جمال
01-30-2005, 10:18 AM
أول تقرير مخابرات في التاريخ: عثرنا على آثار اثنين وثلاثين رجلا وثلاثة حمير
تذكر المصادر التاريخية ان أول قطعة استخباراتية عسكرية مسجلة في التاريخ هي تلك التي وجدت على بردية أُرسلت الى مدينة طيبة قبل أربعة آلاف سنة، حيث ورد فيها «لقد عثرنا على آثار اثنين وثلاثين رجلاً وثلاثة حمير». وكان هذا دليلا يشير إلى إغارة جند أو طليعة متقدمة لقوة غزو.
ومنذ ذلك الحين اخذت صناعة الجاسوسية تتقدم وتنمو وتتخذ شكلاً تخصصياً معيناً، وفي مقدمة كتابه هذا يقول المؤلف كيجان: «لقد حاولت طيلة حياتي الحصول على معلومات واضحة عن عالم الاستخبارات لكي اتمكن من وضعها في كتاب شامل ومتخصص». والكاتب يقيم ما يراه كحقيقة ثابتة تشير إلى ان استطلاع قدرات واهداف العدو هو احد أهم العوامل في تحقيق النصر في الحرب. في الوقت نفسه يؤكد على ان الاستخبارات رغم اهميتها بشكل عام، لا تشكل وحدها الوسيلة الكافية لتحقيق هذا النصر. فاتخاذ القرار الذي دائماً ما يأتي نتيجة صراع عميق مع النفس، قد يكون احياناً أهم وامضى مما هو استخباراتي.
ثم يأتي المؤلف بست حالات دراسية ليبرهن على ان العلاقة بين الاستخبارات العسكرية وتحقيق النصر هي علاقة غير مباشرة. انه يبدأ في اثبات ان «الحرب في النهاية هي حول ما يتم فعله وليس ما يتم التفكير به» وان النصر غالباً ما يتأتى من الرغبة في ابداء «الشجاعة والثقة بالنفس من دون حساب» وهي أكثر أهمية من شخص مسلح بأفضل الاستخبارات.
ويصف المؤلف الادميرال نلسون بأنه «محلل استخباراتي من الطراز الأول» فقد اقتفى ودمر اسطول نابليون في البحر الأبيض المتوسط عام 1798. وكان عليه ان يستغل كل دقيقة لديه لحل الالغاز البحرية.
ذلك انه فقد أَثر العدو ليس اقل من أربع مرات احداها عند مغادرته الميناء قبل أربع وعشرين ساعة فقط من وصول الفرنسيين إليه. وفي النهاية كانت فطنة وحدس نلسون، في ان نابليون كان يحلم بفتح الشرق وبهذا فإنه لا بد ان يتوجه الى مصر، قد مكنتاه من ان يدقق في التقارير الاستخباراتية المتضاربة ويجد ان الاسطول الفرنسي كان يقبع عند مصب نهر النيل حيث قام على الفور بتدميره.
ومع ان الفصل الثالث من الكتاب يتناول الاستخبارات اللاسلكية البحرية خلال الاشهر الستة الأولى من الحرب العالمية الأولى حيث وقع الطرفان المتحاربان معاً في اخطاء مستمرة فإن بقية الجزء الرئيسي من الدراسة هو حول الحرب العالمية الثانية. ورغم ان الحلفاء كانوا قادرين على قراءة قدرات واهداف المحور ـ كما في حالة معركة الاطلنطي ـ فإن كيجان يقول «مهما تكن جودة المعلومات الاستخباراتية المتوفرة قبل المجابهة فإن النتيجة النهائية ستظل تحددها المعركة».
ولدعم رأيه هذا يشير إلى ما حدث في مايو (أيار) 1941 حينما بالغ الجنرال فرايبيرغ في نيوزلندا بالمعلومات الواردة من مكتب الاستخبارات في «بلتشلي بارك» حول اين ومتى سيهاجم الألمان جزيرة كريت حيث الألمان ربحوا المعركة أخيراً في المجال الجوي الداخلي.
ثم يحاجج كيجان ما حصل لمعركة «ميدواي» التي وقعت في العام الثاني ويقول إن النصر لم يتحقق بسبب استطاعة الأميركيين تفكيك الشفرة اليابانية! وانما كان محض صدفة اذ حدث ان كشف سرب من طائرات الانقضاض الأميركية مدمرة يابانية كانت تطارد غواصة اميركية. وهذا ما قادهم الى اكتشاف اربع حاملات طائرات يابانية، ثلاث منها دمرت واغرقت خلال خمس دقائق وبذلك أنقذت «ميدواي» من مصير بيرل هاربور.
لا يبدو ان الكاتب يميل كثيرا إلى أهمية دور المخابرات خلال الحرب الباردة، ويقول بان كلتا الوكالتين الاستخباريتين الـ KGB السوفياتية و CIA الأميركية ولمدة نصف قرن كانتا «تلعبان لعبة وهدفهما الحفاظ على استمرار اللعبة وليس الكسب» لكن ومنذ ان كسب الغرب الحرب في النهاية وانهيار المعسكر الاشتراكي ظهرت أهمية دور الاستخبارات الغربية في ذلك وحجم ما امكن فعله.
وفي تحليله لدور الاستخبارات في الحرب ضد الارهاب ـ الذي يحتوي على نقد لافت للدكتور هانز بليك ـ يشير الكاتب الى أهمية الاستخبارات البشرية وكيف تم تجاهلها على حساب الاستخبارات الاشاراتية ـ وحينما يأتي الى موضوع شبكة القاعدة وما حصل في نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) عام 2001 فإنه لا يثمن كثيراً فرص الاستخبارات المركزية الأميركية في العمل بشكل مؤثر داخل مراكز اتخاذ القرار في تنظيم شبكة القاعدة.
