المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة امير الشعراء احمد شوقي في مدح النبي الاعظم ( ص ) : «أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك»



موالى
01-26-2013, 01:22 AM
http://www.al-eman.com/aleman/others/recommendation-image/14343.jpg




وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ
لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا
بِالتُرجُمانِ شَذِيَّة غَنّاءُ
وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ
وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ
نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ
في اللَوحِ وَاسم مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اسم الجَلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ
أَلِفٌ هُنالِكَ وَاسم طَهَ الباءُ
يا خَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً
مِن مُرسَلينَ الى الهُدى بِكَ جاؤوا
بَيتُ النَبِيّينَ الَّذي لا يَلتَقي
الّا الحَنائِفُ فيهِ وَالحُنَفاءُ
خَيرُ الأُبُوَّةِ حازَهُم لَكَ آدَمٌ
دونَ الأَنامِ وَأَحرَزَت حَوّاءُ
هُم أَدرَكوا عِزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت
فيها الَيكَ العِزَّةُ القَعساءُ
خُلِقَت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها
انَّ العَظائِمَ كُفؤُها العُظَماءُ
بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت
وَتَضَوَّعَت مِسكاً بِكَ الغَبراءُ
وَبَدا مُحَيّاكَ الَّذي قَسَماتُهُ
حَقٌّ وَغُرَّتُهُ هُدىً وَحَياءُ
وَعَلَيهِ مِن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ
وَمِنَ الخَليلِ وَهَديِهِ سيماءُ
أَثنى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ
وَتَهَلَّلَت وَاِهتَزَّتِ العَذراءُ
يَومٌ يَتيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ
وَمَساؤُهُ بِمُحَمَّدٍ وَضّاءُ
الحَقُّ عالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ
في المُلكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ
ذُعِرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت
وَعَلَت عَلى تيجانِهِم أَصداءُ
وَالنارُ خاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم
خَمَدَت ذَوائِبُها وَغاضَ الماءُ
وَالآيُ تَترى وَالخَوارِقُ جَمَّةٌ
جِبريلُ رَوّاحٌ بِها غَدّاءُ
نِعمَ اليَتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ
وَاليُتمُ رِزقٌ بَعضُهُ وَذَكاءُ
في المَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ
