المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من قال إن السنّة لن يشاركوا؟



جبار
01-28-2005, 10:19 PM
زهير الدجيلي

عدم مشاركة السنة في الانتخابات العراقية هي دعاية اعلامية روجت لها جهات كثيرة في مقدمتها المرجعية الدينية السنية الممثلة بـ «هيئة علماء المسلمين» والتيار السلفي المتشدد.. مثلما روجت ايضا جهات شيعية اخرى لمفهوم يقول ان الاغلبية والغلبة للشيعة، وكلاهما يجافي الواقع العراقي، الذي ظل لقرن من الزمن خالياً من المنابزة الطائفية، لكن امراء الطوائف الذين ظهروا من رحم الحروب فرضوا على العراق ثقافة الاحتراب الطائفي، التي انجرت اليها الولايات المتحدة عن طيب خاطر، فيما نجد الآن الشعب العراقي يقف ضدها في اول ممارسة ديموقراطية ستفرز اصواتا عالية للاعتدال والتقدم والتآلف الوطني وحين يتوجه بعد يومين 2،14 مليون عراقي الى صناديق الاقتراع.

قالوا ان السنة لن يشاركوا.. في حين ان تدقيقاً متأنيا للانتماءات المذهبية لـ 7781 مرشحاً للجمعية الوطنية يظهر ان هناك 3117 سنيا من مختلف القوميات، وهم يتوزعون في نسبة كبيرة من الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات التي بلغ عددها 223 كيانا بينها 35 ائتلافا حزبيا يضم مزيجا من السنة والشيعة فيما يصل عدد المرشحين الافراد المستقلين إلى 48 مرشحا، 34% منهم سنة والقسم الاخر شيعة ومعهم بلا مذهب.

ان نسبة السنة المرشحين الى الجمعية الوطنية تصل الى 40% من بين جميع المرشحين للانتخابات الثلاثة في عموم العراق والبالغ عددهم 17 الفاً يتنافسون على 275 مقعدا للجمعية الوطنية وعلى 111 مقعدا لمجلس كردستان وعلى 51 مقعدا لمجلس بغداد البلدي، وعلى 837 مقعداً في مجالس المحافظات (كل محافظة 41 مقعداً) لكن مشكلة هؤلاء انهم لم يتقيدوا بالكهنوت.

والسؤال الذي يتداوله الشارع العراقي هو: هل ان المواطن العراقي لن يكون مسلماً سنيا أو شيعياً الا اذا كان داخل جلباب الاحزاب الدينية والتيار الديني الذي يسيطر عليه اشخاص لا يتحلون بالمرونة في التعامل مع الاخرين؟ الجواب على هذا السؤال، لا، طبعا، والدليل ان السنة في العراق والذين توزعوا في العشرات من الكيانات والائتلافات السياسية المشاركة في الانتخابات، سجلوا ورشحوا انفسهم وشاركوا واذا كان قسم منهم لم يشارك في المحافظات الخمس، التي تشهد كثافة سنية تقليدية، فان ذلك اما عن خوف وارهاب او تجنب للأذى الذي تلوح به الجماعات الارهابية، واما مجاراة للمقاطعة التي يفرضها التيار الديني على مجتمعات تلك المحافظات.

وحين تمر هذه الانتخابات سالمة باعتبارها اول تجربة من هذا الممر الطائفي الضيق المحيط بها، فانها ومهما تكن نتائجها فإنها ستفتح الطريق لمشاركة اوسع في تجارب قادمة.