كاكاو
01-18-2013, 11:59 AM
كتب بواسطة: ابو القاسم (http://www.bsvoic.com/component/contact/contact/)
http://www.bsvoic.com/images/23385_327707100678581_855734998_n.jpg
صحيفة العالم – حيدر الجزائري
من المعالم المهمة التي تحتضنها مدينة البصرة، والتي تعتبر جزءا من ذاكرة المدينة الحية هي (مقبرة الإنكليز) التي أقيمت لقتلى الجيوش البريطانية في الحربين العالميتين الأولى والثانية. المعلم عبارة عن مقبرتين أقيمتا على جانبي الطريق الرئيس المؤدي الى منطقة الرباط الكبير، المقبرة الاولى للجنود والضباط والقادة البريطانيين، والثانية للمراتب والضباط الهنود والعثمانيين المسلمين.
بنيت المقبرة في البصرة خلال الحرب العالمية الأولى، واستخدمت المقبرة من 1914 إلى شهر آب 1917، لدفن قتلى الحرب في الجبهة العثمانية التي تضم العراق ودولا مجاورة أخرى، ثم استخدمت بعد ذلك في الحرب العالمية الثانية للغرض نفسه.
ويحتفظ البصريون بذكريات جميلة عن المقبرة حيث يروي لـ"العالم"، عبد الستار التميمي (52 عاما)، ويعمل مدرسا، ذكرياته وذكريات أبناء جيله في منطقة الرباط التي تقع المقبرة في محيطها، قائلا "كنا نشاهد مجاميع من الزائرين الغربيين للمقبرة الأولى، وكانت المقبرة المكان المفضل للكثير من شباب المنطقة لقضاء ساعات الدراسة، خصوصا أيام الامتحانات النهائية، كما كانت متنفسا لقضاء أوقاتنا في أثناء العصر والمغرب"، مشيرا الى ان "الدخول اليها لم يكن مسموحا فنضطر الى تسلق السور الحديدي على غفلة من الفلاحين ومسؤولهم (ملا خضير)، أما في الليل فتتحول المقبرتان الى كابوس لمن يمر من خلالها، وكثيرا ما استغلت من قبل السراق".
ويلفت التميمي "كان لأخوتي علاقة صداقة مع أحد ابناء الفلاحين العاملين في المقبرة، وفي احدى (العصريات) كنا في زيارة لهم، حيث تقع بيوتهم في الطرف الخلفي لمقبرة الانكليز، وقد تأخر الوقت وحل الظلام، وكان علينا العودة للبيت، فكان طريق العودة يتطلب الدخول الى المقبرة والخروج من البوابة الرئيسية، وكان الخوف والهلع الشديدان يسيطران علي، وأنا أجتاز المقبرة رغم أني برفقة إخواني الكبار، فقد كان عمري آنذاك 8 سنوات".
بدوره، يتطرق الدكتور حميد سراج جابر الاسدي، التدريسي وخبير التاريخ في جامعة البصرة في حديث مع "العالم"، الى أن "مقبرة الانكليز أنشئت بعد المعارك الطاحنة بين الانكليز والعثمانيين ابان الحرب العالمية الاولى، وهناك مقابر مماثلة في الكوت وبغداد، وأغلب الموجودين فيها هم من مرتزقة الدول العظمى، وليس من الانكليز الاصليين، بل إن معظمهم من الهنود"، مؤكدا أن "هذه المقبرة شهدت دفن شخصيات أجنبية مختلفة فيها من غير المشاركين في الحرب، أو ممن تقطعت بهم السبل كالتجار والعثمانيين وجاليات أخرى بالرغم من تسميتها بمقبرة الانكليز".
ويشير الاسدي الى ان "هناك قبرا كبيرا على شكل صندوق مازال شاهدا، ويختص بالمتميزين من الضباط الانكليز".
