المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأب علاوي



Osama
01-16-2005, 11:10 AM
عبد الرحمن الراشد

من طالع مقابلات الدكتور اياد علاوي، لن تغيب عنه شخصية الرجل المرشح لرئاسة وزراء العراق، المختلفة تماما عما عرفه العالم، واهم من ذلك عما عرفه العراقيون اربعين عاما، عن الرئيس المهيب. بدا رجلا عاديا ودودا، يتحدث بلا كلفة او افتعال، ولم ينطق مرة بكلمة تهديد عنيفة او لغة بذيئة، حتى عندما دار السؤال على خصومه في الدم من القيادة العراقية السابقة. «اعتقد انه فعل ما كان عليه ان يفعله كوزير للاعلام» قالها معلقا على سؤال حول الوزير محمد الصحاف، الذي أقام الدنيا وعودا ووعيدا، حتى لاح مشهد الدبابات العراقية وراء النهر.

ولو استمر علاوي حاكما لبغداد سنة ثانية، بعد عد عملية الاصوات المقبلة، فانه سيثبت للعالم اكذوبة ان العراقيين لا يحترمون الا الرئيس القوي، أي القائد الباطش المستبد. اتهام العراقيين بالمازوخية السادية شاع بعد ان دبت الفوضى وطفح حمام الدم الأخير، وان كانت الصورة قد قيلت على استحياء، قبيل بدء الغزو والمواجهات. فهل صحيح انه لا ينفع للعراقيين الا صدام، كما صار يكتب هذه الروشتة العديد من اطباء السياسة في المجالس العربية؟

لا أرى قسمات الجبين المقطب على وجه الاب علاوي، الذي يتواصل مع الناس كما هو اليوم مع عائلته الكبيرة، وكما كان في ماضيه طبيبا حقيقيا. ولا يهم ان اختار العراقيون غدا علاوي او احد العشرات المنافسين، الذين فعليا لا ندري من هم، بسبب غموض الوضع الانتخابي، وتناقص المرشحين بسبب تكاثر التهديدات. المهم ان يعرف العراقيون تجريب واثبات انهم ليسوا مع صورة الرئيس المخيف، الذي يعتمر قبعات الكاوبوي، ويحمل بنادق صيد البشر، ويلوح بصواعق الاسلحة وبأكل البشر. لا يهم من هو اسم الرئيس الآتي، ان كان يمثل الشخص الحضاري المؤمن بالقيم الانسانية، ويصبح نفسه نموذجا حسنا لمواطنيه، يعودهم على احترامهم لا احترام ذاته فقط، ويمنحهم الثقة في انفسهم، لا في نفسه وحسب، ويمنحهم الشعور كما لو كان أبا لكل واحد منهم.

العراقيون لا يعقل ان يكونوا في حاجة الى رؤساء اشرار، يفاخرون بانهم على استعداد لقتل نصف الشعب من اجل نصفه الثاني، ولا المفاخرة باطلاق النار مرة في الهواء، ومرة في رؤوس الخصوم. فإشاعة مفهوم القوة على مبدأ العدالة مبدأ خطير، يحاول ان يقنعنا به العاجزون عن حل عقد العراق الجديدة، التي يعاني منها بسبب الفراغ، وغياب التجربة، والخوف من المجهول، التي يفسرونها وببساطة، بأن العراقيين مدمنون على القهر والعبودية.

a.alrashed@asharqalawsat.com