مطيري شيعي
01-03-2013, 05:18 PM
Wednesday, January 02, 2013
نبيه برجي- الديار
لم يكن الاخضر الابراهيمي بحاجة الى زلة لسان ليقول «... ولبنان مثل سوريا امام خيارين، إما التسوية او الجحيم»!
كان اندريه مالرو يقول ان مهنة السياسي هي صناعة الامل. ماذا عندما نكون امام اولئك الساسة الذين مهنتهم صناعة اليأس. اليأس بكل اشكاله، فالدولة تتدهور سياسياً واقتصادياً، والسيــناريوات توضـع في اكثر من مكان من اجل اعادة النــــظر في الدولة التي انتجتها اتفاقية سايكس-بـيكو لان التجربة اثبتت انها ليست بالدولة الصالحة للحياة، ولا هي الصالحة للموت على كل حال، اذا كان لنا ان نقرأ ما يقوله فينا مفكرون ومؤرخون او حتى معلقون في الغرب: غداً او بعد غد، حرب المذاهب التي لا تبقي ولا تذر...
هذا الذي نراه امامنا ليس اكثر من صراع على السلطة. قطعاً ليس صراعاً من اجل الدولة وإلا لما كانت هذه التعبئة البربرية، اجل البربرية، للغرائزية، ولما كانت الخديعة داخل كل من الفريقين السعيدين، في كل الاحوال، بادارة ذلك الطراز من الناس..
وهل لنا ان نتصور ان احداً يكترث بنا. نحن إما براميل بشرية تتدحرج فوقنا براميل النفط، او مرتــزقة نقتات من الفتات الذي يرمي به الينا الاباطرة، وسواء كانوا من القياس الكبير ام من القياس الصغير، فيما تورا بورا، والى اي طائفة انتمت، وهي ليست حكراً على طائفة دون اخرى، تنخر عظامنا بل وتنخر ارواحنا...
اجل، ندق جرس الانذار لان الديمقراطية ماتت، وتموت، في المنطقة باسم الاسلام الذي لا نعتقد انه بقي منه شيء في زمننا، ولان الحرية ماتت وتموت.
هكذا العدالة ايضا، فقد اصبحنا جميعا تحت وصاية الغيب واساقفة الغيب، دون ان ندري لماذا يخاف ساستنا، والى هذا الحد، من ان يقولوا صراحة ان كل المنتجات الاصولية باتت بيننا، وانه لا مجال لكل من يخالفها الرأي البقاء في هذه الارض، ودون ان يجدي الكلام عن الاسلام المعتدل الذي يجسده شيوخ اسلاميون عقلانيون، فهؤلاء يعلمون ما حل بأهل الاعتدال في باكستان وفي افغانستان وحتى في سوريا..
اجل في سوريا، ودون ان نأخذ بتلك النظرية المترفة والتي تقول بأحزاب ديمقراطية اسلامية على غرار الاحزاب الديمقراطية المسيحية التي نشأت في اوروبا واتخذت منحى تحديثياً يفعل ويتفاعل مع قيم العصر، فهذه الاحزاب لم تظهر في سياق مبرمج او معلب بل هي نتاج ديناميكية تاريخية واكبت البنية السياسية للدولة كما البنية السوسيولوجية للمجتمع..
قد نصل الى ذلك ذات يوم. ليس الآن، ودون ان نكون في لبنان معزولين، في حال من الاحوال، عن الايقاع الهيستيري الذي دفعت اليه مجتمعات المنطقة. وما يعنينا الآن الساحة اللبنانية حيث الكلام العلني، وليس فقط في الاروقة الخلفية، حول اموال طائلة تدفع للبنانيين وفلسطينيين من اجل تشكيل خلايا جاهزة للانطلاق في الوقت المناسب..
لا نقول هذا الكلام جزافاً. اوساط مرجع لبناني تنقل ما قاله له قيادي فلسطيني يخشى على الفلسطينيين وعذاباتهم. اشتكى من حصول « تحولات عقائدية» في بعض المخيمات التي في المدن الكبرى او على تخومها.
بمعنى آخر، ثمة من يخطط لجعل المخيمات معسكرات للاصوليين الذين سيعلنون ذات يوم امارتهم في بيروت كما في طرابلس كما في صيدا وربما في غيرها وغيرها، ودون ان ندري لماذا يحكى فقط عن السلاح خارج المخيمات، فالفريقان يخدعان اللبنانيين عندما يقتصر كلامهم على ذلك، فيما نعلم، جميعا، ان الاسلحة الخطرة، والاحتمالات الخطرة، في داخل المخيمات، كما لو انه لا يكفي الفلسطينيين ذلك البؤس العظيم، وذلك اليأس العظيم، ليستخدموا مرة اخرى في لعبة ايديولوجية، خلفياتها استراتيجية ولا تخدم العرب والمسلمين، تتوخى افغنة المنطقة بكاملها، وصوملة المنطقة بكاملها، دون ان ينجو احد من هذا الابوكاليبس الطويل المدى بل والذي قد يمتد الى يوم القيامة...
