زوربا
08-16-2012, 12:09 AM
يعد الباحث الشيعي محمد مجتهد شبستري من أكثر المفكرين الإصلاحيين تأثيرا في إيران.
وفي حديثه مع يان كولمان يبيّن الباحث الإيراني أسباب عدم تناقض الإسلام مع الديمقراطية.
لقد قلت ذات مرة إنَّ الإسلام دين وليس برنامجًا سياسيًا، بيد أنَّ الكثيرين من علماء الدين الآخرين يقولون بعدم إمكان فصل الدين عن الدولة أو الدين عن السياسة،فهل يجانب ممثلو وجهة النظر هذه الصواب برأيك؟
محمد مجتهد شبستري: يمكن لنا أن نتوقع من الدين مبادئا أخلاقية ينبغي مراعاتها في السياسة أيضًا. لكن لا يمكن أنْ نتوقّع من الدين برنامجًا سياسيًا من أجل بلوغ أهدافٍ اجتماعيةٍ معيّنة. الدين بحسب فهمي علاقة بين الإنسان والله، يتحدّث الإنسان فيها إلى خالقه ويستمع إليه، ويتحرّر داخليًا. لذلك أرى أنَّ الدين ليس برنامجًا سياسيًا والإسلام بدوره ليس كذلك.
هل تدعو إذًا إلى فصلٍ واضحٍ بين الدين والدولة؟ هذا موقفٌ غير معهودٍ بين علماء الدين والفقهاء المسلمين.
محمد مجتهد شبستري: أنا مع الرأي القائل بأنّ المؤسسات الدينية والمؤسسات السياسية هي مؤسساتٌ مختلفةٌ وذات مهام مختلفة.أي أنَّ هذه المقاربة ترى وجود فصل.
ولكن هذا لا يعني أنَّ تديُّن الناس لا يمكنه أن يعطي السياسة دوافع أخلاقية ومعنوية. هذا ممكن، لذلك لا أقول أن السياسة والدين منفصلان عن بعضهما البعض، إنما أقول دائمًا إنه ينبغي أن تكون المؤسسات السياسية والمؤسسات الدينية منفصلة عن بعضها البعض. وبطبيعة الحال من الممكن لا بل وينبغي أن يكون بينهم تعاون.
http://www.dw.de/image/0,,15642767_402,00.jpg
كبار رجال الدين مثل أولئك الذين ينتمون إلى مدرسة الأزهر العريقة يدعمون سلطتهم من خلال الارتكاز إلى مصادر تقليدية. بيد أنَّشكل المجتمع العصري لا يمكن استنباطه من القرآن، بل أنه يُشكِّل في عصرنا واقعًا لا محيد عنه ، كما يرى شبستري.
يستند علماء الدين المسلمون في أقوالهم إلى القرآن والسنَّة، إلى أحاديث وأفعال النبي محمد. أين تجد في المراجع والمصادر الإسلامية الدلائل على أطروحاتك؟
محمد مجتهد شبستري: هذه الأمور لا يمكن استنباطها من القرآن أو السنَّة. وهذا الفصل يُشكِّل في عصرنا واقعًا لا محيد عنه، لأن هذه المؤسسات قد تمَّ فصلها. وهذا لم يجرِ بأمرٍ من أحد. والمؤسسات السياسية والدينية كما نفهمها اليوم لم تكُن موجودةً على الإطلاق في عهد النبي،بل كان هناك ارتباط بين السياسة والدين في مجمل عالم ذلك العصر.
كان أسلوب الحياة في المدينة أومكة بسيطًا للغاية. وما حدث وقتذاك لا يمكن أنْ يكون مِثالاً يُحتذى به اليوم، حيث يعيش المسلمون في أنظمة اجتماعية ذكية يوجد فيها مؤسسات متنوعة ومختلفة تمامًا، ولأجل قيامها نحن بحاجة إلى تطوير خطة فعلية بالاستناد إلى العقل، وهي شيء لا يمكن استنباطه من القرآن.
كان الإسلام في عصره الذهبي معروفًا بخوضه محاورات جدلية وتعددية. إلا أن الواقع يبدو في وقتنا هذا مختلفًا في كثيرٍ من البلدان الإسلامية. حيث هامش حرية التفكير ضيق، بينما حيِّز تحريم التفكير عريض. كيف يمكن ضمان المزيد من حرية التفكير في البلدان الإسلامية؟
محمد مجتهد شبستري: هذا أمرٌ مرهونٌ بالتطوّر السياسي، وفيما إذا تطوّر شعب ما إلى مدىً يتيح له فهم ماهية الحرية ويجعله يطالب بحرية التعبير. عندما يتحرر الشعب بهذا الأسلوب سوف يطالب بالحرية. وإذا لم يتحرر فلن يطالب بالحرية. نشهد اليوم في البلدان الإسلامية جنوحًا قويًا صوب الحرية. أما سبب عدم تطوُّر هذا فعليًا، فتلك مسألة أخرى تتعلق بالعقبات السياسية وبأنظمة الحكم في هذه البلدان. وهذه بالأحرى صعوبات ثقافية لا علاقة لها بالإسلام أو بالدين. إنه وللأسف واقعٌ ثقافيٌ رجعي.
