على
11-08-2012, 04:52 PM
http://www.manaar.com/vb/meoicons/headers/news.gif
First Published: 2012-11-07
http://middle-east-online.com/meopictures/biga/_142773_adel_reda.jpg
تسللت المعارضة المفبركة إلى مقدمة المشهد الكويتي تحت غطاء الإسلام السياسي وما بقي من نزعات قبلية. نسيت هذه المعارضة انها مجرد صنيعة.
ميدل ايست أونلاين
بقلم: د. عادل رضا
ما حقيقة ما يجري بالكويت من أحداث؟ يسألني العديد من الأصدقاء من سياسيين ومفكرين وإعلاميين. فلا الصورة واضحة عندهم وليس ما يجري مفهوما لديهم، أو حتى ذا معنى أو معلولا بمنطق يستطيع عاقل تقبله وفهمه.
هناك العديد من الأسئلة تأتي على المراقبين العرب في أحداث لا يفهموها، ولا يعرفون أسبابها وما ورائها. وقرأت شخصيا عدد من المقالات التي حاولت أن تفهم، وأن تقرأ ما يجري، وأطلعت عليها ولكن للأسف الشديد لم أجد فيها ما يقرأ الواقع كما هو.
ومن يخرج إلى الإعلام العربي من الكويتيين أغلبهم مستثقف وليس مثقفا ودخيل على السياسة وليس سياسيا ومنهم ممثلون لأحزاب مفبركة وتيارات صنيعة ويافطات ليس لها قيمة ولا لديها ارتباط بالناس. فالعديد من هؤلاء أدوات ردح ومنهم من هو نصاب ومتسلق، وكل هذا سنشرحه بالتفصيل.
أذن هناك - وليس الكل بالطبع - من هم ليسوا أشخاصا ينقلون الواقع كما هو، فهؤلاء يدخلون في تفاصيل التفاصيل لكي تضيع الحقيقة ومعها حقيقتهم كمأجورين للردح ومتسلقين يقدمون الكلام واللغو ويضيع الوقت ولا أحد يفهم حقيقة ما يجري.
وعلى المستوى من يحاول إن يفهم الوضع الكويتي من العرب فيختلف التحليل باختلاف عقليات من يكتبها، فهناك من يريد دمار الكويت كرغبة وهدف ضمن حالة استكمال للحسد العربي والكراهية غير المبررة بأي سبب تشابه الكراهية العربية التي أنصدم الكويتيون باكتشافها في الغزو الصدامي لدولة الكويت.
ويأتي تحليل عربي أخر لمن يريد أن يعيش دور المحرر وقائد الشعوب العربية لذلك يربط ما يحدث بسعي للحرية! أم برغبة للديمقراطية! وهذا التحليل عاطفي ساذج يفتقر للمعلومة ويريد أن يلعب دور الكاتب المناضل في أرض (وأعني هنا دولة الكويت) أنتهى فيها النضال للتحرر الشعبي منذ خمسين سنة وهذا ما سيأتي لاحقا لشرحه.
وهناك من يدخل بالموضوع الكويتي من باب الابتزاز وهوس "وهم" أن هناك من سيدفع ليسكت هذا الصحفي أو هذه الفضائية وهؤلاء من يسترزقون بالسياسة ومعروفون بالأسماء ومكشوفون.
لذلك نحن بحاجة لشرح ما وراء اللعبة للعرب الذين يريدون أن يفهمون ما يجري، وللكويتيين الذين لا يعرفون ماذا يجري!؟
فلكي نحاول أن نشرح وأن نفهم فنحن علينا أن نقول ما وراء اللعبة في الكويت؟
أذن هنا كاتب هذه السطور يحاول إيصال حقيقة ما يجري بالكويت، أو ما يعتقده حقيقة ضمن قراءته للحدث.
سأحاول بناء خشبة المسرح بكل تفاصيلها لكي يتسنى للمحلل السياسي أن يفهم وأن ينطلق من أساس من يعرف ما يجري وأساسا يستطيع أن يسأل فيه كمحاور عن المسألة الكويتية من باب المعرفة وليس من باب التخمين أو الحشو الكلامي غير المستند على حقائق أرض الواقع.
علينا أن نشرح المشهد السياسي الكويتي بجزء من مكوناته الرئيسية:
المكون أول هو أسرة إل الصباح الكريمة.
وهي أسرة كويتية محبوبة من الناس، ولها امتداد اجتماعي بينهم من خلال علاقات النسب والرابط العائلي والتواصل، ولها نفوذ كبير بحكم موقعها كأسرة حاكمة وهي الأسرة القائدة تاريخيا لكل مكونات الشعب الكويتي وتلعب تاريخيا دور الفارس والقائد لمجمل القبائل والعائلات الكويتية منذ تأسيس الكيان السياسي للكويت وانطلاقها للعالم منذ أربعمائة سنة وهي تلعب هذا الدور (الاجتماعي-
السياسي) بالأساس منذ ذلك الزمان وتم تثبيته دستوريا في عام 1962 عند إصدار دستور دولة الكويت، الذي كان منتوج نضال سلمي للشعب الكويتي منذ الخمسينات وتم تتويج ذلك النضال بعد عشرة سنوات تقريبا عندما لعبت الظروف الدولية والضغط الداخلي وعوامل أخرى الدور الدافع لانجاز دستور شعبي ديمقراطي أصبحت به الكويت شمعة للديمقراطية والحرية منذ خمسين سنة. لذلك نقول أن ما
يسمى ربيعا عربيا عاشه الكويتيون قبل خمسين سنة وأستحصلوا على ما يريده الشعب العربي من أنظمته الرسمية منذ ذلك الزمان من حرية تعبير وتمثيل برلماني حقيقي وحرية صحافة وسلطات قضائية وتنفيذية وبرلمانية منفصلة عن بعضها البعض الخ من بديهيات كرامة الإنسان وقبل إصدار الدستور كان نجاح الحركة الشعبية بتأسيس الكويت على قوانين أدارية تنظيمية مهمة تم بناء الدولة الحديثة عليها.
