Osama
01-16-2005, 10:54 AM
شبان الكويت لا يأبهون بالسياسة.. الحياة الجامعية نشطة.. والصراع الفكري يبدأ من بهو الكليات
الكويت: محمد جزائري
الشبان في الكويت عنوان لمرحلة تبدو معقدة بعض الشيء، ولكنها تظل قابلة لبعض التفكيك بحسب الفتيات والشبان الكويتيين الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط». والمتجول في انحاء جامعة الكويت اول ما يلحظ التنوع الفكري الذي يبدو لافتاً في أوساط الفتيان والفتيات. فما بين حديث جانبي بين طالبين عن أهمية المقاومة في الفلوجة، يتدخل ثالث بسؤال مباغت عن مدى «جدوى ان يكون الشبان الكويتيون وقود معارك لا ناقة لهم فيها ولاجمل».
وفي الجهة المقابلة لذات المكان حديث باسم بين فتاة حاسرة الرأس مع آخرى منقبة بلا حزازيات تذكر.
وفي اركان الكليات، جمعيات طلابية تسوق لنفسها انتخابياً، وتعرض برامجها التي تتمنى ان تدعم ترشيح قائمتهم في انتخابات اتحاد الطلبة..ولهذا الاتحاد تحديداً قصة لابد من روايتها.
فنشأة الاتحاد الوطني لطلاب الكويت الذي هدف الى توحيد جهود الطلبة النقابية كانت في عام 1946، داعية في ذلك الوقت المؤسسين الى تدعيم مقدمة الدستور الطلابي المقطع التالي «نحن طلاب الكويت الجامعيين ايماناً منا بالتنظيم النقابي ودوره الفعال، ومن اجل ايجاد مستقبل افضل لشعبنا وأمتنا، ومن اجل الدفاع عن قضايا الانسانية جمعاء، قررنا انشاء الاتحاد الوطني لطلبة الكويت ليكون طليعة ومشعلاً هادياً للمستقبل» وكان مقره القاهرة.
الصحافي احمد عيسى، الناشط في قضايا الشباب، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «ان هناك بعض العوامل ساهمت في تأسيس هذا الاتحاد واعطائه الصفة الرسمية، فالتاريخ الطلابي يتذكر العديد من الشواهد التي دعمت التأسيس لوجوده، واهمها قيام طالبات المدارس الثانوية في الكويت في مطلع الخمسينات من هذا القرن بالاضراب عن الدراسة، مطالبات بإحداث اصلاحات في العملية التعليمية».
ويضيف عيسى «قد تمر الشواهد سريعاً في اذهان المتابعين للعمل الطلابي في الكويت، الا اننا نجدهم يقفون عند يوم الخـــامس من ديسمبر (كانون الأول) 1964 حين تشكلت في ذلك اليوم اول هيئة ادارية منتخبة للاتحاد الوطني للطلبة، يمثل فيها من كل ثانوية طالبان»، وفي عام 1969 أصبحت الكويت المقر الرسمي للاتحاد الوطني.
اليوم قائمة «الائتلافية» التابعة للاخوان المسلمين تبسط نفوذها على الاتحاد منذ 27 عاماً، في ظل قدرة تنظيمية ومرونة عالية لا تتمتع بها باقي القوائم، حتى أن الانتخابات الاخيرة أظهرت ميل خمسين في المائة من أصوات المقترعين لصالح «الائتلافية» فيما توزعت باقي الاصوات على القوائم الاخرى.
ويوضح قصي السبب قائلاً «ان نسبة الطلاب المشاركين في الاقتراع تصل الى نصف الطلاب الجامعيين، وغالبيتهم من الفتيات. والتركيز عادة يكون على كلية التربية التي تحظى بالاقبال الاكبر، وكون هذه الكلية عادة ما تستقبل الطالبات من ذوي الخلفيات القبلية او المحافظة، فطبيعي ان تصوت للقائمة التي تتواءم مع هذه الميول، خصوصاَ اذا ما علمنا ان القضايا التي يتبناها من نوع منع الاختلاط والالتزم الديني..الخ».
محسن لديه اضافة أخرى، ويعتقد ان السبب في هذا الميل الطلابي لقائمة الائتلافية هو «تحليهم بالمرونة وتبني القضايا الشعبية اذا لزم الامر حتى لو تعارض مع مبادئهم الرئيسية، فعلى سبيل المثال لا مانع لدى القائمة من وضع ممثليها في الكليات ذات الطابع المتحرر، مثل كلية الهندسة فتاة حاسرة الرأس..حتى انهم تبنوا أخيرا قضايا حقوق المرأة التي اعلن عنها في مجلس الامة». ويلفت محسن الانتباه الى ان القائمة غير حريصة على شكل المنتمي اليها كثيراً، ما اصطلح على بعض افرادها بتسميتهم «اسلامي cool» (أي اسلامي عصري).
