الدكتور عادل رضا
01-06-2005, 12:47 AM
الانتخابات العراقية .. أوهام سياسية وخلط للأوراق
ماجد أحمد السامرائي -
ماجد أحمد السامرائي
نشرت في جريدة الزمان – بغداد 5/1/2005
الانتخابات العراقية .. أوهام سياسية وخلط للأوراق
ليس جديداً ما يقال عن حرص العراقيين على تمسكهم بالديمقراطية كحل وحيد لأزمة السلطة , فهم بذلك لا يتميزون عن غيرهم من شعوب الأرض وأبناء المنطقة , إلا بدرجة معاناتهم من الدكتاتورية والاستبداد , وخصوصية معطيات تاريخهم السياسي الحديث , مما يجعل الدعوة للحل الديمقراطي عبر الانتخابات مدخلاً لتمتعهم المشروع بالاستقرار والرفاه في بلد تتوفر فيه جميع عناصر النمو والتطور المادي والبشري . لكن ما يواجهه أبناء هذا البلد اليوم هو ذلك الاندفاع غير الطبيعي من قبل القوى التي قايضت خضوعها لارادة الاحتلال وتسهيل مهامه ومصالحه في العراق بمكاسب الوصول للسلطة عبر الانتخابات المدبرة , وذلك بتسريعهم باجرائها وسط الحرائق التي تأكل يومياً البشر والموارد ووفق خطاب سياسي واعلامي مفكك تطغى عليه لغة التمايز الطائفي والعرقي , سواء في بناء التحالفات السياسية للأحزاب الدينية عبر قائمتهم " الشيعية " ومحاولة تغطيتها بقوة المرجعية الشيعية , أو فيما يطلق من شعارات اعلامية لقادة القوى والاحزاب عبر الصحف المحلية والفضائيات العربية . من دون الاكتراث بالنداءات العراقية المؤمنة بالديمقراطية والسلم الأهلي الداعية إلى توفير المناخ الصحي السياسي والأمني قبل الاقحام القسري لخطوة الانتخابات التي لا يتوقع اكتسابها للنزاهة والمشروعية الجماعية , وستؤدي حتماً إن حصلت بعد أيام إلى تفكيك في البنية الاجتماعية بسبب الاستبعاد المناطقي الحتمي والاقصاء المتعمد للقوى والاحزاب والشخصيات السياسية غير المؤتلفة في السلطة المؤقتة , وإلى احتمالات وقوع احترابات سياسية وصراعات اجتماعية مفتعلة من قبل مروجي الفتنة الطائفية في العراق .
إن المشهد السياسي الحالي مًعّقد , فهناك عملية خلط للأوراق في ضوء تشابك المصالح الاقليمية والأمريكية وشهوة المنافع المحلية في السلطة . ويتجلى هذا الخلط الذي من دون تفكيكه واعادة الحالة إلى مسارها الطبيعي , فستشتعل الأزمة العراقية أكثر مما عليه الآن , يبرز هذا الخلط المقصود والمدبّر فيما يلي : -
أولاً - الاستعارة المرتبكة من قبل القوى المحلية للشعارات الأمريكية العامة في الربط غير المنطقي والمغرض ما بين تمسك العراقيين بالحق الشرعي لرفض الاحتلال ومقاومته المسلحة بعد الاحباط الذي أصابهم , والكره الذي بنته سياسة هذا الاحتلال في صدورهم وما واجهوه من محن , وما بين العمليات القتالية ومن بينها الارهابية التي تتوزع مصادرها بين جهات عدة منها تنظيم القاعدة أو تلك التي لديها أغراض عدة , وتصفية حسابات مع الأمريكان على الساحة العراقية . وتقع دولة مثل إيران في مقدمتها , حتى وصل الأمر إلى تصنيف القوى السياسية الرافضة للحالة القائمة بأوصاف تقترب من "الارهاب أو الدعوة إلى عودة نظام صدام المنهار " .ونسبة كبيرة من العمليات التي تستهدف المدنيين العراقيين وراءها جهات غير عراقية وذات أغراض تخريبية . مثال ذلك ما أعلنه المرشد الايراني الأعلى قبل أيام معقباً على تفجيرات كربلاء والنجف " أنا واثق من أن أجهزة التجسس الامريكية والاسرائيلية تقف وراء هذه الحوادث " .
