جليل
01-17-2005, 07:32 AM
د. عبدالحميد الانصاري ....
اثر الزلزال الكارثي الاعظم الذي ضرب جنوب شرق اسيا، مسببا طوفانا كالجبال، افترس اليابسة واودى بحياة «165» الفا وملايين شردوا وترك اطفالا بلا مأوى ولا عائل في اعقاب هذه الكارثة التي تعد الاسوأ في الكوارث الانسانية حيث دمرت البنية التحتية لمدن وجزر، تقدر اضرارها بالمائة بليون دولار، يتداعى العالم - حكومات ومنظمات انسانية - لمد يد العون في اكبر عملية انقاذ بشرية، وراح الجميع يعبيء طاقاته ويحشد موارده في تضامن انساني تناسى فيه الجميع صدام الحضارات وصراع المصالح وتشكل - كما يقول هاشم صالح - الشرق الاوسط 8/ 1 ضمير عالمي كوني حرك الشعوب في تعاطف سما فوق الاديان والقوميات هل كان بالامكان تكوين هذا التضامن العالمي لولا العولمة الكونية التي نهاجمها؟ ومع اننا كخليجيين الاقرب ارتباطا بالاسيويين الا اننا لم نكن على مستوى التفاعل المطلوب كما كانت استفاقتنا متأخرة وقد اتت بعد النقد الذي وجهه منسق الاغاثة الدولية «ايغلاند» حين قال «على الدول الخليجية ان تعطي اكثر مما تفعل، وان تساعد خصوصا في الصومال او السودان».
لقد تحول العالم الخارجي الى خلية نحل متوحدة كما تقول سوسن الشاعر. وسائل اعلامه تنقل من خلال مراسلين متواجدين في المنطقة اخر التطورات وفنانوه ومشاهيره ورياضيوه واطفاله يشاركون في حملات التبرع دون تفرقة بين دين واخر - الوطن الكويتية 10 /1 - بينما بعض جمعياتنا تنشر اعلانا للتبرع للمسلمين من الضحايا - على البغلي القبس 3/1 - وتصرح بعضها بانهم سيبعثون المساعدات فقط للمسلمين - د. شملان السياسة 2/1، كيف غابت الانسانية فينا؟ اين قيم التراحم والتعاطف الانساني؟ واين كرامة الانسان التي امرنا الله برعايتها؟
لا نخجل ان نعلن على الملأ ان مساعداتنا للمسلمين فحسب، ثم ان علماء العالم انشغلوا بشرح اسباب الكارثة من ان الزلزال نتج بسبب تجمع طاقة هائلة في باطن الارض احدثت انكسارا في القشرة ولانه حصل في عمق المحيط فقد تسبب في ذلك المد البحري المدمر، ووضح - خالص حلبي - بان منطقة الكارثة تسمى «مثلث الموت» وقد ابتلعت المئات من السفن حتى كشف عالم المحيطات - ديفيد ميرنر - عن ظاهرة «تسونامي» المرعبة والتي تحرك الامواج بسرعة 800 كم لتبتلع اليابسة، الشرق الاوسط 31/12 - اي ان هناك اساسا علميا معروفا للكارثة ولذلك اجتمعت قمة جاكرتا من 26 دولة ومنظمة دولية لاقامة نظام للانذار المبكر من امواج المد في المحيط الهندي تفاديا لاية كوارث مماثلة، هكذا يعالج العالم مشاكله- علميا وعقلانيا - فماذا فعلنا؟
لقد انشغل مشايخنا بـ «هل هذا الزلزال تعبير عن غضب الله وعقوبته لمن افسد وكفر وطغى وبغى ام انه ظاهرة طبيعية لاعلاقة لها بايمان او كفر؟» فذهب عميد للشريعة - واعد - الى انه عقوبة للجزر الاباحية التي دمرت، واكد استاذ ازهري بانه غضب من الله لطغيان الانسان - القبس 28/12 - وتساءل الاصولي اللندني - السباعي - ساخرا: هل كانت تلك المدن صوامع وبيعا وثغورا للمجاهدين؟
وخطب عالم دين معروف في دولة خليجية ان توافق الكارثة مع اعياد الميلاد وما يصاحبها من مجون وفسق دليل على غضب الله على المسيحيين ووضح اسلامي اردني بانه عقاب ديني لتعاونهم مع القوى الكافرة لضرب المجاهدين ولعدم تطبيق الشريعة - عبدالله المدني الراية 9/1 - ياحسرة على علم وتعليم امتداده «50» سنة هذا ثمرته !! وذلك حصاده، عقلية خرافية جاهلة، لو كان تطبيق الشريعة مانعا لغضب الله وحاميا عن الكوارث فلم قطع الله دابر طالبان وشتت شملهم مع انهم النموذج الحلم للجهاديين؟ لقد فند علماؤنا تلك الترهات ، فقال د.محمد رأفت عثمان - العميد السابق للشريعة - «ان العقوبات الالهية كانت لاقوام معينين كذبت رسلها وتحدتها فانزل الله عقوبته بهم، وانه بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم - ترك المولى للانسان حرية الاختيار والعقوبات تكون في الاخرة » واكد الشيخ محمود عاشور - وكيل الازهر السابق - «ان الظواهر الطبيعية تسير وفق قوانين لاعلاقة لها بالعقاب ولو كانت عقوبة لعاقب الله جميع البشر» القبس 28/12، وتساءل الشيخ محمد باقر المهري - وكيل المراجع الشيعية بالكويت - لقد مات الآلاف من المسلمين المصلين الصائمين في زلزال «بام» و «طبس» و «قهرم» الايرانية فهل كان ذلك عقوبة؟ ولماذا لم تنزل العقوبة باسرائيل؟
