المهدى
01-15-2005, 07:20 AM
علماء ومفكرون وكتاب يطرحون رؤيتهم ويقترحون سبل العلاج
كتب - فوزي محمد عويس:
أثار الحادث الإجرامي الذي وقع في حولي يوم الاثنين الماضي تساؤلات كثيرة حول الفكر الذي يقف وراء مثل هذه الجرائم ويغذيها, من خلال تكفير أنظمة الحكم ومؤسسات الدولة, بل والمجتمع نفسه. وبات لزاماً على العلماء والمفكرين والأكاديميين والكتاب التصدي لهذا الفكر وتفنيده من أجل حماية المجتمع منه.
وكذلك وقاية أبنائنا من الانزلاق الى مستنقعه حتى لا يغرقوا فيه ويغرقوا الآخرين معهم.
من هنا استطلعت »السياسة« آراء كوكبة من العلماء والمختصين حول هذه القضية الخطيرة, حيث تباينت اراؤهم طبقاً لمواقعهم الفكرية والسياسية, لكنهم اتفقوا جميعاً على خطورة الأمر وضرورة تكاتف جميع الجهود لمواجهة واستئصال هذا الفكر التكفيري.
وفيما حذر بعضهم من ان فكر الإخوان المسلمين هو البيئة الحاضنة للتوجهات التكفيرية, بما شاع في هذا الصدد في كتابات رموز الإخوان, خصوصا سيد قطب, نبه اخرون الى تحاشي الوقوع في تطرف مضاد في المعالجة من قبل السلطة فالأمر أحوج ما يكون الى الحوار بالحكمة والعقل والمنطق.
لان العنف لا يولد إلا العنف, ودعا مشاركون أيضاً إلى اتاحة الفرصة لعلماء الدين الراغبين في وسائل الإعلام ليبينوا للناس زيف الفكر التكفيري.
حدثنا أولاً المحلل السياسي والكاتب الصحافي أحمد الديين فقال بأن التطرف والتزمت والفكر التكفيري موجود بشكل عام مضيفاً: ومن الواجب التصدي لهذا الفكر فالمطلوب اشاعة ثقافة التنوير والديمقراطية والعلم والرأي والرأي الآخر في المجتمع.
ثقافة كتب الإخوان
وتابع الديين: ولقد أعلنت الجماعات الدينية مواقف مناهضة للتطرف وللإرهاب ولكن نجد لزاماً عليها أن تؤكد مواقفها بوضوح من خلال التصدي لمنابع الارهاب ورفض الفكر المتطرف اذ لا تزال هذه الجماعات تنهل في ثقافتها من كتب الإخوان المسلمين وخصوصا بعض كتب سيد قطب مثل كتابي (معالم في الطريق, في ظلال القرآن) وكتاب (جاهلية القرن العشرين) لأخيه محمد قطب, اذ يفترض ممن يريد رفض الارهاب ألا يعتمد على مثل هذه الثقافة أساساً هذا فضلا عن الفتاوى غير المبررة.
واستطرد قائلا: وبالنسبة للكويت وما حدث فيها في الفترة الأخيرة فلابد من معالجة الأمر من جميع الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية. والى الآن فانني افترض أن الإرهاب في دولة الكويت عمل معزول لا تقوم به قوى كبيرة لكن معظم الضرر من مستصغر الشرر ولا أعتقد في الحقيقة أن المجال مهيأ في الكويت للارهاب الذي يجد قاعدته في البلاد التي تغيب عنها الديمقراطية وتكثر فيها الفئات المهمشة ويسودها الفقر لكن يبقى ما يحدث في ديرتنا خطراً يجب التصدي له من دون أي تهاون. وأود أن أؤكد في هذا السياق أن الارهاب والتطرف ليسا مقصورين على الدين الإسلامي فهناك ارهاب يهودي وارهاب مسيحي وارهاب هندوسي وهناك كذلك ارهابيون علمانيون وارهاب لليمين المتطرف وارهاب لليسار المتطرف.