بالرغم من هول (بل واهوال) المشهد، ثمة من لا يزال يرفع الشعارات الباهتة، والبلهاء، والخادعة. الاخضر الابراهيمي تكلم، والرجل صادق بما فيه الكفاية، وعالم بما فيه الكفاية، ورؤيوي بما فيه الكفاية. في وقت سابق حذر من امتداد النيران السورية الى الجوار لتأكل الاخضر واليابس. والآن يتحدث عن التسوية او الجحيم، ونفهم منه ان المقصود ليس سوريا فحسب، وانما لبنان وغير لبنان ايضاً...
التقيناه منذ سنوات، وذهلنا لخبرته في التفاصيل اللبنانية. والذين يلتقونه الآن يعرفون مدى يأسه سورياً ولبنانياً وعربياً بعدما اعلن العرب جميعاً ارتهانهم، وتبعيتهم، للقوى الاقليمية والدولية التي تقتل المسلمين بالاسلام، وتقتل العرب بالعروبة، وان كانت الغلبة الآن للاصوليين من كل المذاهب، والذين نسأل، وبكل بساطة، عمن يستطيع ان يواجههم، بعدما كانت بربارة والترز قد وصفتهم بـ «التسونامي الآتي من السماء». هل حقاً انه آت من السماء ام من قاع الازمنة، كما من قاع الايديولوجيات؟
تلك الانظمة البالية، وتلك الاحزاب التي هي اشبه ما تكون بأي كرنفال بدائي، لا يمكن ان تواجه التسونامي إياه. ومع ذلك، فنحن في لبنان، في ذروة نفاقنا او في ذروة سذاجتنا، ما زلنا نتحدث عن السلطة، والدولة، والديمقراطية. وبالطبع عن قانون الانتخابات...
هل ينظر ساستنا الى الذي حولنا ويفكرون ويتفكرون؟
نبيه البرجي
نبيه برجي- الديار
لم يكن الاخضر الابراهيمي بحاجة الى زلة لسان ليقول «... ولبنان مثل سوريا امام خيارين، إما التسوية او الجحيم»!
كان اندريه مالرو يقول ان مهنة السياسي هي صناعة الامل. ماذا عندما نكون امام اولئك الساسة الذين مهنتهم صناعة اليأس. اليأس بكل اشكاله، فالدولة تتدهور سياسياً واقتصادياً، والسيــناريوات توضـع في اكثر من مكان من اجل اعادة النــــظر في الدولة التي انتجتها اتفاقية سايكس-بـيكو لان التجربة اثبتت انها ليست بالدولة الصالحة للحياة، ولا هي الصالحة للموت على كل حال، اذا كان لنا ان نقرأ ما يقوله فينا مفكرون ومؤرخون او حتى معلقون في الغرب: غداً او بعد غد، حرب المذاهب التي لا تبقي ولا تذر...
هذا الذي نراه امامنا ليس اكثر من صراع على السلطة. قطعاً ليس صراعاً من اجل الدولة وإلا لما كانت هذه التعبئة البربرية، اجل البربرية، للغرائزية، ولما كانت الخديعة داخل كل من الفريقين السعيدين، في كل الاحوال، بادارة ذلك الطراز من الناس..
وهل لنا ان نتصور ان احداً يكترث بنا. نحن إما براميل بشرية تتدحرج فوقنا براميل النفط، او مرتــزقة نقتات من الفتات الذي يرمي به الينا الاباطرة، وسواء كانوا من القياس الكبير ام من القياس الصغير، فيما تورا بورا، والى اي طائفة انتمت، وهي ليست حكراً على طائفة دون اخرى، تنخر عظامنا بل وتنخر ارواحنا...
اجل، ندق جرس الانذار لان الديمقراطية ماتت، وتموت، في المنطقة باسم الاسلام الذي لا نعتقد انه بقي منه شيء في زمننا، ولان الحرية ماتت وتموت.