مثل هذه الاراء العقلانية تبعث الامل في نفوسنا، ولكن ما مدى تأثيرها في الساحة الجماهيرية؟
ومن الذي يكسب العقول والنفوس، اصحاب الفكر التخريفي ام العقلاني؟ لطالما تساءلنا لماذا يتسيد دعاة التخريف وباعة الاوهام والشعارات ونجوم التطرف واصحاب الحناجر الغاضبة الاوساط الشعبية؟!
ان مشكلة المجتمع العربي في ثقافته المتخلفة التي تتقبل الفكر التخريفي ، تلك الثقافة المحكومة بتقاليد تعصبية وموروثات جاهلية باكثر من تعاليم اسلامية وقيم وفضائل انسانية ومعارف علمية، ولا ادل على ذلك من ان القرآن الكريم قسم هذه القضية في قوله تعالى (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم، ما ترك عليها من دابة، ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى) وفي اكثر من آية، ومع ذلك فان الناس يؤمنون بالفكر الخرافي.
وهذه مشكلة ثقافية مزمنة تحدث عنها الشيخ الغزالي رحمه الله - حين قال «رأيت الامة محكومة بالاحاديث المنكرة والشاذة، ورأيت هذه الاحاديث تطرد امامها المتواتر والصحيح كما تطرد العملة المزيفة العملة الصحيحة» - الطريق من هنا - ثم يضيف رحمه الله «مع ان الحديث الذي رواه الطبراني - لا تعلموا النساء الكتابة ولا تنزلوهن الغرف - حديث مكذوب بل موضوع الا انه هو الذي حكم المجتمع الاسلامي قرونا» - الحق المر - الخرافات هي التي تسود وتتمكن من العقول وتتغلغل في النفوس فلا عجب من الانتشار الواسع لكتب السحر والعين والحسد والشعوذة حتى اصبحت تجارة رابحة والايمان بقدرة العفاريت والمس الشيطاني وركوب العفاريت المسلمين خاصة وحب الجنيات للبشر وزواجهن منهم والاعتقاد بقدرات الاولياء والاضرحة واقبال الفضائيات على استضافة الفلكيين والفلكيات لاستشراف المستقبل عبر الابراج.
ورغم ان الرسول حذرنا الا ان الجماهير تصدقهم وتجعل منهم نجوما وقد اصبحوا من اصحاب الملايين بترويج كتبهم، قد اظهر استطلاع ان 70 % من الشباب يلجأون للابراج لمعرفة مستقبلهم وهناك هوس نسائي بقراءة الطالع لمعرفة احوال القلب وفارس المستقبل وشريك الزواج - الحياة 4/1 - ولو لم تكن الخرافية متغلغلة في البيئة المجتمعية لما صدق الناس الشيخ الزنداني من اكتشافه عقارا لعلاج فيروس «سارز» في محاضرة امام طلابه في جامعة الايمان وكان قد اعلن - من قبل - اكتشافه علاجا للكبد الوبائي - الراية 31/5 - ما علاقة الشيخ الداعية بالطب والاعشاب؟! وهل طلاب تلك الجامعة ترتجى منهم اي امل في تقدم اليمن؟
ان غشا واسعا تسلل الى ثقافتنا المجتمعية جعلها تقبل خرافات وخوارق الجهاد الافغاني من محاربة الملائكة بجانب المجاهدين، والطير الابابيل التي اسقطت الطائرات الروسية طبقا لما ذكره الشيخ عبدالله عزام - رحمه الله - في كتابه «آيات الرحمن في جهاد الافغان» - احمد الصراف ، القبس 2/21/1 - ثقاقتنا مسكونة بالهواجس ونظريات المؤامرة ولذلك لايزال الناس يصدقون ان تفجيرات السعودية والحوادث الارهابية في العراق وما حصل في طابا وتفجيرات سبتمبر وموت عرفات وحتى الضحايا الاطفال في مدرسة الشيشان، وراء كل ذلك «الموساد بن سبأ» كما يقول الذايدي - الشرق الاوسط 16/12 - بالرغم من اعترافات اصحابها الصريحة، والا فهل هناك امة - غيرنا - تروج فيها الخرافة مثل خرافة التفسير لما حصل في الزلزال الاسيوي بانه مؤامرة امريكية لضرب البنية التحتية لآسيا .
