الناصع الحسب
08-17-2012, 02:51 AM
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/08/16/79491.gif (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2012/08/16/79491.gif)
أنس الفقي
القاهرة - علاء الدين طه
«وزير إعلام الست» أو «وزير إعلام الهانم»، هكذا كان يحلو للمعارضين تلقيب أنس الفقي آخر الوزراء في عصر مبارك. فالرجل ارتبط صعوده بسوزان مبارك، والأهم انه جاء في الفترة التي كان فيها مبارك قد ضعف، و«الهانم» هي الحاكم المسيطر على كل شيء من اختيار الوزراء، الى اختيار الرجال الذين يقفون الى جوار ابنها جمال لتحقيق حلمها في توريث الحكم.
وقد وثقت فيه للدرجة التي قالت عنه في أحد الأيام: «لدي ثلاثة أولاد.. جمال وعلاء وأنس».. فرد هو بنفاق أكبر، أو بعرفان حقيقي لدورها في حياته، بانه تلميذ في مدرسة سوزان مبارك، وهي الجملة التي أغضبت منه المثقفين والسياسيين، وجعلت المنتقدين لحكم العائلة يتصيدون له الأخطاء، ويعتبرون الهجوم عليه «فضيلة» من اجل الهجوم على نظام مبارك.
أنس أحمد نبيه الفقي، هذا اسمه بالكامل كما في البطاقة الشخصية. ولد في 14 أكتوبر 1960 بحارة عقل الشعبية المتفرعة من شارع زعيم زادة بالبحر الأعظم امام كازينو الحمام في الجيزة.
والده كان موجهاً للغة العربية. أنجب سبعة أطفال أحدهم أنس الفقي، كلهم نالوا حظاً من التعليم العالي، وتميزوا بالذكاء والموهبة والشهرة في تخصصاتهم.. إلا أن أنس تعثر في التعليم، فحصل على الثانوية العامة بمجموع ضعيف، ما جعله يسافر الى السودان ليلتحق بكلية التجارة بالخرطوم.
بعد عام عاد الى القاهرة ليحول أوراقه الى تجارة القاهرة، وتخرج من الكلية بتقدير متواضع. وعلى الرغم من ذلك لم تكن في رأسه فكرة أن يعمل موظفاً وكانت طموحاته كبيرة.. كان يريد أن يصبح مشهورا وعظيماً.. فتخبط وبدأ حياته بالانتماء الى فرقة رضا للرقص الشعبي. ظهر راقصاً على تابلوهات ورقصات رضا الشهيرة التي بهرت العالم، وفي هذه الفترة راجت غرامياته مع فتيات الرقص الشعبي.. لكنه سرعان ما ترك الفرقة بسبب ضعف العائد المادي من الرقص.
ميلاد جديد
في عام 1987 كان على موعد مع ميلاد جديد له حيث قرر العمل في إحدى الشركات التي تطبع وتنشر الموسوعات المتخصصة في الطبخ وفي العلاقات العامة وفي التاريخ والجغرافيا وفي الزهور والفلك.. كانت سوق هذه الموسوعات رائجة للغاية، فحقق من ورائها مكاسب سريعة جعلته يستقل بعمله.
ثم قرر التوسع بنشر كتب الأطفال وحكايات ما قبل النوم التي راجت، فكانت بوابة التعارف بينه وسوزان مبارك، والطريق الذي سيصل به الى الصعود السريع ليكون أصغر وزير إعلام في تاريخ مصر حيث تولى المنصب وعمره لم يتجاوز الأربعة والأربعين عاماً.
رحلة الصعود
تاريخ تعارفه بسوزان مبارك غير محدد.. في رواية يقال ان مكتبه كان الى جوار احدى الدور المتكاملة للرعاية التي كانت ترأسها سوزان مبارك، فتقدم متطوعاً بها ليتعرف على سوزان مبارك، ثم تبرع بمبلغ 25 ألف جنيه لجهود السيدة الأولى في هذه الجمعية، فالتقطته عينها، وقررت تصعيده.
وفي رواية أخرى أنه اختير ضمن لجنة لإخراج فكرة موسوعة للطفل التي أطلقتها سوزان مبارك.. واقترح في الاجتماع تسميتها بموسوعة سوزان مبارك للطفل، وهو ما نال استحسانها، لكنها رفضت اقتراحه حتى لا يوجه أحد إليها النقد.