نقطة نظام
ويتناول الدكتور جمعان الحربش عضو هيئة التدريس بالرد على ما ذكره الديين بشأن كتب الاخوان المسلمين التي تغذي ثقافة الارهاب وفقاً لرؤيته فيقول: في الحقيقة هذا كلام خطأ وحكم عام من الأحكام الخطأ فحتى تلك الجماعات التي تعتمد العنف اسلوباً لعلمها وتنتهج نهجاً مسلحاً تستند الى بعض نصوص القرآن الكريم لكن هذا الاستناد انتقائية في اختيار النصوص فهل يعني هذا ان نعرض عن القرآن الكريم أو عن السنة المطهرة, وبالطبع وكما هو معلوم فإن الحكم الشرعي الواحد يؤخذ من مجموع النصوص لا من احداها وكذلك النظرة لكتب سيد قطب وغيره التي يجب ان تؤخذ على أنها نتاج بشري قابل للخطأ وقابل للصواب وليس بالضرورة أن يخرج كل من يقرأها بذات النتائج والأحكام نفسها والدليل ان هناك علماء كثر استفادوا من هذه الكتب وان خالفوا بعض ما ورد فيها ويبقى الخطأ عند الذين يمارسون الانتقائية وهناك أيضاً من يرفضون كل ما جاء في هذه الكتب حقا كان أم باطلاً إذ يعتقدون ان كل من رجع اليها يحمل ذات الفكر.
تطبيق القانون
وبسؤاله عما اذا كان يعتقد بسيادة الفكر التكفيري في الكويت قال الدكتور الحربش: اعتقد ان الموضوع يحتاج الى دراسة قبل اطلاق الأحكام, والمفروض الآن ألا نطلق أحكاماً بل علينا أن نطبق القانون على كل مخالف أياً كان سواء كان صاحب فكر تكفيري أو خروج مسلح غير مرتبط بتكفير فالأمران كلاهما مصيبة.
الوسطية أولاً
ويدلي عضو مجلس الأمة النائب الدكتور فيصل المسلم بدلوه فيقول: بداية لابد أن نكون وسطيين فنحن لا يمكن أن نقر بوجود سيادة الفكر التكفيري في الكويت وفي الوقت نفسه لا ينبغي ان نؤكد انه غير موجود على الاطلاق وفي الحقيقة فان البعض وجدوا أرضية لزرع بعض الأفكار لكن الشيء المؤكد ان الأمر لم يصل أبدا حد ان يكون ظاهرة فكرية لها رموزها بحيث تكون شأنا في الحركات الاسلامية التي تمثل الخط الوسطي وتعتمد في خطبها على الكتاب الكريم والسنة المطهرة وتراعي ظروف وأمن وسلامة المجتمع وتغذي منتسبيها بالفكر المعتدل ونحن في الكويت لسنا في معزل عن العالم.
وماحدث اخيرا اتفق تماما مع النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ نواف الاحمد في انه حادث فردي وانا لا استطيع هنا ان اثبت او انفي شيئا محددا ولكن على اي حال فلابد من المعالجة عبر المواجهة الفكرية وقد دعونا في مجلس الامة من خلال اقتراح لتشكيل لجنة معالجة لجميع الافكار التطرفية وفي الوقت نفسه الانحلالية فدعوة البعض للانحلال يواجهها بالسوء الغلو والتطرف وقد استجابت الحكومة لاقترحنا وشكلت لجنة برئاسة وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية وممثلين من الوزارات المعنية كالاعلام والتربية ويجب على الجميع دعم هذه اللجنة وفي الوقت نفسه لايجب تضخيم الحادث الاخير ولاينبغي ان يكون هناك استغلال له لتصفية اي حسابات فالوطن هو الاهم ومرة اخرى اشدد على ضرورة مواجهة الفكر بالفكر.