وذلك لشل اقتصادها عبر تجارب نووية اجرتها امريكا في اعماق المحيط الهندي؟! وقد بلغت قوة الخرافة في العالم العربي، ان اضطر منسق الاغاثة الدولية ان يرد ساخرا «ان العلماء يعرفون حقيقة ما حدث تماما قالوا: هذه هزة ارضية ضخمة وهناك خطر تسونامي ضخم» ولعلنا نتذكر كيف احتفينا بالنصاب الفرنسي «ميسان» صاحب كتاب الخديعة المرعبة» خدعنا وضحك علينا واستغل عاطفتنا ليقول لنا ما نهوى من ان امريكا ضربت نفسها بنفسها في كارثة سبتمبر لتبرير هجومها على افغانستان !! استضفناه في فضائياتنا ومنابرنا وترجمنا كتابه وروجناه فكسب الملايين بغفلتنا وتصديقنا للاوهام ثم اختفى.
لماذا لا يتكلم الان بعد ان اعترف الرجل «بن لادن» صراحة بانه هو المخطط والآمر؟ لماذا - الرموز الدينية والثقافية والسياسية - الذين ضللوا الجماهير وزيغوا وعيه؟ اين مصداقيتهم واين امانتهم واين مسؤوليتهم؟ لقد انكشفنا امام العالم ولقد كشفتنا «تسونامي» كاصحاب فكر خرافي مضلل ومأزوم مع مجتمعه ومع العالم.
ھ كاتب قطري
اثر الزلزال الكارثي الاعظم الذي ضرب جنوب شرق اسيا، مسببا طوفانا كالجبال، افترس اليابسة واودى بحياة «165» الفا وملايين شردوا وترك اطفالا بلا مأوى ولا عائل في اعقاب هذه الكارثة التي تعد الاسوأ في الكوارث الانسانية حيث دمرت البنية التحتية لمدن وجزر، تقدر اضرارها بالمائة بليون دولار، يتداعى العالم - حكومات ومنظمات انسانية - لمد يد العون في اكبر عملية انقاذ بشرية، وراح الجميع يعبيء طاقاته ويحشد موارده في تضامن انساني تناسى فيه الجميع صدام الحضارات وصراع المصالح وتشكل - كما يقول هاشم صالح - الشرق الاوسط 8/ 1 ضمير عالمي كوني حرك الشعوب في تعاطف سما فوق الاديان والقوميات هل كان بالامكان تكوين هذا التضامن العالمي لولا العولمة الكونية التي نهاجمها؟ ومع اننا كخليجيين الاقرب ارتباطا بالاسيويين الا اننا لم نكن على مستوى التفاعل المطلوب كما كانت استفاقتنا متأخرة وقد اتت بعد النقد الذي وجهه منسق الاغاثة الدولية «ايغلاند» حين قال «على الدول الخليجية ان تعطي اكثر مما تفعل، وان تساعد خصوصا في الصومال او السودان».