وفي رواية أخرى أن قيمة الموسوعة التي طبعها للطفل كانت مليون جنيه، وعندما وصله الشيك الحكومي عن طبعه للموسوعة، رده لسوزان، معلناً أنه متطوع لهذه المهمة الجليلة فنال إعجابها، وسعدت به.
ابن البيت
في هذه الفترة توطدت علاقة أنس بسوزان مبارك وابنيها، وعلى الأخص جمال. فقد سافر بحكم عمله لفترة الى لندن، فتعلم اللغة الإنكليزية بطلاقة.. وحسب روايات المقربين منه كان يحضر الهدايا الثمينة لسوزان وجمال وعلاء.. واعتبر احد أبناء البيت لأنه كان قريب السن من جمال.
وفور استقراره بمصر رشحته سوزان مبارك لوزير الثقافة فاروق حسني من أجل إسناد مهمة له بوزارة الثقافة تستفيد من مواهبه، فوضعه في قطاع قصور الثقافة مشرفاً على المطبوعات، ثم رئيساً لقصور الثقافة بعد أشهر في عام 2002.. وهو ما جعله ينهي عمله الخاص بالموسوعات ويتفرغ للوظيفة الحكومية محيطاً نفسه بمجموعة أطلق عليها مجموعة تطوير الثقافة في مصر.
ولم يمر عامان حتى تم تعيينه وزيراً للشباب والرياضة عقب فضيحة حصول مصر على صفر في تنظيم مونديال 2010 بتصويت أعضاء الفيفا.. كأن الأحداث كانت تتآمر لتضع هذا الرجل في دور أكبر، فلم تمر عدة أشهر أخرى حتى أُتي به في وزارة الإعلام عقب الدكتور ممدوح البلتاجي، الذي فشل في إدارة الوزارة بعد صفوت الشريف، وتآمر عليه الجميع، حتى اصيب بنزيف في المخ وسافر الى فرنسا للعلاج. وفور عودته من العلاج كان القرار الذي اتخذته سوزان مبارك مع ابنها جمال إقالة البلتاجي، وتعيين أنس الفقي وزيراً للإعلام.
قلب الرئيس
لم يضف انس الفقي جديداً على وزارة الإعلام، لكنه حوّلها الى إعلام لخدمة مشروع توريث جمال مبارك الحكم.. والغريب أنه نجح بمهارة في أن يمتلك قلب الرئيس مبارك شخصياً دون وسيط من أحد، ولخدمة اهداف الحزب الوطني المنحل. وكان الوزير الوحيد الذي يستطيع ان يذهب الى القصر الجمهوري ويزور العائلة دون سابق موعد، ليشارك في الطعام وفي الحكايات وفي إدارة الدولة، وفي الوقت نفسه وطد علاقاته بكل رجال الأعمال.. وحسب أحد البلاغات التي حققت فيها النيابة العامة، وتأكدت صحتها بعد الثورة، فان أنس الفقي حصل على ساعة ذهبية ثمينة من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى من أجل أن يظهر في التلفزيون لكي يدافع عن نفسه بمجرد أن شاعت أخبار تورطه في قضية مقتل اللبنانية سوزان تميم.
زواج معلن.. وسري
في حياة أنس الفقي زوجة واحدة هي سحر صلاح الدين حسن سليم، التي حرص دائماً على ابقائها بعيداً عن أروقة السياسة وعن الأضواء، فلم تظهر سوى في عدد من الحفلات الرسمية أو المناسبات الاجتماعية. وقد ارتبط بها بعد قصة حب وأنجب منها هنا وأحمد.. على أنه في الكواليس تداول الجميع إشاعة قصة زواجه سراً من سكرتيرته، التي قابلها في إحدى زياراته الى واشنطن قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، وكانت تعمل موظفة في البنك الدولي. أقنعها بالعمل معه في وزارة الإعلام، فوافقت.. فعينها مذيعة بإذاعة البرامج الموجهة وألحقها بمكتبه وأسند إليها ملفا من أهم وأخطر الملفات.. ملف تطوير قطاع التلفزيون الذي أهدر فيه أموالا تصل قيمتها إلى 2,2 مليار جنيه، وهي كانت تتقاضى شهريا راتبا قيمته 65 ألف جنيه.