وَبِقَصدِهِ تُستَدفَعُ البَأساءُ
بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم
يَعرِفهُ أَهلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ
يا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا
مِنها وَما يَتَعَشَّقُ الكُبَراءُ
لَو لَم تُقِم ديناً لَقامَت وَحدَها
ديناً تُضيءُ بِنورِهِ الآناءُ
زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ
يُغرى بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ
أَمّا الجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ
وَمَلاحَةُ الصِدّيقِ مِنكَ أَياءُ
وَالحُسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ
ما أوتِيَ القُوّادُ وَالزُعَماءُ
فَاذا سَخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى
وَفَعَلتَ ما لا تَفعَلُ الأَنواءُ
وَاذا عَفَوتَ فَقادِراً وَمُقَدَّراً
لا يَستَهينُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ
وَاذا رَحِمتَ فَأَنتَ أُمٌّ أَو أَبٌ
هَذانِ في الدُنيا هُما الرُحَماءُ
وَاذا غَضِبتَ فَانَّما هِيَ غَضبَةٌ
في الحَقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ
وَاذا رَضيتَ فَذاكَ في مَرضاتِهِ
وَرِضى الكَثيرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ
وَاذا خَطَبتَ فَلِلمَنابِرِ هِزَّةٌ
تَعرو النَدِيَّ وَلِلقُلوبِ بُكاءُ
وَاذا قَضَيتَ فَلا اِرتِيابَ كَأَنَّما
جاءَ الخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ
وَاذا حَمَيتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو
أَنَّ القَياصِرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ
وَاذا أَجَرتَ فَأَنتَ بَيتُ اللَهِ لَم
يَدخُل عَلَيهِ المُستَجيرَ عَداءُ
وَاذا مَلَكتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها
وَلَوَ ان ما مَلَكَت يَداكَ الشاءُ
وَاذا بَنَيتَ فَخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً
وَاذا اِبتَنَيتَ فَدونَكَ الآباءُ
وَاذا صَحِبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّماً
في بُردِكَ الأَصحابُ وَالخُلَطاءُ
وَاذا أَخَذتَ العَهدَ أَو أَعطَيتَهُ
فَجَميعُ عَهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ
وَاذا مَشَيتَ الى العِدا فَغَضَنفَرٌ
وَاذا جَرَيتَ فَانَّكَ النَكباءُ
وَتَمُدُّ حِلمَكَ لِلسَفيهِ مُدارِياً
حَتّى يَضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ
في كُلِّ نَفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ
وَلِكُلِّ نَفسٍ في نَداكَ رَجاءُ
