yasmeen
02-01-2013, 02:19 PM
الخميس, 31 كانون2/يناير 2013
http://www.uragency.net/images/y62.jpg
كما يعترف المسيحيون بخطايا وذنوب قد ارتكبوها، فإنني كاتب هذه السطور أعترف أمام الله وأمامكم بأنني أول من اطلق على صدام حسين (القائد الضرورة)... وذلك لأنني، وهذا اعتراف ثانٍ، لا أؤمن بالاستناد الى معطيات الواقع العراقي الراهن، بدور للجماهير من دون رأس مدبر، من دون قيادة تاريخية، وفي علم السياسة، كما في علم الاجتماع وعلم الإدارة، وردت تعريفات كثيرة للقائد وجرى تعداد لمواصفات القائد... ولقد وجدت، أو خلت أني وجدت في صدام حسين المواصفات التي يحملها القائد التاريخي... وهكذا كان يبدو الرجل بالنسبة للكثيرين...
كان أول لقاء شخصي مع الرجل في العام 1979 بعد الثورة الإيرانية...
ذهبت لأقول إن الجهاز المركزي مرتبك بل مذعور... وسألني مم هو مرتبك ومذعور؟ وقلت له يقولون: أن ثورة خميني سوف تكتسح العراق معتمدة على حجم الشيعة في التكوين السكاني... وابتسم الرجل وقال (إن هؤلاء لايفهمون شعبهم) وقلت له: (أو ليس الشيعة من جماهير الحزب الكادحة؟). قال: (هذا هو الصحيح..)
لم اكن أنا ولاغيري يتصور ما كان سيحدث في مقبلات الأيام...
ولد صدام حسين كما هو معلوم من اسرة كادحة تعيش في قرية صغيرة منسية على واحدة من انحناءات دجلة بالقرب من مدينة تكريت.
وكان عليه أن يكون مغامرا، فإما الصعود نحو القمة او الانهيار التام وليس هناك من مكان وسط بين الاثنين.. وقد تراءى له أن الصعود يسير طالما أن الحاكم شأنه شأن أي إنسان يمكن أن يقتل بطلقة صغيرة (توتو) كما أسماها هو... وآنذاك تبدأ مسيرة اخرى. ثم أن المنافسين اذا ما كانوا مثل من حوله، فليس هناك من مستحيل وأيهما أفضل: يتيم مجهول ضائع في قرية منسية أم شخص يعرفه الجميع ويدين له الجميع؟ وماهي الوسيلة؟ أنه الحزب... فالحزب يعني أن لاتكون وحيداً بل أن تعمل بالامكانات المتاحة للجميع...
وعندما عاد الى بغداد بعد انقلاب 8 شباط 1963 كان يعرف أن القوة مع العسكر مع (الجيش) وأن المصطلحات الجاهزة التي كان يترنم بها يساريو الحزب لا توصله الى شيء...
كان الحزب قد انقسم على نفسه مباشرة بعد تصفيته للشيوعيين... كان عضو القيادة وزير الخارجية طالب شبيب يجد نفسه مهيئاً لأن يكون زعيماً برجوازياً فهو الوحيد بين اقرانه الذي يتكلم الأنجليزية وهو ذو شكل مترف الى حد ما وهو لاعب بوكر جيد، وهو يعرف كيف يختار ربطة عنق ملائمة... وله إلمام بعقلية وسلوك الأجانب والبرجوازيين المحليين.
وكان عضو القيادة الآخر حازم جواد امين سر مجلس قيادة الثورة يشعر هو ايضاً بالتفوق والعقلانية... وكان الاثنان يظنان أنه بإمكانهما الإتكال على العسكر والامساك بناصية الحكم... وبالمقابل كان امين سر الحزب علي صالح السعدي يجد في إطلاق السباب على الرجعية نوعاً من تبرئة الذمة وكان يرى أنه من الشعبية، تناول لحمة الرأس عند (الحاتي) في شارع الشيخ عمر...
وكان يرى أن قواعد الحزب هي الاولى بالرعاية وهي الاقدر على الحماية، ووقف مع علي صالح السعدي قيادة الحرس القومي... وهي الميليشيا التي اسسها البعثيون بعد إنقلاب 8 شباط... كان هناك قائد الحرس منذر الونداوي الذي أصر أن يبقى حزبياً ملتزماً بالمبادئ قبل أن يكون ضابطاً وكان هناك نجاد الصافي وابو طالب عبدالمطلب اللذان ظلا وفيين لروح التغيير... خارج هاتين
الحلقتين كان يقف عبدالسلام عارف. وقد جاء به البعثيون الى منصب الرئاسة تكريماً له وارضاء لشهوة الحكم عند العسكر وتوكيداً لاستمرار روح 14 تموز 1958... لكن عبدالسلام عارف كان يضيق ذرعاً بالبعثيين لأسباب عديدة في مقدمتها أنهم حزب، وهو بعد أن اصبح رئيساً راح يطمح بالانفراد بالحكم... ثم أنهم مدنيون وهو عسكري... وأن بعضهم تقدميون وهو يكره التقدمية
واليسارية ويعدهما نوعاً من البلاء... وأن كثرة من البعثيين شيعة، والشيعة عنده مثلما هم عند الزرقاوي روافض كفار... وهو يريد أن يكون مثل عبدالناصر له الكلمة الاولى والاخيرة. . هكذا مضى عبدالسلام عارف يجمع من يشاركونه الرأي من العساكر مبتدئا بالبعثيين منهم... وكان رئيس الوزراء احمد حسن البكر يحب الذي عندما يؤمر يُطيع... ويريد الحزب التقي الورع الخالي من شوائب الاشتراكية واليسار...