فقه الجهلاء
ويؤكد القطب البرلماني السابق وعضو الهيئة الاستشارية للمجلس الاعلى لدول الخليج العربية الدكتور يعقوب حياتي ان الفكر التكفيري بات ظاهرة في الكويت معترضا بذلك على ماذكره النائب المسلم ويقول الظاهرة تكون ظاهرة في حالتين اما لكثرة شيوعها واما لجسامتها واحيانا تكون ظاهرة لجسامتها ولكثرة شيوعها معا وهذا الفكر منتشر الان في الاوساط الاجتماعية وبشكل جسيم من شأنه ان يشكل خطورة تهدد حياة الناس فالتكفير يعني اخراج المسلم من ملة الدين الاسلامي وقد مورس هذا الفكر وذلك من قبل الخوارج الذين قتلوا الامام علي بن ابي طالب واستمر عبر التاريخ الاسلامي يزدهر احيانا وينكمش في احيان اخرى وهذا الفكر الان في الكويت يمارس تحت سمع وبصر الحكومة وهناك جماعات لها برامج سياسية تمارسه في البلاد حتى بات يمارس هذا الفكر التفكيري كل من هب ودب واصبح بمثابة سلاح قاتل فالقتل بالسلاح بات صورة تقليدية من صور القتل لكن القتل عبر هذا الفكر هو الصورة المبتكرة الان للقتل خصوصا مع سيادة فقه الجهلاء الذي يقوم عليه اناس يضعون المسلمين في مواجهة غير متكافئة مع قوى عالمية.
تجربة مصر
يضيف ان التعامل مع الجماعات هذه يكون على اساس انها جماعات سياسية ولايمكن ابدا الزج بالفكر الاسلامي النقي في هذه المسألة وتبقى الشريعة هي الحكم الفصل بين مانقول وماتقوله هذه الجماعات فهي شريعة حكمة وحكيمة ودعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وهناك خطأ كبير في اوساط المجتمع اسهم في تنامي هذا الفكر وهو تسمية هذه الجماعات ب¯ »الاسلامية« ولهذا فانني لا استخدم هذه التسمية اطلاقا ولا استستيغها ولا احبذها لانها تعني ان هذه الجماعات ترمي الى الحكم وللاسف الشديد فان المجتمع الكويتي مهدد على هذا النحو من الداخل خصوصا وان هناك خوفا من قبل السلطة في التصدي لهذه الجماعات وفي هذا الصدد فاننا نستحضر طريقة التصدي المصرية لمثل هذه الجماعات فقد واجهت من يستحق الحوار بالحوار وواجهت من يستحق العنف بالعنف واستطاعت مصر عبر هذا الاسلوب التصدي بشكل جيد لهذه الظاهرة الوبائية
الحكم هدفهم
استاذ العلوم السياسة بجامعة الكويت الدكتور ابراهيم الهدبان يعود فيؤكد ان توجيه الاتهامات للتيار الاسلامي على خلفية الحادث الاخير ماهو الا صيد في الماء العكر مشيرا الى ان هذا الصيد لايصب في مصلحة الكويت لان الحادث فردي وقد وقع في شارع نشأ على قيم المحبة والتسامح مضيفا لايجب ابدا ان يجير البعض هذا الحادث لانفسهم ويصورون الامر بان الكويت اصبحت ساحة معركة وانهم حذروا الحكومة من سيادة الفكر التكفيري فهؤلاء سواء كانوا افرادا او جهات يحاولون بعد ان فشلوا في تحقيق مكتسبات سياسية لدى الشارع استغلال هذا الحادث في تحريض الحكومة على التيارات الاسلامية متناسين ان هذه التيارات ادانت واستنكرت بشدة هذا الحادث .
يضيف د. الهدبان والحل يكمن في مواجهة تلك المجموعة القليلة جدا التي تحمل هذا الفكر بعلماء الشرع المتخصصين الذين يمكنهم تعليم الشباب اصول دينهم ويبينون لهم الحلال من الحرام وحرمة دم المسلم وعدم جواز التعدي على سلطة ولي الأمر واثارة الفتن.