وضمن هذا النجاح للحركة الشعبية الكويتية نجح الكويتيون بفرض اتفاقية تأميم النفط بالسبعينات وتم الانتصار للقضايا القومية العربية واستمر دعم نضال الشعب الفلسطيني بكل الاوجه، وأصبحت الكويت منارة للثقافة وملجأ للمثقفين العرب. وكما تصدر الكويت النفط فأنها أيضا تصدر الثقافة وتسند الحراك الثقافي العربي ومعروف دور المجلس الوطني وإصداراته القيمة المهمة مثل سلسلة عالم المعرفة ومجلة العربي وإصدارات المسرح العالمي والثقافة الدولية.
إذن ما يقال عن حراك ربيع كويتي ليس منطقيا لأنه جاء وحدث وأنتهى قبل خمسين سنة، فلماذا المطالبة بما هو موجود ومستمر بالوجود!؟
ننطلق إلى المكون الثاني للمشهد السياسي الكويتي.
وهم "الحلف الطبقي" ويتكونون من التجار، المتمولين، والمضاربين بالعقار والأراضي، وهؤلاء يمثلون امتداد للطبقة التجارية القديمة لما قبل النفط الذين كانوا يستغلون (إذا صح التعبير!) طبقة البحارة الفقراء، والغاصة أي غواصين اللؤلؤ، والمهنيين الكويتيين أي مجمل الطبقات الشعبية الفقيرة والمطحونة التي تشكل حاليا الطبقة الوسطى الكويتية.
ومع ظهور النفط تطور هذا "الحلف الطبقي" وكبر ليتكون وليتشكل كطبقة وكلاء تجاريين ذات نفوذ مالي، ولكن مع ملاحظة أن هذا النفوذ المالي كان نتيجة لسحب الفوائض المالية للنفط عن طريق الوكالات التجارية وأيضا سحب الفوائض المالية لدى المواطنين العاديين نتيجة للمضاربة بأسعار العقار والأراضي.
أذن هذه الفوائض المالية وهذا النفوذ المالي ليست منتوج قاعدة صناعية حقيقية، لذلك هذه الطبقة هي طبقة طفيلية ليست لها إنتاجية في الواقع.
وهذا "الحلف الطبقي" به تناقضات بداخله ولكن نضعه بخانة واحدة كمكون ثاني للمشهد السياسي الكويتي.
المكون الثالث، هو المكون المفبرك.
إذ تمت فبركة شخصيات وأحزاب وتيارات لمواجهة المعارضة الحقيقية المتمثلة بالقوميين العرب الكويتيين، وجزء من هذه الشخصيات تتبنى الخطاب "المعارض" ولكنها مرتبطة بالنظام عضويا.
قام ويقوم الحلف الطبقي وأجزاء من أطراف/أجنحة الأسرة الحاكمة، بصنع وصناعة "معارضة من داخل النظام!" تتكون من شخصيات وتنظيمات سياسية وهي معارضة اصطناعية مفبركة.
فعندما نتحرك بالتحليل لما وراء اللعبة، نجد أن هناك شخصيات سياسية/برلمانية لها نفوذ داخل وزارات الدولة!؟ولكنها تطرح خطاب معارض؟!
فهناك تناقض واضح. والسؤال يطرح نفسه هنا: أذا كانت هذه الشخصيات معارضة للنظام وللسلطة التنفيذية، فلماذا تفتح لها الأبواب المغلقة بالوزارات ليكون لهذه الشخصيات نفوذ داخل الدولة، ولكي تستطيع هذه الشخصيات تأسيس قاعدة اجتماعية تنطلق منها انتخابيا.
والجزء الأخر من "المعارضة من داخل النظام" غير الشخصيات التي ذكرناها بالاعلى، فهناك تنظيمات سياسية تمت فبركتها من اللا شي، والمثال عليها هم حزب جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم.
أن حزب جماعة الإخوان المسلمين هو تنظيم سياسي تم فرضه على الواقع الاجتماعي الكويتي. فتاريخيا كما هو معروف ان الواقع الاجتماعي الكويتي هو واقع قومي عربي، وواقع منفتح على كل المستويات، وهذا منتوج طبيعي لكون الكويت ميناء.
تمت فبركة الإخوان المسلمين لضرب جماعة القوميين العرب الكويتيين، والتي تمثل "المعارضة الحقيقية" التي تقود الشعب الكويتي بما يمثله من طبقة البحارة والغاصة وبقية الطبقات الشعبية الكويتية لما قبل النفط.
حيث تم دعم هذا التنظيم اللقيط والمصطنع، فشارك الإخوان المسلمين بكل الحكومات وتم السماح لهم بفتح مراكز حزبية تحت واجهات لجمعيات نفع عام بشكل طفيلي غير مسبوق، وتم توالد تلك المراكز والجمعيات بما هو غير طبيعي، وتم في نفس الوقت إغلاق الأندية الاجتماعية للتيار القومي العربي.
لماذا تمت فبركة الإخوان المسلمين وفرضهم على الواقع الاجتماعي والسياسي الكويتي؟
أن أحد الأسباب هو لسحب الشباب من التيار الوطني الحقيقي الذي يمثل المعارضة الحقيقية.
حيث تم تقليد نموذج الرئيس المصري السابق أنور السادات بالاستعانة بالإخوان المسلمين لضرب القوميين العرب.
أن القوميين العرب تاريخيا بالكويت يمثلون ضمير الأمة، فهم لأنهم يمثلون الضمير وصوته فالشعب يثق بهم ويتبعهم، وهم يمثلون المكون الرابع.
هم المعارضة "الحقيقية" وأضع تحت كلمة حقيقية أكثر من خط وأريد أن ينتبه لها القارئ وهذه المعارضة "الحقيقية"التي تمثلت بقيادة القوميين العرب الكويتيين الذين قادوا تاريخيا الحراك الشعبي الكويتي المطالب بالديمقراطية ومثلوا منذ الخمسينات صوت الضمير للناس وهي الحركة التي عبرت عن طبقات البحارة والحرفيين وغواصين اللؤلؤ وساكني القرى والبدو الرحل أي هم كانوا صوت المسحوقين والفقراء. ولعل هذا الصوت القومي العربي وهذه القيادة للحراك الشعبي الكويتي هو ما أدى إلى المجتمع والدولة بالكويت إلى التطور من حال سيء إلى حال أفضل.