وحتى لحظة كتابة هذه السطور لايعرف احد من الذي كان وراء الإنقلاب الداخلي في الحزب وقد دخلت مجموعة من المسلحين القاعة التي كان الحزب يعقد فيها مؤتمره، وشهروا السلاح بوجه المؤتمرين والقوا القبض على علي صالح السعدي ومنذر الونداوي وابو طالب الهاشمي... ولم يحتج أحد على هذا الإنتهاك سوى سعدون حمادي الذي قال أن هذا مخالف للنظام فرد عليه احد المسلحين بقوله (اكعد عبدالزهرة)... اي اجلس يا شيعي، والزهرة هي فاطمة الزهراء... وكان هذا المسلح يعبر عن اتجاه طائفي... وحضر ميشيل عفلق ونفر من اعضاء القيادة القومية ولم يستنكر
ماحدث ولم يقف الى جانب الشرعية وتمتم كعادته بكلمات مبهمة تعكس التعالي واتفقوا على تشكيل قيادة قطرية جديدة... وبعد خمسة أيام في 18 تشرين 1963 قاد عبدالسلام عارف انقلاباً عسكرياً وصار رئيس وزارة البعث أحمد حسن البكر نائباً لرئيس الجمهورية ومضى عسكريو البعث
يفخرون بقضائهم على الحرس القومي... فقد اعلن حردان التكريتي عبر التلفاز بأن الله قد ارسل على الحرس القومي طيراً ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل... ويقصد بالطير الابابيل طائرات ميغ 17 العراقية حيث كان قائد القوة الجوية...
لا اعتقد أن صدام حسين كان بعيداً عن دخول الزمرة المسلحة الى قاعة المؤتمر واعتقال عدد من أعضاء القيادة... فلقد كان يمقت الحرس القومي الذي لم يتم اختياره من بين قيادته وقد حاول الحرس من جهته اعتقال صدام حسين لنشاطه في تأجيج الصراع... ثم أنه وقد عاد من المنفى بسبب محاولة اغتيال قاسم كان يطمح بدور مناسب ولم يتح له احد هذا الدور بل عومل هو وبقية اعضاء زمرة التنفيذ وكأنهم كانوا في نزهة او كأنهم لم يحاولوا اختيار رئيس وزراء بل كأنهم
وزعوا بضعة منشورات ليس إلا...وقف صدام حسين ضد علي صالح وجناحه وحرسه القومي وضد لمسات الفكر اليساري ولم يسلم زمام امره لطالب شبيب او حازم جواد... بل حاول أن يعمل لحسابه وناقش فكرة الاستفادة من كتيبة الدبابات التي كانت بأمرة ابن صهره وابن خاله عدنان خير الله لكنهما وجدا أنها لاتكفي للقيام بانقلاب...
كانت فرصة صدام حسين كما تصورها أن يهدم الحزب وأن يبني من جديد بناء يكون له فيه دور القائد فعلياً والرجل الثاني اسمياً... وكان يرى أن تأييد ميشيل عفلق يعني إضفاء المشروعية على القيادة الجديدة...وكانت ملازمة احمد حسن البكر تعني وضع بقايا الضباط البعثيين تحت تصرفه...
وكان يرى الحزام الجماهيري العريض إنشغالاً بما هو ليس ضرورياً وارباكاً وقيداً على حرية التصرف في الفكر والموقف... ثم ضياعاً لفرصة الاستفادة من هذه الجهة الاجنبية أو تلك ومن هذه المحلية او تلك.. ولم يكن الأميركان يرضون عن حزب البعث كما هو بل أرادوا هم وحلفاؤهم الأنجليز أن يكون كما يرغبون... حزباً يرفض الاستقرار ولا يتعرض لمصالحهما، وعلى خلاف دائم مع عبدالناصر، ومعاد للاتحاد السوفيتي والشيوعية...
كان صدام قد رأى ببصيرته الثاقبة أن عدداً مؤثراً من الضباط الكبار والصغار وعدداً من المدنيين مع سيارة وأن كانت صغيرة كافية لمداهمة أوكار البعثيين من الجناح الآخر والاستيلاء على اجهزة الطبع والسلاح والحصول على قوائم بأسمائهم وتقديمها للحكومة بطريقة ما لتتولى امر تصفيتهم...