طقوس يومية
عند التحاق انس الفقي بالعمل كوزير للاعلام عاد إلى مكتب صفوت الشريف الأساسي والملحق به غرفة النوم، بعد أن قام ممدوح البلتاجي بتغيير مكان المكتب في عهده، حيث اصر الفقي على العودة إلى مكتب صفوت الشريف، ويقال انه كان يصر على اختبار أي مذيعة جديدة تدخل التلفزيون بنفسه.. وكان من طقوسه اليومية في الوزارة أنه يعمل حتى الخامسة مساءً، بعدها يغلق عليه مكتبه بماسبيرو ويرتدي ملابس رياضية بدلاً من الملابس الرسمية، ويطلب البيتزا التي يعشقها، والتي يشاركه فيها المقربون منه من الجنسين.
ومن طقوسه أيضاً التي عرفت بعد الثورة أنه كان يقضي عدة ساعات مع مبارك على الهاتف أو في القصر يخبره فيها بالحكايات السرية والجديدة للفنانين والإعلاميين.. وهو الأمر الذي كشفته كواليس لقاء مبارك الأخير بالفنانين في 28 سبتمبر 2010. كان من الفنانين الحاضرين الدكتور أشرف زكي نقيب الممثلين السابق، ويحيى الفخراني، وحسين فهمي، ويسرا، ومنى زكي، وعزت العلايلي، ومنة شلبي، ونيللي كريم ومحمود ياسين، بحضور أنس الفقي وزير الإعلام وفاروق حسني وزير الثقافة، وحسب ما نشر رسمياً فاللقاء تطرق إلى عدد من الموضوعات الفنية.. على ان الكواليس التي أكدها الفنانون، أن الرئيس أصر على أن تكون منة شلبي ضمن الوفد.. ورددوا انه كان قبل اللقاء استمع من الفقي لمعلومات كثيرة عن الفنانة الشابة لأنه كان معجباً بها..
واهتمام الرئيس بمنة بصورة خاصة أثار ضيق الفنانين الآخرين، لأن مبارك لم يهتم بهم بقدر ما كان حريصا على الاستماع لمنة شلبي وتوجيه الكلام إليها.. قالوا ان الرئيس كان يعرف كل شيء عن منة شلبي، لدرجة أنه سألها عن أحداث ووقائع حدثت لها ولم تكن معروفة لمعظم الموجودين من الفنانين.
منة من جانبها حكت تفاصيل لقائها بالرئيس وقالت، إنها لم تكن لها علاقة بالسياسة في يوم من الأيام.. و«أن ما حدث هو تكريم لفنان من رئيس بلده، وأنه حين عرض عليَّ نقيب الممثلين السابق أشرف زكي هذا الأمر اندهشت ولم أستوعب الأمر، لأنني غير مسيّسة أو تابعة إلى أي حزب»، إلا أن زكي أكد لها أنه لقاء فني ولا يمت إلى السياسة بصلة، وان الرئيس سيسلم عليها ويكرمها، فوافقت كغيرها.
استغلال المطربين
فوق ذلك حاول الفقي أن يجعل من المطربين مجرد حنجرة للتغني بحكم مبارك، خاصة بعد مرضه الأخير. فقد أكدت شيرين عبد الوهاب أن أغنية «ريسنا» جاءت بتكليف من أنس الفقي، وكانت مترددة في البداية لأنها سبق لها الغناء لمصر من قبل، فخشيت من عدم وجود جديد، إلا أن الفقي قال لها «أنت صوت مصر، والرئيس يحب سماعك».. وأكدت شيرين بعد الثورة انها خافت ان ترفض فيتم التضييق عليها.
التوجيه نفسه تلقاه هاني شاكر من انس الفقي ليغنَّي على الفور أغنيته «نوّرت مصر»، التي لحنها محمد ضياء.. وقال المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم، إنه تلقى مكالمة من أنس الفقي، فاتصل على الفور بالشاعر الغنائي إسلام خليل، كاتب أغنياته، ليقدما أغنية «مبروك شفاك يا ريس».
ولم يكن الفقي يعلم أنه هذه هي المهام الأخيرة له كوزير للإعلام، حيث ستقوم الثورة سريعاً.. وبعد فشل خطة العادلي في أول يوم للثورة.. سيقضي وقته يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه ما بين ماسبيرو والقصر.. وعقب التنحي سيعود مكتئباً الى منزله، وسيحاول في الساعات التالية الهروب الى لندن لكنه سيفشل.. ليتم القبض عليه بعدها متهماً بالعديد من القضايا ما بين تضليل الشعب وإثارته الى إهدار أمول المصريين الى تضخم الثروة الى أشياء أخرى عديدة!
