المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري: ما يحدث في البحرين انتفاضة من أجل التغيير



مرجان
10-07-2012, 10:10 AM
تاريخ الخبر : 06/10/2012


http://www.alkuwaitiah.com/ArticleImages/2_OSKDGANWCSCOXPQOKWSVECRJ.jpg (http://www.alkuwaitiah.com/ArticleImages/2_OSKDGANWCSCOXPQOKWSVECRJ.jpg)



عبدالنبي العكري أثناء اللقاء (نور الزعبي)



رئيس الجمعية البحرينية للشفافية في حوار مثير لـ"الكويتية"


عماد مرتضى


■ المعاناة مستمرة منذ سنوات
■ نملك قضية عادلة.. ونحاول أن نُقنع بها العالم
■ الحكومة لا تريد أن تضع آلية حقيقية لمعاقبة المجرمين بحق الإنسانية
■ لا حل للأزمة.. من دون حكومة ائتلافية موثوقة
■ نطالب بالتغيير في إطار النظام نحو مملكة دستورية ديمقراطية حقيقية
■ لو جرت انتخابات فإن غالبية الشعب البحريني سيقاطعها
■ النواب المستقيلون تعززت مصداقيتهم دولياً
■ نسعى لتعميق قناعة لدى قوى التغيير باحترام حقوق الإنسان
■ الاتهامات بوجود أسلحة «كلام فاضي» من أجل ابتزاز الدول الأخرى
■ التجربة مع الجامعة العربية مريضة ولن نضيع جهودنا في أشياء لا طائل منها
■ هناك تمييز في المنح والبعثات الدراسية بين فئات الشعب
■ الحركة الحقوقية في الوطن العربي لها دور فاعل في الحراك السياسي
■ الثورة لا تكون دائما بالسلاح.. فالثورات السلمية تحقق إنجازات
■ نرفض أي استخدام سياسي لدعم الشعب في البحرين.. من أجل مكاسب
■ هناك شكوك كبيرة لدى المجتمع الدولي بجدية الحكومة في تنفيذ توصيات بسيوني
■ نحن جزء من المنظومة الخليجية لكننا لسنا الوحيدين المطالبين بإدخال تعديلات عليه
ا


عبدالنبي العكري، ناشط سياسي وحقوقي بارز، انخرط في العمل السياسي فور تخرجه مهندسا زراعيا من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1967، وتوجه إلى ظفار التي علّمته البساطة والقناعة، ومنها انطلق لإبراز قضايا ومطالب الشعب البحريني، فأسس مع رفاقه لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في البحرين، عانى طويلا النفي خارج بلاده، إلى أن عاد إليها العام 2001، وشكّل لجنة المبعدين لتحقيق مطالبهم، وعمل باحثا في مركز البحرين للدراسات والبحوث، وانضم إلى الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، وشارك في تأسيس جميعة العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، ويرأس حاليا الجمعية البحرينية للشفافية.


زار الكويت للحصول على فيزا من السفارة البرازيلية، لكنه وجد اسمه على لائحة الممنوعين من الدخول، وبعد اتصالات قام بها بعض المخلصين، سمح له بالدخول إلى البلاد، حيث التقته «الكويتية» في لقاء صريح ومثير.

أثمّن ديمقراطية الكويت


بداية، رفض إثارة قضية انتظاره أربع ساعات في المطار، لكنه ثمّن عاليا الديمقراطية التي يتمتع بها المواطنون في الكويت، مشيرا إلى أن الاتصالات التي قام بها بعض النواب والحقوقيون الكويتيون أدت إلى السماح له بالدخول، مقارنا بين الكويت والبحرين، حيث إن رئيس جمعية الشفافية الكويتية أنور الرشيد حاول زيارة البحرين، ومنع من الدخول، ولم يتمكن أي من الشخصيات السياسية في البحرين من إلغاء قرار منعه من دخول البحرين، فعاد إلى الكويت من دون أن يتمكن من زيارة بلده الثاني البحرين. وإلى تفاصيل الحوار:


