المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «الإخوان» تبحث عن كبش فداء .... هـل تضحّـي بمرسـي؟



ديك الجن
04-01-2013, 07:12 AM
«الإخوان» تبحث عن كبش فداء هـل تضحّـي بمرسـي؟

http://www.assafir.com/Photos/Photos30-03-2013/308998093.jpeg


متظاهرون مصريون خلال الاعتصام أمام مكتب النائب العام في القاهرة أمس (أ ب)

وائل عبد الفتاح

ـ1ـ

البحث عن كبش فداء

الغرف المغلقة لمكتب «إرشاد الإخوان» تنشغل بهذا النوع من التفكير الذي يليق بديكتاتورية تحت التمرين. من سيكون؟ لا تأكيد. والتردد سيد حوارات الخروج من «الأزمة»، كما تسمى الثورة على حكم الرئيس محمد مرسي في أدبيات الجماعة.

وفارق التسمية هنا ليس شكلياً أو عابراً، أو مجرد تنافس حزبي، فالثورة التي ترى النظام القديم يطلى من جديد، لا ترى أن مرسي يفعل شيئاً سوى تأسيس قواعد جمهورية الجماعة، أو في تعبير آخر «دولة الفقيه المصرية».

الفارق بين الأزمة والثورة كبير، لكن «الجمهورية الإخوانية» لديها إدراك بأن الزمن ليس معها، وأن «فرصتها» توشك على الضياع، ولهذا تحاول اللعب على متناقضين. الأول، المزيد من التشدد للشعور بالقوة. والثاني، تقديم تنازلات ممكنة لعبور مضيق الوقت الصعب.

لدى الجماعة حزمة تنازلات، ستختار منها الأسهل حسب تقديرهم، وهنا يبدو النائب العام أقرب «كبش فداء» للتضحية به للإيحاء بأن الجماعة «تحترم القانون»، وهي «شطارة» إخوانية لأنهم يضحون بمن افتقد فعاليته، ولم يعد قادراً على لعب الدور الذي من أجله أعلن مرسي انقلاب 21 تشرين الثاني، بالإعلان الدستوري.

دمر مرسي كل القواعد ليعين طلعت عبد الله نائباً عاماً، واستخدم كل شيء (تجاوز صلاحيته، واستخدم سلطاته بطريقة إجرامية، وهدد وحذر وأثار الرعب، ووعد وطمع، واستخدم الكهنة للدخول في سراديب القضاء). فعل كل هذا ولم يمنح طلعت عبد الله شرعية ولا جعله آمناً في كرسيه، وفي النهاية صدر حكم بعزله. وقبلها أعلنت مؤسسات (مثل نقابة الصحافيين) وسياسيون (امتنعت غالبيتهم عن المثول أمامه بالرغم من الضبط والإحضار).

طلعت عبد الله لم يعد قادراً على أداء دوره في هندسة القمع، أصبح ذراعاً مشلولة، لا تصطاد معارضين ولا تحمي الجماعة ومندوبها، وربما كان أكثر فعالية، وهو أحد «الخلايا النائمة» المكلفة باختراق «ثغرة من ثغور الدولة»، وبسببها يعفى من الدعوة والمهام العادية. الخلايا النائمة خرجت من كهوفها ميتة تقريباً.

ـ2ـ

«مبنتهددش»

لم ترفع الهتافات في وجه وزير الداخلية المقيم تقليدياً في موقع البطش داخل الأنظمة القمعية.
لكنها هتافات ضد النائب العام (الذي ربما لن يدخل مكتبه مرة أخرى)، بينما حاصرت وزير الداخلية أمس الأول تظاهرة من نوع مختلف، يحمل فيها أعضاء «جماعة 6 ابريل» (أو بالتحديد جناحها التابع لمؤسسها أحمد ماهر) حاملة ملابس داخلية نسائية.

الرمز هنا صادم، ليس لوزير الداخلية وحراسه، ولكن للمزاج الثوري الناقم على الذكورة، تلك التي تخرج منها أفكار الإقصاء والاستعراض، والتعامل مع الحاكم على أنه «الأب» أو «ملك الغابة» الحنون القاسي.

فهم الوزير الرسالة الرمزية ولم تفهمها قطاعات ثورية لم تستوعب لماذا تعتبر الملابس الداخلية النسائية إهانة؟

لكن حراس الوزير وصلتهم الرسالة و تعاملوا معها، واعتدوا بالضرب على جماعة ظلت إلى وقت قريب حليفة لمرسي، وشريكته في منح بعض التجمعات السياسية «تاتش» مدني من الثورة، خارج اجتياحات الإسلاميين للجنة الدستور وغيرها.

ومن هنا، فإن الجماعة تختار هجومها بعيداً عن نفسها، احتراماً لاتفاق سابق مع خيرت الشاطر، والذي تروى تفاصيله كنوع من تفسير تحولات «6 ابريل».

إذن، إهانة وزير الداخلية هذا لم يكن في تظاهرة «الكيلوت»، وما أوحى بأن اللواء محمد إبراهيم سيطير قريباً من منصبه، بعدما أدى مهمته في تحريك جهاز الأمن الرسمي للدفاع عن الجماعة وحكمها، وهي مهمة وصلت إلى حدودها القصوى، ولم تعد فاعلة. فلا استخدام القوة حاصر الثورة، ولا عودة الشرطة إلى دورها القديم ساهم في لملمة كيانها المكسور بعد «جمعة الغضب» في 28 كانون الثاني في العام 2011.


