فاطمي
08-31-2012, 12:12 PM
الجمعة 31 أغسطس 2012 م
الجريدة الكويتية
UK Telegraph http://www.myelaph.com/elaphweb/Resources/images/NewsPapers/2012/8/week4/images%5B3%5D(1).jpg
يذكر مستشار بريطاني يشرف على برنامج تدريب المنشقين: «لا نحاول صنع الحكام أو الملوك في سورية، بل تسعى المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بحذر لتقديم المساعدة، نظراً إلى التطورات الأخيرة في سورية، وتحاولان تحسين قدرات المعارضة. فماذا سيحدث بعد سقوط الأسد؟ مَن سيدير شؤون الأراضي السورية؟ نريد أن نزوّد المدنيين بالمهارات الضرورية لأخذ القيادة».
نُقل عشرات المنشقين إلى خارج سورية لينعموا بدعم أجنبي، فيحصل مَن يتلقون المساعدات على وسائل اتصالات تعمل بالأقمار الاصطناعية وأجهزة كمبيوتر كي يتحوّلوا إلى “محاور” محلية تربط الناشطين المحليين بالعالم الخارجي.
تجري عملية التدريب في منطقة إسطنبول، حيث تصطف الأبنية السكنية الجميلة على جانبَي طرقات شديدة الانحدار وتطل الشرفات في أعلى هذه الأبنية على مناظر خلابة لواجهة القرن الذهبي المائية.
وراء الأبواب الموصدة يختفي ضجيج متاجر الألبسة والمقاهي في الهواء الطلق لتظهر على شاشات الكمبيوتر صور ورسوم برنامج بور بوينت (power point)، التي توثّق ما تعانيه سورية من فوضى ورعب.
يذكر مستشار بريطاني يشرف على هذا البرنامج: “لا نحاول صنع الحكام أو الملوك في سورية، بل تسعى المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بحذر لتقديم المساعدة، نظراً إلى التطورات الأخيرة في سورية، وتحاولان تحسين قدرات المعارضة. فماذا سيحدث بعد سقوط الأسد؟ مَن سيدير شؤون الأراضي السورية؟ نريد أن نزوّد المدنيين بالمهارات الضرورية لأخذ القيادة”.
عندما يصبح المنشقون جاهزين، يتلقون المساعدة لسدّ مواضع النقص المحلية في سورية، فضلاً عن نصائح فاعلة ومفيدة ممن يتعاطفون معهم.
لكن هؤلاء الناشطين يواجهون أيضاً تدقيقاً مكثفاً طوال يومَين قبل انضمامهم إلى البرنامج، غايته الحرص على عدم وقوع هذا البرنامج في فخّ الترويج لأجندات طائفية أو دعم عناصر متشددة شبيهة بمقاتلي تنظيم القاعدة.
يضيف المستشار البريطاني موضحاً: “بدل الترويج لأجندات سياسية في سورية، قد يكون من الأفضل تشكيل مجموعة مترابطة من الناس الذين يتشاطرون القيم ذاتها”.
يشرف على هذه الخطط مكتب دعم المعارضة السورية في وزارة الخارجية الأميركية ومسؤولون من وزارة الخارجية البريطانية. وقد خصصت الولايات المتحدة الأميركية 25 مليون دولار لدعم خصوم الرئيس بشار الأسد السياسيين، في حين وهبت بريطانيا 5 ملايين جنيه إسترليني لقضية الإطاحة بالنظام السوري الحالي.
تُعتبر مينا الحمصي (اسم مستعار) من المتخرجين الأوائل من الدورة التدريبية هذه، إذ تمضي الحمصي نهارها في التخطيط لكيفية توزيع رسائل تحض على التمرد في بلدها الأم من خلال شبكتها الخاصة التي تحمل الاسم “بسمة”. تشمل نشاطات الحمصي معالجة مشاهد فيديو التقطها هواة وتحويلها إلى شكل يمكن لوسائل البث والإعلام استخدامه.
وبالإضافة إلى إدارة منتديات تلفزيونية وإذاعية عبر شبكة الإنترنت، أعدّ فريق بسمة “عشرات آلاف” الملصقات الساخرة التي تصوّر الرئيس الأسد كبطة لا ريش لها. ويسعى هذا الفريق إلى توزيعها ليحض الناس على التمرد.
توضح الحمصي: “استمددنا الفكرة من رسائل إلكترونية بعثتها إلى الرئيس زوجته أسماء ودعته فيها بطتي، وقررنا أن تكون هذه البطة الهزلية بدون ريش لنظهر أن الأسد إمبراطور لا يرتدي أي ملابس. سيلصق الناس هذه الصور على الجدران، أبواب السيارات، آلات بيع المشروبات في المطاعم، وغيرها. وهكذا، يدرك مَن لم ينضمّوا بعد إلى الثورة أننا منتشرون في كل مكان”.