وهذا كان يكفيه من المدنيين صديقه الحميم عبدالكريم الشيخلي وصديقه سعدون شاكر وناظم كزار وصباح مرزة وعدد من الاقتحاميين اما العسكر فقد عول على أحمد حسن البكر وحردان التكريتي وصالح مهدي عماش وحماد شهاب ولم يعد سراً أن انقلاب 8 شباط 1963 قد موله وخططه
وباركه الأميركان.. كان المطلوب من الغرب تصفية عبدالكريم قاسم بعد أن قام بإبعاد شبح الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة فقد باشر الرجل بخطة تنموية طموحة حتى أن البعثيين كانوا يسخرون منه فيسمونه (كريم فلكة) لكثرة عبر الشوارع وما أنشئ من ساحات... ثم اخرج العراق من حلف بغداد ومن منطقة الاسترليني وحدد مناطق الاستثمار لشركات النفط بما لايتجاوز الواحد بالمائة بموجب القانون رقم 80 وأسس شركة النفط الوطنية... ونفذ قانون الإصلاح الزراعي
وانفتح على المعسكر الاشتراكي في ميادين التجارة والتسليح والتعاون الفني والثقافي... لكن الشارع السياسي ظل ملكا للشيوعيين وبقى يهدد بالانفجار وهكذا راح الأميركان يعدون للتغيير...
أن علي صالح الذي كان أمين سر الحزب هو الذي أعلن أنهم وصلوا الحكم بقطار اميركي... ولم يعد سراً أن لطفي العبيدي الذي كان يشار اليه بأنه ممثل المخابرات الامريكية في العراق كان يبعث النقود الى صدام حسين وعبدالكريم الشيخيلي عن طريق اصحاب شركة الاسمنت العراقية...
وكان إنقلاب 17 تموز 1968 او مايطلق عليه (الثورة البيضاء) أقرب الى فيلم هندي، فقد اجتمع سبعون شخصاً في احد دور السكك القريب من الاذاعة والتي كان يسكنها صهر احمد حسن البكر
(ومن دون أن يرى ذلك احد)، اما الذين شاركوا بالانقلاب فهم الذين ادوا يمين الولاء لعبدالرحمن عارف رئيس الجمهورية آنذاك وهم عبدالرحمن الداوود امر لواء الحرس الجمهوري وحماد شهاب آمر اللواء المدرع العاشر وعبدالرزاق النايف معاون مدير الاستخبارات العسكرية ومديرها الفعلي... ومضت سيارة الانقلابيين تخترق الشوارع التي يفترض أنها محروسة بين الاذاعة والقصر، وفتحت للشاحنة ابواب القصر وسلمت الدبابات للانقلابيين ووجهت قذيفة دبابة واحدة على مقر الرئيس الذي كان يأمل بأتباعه خيراً.
وطلب الرئيس تسفيره مع عائلته وكان له ما اراد... وفي الثلاثين من تموز 1968 اي بعد ثلاثة عشر يوماً اقصي رئيس الوزراء عبدالرزاق النايف تحت تهديد السلاح واعتقل عبدالرحمن الداوود الذي كان يتفقد القطاعات العراقية في الاردن، وسفر الاثنان الى خارج العراق.
وبعد أن أنهى صدام حسين شركاء التآمر على الحكم بدأ دور رفاق العقيدة والسلاح.
السلطة والطغيان
لقد بدأ صدام حسين العمل فوراً بتأسيس جهاز ذي مهمتين رئيستين الأولى هي التجسس وجمع المعلومات عن الخصوم القائمين والمحتملين والمهمة الثانية هي تصفية العناصر غير المرغوب فيها، وكانت قيادة الجهاز تحت إمرته وعضوية سعدون شاكر وناظم كزار... وكان أول الضحايا لهذا الجهاز هو وزير الخارجية ناصر الحاني.
لم يكن الرجل بعثياً ولم ينتم لاي حزب كان دبلوماسياً محترفاً ، فكيف عين وزيراً للخارجية في اول حكومة بعثية؟ لابد وأن يكون له دور ما ولماذا تمت تصفيته وذهب غير مأسوف عليه؟ لابد أنه يمتلك من المعلومات مايوجب دفنه معه.
في الوقت الذي كان فيه صدام حسين يعمل في أناء الليل واطراف النهار لتثبيت دعائم حكمه وتصفية خصومه.. فإن عضو القيادة الذي حاول أن يكون منافساً له المرحوم عبدالله سلوم وزير الاعلام الذي كان منشغلاً بملاحقة صحفية مجنونة حمقاء لأنها كانت تصبغ شعرها بالاشقر.