وقد يكون الدور المحوري الذي لعبه المرحوم الشيخ عبدالله السالم بالتوافق مع الحراك الشعبي الكويتي قبل خمسين سنة حاسما آنذاك، حيث كانت النظرة الثاقبة للأمير الكويت الراحل من حيث تثبيت حكم أسرته بحكم القانون الدستوري ومن حيث اعتراف المجتمع الدولي بحكم الأسرة الصباحية على دولة الكويت من خلال مصادقة الشعب الكويتي على دستور 1962 الذي يعطي الامتيازات البرلمانية الحديثة للشعب الكويتي مقابل تثبيت حكم الأسرة الصباحية بحكم القانون الدستوري العام.
وهذا الأمر يدل على النظرة الثاقبة والجيدة للأمير الراحل، وأيضا على التناغم الحاصل بين التيار القومي ورأس الإمارة المتمثلة بحاكم البلاد آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح.
وعاشت هذه المعارضة "الحقيقية" منذ ذلك التاريخ (1962) صراعا ما بين من هم ضد الدستور ومن هم مع الدستور كنتاج طبيعي لوجود حرس قديم في مجمل للمشهد السياسي الكويتي بكل مكوناته وهذا قانون طبيعي أذا صح التعبير حيث يرفض جزء من المجتمع من مختلف الطبقات ما هو جديد ويتمسك جزء بما هو حديث.
لكي نفصل المسألة للقاري العربي علينا أن نقول أنه كانت هناك محاولات عديدة جرت لتخريب العملية الديمقراطية التي أنشأت في الكويت نتيجة لحراك التيار القومي العربي، وهذا الحراك الذي أسس لدولة الكويت الحديثة من حيث بناء الدولة القانوني المؤسساتي المستند على دستور 1962.
وهذا الدستور الذي نجح الحراك الشعبي الكويتي بقيادة القوميين العرب قبل خمسين سنة بفرضه على النظام الرسمي الحاكم نتيجة لعوامل دولية متعددة وكمحصلة للنظرة البعيدة للقيادة القومية في الكويت، التي استطاعت أن تتحرك بنجاح سياسي مذهل في بلد (المدينة الميناء) المستندة آنذاك على قيم عشائرية قديمة بعيدة عن ايقاع التطور الحضاري للشعوب للحصول على نظام قانوني حديث للدولة.
أن هذا النجاح السياسي الذي أستحصل عليه التيار القومي العربي، أدى إلى حصول مقاومة من "الحرس القديم" ممن لا يريدون ما هو جديد ولا يريدون سقوط الارتباطات العشائرية القديمة التي كانت تعطيهم مزايا ومميزات بعيدا عن سطوة الدولة القانونية الحديثة المستندة على مؤسسات دستورية.
فحيث هناك تطبيق للقانون يختفي الدور العشائري.
أذن كان هناك صراع قديم في الكويت بين ما هو عشائري وما هو دستوري وهو صراع من وجهة نظري أنتهى وليس موجودا إلا بالتاريخ..
ولعل أن ما كل جرى من خلال تزوير مجلس 1967 وحل المجلسين 1976 ومجلس 1985 والإصرار على أقامة مجلس ورقي كرتوني مهلل، أقرب إليى المسرحية منها للبرلمان وهو ما تمت تسميته بالمجلس الوطني! 1990.
كان حلقات من هذا الصراع مع تاريخ طويل من الأزمات المفتعلة من محاولات تنقيح الدستور إلي أزمة المادة 70 إلى العديد من الأزمات المفتعلة المتعلقة بمحاولات إسقاط ما أستحصل عليه الشعب الكويتي من نضاله السلمي بخمسينات القرن الماضي.
أذن حتما أن هناك من كان مع ومن كان ضد الدستور الشعبي لذلك تعثرت التجربة في عدة مواقع ولكنها عادت بثبات منذ العام 1992 وأستمر الجميع يلعب اللعبة السياسية ضمن الدستور الشعبي وتحت سقفه وآلياته القانونية. ولعل استمرار الديمقراطية في الكويت وقبول الجميع باللعبة السياسية تحت مظلة الدستور الشعبي لعام 1962 أدى لاستقرار البلد على المستوى السياسي وما تم تسريبه من قبل جريدة القبس الكويتية عن الدفع والتشجيع الذي كان يقوم به الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله الصباح لدول الخليج للحذو والالتزام بالتجربة الكويتية وتعميمها على كل دول الخليج العربي، لعل ذلك الأمر هو الدليل الاكبر على أن هناك نهاية لصراع من مع ومن ضد الدستور فالأمر أنتهى وأصبح تاريخيا.
أذن ما حصل أن محاولات التخريب فشلت كلها، وكانت قناعة الشعب الكويتي وإصراره على التمسك بمكتسباته، أدت إلى تثبيت الالتزام باللعبة السياسية تحت أطار الدستور، وهذا ما التزم به النظام بتصوري منذ 1998 لذلك نقول أن هذا الصراع السابق أنتهى وأصبح من الماضي بل أن حتى شخوصه وأشخاصه توفاهم الله وأصبحت المسألة تاريخية بحتة للباحثين والدارسين لذلك توصلنا إلى ما يشبه القناعة وهو أن أعادة طرح مسألة من مع ومن ضد الدستور أصبحت مسألة إفلاس سياسي وفقدان لقضية أكثر من كونها واقع موجود.
أن غياب خطاب جديد للمعارضة "الحقيقية" وأيضا ضعفها التي أصابها نتيجة ضربات النظام لها المتواصلة منذ الستينات ورغبته بالتخلص منها، ناهيك عن العوامل الذاتية لتلك المعارضة أدى إلى تدميرها إلى يوم النهاية الرسمية لهذه المعارضة "الحقيقية" بوفاة سامي المنيس، الذي أعتبره شهادة وفاة رسمية للمعارضة "الحقيقية" وبه انتهت مرحلة سياسية وابتدأت مرحلة أخرى ولعل الجانب الايجابي لذلك الصراع القديم الذي أنتهى هو فرض الالتزام بدستور 1962 على كل الأطرف بل تبنى النظام لنشر التجربة الكويتية خليجيا كما ذكرنا سابقا.
أن صراع "من مع ومن ضد الدستور" صحيح أنه أنتهى ولكنه في نفس الوقت قضى على المعارضة الحقيقية فانتهت وإن بقيت شخصيات من هنا وهناك ولكنها معارضة "حقيقية" ميتة.