الثورة مستمرة


• كيف تصف لنا ما يجري في البحرين، من الناحية السياسية ومن الناحية الحقوقية، حيث إن مطالب التغيير قد تكون سياسية، حقوقية وسلمية، وقد تأخذ أشكال العنف والمواجهة المسلحة، كما يحدث في سوريا مثلا، هل هي ثورة أم انتفاضة أم تمرد؟
- أولا هل تتحمل صحيفتكم أن تستخدم كلمات ثورة،انتفاضة، سوريا وغيرها؟
- بالتأكيد استنادا إلى حرية الرأي والتعبير، خاصة في الكويت التي تسمح بإبداء مختلف وجهات النظر.
- هل تستطيع أن تتحدث عن الثورة في البحرين في صحيفة كويتية؟
- بالتأكيد، ونحن ننشر بموضوعية مختلف وجهات النظر عن البحرين، وقبل أيام نشرنا تصريحا للأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان الذي أكد فيه أن الثورة مستمرة.
- جيد جدا، ماشي.
- لنعد إلى السؤال، كيف تصف لنا ما يجري في البحرين بشكل عام؟
- ما يجري هو حركة من أجل التغيير، من الممكن أن يعتمد التوصيف على من يصف، أنا أعتبرها انتفاضة، هي حركة سلمية، وهي حركة غالبية شعب البحرين، وليس كل شعب البحرين، وهي لم تبدأ في 14 فبراير 2011، بل إن إرهاصاتها سابقة لهذا التاريخ، فجاءت رياح الربيع العربي لتعطي زخما أكبر، ولتتوحد قوى التغيير حول أهداف كبرى، تتوحد المعارضة وأيضا معها منظمات المجتمع المدني من أجل تغيير في إطار النظام نحو مملكة دستورية ديمقراطية حقيقية.

انحرفت عن مسارها

• هي كما تفضلت استفادت من رياح الربيع العربي، ولكن يؤخذ عليكم أنكم استعجلتم التحرك قبل نضوج الظروف الملائمة لمثل هذا التغيير.
- التحركات كانت متواترة منذ 2006، بالتحديد كان هناك تحركات في الشارع، بعدما اعتبر أن العملية السياسية انحرفت عن مسارها ولم يعد هناك مجال للحديث عن إصلاح النظام من داخله، وبالوسائل المتاحة ومن خلال المؤسسات، هي لم تستعجل التحرك، طبعا حركة الشعوب لا يمكن تحديد توقيت مسبق لها، ولكن الثورة التونسية ثم الثورة المصرية خلّفت أجواء مماثلة ليس فقط في البحرين، ولكن أيضا على امتداد الوطن العربي، ففي البحرين تمت الدعوة لـ 14 فبراير 2011، وكان التوقيت مهما، لأنه يرتبط بذكرى تصويت شعب البحرين على ميثاق العمل الوطني، وكان يؤمل أن يكون وثيقة جديدة بين الحكام من آل خليفة وشعب البحرين، وكان يمثل ما يمكن اعتباره خريطة طريق لتغيرات شاملة ناضل من أجلها شعب البحرين طوال عقود، ولكن الوعود لم تنفذ، وأيضا هذا التاريخ يذكر بـ 14 فبراير 2002 عندما أصدر حكام البلاد دستورا منفردا يعتبر ردة قوية للوراء.
إذاً هذا التاريخ مناسبة مهمة بالنسبة لشعب البحرين، ولذلك عندما تمت الدعوة إلى التظاهرات في البلاد لأول مرة نزل غالبية شعب البحرين إلى الشارع.

ثورة الغوغاء

• بما أنك تؤكد أن غالبية الشعب البحريني يشارك في هذا التحرك، لماذا أعطيت الصفة الطائفية، ولا تزال توصف بالطائفية؟
- إن أي نظام سياسي يواجه معارضة يتهمهم بشيء نقيض، وذلك كما في بلدان أخري، ففي مصر وصفت مثلا بثورة الغوغاء، في بلدان أخرى في اليمن وصف التحرك بأنه تحرك المتطرفين والمتشددين، لكن في الواقع العملي هي ثورة معظم الشعب البحريني.
وإلا عندما ينزل في مظاهرة أو مسيرة 150 ألفا من مجموع سكان البحرين 550 ألفا هؤلاء الذين تمكنوا من المشاركة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن نصف المواطنين لا يستطيعون النزول إلى الشارع، مثل النساء وكبار السن والأطفال وغيرهم، لذلك نؤكد أن أغلبية المواطنين شاركوا في هذه التظاهرات. أما وصفهما بالطائفية، ففي وقت من الأوقات كان النظام يتهم من يعارضه بأنه عميل للاتحاد السوفييتي، وفي وقت آخر، يتهم المعارضة بالعمالة لمصر ولجمال عبدالناصر وغيره.

الموالاة لإيران

هذه الأوصاف والاتهامات تتغير بتغير الأزمنة، حيث يبحث النظام عن عدد مناسب ليتهم المعارضة بالعمالة له، وهذا الكلام مردود عليه من الواقع العملي، والقيادات التي تقبع في السجون هي من الشعية والسنة، والذين يحاكمون أيضا سنة وشيعة، والذين يقتلون أيضا، لكن بحكم التركيبة السكانية، حيث إن الغالبية من الشيعة، وحيث إن التمييز ضدهم والمعاناة تعود إلى سنوات وعقود رفع الظلم إلى وصفها بالطائفية، تزامن ذلك مع اتهامها بالموالاة لإيران، وهي التهمة الأبرز التي ألصقت بها طوال الفترة الماضية، إلى أن شهدنا نوع من الحلحلة في العلاقات الرسمية الإيرانية البحرينية، مع أنها تأخذ حتى الآن منحنى طبيعي كما يفترض ببلدان إسلامية متجاورة.