(انتهى)
أنس الفقي
القاهرة - علاء الدين طه
«وزير إعلام الست» أو «وزير إعلام الهانم»، هكذا كان يحلو للمعارضين تلقيب أنس الفقي آخر الوزراء في عصر مبارك. فالرجل ارتبط صعوده بسوزان مبارك، والأهم انه جاء في الفترة التي كان فيها مبارك قد ضعف، و«الهانم» هي الحاكم المسيطر على كل شيء من اختيار الوزراء، الى اختيار الرجال الذين يقفون الى جوار ابنها جمال لتحقيق حلمها في توريث الحكم.
وقد وثقت فيه للدرجة التي قالت عنه في أحد الأيام: «لدي ثلاثة أولاد.. جمال وعلاء وأنس».. فرد هو بنفاق أكبر، أو بعرفان حقيقي لدورها في حياته، بانه تلميذ في مدرسة سوزان مبارك، وهي الجملة التي أغضبت منه المثقفين والسياسيين، وجعلت المنتقدين لحكم العائلة يتصيدون له الأخطاء، ويعتبرون الهجوم عليه «فضيلة» من اجل الهجوم على نظام مبارك.
أنس أحمد نبيه الفقي، هذا اسمه بالكامل كما في البطاقة الشخصية. ولد في 14 أكتوبر 1960 بحارة عقل الشعبية المتفرعة من شارع زعيم زادة بالبحر الأعظم امام كازينو الحمام في الجيزة.
والده كان موجهاً للغة العربية. أنجب سبعة أطفال أحدهم أنس الفقي، كلهم نالوا حظاً من التعليم العالي، وتميزوا بالذكاء والموهبة والشهرة في تخصصاتهم.. إلا أن أنس تعثر في التعليم، فحصل على الثانوية العامة بمجموع ضعيف، ما جعله يسافر الى السودان ليلتحق بكلية التجارة بالخرطوم.
بعد عام عاد الى القاهرة ليحول أوراقه الى تجارة القاهرة، وتخرج من الكلية بتقدير متواضع. وعلى الرغم من ذلك لم تكن في رأسه فكرة أن يعمل موظفاً وكانت طموحاته كبيرة.. كان يريد أن يصبح مشهورا وعظيماً.. فتخبط وبدأ حياته بالانتماء الى فرقة رضا للرقص الشعبي. ظهر راقصاً على تابلوهات ورقصات رضا الشهيرة التي بهرت العالم، وفي هذه الفترة راجت غرامياته مع فتيات الرقص الشعبي.. لكنه سرعان ما ترك الفرقة بسبب ضعف العائد المادي من الرقص.
ميلاد جديد
في عام 1987 كان على موعد مع ميلاد جديد له حيث قرر العمل في إحدى الشركات التي تطبع وتنشر الموسوعات المتخصصة في الطبخ وفي العلاقات العامة وفي التاريخ والجغرافيا وفي الزهور والفلك.. كانت سوق هذه الموسوعات رائجة للغاية، فحقق من ورائها مكاسب سريعة جعلته يستقل بعمله.
ثم قرر التوسع بنشر كتب الأطفال وحكايات ما قبل النوم التي راجت، فكانت بوابة التعارف بينه وسوزان مبارك، والطريق الذي سيصل به الى الصعود السريع ليكون أصغر وزير إعلام في تاريخ مصر حيث تولى المنصب وعمره لم يتجاوز الأربعة والأربعين عاماً.
رحلة الصعود
تاريخ تعارفه بسوزان مبارك غير محدد.. في رواية يقال ان مكتبه كان الى جوار احدى الدور المتكاملة للرعاية التي كانت ترأسها سوزان مبارك، فتقدم متطوعاً بها ليتعرف على سوزان مبارك، ثم تبرع بمبلغ 25 ألف جنيه لجهود السيدة الأولى في هذه الجمعية، فالتقطته عينها، وقررت تصعيده.
وفي رواية أخرى أنه اختير ضمن لجنة لإخراج فكرة موسوعة للطفل التي أطلقتها سوزان مبارك.. واقترح في الاجتماع تسميتها بموسوعة سوزان مبارك للطفل، وهو ما نال استحسانها، لكنها رفضت اقتراحه حتى لا يوجه أحد إليها النقد.