لقد تحول العالم الخارجي الى خلية نحل متوحدة كما تقول سوسن الشاعر. وسائل اعلامه تنقل من خلال مراسلين متواجدين في المنطقة اخر التطورات وفنانوه ومشاهيره ورياضيوه واطفاله يشاركون في حملات التبرع دون تفرقة بين دين واخر - الوطن الكويتية 10 /1 - بينما بعض جمعياتنا تنشر اعلانا للتبرع للمسلمين من الضحايا - على البغلي القبس 3/1 - وتصرح بعضها بانهم سيبعثون المساعدات فقط للمسلمين - د. شملان السياسة 2/1، كيف غابت الانسانية فينا؟ اين قيم التراحم والتعاطف الانساني؟ واين كرامة الانسان التي امرنا الله برعايتها؟
لا نخجل ان نعلن على الملأ ان مساعداتنا للمسلمين فحسب، ثم ان علماء العالم انشغلوا بشرح اسباب الكارثة من ان الزلزال نتج بسبب تجمع طاقة هائلة في باطن الارض احدثت انكسارا في القشرة ولانه حصل في عمق المحيط فقد تسبب في ذلك المد البحري المدمر، ووضح - خالص حلبي - بان منطقة الكارثة تسمى «مثلث الموت» وقد ابتلعت المئات من السفن حتى كشف عالم المحيطات - ديفيد ميرنر - عن ظاهرة «تسونامي» المرعبة والتي تحرك الامواج بسرعة 800 كم لتبتلع اليابسة، الشرق الاوسط 31/12 - اي ان هناك اساسا علميا معروفا للكارثة ولذلك اجتمعت قمة جاكرتا من 26 دولة ومنظمة دولية لاقامة نظام للانذار المبكر من امواج المد في المحيط الهندي تفاديا لاية كوارث مماثلة، هكذا يعالج العالم مشاكله- علميا وعقلانيا - فماذا فعلنا؟
لقد انشغل مشايخنا بـ «هل هذا الزلزال تعبير عن غضب الله وعقوبته لمن افسد وكفر وطغى وبغى ام انه ظاهرة طبيعية لاعلاقة لها بايمان او كفر؟» فذهب عميد للشريعة - واعد - الى انه عقوبة للجزر الاباحية التي دمرت، واكد استاذ ازهري بانه غضب من الله لطغيان الانسان - القبس 28/12 - وتساءل الاصولي اللندني - السباعي - ساخرا: هل كانت تلك المدن صوامع وبيعا وثغورا للمجاهدين؟
وخطب عالم دين معروف في دولة خليجية ان توافق الكارثة مع اعياد الميلاد وما يصاحبها من مجون وفسق دليل على غضب الله على المسيحيين ووضح اسلامي اردني بانه عقاب ديني لتعاونهم مع القوى الكافرة لضرب المجاهدين ولعدم تطبيق الشريعة - عبدالله المدني الراية 9/1 - ياحسرة على علم وتعليم امتداده «50» سنة هذا ثمرته !! وذلك حصاده، عقلية خرافية جاهلة، لو كان تطبيق الشريعة مانعا لغضب الله وحاميا عن الكوارث فلم قطع الله دابر طالبان وشتت شملهم مع انهم النموذج الحلم للجهاديين؟ لقد فند علماؤنا تلك الترهات ، فقال د.محمد رأفت عثمان - العميد السابق للشريعة - «ان العقوبات الالهية كانت لاقوام معينين كذبت رسلها وتحدتها فانزل الله عقوبته بهم، وانه بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم - ترك المولى للانسان حرية الاختيار والعقوبات تكون في الاخرة » واكد الشيخ محمود عاشور - وكيل الازهر السابق - «ان الظواهر الطبيعية تسير وفق قوانين لاعلاقة لها بالعقاب ولو كانت عقوبة لعاقب الله جميع البشر» القبس 28/12، وتساءل الشيخ محمد باقر المهري - وكيل المراجع الشيعية بالكويت - لقد مات الآلاف من المسلمين المصلين الصائمين في زلزال «بام» و «طبس» و «قهرم» الايرانية فهل كان ذلك عقوبة؟ ولماذا لم تنزل العقوبة باسرائيل؟
مثل هذه الاراء العقلانية تبعث الامل في نفوسنا، ولكن ما مدى تأثيرها في الساحة الجماهيرية؟
ومن الذي يكسب العقول والنفوس، اصحاب الفكر التخريفي ام العقلاني؟ لطالما تساءلنا لماذا يتسيد دعاة التخريف وباعة الاوهام والشعارات ونجوم التطرف واصحاب الحناجر الغاضبة الاوساط الشعبية؟!
ان مشكلة المجتمع العربي في ثقافته المتخلفة التي تتقبل الفكر التخريفي ، تلك الثقافة المحكومة بتقاليد تعصبية وموروثات جاهلية باكثر من تعاليم اسلامية وقيم وفضائل انسانية ومعارف علمية، ولا ادل على ذلك من ان القرآن الكريم قسم هذه القضية في قوله تعالى (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم، ما ترك عليها من دابة، ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى) وفي اكثر من آية، ومع ذلك فان الناس يؤمنون بالفكر الخرافي.