.

مرجان
10-07-2012, 10:17 AM
ليست الوحيدة

• هل ترفض هذا الاتهام؟
- لست أنا الذي أرفض، بل الوقائع هي التي تكذب هذه الأوهام، وأنا أتساءل من صاحب المصلحة في هذا الاتهام، بالتأكيد هي الولايات المتحدة الأميركية، ولكننا لاحظنا أن الإدارة الأميركية أعلنت أنها لم تجد ما يثبت ارتباط المعارضة البحرينية بإيران. أما إذا كانت إيران تستفيد مما يجري أو تستغل ما يجري لمصلحتها، فليست هي الوحيدة في ذلك، لكن هناك فرقا بين الواقع وبين أن تكون مثل هذه الدول هي المحرضة والموجهة أو تملك تأثيرا داخليا لمصلحتها، كما أن اللجنة الوطنية المستقلة لتقصي الحقائق التي شكّلها الملك من شخصيات حقوقية مرموقة برئاسة محمود بسيوني أكدت أيضا أنها لم تجد دليلا على تورط إيران في الأحداث، وهذا شيء واضح للعيان.

حكم أم خصم؟

•من خلال تصريحات قادة المعارضة، ملاحظ أن لهم علاقات مع عدد كبير من الدول، حتى أن هناك اتصالات مع الإدارة الأميركية، كيف تنظرون إلى الولايات المتحدة الأميركية، هل هي حكم أم خصم لكم، تحملونها مسؤولية استمرار الأزمة، وهل حاولتم الاتصال بها لشرح طبيعة الحراك الشعبي ومطالبكم السياسية؟
- نحن سواء الجمعيات السياسية المعارضة أو منظمات المجتمع المدني لا تصف هذه الدول كأصدقاء أو أعداء، نحن نقيم علاقات مع المجتمع، ونحاول أن نكسب لقضية شعب البحرين لأننا نملك قضية عادلة ونحاول أن نقنع بها العالم، حتي لو كان هناك من يؤيدها بنسبة 1 بالمئة أو 90 بالمئة، فنحن على استعداد لإقامة علاقات معه.

زيارة روتينية

بالنسبة إلى التحركات السياسية للسلطة وللمعارضة، لاحظنا أن وزير الدولة للشؤون الخارجية غانم بوعنين ذهب إلى موسكو وقابل المسؤولين الروس.
• هل تأتي هذه الزيارة ضمن مشروع دولي معيّن لحل الأزمة ام انها مجرد زيارة روتينية؟
- الدولة تتحرك في كل الاتجاهات من اليابان إلى الولايات المتحدة وما بينهما الصين وغيرهما، الدولة تريد أن تقنع العالم بأن الأمور طبيعية وأن ليس هناك شيء جدي أو خطير في الأوضاع، وأن كل شيء تحت السيطرة.
وأحيانا نطلب من هذه الدول مساعدتها في ما تقول إنه إصلاحات، وفي مجالات مختلفة.
وأعتقد أن الرأي العام، وأستطيع أن أقول إن غالبية الدول خصوصا الدول الكبرى الديمقراطية، والتي لها علاقات إستراتيجية مع البحرين ومصالح في البحرين أصبحت تدرك أن مصلحتها هي أن تحل الأزمة سياسيا، وأن تستقر الأوضاع ليعود الاستقرار إلى البحرين، ولذلك نجد الآن أن غالبية الدول الكبرى تدفع من أجل أن يكون هناك مفاوضات بين النظام في البحرين وحلفائه من القوى السياسية والمعارضة وحلفائها من القوى المجتمعية.

هناك توافق

•هذه هي القناعة الآن، فنجد أن مسؤولين كبارا في هذه الدول يجرون لقاءات مع المعارضة ومع الحكومة، هل يمكن القول إنه تم بلورة مشروع ما للحل، حيث إننا لاحظنا سابقا أن محاولات عدة جرت للحوار، لكنها لم تصل إلى نتيجة وفشلت؟
-أنا أقول الآن إن هناك توافقا، ولكني غير متأكد ما إذا كان سيقبلون مشروع تقدمه الدول خصوصا تلك الحليفة للبحرين لفتح المفاوضات.
- من جهة التحرك الحقوقي، لاحظنا أن النشاط الأبرز أخيرا هو اجتماع اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في جنيف، وصدرت مجموعة من التوصيات حين التزمت الحكومة البحرينية بتنفيذ توصيات لجنة بسيوني.
• المجتمع الدولي أعطى البحرين فرصة أخرى بعد فوز بسيوني في نوفمبر من العام الماضي تقول الحكومة إنها تنفذ أو نفذت غالبية توصيات اللجنة.
-لا أعتقد أن هناك تنفيذا في هذه التوصيات، إذ تم تنفيذ بعضها بصورة شكلية، لكنني أؤكد أن توصيات بسيوني لم تنفذ، بل أخفيت لها انتهاكات خطيرة أخرى.