وفي رواية أخرى أن قيمة الموسوعة التي طبعها للطفل كانت مليون جنيه، وعندما وصله الشيك الحكومي عن طبعه للموسوعة، رده لسوزان، معلناً أنه متطوع لهذه المهمة الجليلة فنال إعجابها، وسعدت به.
ابن البيت
في هذه الفترة توطدت علاقة أنس بسوزان مبارك وابنيها، وعلى الأخص جمال. فقد سافر بحكم عمله لفترة الى لندن، فتعلم اللغة الإنكليزية بطلاقة.. وحسب روايات المقربين منه كان يحضر الهدايا الثمينة لسوزان وجمال وعلاء.. واعتبر احد أبناء البيت لأنه كان قريب السن من جمال.
وفور استقراره بمصر رشحته سوزان مبارك لوزير الثقافة فاروق حسني من أجل إسناد مهمة له بوزارة الثقافة تستفيد من مواهبه، فوضعه في قطاع قصور الثقافة مشرفاً على المطبوعات، ثم رئيساً لقصور الثقافة بعد أشهر في عام 2002.. وهو ما جعله ينهي عمله الخاص بالموسوعات ويتفرغ للوظيفة الحكومية محيطاً نفسه بمجموعة أطلق عليها مجموعة تطوير الثقافة في مصر.
ولم يمر عامان حتى تم تعيينه وزيراً للشباب والرياضة عقب فضيحة حصول مصر على صفر في تنظيم مونديال 2010 بتصويت أعضاء الفيفا.. كأن الأحداث كانت تتآمر لتضع هذا الرجل في دور أكبر، فلم تمر عدة أشهر أخرى حتى أُتي به في وزارة الإعلام عقب الدكتور ممدوح البلتاجي، الذي فشل في إدارة الوزارة بعد صفوت الشريف، وتآمر عليه الجميع، حتى اصيب بنزيف في المخ وسافر الى فرنسا للعلاج. وفور عودته من العلاج كان القرار الذي اتخذته سوزان مبارك مع ابنها جمال إقالة البلتاجي، وتعيين أنس الفقي وزيراً للإعلام.
قلب الرئيس
لم يضف انس الفقي جديداً على وزارة الإعلام، لكنه حوّلها الى إعلام لخدمة مشروع توريث جمال مبارك الحكم.. والغريب أنه نجح بمهارة في أن يمتلك قلب الرئيس مبارك شخصياً دون وسيط من أحد، ولخدمة اهداف الحزب الوطني المنحل. وكان الوزير الوحيد الذي يستطيع ان يذهب الى القصر الجمهوري ويزور العائلة دون سابق موعد، ليشارك في الطعام وفي الحكايات وفي إدارة الدولة، وفي الوقت نفسه وطد علاقاته بكل رجال الأعمال.. وحسب أحد البلاغات التي حققت فيها النيابة العامة، وتأكدت صحتها بعد الثورة، فان أنس الفقي حصل على ساعة ذهبية ثمينة من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى من أجل أن يظهر في التلفزيون لكي يدافع عن نفسه بمجرد أن شاعت أخبار تورطه في قضية مقتل اللبنانية سوزان تميم.
زواج معلن.. وسري
في حياة أنس الفقي زوجة واحدة هي سحر صلاح الدين حسن سليم، التي حرص دائماً على ابقائها بعيداً عن أروقة السياسة وعن الأضواء، فلم تظهر سوى في عدد من الحفلات الرسمية أو المناسبات الاجتماعية. وقد ارتبط بها بعد قصة حب وأنجب منها هنا وأحمد.. على أنه في الكواليس تداول الجميع إشاعة قصة زواجه سراً من سكرتيرته، التي قابلها في إحدى زياراته الى واشنطن قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، وكانت تعمل موظفة في البنك الدولي. أقنعها بالعمل معه في وزارة الإعلام، فوافقت.. فعينها مذيعة بإذاعة البرامج الموجهة وألحقها بمكتبه وأسند إليها ملفا من أهم وأخطر الملفات.. ملف تطوير قطاع التلفزيون الذي أهدر فيه أموالا تصل قيمتها إلى 2,2 مليار جنيه، وهي كانت تتقاضى شهريا راتبا قيمته 65 ألف جنيه.