كما أنه كان منشغلاً بمحاربة الشعوبية اي الموروث الجعفري، أما خلفه المرحوم شفيق الكمالي فقد نصب نفسه اميراً بدوياً لأنه مربوع القامة أسمر اللون وراح يكتب ديوان شعر تحت عنوان (الامير البدوي وحبيبته الفارعة) ولم تكن الفارعة تفهم شيئاً من ذلك لأنها لم تكن عربية، ثم مضى ينشئ داراً على الطراز الأندلسي.
وعين عبدالكريم الشيخلي بعد اغتيال ناصر الحاني وزيراً للخارجية لأنه كان في زمن ما طالباً في كلية الطب ويعرف قليلاً من الأنجليزية.. وكان أول انجاز له هو إدخال سيارة الستروين الفرنسية لاستخدام المسؤولين، وكان مطعم (فاروق) ثم (نادي الصيد) هو ساحة التعارف والتلاؤم والتقاء المصالح بين البرجوازية والباحثين عن المنافع عن مقاولات خطة التنمية من جهة والقيادة البعثية الاشتراكية من جهة اخرى.
أما صالح مهدي عماش فقد شغل نفسه بتلطيخ سيقان الفتيات اللواتي يلبسن القصير وقص (زوالف الشباب الطويلة، وكان حردان التكريتي منشغلاً بصوت عذب..وفي هذا الوقت ظهر في العراق نصاب اسمه عدنان القيسي وقد عرض نفسه على أنه مصارع لا يقعقع له بسنان وراح يستقدم منافسيه الأجانب ويصرعهم الواحد تلو الآخر بينما يجلس أعضاء القيادة في الشرفة يهتفون ويصفقون وقد خرج من عصابته الأجانب بكمية وافرة من المال كما أن أحد المعجبين وهبه ابنته هدية وراح (تلفزيون البعث العربي الاشتراكي) يثني على شهامة هذا الرجل ووطنيته الصادقة. ثم برز للساحة المدعو أبو طبر وهو شبح قيل عنه أنه يغتصب كل امرأة شقراء ثم يمزقها ارباً لكنه قتل عدداً من الرجال بينهم استاذ الاقتصاد جون ارنست... وانشغل سكان بغداد يحرسون أنفسهم من هذا البلاء.
لكن عجلة التاريخ كانت تطحن في الخفاء فلقد قضي على عبدالله سلوم ليتفرغ لمحاربة الشعوبية وسرت شائعة قوية مفادها أن هناك خلافاً بين الرئيس صالح مهدي عماش وحردان التكريتي، وكان الاثنان ضابطين محترفين في الانقلابات العسكرية. وكان كل منهما راضياً بمنصبه شاكراً لنعمة الله.
حتى أن المرحوم حردان قد صرح في أحد مجالسه الخاصة أنه لايطمح أن يكون رئيساً الا اذا مات (...) مثلما مات (...) احمد حسن البكر، وكان من الواضح أن الغرض من الشائعة هو إقصاء الطرفين بحجة أن خلافهما يؤثر في (مسيرة الثورة) وقد تم ذلك بهدوء ثم اغتيل حردان في الكويت
ومات صالح مهدي عماش في فنلندا بداء لايعرفه احد، وجاء دور عبدالكريم الشيخلي فأقصي من منصبه ومن القيادة ثم قتل بإطلاق النار عليه، وبعد أن اقصي صلاح التكريتي من منصبه فأنه نجا من الموت بأعجوبة وكان من اكثر القادة البعثيين اخلاصاً ونزاهة وتحضراً.. وبقى مرتضى الحديثي وهو مناضل شريف نزيه ومن البعثيين الأوائل وعضو قيادة بقي حتى وقت متأخر سفيراً للعراق في موسكو ثم استدعي ذات يوم لحضور مؤتمر لسفراء العراق فتم اعتقاله بعد الاجتماع وتصفيته، وكان اسلوب الاقصاء بسيطاً حيث تدعى القيادة الى اجتماع بغياب المتهم وتعرض عليها مخالفات المتهم وفساد اخلاقه فيقرر الجميع اعفاءه وينتظر كل منهم دوره ويعيش في الذعر.
وظل احمد حسن البكر منزوياً في القصر الجمهوري فهو اما أن يخرج مع صدام حسين او يخرج وحده فيجد في نشرة الاخبار أن نائبه قد قام بزيارة مكان ما، واذا ما ارتدى بدلة بيضاء مثلاً يجد أن نائبه قد ارتدى مثلها لكنه اكثر وسامة وأناقة.
فصار الناس يطلقون عليهما وهما يقفان جنباً الى جنب (تايد يغسل اكثر بياضاً).