وحول ثقافة كتب الاخوان قال الهدبان: كتب الاخوان ليست مليئة بالفكر التكفيري كما يقول البعض بل مليئة بالاعتدال وبالحض على عدم الخروج على الحاكم ولكن البعض ينتقي ويحاول تجهيز ما ينتقي لخدمة مصالحه وأغراضه .
30 مرة
ولدى طرح السؤال على وكيل المراجع الشيعية السيد محمد المهري الذي هاتفناه في بيروت عشية الاول من أمس قال: من دون شك فالفكر التكفيري موجود وهو فكر متعصب في الكويت يحمل لواءه علماء وأئمة مساجد ووزارة الاوقاف يمكن ان تؤكد هذا واما عن المواجهة فمن خلال توعية وتثقيف الناس واعطاء دور للعلماء المعتدلين الذي يحملون في امانة لواء الاسلام ويستطيعون ابراز وجهه الحقيقي والسمح فضلا عن ضرورة ابعاد هؤلاء من بعض الوزارات خصوصا من وزارة التربية وعدم السماح لهم ببث افكارهم التكفيرية في المجتمع وما الحوادث الأخيرة الا نتيجة لوجود هذه الافكار والتي سبق وحذرنا الحكومة منها 30 مرة في الصحف وطالبناها بالحذر منها وأشرنا الى وجود خلايا ارهابية نائمة لكن حكومتنا أحيانا تغطي رأسها في الرمال كما النعامة.
حاوروهم ثم حاربوهم
ومن جانبه يؤكد المحلل السياسي والكاتب الصحافي الدكتور عايد المناع أن هذا الفكر التكفيري منتشر في منطقة الخليج وفي العالم العربي والمواجهة لايمكن ان تكون الا من خلال الفكر الاسلامي الصحيح المعتدل العقلاني الذي يقول به كبار العلماء من أهل الاختصاص وكذلك من خلال ايجاد منافذ للحرية الفكرية التي تناقش الحريات الفكرية ويجب ان نحاور كذلك ضمن هذا الاطار هؤلاء التكفيريين وعلينا ان ندعهم يتحدثون ونستمع لهم ويشارك في محاورتهم اهل الشرع عبر برامج متلفزة وهذا النمط حصل في التاريخ الاسلامي منذ القدم فقد واجه علي بن ابي طالب رضي الله عنه الخوارج أولا بالحوار ثم حاربهم .
تطبيق الشريعة
واخيرا يحدثنا المفكر الاسلامي فضيلة الشيخ ناظم المسباح فيقر بداية بوجود الفكر التكفيري ويقول: منذ زمن الإمام علي بن أبي طالب وهذا الفكر موجود ولكننا ننكره وندينه ولايمكن أبدا ومهما كانت الظروف ان نبرره رغم الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم وخير مواجهة لهذا الفكر تكون بتطبيق الشريعة الاسلامية واقامة حدود الله فهؤلاء التكفيريون عندما يرون أولياء الامور يحرسون الدين ويطبقون شرع الله لن يجدوا اي زبائن لهم لكن عندما يرون أولياء الأمور مهملين للشريعة ولايقيمون الحدود ولايكونون حراسا للعقيدة فسيجدون الزبائن, كما ان لوسائل الاعلام دورا كبيرا ينبغي ان تقوم به للتصدي لهذه الآفة التي تصل الى حد اراقة الدماء البريئة وفي الحقيقة فان هناك قصورا على هذا الصعيد فالاعلام مشغول بالتطبيل والتزمير والغناء ولو لاحظنا ما يبث من اساليب حديثة لمعالجة هذه الآفة سنجده قليلاً جدا مقارنة بما يبث من المواد التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولاشك اننا في امس الحاجة للعودة الى أهل العلم الراسخين الذين يجب ان يكون لهم دور مؤثر في محاربة هذا الفكر.