ويمضي قائلا "شاهدت صورة لبريطاني في احدى المجلات بعد العام 2003 يجلس بقرب قبر تذكر المجلة انه لجده، مما يدل على وجود توثيق للمقبرة وأسماء جنودها في الهند وبريطانيا، خصوصا أن المقبرة كانت تشهد سابقا زيارات من قبل اقرباء المدفونين فيها"، مبديا أسفه لما حل بالمقبرة، حيث أن "البعض نبش قبورا بحثا عن حاجيات او ميداليات لانها من الذهب".
من جهتها، تعترف أزهار جعفر هاشم، مدير مفتشية اثار البصرة لـ"العالم"، بأن دائرتها "ليست لديها اي توثيق او معلومة عن هذا المعلم، كما لا توجد لدينا أي خطة تجاهها، لأن المقابر كانت ترتبط إما بالبلدية أو بالوقف المتعدد"، مضيفة أن "مفتشية الآثار ليس لديها أي تطلع لتوثيق المقبرة، والسبب هو غياب التخصيصات المالية، وقلة الكوادر التخصصية في الآثار وهو ما يدفعنا الى غض النظر عن الكثير من الآثار والمعالم"، فيما تستدرك بالقول "اذا تم توفير الكوادر والتخصيصات اللازمة، فستكون تلك المقابر التاريخية ضمن تطلعاتنا واهتماماتنا".
الى ذلك، يكشف سعد متي بطرس، رئيس لجنة الأقليات الدينية في مجلس محافظة البصرة، في لقاء مع "العالم"، عن وجود "توجه قبل عامين، وخلال احتفالية نظمت من قبل القنصليتين البريطانية والتركية في البصرة، وبحضور ممثل المحافظة بمناسبة انتهاء الحرب العالمية الأولى، ينص على أن تتقدم المحافظة بمشروع للاهتمام بالمقبرة، وإعادة ترميمها لتصبح معلما تراثيا وحضاريا للمدينة"، مضيفا " لكننا لم نلمس أي اهتمام ومتابعة من قبل المحافظة بهذا الشأن، مع أن الدول تهتم وتعتز بالتراث الا نحن، فقد تحولت المقبرة الى مأوى للجرذان والكلاب وتغطي قبورها الأتربة، حيث وصل ارتفاع سمك الأتربة الى 5 سنتيمتر".
http://www.bsvoic.com/images/23385_327707100678581_855734998_n.jpg
صحيفة العالم – حيدر الجزائري
من المعالم المهمة التي تحتضنها مدينة البصرة، والتي تعتبر جزءا من ذاكرة المدينة الحية هي (مقبرة الإنكليز) التي أقيمت لقتلى الجيوش البريطانية في الحربين العالميتين الأولى والثانية. المعلم عبارة عن مقبرتين أقيمتا على جانبي الطريق الرئيس المؤدي الى منطقة الرباط الكبير، المقبرة الاولى للجنود والضباط والقادة البريطانيين، والثانية للمراتب والضباط الهنود والعثمانيين المسلمين.
بنيت المقبرة في البصرة خلال الحرب العالمية الأولى، واستخدمت المقبرة من 1914 إلى شهر آب 1917، لدفن قتلى الحرب في الجبهة العثمانية التي تضم العراق ودولا مجاورة أخرى، ثم استخدمت بعد ذلك في الحرب العالمية الثانية للغرض نفسه.
ويحتفظ البصريون بذكريات جميلة عن المقبرة حيث يروي لـ"العالم"، عبد الستار التميمي (52 عاما)، ويعمل مدرسا، ذكرياته وذكريات أبناء جيله في منطقة الرباط التي تقع المقبرة في محيطها، قائلا "كنا نشاهد مجاميع من الزائرين الغربيين للمقبرة الأولى، وكانت المقبرة المكان المفضل للكثير من شباب المنطقة لقضاء ساعات الدراسة، خصوصا أيام الامتحانات النهائية، كما كانت متنفسا لقضاء أوقاتنا في أثناء العصر والمغرب"، مشيرا الى ان "الدخول اليها لم يكن مسموحا فنضطر الى تسلق السور الحديدي على غفلة من الفلاحين ومسؤولهم (ملا خضير)، أما في الليل فتتحول المقبرتان الى كابوس لمن يمر من خلالها، وكثيرا ما استغلت من قبل السراق".
