتي لكي أعيش مع امرأتي.
فأنعم عليه الملك بمال وافر وخير كثير، وذهب الي جرادته هادئ البال.
وإلى هنا يمكن القول «كذب المنجمون ولو صدقوا أو صدفوا».
قارئة الفنجان
> وماذا عن قارئة الفنجان؟
ـ ذهبت مرة لزيارة الشيخة «قارئة الفنجان»، فلما دخلت عليها قابلتني بكل احترام وقالت لي: «اجلس يا شيخ هذا يوم عيد لنا لأنك شرفتنا في منزلنا»، وجلست على فرو صوف.
وبادرتها قائلا: أتيت إليك في أمر مهم. قالت: خير. قلت لها: «انتي بتشوفي الأتر. أم بتقرئي الفنجان؟». قالت: «مش أنا دي الست الكبيرة اللي بتشوف الأتر والفنجان مع بعض»، فقلت لها: وأين هي؟، فأجابت: «الست الكبيرة..! فيه حد ميعرفش الست الكبيرة؟! الست الكبيرة بتحضر على جسمي وتتكلم بلساني»
وسألتها: في أي وقت تحضر؟
قالت: «أنا اللي بحكم عليها أحضرها في أي وقت أشاء».
أخرجت من جيبي منديلين: الأول لأنثى تبلغ من السن 67 عاما والمنديل الثاني منديلي أنا. أخذت الدجالة مني المنديلين وبقيت تشم كل منديل على حدة كما يشم كلب الشرطة أثر الجريمة، ثم تركتني وخرجت. وبعد قليل عادت ومعها مبخرة من النحاس. أشعلت الفحم في المبخرة، وأطلقت البخور، وبعد حوالى ربع الساعة، تغيرت ملامحها، وخبطت بيدها على الأرض ثم قالت: «سعيدة». أجبتها: سعيدة مبارك. فقالت: اسمع يا شيخ.. هات منديل الست. أخذته وقالت: أبكر أم متزوجة؟، أجبتها إنها بكر، فشمت المنديل وقالت: «يا خسارة كل ما يجي عريس يخطبها يخرج ولا يرجع ثاني.. غلبانة حظها أسود من أرن (قرن) الخروب.. مسكينة معمول لها سبعة أعمال كل عمل في مكان.
... لا. لا. لا تتجوز الآن، لسه بدري».
فقلت لها: «يعني إمتى كده؟»، قالت: «بعد هذا سر سهر» (تقصد أحد عشر شهرا)
ثم قالت: تعرف تكتب كتوبا؟ فأجبتها: إيه يعني كتوبا؟ وكانت ابنتها بجواري فقالت: بتقولك إنت بتعرف تكتب؟، فقلت: طبعا. فقالت الشيخة: «دهز هلم وورطة». فقالت ابنتها: بتقولك جهز قلم وورقة. جهزت قلما وورقة فهمهمت: «فرجة همرة، وفرجة هودة، وفرجة دمئية، وديد أهمر تبير، وتدي هود سدير، وهشر سمهات طبار، وهشرة تردم مكس، وهسرة تردم ما ترد، وتيد تومي تبير، وديل هنا، مهاك تلات هيام، تأضر فيها الهادات، وتدبهم هنا، هلسان نهمل لها رده، ونفت لها الاهمال».
وبعد هذه الهمهمة انتفضت أكثر من مرة، ورجعت إلى حالتها الطبيعية، ثم قالت: «اياك تقول الست خدمتك؟».
فقلت لها: «طبعا، لكن الأشياء اللي طلبتها مش فاهم منها حاجة»، فقالت بنتها: «أنا أفسرها لك.. فرجة همرة (فرخة حمرة) وفرجة هودة (فرخة سوداء) فرجة دمئية (فرخة جمعية يعني من كل لون) وتديد أهمد تبير (ديك أحمر كبير) وتدي هسور سدير (جدي أسود صغير) وهشر سمهات طبار (عشر شمعات كبار) وهشرة تردم مكس (عشرة درهم مسك) وهشرة تردم ما ترد (عشرة درهم ماء ورد) وتيد تومي تبير (ديك رومي كبير) وديله هنا (كيلو حنا) مهاك ثلاث هيام (معاك ثلاثة أيام) تأضر فيها الهادات (تحضر فيهم الحاجات) وتدبهم هنا (وتجيبهم هنا) هلسان نهمل لها رده (علشان نعمل لها رضوة) ونفت لها الأهمال (ونفك لها الأعمال).
أجلت الحكم عليها قليلا حتى ترى منديلي.
وبعد قليل حضرت إلى مساعدتها، ومعها فنجان من القهوة وقالت: اتفضل اشرب هذا الفنجان، فقلت لها: المنديل لا يخصني، ولكنه خاص بزميل لي في العمل، فذهبت إلى سيدتها ورجعت وقالت: «تقولك اشرب الفنجان على نيته هو»، فشربت الفنجان.