إيحاء بالتغيير

بالنسبة لقرارات لجنة حقوق الإنسان الدولية، لقد صدرت سابقا في مايو، وفي ذلك الوقت لم يتمكن ممثل الحكومة في جنيف وهو صلاح علي وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان أن يلتزم بها، لأنه صدم بحجمها، وكانت الحكومة مرتبكة، لأنه كان لديهم مهلة أربعة أيام للقبول بها أو رفضها، فطلب فترة ليعود إلى الحكومة.
ومنذ مايو إلى انعقاد المجلس في سبتمبر، مضى ما يقارب الخمسة أشهر، وخلالها حاولوا الإيحاء بأن هناك تغييرا ما من خلال تقديم تعديلات دستورية شكلية وإجراءات وتعيينات وهيئات، وكذلك نقل المحاكمات من المحاكم العسكرية إلى المدنية، ولكن في الجوهر لم يتم أي تغير الآن. المجتمع الدولي أعطاهم فرصة جديدة للالتزام، وطبعا الحكومة لم تقبل كل القرارات من 176 قرارا، قبلوا 145 توصية و13 توصية قبلوا بها جزئيا، ورفضوا 18 توصية، وهي توصيات مهمة لأنها تتعلق بالاتفاقيات الدولية حول مكافحة التعذيب والرقابة على السجون وملاحقة المتهمين والمحكمة الجنائية الدولية، ما يؤكد أن الحكومة البحرينية لا تريد أن تضع آلية حقيقية لمعاقبة وملاحقة المجرمين بحق الإنسانية.

تعثّر التنفيذ

نحن لدينا قناعة بأن تركيبة الحكومة الحالية لا يمكن أن تنفذ، لأنه لا يمكن لنظام ما أن يعاقب نفسه، لذلك تقول إنه من دون إحداث تغييرات جوهرية والإتيان بحكومة ائتلافية مؤقتة ومحل ثقة، لا يمكن أن نجد حلا للأزمة.
مختلف دول العالم، وخصوصا الدول الكبرى، أبدت تبرمها، مثلا قال المندوب الأميركي إن هناك تعثرا في تنفيذ توصيات بسيوني وقال إن البحرين على مفترق طرق، ما يعنى أن هناك شيئا خطيرا قادما إذا لم يتم التنفيذ، أربعة من الدول المهمة أوروبيا، ألمانيا والنمسا والدنمارك وهولندا قالت إن هناك سياسة إفلات من العقاب.
إذا هناك شكوك كبيرة لدى المجتمع الدولي بشأن جدية حكومة البحرين في تنفيذ هذه التوصيات، لكنهم أمهلوها إلى شهر مارس القادم، موعد الدورة القادمة مجلس حقوق الإنسان.

مراقبة دولية

الحكومة البحرينية تعهدت من جهتها بأن تقدم تقريرا دوريا عن التنفيذ، وأول تقرير سيقدم في شهر نوفمبر القادم، إذن أصبح هناك الآن إمكانية للمحاسبة وقياس أكبر للأداء.
نحن من ناحيتنا طالبناهم بوجود آلية مراقبة دولية تتمثل في حضور دائم للمفوض السامي لحقوق الإنسان، وأن تكون هناك أهداف محددة، جدولة ونتائج يمكن التوصل لها ومشاركة المجتمع المدني في الإشراف والتنفيذ.
وهناك مفاوضات الآن حول هذه الأمور بين المفوض السامي وحكومة البحرين. ولا نعتقد أن حكومة البحرين ستقبل هذه المطالب، ولذلك يجب أخذ قرار في مجلس حقوق الإنسان خلال دورته القادمة في شهر مارس من العام المقبل حول هذا الموضوع.
من هنا نحن كمجتمع مدني في البحرين نطالب بعقد جلسة خاصة لاتخاذ مثل هذه القرارات.