وأنشغل بعض أعضاء القيادة بالسفر الى الخارج وصار يُحكم على الناس أن يشاهدوا على شاشة التلفزيون لساعة أو تزيد أعضاء القيادة يُقبل بعضهم بعضاً أو يودع بعضهم بعضاً بالقبل، اما أين يذهبون ومن أين جاؤوا ولماذا سافروا. فلقد بقي ذلك بحكم الاسرار، لكن الناس ضاقوا ذرعاً بأعضاء القيادة وهم (يلطع) بعضهم بعضاً عند سلالم الطائرات.
http://www.uragency.net/images/y62.jpg
كما يعترف المسيحيون بخطايا وذنوب قد ارتكبوها، فإنني كاتب هذه السطور أعترف أمام الله وأمامكم بأنني أول من اطلق على صدام حسين (القائد الضرورة)... وذلك لأنني، وهذا اعتراف ثانٍ، لا أؤمن بالاستناد الى معطيات الواقع العراقي الراهن، بدور للجماهير من دون رأس مدبر، من دون قيادة تاريخية، وفي علم السياسة، كما في علم الاجتماع وعلم الإدارة، وردت تعريفات كثيرة للقائد وجرى تعداد لمواصفات القائد... ولقد وجدت، أو خلت أني وجدت في صدام حسين المواصفات التي يحملها القائد التاريخي... وهكذا كان يبدو الرجل بالنسبة للكثيرين...
كان أول لقاء شخصي مع الرجل في العام 1979 بعد الثورة الإيرانية...
ذهبت لأقول إن الجهاز المركزي مرتبك بل مذعور... وسألني مم هو مرتبك ومذعور؟ وقلت له يقولون: أن ثورة خميني سوف تكتسح العراق معتمدة على حجم الشيعة في التكوين السكاني... وابتسم الرجل وقال (إن هؤلاء لايفهمون شعبهم) وقلت له: (أو ليس الشيعة من جماهير الحزب الكادحة؟). قال: (هذا هو الصحيح..)
لم اكن أنا ولاغيري يتصور ما كان سيحدث في مقبلات الأيام...
ولد صدام حسين كما هو معلوم من اسرة كادحة تعيش في قرية صغيرة منسية على واحدة من انحناءات دجلة بالقرب من مدينة تكريت.
وكان عليه أن يكون مغامرا، فإما الصعود نحو القمة او الانهيار التام وليس هناك من مكان وسط بين الاثنين.. وقد تراءى له أن الصعود يسير طالما أن الحاكم شأنه شأن أي إنسان يمكن أن يقتل بطلقة صغيرة (توتو) كما أسماها هو... وآنذاك تبدأ مسيرة اخرى. ثم أن المنافسين اذا ما كانوا مثل من حوله، فليس هناك من مستحيل وأيهما أفضل: يتيم مجهول ضائع في قرية منسية أم شخص يعرفه الجميع ويدين له الجميع؟ وماهي الوسيلة؟ أنه الحزب... فالحزب يعني أن لاتكون وحيداً بل أن تعمل بالامكانات المتاحة للجميع...
وعندما عاد الى بغداد بعد انقلاب 8 شباط 1963 كان يعرف أن القوة مع العسكر مع (الجيش) وأن المصطلحات الجاهزة التي كان يترنم بها يساريو الحزب لا توصله الى شيء...
كان الحزب قد انقسم على نفسه مباشرة بعد تصفيته للشيوعيين... كان عضو القيادة وزير الخارجية طالب شبيب يجد نفسه مهيئاً لأن يكون زعيماً برجوازياً فهو الوحيد بين اقرانه الذي يتكلم الأنجليزية وهو ذو شكل مترف الى حد ما وهو لاعب بوكر جيد، وهو يعرف كيف يختار ربطة عنق ملائمة... وله إلمام بعقلية وسلوك الأجانب والبرجوازيين المحليين.
وكان عضو القيادة الآخر حازم جواد امين سر مجلس قيادة الثورة يشعر هو ايضاً بالتفوق والعقلانية... وكان الاثنان يظنان أنه بإمكانهما الإتكال على العسكر والامساك بناصية الحكم... وبالمقابل كان امين سر الحزب علي صالح السعدي يجد في إطلاق السباب على الرجعية نوعاً من تبرئة الذمة وكان يرى أنه من الشعبية، تناول لحمة الرأس عند (الحاتي) في شارع الشيخ عمر...
وكان يرى أن قواعد الحزب هي الاولى بالرعاية وهي الاقدر على الحماية، ووقف مع علي صالح السعدي قيادة الحرس القومي... وهي الميليشيا التي اسسها البعثيون بعد إنقلاب 8 شباط... كان هناك قائد الحرس منذر الونداوي الذي أصر أن يبقى حزبياً ملتزماً بالمبادئ قبل أن يكون ضابطاً وكان هناك نجاد الصافي وابو طالب عبدالمطلب اللذان ظلا وفيين لروح التغيير... خارج هاتين
الحلقتين كان يقف عبدالسلام عارف. وقد جاء به البعثيون الى منصب الرئاسة تكريماً له وارضاء لشهوة الحكم عند العسكر وتوكيداً لاستمرار روح 14 تموز 1958... لكن عبدالسلام عارف كان يضيق ذرعاً بالبعثيين لأسباب عديدة في مقدمتها أنهم حزب، وهو بعد أن اصبح رئيساً راح يطمح بالانفراد بالحكم... ثم أنهم مدنيون وهو عسكري... وأن بعضهم تقدميون وهو يكره التقدمية
واليسارية ويعدهما نوعاً من البلاء... وأن كثرة من البعثيين شيعة، والشيعة عنده مثلما هم عند الزرقاوي روافض كفار... وهو يريد أن يكون مثل عبدالناصر له الكلمة الاولى والاخيرة. . هكذا مضى عبدالسلام عارف يجمع من يشاركونه الرأي من العساكر مبتدئا بالبعثيين منهم... وكان رئيس الوزراء احمد حسن البكر يحب الذي عندما يؤمر يُطيع... ويريد الحزب التقي الورع الخالي من شوائب الاشتراكية واليسار...