كتب - فوزي محمد عويس:
أثار الحادث الإجرامي الذي وقع في حولي يوم الاثنين الماضي تساؤلات كثيرة حول الفكر الذي يقف وراء مثل هذه الجرائم ويغذيها, من خلال تكفير أنظمة الحكم ومؤسسات الدولة, بل والمجتمع نفسه. وبات لزاماً على العلماء والمفكرين والأكاديميين والكتاب التصدي لهذا الفكر وتفنيده من أجل حماية المجتمع منه.
وكذلك وقاية أبنائنا من الانزلاق الى مستنقعه حتى لا يغرقوا فيه ويغرقوا الآخرين معهم.
من هنا استطلعت »السياسة« آراء كوكبة من العلماء والمختصين حول هذه القضية الخطيرة, حيث تباينت اراؤهم طبقاً لمواقعهم الفكرية والسياسية, لكنهم اتفقوا جميعاً على خطورة الأمر وضرورة تكاتف جميع الجهود لمواجهة واستئصال هذا الفكر التكفيري.
وفيما حذر بعضهم من ان فكر الإخوان المسلمين هو البيئة الحاضنة للتوجهات التكفيرية, بما شاع في هذا الصدد في كتابات رموز الإخوان, خصوصا سيد قطب, نبه اخرون الى تحاشي الوقوع في تطرف مضاد في المعالجة من قبل السلطة فالأمر أحوج ما يكون الى الحوار بالحكمة والعقل والمنطق.
لان العنف لا يولد إلا العنف, ودعا مشاركون أيضاً إلى اتاحة الفرصة لعلماء الدين الراغبين في وسائل الإعلام ليبينوا للناس زيف الفكر التكفيري.
حدثنا أولاً المحلل السياسي والكاتب الصحافي أحمد الديين فقال بأن التطرف والتزمت والفكر التكفيري موجود بشكل عام مضيفاً: ومن الواجب التصدي لهذا الفكر فالمطلوب اشاعة ثقافة التنوير والديمقراطية والعلم والرأي والرأي الآخر في المجتمع.
ثقافة كتب الإخوان
وتابع الديين: ولقد أعلنت الجماعات الدينية مواقف مناهضة للتطرف وللإرهاب ولكن نجد لزاماً عليها أن تؤكد مواقفها بوضوح من خلال التصدي لمنابع الارهاب ورفض الفكر المتطرف اذ لا تزال هذه الجماعات تنهل في ثقافتها من كتب الإخوان المسلمين وخصوصا بعض كتب سيد قطب مثل كتابي (معالم في الطريق, في ظلال القرآن) وكتاب (جاهلية القرن العشرين) لأخيه محمد قطب, اذ يفترض ممن يريد رفض الارهاب ألا يعتمد على مثل هذه الثقافة أساساً هذا فضلا عن الفتاوى غير المبررة.
واستطرد قائلا: وبالنسبة للكويت وما حدث فيها في الفترة الأخيرة فلابد من معالجة الأمر من جميع الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية. والى الآن فانني افترض أن الإرهاب في دولة الكويت عمل معزول لا تقوم به قوى كبيرة لكن معظم الضرر من مستصغر الشرر ولا أعتقد في الحقيقة أن المجال مهيأ في الكويت للارهاب الذي يجد قاعدته في البلاد التي تغيب عنها الديمقراطية وتكثر فيها الفئات المهمشة ويسودها الفقر لكن يبقى ما يحدث في ديرتنا خطراً يجب التصدي له من دون أي تهاون. وأود أن أؤكد في هذا السياق أن الارهاب والتطرف ليسا مقصورين على الدين الإسلامي فهناك ارهاب يهودي وارهاب مسيحي وارهاب هندوسي وهناك كذلك ارهابيون علمانيون وارهاب لليمين المتطرف وارهاب لليسار المتطرف.