وليد يعتقد ان «الائتلافية» هي «القائمة الافضل والاكثر تنظيماً، فلماذا لا ننضم لها؟ فضلاً عن أن نفوذها يمتد الى خارج الجامعة بعد التخرج فتتكفل بايجاد وظائف جيدة للعاملين معها بجد»، يسأل ويضيف الشاب. ويلحظ الزائر أن نوعية البرامج والنشاطات المعروضة عادة ما تكون رحلة عمرة الى مكة المكرمة، واستضافة الفنانات المعتزلات ومحاضرات لنواب مجلس الامة من الاسلاميين، وغيرها.
الفتيات الجامعيات لديهن رأي كذلك في الاتحاد، فـ«سارة» لا تعتقد أن الاتحاد يعبر عن جميع شرائح الطلبة، وانه تحول أخيراً إلى منبر للشباب الى بوق موجه عليهم، فيما تنطلق اسراء من زاوية مختلفة، وتقول «من المضحك أن أقاتل في الجامعة لأجل التصويت والترشيح، وبعدما اخرج من الجامعة الى الحياة الحقيقية، أفاجأ بأني محرومة من هذا الحق».
وتضيف زينة مبررة عدم مبالاتها بالاتحاد بأنه «اذا كانت للشبان فوائد يجنونها بعد مغادرتهم الجامعة من جراء انتسابهم للقوائم الاقوى، فنحن لا نستفيد شيئاً».
وبعيداً عن الحياة الطلابية، فالتحول الذي يعيشه الكويتيون والكويتيات لا يمكن التغاضي عنه، والذي يرى قصي أن العامل الابرز فيه «الغزو العراقي في عام 1991 الذي اعاد ترتيب الاولويات لدى الشاب والفتاة، وجعله اقل اكتراثاً بالسياسة واكثر اقبالاً على الحياة اليومية».
ويؤكد انور ذلك بقصة شاهدها بعينه ابان احداث 11 سبتمبر، فيقول «كنا في المقهى نتسامر فاذا بنشرات الاخبار والتلفزيونات تتسابق بنقل الخبر المفجع المتعلق باحداث 11 سبتمبر، فما كان من احد الجالسين في المقهى الا ان ابدى امتعاضه من قناة تلفزيونية لانه قطعت عليه مشاهدة مسلسله المفضل «الزير سالم» ونهض خارجاً من المقهى بتأفف».
بعد ثورة الضحك التي تثيرها قصة انور..يضيف أحمد أن احدى الصحف المحلية اجرت استفتاءً عمن يعرف ما هي «الكمننا» فاجاب ما نسبته 97 في المائة الاجابة الصحيحة وانها اغنية لمحمد فؤاد، فيما لم يعرف الا 6 في المائة أشهر أعضاء البرلمان الكويتي. الفتيات في الكويت بدين اكثر تمرداً، فأن يخبرك شاب في إحدى الدول العربية عن رغبته في الهجرة من بلاده بات أمراً عادياً ومتوقعاً، ولكن ان تبادر فتاة بهذه الرغبة فهذا هو ما قد يصفه كثيرون بالـ«مدهش» في دولة من اكثر دول الخليج محافظة. فاسراء تعتقد أن «في الخارج مساحة أكبر لتحقيق الذات وايمانا أكبر بالمساواة». وتضيف اسراء «أولويات الفتاة الكويتية تغيرت، شخصياً يهمني تأمين مستقبلي الوظيفي اكثر من اي شي آخر او على الاقل قبله، وبناء الاسرة ليس من اولوياتي حالياً».
وتؤيدها زينة مفندة القضية «لا مانع من الزواج اذا كان الخيار جيداً، نحن نبحث عن أزواج اقرب الينا كأصدقاء متفاهمين، لا أزواج تقليدين، لا يعون مفهوم المشاركة في الحياة».
الكويت منطقة حيوية في الخليج ورائدة في التغير الاجتماعي، وما كان مرفوضاَ بالامس اصبح يمارس الان في العلن وباريحية أكثر، وربما تكون التغيرات التي يعيشها الشبان والفتيات في الكويت مؤشراً الى تغيرات اخرى محتملة في خليج تتشابه انماطه الاجتماعية بشكل كبير، خصوصاً اذا كانت آخر الاحصائيات قد اشارت الى ان نسبة الشباب في دول الخليج تزيد عن 65 في المائة.