وحتى لحظة كتابة هذه السطور لايعرف احد من الذي كان وراء الإنقلاب الداخلي في الحزب وقد دخلت مجموعة من المسلحين القاعة التي كان الحزب يعقد فيها مؤتمره، وشهروا السلاح بوجه المؤتمرين والقوا القبض على علي صالح السعدي ومنذر الونداوي وابو طالب الهاشمي... ولم يحتج أحد على هذا الإنتهاك سوى سعدون حمادي الذي قال أن هذا مخالف للنظام فرد عليه احد المسلحين بقوله (اكعد عبدالزهرة)... اي اجلس يا شيعي، والزهرة هي فاطمة الزهراء... وكان هذا المسلح يعبر عن اتجاه طائفي... وحضر ميشيل عفلق ونفر من اعضاء القيادة القومية ولم يستنكر
ماحدث ولم يقف الى جانب الشرعية وتمتم كعادته بكلمات مبهمة تعكس التعالي واتفقوا على تشكيل قيادة قطرية جديدة... وبعد خمسة أيام في 18 تشرين 1963 قاد عبدالسلام عارف انقلاباً عسكرياً وصار رئيس وزارة البعث أحمد حسن البكر نائباً لرئيس الجمهورية ومضى عسكريو البعث
يفخرون بقضائهم على الحرس القومي... فقد اعلن حردان التكريتي عبر التلفاز بأن الله قد ارسل على الحرس القومي طيراً ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل... ويقصد بالطير الابابيل طائرات ميغ 17 العراقية حيث كان قائد القوة الجوية...
لا اعتقد أن صدام حسين كان بعيداً عن دخول الزمرة المسلحة الى قاعة المؤتمر واعتقال عدد من أعضاء القيادة... فلقد كان يمقت الحرس القومي الذي لم يتم اختياره من بين قيادته وقد حاول الحرس من جهته اعتقال صدام حسين لنشاطه في تأجيج الصراع... ثم أنه وقد عاد من المنفى بسبب محاولة اغتيال قاسم كان يطمح بدور مناسب ولم يتح له احد هذا الدور بل عومل هو وبقية اعضاء زمرة التنفيذ وكأنهم كانوا في نزهة او كأنهم لم يحاولوا اختيار رئيس وزراء بل كأنهم
وزعوا بضعة منشورات ليس إلا...وقف صدام حسين ضد علي صالح وجناحه وحرسه القومي وضد لمسات الفكر اليساري ولم يسلم زمام امره لطالب شبيب او حازم جواد... بل حاول أن يعمل لحسابه وناقش فكرة الاستفادة من كتيبة الدبابات التي كانت بأمرة ابن صهره وابن خاله عدنان خير الله لكنهما وجدا أنها لاتكفي للقيام بانقلاب...
كانت فرصة صدام حسين كما تصورها أن يهدم الحزب وأن يبني من جديد بناء يكون له فيه دور القائد فعلياً والرجل الثاني اسمياً... وكان يرى أن تأييد ميشيل عفلق يعني إضفاء المشروعية على القيادة الجديدة...وكانت ملازمة احمد حسن البكر تعني وضع بقايا الضباط البعثيين تحت تصرفه...
وكان يرى الحزام الجماهيري العريض إنشغالاً بما هو ليس ضرورياً وارباكاً وقيداً على حرية التصرف في الفكر والموقف... ثم ضياعاً لفرصة الاستفادة من هذه الجهة الاجنبية أو تلك ومن هذه المحلية او تلك.. ولم يكن الأميركان يرضون عن حزب البعث كما هو بل أرادوا هم وحلفاؤهم الأنجليز أن يكون كما يرغبون... حزباً يرفض الاستقرار ولا يتعرض لمصالحهما، وعلى خلاف دائم مع عبدالناصر، ومعاد للاتحاد السوفيتي والشيوعية...
كان صدام قد رأى ببصيرته الثاقبة أن عدداً مؤثراً من الضباط الكبار والصغار وعدداً من المدنيين مع سيارة وأن كانت صغيرة كافية لمداهمة أوكار البعثيين من الجناح الآخر والاستيلاء على اجهزة الطبع والسلاح والحصول على قوائم بأسمائهم وتقديمها للحكومة بطريقة ما لتتولى امر تصفيتهم...