لذلك كتبنا قبل سنوات عديدة مطالبين المعارضة "الحقيقية" بإعادة تبني خطاب جديد لمرحلة جديدة وزمن مستقبلي لكي لا يتجاوزها الزمن وهو بالفعل تجاوزها ألان لأنها لا زالت تعيش صراعا تاريخيا انتهى بل وانتهت شخوصه وأشخاصه إلى ذمة الله تعالي وذكرنا حينها بالنص ما يلي:
"أن تحليل الواقع السياسي هي أحد الأمور الأساسية لوضع الحلول لما هو مشكل وما هو معضلة في أي بلد من البلدان، لذلك كان دور الإعلام الحقيقي والبناء أحد ركائز تقدم أي بلد ورقي أي شعب.
ولا شك أن لكل تحليل سياسي، قواعد بانية له ومؤسسة لما يترتب عليه التحليل السياسي من نظريات تنتظر التطبيق من صاحب القرار السياسي في مختلف السلطات القائدة للدولة.
أعتقد أن الأساس التحليلي لعدد كبير من السياسيين الكويتيين، هو أساس مبني على القواعد التحليلية القديمة والمكررة التي كان وما زال الإخوة الأفاضل من مجموعة الطليعة (القوميون العرب الكويتيون) يستخدمونها في التحليل السياسي، وهي القواعد والأسس التي تفترض وجود أعداء للديمقراطية ومؤيدين لها..
أن المشكلة الأساس في هذا التحليل: أنه تحليل مستخدم منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، بطريقة مبهمة ومن دون أسماء محددة يستطيع الإنسان من تحديد من مع ذلك الطرف أو ذاك الطرف، وأيضا هو تحليل مكرر حتى مله الجميع..
وهي قواعد للتحليل يستخدمها أغلب السياسيين الكويتيين، أما من باب الإفلاس الفكري لقواعد تحليل جديدة، أو من باب تكرار ما هو مكرر على مدى أكثر من نصف قرن..
أن الكويت كبلد يحتاج إلى شيئين أساسيين للحصول على النهضة المفقودة منذ زمن الغزو الصدامي للبلد:
الأول هو التحليل العلمي السليم المبني على قواعد جديدة للتحليل العلمي لما وراء السطور أذا صح التعبير.
والثاني هو قراءة هذه التحاليل ومعالجتها ضمن الاقنية الدستورية والسلطوية ليتم التحرك العملي الفعال على أرض الواقع لتطبيق ما أتت به هذه التحاليل من نظريات يمكن أن تعيد النهضة الكويتية المفقودة، التي كانت تصنع الريادة والتميز الدولي لهذا البلد، أو ما كان يعرف سابقا بدرة الخليج".
وبغياب المعارضة "الحقيقية" على الساحة السياسية حدث ما هو طبيعي حيث بغياب المنافس والصوت الأخر، بدأ النظام أو الأسرة الحاكمة تتشكل فيها ما يشبه الأجنحة أو أطراف النظام وأخذت هي الإطراف تتنافس فيما بينها بعد أن اختفت المعارضة "الحقيقية" من على الساحة.
ووجود أطراف للنظام وأجنحة بتصوري حالة طبيعية قديمة لأن من طبيعة البشر الاختلاف ولكن الأهم غياب التناقض الطبيعي ما بين هو "معارض" وما بين من هم "سلطة" أدى لتعميق انقسام أجنحة النظام لغياب أي منافس للنظام حيث أصبحوا سادة الساحة بامتياز، وهذا ما يجري ألان على الساحة الكويتية منذ سنوات حيث تتصارع أطراف النظام مع بعضها البعض من خلال "أدوات" يسيطر عليها كل جناح من النظام ويحركها بالريموت كنترول أذا صح التعبير، وهذه الأدوات تتنوع من نواب برلمان إلى صحافيين وإعلاميين وتمت فبركة شخصيات يتم استخدامها في هذا الصراع على النفوذ والفوائض المالية بالدولة تحت مسميات ناشط سياسي وناشط أعلامي وهؤلاء يستخدمون للردح الغير مباشر وليس لهم علاقة لا بالسياسة ولا بالإعلام ولكن مرتزقة للردح الكلامي.
ولأن ثمة غياب للمعارضة "الحقيقية" فهناك صراع على النفوذ، والمصالح، ضمن المشهد السياسي الكويتي، فهناك "أدوات" يتحركون ضد "أدوات".
"أدوات" لتجار من الحلف الطبقي، أو "أدوات" لأجنحة/أطراف داخل الأسرة الحاكمة.
عندما نرى من يخرج إلى الشوارع بالكويت في هذه التجمعات العبثية الفاقدة لأي هدف أو سبب منطقي، يرى المراقب الواعي البصير أن من ينظم هذه المظاهرات هم من قواعد وكوادر الإخوان المسلمين، الذين هم تاريخيا صنيعة للنظام.
إذن النظام يحارب نفسه! بأن يحرك أداة من أدواته ضده! ضمن صراع أطراف/أجنحة النظام مع نفسها ومع بعضها البعض.
أن هناك غيابا للفكر في المشهد السياسي الكويتي، فمن هم ساسة في الكويت لا يمثلون فكرا أو أيديولوجية، أن "الساسة" في الكويت يمثلون "يافطات" لتجار أو أطراف داخل الأسرة الحاكمة.
فمنذ متى كان الإخوان المسلمون وباقي الشخصيات "السياسية/البرلمانية" الذين فبركهم وصنعهم النظام، منذ متى كان هؤلاء يمثلون التيار الوطني؟ ونقصد هنا "المعارضة الحقيقية الأصيلة".
بالتسعينات أين كان المفبركون وهذه المعارضة "المزيفة" من المرحوم سامي المنيس؟
الم يكن هؤلاء ضد سامي المنيس؟
الم تكن قواعد وكوادر حزب جماعة الإخوان المسلمين في الجامعة تشتم الديمقراطية؟ الم يكونوا يشتمون حقوق المرأة؟
ألان وبقدرة قادر أصبحوا ديمقراطيين! وينادون بالدستور!
نحن نرفض أن يستغفل أحد شعبنا الكويتي، ولن نسمح بأن يستحمره حزب مفبرك من هنا، أو شخصيات تتحرك بالريموت كنترول من هناك.