الكويت: محمد جزائري
الشبان في الكويت عنوان لمرحلة تبدو معقدة بعض الشيء، ولكنها تظل قابلة لبعض التفكيك بحسب الفتيات والشبان الكويتيين الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط». والمتجول في انحاء جامعة الكويت اول ما يلحظ التنوع الفكري الذي يبدو لافتاً في أوساط الفتيان والفتيات. فما بين حديث جانبي بين طالبين عن أهمية المقاومة في الفلوجة، يتدخل ثالث بسؤال مباغت عن مدى «جدوى ان يكون الشبان الكويتيون وقود معارك لا ناقة لهم فيها ولاجمل».
وفي الجهة المقابلة لذات المكان حديث باسم بين فتاة حاسرة الرأس مع آخرى منقبة بلا حزازيات تذكر.
وفي اركان الكليات، جمعيات طلابية تسوق لنفسها انتخابياً، وتعرض برامجها التي تتمنى ان تدعم ترشيح قائمتهم في انتخابات اتحاد الطلبة..ولهذا الاتحاد تحديداً قصة لابد من روايتها.
فنشأة الاتحاد الوطني لطلاب الكويت الذي هدف الى توحيد جهود الطلبة النقابية كانت في عام 1946، داعية في ذلك الوقت المؤسسين الى تدعيم مقدمة الدستور الطلابي المقطع التالي «نحن طلاب الكويت الجامعيين ايماناً منا بالتنظيم النقابي ودوره الفعال، ومن اجل ايجاد مستقبل افضل لشعبنا وأمتنا، ومن اجل الدفاع عن قضايا الانسانية جمعاء، قررنا انشاء الاتحاد الوطني لطلبة الكويت ليكون طليعة ومشعلاً هادياً للمستقبل» وكان مقره القاهرة.
الصحافي احمد عيسى، الناشط في قضايا الشباب، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «ان هناك بعض العوامل ساهمت في تأسيس هذا الاتحاد واعطائه الصفة الرسمية، فالتاريخ الطلابي يتذكر العديد من الشواهد التي دعمت التأسيس لوجوده، واهمها قيام طالبات المدارس الثانوية في الكويت في مطلع الخمسينات من هذا القرن بالاضراب عن الدراسة، مطالبات بإحداث اصلاحات في العملية التعليمية».
ويضيف عيسى «قد تمر الشواهد سريعاً في اذهان المتابعين للعمل الطلابي في الكويت، الا اننا نجدهم يقفون عند يوم الخـــامس من ديسمبر (كانون الأول) 1964 حين تشكلت في ذلك اليوم اول هيئة ادارية منتخبة للاتحاد الوطني للطلبة، يمثل فيها من كل ثانوية طالبان»، وفي عام 1969 أصبحت الكويت المقر الرسمي للاتحاد الوطني.
اليوم قائمة «الائتلافية» التابعة للاخوان المسلمين تبسط نفوذها على الاتحاد منذ 27 عاماً، في ظل قدرة تنظيمية ومرونة عالية لا تتمتع بها باقي القوائم، حتى أن الانتخابات الاخيرة أظهرت ميل خمسين في المائة من أصوات المقترعين لصالح «الائتلافية» فيما توزعت باقي الاصوات على القوائم الاخرى.
ويوضح قصي السبب قائلاً «ان نسبة الطلاب المشاركين في الاقتراع تصل الى نصف الطلاب الجامعيين، وغالبيتهم من الفتيات. والتركيز عادة يكون على كلية التربية التي تحظى بالاقبال الاكبر، وكون هذه الكلية عادة ما تستقبل الطالبات من ذوي الخلفيات القبلية او المحافظة، فطبيعي ان تصوت للقائمة التي تتواءم مع هذه الميول، خصوصاَ اذا ما علمنا ان القضايا التي يتبناها من نوع منع الاختلاط والالتزم الديني..الخ».
محسن لديه اضافة أخرى، ويعتقد ان السبب في هذا الميل الطلابي لقائمة الائتلافية هو «تحليهم بالمرونة وتبني القضايا الشعبية اذا لزم الامر حتى لو تعارض مع مبادئهم الرئيسية، فعلى سبيل المثال لا مانع لدى القائمة من وضع ممثليها في الكليات ذات الطابع المتحرر، مثل كلية الهندسة فتاة حاسرة الرأس..حتى انهم تبنوا أخيرا قضايا حقوق المرأة التي اعلن عنها في مجلس الامة». ويلفت محسن الانتباه الى ان القائمة غير حريصة على شكل المنتمي اليها كثيراً، ما اصطلح على بعض افرادها بتسميتهم «اسلامي cool» (أي اسلامي عصري).