تبيّن منذ انتهاء الحرب الباردة أن للتدخل الأجنبي في الحروب الأهلية عواقب خطيرة، ولكن بعد أن اتضح أن الغزو خطوة مستحيلة في سورية، اضطر الدبلوماسيون إلى اللجوء إلى وسائل مبتكرة لحل هذه الأزمة.
كان إرث الامتناع عن التدخل بحد ذاته مصدر الوحي وراء الخطة التي تدعم راهناً فريق بسمة وغيره.
اقترحت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في البداية مبادرة لتوثيق الأدلة على الجرائم التي تُرتكب خلال القتال لاستخدامها لاحقاً في محاكمات محتملة في المحكمة الجنائية الدولية، لكن هذه المبادرة ما لبثت أن تحوّلت إلى مشروع ترعاه دول عدة هدفه بناء الطبقة الحاكمة التالية في سورية.
يشير المستشار البريطاني، الذي طلب عدم ذكر اسمه: “نشهد اليوم مرحلة نضوج لجيل بأكمله، أطلقت وزيرة الخارجية هذه المبادرة لتضمن أن مَن يرتكبون الجرائم في سورية سيُحاسبون على أفعالهم. وقد شكّل ما اختبرناه في البلقان تجربة تعلمنا منها دروساً كثيرة”.
ولكن مع تخصيص مبالغ كبيرة من الأموال الأميركية لخطة أوسع، نشأت الحاجة إلى تفادي أخطاء حربَي أفغانستان والعراق. فانعكس هذا الواقع على التخطيط لهذا البرنامج. يذكر المستشار البريطاني: “نتفادى أخطاء حربَي العراق وأفغانستان. فلا نرمي رزم المال، محاولين حل المشكلة بدون أي حسيب أو رقيب”.
أخبر جون ويلكس، دبلوماسي من وزارة الخارجية البريطانية عمل موفداً إلى المعارضة السورية، صحيفة الشرق الأوسط الأسبوعي الماضي أن بريطانيا بدأت العمل على إرساء أسس الديمقراطية في سورية لمرحلة ما بعد الأسد. وتابع موضحاً: “علينا تدريب الناشطين ليحكموا على صعيد محلي في القرى والمدن السورية في المرحلة الانتقالية عقب سقوط الأسد”.
لكن المسؤولين يصرّون على عدم تداخل المساعدة المدنية “السلمية” والحملة العسكرية التي يشنها المقاتلون الثوار في سورية.
أثارت هذه الخطة استياء المجلس الوطني السوري، المجموعة السورية المعارضة في المنفى. غير أن إخفاق هذا المجلس في تقديم جبهة موحدة ومتماسكة لمواجهة النظام دفع ببعض المسؤولين الغربيين إلى القول في بعض المجالس الخاصة إن الحكومات الأجنبية قررت أن تتخطى بدعمها هذه المجموعة المنفية.
ولكن في مكتب يحتوي القليل من الأثاث في أحد الأبراج قرب مطار إسطنبول جلس مسؤول من المجلس الوطني السوري وراح ينتقد وعود حلفائه الكاذبة. ذكر: “سمعنا وعوداً كثيرة منذ تأسيس المجلس الوطني السوري، إلا أن أياً منها لم يتحقق، ولا شك أن هذا انعكس سلباً على عملنا. تريد المعارضة السورية أن يقدّم العالم مساعدات إنسانية للشعب المحتاج، ويريد الجيش السوري الحر تدخلاً لمنع الطائرات الحربية من قصف مواقعه. لكن الحلفاء، بدلاً من ذلك، يغافلوننا ويقوّضون دورنا”.
يؤكد مسؤول في الحكومة البريطانية أن هذه الجهود لا تهدف إلى تشكيل بديل للمجلس الوطني السوري، إلا أنها وسيلة لتعزيز دور المنشقين الذين ما زالوا في سورية، وقد أكّدت أخيراً فيكتوريا نولاند، ناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، اعتماد هذا البرنامج، قائلة إن تأثيره الكامل لن يتضح إلا عندما يسقط الرئيس الأسد.
وأعلنت نولاند: “بدأت مجموعات داخل سورية وخارجها بالتخطيط ليوم سقوط الأسد، فتدرس هذه المجموعات الطرق الفضلى التي تتيح لها النهوض بسرعة خلال المرحلة الأولى من العملية الانتقالية على الأقل، وهكذا تتمكن من المضي قدماً بعد رحيل الأسد لأنه سيرحل لا محالة”.