ثانياً - محاولة التغطية على الانفراد بالعملية السياسية من قبل القوى المتسيدة حالياً , بدعوات وهمية للمشاركة بالعملية الانتخابية من دون توفر شروطها الصحيحة كقيام مصالحة سياسية عامة في العراق وصياغة المشروع الوطني العراقي , لكي يصبح مرجعية جماعية أولية لصياغة ترتيبات العملية الديمقراطية , وليس إخضاع الجميع لمقررات قانون الادارة الانتقالية المصمم لترتيب الانفراد السياسي من قبل ذات القوى , ومحاولة ايهام الرأي العام عن طريق الدعوات الاستهلاكية المجتزأة في سياق الخطاب الاعلامي اليومي للاشتراك في الانتخابات . في حين تتم الانتهاكات ضد القانون العراقي من قبل قوات الاحتلال أو مجموعات الأحزاب ومليشياتها يومياً سواء في القصف والقتل الجماعي للمدن العراقية الموصوفة بمدن الرفض , أو في قتل العراقيين أو تغييبهم أو سجنهم من دون محاكمة . إن استبدال إنفراد الحزب الواحد بمجموعة حزبية ذات تحالفات وقتية قفزت لواجهة الحكم عن طريق الدبابة الأمريكية , ليس انعطافاً حقيقياً للانتقال من العهد الدكتاتوري إلى مقدمات العهد الديمقراطي الذي يشكل أملاً حقيقياً وليس دعاية أو تسويقاً لمشروع التفتيت السياسي والاجتماعي , حيث تتم صياغة الانفراد الفئوي عن طريق قوة الاحتلال المسلحة وبإكراه الناس للذهاب إلى صناديق الاقتراع , وحرمان القوى الاخرى المعبرة عن مكونات سياسية واجتماعية كبيرة.
ثالثا ً - غياب الانجاز السياسي من قبل القوى المنفردة حالياً والمشتركة لوحدها في العملية الانتخابية , واستخدام شماعة "العمليات القتالية " كتبرير لتعزيز مواقعها وملء فراغ الانجاز السياسي الغائب خلال الشهور الستة عشر الماضية , الذي تمثل في عدم تحقيق الاستقرار الأمني أو تلبيات الحد الدنى من متطلبات الخدمات الضرورية في الماء والكهرباء . وتحاول الأحزاب الدينية التغطية على عجزها وعزلتها السياسية عن طريق التظلل بالمرجعيات والحوزات الدنية وفي مقدمتها حوزة السيد السيستاني لما يمتلكه من مكانة بين مقلديه من أبناء الطائفة الشيعية , مع إن هذه الورقة خاضعة للانقسام داخل أوساط الطائفة الشيعية ذاتها . إن أزمة القوى والأحزاب السائدة حالياً ومأزقها السياسي هي فيما تتحمله من مسؤوليات جماعية أمام الشعب لما واجهه من محن وكوارث ومصائب خلال الشهور الماضية وليس بالحديث عن المقارنة ما بين مظالم عهد انتهى والوضع الحالي , أو حول ميزة انجاز إزاحة حكم صدام , فهذه الخطوة الكبرى لا تمتلك جميع القوى والاحزاب العراقية فضلاً على العراقيين في انجازها .ولهذا فمن المعقول أن تنطلق جميع الاحزاب والقوى على خط شروع سياسي واحد .
رابعاً - إن أخطر عنصر من عناصر الخلط والايهام المسوقة إلى الأمريكان من قبل القوى والحركات الدينية ( الشيعية والسنية ) المنتفعة هي توزيع المكونات السياسية والاجتماعية العراقية على أساس طائفي , ودعوة القوى " الشيعية " إلى إعادة قواعد ومرتكزات الدولة العراقية التي هدمها الاجتياح العسكري ومعاونيه من العراقيين على أساس طائفي جديد , تحت ذريعة إن بناء الدولة العراقية الأولى تم على أساس طائفي " سني " خلافاً للواقع القائل بأن حكم تلك الدولة بزعامة الملك فيصل الأول قد قام على أساس عربي هاشمي وليس طائفي . وكذلك الايحاء للأمريكان بأن عرب العراق وقواهم السياسية معادون للمصالح الأمريكية ليتم تعزيز اقصائهم والانفراد بالعملية السياسية , أو إنهم قد يهددون بوسائل أخرى غير سياسية لضمان الوصول إلى السلطة مهما كلف الثمن حتى وإن كانت حرباً أهلية .