وليد يعتقد ان «الائتلافية» هي «القائمة الافضل والاكثر تنظيماً، فلماذا لا ننضم لها؟ فضلاً عن أن نفوذها يمتد الى خارج الجامعة بعد التخرج فتتكفل بايجاد وظائف جيدة للعاملين معها بجد»، يسأل ويضيف الشاب. ويلحظ الزائر أن نوعية البرامج والنشاطات المعروضة عادة ما تكون رحلة عمرة الى مكة المكرمة، واستضافة الفنانات المعتزلات ومحاضرات لنواب مجلس الامة من الاسلاميين، وغيرها.
الفتيات الجامعيات لديهن رأي كذلك في الاتحاد، فـ«سارة» لا تعتقد أن الاتحاد يعبر عن جميع شرائح الطلبة، وانه تحول أخيراً إلى منبر للشباب الى بوق موجه عليهم، فيما تنطلق اسراء من زاوية مختلفة، وتقول «من المضحك أن أقاتل في الجامعة لأجل التصويت والترشيح، وبعدما اخرج من الجامعة الى الحياة الحقيقية، أفاجأ بأني محرومة من هذا الحق».
وتضيف زينة مبررة عدم مبالاتها بالاتحاد بأنه «اذا كانت للشبان فوائد يجنونها بعد مغادرتهم الجامعة من جراء انتسابهم للقوائم الاقوى، فنحن لا نستفيد شيئاً».
وبعيداً عن الحياة الطلابية، فالتحول الذي يعيشه الكويتيون والكويتيات لا يمكن التغاضي عنه، والذي يرى قصي أن العامل الابرز فيه «الغزو العراقي في عام 1991 الذي اعاد ترتيب الاولويات لدى الشاب والفتاة، وجعله اقل اكتراثاً بالسياسة واكثر اقبالاً على الحياة اليومية».
ويؤكد انور ذلك بقصة شاهدها بعينه ابان احداث 11 سبتمبر، فيقول «كنا في المقهى نتسامر فاذا بنشرات الاخبار والتلفزيونات تتسابق بنقل الخبر المفجع المتعلق باحداث 11 سبتمبر، فما كان من احد الجالسين في المقهى الا ان ابدى امتعاضه من قناة تلفزيونية لانه قطعت عليه مشاهدة مسلسله المفضل «الزير سالم» ونهض خارجاً من المقهى بتأفف».
بعد ثورة الضحك التي تثيرها قصة انور..يضيف أحمد أن احدى الصحف المحلية اجرت استفتاءً عمن يعرف ما هي «الكمننا» فاجاب ما نسبته 97 في المائة الاجابة الصحيحة وانها اغنية لمحمد فؤاد، فيما لم يعرف الا 6 في المائة أشهر أعضاء البرلمان الكويتي. الفتيات في الكويت بدين اكثر تمرداً، فأن يخبرك شاب في إحدى الدول العربية عن رغبته في الهجرة من بلاده بات أمراً عادياً ومتوقعاً، ولكن ان تبادر فتاة بهذه الرغبة فهذا هو ما قد يصفه كثيرون بالـ«مدهش» في دولة من اكثر دول الخليج محافظة. فاسراء تعتقد أن «في الخارج مساحة أكبر لتحقيق الذات وايمانا أكبر بالمساواة». وتضيف اسراء «أولويات الفتاة الكويتية تغيرت، شخصياً يهمني تأمين مستقبلي الوظيفي اكثر من اي شي آخر او على الاقل قبله، وبناء الاسرة ليس من اولوياتي حالياً».
وتؤيدها زينة مفندة القضية «لا مانع من الزواج اذا كان الخيار جيداً، نحن نبحث عن أزواج اقرب الينا كأصدقاء متفاهمين، لا أزواج تقليدين، لا يعون مفهوم المشاركة في الحياة».
الكويت منطقة حيوية في الخليج ورائدة في التغير الاجتماعي، وما كان مرفوضاَ بالامس اصبح يمارس الان في العلن وباريحية أكثر، وربما تكون التغيرات التي يعيشها الشبان والفتيات في الكويت مؤشراً الى تغيرات اخرى محتملة في خليج تتشابه انماطه الاجتماعية بشكل كبير، خصوصاً اذا كانت آخر الاحصائيات قد اشارت الى ان نسبة الشباب في دول الخليج تزيد عن 65 في المائة.