المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإيرانيون أحيوا «شب يلدا» بتناول المكسرات والبطيخ



تشكرات
12-21-2012, 11:36 AM
«الرقي» سيد المائدة والرمان في المركز الثاني

الإيرانيون أحيوا «شب يلدا» بتناول المكسرات والبطيخ

http://www.alraimedia.com/Resources/ArticlesPictures/2012/12/21/dc7ec6d3-9573-4876-9bf2-20dfd30830a8_main.jpg (http://www.alraimedia.com/Resources/ArticlesPictures/2012/12/21/dc7ec6d3-9573-4876-9bf2-20dfd30830a8.jpg)


مائدة ليلة الأربعين الكبرى

| طهران - من أحمد أمين |

أحيا الايرانيون مساء امس، ليلة الميلاد أو «شب يلدا» أو «شب چله بزرگ» (ليلة الأربعين الكبرى) وهي آخر ليلة في فصل الخريف والشهر الايراني «آذر» (21 نوفمبر 20 ديسمبر)، وأطول ليلة في السنة، وفيها تتحول الشمس من برج القوس إلى برج الجدي.
وكلمة «يلدا» كلمة سريانية بمعنى «الميلاد»، والمقصود بها هنا ميلاد الشمس «مهر» أو «ميترا»، وكان القدماء يعتقدون بأنه في هذه الليلة يدرك «أهريمن» (الشيطان او إله الشر)، أن الظلمة ستهزم في يوم من الأيام وأن النور سينتصر.
ويقال انه في القرن الرابع الميلادي ونتيجة للخطأ الذي وقع في حسابات الأعوام الكبيسة، عُرف يوم 25 ديسمبر بدلا من 21 ديسمبر على أنه هو يوم ميلاد «ميترا»، وجعلوا ميلاد المسيح عيسى عليه السلام أيضا في هذا الوقت. وقد أشار الشاعر سنائي الغزنوي إلى هذا التطابق، حين قال «به صاحب دولتي پيوند، اگر نامي همي جوئي كه پيوند باعيسى چنان معروف شد يلدا» أي (إذا كنت تبحث عن الشهرة وذيوع الصيت، فارتبط بصاحب المال والاقتدار، فإن الإرتباط بعيسى هو الذى جعل ليلة يلدا مشهورة».
ويعتبر الاحتفال بليلة «يلدا» من الاحتفالات الآرية القديمة، وكان أتباع ميترا أو الميترائيين يحتفلون به في إيران منذ آلاف السنين، ومنذ أن عرفوا تحديد فصول السنة، وكان النور وضوء الشمس رمز للخالق عندهم، كما كان الليل والظلمة والبرد رموزا للشيطان وإله الشر «آهريمن»، وقد اعتقدوا بأن التغيرات المستمرة في الليل والنهار والنور والظلمة إنما هي عبارة عن حرب دائمة بينهما، وأن الأيام الأطول هي دليل على انتصار النور والأيام الأقصر دليل على تغلب الظلمة.
وكان قدامى الإيرانيين يظنون أن «يلدا» هي ليلة ميلاد الإله «ميترا»، ولهذا احتفلوا بها، وكانوا يلتفون حول النيران ويرقصون في فرح وسرور ويمدون الموائد، ويقدمون ما يسمى بـ «ميزد» وهو نوع من النذور أو الولائم، وتضم اللحوم والخبز والحلوى، وكان الاعتقاد السائد بين الناس قديما بأنه في ليلة يلدا هذه يأتي «قارون» وهو يرتدي ملابس بالية كملابس الحطابين ويدق أبوابهم ويقدم لهم الحطب، وفي الصباح يتحول هذا الحطب إلى سبائك من الذهب، ومن هنا كانوا يقضون ليلة يلدا مستيقظين حتى الصباح في انتظار هذا الحطاب الذي يهديهم الذهب والهدايا».
لقد كان أصحاب الديانة المهرية يعتقدون أن «مهر» أو «ميترا» يراقب كل عقد أو اتفاق يعقد بين الناس، وكان ينتقم من كل من ينقض العهد أو الميثاق، وكانوا يتبادلون الحلقات كتذكار للعهود والمواثيق بينهم، وهي الحلقة التي تحولت بعد ذلك إلى حلقة العهد والميثاق بين الزوجين، كما رأى أهل هذه الديانة أن مهر كان يذبح بقرة السنوات العجاف (وهي رمز لاهريمن)، يأتي بها من السماء راكبا إياها وينزل بها إلى الأرض، ويغرس سكينا في نحرها، فتنزل ثلاث قطرات دم منها، ينبت من الأولى القمح ومن الثانية العنب ومن الثالثة الأعشاب والنباتات الدوائية الشافية، وبهذا تصبح الأرض خصبة ومنتجة للمحاصيل.
ويعتبر عيد «يلدا» من المناسبات التاريخية التي يجتمع فيها الإيرانيون حتى يومنا هذا، وغالبا ما يكون هذا التجمع أسريا، حيث يجلس أفراد العائلة وأقاربهم وأصدقاؤهم المقربين حول مدفأة موضوعة تحت مقعد خشبي ويوضع فوق المقعد لحاف كبير يكفي لان يدخل كل افراد العائلة سيقانهم تحته لاجل التدفئة واضفاء مناخ من الانسجام والمودة، وقد اندثرت هذه المدفأة التي تسمى «كرسي» ويقتصر استخدامها حاليا على المناطق النائية والارياف والقرى، ويبدأ افراد العائلة بتناول الاطعمة والفاكهة الطازجة والمجففة والمكسرات، والبطيخ الاحمر يعتبر سيد المائدة في هذه الليلة، في حين يحتل الرمان المركز الثاني، ويقع على عاتق الاكبر سنا في العائلة اخذ الفأل للاخرين من ديوان الشاعر الكبير «حافظ الشيرازي»، الى جانب قراءة صفحات من ديوان الشاعر القومي ابو القاسم فردوسي «الشاهنامة».
ويعتقد الايرانيون ان اكلهم البطيخ الاحمر في هذه الليلة، يقيهم من أمراض البرد وأعراضه خلال «جله بزرك وجله كوجك» (الأربعين يوما الكبرى والصغـرى). كما يحتفل الزرادشتيون في إيران بهذه الليلة أيضا ويرددون دعاء معينا فيها يسمى «نى يد» وهو دعاء للشكر على النعم، أما الأطعمة التى يتناولونها في هذا العيد فهي اللحم وسبعة أنواع من الفاكهة المجففة. كما يشارك الآشوريون الإيرانيون أيضا في الاحتفال بعيد «يلدا» مع سائر الطوائف الإيرانية، حيث أنهم يؤمنون بأن الاحتفال بيلدا تقليد آشوري قديم، ويشيع عندهم أيضا التفاؤل بديوان حافظ.
بدأ الايرانيون أمس من خلال الاتصالات الهاتفية او ارسال الرسائل النصية، تهنئة بعضهم بعضا لمناسبة حلول «شب يلدا» مع امنياتهم لاهلهم واصدقائهم بان يكون «عامهم حلوا كحلاوة الرقي الاحمر».


http://www.alraimedia.com/Article.aspx?id=401619&date=21122012