First Published: 2012-11-07
http://middle-east-online.com/meopictures/biga/_142773_adel_reda.jpg
تسللت المعارضة المفبركة إلى مقدمة المشهد الكويتي تحت غطاء الإسلام السياسي وما بقي من نزعات قبلية. نسيت هذه المعارضة انها مجرد صنيعة.
ميدل ايست أونلاين
بقلم: د. عادل رضا
ما حقيقة ما يجري بالكويت من أحداث؟ يسألني العديد من الأصدقاء من سياسيين ومفكرين وإعلاميين. فلا الصورة واضحة عندهم وليس ما يجري مفهوما لديهم، أو حتى ذا معنى أو معلولا بمنطق يستطيع عاقل تقبله وفهمه.
هناك العديد من الأسئلة تأتي على المراقبين العرب في أحداث لا يفهموها، ولا يعرفون أسبابها وما ورائها. وقرأت شخصيا عدد من المقالات التي حاولت أن تفهم، وأن تقرأ ما يجري، وأطلعت عليها ولكن للأسف الشديد لم أجد فيها ما يقرأ الواقع كما هو.
ومن يخرج إلى الإعلام العربي من الكويتيين أغلبهم مستثقف وليس مثقفا ودخيل على السياسة وليس سياسيا ومنهم ممثلون لأحزاب مفبركة وتيارات صنيعة ويافطات ليس لها قيمة ولا لديها ارتباط بالناس. فالعديد من هؤلاء أدوات ردح ومنهم من هو نصاب ومتسلق، وكل هذا سنشرحه بالتفصيل.
أذن هناك - وليس الكل بالطبع - من هم ليسوا أشخاصا ينقلون الواقع كما هو، فهؤلاء يدخلون في تفاصيل التفاصيل لكي تضيع الحقيقة ومعها حقيقتهم كمأجورين للردح ومتسلقين يقدمون الكلام واللغو ويضيع الوقت ولا أحد يفهم حقيقة ما يجري.
وعلى المستوى من يحاول إن يفهم الوضع الكويتي من العرب فيختلف التحليل باختلاف عقليات من يكتبها، فهناك من يريد دمار الكويت كرغبة وهدف ضمن حالة استكمال للحسد العربي والكراهية غير المبررة بأي سبب تشابه الكراهية العربية التي أنصدم الكويتيون باكتشافها في الغزو الصدامي لدولة الكويت.
ويأتي تحليل عربي أخر لمن يريد أن يعيش دور المحرر وقائد الشعوب العربية لذلك يربط ما يحدث بسعي للحرية! أم برغبة للديمقراطية! وهذا التحليل عاطفي ساذج يفتقر للمعلومة ويريد أن يلعب دور الكاتب المناضل في أرض (وأعني هنا دولة الكويت) أنتهى فيها النضال للتحرر الشعبي منذ خمسين سنة وهذا ما سيأتي لاحقا لشرحه.
وهناك من يدخل بالموضوع الكويتي من باب الابتزاز وهوس "وهم" أن هناك من سيدفع ليسكت هذا الصحفي أو هذه الفضائية وهؤلاء من يسترزقون بالسياسة ومعروفون بالأسماء ومكشوفون.
لذلك نحن بحاجة لشرح ما وراء اللعبة للعرب الذين يريدون أن يفهمون ما يجري، وللكويتيين الذين لا يعرفون ماذا يجري!؟
فلكي نحاول أن نشرح وأن نفهم فنحن علينا أن نقول ما وراء اللعبة في الكويت؟
أذن هنا كاتب هذه السطور يحاول إيصال حقيقة ما يجري بالكويت، أو ما يعتقده حقيقة ضمن قراءته للحدث.
سأحاول بناء خشبة المسرح بكل تفاصيلها لكي يتسنى للمحلل السياسي أن يفهم وأن ينطلق من أساس من يعرف ما يجري وأساسا يستطيع أن يسأل فيه كمحاور عن المسألة الكويتية من باب المعرفة وليس من باب التخمين أو الحشو الكلامي غير المستند على حقائق أرض الواقع.
علينا أن نشرح المشهد السياسي الكويتي بجزء من مكوناته الرئيسية:
المكون أول هو أسرة إل الصباح الكريمة.
وهي أسرة كويتية محبوبة من الناس، ولها امتداد اجتماعي بينهم من خلال علاقات النسب والرابط العائلي والتواصل، ولها نفوذ كبير بحكم موقعها كأسرة حاكمة وهي الأسرة القائدة تاريخيا لكل مكونات الشعب الكويتي وتلعب تاريخيا دور الفارس والقائد لمجمل القبائل والعائلات الكويتية منذ تأسيس الكيان السياسي للكويت وانطلاقها للعالم منذ أربعمائة سنة وهي تلعب هذا الدور (الاجتماعي-
السياسي) بالأساس منذ ذلك الزمان وتم تثبيته دستوريا في عام 1962 عند إصدار دستور دولة الكويت، الذي كان منتوج نضال سلمي للشعب الكويتي منذ الخمسينات وتم تتويج ذلك النضال بعد عشرة سنوات تقريبا عندما لعبت الظروف الدولية والضغط الداخلي وعوامل أخرى الدور الدافع لانجاز دستور شعبي ديمقراطي أصبحت به الكويت شمعة للديمقراطية والحرية منذ خمسين سنة. لذلك نقول أن ما
يسمى ربيعا عربيا عاشه الكويتيون قبل خمسين سنة وأستحصلوا على ما يريده الشعب العربي من أنظمته الرسمية منذ ذلك الزمان من حرية تعبير وتمثيل برلماني حقيقي وحرية صحافة وسلطات قضائية وتنفيذية وبرلمانية منفصلة عن بعضها البعض الخ من بديهيات كرامة الإنسان وقبل إصدار الدستور كان نجاح الحركة الشعبية بتأسيس الكويت على قوانين أدارية تنظيمية مهمة تم بناء الدولة الحديثة عليها.