وبعد قليل حضرت الست قارئة الفنجان، وجلست ثم تثاءبت وتمطعت، ووضعت على وجهها طرحة بيضاء، وأخذت الفنجان، وأخذت تنظر فيه ثم قالت: «صاحب هذا المنديل كم عمره؟، قلت لها: 22 سنة تقريبا، فقالت: هل هو متزوج؟ فقلت لها: لا. فقالت: مريض. فقلت لها: لا، فقالت: أمال أنت عايز أشوف له إيه؟، فقلت لها: لقد خرج منذ شهرين ولم نعرف له مكانا، فنظرت في الفنجان، وقالت: «بتشتموه ليه؟ أهه زعل وسابكم وطفش، وهو حاليا موجود عند أحد التجار في مدينة بور سعيد، وسيحضر لكم بعد سبعة أيام بعد العصر، بس أوعوا تزعلوه منكم تاني».
فقلت لها: أسافر لكي أحضره؟ قالت: لا لأنك لا تعرف مكانه، لأنك لو سافرت، هو سوف يراك وأنت لا تراه، فأنا سأسهر عليه لمدة خمسة أيام حتى أحضره لك، بس على شرط لا يغضبه أحد!
فقلت لها: أخبريني عن حالته حاليا، هل هو تعبان أم مستريح؟ فقالت: إنه حاليا يأكل فولا مدمسا مضافا اليه البيض وسمك ورز، يرتدي بنطلونا وقميصا مقلما ومبسوط وفرحان ومعه مبلغ 135 جنيها.
وهنا انتهت من قراءة الفنجان، ولكني لم أتركها! فقلت لها: أنا صاحب المنديل، فبهتت ولم تتكلم، وقالت: لماذا تفعل ذلك؟ فقلت لها: لكي اختبرك هل تعرفين أم لا؟ فقالت: خليها في سرك أنا امرأة تربي أيتاما، هذا أحسن من ان اتجه الى الانحراف وممارسة الرذيلة!
فلم أرد عليها وخرجت من عندها وأنا ساخط عليها وعلى أمثالها وهكذا تكون حيل النصب، والدجل، والاحتيال، على مئات الضحايا وضعاف النفوس الذين وقعوا في شباك الدجالين.
بيت العفاريت
ويستطرد الشيخ مبروك حديثه فيقول: هناك حكايات كثيرة عن أماكن يسكنها الجان ويهرب الناس من دخولها حتى لا يؤذيهم، ولكنها في الحقيقة حكايات من صنع البشر.
ومن هذه الخرافات حكاية منزل مسكون بالجن. فقد توفي رجل في بلدة من عهد غير بعيد، وترك بيتا جميلا، وكان ذلك البيت متسع الأرجاء كثير الغرف مزينا بالنقوش والزخارف البديعة الشكل، اللطيفة المنظر، وفي صحن الدار نافورة من المرمر لطيفة الصنع، وعلى دائرها جملة تماثيل مختلفة الأشكال والألوان والمياه تتدفق من أفواهها.
ولم يكن لذلك الرجل ولد يرثه، فأصبح ذلك البيت من بعد وفاة صاحبه خاويا من الناس خاليا من الإنس، فاتفق أقاربه على بيعه، وكانت آمالهم عظيمة في أنه يساوي مبلغا وفيرا، وما ان أعلنوا خبر بيعه حتى أشيع أنه مسكون بالجن، وداخله عفريت، وامتدت هذه الإشاعة في البلد حتى صارت حديث الناس في سمرهم، وإن خالف أحد هذا الاعتقاد وذهب ناحية البيت فانه لا يعود إلا معتقدا بأن البيت فيه مارد وشياطين! فابتعد الناس عن شرائه، وخاف الورثة سوء العاقبة، خصوصا بعد أن تقدم أحد الناس لشرائه، ودفع فيه ثمنا لا يساوي ربع ثمنه.
وقبل أن يستلم الورثة هذا المبلغ حضر شاب شجاع سمع بخبر البيت، وما يقوله الناس عنه، وكان من الذين لا يبالون بأمر الجن ولا يخافون من العفاريت، فقابل الورثة، وطلب منهم مبلغا من المال، وتكفل لهم بطرد الجن ومسك العفريت أو طرده!
قبلوا منه ذلك وأعطوه نصف الأجر تحت الحساب، وعند المساء ذهب ذلك الشاب وأخذ معه مسدسا يستعين به وقت الحاجة، ولما وصل البيت استراح قليلا وبعد إطفاء الشمعة نام. وبعد قليل شعر بأن يدا تسحب الغطاء عنه، فأمسك بها بكل قوته وقال: من الذي يشد الغطاء؟ من الذي يشد الغطاء؟
قال: أنا عفريت ولازم آخذ منك اللحاف، وإلا لبست جسمك.
