ريما
09-09-2012, 01:09 AM
من قلم : نمير سعد - عرب تايمز
إن نحن اردنا اليوم أن نكون منصفين لأنفسنا قبل غيرنا ، وإن نحن اردنا أن نستخدم مرآة الواقع المصنعة على طريقة الموزاييك الدمشقي العريق ، وإن نحن تفحصنا كل جزء موزاييكي من هذه المرآة العجيبة بشكلٍ منفصل وجمعنا أخيراً الصور الصغيرة لتشكل الصورة الأشمل والأوضح ، توجب علينا أن أن نبتعد عن منمنمات الجمل وزاهيات الكلمات ومزركشات الحروف وأن نضع النقاط كل النقاط على كل الحروف المنقوطة .
فبعد الإتضاح الذي بات يفقأ العيون لحجم المؤامرة وهولها وأعداد أفرقاءها واهدافها ، هذا الإتضاح الذي بات مقروءًا لكل أمي ومدركاً لكل عديم إدراك وجلياً لكل أعمى بصر أو بصيرة وبيناً لكل أبله أو غبي .. لا زال بعض من هم دون مستوى الغباء والبلاهة وإنعدام الإدراك يتحدثون عن ثورات عربية وربائع عربية وبالأخص عن " ثورة سورية وربيع سوري " وهيئات تنسيقية وجيش حر ومكاتب ومنظمات حقوق الإنسان السوري وكتائب إسلامية سورية وجميعها .. ثورجية ..
تسيطر على شارع هنا أو زقاقٍ هناك ، ولا زال البعض الآخر يتحدث عن بطولات الإرهاب التكفيري القواعدي على الأرض السورية وانجازاته في تحطيم الأرقام القياسية في أعداد الرقاب التي تحز على وقع صيحات الكفر الجهادي والتكبير بإسم من هو براء من نجاسة من يدعون الجهاد بإسمه ، أولئك الذين يتبعون القاعدة الشيطانية التي تخاطب الضحية الآدمية قبل ذبحها وتقول لها : " سبحان من حللك للذبح ؟؟!!! " ... .
يسألني بعض الأصدقاء وبعض غير الأصدقاء منذ بداية المؤامرة الأكبر عبر التاريخ عن إمكانية أن تنتهي الأزمة بسقوطٍ سريع ومفاجئ لسوريا وأقول سوريا لأن المقصود من السؤال كان دوماً سقوط القيادة السورية وهذا السقوط يعني بالضرورة سقوط الجيش السوري العظيم وهو ما يعني بدوره إنكسار إرادة الشعب السوري الجبار و هنا فقط يكون السقوط سوري يشمل مكونات هذا الوطن جميعها وهذا يعني نسخة معدلة من السقوط العراقي المؤلم ، فيما يتسأل آخرون عن
إمكانية السقوط على الطريقة التونسية أو المصرية أو الليبية .. ولطالما أجبت ومنذ بدء الحرب على الوطن السوري أن هكذا سقوط لن يحدث إلا في مراحل نومٍ عميق شبيه بنوم أهل الكهف لأفرقاء المؤامرة يتجلى على شكل أضغاث أحلامٍ وأوهام حمدية أو أردوغانية .. لكم أن تسموها ما شئتم شيطانية أو شيطانية ، و كنت أقول أن من تخامره هكذا ظنون أو أوهام لا يفقه شيئاً في ألف باء السياسة ولا يعرف طبيعة الشعب والجيش والقيادة السورية ولا يجيد قراءة أبجدية الأرض
السورية ، و غالباً ما كنت استرسل إن كان اللقاء وجهاً لوجه مع السائل وفيه بعضٌ من الأريحية فأقول حينها ما لا يكتب ولا يقال على الهواء أو من خلال النت ، اليوم أتألم .. وأتألم في آنٍ معاً ..
