المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ياسر الموسوي أبكى السيد حسن نصرالله وأضحكه : أعيش في جلباب أبي



ريما
02-16-2013, 10:05 AM
ياسر الموسوي: أعيش في جلباب أبي




http://www.al-akhbar.com/sites/default/files/imagecache/465img/p08_20130216_pic1.jpg


ياسر الموسوي في دور والده على الجبهة



أبكى ياسر الموسوي السيّد حسن نصرالله وأضحكه في شهر رمضان الفائت. يومها أطلّ نجل سيّد شهداء المقاومة الإسلامية في مسلسل «الغالبون» ليلعب دور والده السيّد عباس الموسوي في حقبة أساسية من تاريخ حزب الله. عرّف الكثيرين إلى الرجل الذي شكل انعطافة في مسيرة الحزب، مرسياً العديد من التفاهمات الداخلية وحاضناً المجاهدين على الجبهة. كيف لولد أن يصير والده؟


مهى زراقط

كان ياسر الموسوي في الخامسة عشرة من عمره عندما استشهد والده في مثل هذا اليوم قبل 21 عاماً. لولا نوبة «الميغران» التي ألمّت به يومها، لانضمّ إلى قافلة شهداء عائلته الصغيرة: والداه وشقيقه الصغير حسين. يتذكّر جيداً تفاصيل الليلة الأخيرة التي سبقت توجّه السيد عباس الموسوي إلى جبشيت لإحياء ذكرى الشيخ راغب حرب. «لقد اتخذ قراره بالذهاب ليلاً.

أتذكر أنه كان مريضاً وكان الطبيب في منزلنا ينصحه بضرورة إجراء فحوصات، لكنه حسم قراره بالذهاب لأنه كان يريد توجيه كلمة إلى الدولة في خطابه بخصوص الإنماء المتوازن».

في تلك الليلة، طلب ياسر من والده أن يسمح له بمرافقته، ووافق. لكن وجع الرأس الذي ألمّ به صباحاً أقعده في الفراش. «رَقَته» والدته وأعدّت له سندويش مربّى، قبل أن تقرّر في اللحظة الأخيرة أن تحمل صغيرها حسين، الذي كان نائماً إلى جواره، معها. أما والده الذي وقف عند باب الغرفة فقد قال له: «هذه فرصة لا تعوّض». اعتذر منه ياسر، وقال في سرّه: «أنا ساعة اللي بدي بروح معه ع الجنوب».

أخطأ الشاب التقدير. فمع غروب شمس ذلك النهار تلقّى الخبر الحزين على دفعات. في البداية عرف أن موكب والده تعرّض للاستهداف، ثم ان والده قد استشهد. بقي يمنّي النفس بأن تكون والدته وشقيقه على قيد الحياة، لأن الإجراءات الأمنية يومها كانت تقضي أن يكونا منفصلين. «لكن الوالد طلب من والدتي صباحاً أن ترافقه في سيارته، ورغم ذلك تأمّلتُ أن يكونا قد عادا إلى تطبيق التعليمات في طريق العودة وهو ما لم يحصل».

بعد 21 عاماً، لا يعود سرد تفاصيل الحادثة منفصلاً عن محاولات فهمها وإعطائها أبعاداً أخرى. يتذكّر ياسر أن والدته كانت تردّد دائماً أنها لن تعيش يوماً من دون السيد عباس، وأن والده، عندما نجا مرّة من محاولة اغتيال، برّر الأمر بالقول إن هذا حصل لأن الوالدة لم تكن معه.

أكثر من ذلك، يبدو ياسر على يقين من أن الله تقبّل دعاء السيّد الشهيد، كما يطلق على والده: «حتى سائق السيارة نجا يومها، وكان الوالد يدعو الله دوماً ألا يعرّض أحداً للأذى بسببه».

يحفظ ياسر الكثير من عبارات والده، وصاياه، حتى كلمة «طبعاً» التي يكرّرها هو، التفت أخيراً إلى أنها كانت تشكل محطة كلام لدى والده. الأمر غير مرتبط بمسلسل «الغالبون» الذي أدى فيه شخصية سيد شهداء المقاومة الإسلامية. بل قد يكون اطلاعه هذا، أحد أسباب اختياره لأداء الدور، إضافة إلى السبب الرئيسي:

كان سماحة الأمين العام (السيد حسن نصرالله) حريصاً على حسن اختيار شخصية من سيؤدي دور السيّد عباس، بشكل لا يسيء إلى صورته لاحقاً. وكنت ألاحظ خلال جلساتي مع المخرج رضوان شاهين، لتعريفه بوالدي، أنه يراقبني جيداً، إلى أن قال لي «أنت أفضل من يلعب دوره».