نقطة نظام
ويتناول الدكتور جمعان الحربش عضو هيئة التدريس بالرد على ما ذكره الديين بشأن كتب الاخوان المسلمين التي تغذي ثقافة الارهاب وفقاً لرؤيته فيقول: في الحقيقة هذا كلام خطأ وحكم عام من الأحكام الخطأ فحتى تلك الجماعات التي تعتمد العنف اسلوباً لعلمها وتنتهج نهجاً مسلحاً تستند الى بعض نصوص القرآن الكريم لكن هذا الاستناد انتقائية في اختيار النصوص فهل يعني هذا ان نعرض عن القرآن الكريم أو عن السنة المطهرة, وبالطبع وكما هو معلوم فإن الحكم الشرعي الواحد يؤخذ من مجموع النصوص لا من احداها وكذلك النظرة لكتب سيد قطب وغيره التي يجب ان تؤخذ على أنها نتاج بشري قابل للخطأ وقابل للصواب وليس بالضرورة أن يخرج كل من يقرأها بذات النتائج والأحكام نفسها والدليل ان هناك علماء كثر استفادوا من هذه الكتب وان خالفوا بعض ما ورد فيها ويبقى الخطأ عند الذين يمارسون الانتقائية وهناك أيضاً من يرفضون كل ما جاء في هذه الكتب حقا كان أم باطلاً إذ يعتقدون ان كل من رجع اليها يحمل ذات الفكر.
تطبيق القانون
وبسؤاله عما اذا كان يعتقد بسيادة الفكر التكفيري في الكويت قال الدكتور الحربش: اعتقد ان الموضوع يحتاج الى دراسة قبل اطلاق الأحكام, والمفروض الآن ألا نطلق أحكاماً بل علينا أن نطبق القانون على كل مخالف أياً كان سواء كان صاحب فكر تكفيري أو خروج مسلح غير مرتبط بتكفير فالأمران كلاهما مصيبة.
الوسطية أولاً
ويدلي عضو مجلس الأمة النائب الدكتور فيصل المسلم بدلوه فيقول: بداية لابد أن نكون وسطيين فنحن لا يمكن أن نقر بوجود سيادة الفكر التكفيري في الكويت وفي الوقت نفسه لا ينبغي ان نؤكد انه غير موجود على الاطلاق وفي الحقيقة فان البعض وجدوا أرضية لزرع بعض الأفكار لكن الشيء المؤكد ان الأمر لم يصل أبدا حد ان يكون ظاهرة فكرية لها رموزها بحيث تكون شأنا في الحركات الاسلامية التي تمثل الخط الوسطي وتعتمد في خطبها على الكتاب الكريم والسنة المطهرة وتراعي ظروف وأمن وسلامة المجتمع وتغذي منتسبيها بالفكر المعتدل ونحن في الكويت لسنا في معزل عن العالم.
وماحدث اخيرا اتفق تماما مع النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ نواف الاحمد في انه حادث فردي وانا لا استطيع هنا ان اثبت او انفي شيئا محددا ولكن على اي حال فلابد من المعالجة عبر المواجهة الفكرية وقد دعونا في مجلس الامة من خلال اقتراح لتشكيل لجنة معالجة لجميع الافكار التطرفية وفي الوقت نفسه الانحلالية فدعوة البعض للانحلال يواجهها بالسوء الغلو والتطرف وقد استجابت الحكومة لاقترحنا وشكلت لجنة برئاسة وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية وممثلين من الوزارات المعنية كالاعلام والتربية ويجب على الجميع دعم هذه اللجنة وفي الوقت نفسه لايجب تضخيم الحادث الاخير ولاينبغي ان يكون هناك استغلال له لتصفية اي حسابات فالوطن هو الاهم ومرة اخرى اشدد على ضرورة مواجهة الفكر بالفكر.