يحز في نفسي أن يكون ماكتبت منذ الأيام الأولى لبداية المؤامرة على سوريا اثبت عامل الوقت صحته وصوابيته وفرضه الواقع حقيقةً لا تقبل الشك ، لكن كآبة الكون تعشعش في صدري وحزن الكون يغلف قلبي لأن الثمن الذي دفع للوصول إلى إثبات وترسيخ حقيقة إستحالة السقوط الصادم
أو الإنهيار الجارف كان غالياً بل وغالياً جداً فالتنحي الإفتراضي لم يكن ليحل المشكلة حيث أن المخطط كان ولا يزال الوصول بسوريا إلا حيث هي الآن وإلى حيث يمكن لها أن تكون غداً ، لقد دفع الثمن من دماء وأرواح السوريين المدنيين الأبرياء ومن رجالات وابطال جيش الوطن إضافةً للثمن الإقتصادي الباهظ و الأذى الذي لحق بالنسيج الإجتماعي السوري الذي سيحتاج السوريون إلى سنواتٍ طوال لرتق ما تفتق منه ، ولن ننسى بالطبع فقدان الأمن والأمان الذي لن يكون أمر استعادته أمراً يسيراً ولا مهمةً سهلة ... .
لابد من الإعتراف أن إستقراء المرحلة المقبلة هو أمرٌ عصي على كل متبحر في عالم التنجيم وقراءة الكف أو الفنجان وإستطلاع الطالع كما على شيوخ الشعوذة والكفر لأنها ببساطة أزمة مركبة مفتوحة قد تأتينا كل يوم بجديد ، كما اعترف أنني لست عرافاً ولا بصارا ولا قارئاً للفنجان ولا عالماً بالغيب ولا ملماً بعلم الماورائيات ولكنني ورغم انني لست أياً من أولئك جميعاً استطيع اليوم أن أجزم وبكل ألم وأسف أن كتاب المؤامرة على سورية كان ولا زال مقروءًا بالنسبة لي بكل أجزائه وفصوله وأن تركيبة المؤامرة نفسها كانت واضحة المعالم لي كما لكثر غيري منذ أيامها الأولى ، بكل استطالاتها وتجلياتها وتداعياتها وتطوراتها الدراماتيكية ....
اعترف أيضاً انني كنت أشرع الأبواب والنوافذ جميعها لعاطفتي وأطلق العنان لحماسي و أترك للكلمات والمفردات أن تترجم أولاً ما يعتمل في ثنايا الروح ويختبئ بين الأضلع من مشاعر عشقي للوطن وانتمائي لكل ذرة من ترابه الغالي أكثر من أي إنتماء ، هذا الإنتماء الذي نما وتجذر وتعملق بعد بداية المؤامرة على سورية الحبيبة ، ولكن ورغم إحتلال العاطفة وعشق الوطن مركزاً مهماً في ساحات المحاكمة والتفكير إلا انني كنت أعتمد في مقاربتي وقراءتي للحالة السورية على المنطق وأترك إدارة المحاكمات العقلية للعقل دون العاطفة ، وكان حكم العقل والمنطق يصلان بي دوماً إلى حقيقة واحدة و فكرة راسخة متجذرة في الأرض كما قاسيون ، أن القيادة السورية والجيش السوري ومن خلفهما الشعب السوري هو ثلاثي عصي على الكسر
والسقوط الجارف كما غير بلدان وغير جيوش وغير قيادات ، ولطالما كتبت من هذا المنطلق عن المعجزات التي تسطر والتي ستسطر على الأرض السورية ، وعما يسجل في دفاتر التاريخ وما تختزنه الذاكرة الوطنية ، اليوم ادعو نفسي كما من يشاطرني نفس المشاعر والأحاسيس لمراجعة الجزء الأول من الفكرة التي قد يكون قد طرأ عليها بعض التغيير أو التبديل " أي حجم وهول وخطر قوى الشر و معسكر العدوان على سوريا " لأن جزأها الثاني المتعلق بالسقوط الصاعق لا تغيير ولا تبديل فيه كقناعة راسخة وإيمان عميق وثباتٍ يضاهي ثبات دمشق وقاسيونها وحلب وقلعتها .... .