فالمشروع الاسلامي ( الشيعي ) يسعى إلى إقامة دولته سواء وفق ولاية الفقيه أو غيره , حتى وإن خففت المطالب والشعارات في اللحظة الراهنة لأغراض تاكتيكية , لابعاد الشبهة عن إيران , مع إن جميع الوقائع تدلل على ولاء عقائدي وسياسي مطلق لطهران . كما إن المشروع ( السني ) يسعى كذلك إلى بناء دولته ( الاسلامية ) مع ما يدعيه من تجديد وتجاوز للسلفية التقليدية , مع انه لا يمتلك سوى المرجعية الحزبية المعروفة بالاخوان المسلمين .
إن القوى العروبية الديمقراطية هي أكثر إقتراباً من التطلعات الديمقراطية التي ترفعها الشعارات الأمريكية . وهذه القوى ليست ذات جذور دينية أو قومية متطرفة , وانما تشكل تحالفاً وطنياً متعدد الطوائف والاعراق . سيكتشف الأمريكيون إن لم يكتشفوا لحد اللحظة إنهم قد تعرضوا لعملية إيهام ومخادعة سياسية كبرى مثلما وقعوا في مخادعة المعلومات حول الملف العراقي قبل سقوط نظام صدام واكتشفوا أوهامه خلال شهور قصيرة . وقد تكون الانتخابات إن تحققت في وقتها المقرر , وانا أشك في ذلك , القشة التي ستكسر ظهر البعير كما يقولون , وسيتعرض العراقيون إلى أفدح عملية تهميش لإرادتهم بإسم الديمقراطية , وسيواجه الأمريكان مأزق بناء العملية السياسية مجدداً وارتباط ذلك بأمن جنودهم إن لم يعيدوا ترتيب حساباتهم . والمطالبة العراقية بتأجيل الانتخابات تعبر عن موقف معتدل ليس من أجل التأجيل ولكن لقيام مؤتمر وطني عراقي موسع بأشراف الأمم المتحدة يعيد وضع العملية السياسية على أساس الرضى والتراضي بين جميع المكونات الاجتماعية والسياسية في العراق .
majidalsamarrai@hotmail.com
ماجد أحمد السامرائي -
ماجد أحمد السامرائي
نشرت في جريدة الزمان – بغداد 5/1/2005
الانتخابات العراقية .. أوهام سياسية وخلط للأوراق
ليس جديداً ما يقال عن حرص العراقيين على تمسكهم بالديمقراطية كحل وحيد لأزمة السلطة , فهم بذلك لا يتميزون عن غيرهم من شعوب الأرض وأبناء المنطقة , إلا بدرجة معاناتهم من الدكتاتورية والاستبداد , وخصوصية معطيات تاريخهم السياسي الحديث , مما يجعل الدعوة للحل الديمقراطي عبر الانتخابات مدخلاً لتمتعهم المشروع بالاستقرار والرفاه في بلد تتوفر فيه جميع عناصر النمو والتطور المادي والبشري . لكن ما يواجهه أبناء هذا البلد اليوم هو ذلك الاندفاع غير الطبيعي من قبل القوى التي قايضت خضوعها لارادة الاحتلال وتسهيل مهامه ومصالحه في العراق بمكاسب الوصول للسلطة عبر الانتخابات المدبرة , وذلك بتسريعهم باجرائها وسط الحرائق التي تأكل يومياً البشر والموارد ووفق خطاب سياسي واعلامي مفكك تطغى عليه لغة التمايز الطائفي والعرقي , سواء في بناء التحالفات السياسية للأحزاب الدينية عبر قائمتهم " الشيعية " ومحاولة تغطيتها بقوة المرجعية الشيعية , أو فيما يطلق من شعارات اعلامية لقادة القوى والاحزاب عبر الصحف المحلية والفضائيات العربية . من دون الاكتراث بالنداءات العراقية المؤمنة بالديمقراطية والسلم الأهلي الداعية إلى توفير المناخ الصحي السياسي والأمني قبل الاقحام القسري لخطوة الانتخابات التي لا يتوقع اكتسابها للنزاهة والمشروعية الجماعية , وستؤدي حتماً إن حصلت بعد أيام إلى تفكيك في البنية الاجتماعية بسبب الاستبعاد المناطقي الحتمي والاقصاء المتعمد للقوى والاحزاب والشخصيات السياسية غير المؤتلفة في السلطة المؤقتة , وإلى احتمالات وقوع احترابات سياسية وصراعات اجتماعية مفتعلة من قبل مروجي الفتنة الطائفية في العراق .