وهذا كان يكفيه من المدنيين صديقه الحميم عبدالكريم الشيخلي وصديقه سعدون شاكر وناظم كزار وصباح مرزة وعدد من الاقتحاميين اما العسكر فقد عول على أحمد حسن البكر وحردان التكريتي وصالح مهدي عماش وحماد شهاب ولم يعد سراً أن انقلاب 8 شباط 1963 قد موله وخططه
وباركه الأميركان.. كان المطلوب من الغرب تصفية عبدالكريم قاسم بعد أن قام بإبعاد شبح الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة فقد باشر الرجل بخطة تنموية طموحة حتى أن البعثيين كانوا يسخرون منه فيسمونه (كريم فلكة) لكثرة عبر الشوارع وما أنشئ من ساحات... ثم اخرج العراق من حلف بغداد ومن منطقة الاسترليني وحدد مناطق الاستثمار لشركات النفط بما لايتجاوز الواحد بالمائة بموجب القانون رقم 80 وأسس شركة النفط الوطنية... ونفذ قانون الإصلاح الزراعي
وانفتح على المعسكر الاشتراكي في ميادين التجارة والتسليح والتعاون الفني والثقافي... لكن الشارع السياسي ظل ملكا للشيوعيين وبقى يهدد بالانفجار وهكذا راح الأميركان يعدون للتغيير...
أن علي صالح الذي كان أمين سر الحزب هو الذي أعلن أنهم وصلوا الحكم بقطار اميركي... ولم يعد سراً أن لطفي العبيدي الذي كان يشار اليه بأنه ممثل المخابرات الامريكية في العراق كان يبعث النقود الى صدام حسين وعبدالكريم الشيخيلي عن طريق اصحاب شركة الاسمنت العراقية...
وكان إنقلاب 17 تموز 1968 او مايطلق عليه (الثورة البيضاء) أقرب الى فيلم هندي، فقد اجتمع سبعون شخصاً في احد دور السكك القريب من الاذاعة والتي كان يسكنها صهر احمد حسن البكر
(ومن دون أن يرى ذلك احد)، اما الذين شاركوا بالانقلاب فهم الذين ادوا يمين الولاء لعبدالرحمن عارف رئيس الجمهورية آنذاك وهم عبدالرحمن الداوود امر لواء الحرس الجمهوري وحماد شهاب آمر اللواء المدرع العاشر وعبدالرزاق النايف معاون مدير الاستخبارات العسكرية ومديرها الفعلي... ومضت سيارة الانقلابيين تخترق الشوارع التي يفترض أنها محروسة بين الاذاعة والقصر، وفتحت للشاحنة ابواب القصر وسلمت الدبابات للانقلابيين ووجهت قذيفة دبابة واحدة على مقر الرئيس الذي كان يأمل بأتباعه خيراً.
وطلب الرئيس تسفيره مع عائلته وكان له ما اراد... وفي الثلاثين من تموز 1968 اي بعد ثلاثة عشر يوماً اقصي رئيس الوزراء عبدالرزاق النايف تحت تهديد السلاح واعتقل عبدالرحمن الداوود الذي كان يتفقد القطاعات العراقية في الاردن، وسفر الاثنان الى خارج العراق.
وبعد أن أنهى صدام حسين شركاء التآمر على الحكم بدأ دور رفاق العقيدة والسلاح.
السلطة والطغيان
لقد بدأ صدام حسين العمل فوراً بتأسيس جهاز ذي مهمتين رئيستين الأولى هي التجسس وجمع المعلومات عن الخصوم القائمين والمحتملين والمهمة الثانية هي تصفية العناصر غير المرغوب فيها، وكانت قيادة الجهاز تحت إمرته وعضوية سعدون شاكر وناظم كزار... وكان أول الضحايا لهذا الجهاز هو وزير الخارجية ناصر الحاني.
لم يكن الرجل بعثياً ولم ينتم لاي حزب كان دبلوماسياً محترفاً ، فكيف عين وزيراً للخارجية في اول حكومة بعثية؟ لابد وأن يكون له دور ما ولماذا تمت تصفيته وذهب غير مأسوف عليه؟ لابد أنه يمتلك من المعلومات مايوجب دفنه معه.
في الوقت الذي كان فيه صدام حسين يعمل في أناء الليل واطراف النهار لتثبيت دعائم حكمه وتصفية خصومه.. فإن عضو القيادة الذي حاول أن يكون منافساً له المرحوم عبدالله سلوم وزير الاعلام الذي كان منشغلاً بملاحقة صحفية مجنونة حمقاء لأنها كانت تصبغ شعرها بالاشقر.
كما أنه كان منشغلاً بمحاربة الشعوبية اي الموروث الجعفري، أما خلفه المرحوم شفيق الكمالي فقد نصب نفسه اميراً بدوياً لأنه مربوع القامة أسمر اللون وراح يكتب ديوان شعر تحت عنوان (الامير البدوي وحبيبته الفارعة) ولم تكن الفارعة تفهم شيئاً من ذلك لأنها لم تكن عربية، ثم مضى ينشئ داراً على الطراز الأندلسي.