كنت قبل عام تقريباً قد كتبت مقالاً بعنوان " نظام الأسد لن يسقط .. دروس تاريخية وحقائق معاصرة " شرحت فيه بإسهاب وتفصيل الأسس المنطقية التي تستند إليها قناعة من هو مقتنع باستحالة السقوط الجارف أو الصاعق أو المباغت والإنهيار المدوي للوطن السوري عبر سقوط القيادة فالجيش وبالتالي الشعب والأرض ، وكان لابد حينئذٍ من التعرض لأدوار وأحوال افرقاء المؤامرة على سوريا ووضعها أمام مرآة الواقع على الأرض لتبيان الفارق الهائل ما بين المأمول في عقولهم ومابين الممكن على الأرض ، كما خط قلمي في غير مناسبة أن الأزمة السورية تقف في مواجهة إحتمالات عديدة وكان أسفي كبيراً أن أكثر السيناريوهات حظاً هو المراوحة في المكان لفترة غير محددة ليس لأن الجيش السوري لا يملك الإرادة والقوة والوسيلة للمواجهة والحسم ، بل لأن الأمر متعلق بشكلٍ أو بآخر بطبيعة الخصم أو العدو الذي تواجهه سوريا
هذا الخصم الذي لا يمت لزمن الفرسان ولا إلى حروب الفرسان أو الشجعان ولا إلى مبارزات الفرسان بصلة ، انها حرب الأنذال على الوطن السوري ، حرب الأيادي الخليجية الأعرابية الآثمة الخبيثة و من يحركها ، أولئك الذين أعلنوها صراحةً أنهم ماضون في عدوانهم على سوريا مدفوعين بالحقد الذي يملأ صدورهم ومشحونين بالكره الذي تسبح فيه أرواحهم والشر الذي تنبض به قلوبهم ، وسرطان الكفر الذي استشرى في عقولهم ، وكل وسائل وضرورات وإمكانيات وطرق الإمداد متوفرة .. ودون حدود ، إنهم ماضون في حربهم القذرة حتى نهايتها نزولاً عند رغبة
أسيادهم الصهاينة وتحقيقاً للهدف الذي عجزت عنه إسرائيل منذ إنشاء كيانها ... . و لا بد لنا إن نحن تحدثنا عن التنجيم وإستقراء المستقبل أن نذكر أشهر من ذاع صيته في هذا المجال وغطت شهرته الآفاق .. الطبيب الفرنسي العراف نوستراداموس الذي كانت أهم انجازاته التنجيمية في عالم قراءة المستقبل وتوقع الأحداث الهامة " إنتحار هتلر ومقتل موسوليني وكنيدي و غيرهم من القادة والملوك ، وكذا العديد من التوقعات لكوارث وأحداثٍ عظام امتدت على مدى أكثر من أربعة قرون .
ما ذكرني بنوستراداموس هذا هو حالة الضياع لجهابذة المعارضة اللاوطنية في رحلة اتحافنا بتوقعاتهم وتصوراتهم وتخيلاتهم وأوهامهم وأحلام يقظتهم ونومهم ، تلك الحالة التي يقرأها الرضيع على سحناتهم التي تزهو بإطلالاتها شبه اليومية عبر قنوات من يغتصب الحجاز وخيراتها من يهود بنو الآلات ، يتساءل البعض عما كان سيقوله أو يكتبه نوستراداموس فيما لو قيض له أن يعايش ما نعايش ، وأجرؤ هنا في مواجهة هكذا تساؤل على الجزم بأنه كان سيقرأ صفحة " الثورة وثوارها " بأسلوب مغاير ومخالف وبعيد عن نبؤات أتقياء المعارضة اللاوطنية وشيوخها ومفتيها
وسفاحيها وذباحيها ، وأجزم أنه كان ليرى ما لا يراه أصحاب الأعين المفتوحة والقلوب العمياء ، لا بد أيضاً أنه كان سيتحدث مطولاً عن معادلة الجيش وقيادته والشعب المنضوي تحت راية الوطن السوري و الداعم لهما والمرابط أبداً على ترابه المقدس ، ولكانت صرخاته دوت في سماءات المدن السورية محذرةً السوريين من السقوط الفعلي للوطن السوري ..