فقه الجهلاء
ويؤكد القطب البرلماني السابق وعضو الهيئة الاستشارية للمجلس الاعلى لدول الخليج العربية الدكتور يعقوب حياتي ان الفكر التكفيري بات ظاهرة في الكويت معترضا بذلك على ماذكره النائب المسلم ويقول الظاهرة تكون ظاهرة في حالتين اما لكثرة شيوعها واما لجسامتها واحيانا تكون ظاهرة لجسامتها ولكثرة شيوعها معا وهذا الفكر منتشر الان في الاوساط الاجتماعية وبشكل جسيم من شأنه ان يشكل خطورة تهدد حياة الناس فالتكفير يعني اخراج المسلم من ملة الدين الاسلامي وقد مورس هذا الفكر وذلك من قبل الخوارج الذين قتلوا الامام علي بن ابي طالب واستمر عبر التاريخ الاسلامي يزدهر احيانا وينكمش في احيان اخرى وهذا الفكر الان في الكويت يمارس تحت سمع وبصر الحكومة وهناك جماعات لها برامج سياسية تمارسه في البلاد حتى بات يمارس هذا الفكر التفكيري كل من هب ودب واصبح بمثابة سلاح قاتل فالقتل بالسلاح بات صورة تقليدية من صور القتل لكن القتل عبر هذا الفكر هو الصورة المبتكرة الان للقتل خصوصا مع سيادة فقه الجهلاء الذي يقوم عليه اناس يضعون المسلمين في مواجهة غير متكافئة مع قوى عالمية.
تجربة مصر
يضيف ان التعامل مع الجماعات هذه يكون على اساس انها جماعات سياسية ولايمكن ابدا الزج بالفكر الاسلامي النقي في هذه المسألة وتبقى الشريعة هي الحكم الفصل بين مانقول وماتقوله هذه الجماعات فهي شريعة حكمة وحكيمة ودعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وهناك خطأ كبير في اوساط المجتمع اسهم في تنامي هذا الفكر وهو تسمية هذه الجماعات ب¯ »الاسلامية« ولهذا فانني لا استخدم هذه التسمية اطلاقا ولا استستيغها ولا احبذها لانها تعني ان هذه الجماعات ترمي الى الحكم وللاسف الشديد فان المجتمع الكويتي مهدد على هذا النحو من الداخل خصوصا وان هناك خوفا من قبل السلطة في التصدي لهذه الجماعات وفي هذا الصدد فاننا نستحضر طريقة التصدي المصرية لمثل هذه الجماعات فقد واجهت من يستحق الحوار بالحوار وواجهت من يستحق العنف بالعنف واستطاعت مصر عبر هذا الاسلوب التصدي بشكل جيد لهذه الظاهرة الوبائية
الحكم هدفهم
استاذ العلوم السياسة بجامعة الكويت الدكتور ابراهيم الهدبان يعود فيؤكد ان توجيه الاتهامات للتيار الاسلامي على خلفية الحادث الاخير ماهو الا صيد في الماء العكر مشيرا الى ان هذا الصيد لايصب في مصلحة الكويت لان الحادث فردي وقد وقع في شارع نشأ على قيم المحبة والتسامح مضيفا لايجب ابدا ان يجير البعض هذا الحادث لانفسهم ويصورون الامر بان الكويت اصبحت ساحة معركة وانهم حذروا الحكومة من سيادة الفكر التكفيري فهؤلاء سواء كانوا افرادا او جهات يحاولون بعد ان فشلوا في تحقيق مكتسبات سياسية لدى الشارع استغلال هذا الحادث في تحريض الحكومة على التيارات الاسلامية متناسين ان هذه التيارات ادانت واستنكرت بشدة هذا الحادث .
يضيف د. الهدبان والحل يكمن في مواجهة تلك المجموعة القليلة جدا التي تحمل هذا الفكر بعلماء الشرع المتخصصين الذين يمكنهم تعليم الشباب اصول دينهم ويبينون لهم الحلال من الحرام وحرمة دم المسلم وعدم جواز التعدي على سلطة ولي الأمر واثارة الفتن.