والرَّأيُ لمْ يُنْضَ المُهَنَّدُ دُونَهُ
كَالسَّيْفِ لمْ تَضرب بهِ الأَرَاءُ
يَا أيُّهَا الأُمِّيُّ حَسْبُكَ رُتْبَةً
في العِلْمِ أن دَانَتْ بكَ العُلَمَاءُ
الذِّكْرُ آيَةُ رَبِّكَ الكُبْرَى الَّتِي
فِيهَا لِبَاغِي المُعْجِزَاتِ غَنَاءُ
صَدْرُ البَيَانِ لَهُ اذَا الْتَقَتِ الُّلغَى
وَتَقَدَّمَ البُلَغَاءُ والفُصَحَاءُ
نُسِخَتْ بهِ التَّوْرَاةُ وهْيَ وَضِيئَةٌ
وَتخَلَّفَ الانْجيلُ وَهْوَ ذُكَاءُ
لمَّا تَمَشَّى في الحِجَازِ حَكِيمُهُ
فُضَّتْ (عُكَاظُ) بهِ وَقَامَ حِرَاءُ
أزْرَى بمَنْطِقِ أهْلِهِ وَبَيَانِهِمْ
وَحْيٌ يُقَصِّرُ دُونَهُ البُلَغَاءُ
حَسَدُوا فَقَالُوا: شَاعرٌ أوْ سَاحِرٌ
وَمِنَ الحَسُودِ يَكُونُ الاِسْتِهْزَاءُ
قَدْ نَالَ بالهَادِي الكَرِيمِ وبالهُدَى
مَالمْ تَنَلْ مِنْ سُؤْدَةٍ سينَاءُ
أمْسَى كَأنَّكَ مِنْ جَلاَلِكَ أُمَّةٌ
وَكَأنَّهُ مِنْ أُنْسِهِ بَيْدَاءُ
يُوحَى اليْكَ الفَوْزُ فِي ظُلُمَاتِهِ
مُتَتَابِعاً تُجْلَى بهِ الظَّلْمَاءُ
دِينٌ يُشَيَّدُ آيةً في آيَةٍ
لَبنَاتُهُ السُّورَاتُ والأدواء
الحَقُّ فيِهِ هُوَ الأَسَاسُ وكَيْفَ لاَ
واللهُ جَلَّ جَلاَلَهُ البَنَّاءُ
أمَّا حَدِيثُكَ في العُقُولِ فَمَشرَعٌ
والعِلْمُ والحِكَمُ الغَوَالِي المَاءُ
هُوَ صِبْغَةُ الفُرْقَانِ نَفْحَةُ قُدْسِهِ
والسِّينُ مِنْ سُورَاتِهِ والرَّاءُ
جَرَتِ الفَصَاحَةُ مِنْ يَنَابِيعِ النُّهَى
مِنْ دَوْحِهِ وتَفَجَّرَ الانْشَاءُ
في بَحْرِهِ للسَّابحِينَ بهِ عَلَى
أدَبِ الحيَاةِ وَعِلْمهَا ارْسَاءُ
أتَتِ الدُّهُورُ عَلَى سُلاَفَتِهِ وَلمْ
تَفْنَ السُّلاَفُ ولاَ سَلاَ النُّدَمَاءُ
بكَ يَا ابْنَ عبدالله قَامَتْ سَمْحَةٌ
بالحَقِّ مِنْ مِلَلِ الهُدَى غَرَّاءُ
بُنَيتْ عَلَى التَّوْحِيدِ وَهْيَ حَقِيقَةٌ
نَادَى بِهَا سُقْرَاطُ والقُدَمَاءُ
وَجَدَ الزُّعَافَ مِنَ السُّمُومِ لأَجْلِهَا
كالشَّهْدِ ثُمَّ تَتَابَعَ الشُّهَدَاءُ
وَمَشَى عَلَى وَجْهِ الزَّمَانِ بِنُورهَا
كُهَّانُ وَادِي النِّيلِ والعُرَفَاءُ
ايزِيسُ ذَاتُ المُلْكِ حِينَ توَحَّدَتْ
أخذَتْ قِوَامَ أمُورهَا الأشْيَاءُ
لمَّا دَعَوْتَ النَّاسَ لَّبى عَاقِلٌ
وأصَمَّ مِنْكَ الجَاهِلينَ نِدَاءُ
أبَوْا الخُرُوجَ اليْكَ مِنْ أوْهَامِهِمْ
والنَّاسُ فِي أوْهَامِهِمْ سُجَنَاءُ
وَمِنَ العُقُولِ جَدَاولٌ وَجَلاَمِدٌ
ومِنَ النُّفُوسِ حَرَائِرٌ وامَاءُ
دَاءُ الجَمَاعَةِ مِنْ أرسْطَالِيسَ لمْ
يُوصَفْ لَهُ حتَّى أتَيْتَ دَوَاءُ
فَرَسمْتَ بَعْدَكَ لِلْعِبَادِ حُكُومَةً
لا سُوقَةٌ فِيهَا ولاَ أُمَرَاءُ