في مرحلة ما بعد السقوط الأولي المرتجى للنظام .. لكان قالها بالفم الملآن : أيها السوريون .. لكم أن ترتعد فرائصكم خشيةً على الدولة السورية من السقوط الذي سيتبعه دون شك تفتيت جيش الدولة وأرضها و توثيق كيانات سورية جديدة تحجز مقاعدها في المحافل الدولية ويطوي التاريخ معها ما كان يوماً .. سوريا المجد .. . سوف يفرد التاريخ أيها السوريون للجيش السوري الأبي أبهى صفحاته ولا غرابة ، فهو الجيش الذي تفرد في المزج بين الواقع والأسطورة ، فتصديه
لمحور أو حلف العدوان على سوريا هو أمرٌ واقع يعايشه السوريون ساعة بساعة لكنه حالة اعجازية وأسطورية بإعتراف الأعضاء قبل الأصدقاء ، وتحقيقه للإنتصارات المتلاحقة على جيوش الجهاديين الوهابية وحشود المرتزقة من طالبي الصعود إلى السموات ودخول الجنان ولقاء الحور الحسان عبر البوابة السورية وصرعهم وارسالهم إلا جهنم خالدين فيها هو حدثٌ يومي تشمخ به رؤوس جنوده وعاشقيه وداعميه .. وتنحني صاغرة منكسرة .. رؤوسٌ أخرى ، وهو الجيش الذي تفرد بمواجهة ما لم يواجهه جيش من قبل حين لم تتمكن منه الإغراءات المادية فيضعف جنوده
وينهار ضباطه أمام حزم الدولار واليورو ، وهو الجيش الذي تصدى لأكبر غزو همجي فضائي حين لم تستطع القوى الجوية المعادية بأقمارها الصناعية وصواريخها البالستية المحملة بالرؤوس الكيماوية الفتنوية كفضائيات الكفر الثوري وصواريخها المحملة بالرؤوس النووية كفضائيات العهر الإعلامي أن تنال من دفاعاته الأرضية المستندة إلى قناعات السوري بسوريته أولاً واعتناقه المذهب السوري وتقديسه للتراب السوري
إن نحن اردنا اليوم أن نكون منصفين لأنفسنا قبل غيرنا ، وإن نحن اردنا أن نستخدم مرآة الواقع المصنعة على طريقة الموزاييك الدمشقي العريق ، وإن نحن تفحصنا كل جزء موزاييكي من هذه المرآة العجيبة بشكلٍ منفصل وجمعنا أخيراً الصور الصغيرة لتشكل الصورة الأشمل والأوضح ، توجب علينا أن أن نبتعد عن منمنمات الجمل وزاهيات الكلمات ومزركشات الحروف وأن نضع النقاط كل النقاط على كل الحروف المنقوطة .
فبعد الإتضاح الذي بات يفقأ العيون لحجم المؤامرة وهولها وأعداد أفرقاءها واهدافها ، هذا الإتضاح الذي بات مقروءًا لكل أمي ومدركاً لكل عديم إدراك وجلياً لكل أعمى بصر أو بصيرة وبيناً لكل أبله أو غبي .. لا زال بعض من هم دون مستوى الغباء والبلاهة وإنعدام الإدراك يتحدثون عن ثورات عربية وربائع عربية وبالأخص عن " ثورة سورية وربيع سوري " وهيئات تنسيقية وجيش حر ومكاتب ومنظمات حقوق الإنسان السوري وكتائب إسلامية سورية وجميعها .. ثورجية ..
تسيطر على شارع هنا أو زقاقٍ هناك ، ولا زال البعض الآخر يتحدث عن بطولات الإرهاب التكفيري القواعدي على الأرض السورية وانجازاته في تحطيم الأرقام القياسية في أعداد الرقاب التي تحز على وقع صيحات الكفر الجهادي والتكبير بإسم من هو براء من نجاسة من يدعون الجهاد بإسمه ، أولئك الذين يتبعون القاعدة الشيطانية التي تخاطب الضحية الآدمية قبل ذبحها وتقول لها : " سبحان من حللك للذبح ؟؟!!! " ... .