وضمن هذا النجاح للحركة الشعبية الكويتية نجح الكويتيون بفرض اتفاقية تأميم النفط بالسبعينات وتم الانتصار للقضايا القومية العربية واستمر دعم نضال الشعب الفلسطيني بكل الاوجه، وأصبحت الكويت منارة للثقافة وملجأ للمثقفين العرب. وكما تصدر الكويت النفط فأنها أيضا تصدر الثقافة وتسند الحراك الثقافي العربي ومعروف دور المجلس الوطني وإصداراته القيمة المهمة مثل سلسلة عالم المعرفة ومجلة العربي وإصدارات المسرح العالمي والثقافة الدولية.
إذن ما يقال عن حراك ربيع كويتي ليس منطقيا لأنه جاء وحدث وأنتهى قبل خمسين سنة، فلماذا المطالبة بما هو موجود ومستمر بالوجود!؟
ننطلق إلى المكون الثاني للمشهد السياسي الكويتي.
وهم "الحلف الطبقي" ويتكونون من التجار، المتمولين، والمضاربين بالعقار والأراضي، وهؤلاء يمثلون امتداد للطبقة التجارية القديمة لما قبل النفط الذين كانوا يستغلون (إذا صح التعبير!) طبقة البحارة الفقراء، والغاصة أي غواصين اللؤلؤ، والمهنيين الكويتيين أي مجمل الطبقات الشعبية الفقيرة والمطحونة التي تشكل حاليا الطبقة الوسطى الكويتية.
ومع ظهور النفط تطور هذا "الحلف الطبقي" وكبر ليتكون وليتشكل كطبقة وكلاء تجاريين ذات نفوذ مالي، ولكن مع ملاحظة أن هذا النفوذ المالي كان نتيجة لسحب الفوائض المالية للنفط عن طريق الوكالات التجارية وأيضا سحب الفوائض المالية لدى المواطنين العاديين نتيجة للمضاربة بأسعار العقار والأراضي.
أذن هذه الفوائض المالية وهذا النفوذ المالي ليست منتوج قاعدة صناعية حقيقية، لذلك هذه الطبقة هي طبقة طفيلية ليست لها إنتاجية في الواقع.
وهذا "الحلف الطبقي" به تناقضات بداخله ولكن نضعه بخانة واحدة كمكون ثاني للمشهد السياسي الكويتي.
المكون الثالث، هو المكون المفبرك.
إذ تمت فبركة شخصيات وأحزاب وتيارات لمواجهة المعارضة الحقيقية المتمثلة بالقوميين العرب الكويتيين، وجزء من هذه الشخصيات تتبنى الخطاب "المعارض" ولكنها مرتبطة بالنظام عضويا.
قام ويقوم الحلف الطبقي وأجزاء من أطراف/أجنحة الأسرة الحاكمة، بصنع وصناعة "معارضة من داخل النظام!" تتكون من شخصيات وتنظيمات سياسية وهي معارضة اصطناعية مفبركة.
فعندما نتحرك بالتحليل لما وراء اللعبة، نجد أن هناك شخصيات سياسية/برلمانية لها نفوذ داخل وزارات الدولة!؟ولكنها تطرح خطاب معارض؟!
فهناك تناقض واضح. والسؤال يطرح نفسه هنا: أذا كانت هذه الشخصيات معارضة للنظام وللسلطة التنفيذية، فلماذا تفتح لها الأبواب المغلقة بالوزارات ليكون لهذه الشخصيات نفوذ داخل الدولة، ولكي تستطيع هذه الشخصيات تأسيس قاعدة اجتماعية تنطلق منها انتخابيا.
والجزء الأخر من "المعارضة من داخل النظام" غير الشخصيات التي ذكرناها بالاعلى، فهناك تنظيمات سياسية تمت فبركتها من اللا شي، والمثال عليها هم حزب جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم.
أن حزب جماعة الإخوان المسلمين هو تنظيم سياسي تم فرضه على الواقع الاجتماعي الكويتي. فتاريخيا كما هو معروف ان الواقع الاجتماعي الكويتي هو واقع قومي عربي، وواقع منفتح على كل المستويات، وهذا منتوج طبيعي لكون الكويت ميناء.
تمت فبركة الإخوان المسلمين لضرب جماعة القوميين العرب الكويتيين، والتي تمثل "المعارضة الحقيقية" التي تقود الشعب الكويتي بما يمثله من طبقة البحارة والغاصة وبقية الطبقات الشعبية الكويتية لما قبل النفط.
حيث تم دعم هذا التنظيم اللقيط والمصطنع، فشارك الإخوان المسلمين بكل الحكومات وتم السماح لهم بفتح مراكز حزبية تحت واجهات لجمعيات نفع عام بشكل طفيلي غير مسبوق، وتم توالد تلك المراكز والجمعيات بما هو غير طبيعي، وتم في نفس الوقت إغلاق الأندية الاجتماعية للتيار القومي العربي.
لماذا تمت فبركة الإخوان المسلمين وفرضهم على الواقع الاجتماعي والسياسي الكويتي؟
أن أحد الأسباب هو لسحب الشباب من التيار الوطني الحقيقي الذي يمثل المعارضة الحقيقية.
حيث تم تقليد نموذج الرئيس المصري السابق أنور السادات بالاستعانة بالإخوان المسلمين لضرب القوميين العرب.
أن القوميين العرب تاريخيا بالكويت يمثلون ضمير الأمة، فهم لأنهم يمثلون الضمير وصوته فالشعب يثق بهم ويتبعهم، وهم يمثلون المكون الرابع.
هم المعارضة "الحقيقية" وأضع تحت كلمة حقيقية أكثر من خط وأريد أن ينتبه لها القارئ وهذه المعارضة "الحقيقية"التي تمثلت بقيادة القوميين العرب الكويتيين الذين قادوا تاريخيا الحراك الشعبي الكويتي المطالب بالديمقراطية ومثلوا منذ الخمسينات صوت الضمير للناس وهي الحركة التي عبرت عن طبقات البحارة والحرفيين وغواصين اللؤلؤ وساكني القرى والبدو الرحل أي هم كانوا صوت المسحوقين والفقراء. ولعل هذا الصوت القومي العربي وهذه القيادة للحراك الشعبي الكويتي هو ما أدى إلى المجتمع والدولة بالكويت إلى التطور من حال سيء إلى حال أفضل.
