د. حامد العطية
11-21-2012, 05:33 AM
حرب "تخريج" غزة من محور المقاومة
د. حامد العطية
في السياسة كثيراً ما تكون الأهداف المعلنة غير الحقيقية، والحرب ضرب من السياسة، فقد وصف بعض ساسة أوروبا الحرب العالمية الأولى بأنها خاتمة الحروب أو الحرب التي ستنهي كل الحروب، وفي الواقع كانت صراعاً على المصالح والغنائم الاستعمارية، وعندما أعلن الرئيس المصري الأسبق السادات بأن الهدف من شنه حرب 1973م تحرير الأرض المحتلة سخرنا منه في وقتها وقلنا بأنها حرب "تحريك" لعملية السلام، وتبين بالفعل بأنها تحريكية لا تحريرية، ولكي يمرر السادات خدعته كان لزاماً تصوير تلك الحرب بأنها انتصار مصري خلافاً للوقائع الميدانية، فسميت حرب العبور وطمست نتيجتها النهائية، وهكذا مهدت تلك الحرب للبدء بفصل جديد من عملية السلام أفضى إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد وخروج مصر من معسكر العداء مع الكيان الصهيوني والتخلي عن القضية الفلسطينية.
تدور رحى حرب في غزة، وفي المنطقة صراع معلن وخفي بين معسكرين، معسكر المقاومة والممانعة من جهة وما يعرف بمحور الاعتدال"النعاج"، ومؤخراً شهدنا انتقال حركة حماس الحاكمة في غزة إلى موقع أقرب ما يكون من محور الاعتدال، وعلى قاعدة تغليب سوء الظن بالسياسة العربية يتبادر إلى الذهن سؤال حول المقاصد الحقيقية لهذه الحرب الدائرة في غزة، وبالتحديد إن كانت هي خاتمة الصراع العسكري بين حماس والكيان الصهيوني والممهدة لانتقال الحركة النهائي لمحور الاعتدال ومشروعه السلمي.
اليوم تقذف حماس بصواريخها التي حصلت عليها من إيران إلى داخل الأراضي المحتلة، وهي تعلم جيداً بأنها لن تحصل على امدادات جديدة منها، حتى لو ارادت إيران وبذل حزب الله كل جهده في سبيل ذلك، لأن حكومة الأخوان المسلمون المصرية ستمنع وصولها، خشية الاساءة إلى علاقتها بأمريكا مصدر السلاح والقروض والاستثمارات الخارجية واغضاب دول محور الاعتدال الخليجي حيث يعمل ملايين المصريين، وكل القرائن تؤكد ذلك بما فيها تدمير أنفاق التهريب بين سيناء وغزة وبناء الجدار العازل ورسالة الرئيس المصري لـ"صديقه العظيم" الرئيس الصهيوني والتعهد باحترام معاهدة السلام والاقتراض من البنك الدولي.
الخلاصة هي أن الأخوان المسلمون في مصر المهتمين بتوطيد مواقعهم في السلطة بالدرجة الأولى لا يقبلون بأن يزايد عليهم الأخوان المسلمون في غزة أي حماس في قضية الجهاد والمقاومة لذلك فالمطلوب هو تخلي حماس عن خيار المقاومة، وهي بالفعل قد بدأت ذلك بافتراقها عن الحكومة السورية وانتقال مكاتب قيادتها في الخارج إلى قطر، واليوم نشهد الفصل الثاني وربما الختامي من هذه العملية حيث سيعلن عن هدنة جديدة وآليات لمنع تجدد القتال فماذا يتبقى من الكفاح المسلح لغزة؟ ولأن المطلوب هو "تخريج" حماس من جبهة المقاومة بدرجة الشرف، فقد قدم عرب جبهة الاعتدال المجتمعون تحت مظلة الجامعة العربية لها شهادة النصر مسبقاً، وبدأت الاحتفالات بالنصر الغزاوي حتى قبل نهاية المعركة، وهم يعدون العدة للخطوة التالية، وهي التوصل إلى تفاهم بين حماس وسلطة رام الله على اساس استراتيجية ما يسمى بالمقاومة السلمية غير المسلحة، أي التفاوض مع الكيان الصهيوني برعاية أمريكية ومباركة الإسلاميين في مصر وتركيا على حدود دويلة فلسطينية أو بالأحرى كانتون (إقليم) من دون سيادة حقيقية والتنازل عن حق العودة والاحتفاظ بمهام رفادة وسقاية زوار المسجد الاقصى.
هي تمثيلية أخرى أو في الحقيقة خدعة هزيلة ستنطلي على العرب كما انطلت خدع سابقة ليس لأنهم أغنام بل لأنهم ملوا وضجروا وفترت همتهم وتعودوا طعم الهزيمة، اتمنى من كل قلبي أن لا أكون مصيباً في ظني وتحليلي.