يسألني بعض الأصدقاء وبعض غير الأصدقاء منذ بداية المؤامرة الأكبر عبر التاريخ عن إمكانية أن تنتهي الأزمة بسقوطٍ سريع ومفاجئ لسوريا وأقول سوريا لأن المقصود من السؤال كان دوماً سقوط القيادة السورية وهذا السقوط يعني بالضرورة سقوط الجيش السوري العظيم وهو ما يعني بدوره إنكسار إرادة الشعب السوري الجبار و هنا فقط يكون السقوط سوري يشمل مكونات هذا الوطن جميعها وهذا يعني نسخة معدلة من السقوط العراقي المؤلم ، فيما يتسأل آخرون عن
إمكانية السقوط على الطريقة التونسية أو المصرية أو الليبية .. ولطالما أجبت ومنذ بدء الحرب على الوطن السوري أن هكذا سقوط لن يحدث إلا في مراحل نومٍ عميق شبيه بنوم أهل الكهف لأفرقاء المؤامرة يتجلى على شكل أضغاث أحلامٍ وأوهام حمدية أو أردوغانية .. لكم أن تسموها ما شئتم شيطانية أو شيطانية ، و كنت أقول أن من تخامره هكذا ظنون أو أوهام لا يفقه شيئاً في ألف باء السياسة ولا يعرف طبيعة الشعب والجيش والقيادة السورية ولا يجيد قراءة أبجدية الأرض
السورية ، و غالباً ما كنت استرسل إن كان اللقاء وجهاً لوجه مع السائل وفيه بعضٌ من الأريحية فأقول حينها ما لا يكتب ولا يقال على الهواء أو من خلال النت ، اليوم أتألم .. وأتألم في آنٍ معاً ..
يحز في نفسي أن يكون ماكتبت منذ الأيام الأولى لبداية المؤامرة على سوريا اثبت عامل الوقت صحته وصوابيته وفرضه الواقع حقيقةً لا تقبل الشك ، لكن كآبة الكون تعشعش في صدري وحزن الكون يغلف قلبي لأن الثمن الذي دفع للوصول إلى إثبات وترسيخ حقيقة إستحالة السقوط الصادم
أو الإنهيار الجارف كان غالياً بل وغالياً جداً فالتنحي الإفتراضي لم يكن ليحل المشكلة حيث أن المخطط كان ولا يزال الوصول بسوريا إلا حيث هي الآن وإلى حيث يمكن لها أن تكون غداً ، لقد دفع الثمن من دماء وأرواح السوريين المدنيين الأبرياء ومن رجالات وابطال جيش الوطن إضافةً للثمن الإقتصادي الباهظ و الأذى الذي لحق بالنسيج الإجتماعي السوري الذي سيحتاج السوريون إلى سنواتٍ طوال لرتق ما تفتق منه ، ولن ننسى بالطبع فقدان الأمن والأمان الذي لن يكون أمر استعادته أمراً يسيراً ولا مهمةً سهلة ... .
لابد من الإعتراف أن إستقراء المرحلة المقبلة هو أمرٌ عصي على كل متبحر في عالم التنجيم وقراءة الكف أو الفنجان وإستطلاع الطالع كما على شيوخ الشعوذة والكفر لأنها ببساطة أزمة مركبة مفتوحة قد تأتينا كل يوم بجديد ، كما اعترف أنني لست عرافاً ولا بصارا ولا قارئاً للفنجان ولا عالماً بالغيب ولا ملماً بعلم الماورائيات ولكنني ورغم انني لست أياً من أولئك جميعاً استطيع اليوم أن أجزم وبكل ألم وأسف أن كتاب المؤامرة على سورية كان ولا زال مقروءًا بالنسبة لي بكل أجزائه وفصوله وأن تركيبة المؤامرة نفسها كانت واضحة المعالم لي كما لكثر غيري منذ أيامها الأولى ، بكل استطالاتها وتجلياتها وتداعياتها وتطوراتها الدراماتيكية ....