وحول ثقافة كتب الاخوان قال الهدبان: كتب الاخوان ليست مليئة بالفكر التكفيري كما يقول البعض بل مليئة بالاعتدال وبالحض على عدم الخروج على الحاكم ولكن البعض ينتقي ويحاول تجهيز ما ينتقي لخدمة مصالحه وأغراضه .
30 مرة
ولدى طرح السؤال على وكيل المراجع الشيعية السيد محمد المهري الذي هاتفناه في بيروت عشية الاول من أمس قال: من دون شك فالفكر التكفيري موجود وهو فكر متعصب في الكويت يحمل لواءه علماء وأئمة مساجد ووزارة الاوقاف يمكن ان تؤكد هذا واما عن المواجهة فمن خلال توعية وتثقيف الناس واعطاء دور للعلماء المعتدلين الذي يحملون في امانة لواء الاسلام ويستطيعون ابراز وجهه الحقيقي والسمح فضلا عن ضرورة ابعاد هؤلاء من بعض الوزارات خصوصا من وزارة التربية وعدم السماح لهم ببث افكارهم التكفيرية في المجتمع وما الحوادث الأخيرة الا نتيجة لوجود هذه الافكار والتي سبق وحذرنا الحكومة منها 30 مرة في الصحف وطالبناها بالحذر منها وأشرنا الى وجود خلايا ارهابية نائمة لكن حكومتنا أحيانا تغطي رأسها في الرمال كما النعامة.
حاوروهم ثم حاربوهم
ومن جانبه يؤكد المحلل السياسي والكاتب الصحافي الدكتور عايد المناع أن هذا الفكر التكفيري منتشر في منطقة الخليج وفي العالم العربي والمواجهة لايمكن ان تكون الا من خلال الفكر الاسلامي الصحيح المعتدل العقلاني الذي يقول به كبار العلماء من أهل الاختصاص وكذلك من خلال ايجاد منافذ للحرية الفكرية التي تناقش الحريات الفكرية ويجب ان نحاور كذلك ضمن هذا الاطار هؤلاء التكفيريين وعلينا ان ندعهم يتحدثون ونستمع لهم ويشارك في محاورتهم اهل الشرع عبر برامج متلفزة وهذا النمط حصل في التاريخ الاسلامي منذ القدم فقد واجه علي بن ابي طالب رضي الله عنه الخوارج أولا بالحوار ثم حاربهم .
تطبيق الشريعة
واخيرا يحدثنا المفكر الاسلامي فضيلة الشيخ ناظم المسباح فيقر بداية بوجود الفكر التكفيري ويقول: منذ زمن الإمام علي بن أبي طالب وهذا الفكر موجود ولكننا ننكره وندينه ولايمكن أبدا ومهما كانت الظروف ان نبرره رغم الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم وخير مواجهة لهذا الفكر تكون بتطبيق الشريعة الاسلامية واقامة حدود الله فهؤلاء التكفيريون عندما يرون أولياء الامور يحرسون الدين ويطبقون شرع الله لن يجدوا اي زبائن لهم لكن عندما يرون أولياء الأمور مهملين للشريعة ولايقيمون الحدود ولايكونون حراسا للعقيدة فسيجدون الزبائن, كما ان لوسائل الاعلام دورا كبيرا ينبغي ان تقوم به للتصدي لهذه الآفة التي تصل الى حد اراقة الدماء البريئة وفي الحقيقة فان هناك قصورا على هذا الصعيد فالاعلام مشغول بالتطبيل والتزمير والغناء ولو لاحظنا ما يبث من اساليب حديثة لمعالجة هذه الآفة سنجده قليلاً جدا مقارنة بما يبث من المواد التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولاشك اننا في امس الحاجة للعودة الى أهل العلم الراسخين الذين يجب ان يكون لهم دور مؤثر في محاربة هذا الفكر.