اللهُ فَوْقَ الخَلْقِ فِيهَا وَحْدَهُ
والنَّاسُ تَحْتَ لِوَائِهَا أكْفَاءُ
والدِّينُ يُسْرٌ والخِلاَفَةُ بَيْعَةٌ
والأَمْرُ شُورَى وَالحُقُوقُ قَضَاءُ
دَاوَيْتَ مُتَّئِدًا وَدَاوَوْا ظَفْرَةً
وأخَفُّ مِنْ بَعْضِ الدَّوَاءِ الدَّاءُ
الحَرْبُ فِي حَقٍّ لَدَيْكَ شَرِيعَةٌ
ومنَ السُّمُومِ النَّاقِعَاتِ دَوَاءُ
والبرُّ عِنْدَكَ ذِمَّةٌ وَفَرِيضَةٌ
لاَ مِنَّةٌ مَمْنُونَةٌ وَجَبَاءُ
جَاءَتْ فَوَحَّدَتِ الزَّكَاةُ سَبِيلَهُ
حتَّى الْتَقَى الكُرَمَاءُ والبُخَلاَءُ
أنْصَفْتَ أهْلَ الفَقْرِ مِنْ أهْلِ الغِنَى
فَالْكُلُّ في حَقِّ الحَيَاةِ سَوَاءُ
فَلَو ان انْسَانًا تَخَيَّرَ مِلَّةً
مَا اخْتَارَ الاَّ دِينَكَ الفُقَرَاءُ
يَا أيُّهَا المُسْرَى بِهِ شَرَفًا إلَى
مَالاَ تَنَالُ الشَّمْسُ والجَوْزَاءُ
يَتَسَاءَلُونَ وأنْتَ أطْهَرُ هَيْكَلٍ
بالرُّوحِ أمْ بالهَيكَلِ الاسْرَاءُ
بَهَمَا سَمَوْتَ مُطَهَّرَيْنِ كِلاَهُمَا
نُورٌ وَرَيْحَانِيَّةٌ وَبَهَاءُ
فَضْلٌ عَلَيْكَ لِذِي الجَلاَلِ وَمِنَّهٌ
واللهُ يَفْعَلُ مَا يَرَى وَيَشَاءُ
تَغْشَى الغُيُوبَ مِنَ العَوَالِمِ كُلَّمَا
طُوِيَتْ سَمَاءٌ قُلِّدَتْكَ سَمَاءُ
في كُلِّ مَنْطَقَةٍ حَوَاشِي نُورِهَا
نُونٌ وأنْتَ النُّقْطَةُ الزَّهْرَاءُ
أنتَ الجَمَالُ وأنتَ أنتَ المُجتَلي
والكَفُّ والمِرآةُ والحَسْنَاءُ
اللهُ هَيَّأ مِن حَظِيرةِ قُدْسِهِ
نُزُلاً لِذاتِكَ لَمْ يَجُزْهُ عَلاءُ
العَرْشُ تَحْتَكَ سُدَّة وقَوَائِمٌ
ومَنَاكِبُ الروُّح الأمِينِ وطَاءُ
والرُّسْلُ دُونَ العَرشِ لمْ يُؤْذَنْ لهُم
حَاشَا لِغَيْرِكَ مَوْعِدٌ وَلِقَاءُ
الخَيْلُ تأْبَى غَيرَ أحمَدَ حَامِياً
وَبهَا إذَا ذُكِرَ اسمهُ خُيَلاءُ
شَيْخُ الفَوَارسِ يَعْلَمُونَ مَكَانَهُ
إنْ هَيَّجَتْ آسَادَهَا الهَيْجَاءُ
واذَا تَصَدَّى للظُّبي فَمُهَنَّدٌ
أوْ للرِّمَاحِ فَصعْدَةٌ سَمْرَاءُ
واذَا رَمى عَنْ قَوْسِهِ فَيَمينهُ
قَدَرٌ ومَا تَرْمِي اليَمينُ قَضَاءُ
مِنْ كُلِّ دَاعِي الحَقِّ هِمَّةُ سَيْفِهِ
فَلِسَيفِهِ في الرَّاسِيَاتِ مَضَاءُ
سَاقي الجَريحِ، وَمُطعِمُ الأسرَى وَمَن
أمِنَتْ سَنَابكَ خَيلِهِ الأشْلاَءُ
انَّ الشَّجَاعَةَ في الرِّجَالِ غَلاَظَةٌ
مَالمْ تَزنَها رَأفْةٌ وَسخَاءُ
والحَرْبُ مِن شَرفِ الشُّعُوبِ فَان بَغَوا
فَالمَجدُ ممَّا يَدعُونَ بَرَاءُ
والحَرْبُ يَبعَثُهَا القَويُّ تَجَبُّراً
وَيَنُوءُ تحْتَ بَلاَئِهَا الضُّعَفَاءُ
كَم مِنْ غَزَاةٍ للرَّسُّولِ كَرِيمَةٍ
فيهَا رضًى للحَقِّ أو اعْلاَءُ
كَانت لجُندِ اللهِ فيهَا شِدَّةٌ