كانت الفكرة بعيدة تماماً عن باله، وتعامل معها كنكتة في بادئ الأمر «أنا ابن حوزة دينية، مدرّس وأدرس، كما أن الدخول إلى عالم التمثيل يتطلب جرأة كبيرة...». رغم ذلك، تعرض فعلياً للضغوط كي يوافق، في مقابل ضغوط معاكسة كانت تحذّره من الأمر. عندها، رمى الكرة في ملعب آخر للتعجيز «إذا وافق السيّد حسن أوافق».

لكي يوافق السيّد حسن كان يجب أن يرى شيئاً. عندها خضع ياسر لجلسة ماكياج، ركّب لحية، وارتدى العمامة، وأرسلت الصورة إلى الأمين العام. وبعد أيام تلقّى اتصالاً من أحدهم يبلغه الموافقة، فحُسمت المسألة «أنا أثق برأي سماحة السيّد وأتعامل معه كأنه السيّد عباس. هو أكثر من واكبنا في تفاصيل حياتنا اليومية وقلت لنفسي، لو لم يكن قد رأى أن في الأمر مصلحة لما قال لي اتّكل على الله».

ياسر، الذي التحق بأول دورة عسكرية له في عمر الثانية عشرة، كان يرى والده على الجبهة ومع المقاومين. يوم تخرّج في هذه الدورة، شاهد بعينيه كيف شارك والده، الأمين العام، في عملية الرماية وأصاب هدفه مباشرة، ما خلق جوّاً رائعاً بين المتخرّجين، وهو أحدهم.

يعترف «بعد أسبوعين من التحاقي بهذه الدورة التي أقيمت في بلدة طيردبا الجنوبية، زارنا، بما أن مركز عمله كان في صور. طلبت منه يومها أن يعيدني إلى البيت، لأني اشتقت إلى أمي، فغضب وقال لي: إن كنت تريد العودة، اصعد في السيارة». تراجع ياسر يومها عن موقفه وتخرّج بجدارة،

وحين عاد إلى البيت أبدت والدته سعادتها لأن أحد أبنائها صار في خدمة المقاومة. هي التي طلبت منه مرة ألا يتصل بها حين يكون مع المقاومين كي لا يشعروا بأنه مميّز عنهم «أنا كنت أستطيع الاتصال بالبيت لأنه مجهّز، لكني منذ ذلك اليوم لم أعاود الاتصال أبداً».

يحكي ياسر عن شخصيتين حقيقيتين. هكذا عاشا وهكذا تصرّفا، إلى أن قضيا كما كانا يشتهيان: في خدمة المقاومة. لكنه رغم ذلك، كان حريصاً على ألا يظهر السيّد عباس الموسوي في «الغالبون» في أي مشهد مبالغ فيه. وهو يوافق على القول إن شخصية والده لم تظهر بوضوح في هذا المسلسل «لأن القصة كانت سيرة المجاهدين وعلاقته بهم، وليس دوره التأسيسي والفكري»، هذا عدا عن دوره كأمين عام لـ«حزب الله» في مرحلة حرجة.

رغم ذلك، يبدو راضياً عن الصورة التي قدّم والده فيها. يكفيه أن كثيرين ممن عرفوا والده عن قرب أثنوا عليه. أما الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله فقد اتصل به بعد ثلاثة أيام من بدء عرض المسلسل ليبلغه رأيه، وقال له «لقد أبكيتنا وأضحكتنا.

أبكيتنا لأنك ذكّرتنا بالسيّد وأنت تعرف كم هو عزيز، وضحكنا لحجم الشبه بينكما، مشية السيد نفسها في معسكرات التدريب». قال له أيضاً: «آجرك الله، أنت تعرّف جيلين إليه». لهذا، لم يندم ياسر على ما قام به، «بالعكس، أشعر بأني أعطيت السيّد الشهيد شيئاً من حقه».




العدد ١٩٣٣ السبت ١٦ شباط ٢٠١٣


http://www.al-akhbar.com/node/177640