وعين عبدالكريم الشيخلي بعد اغتيال ناصر الحاني وزيراً للخارجية لأنه كان في زمن ما طالباً في كلية الطب ويعرف قليلاً من الأنجليزية.. وكان أول انجاز له هو إدخال سيارة الستروين الفرنسية لاستخدام المسؤولين، وكان مطعم (فاروق) ثم (نادي الصيد) هو ساحة التعارف والتلاؤم والتقاء المصالح بين البرجوازية والباحثين عن المنافع عن مقاولات خطة التنمية من جهة والقيادة البعثية الاشتراكية من جهة اخرى.
أما صالح مهدي عماش فقد شغل نفسه بتلطيخ سيقان الفتيات اللواتي يلبسن القصير وقص (زوالف الشباب الطويلة، وكان حردان التكريتي منشغلاً بصوت عذب..وفي هذا الوقت ظهر في العراق نصاب اسمه عدنان القيسي وقد عرض نفسه على أنه مصارع لا يقعقع له بسنان وراح يستقدم منافسيه الأجانب ويصرعهم الواحد تلو الآخر بينما يجلس أعضاء القيادة في الشرفة يهتفون ويصفقون وقد خرج من عصابته الأجانب بكمية وافرة من المال كما أن أحد المعجبين وهبه ابنته هدية وراح (تلفزيون البعث العربي الاشتراكي) يثني على شهامة هذا الرجل ووطنيته الصادقة. ثم برز للساحة المدعو أبو طبر وهو شبح قيل عنه أنه يغتصب كل امرأة شقراء ثم يمزقها ارباً لكنه قتل عدداً من الرجال بينهم استاذ الاقتصاد جون ارنست... وانشغل سكان بغداد يحرسون أنفسهم من هذا البلاء.
لكن عجلة التاريخ كانت تطحن في الخفاء فلقد قضي على عبدالله سلوم ليتفرغ لمحاربة الشعوبية وسرت شائعة قوية مفادها أن هناك خلافاً بين الرئيس صالح مهدي عماش وحردان التكريتي، وكان الاثنان ضابطين محترفين في الانقلابات العسكرية. وكان كل منهما راضياً بمنصبه شاكراً لنعمة الله.
حتى أن المرحوم حردان قد صرح في أحد مجالسه الخاصة أنه لايطمح أن يكون رئيساً الا اذا مات (...) مثلما مات (...) احمد حسن البكر، وكان من الواضح أن الغرض من الشائعة هو إقصاء الطرفين بحجة أن خلافهما يؤثر في (مسيرة الثورة) وقد تم ذلك بهدوء ثم اغتيل حردان في الكويت
ومات صالح مهدي عماش في فنلندا بداء لايعرفه احد، وجاء دور عبدالكريم الشيخلي فأقصي من منصبه ومن القيادة ثم قتل بإطلاق النار عليه، وبعد أن اقصي صلاح التكريتي من منصبه فأنه نجا من الموت بأعجوبة وكان من اكثر القادة البعثيين اخلاصاً ونزاهة وتحضراً.. وبقى مرتضى الحديثي وهو مناضل شريف نزيه ومن البعثيين الأوائل وعضو قيادة بقي حتى وقت متأخر سفيراً للعراق في موسكو ثم استدعي ذات يوم لحضور مؤتمر لسفراء العراق فتم اعتقاله بعد الاجتماع وتصفيته، وكان اسلوب الاقصاء بسيطاً حيث تدعى القيادة الى اجتماع بغياب المتهم وتعرض عليها مخالفات المتهم وفساد اخلاقه فيقرر الجميع اعفاءه وينتظر كل منهم دوره ويعيش في الذعر.
وظل احمد حسن البكر منزوياً في القصر الجمهوري فهو اما أن يخرج مع صدام حسين او يخرج وحده فيجد في نشرة الاخبار أن نائبه قد قام بزيارة مكان ما، واذا ما ارتدى بدلة بيضاء مثلاً يجد أن نائبه قد ارتدى مثلها لكنه اكثر وسامة وأناقة.
فصار الناس يطلقون عليهما وهما يقفان جنباً الى جنب (تايد يغسل اكثر بياضاً).
وأنشغل بعض أعضاء القيادة بالسفر الى الخارج وصار يُحكم على الناس أن يشاهدوا على شاشة التلفزيون لساعة أو تزيد أعضاء القيادة يُقبل بعضهم بعضاً أو يودع بعضهم بعضاً بالقبل، اما أين يذهبون ومن أين جاؤوا ولماذا سافروا. فلقد بقي ذلك بحكم الاسرار، لكن الناس ضاقوا ذرعاً بأعضاء القيادة وهم (يلطع) بعضهم بعضاً عند سلالم الطائرات.