اعترف أيضاً انني كنت أشرع الأبواب والنوافذ جميعها لعاطفتي وأطلق العنان لحماسي و أترك للكلمات والمفردات أن تترجم أولاً ما يعتمل في ثنايا الروح ويختبئ بين الأضلع من مشاعر عشقي للوطن وانتمائي لكل ذرة من ترابه الغالي أكثر من أي إنتماء ، هذا الإنتماء الذي نما وتجذر وتعملق بعد بداية المؤامرة على سورية الحبيبة ، ولكن ورغم إحتلال العاطفة وعشق الوطن مركزاً مهماً في ساحات المحاكمة والتفكير إلا انني كنت أعتمد في مقاربتي وقراءتي للحالة السورية على المنطق وأترك إدارة المحاكمات العقلية للعقل دون العاطفة ، وكان حكم العقل والمنطق يصلان بي دوماً إلى حقيقة واحدة و فكرة راسخة متجذرة في الأرض كما قاسيون ، أن القيادة السورية والجيش السوري ومن خلفهما الشعب السوري هو ثلاثي عصي على الكسر
والسقوط الجارف كما غير بلدان وغير جيوش وغير قيادات ، ولطالما كتبت من هذا المنطلق عن المعجزات التي تسطر والتي ستسطر على الأرض السورية ، وعما يسجل في دفاتر التاريخ وما تختزنه الذاكرة الوطنية ، اليوم ادعو نفسي كما من يشاطرني نفس المشاعر والأحاسيس لمراجعة الجزء الأول من الفكرة التي قد يكون قد طرأ عليها بعض التغيير أو التبديل " أي حجم وهول وخطر قوى الشر و معسكر العدوان على سوريا " لأن جزأها الثاني المتعلق بالسقوط الصاعق لا تغيير ولا تبديل فيه كقناعة راسخة وإيمان عميق وثباتٍ يضاهي ثبات دمشق وقاسيونها وحلب وقلعتها .... .
كنت قبل عام تقريباً قد كتبت مقالاً بعنوان " نظام الأسد لن يسقط .. دروس تاريخية وحقائق معاصرة " شرحت فيه بإسهاب وتفصيل الأسس المنطقية التي تستند إليها قناعة من هو مقتنع باستحالة السقوط الجارف أو الصاعق أو المباغت والإنهيار المدوي للوطن السوري عبر سقوط القيادة فالجيش وبالتالي الشعب والأرض ، وكان لابد حينئذٍ من التعرض لأدوار وأحوال افرقاء المؤامرة على سوريا ووضعها أمام مرآة الواقع على الأرض لتبيان الفارق الهائل ما بين المأمول في عقولهم ومابين الممكن على الأرض ، كما خط قلمي في غير مناسبة أن الأزمة السورية تقف في مواجهة إحتمالات عديدة وكان أسفي كبيراً أن أكثر السيناريوهات حظاً هو المراوحة في المكان لفترة غير محددة ليس لأن الجيش السوري لا يملك الإرادة والقوة والوسيلة للمواجهة والحسم ، بل لأن الأمر متعلق بشكلٍ أو بآخر بطبيعة الخصم أو العدو الذي تواجهه سوريا
هذا الخصم الذي لا يمت لزمن الفرسان ولا إلى حروب الفرسان أو الشجعان ولا إلى مبارزات الفرسان بصلة ، انها حرب الأنذال على الوطن السوري ، حرب الأيادي الخليجية الأعرابية الآثمة الخبيثة و من يحركها ، أولئك الذين أعلنوها صراحةً أنهم ماضون في عدوانهم على سوريا مدفوعين بالحقد الذي يملأ صدورهم ومشحونين بالكره الذي تسبح فيه أرواحهم والشر الذي تنبض به قلوبهم ، وسرطان الكفر الذي استشرى في عقولهم ، وكل وسائل وضرورات وإمكانيات وطرق الإمداد متوفرة .. ودون حدود ، إنهم ماضون في حربهم القذرة حتى نهايتها نزولاً عند رغبة
أسيادهم الصهاينة وتحقيقاً للهدف الذي عجزت عنه إسرائيل منذ إنشاء كيانها ... . و لا بد لنا إن نحن تحدثنا عن التنجيم وإستقراء المستقبل أن نذكر أشهر من ذاع صيته في هذا المجال وغطت شهرته الآفاق .. الطبيب الفرنسي العراف نوستراداموس الذي كانت أهم انجازاته التنجيمية في عالم قراءة المستقبل وتوقع الأحداث الهامة " إنتحار هتلر ومقتل موسوليني وكنيدي و غيرهم من القادة والملوك ، وكذا العديد من التوقعات لكوارث وأحداثٍ عظام امتدت على مدى أكثر من أربعة قرون .