إرادة دول

• في حال لم تنفذ الحكومة توصيات لجنة بسيوني، وكما أشرنا إلى أن التنفيذ شكلي، ما الخطوات التي تتوقع أن يقوم بها المجتمع الدولي لضمان تنفيذ هذه التوصيات؟
هذا الموضوع هو إرادة دول وتوافق دول، لكن مجلس حقوق الإنسان يستطيع أن يعقد في مارس القادم جلسة خاصة حول البحرين ويتخذ قرارات مهمة، منها تعيين مقرر بتقارير دورية، بدلا من أن تتولى حكومة البحرين ذلك، وعندها يمكن اتخاذ إجراءات أخرى.
تستطيع الدول منفردة أن تعرض عقوبات مثلا، فالولايات المتحدة لديها اتفاقية تجارة حرة مع البحرين، وهي تخرق كل يوم، هذا مثلا في الجانب العمالي منظمة العمل الدولية التي منع وفدها من حضور مؤتمر العمال في البحرين، كل هذه الدول تستطيع أن تأخذ إجراءات كدول.
وفي الأمم المتحدة المنظور هو مجلس حقوق الإنسان، طبعا الكلمة الأخيرة لمجلس الأمن، لكن نحن نعرف أن هذا الموضوع محكوم بإرادات أخرى خارج الاعتبار، إضافة إلى الاعتبار الإنساني، هناك اعتبارات سياسية أخرى.
على صعيد ما يجري في البحرين، كان هناك تخوف من التأثير الذي يمكن أن يمتد إلى بعض الدول المجاورة وغيرها.

خياران

- كيف يمكن طمأنة دول الجوار، كالسعودية مثلا، بمستقبل النظام السياسي في البحرين والتزامه بالمنظومة الخليجية، وبأنه لن يكون مواليا لإيران؟
- لو كان الشعب البحريني يريد أن يلتحق بإيران لكان فعل ذلك خلال الاستفتاء الذي أجرته الأمم المتحدة بالعام 1971، وكان لديه حينها خياران: حكم آل خليفة أو حكم إيران.
إذا هذه القضية مفروغ منها، والمعارضة تؤكد على الدولة المدنية الديمقراطية وليس الدينية أو الالتحاق بأي مرجع آخر، وبالنسبة للمعارضة نحن نؤكد - وأكدنا مرارا في جميع المناسبات - أننا جزء من المنظومة الخليجية، لكننا لسنا الوحيدين الذي نطالب بإدخال تعديلات على المنظومة في الكويت، نجد أن هناك تحركات تطالب بالإصلاح السياسي مثلا، وفي السعودية أيضا، مما يعني أن أي شعب لديه مطالب ليس بحاجة إلى البحرين حتى يقتنع بقضيته، وكل شعب خليجي لديه قضاياه، وهذه الشعوب واعية ونحن لا نعيش في القرون الوسطى. وهذه الشعوب متطورة والحراك ينبع أساسا من داخل كل بلد، ولذلك نحن مع المحافظة على المنظومة الخليجية، ولكن أن تكون بمحتوى مختلف، محتوى ديمقراطي يعكس إرادة الشعوب ومصالح الشعوب، وليس تحالف الحكام ضد الشعوب.

عنف السلطة

• لكن هناك اتهامات للمعارضة بأنها بدأت تتجه تدريجيا نحو العنف المسلح.
- في الدول الغربية مثلا تجرى الاحتجاجات بصورة عنيفة، مثلا في إسبانيا، وهي دولة ديمقراطية، تسد الطرق السريعة بالعجلات وتحرق وترمى الشرطة بالزجاجات الحارقة، وتحدث
هذه الأمور في قلب لندن وقلب باريس، ولم تلصق لهم تهمة الإرهاب بمنظمي مثل هذه التظاهرات.
طبعا أنا لا أدعو إليها، لكن العنف أساسا هو عنف السلطة، العنف الذي حصد حتى الآن أكثر من مئة شهيد، العنف الذي حصد شهداء مباشرة بعد اجتماعات جنيف وآلاف الجرحى، هذا هو عنف الدولة وإرهاب الدولة لا المعارضة، وهو الأهم، وردود الفعل هي عوارض، الناس في البحرين لا تملك أسلحة كما هو الحال في دول أخرى أكثر ما يمكن أن يحصلوا عليه هو سكاكين المطبخ.