وهذه مشكلة ثقافية مزمنة تحدث عنها الشيخ الغزالي رحمه الله - حين قال «رأيت الامة محكومة بالاحاديث المنكرة والشاذة، ورأيت هذه الاحاديث تطرد امامها المتواتر والصحيح كما تطرد العملة المزيفة العملة الصحيحة» - الطريق من هنا - ثم يضيف رحمه الله «مع ان الحديث الذي رواه الطبراني - لا تعلموا النساء الكتابة ولا تنزلوهن الغرف - حديث مكذوب بل موضوع الا انه هو الذي حكم المجتمع الاسلامي قرونا» - الحق المر - الخرافات هي التي تسود وتتمكن من العقول وتتغلغل في النفوس فلا عجب من الانتشار الواسع لكتب السحر والعين والحسد والشعوذة حتى اصبحت تجارة رابحة والايمان بقدرة العفاريت والمس الشيطاني وركوب العفاريت المسلمين خاصة وحب الجنيات للبشر وزواجهن منهم والاعتقاد بقدرات الاولياء والاضرحة واقبال الفضائيات على استضافة الفلكيين والفلكيات لاستشراف المستقبل عبر الابراج.
ورغم ان الرسول حذرنا الا ان الجماهير تصدقهم وتجعل منهم نجوما وقد اصبحوا من اصحاب الملايين بترويج كتبهم، قد اظهر استطلاع ان 70 % من الشباب يلجأون للابراج لمعرفة مستقبلهم وهناك هوس نسائي بقراءة الطالع لمعرفة احوال القلب وفارس المستقبل وشريك الزواج - الحياة 4/1 - ولو لم تكن الخرافية متغلغلة في البيئة المجتمعية لما صدق الناس الشيخ الزنداني من اكتشافه عقارا لعلاج فيروس «سارز» في محاضرة امام طلابه في جامعة الايمان وكان قد اعلن - من قبل - اكتشافه علاجا للكبد الوبائي - الراية 31/5 - ما علاقة الشيخ الداعية بالطب والاعشاب؟! وهل طلاب تلك الجامعة ترتجى منهم اي امل في تقدم اليمن؟
ان غشا واسعا تسلل الى ثقافتنا المجتمعية جعلها تقبل خرافات وخوارق الجهاد الافغاني من محاربة الملائكة بجانب المجاهدين، والطير الابابيل التي اسقطت الطائرات الروسية طبقا لما ذكره الشيخ عبدالله عزام - رحمه الله - في كتابه «آيات الرحمن في جهاد الافغان» - احمد الصراف ، القبس 2/21/1 - ثقاقتنا مسكونة بالهواجس ونظريات المؤامرة ولذلك لايزال الناس يصدقون ان تفجيرات السعودية والحوادث الارهابية في العراق وما حصل في طابا وتفجيرات سبتمبر وموت عرفات وحتى الضحايا الاطفال في مدرسة الشيشان، وراء كل ذلك «الموساد بن سبأ» كما يقول الذايدي - الشرق الاوسط 16/12 - بالرغم من اعترافات اصحابها الصريحة، والا فهل هناك امة - غيرنا - تروج فيها الخرافة مثل خرافة التفسير لما حصل في الزلزال الاسيوي بانه مؤامرة امريكية لضرب البنية التحتية لآسيا .
وذلك لشل اقتصادها عبر تجارب نووية اجرتها امريكا في اعماق المحيط الهندي؟! وقد بلغت قوة الخرافة في العالم العربي، ان اضطر منسق الاغاثة الدولية ان يرد ساخرا «ان العلماء يعرفون حقيقة ما حدث تماما قالوا: هذه هزة ارضية ضخمة وهناك خطر تسونامي ضخم» ولعلنا نتذكر كيف احتفينا بالنصاب الفرنسي «ميسان» صاحب كتاب الخديعة المرعبة» خدعنا وضحك علينا واستغل عاطفتنا ليقول لنا ما نهوى من ان امريكا ضربت نفسها بنفسها في كارثة سبتمبر لتبرير هجومها على افغانستان !! استضفناه في فضائياتنا ومنابرنا وترجمنا كتابه وروجناه فكسب الملايين بغفلتنا وتصديقنا للاوهام ثم اختفى.
لماذا لا يتكلم الان بعد ان اعترف الرجل «بن لادن» صراحة بانه هو المخطط والآمر؟ لماذا - الرموز الدينية والثقافية والسياسية - الذين ضللوا الجماهير وزيغوا وعيه؟ اين مصداقيتهم واين امانتهم واين مسؤوليتهم؟ لقد انكشفنا امام العالم ولقد كشفتنا «تسونامي» كاصحاب فكر خرافي مضلل ومأزوم مع مجتمعه ومع العالم.
ھ كاتب قطري