ما ذكرني بنوستراداموس هذا هو حالة الضياع لجهابذة المعارضة اللاوطنية في رحلة اتحافنا بتوقعاتهم وتصوراتهم وتخيلاتهم وأوهامهم وأحلام يقظتهم ونومهم ، تلك الحالة التي يقرأها الرضيع على سحناتهم التي تزهو بإطلالاتها شبه اليومية عبر قنوات من يغتصب الحجاز وخيراتها من يهود بنو الآلات ، يتساءل البعض عما كان سيقوله أو يكتبه نوستراداموس فيما لو قيض له أن يعايش ما نعايش ، وأجرؤ هنا في مواجهة هكذا تساؤل على الجزم بأنه كان سيقرأ صفحة " الثورة وثوارها " بأسلوب مغاير ومخالف وبعيد عن نبؤات أتقياء المعارضة اللاوطنية وشيوخها ومفتيها
وسفاحيها وذباحيها ، وأجزم أنه كان ليرى ما لا يراه أصحاب الأعين المفتوحة والقلوب العمياء ، لا بد أيضاً أنه كان سيتحدث مطولاً عن معادلة الجيش وقيادته والشعب المنضوي تحت راية الوطن السوري و الداعم لهما والمرابط أبداً على ترابه المقدس ، ولكانت صرخاته دوت في سماءات المدن السورية محذرةً السوريين من السقوط الفعلي للوطن السوري ..
في مرحلة ما بعد السقوط الأولي المرتجى للنظام .. لكان قالها بالفم الملآن : أيها السوريون .. لكم أن ترتعد فرائصكم خشيةً على الدولة السورية من السقوط الذي سيتبعه دون شك تفتيت جيش الدولة وأرضها و توثيق كيانات سورية جديدة تحجز مقاعدها في المحافل الدولية ويطوي التاريخ معها ما كان يوماً .. سوريا المجد .. . سوف يفرد التاريخ أيها السوريون للجيش السوري الأبي أبهى صفحاته ولا غرابة ، فهو الجيش الذي تفرد في المزج بين الواقع والأسطورة ، فتصديه
لمحور أو حلف العدوان على سوريا هو أمرٌ واقع يعايشه السوريون ساعة بساعة لكنه حالة اعجازية وأسطورية بإعتراف الأعضاء قبل الأصدقاء ، وتحقيقه للإنتصارات المتلاحقة على جيوش الجهاديين الوهابية وحشود المرتزقة من طالبي الصعود إلى السموات ودخول الجنان ولقاء الحور الحسان عبر البوابة السورية وصرعهم وارسالهم إلا جهنم خالدين فيها هو حدثٌ يومي تشمخ به رؤوس جنوده وعاشقيه وداعميه .. وتنحني صاغرة منكسرة .. رؤوسٌ أخرى ، وهو الجيش الذي تفرد بمواجهة ما لم يواجهه جيش من قبل حين لم تتمكن منه الإغراءات المادية فيضعف جنوده
وينهار ضباطه أمام حزم الدولار واليورو ، وهو الجيش الذي تصدى لأكبر غزو همجي فضائي حين لم تستطع القوى الجوية المعادية بأقمارها الصناعية وصواريخها البالستية المحملة بالرؤوس الكيماوية الفتنوية كفضائيات الكفر الثوري وصواريخها المحملة بالرؤوس النووية كفضائيات العهر الإعلامي أن تنال من دفاعاته الأرضية المستندة إلى قناعات السوري بسوريته أولاً واعتناقه المذهب السوري وتقديسه للتراب السوري