الجريدة الكويتية
UK Telegraph http://www.myelaph.com/elaphweb/Resources/images/NewsPapers/2012/8/week4/images%5B3%5D(1).jpg
يذكر مستشار بريطاني يشرف على برنامج تدريب المنشقين: «لا نحاول صنع الحكام أو الملوك في سورية، بل تسعى المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بحذر لتقديم المساعدة، نظراً إلى التطورات الأخيرة في سورية، وتحاولان تحسين قدرات المعارضة. فماذا سيحدث بعد سقوط الأسد؟ مَن سيدير شؤون الأراضي السورية؟ نريد أن نزوّد المدنيين بالمهارات الضرورية لأخذ القيادة».
نُقل عشرات المنشقين إلى خارج سورية لينعموا بدعم أجنبي، فيحصل مَن يتلقون المساعدات على وسائل اتصالات تعمل بالأقمار الاصطناعية وأجهزة كمبيوتر كي يتحوّلوا إلى “محاور” محلية تربط الناشطين المحليين بالعالم الخارجي.
تجري عملية التدريب في منطقة إسطنبول، حيث تصطف الأبنية السكنية الجميلة على جانبَي طرقات شديدة الانحدار وتطل الشرفات في أعلى هذه الأبنية على مناظر خلابة لواجهة القرن الذهبي المائية.
وراء الأبواب الموصدة يختفي ضجيج متاجر الألبسة والمقاهي في الهواء الطلق لتظهر على شاشات الكمبيوتر صور ورسوم برنامج بور بوينت (power point)، التي توثّق ما تعانيه سورية من فوضى ورعب.
يذكر مستشار بريطاني يشرف على هذا البرنامج: “لا نحاول صنع الحكام أو الملوك في سورية، بل تسعى المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بحذر لتقديم المساعدة، نظراً إلى التطورات الأخيرة في سورية، وتحاولان تحسين قدرات المعارضة. فماذا سيحدث بعد سقوط الأسد؟ مَن سيدير شؤون الأراضي السورية؟ نريد أن نزوّد المدنيين بالمهارات الضرورية لأخذ القيادة”.
عندما يصبح المنشقون جاهزين، يتلقون المساعدة لسدّ مواضع النقص المحلية في سورية، فضلاً عن نصائح فاعلة ومفيدة ممن يتعاطفون معهم.
لكن هؤلاء الناشطين يواجهون أيضاً تدقيقاً مكثفاً طوال يومَين قبل انضمامهم إلى البرنامج، غايته الحرص على عدم وقوع هذا البرنامج في فخّ الترويج لأجندات طائفية أو دعم عناصر متشددة شبيهة بمقاتلي تنظيم القاعدة.
يضيف المستشار البريطاني موضحاً: “بدل الترويج لأجندات سياسية في سورية، قد يكون من الأفضل تشكيل مجموعة مترابطة من الناس الذين يتشاطرون القيم ذاتها”.
يشرف على هذه الخطط مكتب دعم المعارضة السورية في وزارة الخارجية الأميركية ومسؤولون من وزارة الخارجية البريطانية. وقد خصصت الولايات المتحدة الأميركية 25 مليون دولار لدعم خصوم الرئيس بشار الأسد السياسيين، في حين وهبت بريطانيا 5 ملايين جنيه إسترليني لقضية الإطاحة بالنظام السوري الحالي.
تُعتبر مينا الحمصي (اسم مستعار) من المتخرجين الأوائل من الدورة التدريبية هذه، إذ تمضي الحمصي نهارها في التخطيط لكيفية توزيع رسائل تحض على التمرد في بلدها الأم من خلال شبكتها الخاصة التي تحمل الاسم “بسمة”. تشمل نشاطات الحمصي معالجة مشاهد فيديو التقطها هواة وتحويلها إلى شكل يمكن لوسائل البث والإعلام استخدامه.
وبالإضافة إلى إدارة منتديات تلفزيونية وإذاعية عبر شبكة الإنترنت، أعدّ فريق بسمة “عشرات آلاف” الملصقات الساخرة التي تصوّر الرئيس الأسد كبطة لا ريش لها. ويسعى هذا الفريق إلى توزيعها ليحض الناس على التمرد.
توضح الحمصي: “استمددنا الفكرة من رسائل إلكترونية بعثتها إلى الرئيس زوجته أسماء ودعته فيها بطتي، وقررنا أن تكون هذه البطة الهزلية بدون ريش لنظهر أن الأسد إمبراطور لا يرتدي أي ملابس. سيلصق الناس هذه الصور على الجدران، أبواب السيارات، آلات بيع المشروبات في المطاعم، وغيرها. وهكذا، يدرك مَن لم ينضمّوا بعد إلى الثورة أننا منتشرون في كل مكان”.