20 تشرين الثاني 2012م
د. حامد العطية
في السياسة كثيراً ما تكون الأهداف المعلنة غير الحقيقية، والحرب ضرب من السياسة، فقد وصف بعض ساسة أوروبا الحرب العالمية الأولى بأنها خاتمة الحروب أو الحرب التي ستنهي كل الحروب، وفي الواقع كانت صراعاً على المصالح والغنائم الاستعمارية، وعندما أعلن الرئيس المصري الأسبق السادات بأن الهدف من شنه حرب 1973م تحرير الأرض المحتلة سخرنا منه في وقتها وقلنا بأنها حرب "تحريك" لعملية السلام، وتبين بالفعل بأنها تحريكية لا تحريرية، ولكي يمرر السادات خدعته كان لزاماً تصوير تلك الحرب بأنها انتصار مصري خلافاً للوقائع الميدانية، فسميت حرب العبور وطمست نتيجتها النهائية، وهكذا مهدت تلك الحرب للبدء بفصل جديد من عملية السلام أفضى إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد وخروج مصر من معسكر العداء مع الكيان الصهيوني والتخلي عن القضية الفلسطينية.
تدور رحى حرب في غزة، وفي المنطقة صراع معلن وخفي بين معسكرين، معسكر المقاومة والممانعة من جهة وما يعرف بمحور الاعتدال"النعاج"، ومؤخراً شهدنا انتقال حركة حماس الحاكمة في غزة إلى موقع أقرب ما يكون من محور الاعتدال، وعلى قاعدة تغليب سوء الظن بالسياسة العربية يتبادر إلى الذهن سؤال حول المقاصد الحقيقية لهذه الحرب الدائرة في غزة، وبالتحديد إن كانت هي خاتمة الصراع العسكري بين حماس والكيان الصهيوني والممهدة لانتقال الحركة النهائي لمحور الاعتدال ومشروعه السلمي.
اليوم تقذف حماس بصواريخها التي حصلت عليها من إيران إلى داخل الأراضي المحتلة، وهي تعلم جيداً بأنها لن تحصل على امدادات جديدة منها، حتى لو ارادت إيران وبذل حزب الله كل جهده في سبيل ذلك، لأن حكومة الأخوان المسلمون المصرية ستمنع وصولها، خشية الاساءة إلى علاقتها بأمريكا مصدر السلاح والقروض والاستثمارات الخارجية واغضاب دول محور الاعتدال الخليجي حيث يعمل ملايين المصريين، وكل القرائن تؤكد ذلك بما فيها تدمير أنفاق التهريب بين سيناء وغزة وبناء الجدار العازل ورسالة الرئيس المصري لـ"صديقه العظيم" الرئيس الصهيوني والتعهد باحترام معاهدة السلام والاقتراض من البنك الدولي.
الخلاصة هي أن الأخوان المسلمون في مصر المهتمين بتوطيد مواقعهم في السلطة بالدرجة الأولى لا يقبلون بأن يزايد عليهم الأخوان المسلمون في غزة أي حماس في قضية الجهاد والمقاومة لذلك فالمطلوب هو تخلي حماس عن خيار المقاومة، وهي بالفعل قد بدأت ذلك بافتراقها عن الحكومة السورية وانتقال مكاتب قيادتها في الخارج إلى قطر، واليوم نشهد الفصل الثاني وربما الختامي من هذه العملية حيث سيعلن عن هدنة جديدة وآليات لمنع تجدد القتال فماذا يتبقى من الكفاح المسلح لغزة؟ ولأن المطلوب هو "تخريج" حماس من جبهة المقاومة بدرجة الشرف، فقد قدم عرب جبهة الاعتدال المجتمعون تحت مظلة الجامعة العربية لها شهادة النصر مسبقاً، وبدأت الاحتفالات بالنصر الغزاوي حتى قبل نهاية المعركة، وهم يعدون العدة للخطوة التالية، وهي التوصل إلى تفاهم بين حماس وسلطة رام الله على اساس استراتيجية ما يسمى بالمقاومة السلمية غير المسلحة، أي التفاوض مع الكيان الصهيوني برعاية أمريكية ومباركة الإسلاميين في مصر وتركيا على حدود دويلة فلسطينية أو بالأحرى كانتون (إقليم) من دون سيادة حقيقية والتنازل عن حق العودة والاحتفاظ بمهام رفادة وسقاية زوار المسجد الاقصى.
هي تمثيلية أخرى أو في الحقيقة خدعة هزيلة ستنطلي على العرب كما انطلت خدع سابقة ليس لأنهم أغنام بل لأنهم ملوا وضجروا وفترت همتهم وتعودوا طعم الهزيمة، اتمنى من كل قلبي أن لا أكون مصيباً في ظني وتحليلي.
20 تشرين الثاني 2012م