ويلفت التميمي "كان لأخوتي علاقة صداقة مع أحد ابناء الفلاحين العاملين في المقبرة، وفي احدى (العصريات) كنا في زيارة لهم، حيث تقع بيوتهم في الطرف الخلفي لمقبرة الانكليز، وقد تأخر الوقت وحل الظلام، وكان علينا العودة للبيت، فكان طريق العودة يتطلب الدخول الى المقبرة والخروج من البوابة الرئيسية، وكان الخوف والهلع الشديدان يسيطران علي، وأنا أجتاز المقبرة رغم أني برفقة إخواني الكبار، فقد كان عمري آنذاك 8 سنوات".
بدوره، يتطرق الدكتور حميد سراج جابر الاسدي، التدريسي وخبير التاريخ في جامعة البصرة في حديث مع "العالم"، الى أن "مقبرة الانكليز أنشئت بعد المعارك الطاحنة بين الانكليز والعثمانيين ابان الحرب العالمية الاولى، وهناك مقابر مماثلة في الكوت وبغداد، وأغلب الموجودين فيها هم من مرتزقة الدول العظمى، وليس من الانكليز الاصليين، بل إن معظمهم من الهنود"، مؤكدا أن "هذه المقبرة شهدت دفن شخصيات أجنبية مختلفة فيها من غير المشاركين في الحرب، أو ممن تقطعت بهم السبل كالتجار والعثمانيين وجاليات أخرى بالرغم من تسميتها بمقبرة الانكليز".
ويشير الاسدي الى ان "هناك قبرا كبيرا على شكل صندوق مازال شاهدا، ويختص بالمتميزين من الضباط الانكليز".
ويمضي قائلا "شاهدت صورة لبريطاني في احدى المجلات بعد العام 2003 يجلس بقرب قبر تذكر المجلة انه لجده، مما يدل على وجود توثيق للمقبرة وأسماء جنودها في الهند وبريطانيا، خصوصا أن المقبرة كانت تشهد سابقا زيارات من قبل اقرباء المدفونين فيها"، مبديا أسفه لما حل بالمقبرة، حيث أن "البعض نبش قبورا بحثا عن حاجيات او ميداليات لانها من الذهب".
من جهتها، تعترف أزهار جعفر هاشم، مدير مفتشية اثار البصرة لـ"العالم"، بأن دائرتها "ليست لديها اي توثيق او معلومة عن هذا المعلم، كما لا توجد لدينا أي خطة تجاهها، لأن المقابر كانت ترتبط إما بالبلدية أو بالوقف المتعدد"، مضيفة أن "مفتشية الآثار ليس لديها أي تطلع لتوثيق المقبرة، والسبب هو غياب التخصيصات المالية، وقلة الكوادر التخصصية في الآثار وهو ما يدفعنا الى غض النظر عن الكثير من الآثار والمعالم"، فيما تستدرك بالقول "اذا تم توفير الكوادر والتخصيصات اللازمة، فستكون تلك المقابر التاريخية ضمن تطلعاتنا واهتماماتنا".
الى ذلك، يكشف سعد متي بطرس، رئيس لجنة الأقليات الدينية في مجلس محافظة البصرة، في لقاء مع "العالم"، عن وجود "توجه قبل عامين، وخلال احتفالية نظمت من قبل القنصليتين البريطانية والتركية في البصرة، وبحضور ممثل المحافظة بمناسبة انتهاء الحرب العالمية الأولى، ينص على أن تتقدم المحافظة بمشروع للاهتمام بالمقبرة، وإعادة ترميمها لتصبح معلما تراثيا وحضاريا للمدينة"، مضيفا " لكننا لم نلمس أي اهتمام ومتابعة من قبل المحافظة بهذا الشأن، مع أن الدول تهتم وتعتز بالتراث الا نحن، فقد تحولت المقبرة الى مأوى للجرذان والكلاب وتغطي قبورها الأتربة، حيث وصل ارتفاع سمك الأتربة الى 5 سنتيمتر".