وقد يكون الدور المحوري الذي لعبه المرحوم الشيخ عبدالله السالم بالتوافق مع الحراك الشعبي الكويتي قبل خمسين سنة حاسما آنذاك، حيث كانت النظرة الثاقبة للأمير الكويت الراحل من حيث تثبيت حكم أسرته بحكم القانون الدستوري ومن حيث اعتراف المجتمع الدولي بحكم الأسرة الصباحية على دولة الكويت من خلال مصادقة الشعب الكويتي على دستور 1962 الذي يعطي الامتيازات البرلمانية الحديثة للشعب الكويتي مقابل تثبيت حكم الأسرة الصباحية بحكم القانون الدستوري العام.
وهذا الأمر يدل على النظرة الثاقبة والجيدة للأمير الراحل، وأيضا على التناغم الحاصل بين التيار القومي ورأس الإمارة المتمثلة بحاكم البلاد آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح.
وعاشت هذه المعارضة "الحقيقية" منذ ذلك التاريخ (1962) صراعا ما بين من هم ضد الدستور ومن هم مع الدستور كنتاج طبيعي لوجود حرس قديم في مجمل للمشهد السياسي الكويتي بكل مكوناته وهذا قانون طبيعي أذا صح التعبير حيث يرفض جزء من المجتمع من مختلف الطبقات ما هو جديد ويتمسك جزء بما هو حديث.
لكي نفصل المسألة للقاري العربي علينا أن نقول أنه كانت هناك محاولات عديدة جرت لتخريب العملية الديمقراطية التي أنشأت في الكويت نتيجة لحراك التيار القومي العربي، وهذا الحراك الذي أسس لدولة الكويت الحديثة من حيث بناء الدولة القانوني المؤسساتي المستند على دستور 1962.
وهذا الدستور الذي نجح الحراك الشعبي الكويتي بقيادة القوميين العرب قبل خمسين سنة بفرضه على النظام الرسمي الحاكم نتيجة لعوامل دولية متعددة وكمحصلة للنظرة البعيدة للقيادة القومية في الكويت، التي استطاعت أن تتحرك بنجاح سياسي مذهل في بلد (المدينة الميناء) المستندة آنذاك على قيم عشائرية قديمة بعيدة عن ايقاع التطور الحضاري للشعوب للحصول على نظام قانوني حديث للدولة.
أن هذا النجاح السياسي الذي أستحصل عليه التيار القومي العربي، أدى إلى حصول مقاومة من "الحرس القديم" ممن لا يريدون ما هو جديد ولا يريدون سقوط الارتباطات العشائرية القديمة التي كانت تعطيهم مزايا ومميزات بعيدا عن سطوة الدولة القانونية الحديثة المستندة على مؤسسات دستورية.
فحيث هناك تطبيق للقانون يختفي الدور العشائري.
أذن كان هناك صراع قديم في الكويت بين ما هو عشائري وما هو دستوري وهو صراع من وجهة نظري أنتهى وليس موجودا إلا بالتاريخ..
ولعل أن ما كل جرى من خلال تزوير مجلس 1967 وحل المجلسين 1976 ومجلس 1985 والإصرار على أقامة مجلس ورقي كرتوني مهلل، أقرب إليى المسرحية منها للبرلمان وهو ما تمت تسميته بالمجلس الوطني! 1990.
كان حلقات من هذا الصراع مع تاريخ طويل من الأزمات المفتعلة من محاولات تنقيح الدستور إلي أزمة المادة 70 إلى العديد من الأزمات المفتعلة المتعلقة بمحاولات إسقاط ما أستحصل عليه الشعب الكويتي من نضاله السلمي بخمسينات القرن الماضي.
أذن حتما أن هناك من كان مع ومن كان ضد الدستور الشعبي لذلك تعثرت التجربة في عدة مواقع ولكنها عادت بثبات منذ العام 1992 وأستمر الجميع يلعب اللعبة السياسية ضمن الدستور الشعبي وتحت سقفه وآلياته القانونية. ولعل استمرار الديمقراطية في الكويت وقبول الجميع باللعبة السياسية تحت مظلة الدستور الشعبي لعام 1962 أدى لاستقرار البلد على المستوى السياسي وما تم تسريبه من قبل جريدة القبس الكويتية عن الدفع والتشجيع الذي كان يقوم به الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله الصباح لدول الخليج للحذو والالتزام بالتجربة الكويتية وتعميمها على كل دول الخليج العربي، لعل ذلك الأمر هو الدليل الاكبر على أن هناك نهاية لصراع من مع ومن ضد الدستور فالأمر أنتهى وأصبح تاريخيا.
أذن ما حصل أن محاولات التخريب فشلت كلها، وكانت قناعة الشعب الكويتي وإصراره على التمسك بمكتسباته، أدت إلى تثبيت الالتزام باللعبة السياسية تحت أطار الدستور، وهذا ما التزم به النظام بتصوري منذ 1998 لذلك نقول أن هذا الصراع السابق أنتهى وأصبح من الماضي بل أن حتى شخوصه وأشخاصه توفاهم الله وأصبحت المسألة تاريخية بحتة للباحثين والدارسين لذلك توصلنا إلى ما يشبه القناعة وهو أن أعادة طرح مسألة من مع ومن ضد الدستور أصبحت مسألة إفلاس سياسي وفقدان لقضية أكثر من كونها واقع موجود.
أن غياب خطاب جديد للمعارضة "الحقيقية" وأيضا ضعفها التي أصابها نتيجة ضربات النظام لها المتواصلة منذ الستينات ورغبته بالتخلص منها، ناهيك عن العوامل الذاتية لتلك المعارضة أدى إلى تدميرها إلى يوم النهاية الرسمية لهذه المعارضة "الحقيقية" بوفاة سامي المنيس، الذي أعتبره شهادة وفاة رسمية للمعارضة "الحقيقية" وبه انتهت مرحلة سياسية وابتدأت مرحلة أخرى ولعل الجانب الايجابي لذلك الصراع القديم الذي أنتهى هو فرض الالتزام بدستور 1962 على كل الأطرف بل تبنى النظام لنشر التجربة الكويتية خليجيا كما ذكرنا سابقا.
أن صراع "من مع ومن ضد الدستور" صحيح أنه أنتهى ولكنه في نفس الوقت قضى على المعارضة الحقيقية فانتهت وإن بقيت شخصيات من هنا وهناك ولكنها معارضة "حقيقية" ميتة.