تهويلات وفبركات

• إذن تؤكد عدم وجود مخاوف من تحول الحركة الشعبية إلى العنف المسلح.
- أبدا، لا يوجد مثل هذه المخاوف، والمعارضة والمجتمع المدني يؤكد سلمية التحرك.
أما التهويل بانفجار الوضع، فهو مجر تهويلات وفبركات، حتى الاتهامات بوجود أسلحة، فهو «كلام فاضي».
لا توجد لا أسلحة ولا أي شيء، مجرد تهويل من أجل ابتزاز الدول الأخرى، وتضليل الرأي العام العالمي، واستعدائهم على الحراك السلمي في البحرين.
•هل تعتقد أن المعارضة موحدة في مطالبها بالإصلاح، هناك من رفع سقفا أعلى من الآخرين؟
- هناك أجنحة صغيرة خارج النطاق، أما الجمعيات التي تعمل في الإطار العلني، فهي تملك موقفا موحدا ولديها وثيقة أساسية للإصلاح، وهي وثيقة المنامة التي أعلنتها في 23 أكتوبر الماضي.
الأكثر أن المعارضة تقبل إضافة إلى ذلك ثلاث وثائق أخرى: مقررات لجنة بسيوني، مقررات الأمم المتحدة في جنيف، والنقاط السبع التي طرحها ولي العهد، وهذه الوثائق الأربع متكاملة.

مسؤولون

• هناك من يتحدث عن تباين لدى النظام حول أساليب حل الأزمة. هل هناك شيء ملموس حول ذلك؟
- هذا الحديث يدور في الساحة السياسية، وهناك تباين في التعبير ولكن هذا شأن الأسرة الحاكمة، نحن نقول إن هناك مؤسسة دستورية تحكم هي المسؤولة عما يجري.
الملك ورئاسة الوزراء وولي العهد هذه هي المؤسسات الحاكمة، هؤلاء مسؤولون عما يحدث، وهم يتحملون مسؤولية التوصل إلى حل تفاوضي سياسي.

مكانة أفضل

• انسحاب المعارضة من البرلمان كيف تقيمه، هل كانت خطوة إيجابية أم أثرت سلبا بالمعارضة في النظام السياسي، حيث وجدنا أنه تم تعيين بدلاء عنهم وكأن شيئا لم يحدث، فهل كانت خطوة متسرعة وغير ذكية من المعارضة؟
- هذا تسأل عنه جمعية الوفاق مباشرة، ولكن تقديري هو أن تجربة المعارضة في المجالس، مجلس 2004 و2006 و2010 لم يكن له أي تأثير، لأن السلطة لديها الأغلبية، وأرادوا لمجلس النواب أن يكون شاهد زور فقط، بل أداة في يد الحكومة.
البيان الصادر عن الرئاسة، ومن دون التشاور مع القوى السياسية الأساسية في المجلس مؤيد لقمع الانتفاضة مثلا، فماذا يستطيع أن يفعل نواب الوفاق عندها؟ وكيف؟ قدموا استقالتهم بإلحاح شعبي.
الآن لو جرت انتخابات فإن غالبية الشعب البحريني سيقاطعها، ولن يكون لها معنى.
والآن الاتحاد البرلماني الدولي علّق تعامله مع مجلس النواب البحريني، ونجد أن النواب المستقيلين محترمون في كافة أنحاء العالم ويستقبلون كنواب حقيقيين، وأصبحت مكانتهم أفضل وتعززت مصداقيتهم.

متعود على الحرمان

• هل تتوقع أن تشهد حلا قريبا لهذه الأزمة التي طالت نوعا ما، وحتى الآن لا توجد نتيجة ملموسة، فالحراك لايزال مستمرا، والحكومة متمسكة بوجهة نظرها، والحوار شبه مقطوع. كيف يمكن فتح ثغرة في هذا الجدار والتوصل إلى حل ينعكس إيجابا على الجميع؟
- أزمة التسعينيات استمرت عشر سنوات، وهذه الأزمة مضى عليها أقل من سنتين، لا بأس مادامت الحكومة معاندة، فالشعب يملك نفسا طويلا ولديه إمكانات الاستمرار، ولن يتراجع.
هم الذين سيخسرون في النهاية، ويستقوون بالدعم الخليجي، سواء المادي أو السياسي، ولكن هذا لا يعالج الوضع الاقتصادي المتدهور، وبالنهاية مصالحهم هي التي ستتدهور.
صحيح أن الشعب يتعرض لخسائر، ولكنه متعود على الحرمان ويعيش الحرمان.
• كيف يستطيع الشعب البحريني أن يستمر في تحمّل الوضع الاقتصادي المتردي. كيف تسير الحياة في البحرين؟
- هناك طرق وأساليب كثيرة، هناك صناديق خيرية، وتوجد صناديق لدى كل عائلة، هناك تضامن، وهناك توجه لدى المواطنين لإنشاء مشاريع صغيرة في القرى وغير ذلك.
الدولة الآن تنتهج سياسة عدم توظيف الشيعة، للأسف، وهم الغالبية، وهم المتضرر الأكبر، وهناك خريجون كثر الآن بلا عمل، ولم يوظفوا، هناك تمييز في المنح والبعثات الدراسية.
نحن ندرك أن هذا الوضع صعب على المواطنين، ولكن الناس تقبل بذلك وتقدم الشهداء، ومستعدة لتحمل المعاناة الاقتصادية لتحقيق أهدافها المحقة، وهذا أمر طبيعي.
• بالنسبة لقوات درع الجزيرة هل خرجت من البحرين؟
- لا لم تخرج، وهي موجودة في المعسكرات، وتشكل احتياطيا للقوات المحلية، وهذه إستراتيجية النظام، هذه القوات قوات احتياطية.