إن المشهد السياسي الحالي مًعّقد , فهناك عملية خلط للأوراق في ضوء تشابك المصالح الاقليمية والأمريكية وشهوة المنافع المحلية في السلطة . ويتجلى هذا الخلط الذي من دون تفكيكه واعادة الحالة إلى مسارها الطبيعي , فستشتعل الأزمة العراقية أكثر مما عليه الآن , يبرز هذا الخلط المقصود والمدبّر فيما يلي : -
أولاً - الاستعارة المرتبكة من قبل القوى المحلية للشعارات الأمريكية العامة في الربط غير المنطقي والمغرض ما بين تمسك العراقيين بالحق الشرعي لرفض الاحتلال ومقاومته المسلحة بعد الاحباط الذي أصابهم , والكره الذي بنته سياسة هذا الاحتلال في صدورهم وما واجهوه من محن , وما بين العمليات القتالية ومن بينها الارهابية التي تتوزع مصادرها بين جهات عدة منها تنظيم القاعدة أو تلك التي لديها أغراض عدة , وتصفية حسابات مع الأمريكان على الساحة العراقية . وتقع دولة مثل إيران في مقدمتها , حتى وصل الأمر إلى تصنيف القوى السياسية الرافضة للحالة القائمة بأوصاف تقترب من "الارهاب أو الدعوة إلى عودة نظام صدام المنهار " .ونسبة كبيرة من العمليات التي تستهدف المدنيين العراقيين وراءها جهات غير عراقية وذات أغراض تخريبية . مثال ذلك ما أعلنه المرشد الايراني الأعلى قبل أيام معقباً على تفجيرات كربلاء والنجف " أنا واثق من أن أجهزة التجسس الامريكية والاسرائيلية تقف وراء هذه الحوادث " .
ثانياً - محاولة التغطية على الانفراد بالعملية السياسية من قبل القوى المتسيدة حالياً , بدعوات وهمية للمشاركة بالعملية الانتخابية من دون توفر شروطها الصحيحة كقيام مصالحة سياسية عامة في العراق وصياغة المشروع الوطني العراقي , لكي يصبح مرجعية جماعية أولية لصياغة ترتيبات العملية الديمقراطية , وليس إخضاع الجميع لمقررات قانون الادارة الانتقالية المصمم لترتيب الانفراد السياسي من قبل ذات القوى , ومحاولة ايهام الرأي العام عن طريق الدعوات الاستهلاكية المجتزأة في سياق الخطاب الاعلامي اليومي للاشتراك في الانتخابات . في حين تتم الانتهاكات ضد القانون العراقي من قبل قوات الاحتلال أو مجموعات الأحزاب ومليشياتها يومياً سواء في القصف والقتل الجماعي للمدن العراقية الموصوفة بمدن الرفض , أو في قتل العراقيين أو تغييبهم أو سجنهم من دون محاكمة . إن استبدال إنفراد الحزب الواحد بمجموعة حزبية ذات تحالفات وقتية قفزت لواجهة الحكم عن طريق الدبابة الأمريكية , ليس انعطافاً حقيقياً للانتقال من العهد الدكتاتوري إلى مقدمات العهد الديمقراطي الذي يشكل أملاً حقيقياً وليس دعاية أو تسويقاً لمشروع التفتيت السياسي والاجتماعي , حيث تتم صياغة الانفراد الفئوي عن طريق قوة الاحتلال المسلحة وبإكراه الناس للذهاب إلى صناديق الاقتراع , وحرمان القوى الاخرى المعبرة عن مكونات سياسية واجتماعية كبيرة.