في اثرِهَا للعَالمِينَ رَخَاءُ
ضَرَبُوا الضَّلاَلةَ ضَربةً ذهبتْ بهَا
فَعَلى الجَهَالَةِ والضَّلاَلِ عَفَاءُ
دَعَمُوا عَلى الحَربِ السَّلاَمَ وَطَالمَا
حَقَنَتْ دِمَاءً في الزَّمَانِ دِمَاءُ
الحَقُّ عِرْضُ اللهِ كُلُّ أبيَّةٍ
بَينَ النُّفُوسِ حِمًى لَهُ وَوقَارُ
هل كانَ حَولَ محمدٍ مِن قَومهِ
الاَّ صَّبىٌ واحِدٌ ونِساءُ
فَدَعَا فَلَبَّى في القَبَائِلِ عُصْبَةٌ
مُسْتَضْعَفُونَ قَلائِلٌ أنْضَاءُ
رَدُّوا ببَأْسِ العَزْمِ عَنْهُ مِنَ الأذَى
مَالاَ تَردُّ الصَّخْرَةُ الصَّمَّاءُ
والحَقُّ والايمَانُ ان صُبَّا عَلَى
بُرْدٍ فَفيهِ كَتِيبةٌ خَرْسَاءُ
نَسَفُوا بُنَاةَ الشِّركِ فَهْوَ خَرَائِبٌ
واسْتَأصُلُوا الأصْنَامَ فَهْيَ هَبَاءُ
يَمْشُونَ تُغضِي الأرْضُ مِنْهُمُ هَيْبَةً
وبهِمْ حِيالَ نَعيمِهِا إغْضَاءُ
حتَّى إذَا فُتِحَتْ لهُم أطرَافُهَا
لمْ يُطغِهِم تَرَفٌ ولاَ نَعْمَاءُ
يَا مَن لَه عِزُّ الشَّفَاعَةِ وَحدَهُ
وَهُوَ المُنَزَّهُ مَالهُ شُفَعَاءُ
عَرْشُ القِيَامَةِ أنتَ تَحْتَ لِوَائِهِ
والحَوضُ أنْتَ حِيَالَهُ السَّقَّاءُ
تَروي وتَسقي الصالحينَ ثوابهُمْ
والصالِحاتُ ذخائرٌ وجزاءُ
أ لمِثلِ هَذَا ذُقْتَ في الدُّنيَا الطَّوَى
وَانْشَقَّ مِنْ خَلَقٍ عَلَيْكَ ردَاءُ
لِي في مَدِيحِكَ يَا رَسُولُ عَرَائِسٌ
تُيِّمْنَ فِيكَ وَشَاقَهُنَّ جَلاَءُ
هُنَّ الحِسَانُ فَانْ قَبِلتَ تَكَرُّماً
فَمُهُورُهُنَّ شَفَاعَةٌ حَسْناءُ
أنتَ الَّذِي نَظَمَ البَرِيَّة دِينُهُ
مَاذَا يَقُولُ وَيَنْظِمُ الشُّعَرَاءُ
المُصْلِحُونَ أصَابعٌ جمَعَتْ يَداً
هِي أنتَ بَلْ أنتَ اليَدُ البَيْضَاءُ
مَا جِئْتُ بَابَكَ مَادِحًا بَل دَاعِياً
وَمِنَ المَدِيحِ تَضرُّعٌ وَدُعَاءُ
أدعُوكَ عَن قَوْمِي الضِّعَافِ لأزْمَةٍ
فِي مِثلِهَا يُلقَى عَلَيْكَ رَجَاءُ
أدَرَى رَسُولُ اللهِ ان نُفُوسَهُمْ
ركِبَتْ هَوَاهَا والقُلُوبُ هَوَاءُ
مُتَفَكَّكُونَ فَمَا تَضُمُّ نُفُوسَهُمْ
ثِقةٌ ولاَ جَمَعَ القُلُوبَ صَفَاءُ
رَقَدُوا وغَرَّهُمُ نَعيمٌ بَاطِلٌ
وَنعيمُ قَوْمٍ في القُيُودِ بَلاَءُ
ظَلَمُوا شَرِيعَتَكَ التيَّ نِلْنا بهَا
مَالم يَنَلْ في رُومَةَ الفُقَهَاءُ
مَشَتِ الحَضَارَةُ في سَنَاهَا واهتَدَى
في الدِّينِ والدُّنْيَا بهَا السُّعَدَاءُ
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ مَا صَحِبَ الدُّجَى
حَادٍ، وحَنَّتْ بالفَلاَ وَجْنَاءُ
واستَقْبَلَ الرِّضْوَانَ في غُرفَاتِهِمْ
بِجَنانِ عَدْنٍ آلكَ السُّمَحَاءُ
خَير الوَسائلِ مَن يَقعْ منهُم عَلى
سَببٍ اليكَ فَحسبي الزَّهرَاء