فما كان من الشاب إلا أنه صبر قليلا ثم ترك الغطاء بغتة، فانقلب العفريت الذي كان يغالبه على قفاه، فقام الشاب، وركب على صدره، ووجه المسدس إلى رأسه وقال له: أخبرني من أنت وإلا خطفت روحك.
فخاف منه، وقال له: أتركني وسوف أخبرك. ما أنا عفريت ولا جن بل أنا مثلك إنس لا أختلف عنك إلا بقبح منظري.
فتركه وأوقد الشمعة لينظر من هو، فرآه رجلا قبيح المنظر، كأن عينيه تقدحان شررا، قال له: أخبرني ما سبب وجودك في هذا المكان؟
فقال: الضرورة هي التي أجبرتني لأني رجل فقير الحال عديم الكسب، وعندي أسرة كبيرة لا يعولها أحد غيري، فقصدت رجلا لكي يدبر لي عملا أعيش منه، فأمرني بأن أحضر كل ليلة إلى هذا البيت لأقيم فيه، وأوصاني إذا شعرت بدنو أحد من أهله أصفق بيدي، وأضرب على صفيحة أعددتها لهذه الغاية، وإذا رأيته جسورا ولم يعبأ بذلك أطلق الماء دفعة واحدة فتخرج من أفواه التماثيل عموما. وأقف فوق النافورة وأصرخ بأصوات تخيفه.
وقد كنت أفعل ذلك مقابل عشرين قرشا عن كل ليلة، ولا تسأل كم كنت مسرورا بهذا العمل الذي خفف عني وطأة الفقر، ولما كنت أسمع في النهار عن الجن كنت أضحك في نفسي، وأطلب من الله أن يبقي العالم في غفلة لتدوم هذه الحالة، ولكن مع الأسف كانت المدة قصيرة.
فلما سمع الشاب كلامه ساقه أمامه وقدمه للورثة وقص عليهم حكايته، فظهر لهم أن الرجل الذي كان يستأجره هو الذي تقدم ليشتري البيت، ودفع فيه ثمنا بخسا.
وشاعت الأخبار، وعرف الناس عموما أن مسألة الجن هي حديث خرافة، وتقدم جماعة واشتروا البيت وعملوه مدرسة ثم صار بيتا للعلوم.
(انتهى)
أتيت الكبـائـر
> بعد كل ما حكيت كيف ترى نفسك؟ وماذا جنيت؟
ـ لقد ارتكبت كل الكبائر مع بعض الحسناوات من اللائي يترددن علي واستطعت خلال سنوات طويلة أن أكوِّن ثروة طائلة وأصبحت أمتلك برجاً في أرقى أحياء القاهرة. لقد حرمني العمل في «السحر» من حريتي الكاملة فقد كنت لا أستطيع الذهاب الى المنتزهات والاماكن العامة حتى لا يراني أحد الزبائن. ومن هنا كنت أسافر في موسم الحج إلى أوروبا أنا وزوجتي وابني الوحيد أسامة وأخبر زبائني أنني أقوم بأداء فريضة الحج.
> ما سبب اقدامك على التوبة؟ وكيف؟
ـ ذات يوم سافر ابني أسامة ووالدته إلى الإسكندرية وبعد سفرهما بأسبوع اتصلت بي زوجتي وأخبرتني أن أسامة قد غرق في مياه العجمي، ولم تستطع شرطة المسطحات المائية العثور على «جثته»، كادت الصدمة تفقدني عقلي وخارت قواي في لحظة وحاولت أن أتماسك وسافرت بسيارتي أنا والسائق الخاص بي إلى الإسكندرية وهناك وجدت زوجتي ترتدي ملابس الحداد وحولها مجموعة من النسوة يشاركنها حزنها، وسألت أصدقاء أسامة الذين كانوا يسبحون معه عما حدث فتأكدت أن ابني قد غرق بالفعل، وأنهم فشلوا في انقاذه على الرغم من محاولاتهم. عقب وفاة ابني توقفت عن العمل في الدجل والسحر وأصبح يعيش داخلي «هاجس» أن غرق ابني وراءه عملي في السحر أو في النهب والاحتيال ومن هنا قاطعت هذه الأعمال وقررت «التوبة» وقمت بأداء فريضة الحج، وأصبحت أفرق بين الحلال والحرام بل أؤدي الصلاة في المسجد.. وأفكر جديا في التنازل عن جميع ما أملك لاتخلص من المعاصي تماما وأقابل ربي بوجه تائب متذلل إليه..
> ما النصيحة التي توجهها إلى الناس بعد هذه التجربة المريرة؟
ـ استعن بالله في كل أمورك، وإذا سألت فاسأل الله.. اجعل الله أمامك في كل ما تفعله، واتق الله في كل حياتك حتى ينجيك من كل سوء بإذنه ومشيئته.
وأخيرا أخي المسلم هناك شياطين من الأنس أصعب من شياطين الجن فكن حذرا منهم.