ـ3ـ

ربما يكون المرسي نفسه

هذا ما يقال أيضاً في روايات كبش الفداء. الروايات تشير إلى أن مرسي كان يسير جدياً إلى إجراءات سياسية، يعزز بها انقلاب «21 نوفمبر» ويستعيد المبادرة من المعارضة.
بمعنى آخر «هوجة» جديدة من هوجات جنون الطغاة، على شاكلة ما فعله السادات في الخامس من أيلول في العام 1981 واغتيل بعدها بأقل من شهر.
الروايات تقول : الجيش رفض.

الأسباب المعلنة تنتمي إلى التعبيرات الإنشائية.

أما غير المعلنة، فهي قرارات بالابتعاد عن مواجهة الجماهير أو الدخول في مواجهات لها طابع سياسي ضد طرف من الأطراف. وإذا كان الرئيس سيتخذ قرارات تحتاج إلى قوة تحميها وتنفذها، فإن هذه القوة لن تكون الجيش.

والمشكلة هنا ليست في رفض الإجراء، ولكن في أن الطرف الأساسي في «شركة الحكم» يتخلى عن «الشريك» الساعي إلى تأسيس جمهوريته.

الجيش لم يقبل بشراكة بلا قانون، أو يتعدى فيها الإخواني مساحته ويصور انه يستطيع استخدام الجيش لأغراض دعم «الجماعة» (كمصدر قوة معنوية تقوم عليها الدولة، غير المعنى القديم المبني على أساس أن القوة العسكرية نواة الوطنية). والمحدد هنا أن انتقال المعنى من الجيش إلى الجماعة، أو من الوطنية المقاتلة إلى الخلافة المجاهدة، فإن هذا سيحرم المؤسسة العسكرية من اتساعها كمملكة بيروقراطية تدير 40 في المئة تقريباً من الاقتصاد، ولها مساحة عاطفية عند الشعب المصري، تلك التي ترمم الآن عبر السخط من «الإخوان».

هنا الجيش يكسب ليس من أجل الحكم، حتى ولو علت أصوات الاستدعاء، كما حدث في التظاهرات أمام مكتب النائب العام، وانقسم المتظاهرون بين مناد لعودة الجيش، وهاتف لسقوط حكم العسكر.
الجيش لن يعود غالباً، لكنه يعيد رسم موقعه في «جمهورية ما بعد الإخوان».

نعم، الإخوان يدركون شعورياً أن جمهوريتهم فات أوانها، ويحتاجون ربما إلى كبش فداء كبير، يتصورون الآن أنه حكومة شراكة مع «جبهة الإنقاذ»، وتصل التضحيات إلى محمد مرسي حيث تتردد، بصوت لم يعد خافتاً، المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.

الاقتراح يعني خروج محمد مرسي من اللعبة كلها، وهذا ما يجعله يبدو عصبياً، ويحاول على المستوى الشخصي الابتعاد عن مصير كبش الفداء. وبعد فشل فاعلية الاعتماد على الجناح الأمني للدولة القديمة (الجيش والشرطة)، تبدو محاولته الأخيرة مع بقايا الجناح المالي، وهو ما يفسر رفع اسم رشيد محمد رشيد من قوائم المطلوبين لدى الإنتربول (بعد دفعه 15 مليون جنيه مصري).
التصالح هنا خطة يسير عليها مرسي، وتمنع ملاحقة الأموال الهاربة.

وفي ندوة لـ«المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، كشف نيك هيلديارد، وهو مدير منظمة «كورنر هاوس» غير الحكومية المعنية بالحقوق البيئية والاقتصادية، لأول مرة عن أصول جديدة مملوكة لجمال مبارك في قبرص وجزر «العذراء» البريطانية، من المفترض أن تقع تحت طائلة التجميد، إلى حين إجراء المزيد من التحقيقات عنها، خصوصاً أن جزر «العذراء» البريطانية أصدرت قائمة التجميد نفسها، التي أصدرها الاتحاد الأوروبي، ما يضع جميع أموال جمال مبارك الموجودة في هذه الجزيرة الكاريبية الصغيرة، التابعة إلى المملكة المتحدة والتي تعتبر مهربا ًضريبياً شهيراً، تحت طائلة التجميد.

الأموال تنام في مهربها إذن، لأن التصالح مع بقايا الجناح المالي يعطل استردادها، لأنه كما قال أحمد حسام، المحامي في المبادرة المصرية في نفس الندوة، «التصالح وأحكام البراءة تنعكس سلباً على سعي مصر في استرداد أموالها في ضوء ربط رد هذه الأموال بإثبات عدم شرعية مصدرها، وهو شرط لا يتحقق إذا لم تتم إدانة المتهم في بلده الأصلي...».
هل ينقذ مرسي نفسه بالجناح المالي؟ أم يخرج «كبش فداء» لتعيش جماعته؟

http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=2424&ChannelId=58330&ArticleId=3089&Author=وائل عبد الفتاح