تبيّن منذ انتهاء الحرب الباردة أن للتدخل الأجنبي في الحروب الأهلية عواقب خطيرة، ولكن بعد أن اتضح أن الغزو خطوة مستحيلة في سورية، اضطر الدبلوماسيون إلى اللجوء إلى وسائل مبتكرة لحل هذه الأزمة.
كان إرث الامتناع عن التدخل بحد ذاته مصدر الوحي وراء الخطة التي تدعم راهناً فريق بسمة وغيره.
اقترحت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في البداية مبادرة لتوثيق الأدلة على الجرائم التي تُرتكب خلال القتال لاستخدامها لاحقاً في محاكمات محتملة في المحكمة الجنائية الدولية، لكن هذه المبادرة ما لبثت أن تحوّلت إلى مشروع ترعاه دول عدة هدفه بناء الطبقة الحاكمة التالية في سورية.
يشير المستشار البريطاني، الذي طلب عدم ذكر اسمه: “نشهد اليوم مرحلة نضوج لجيل بأكمله، أطلقت وزيرة الخارجية هذه المبادرة لتضمن أن مَن يرتكبون الجرائم في سورية سيُحاسبون على أفعالهم. وقد شكّل ما اختبرناه في البلقان تجربة تعلمنا منها دروساً كثيرة”.
ولكن مع تخصيص مبالغ كبيرة من الأموال الأميركية لخطة أوسع، نشأت الحاجة إلى تفادي أخطاء حربَي أفغانستان والعراق. فانعكس هذا الواقع على التخطيط لهذا البرنامج. يذكر المستشار البريطاني: “نتفادى أخطاء حربَي العراق وأفغانستان. فلا نرمي رزم المال، محاولين حل المشكلة بدون أي حسيب أو رقيب”.
أخبر جون ويلكس، دبلوماسي من وزارة الخارجية البريطانية عمل موفداً إلى المعارضة السورية، صحيفة الشرق الأوسط الأسبوعي الماضي أن بريطانيا بدأت العمل على إرساء أسس الديمقراطية في سورية لمرحلة ما بعد الأسد. وتابع موضحاً: “علينا تدريب الناشطين ليحكموا على صعيد محلي في القرى والمدن السورية في المرحلة الانتقالية عقب سقوط الأسد”.
لكن المسؤولين يصرّون على عدم تداخل المساعدة المدنية “السلمية” والحملة العسكرية التي يشنها المقاتلون الثوار في سورية.
أثارت هذه الخطة استياء المجلس الوطني السوري، المجموعة السورية المعارضة في المنفى. غير أن إخفاق هذا المجلس في تقديم جبهة موحدة ومتماسكة لمواجهة النظام دفع ببعض المسؤولين الغربيين إلى القول في بعض المجالس الخاصة إن الحكومات الأجنبية قررت أن تتخطى بدعمها هذه المجموعة المنفية.
ولكن في مكتب يحتوي القليل من الأثاث في أحد الأبراج قرب مطار إسطنبول جلس مسؤول من المجلس الوطني السوري وراح ينتقد وعود حلفائه الكاذبة. ذكر: “سمعنا وعوداً كثيرة منذ تأسيس المجلس الوطني السوري، إلا أن أياً منها لم يتحقق، ولا شك أن هذا انعكس سلباً على عملنا. تريد المعارضة السورية أن يقدّم العالم مساعدات إنسانية للشعب المحتاج، ويريد الجيش السوري الحر تدخلاً لمنع الطائرات الحربية من قصف مواقعه. لكن الحلفاء، بدلاً من ذلك، يغافلوننا ويقوّضون دورنا”.
يؤكد مسؤول في الحكومة البريطانية أن هذه الجهود لا تهدف إلى تشكيل بديل للمجلس الوطني السوري، إلا أنها وسيلة لتعزيز دور المنشقين الذين ما زالوا في سورية، وقد أكّدت أخيراً فيكتوريا نولاند، ناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، اعتماد هذا البرنامج، قائلة إن تأثيره الكامل لن يتضح إلا عندما يسقط الرئيس الأسد.
وأعلنت نولاند: “بدأت مجموعات داخل سورية وخارجها بالتخطيط ليوم سقوط الأسد، فتدرس هذه المجموعات الطرق الفضلى التي تتيح لها النهوض بسرعة خلال المرحلة الأولى من العملية الانتقالية على الأقل، وهكذا تتمكن من المضي قدماً بعد رحيل الأسد لأنه سيرحل لا محالة”.