هكذا العدالة ايضا، فقد اصبحنا جميعا تحت وصاية الغيب واساقفة الغيب، دون ان ندري لماذا يخاف ساستنا، والى هذا الحد، من ان يقولوا صراحة ان كل المنتجات الاصولية باتت بيننا، وانه لا مجال لكل من يخالفها الرأي البقاء في هذه الارض، ودون ان يجدي الكلام عن الاسلام المعتدل الذي يجسده شيوخ اسلاميون عقلانيون، فهؤلاء يعلمون ما حل بأهل الاعتدال في باكستان وفي افغانستان وحتى في سوريا..
اجل في سوريا، ودون ان نأخذ بتلك النظرية المترفة والتي تقول بأحزاب ديمقراطية اسلامية على غرار الاحزاب الديمقراطية المسيحية التي نشأت في اوروبا واتخذت منحى تحديثياً يفعل ويتفاعل مع قيم العصر، فهذه الاحزاب لم تظهر في سياق مبرمج او معلب بل هي نتاج ديناميكية تاريخية واكبت البنية السياسية للدولة كما البنية السوسيولوجية للمجتمع..
قد نصل الى ذلك ذات يوم. ليس الآن، ودون ان نكون في لبنان معزولين، في حال من الاحوال، عن الايقاع الهيستيري الذي دفعت اليه مجتمعات المنطقة. وما يعنينا الآن الساحة اللبنانية حيث الكلام العلني، وليس فقط في الاروقة الخلفية، حول اموال طائلة تدفع للبنانيين وفلسطينيين من اجل تشكيل خلايا جاهزة للانطلاق في الوقت المناسب..
لا نقول هذا الكلام جزافاً. اوساط مرجع لبناني تنقل ما قاله له قيادي فلسطيني يخشى على الفلسطينيين وعذاباتهم. اشتكى من حصول « تحولات عقائدية» في بعض المخيمات التي في المدن الكبرى او على تخومها.
بمعنى آخر، ثمة من يخطط لجعل المخيمات معسكرات للاصوليين الذين سيعلنون ذات يوم امارتهم في بيروت كما في طرابلس كما في صيدا وربما في غيرها وغيرها، ودون ان ندري لماذا يحكى فقط عن السلاح خارج المخيمات، فالفريقان يخدعان اللبنانيين عندما يقتصر كلامهم على ذلك، فيما نعلم، جميعا، ان الاسلحة الخطرة، والاحتمالات الخطرة، في داخل المخيمات، كما لو انه لا يكفي الفلسطينيين ذلك البؤس العظيم، وذلك اليأس العظيم، ليستخدموا مرة اخرى في لعبة ايديولوجية، خلفياتها استراتيجية ولا تخدم العرب والمسلمين، تتوخى افغنة المنطقة بكاملها، وصوملة المنطقة بكاملها، دون ان ينجو احد من هذا الابوكاليبس الطويل المدى بل والذي قد يمتد الى يوم القيامة...
بالرغم من هول (بل واهوال) المشهد، ثمة من لا يزال يرفع الشعارات الباهتة، والبلهاء، والخادعة. الاخضر الابراهيمي تكلم، والرجل صادق بما فيه الكفاية، وعالم بما فيه الكفاية، ورؤيوي بما فيه الكفاية. في وقت سابق حذر من امتداد النيران السورية الى الجوار لتأكل الاخضر واليابس. والآن يتحدث عن التسوية او الجحيم، ونفهم منه ان المقصود ليس سوريا فحسب، وانما لبنان وغير لبنان ايضاً...
التقيناه منذ سنوات، وذهلنا لخبرته في التفاصيل اللبنانية. والذين يلتقونه الآن يعرفون مدى يأسه سورياً ولبنانياً وعربياً بعدما اعلن العرب جميعاً ارتهانهم، وتبعيتهم، للقوى الاقليمية والدولية التي تقتل المسلمين بالاسلام، وتقتل العرب بالعروبة، وان كانت الغلبة الآن للاصوليين من كل المذاهب، والذين نسأل، وبكل بساطة، عمن يستطيع ان يواجههم، بعدما كانت بربارة والترز قد وصفتهم بـ «التسونامي الآتي من السماء». هل حقاً انه آت من السماء ام من قاع الازمنة، كما من قاع الايديولوجيات؟
تلك الانظمة البالية، وتلك الاحزاب التي هي اشبه ما تكون بأي كرنفال بدائي، لا يمكن ان تواجه التسونامي إياه. ومع ذلك، فنحن في لبنان، في ذروة نفاقنا او في ذروة سذاجتنا، ما زلنا نتحدث عن السلطة، والدولة، والديمقراطية. وبالطبع عن قانون الانتخابات...
هل ينظر ساستنا الى الذي حولنا ويفكرون ويتفكرون؟
نبيه البرجي