لذلك كتبنا قبل سنوات عديدة مطالبين المعارضة "الحقيقية" بإعادة تبني خطاب جديد لمرحلة جديدة وزمن مستقبلي لكي لا يتجاوزها الزمن وهو بالفعل تجاوزها ألان لأنها لا زالت تعيش صراعا تاريخيا انتهى بل وانتهت شخوصه وأشخاصه إلى ذمة الله تعالي وذكرنا حينها بالنص ما يلي:
"أن تحليل الواقع السياسي هي أحد الأمور الأساسية لوضع الحلول لما هو مشكل وما هو معضلة في أي بلد من البلدان، لذلك كان دور الإعلام الحقيقي والبناء أحد ركائز تقدم أي بلد ورقي أي شعب.
ولا شك أن لكل تحليل سياسي، قواعد بانية له ومؤسسة لما يترتب عليه التحليل السياسي من نظريات تنتظر التطبيق من صاحب القرار السياسي في مختلف السلطات القائدة للدولة.
أعتقد أن الأساس التحليلي لعدد كبير من السياسيين الكويتيين، هو أساس مبني على القواعد التحليلية القديمة والمكررة التي كان وما زال الإخوة الأفاضل من مجموعة الطليعة (القوميون العرب الكويتيون) يستخدمونها في التحليل السياسي، وهي القواعد والأسس التي تفترض وجود أعداء للديمقراطية ومؤيدين لها..
أن المشكلة الأساس في هذا التحليل: أنه تحليل مستخدم منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، بطريقة مبهمة ومن دون أسماء محددة يستطيع الإنسان من تحديد من مع ذلك الطرف أو ذاك الطرف، وأيضا هو تحليل مكرر حتى مله الجميع..
وهي قواعد للتحليل يستخدمها أغلب السياسيين الكويتيين، أما من باب الإفلاس الفكري لقواعد تحليل جديدة، أو من باب تكرار ما هو مكرر على مدى أكثر من نصف قرن..
أن الكويت كبلد يحتاج إلى شيئين أساسيين للحصول على النهضة المفقودة منذ زمن الغزو الصدامي للبلد:
الأول هو التحليل العلمي السليم المبني على قواعد جديدة للتحليل العلمي لما وراء السطور أذا صح التعبير.
والثاني هو قراءة هذه التحاليل ومعالجتها ضمن الاقنية الدستورية والسلطوية ليتم التحرك العملي الفعال على أرض الواقع لتطبيق ما أتت به هذه التحاليل من نظريات يمكن أن تعيد النهضة الكويتية المفقودة، التي كانت تصنع الريادة والتميز الدولي لهذا البلد، أو ما كان يعرف سابقا بدرة الخليج".
وبغياب المعارضة "الحقيقية" على الساحة السياسية حدث ما هو طبيعي حيث بغياب المنافس والصوت الأخر، بدأ النظام أو الأسرة الحاكمة تتشكل فيها ما يشبه الأجنحة أو أطراف النظام وأخذت هي الإطراف تتنافس فيما بينها بعد أن اختفت المعارضة "الحقيقية" من على الساحة.
ووجود أطراف للنظام وأجنحة بتصوري حالة طبيعية قديمة لأن من طبيعة البشر الاختلاف ولكن الأهم غياب التناقض الطبيعي ما بين هو "معارض" وما بين من هم "سلطة" أدى لتعميق انقسام أجنحة النظام لغياب أي منافس للنظام حيث أصبحوا سادة الساحة بامتياز، وهذا ما يجري ألان على الساحة الكويتية منذ سنوات حيث تتصارع أطراف النظام مع بعضها البعض من خلال "أدوات" يسيطر عليها كل جناح من النظام ويحركها بالريموت كنترول أذا صح التعبير، وهذه الأدوات تتنوع من نواب برلمان إلى صحافيين وإعلاميين وتمت فبركة شخصيات يتم استخدامها في هذا الصراع على النفوذ والفوائض المالية بالدولة تحت مسميات ناشط سياسي وناشط أعلامي وهؤلاء يستخدمون للردح الغير مباشر وليس لهم علاقة لا بالسياسة ولا بالإعلام ولكن مرتزقة للردح الكلامي.
ولأن ثمة غياب للمعارضة "الحقيقية" فهناك صراع على النفوذ، والمصالح، ضمن المشهد السياسي الكويتي، فهناك "أدوات" يتحركون ضد "أدوات".
"أدوات" لتجار من الحلف الطبقي، أو "أدوات" لأجنحة/أطراف داخل الأسرة الحاكمة.
عندما نرى من يخرج إلى الشوارع بالكويت في هذه التجمعات العبثية الفاقدة لأي هدف أو سبب منطقي، يرى المراقب الواعي البصير أن من ينظم هذه المظاهرات هم من قواعد وكوادر الإخوان المسلمين، الذين هم تاريخيا صنيعة للنظام.
إذن النظام يحارب نفسه! بأن يحرك أداة من أدواته ضده! ضمن صراع أطراف/أجنحة النظام مع نفسها ومع بعضها البعض.
أن هناك غيابا للفكر في المشهد السياسي الكويتي، فمن هم ساسة في الكويت لا يمثلون فكرا أو أيديولوجية، أن "الساسة" في الكويت يمثلون "يافطات" لتجار أو أطراف داخل الأسرة الحاكمة.
فمنذ متى كان الإخوان المسلمون وباقي الشخصيات "السياسية/البرلمانية" الذين فبركهم وصنعهم النظام، منذ متى كان هؤلاء يمثلون التيار الوطني؟ ونقصد هنا "المعارضة الحقيقية الأصيلة".
بالتسعينات أين كان المفبركون وهذه المعارضة "المزيفة" من المرحوم سامي المنيس؟
الم يكن هؤلاء ضد سامي المنيس؟
الم تكن قواعد وكوادر حزب جماعة الإخوان المسلمين في الجامعة تشتم الديمقراطية؟ الم يكونوا يشتمون حقوق المرأة؟
ألان وبقدرة قادر أصبحوا ديمقراطيين! وينادون بالدستور!
نحن نرفض أن يستغفل أحد شعبنا الكويتي، ولن نسمح بأن يستحمره حزب مفبرك من هنا، أو شخصيات تتحرك بالريموت كنترول من هناك.