متطوعون سعوديون

• هل حصلت محاولات للحوار بين المعارضة والحكومة السعودية مثلا؟
- نعم قبل سنة اتصلت بالمعارضة بعض الشخصيات السعودية، بعضهم ضباط سابقون في الجيش والحرس الوطني، وطرحوا إمكانية التوسط، فقيل لهم تفضلوا، ولكن عندما ذهبوا إلى من يعنيه الأمر صدوا.
• هل كانت مبادرة رسمية أم شبه رسمية أم خاصة؟
- كانوا متطوعين، لكن لهم نفوذ ولديهم علاقات وبينهم شخصيات نافذة.
• لماذا لا تتجه المعارضة بهذا الاتجاه وتحاول فتح باب للحوار مباشرة مع الحكومة السعودية؟
- إذا كانت السفارة السعودية في البحرين لا تدعو الشخصيات التي كانت تدعوها سابقا لبعض الاحتفالات الوطنية السعودية، ولم يبدوا رغبة في اللقاء مع رموز المعارضة، وإذا كانت الكويت وهي الدولة المعتدلة والمشهورة باعتدالها أرسلت بعثة للتوسط، وصدت هذه المحاولة.
• هل يمكن القول إن المخرج من الأزمة صعب المنال؟
- هو صعب فعلا، لكنه ليس مستحيلا.
هناك عاملان: أن يدرك النظام وأساطينه أن مصالحهم الاقتصادية ستتضرر بشكل كامل، وأن يدرك حلفاء البحرين بأن هذا الموضوع على المدى البعيد، والمتوسط والقريب ليس في مصلحتهم، وهم يدركون ذلك، على الأقل الدول الغربية تدرك ذلك.

خرجت ولن تعود

• أشرت إلى استمرار أزمة التسعينيات عشر سنوات، فإلى متى تتوقع أن يستمر هذا الحراك؟ هل يحتاج أيضا إلى عشر سنوات أخرى؟
- لا أدري، فحراك الجماهير والثورات الشعبية لا يمكن التنبؤ بدقة بالزمن الذي سيستغرقانها لتحقيق إنجازاتهما، لكن الشيء الذي أنا متأكد منه أن الناس في البحرين خرجت من بيوتها، ولن تعود إليها أبدا قبل تحقيق مطالبها.

احترام حقوق الإنسان

• في الجانب الشخصي من شخصية عبدالنبي العكري، أنت حقوقي بارز وناشط في مجال حقوق الإنسان، إضافة إلى نشاطك السياسي. ماذا عن هذا التاريخ النضالي الطويل، كيف تعبر عن نفسك؟
- العمل الحقوقي في الوطن العربي شيء جديد، لكن الغمار الأكبر خضته في السياسة، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان عندما تأسست لم تجد أي بلد عربي يقبل أن يستضيف مؤتمرها، فعقدته في قبرص سنة 1979، وأقدم منظمة حقوقية في الوطن العربي هي في تونس المنظمة التونسية لحقوق الإنسان تأسست عام 1982.
فالتجربة جديدة، وأنا مثلي من أبناء جيلي كنا ولانزال نحمل الهم السياسي من أجل التغيير سواء كثورة أو نضال، ومثل الكثير من أبناء جيلي توجهنا للعمل الحقوقي، لأننا ندرك أن تأصيل الجانب الحقوقي من ثقافة شعوبنا يوازي أهمية العمل السياسي، حتى لا يبقى الهم هو فقط الوصول إلى السلطة والاستيلاء عليها، دون أن نعمق قناعة لدى قوى التغيير، باحترام حقوق الإنسان، واحترام خصمهم قبل صديقهم.
ندرك اليوم أن الحركة الحقوقية في الوطن العربي حركة مهمة جدا ولها دور فاعل في كل الحراك الذي نشهده.