ثالثا ً - غياب الانجاز السياسي من قبل القوى المنفردة حالياً والمشتركة لوحدها في العملية الانتخابية , واستخدام شماعة "العمليات القتالية " كتبرير لتعزيز مواقعها وملء فراغ الانجاز السياسي الغائب خلال الشهور الستة عشر الماضية , الذي تمثل في عدم تحقيق الاستقرار الأمني أو تلبيات الحد الدنى من متطلبات الخدمات الضرورية في الماء والكهرباء . وتحاول الأحزاب الدينية التغطية على عجزها وعزلتها السياسية عن طريق التظلل بالمرجعيات والحوزات الدنية وفي مقدمتها حوزة السيد السيستاني لما يمتلكه من مكانة بين مقلديه من أبناء الطائفة الشيعية , مع إن هذه الورقة خاضعة للانقسام داخل أوساط الطائفة الشيعية ذاتها . إن أزمة القوى والأحزاب السائدة حالياً ومأزقها السياسي هي فيما تتحمله من مسؤوليات جماعية أمام الشعب لما واجهه من محن وكوارث ومصائب خلال الشهور الماضية وليس بالحديث عن المقارنة ما بين مظالم عهد انتهى والوضع الحالي , أو حول ميزة انجاز إزاحة حكم صدام , فهذه الخطوة الكبرى لا تمتلك جميع القوى والاحزاب العراقية فضلاً على العراقيين في انجازها .ولهذا فمن المعقول أن تنطلق جميع الاحزاب والقوى على خط شروع سياسي واحد .
رابعاً - إن أخطر عنصر من عناصر الخلط والايهام المسوقة إلى الأمريكان من قبل القوى والحركات الدينية ( الشيعية والسنية ) المنتفعة هي توزيع المكونات السياسية والاجتماعية العراقية على أساس طائفي , ودعوة القوى " الشيعية " إلى إعادة قواعد ومرتكزات الدولة العراقية التي هدمها الاجتياح العسكري ومعاونيه من العراقيين على أساس طائفي جديد , تحت ذريعة إن بناء الدولة العراقية الأولى تم على أساس طائفي " سني " خلافاً للواقع القائل بأن حكم تلك الدولة بزعامة الملك فيصل الأول قد قام على أساس عربي هاشمي وليس طائفي . وكذلك الايحاء للأمريكان بأن عرب العراق وقواهم السياسية معادون للمصالح الأمريكية ليتم تعزيز اقصائهم والانفراد بالعملية السياسية , أو إنهم قد يهددون بوسائل أخرى غير سياسية لضمان الوصول إلى السلطة مهما كلف الثمن حتى وإن كانت حرباً أهلية .
فالمشروع الاسلامي ( الشيعي ) يسعى إلى إقامة دولته سواء وفق ولاية الفقيه أو غيره , حتى وإن خففت المطالب والشعارات في اللحظة الراهنة لأغراض تاكتيكية , لابعاد الشبهة عن إيران , مع إن جميع الوقائع تدلل على ولاء عقائدي وسياسي مطلق لطهران . كما إن المشروع ( السني ) يسعى كذلك إلى بناء دولته ( الاسلامية ) مع ما يدعيه من تجديد وتجاوز للسلفية التقليدية , مع انه لا يمتلك سوى المرجعية الحزبية المعروفة بالاخوان المسلمين .
إن القوى العروبية الديمقراطية هي أكثر إقتراباً من التطلعات الديمقراطية التي ترفعها الشعارات الأمريكية . وهذه القوى ليست ذات جذور دينية أو قومية متطرفة , وانما تشكل تحالفاً وطنياً متعدد الطوائف والاعراق . سيكتشف الأمريكيون إن لم يكتشفوا لحد اللحظة إنهم قد تعرضوا لعملية إيهام ومخادعة سياسية كبرى مثلما وقعوا في مخادعة المعلومات حول الملف العراقي قبل سقوط نظام صدام واكتشفوا أوهامه خلال شهور قصيرة . وقد تكون الانتخابات إن تحققت في وقتها المقرر , وانا أشك في ذلك , القشة التي ستكسر ظهر البعير كما يقولون , وسيتعرض العراقيون إلى أفدح عملية تهميش لإرادتهم بإسم الديمقراطية , وسيواجه الأمريكان مأزق بناء العملية السياسية مجدداً وارتباط ذلك بأمن جنودهم إن لم يعيدوا ترتيب حساباتهم . والمطالبة العراقية بتأجيل الانتخابات تعبر عن موقف معتدل ليس من أجل التأجيل ولكن لقيام مؤتمر وطني عراقي موسع بأشراف الأمم المتحدة يعيد وضع العملية السياسية على أساس الرضى والتراضي بين جميع المكونات الاجتماعية والسياسية في العراق .
majidalsamarrai@hotmail.com