تذكر المصادر التاريخية ان أول قطعة استخباراتية عسكرية مسجلة في التاريخ هي تلك التي وجدت على بردية أُرسلت الى مدينة طيبة قبل أربعة آلاف سنة، حيث ورد فيها «لقد عثرنا على آثار اثنين وثلاثين رجلاً وثلاثة حمير». وكان هذا دليلا يشير إلى إغارة جند أو طليعة متقدمة لقوة غزو.
ومنذ ذلك الحين اخذت صناعة الجاسوسية تتقدم وتنمو وتتخذ شكلاً تخصصياً معيناً، وفي مقدمة كتابه هذا يقول المؤلف كيجان: «لقد حاولت طيلة حياتي الحصول على معلومات واضحة عن عالم الاستخبارات لكي اتمكن من وضعها في كتاب شامل ومتخصص». والكاتب يقيم ما يراه كحقيقة ثابتة تشير إلى ان استطلاع قدرات واهداف العدو هو احد أهم العوامل في تحقيق النصر في الحرب. في الوقت نفسه يؤكد على ان الاستخبارات رغم اهميتها بشكل عام، لا تشكل وحدها الوسيلة الكافية لتحقيق هذا النصر. فاتخاذ القرار الذي دائماً ما يأتي نتيجة صراع عميق مع النفس، قد يكون احياناً أهم وامضى مما هو استخباراتي.
ثم يأتي المؤلف بست حالات دراسية ليبرهن على ان العلاقة بين الاستخبارات العسكرية وتحقيق النصر هي علاقة غير مباشرة. انه يبدأ في اثبات ان «الحرب في النهاية هي حول ما يتم فعله وليس ما يتم التفكير به» وان النصر غالباً ما يتأتى من الرغبة في ابداء «الشجاعة والثقة بالنفس من دون حساب» وهي أكثر أهمية من شخص مسلح بأفضل الاستخبارات.
ويصف المؤلف الادميرال نلسون بأنه «محلل استخباراتي من الطراز الأول» فقد اقتفى ودمر اسطول نابليون في البحر الأبيض المتوسط عام 1798. وكان عليه ان يستغل كل دقيقة لديه لحل الالغاز البحرية.
ذلك انه فقد أَثر العدو ليس اقل من أربع مرات احداها عند مغادرته الميناء قبل أربع وعشرين ساعة فقط من وصول الفرنسيين إليه. وفي النهاية كانت فطنة وحدس نلسون، في ان نابليون كان يحلم بفتح الشرق وبهذا فإنه لا بد ان يتوجه الى مصر، قد مكنتاه من ان يدقق في التقارير الاستخباراتية المتضاربة ويجد ان الاسطول الفرنسي كان يقبع عند مصب نهر النيل حيث قام على الفور بتدميره.
ومع ان الفصل الثالث من الكتاب يتناول الاستخبارات اللاسلكية البحرية خلال الاشهر الستة الأولى من الحرب العالمية الأولى حيث وقع الطرفان المتحاربان معاً في اخطاء مستمرة فإن بقية الجزء الرئيسي من الدراسة هو حول الحرب العالمية الثانية. ورغم ان الحلفاء كانوا قادرين على قراءة قدرات واهداف المحور ـ كما في حالة معركة الاطلنطي ـ فإن كيجان يقول «مهما تكن جودة المعلومات الاستخباراتية المتوفرة قبل المجابهة فإن النتيجة النهائية ستظل تحددها المعركة».
ولدعم رأيه هذا يشير إلى ما حدث في مايو (أيار) 1941 حينما بالغ الجنرال فرايبيرغ في نيوزلندا بالمعلومات الواردة من مكتب الاستخبارات في «بلتشلي بارك» حول اين ومتى سيهاجم الألمان جزيرة كريت حيث الألمان ربحوا المعركة أخيراً في المجال الجوي الداخلي.
ثم يحاجج كيجان ما حصل لمعركة «ميدواي» التي وقعت في العام الثاني ويقول إن النصر لم يتحقق بسبب استطاعة الأميركيين تفكيك الشفرة اليابانية! وانما كان محض صدفة اذ حدث ان كشف سرب من طائرات الانقضاض الأميركية مدمرة يابانية كانت تطارد غواصة اميركية. وهذا ما قادهم الى اكتشاف اربع حاملات طائرات يابانية، ثلاث منها دمرت واغرقت خلال خمس دقائق وبذلك أنقذت «ميدواي» من مصير بيرل هاربور.
لا يبدو ان الكاتب يميل كثيرا إلى أهمية دور المخابرات خلال الحرب الباردة، ويقول بان كلتا الوكالتين الاستخباريتين الـ KGB السوفياتية و CIA الأميركية ولمدة نصف قرن كانتا «تلعبان لعبة وهدفهما الحفاظ على استمرار اللعبة وليس الكسب» لكن ومنذ ان كسب الغرب الحرب في النهاية وانهيار المعسكر الاشتراكي ظهرت أهمية دور الاستخبارات الغربية في ذلك وحجم ما امكن فعله.
وفي تحليله لدور الاستخبارات في الحرب ضد الارهاب ـ الذي يحتوي على نقد لافت للدكتور هانز بليك ـ يشير الكاتب الى أهمية الاستخبارات البشرية وكيف تم تجاهلها على حساب الاستخبارات الاشاراتية ـ وحينما يأتي الى موضوع شبكة القاعدة وما حصل في نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) عام 2001 فإنه لا يثمن كثيراً فرص الاستخبارات المركزية الأميركية في العمل بشكل مؤثر داخل مراكز اتخاذ القرار في تنظيم شبكة القاعدة.