طقوس يومية
عند التحاق انس الفقي بالعمل كوزير للاعلام عاد إلى مكتب صفوت الشريف الأساسي والملحق به غرفة النوم، بعد أن قام ممدوح البلتاجي بتغيير مكان المكتب في عهده، حيث اصر الفقي على العودة إلى مكتب صفوت الشريف، ويقال انه كان يصر على اختبار أي مذيعة جديدة تدخل التلفزيون بنفسه.. وكان من طقوسه اليومية في الوزارة أنه يعمل حتى الخامسة مساءً، بعدها يغلق عليه مكتبه بماسبيرو ويرتدي ملابس رياضية بدلاً من الملابس الرسمية، ويطلب البيتزا التي يعشقها، والتي يشاركه فيها المقربون منه من الجنسين.
ومن طقوسه أيضاً التي عرفت بعد الثورة أنه كان يقضي عدة ساعات مع مبارك على الهاتف أو في القصر يخبره فيها بالحكايات السرية والجديدة للفنانين والإعلاميين.. وهو الأمر الذي كشفته كواليس لقاء مبارك الأخير بالفنانين في 28 سبتمبر 2010. كان من الفنانين الحاضرين الدكتور أشرف زكي نقيب الممثلين السابق، ويحيى الفخراني، وحسين فهمي، ويسرا، ومنى زكي، وعزت العلايلي، ومنة شلبي، ونيللي كريم ومحمود ياسين، بحضور أنس الفقي وزير الإعلام وفاروق حسني وزير الثقافة، وحسب ما نشر رسمياً فاللقاء تطرق إلى عدد من الموضوعات الفنية.. على ان الكواليس التي أكدها الفنانون، أن الرئيس أصر على أن تكون منة شلبي ضمن الوفد.. ورددوا انه كان قبل اللقاء استمع من الفقي لمعلومات كثيرة عن الفنانة الشابة لأنه كان معجباً بها..
واهتمام الرئيس بمنة بصورة خاصة أثار ضيق الفنانين الآخرين، لأن مبارك لم يهتم بهم بقدر ما كان حريصا على الاستماع لمنة شلبي وتوجيه الكلام إليها.. قالوا ان الرئيس كان يعرف كل شيء عن منة شلبي، لدرجة أنه سألها عن أحداث ووقائع حدثت لها ولم تكن معروفة لمعظم الموجودين من الفنانين.
منة من جانبها حكت تفاصيل لقائها بالرئيس وقالت، إنها لم تكن لها علاقة بالسياسة في يوم من الأيام.. و«أن ما حدث هو تكريم لفنان من رئيس بلده، وأنه حين عرض عليَّ نقيب الممثلين السابق أشرف زكي هذا الأمر اندهشت ولم أستوعب الأمر، لأنني غير مسيّسة أو تابعة إلى أي حزب»، إلا أن زكي أكد لها أنه لقاء فني ولا يمت إلى السياسة بصلة، وان الرئيس سيسلم عليها ويكرمها، فوافقت كغيرها.
استغلال المطربين
فوق ذلك حاول الفقي أن يجعل من المطربين مجرد حنجرة للتغني بحكم مبارك، خاصة بعد مرضه الأخير. فقد أكدت شيرين عبد الوهاب أن أغنية «ريسنا» جاءت بتكليف من أنس الفقي، وكانت مترددة في البداية لأنها سبق لها الغناء لمصر من قبل، فخشيت من عدم وجود جديد، إلا أن الفقي قال لها «أنت صوت مصر، والرئيس يحب سماعك».. وأكدت شيرين بعد الثورة انها خافت ان ترفض فيتم التضييق عليها.
التوجيه نفسه تلقاه هاني شاكر من انس الفقي ليغنَّي على الفور أغنيته «نوّرت مصر»، التي لحنها محمد ضياء.. وقال المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم، إنه تلقى مكالمة من أنس الفقي، فاتصل على الفور بالشاعر الغنائي إسلام خليل، كاتب أغنياته، ليقدما أغنية «مبروك شفاك يا ريس».
ولم يكن الفقي يعلم أنه هذه هي المهام الأخيرة له كوزير للإعلام، حيث ستقوم الثورة سريعاً.. وبعد فشل خطة العادلي في أول يوم للثورة.. سيقضي وقته يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه ما بين ماسبيرو والقصر.. وعقب التنحي سيعود مكتئباً الى منزله، وسيحاول في الساعات التالية الهروب الى لندن لكنه سيفشل.. ليتم القبض عليه بعدها متهماً بالعديد من القضايا ما بين تضليل الشعب وإثارته الى إهدار أمول المصريين الى تضخم الثروة الى أشياء أخرى عديدة!
(انتهى)