السلاح مستبعد

• بالنسبة لمشاركتك في ثورة ظفار العمانية، ماذا قدمت لك هذه التجربة؟
- الظروف تغيرت، في مرحلة السبعينيات كانت هناك الثورة الفلسطينية وكان هناك ثورة في لبنان وفي جبال أطلس في المغرب، في أهوار العراق في الجنوب، أما الآن فإن الظروف تغيرت، ولكن الثورة لا تكون دائما بالسلاح، والثورات السلمية تحقق إنجازات أيضا.
• في موضوع العراق لاحظنا أنه كانت هناك محاولة للتحرك لمساندة تحرككم في البحرين منذ بداية الأزمة، وصدرت ردود فعل قوية جدا، لكننا لاحظنا أن هذه الأصوات خفتت نوعا ما. ما الذي حصل؟
- لا أدري، لكن ما أريد أن أقوله إننا ضد أي استخدام سياسي لدعم الشعب في البحرين من أجل مكاسب.
نحن نريد دعم جميع القوى المؤمنة بحقوق الإنسان من دون شروط ولا نريد أن نقتصر على طيف سياسي معين أو فريق معين.
• هناك بعض الدول التي تؤيد تحرككم بشكل رسمي، هل يمكن أن تلجؤوا لها في محاولة الاستفادة السياسية أو حتى الاقتصادية؟
- ليس هناك دول تؤيدنا بالكامل، هناك دول تقول نؤيدكم في مطالب معينة، وذلك إضافة إلى أن النضال في البحرين نضال داخلي وسلمي لا يحتاج إلى شيء آخر.. طبعا السلاح مستبعد.
ومن يريد أن يؤيد نضال شعب البحرين يستطيع ذلك، مثلا منظمة «أطباء بلا حدود» جاءت إلى البحرين بسرية وحاولت إقامة عيادات لمعالجة الجرحى، ثم أغلقت.
وفي أيرلندا يستقبلون جرحانا ويعالجونهم على حسابهم، نحن مع أي تحرك من أجل حث حكومة البحرين على الحل التفاوضي، وهذا هو الشيء الذي تستطيع الدول أن تقدمه، سواء منفردة أو من خلال هيئات كالأمم المتحدة مثلا، أو منظمة المؤتمر الإسلامي أو الجامعة العربية.

تدويل الأزمة

• لكنكم سعيتم إلى تدويل الأزمة في الجانب الحقوقي على الأقل؟
- نحن لم ندول الأزمة، والأزمة مطروحة، أصلا البحرين تقدمت عام 2008 للخضوع للمراقبة الدورية الشاملة في الأمم المتحدة، وما حصل حتى الآن هو نتيجة المراجعة الدورية الشاملة.
طبعا البحرين عضو في المنظومة الدولية وملتزمة بالاتفاقيات الدولية، وهذا لا يعني أننا نحن الذين سعينا إلى التدويل.
الواقع هو أن البحرين جزء من المجتمع الدولي وملتزمة بالقانون ووقعت على اتفاقيات دولية.

نظام عقيم

• هل لجأتم إلى الجامعة العربية أو إلى منظمة المؤتمر الإسلامي قبل توجهكم باتجاه المنظمات الدولية.
- الحكومة هي التي بادرت باتجاه الأمم المتحدة، أما جامعة الدول العربية فالتجربة معها «مريضة»، ووفود المعارضة التي ذهبت إلى القاهرة اتصلت بالجامعة العربية، وهناك أشياء أخطر لم تولها الجامعة أي اهتمام، أستطيع أن أقول إن نظام الجامعة العربية هو نظام عقيم.
• وماذا عن منظمة المؤتمر الإسلامي؟
- منظمة المؤتمر الإسلامي أسوأ من الجامعة العربية، يكفي أننا نعرف النفوذ الطاغي فيها، نحن لدينا إمكانات محدودة لا نريد أن نضعها في أشياء لا طائل منها، لسنا دولة، وكل هؤلاء الذين ينشطون معنا هم متطوعون، ويعاقبون على أعمالهم أيضا، فبدلا من أن نضيع جهودنا في مؤسسة نعرف أنها عقيمة، نستثمر هذه الجهود في مؤسسات منتجة.

أكثر من الملك
- هل حاولتم التواصل رسميا مع مجلس التعاون الخليجي؟
-أحيانا تتم هذه الاتصالات من خلال المؤتمرات، ولكن مجلس التعاون الخليجي أصبح ملكيا أكثر من الملك.
• بأي معنى؟
حتى الآن في جميع المواقف تجد أن الأمين العام والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي وفي أي وقت تتخذه الحكومة البحرينية يزايد عليها.

متفائل
• في ختام هذا اللقاء نشكرك السيد عبدالنبي العكري، ونأمل أن تكون متفائلا فعلا بمستقبل البحرين وخروجه من هذه الأزمة.
- أنا متفائل فعلا، لأني أعتقد أنه لأول مرة يتوحد شعب البحرين بهذا المستوى ويزج في الصراع بهذه الأعداد، وأستطيع أن أقول بأغلبية، فسابقا لم يكن هناك دور للمرأة، والحركة الشعبية ليست حركة أحزاب معارضة، وإنما حركة شعب وهذا ما يعطيها القوة والقدرة على الاستمرارية