الكثير من الناس في البلدان العربية ذاتها وفي الخارج على حدٍّ سواء يعقدون الأمل على مزيد من الديمقراطيةفي ظل الانتفاضات العربية. بينما هناك من يقول إنَّ الإسلام لا يسمح بالأساس بوجود الديمقراطية. كيف ترى ذلك؟
محمد مجتهد شبستري: لطالما قلت إنَّ السؤال عما إذا كان الإسلام يتوافق مع الديمقراطية هو سؤال خاطئ. والسؤال الصحيح هو: هل يريد المسلمون الديمقراطية أم لا؟ وإجابتي هي: عندما يريد المسلمون الديمقراطية سوف يجدون تأويلاً إسلاميًا يتوافق مع الديمقراطية. وإن كانوا لا يريدون الديمقراطية فلن يجدوا هكذا تأويلا.
يعتمد الإسلام على التأويل، تمامًا كما هي الحال لدى أي دين آخر. والمؤولون هم أولئك الذين يقررون أسلوب تأويل هذا الدين، ويحددون هدف تأويلهم، ويحددون منهج التأويل. وإذا كان المؤولون أشخاصًا جيّدي المعرفة والعلم ويريدون تحقق الحرّية والديمقراطية وصون حقوق الإنسان، سوف يؤوِّلون الدين أيضًا على هذا النحو.
http://www.dw.de/image/0,,16047793_401,00.jpg
أثار الربيع العربي في الغرب على وجه الخصوص تساؤلات حول قدرة المواطنين المدنيين العرب على اعتماد الديمقراطية. محمد مجتهد شبستري على يقين بأنه: "عندما يريد المسلمون الديمقراطية سوف يجدون تأويلًا إسلاميًا يتوافق مع الديمقراطية".
أولئك الذين يدَّعون أن الإسلام والديموقراطية لا يتوافقان مع بعضهما البعض يستندون إلى أنَّ الفقه الإسلامي التقليدي يقول بأنَّ: السيادة العليا هي الله. وفي الديمقراطية يشكل الشعب السيادة العليا. فكيف يمكن التوفيق بين هاتين المقولتين؟
محمد مجتهد شبستري: يوجد في ألمانيا حزب "الاتحاد المسيحي الديمقراطي". فهل يمثّل الله السيادة العليا في هذا الحزب؟ الجواب نعم، رغم ذلك تعيشون في بلد ديمقراطي.
إذن لا يمكن القول إنه عندما يؤمن إنسانٌ أو شعبٌ بأنَّ الله هو السيادة العليا، سوف يعني هذا تلقائيًا أنه ضد الديمقراطية. ولماذا ينبغي أن يكون الأمر كذلك؟
لا سيما وأنه يمكن للمرء أنْ يؤمن بأنَّ الله هو السيادة العليا، كما يمكن بالرغم من ذلك في الحياة الإنسانية وفي الحياة الاجتماعية القول: نعم، أنا حرٌّ، وأنت حرّ والآخرون كذلك أيضًا،فالأمر يتعلق هنا بالحرية بين بني البشر وليس بالحرية بين الله والإنسان.
الحرية والديمقراطية يعنيان نظامًا معيّنًا يضبط العلاقة بين البشر. وهذا لا علاقة له بكون الله هو السيادة العليا. إذن لطالما يُساء استخدام الحجة القائلة: عندما يكون الله السيادة العليا، فلا مكان للديمقراطية. ولكن هذا غير صحيح.
هل يجري استخدام الإسلام لأغراض غير ذات صلة؟
محمد مجتهد شبستري: يمكن استخدام أي دين لأغراضٍ غير ذات صلة، وليس الدين الإسلامي فقط. لقد تعرضت المسيحية أيضًا وأديانٌ أخرى للاستغلال. بيد أنَّ مهمتنا هي الحيلولة دون استخدام الإسلام أداةً لإقامة نظامٍ دكتاتوري.
dw.de
وفي حديثه مع يان كولمان يبيّن الباحث الإيراني أسباب عدم تناقض الإسلام مع الديمقراطية.
لقد قلت ذات مرة إنَّ الإسلام دين وليس برنامجًا سياسيًا، بيد أنَّ الكثيرين من علماء الدين الآخرين يقولون بعدم إمكان فصل الدين عن الدولة أو الدين عن السياسة،فهل يجانب ممثلو وجهة النظر هذه الصواب برأيك؟
محمد مجتهد شبستري: يمكن لنا أن نتوقع من الدين مبادئا أخلاقية ينبغي مراعاتها في السياسة أيضًا. لكن لا يمكن أنْ نتوقّع من الدين برنامجًا سياسيًا من أجل بلوغ أهدافٍ اجتماعيةٍ معيّنة. الدين بحسب فهمي علاقة بين الإنسان والله، يتحدّث الإنسان فيها إلى خالقه ويستمع إليه، ويتحرّر داخليًا. لذلك أرى أنَّ الدين ليس برنامجًا سياسيًا والإسلام بدوره ليس كذلك.
هل تدعو إذًا إلى فصلٍ واضحٍ بين الدين والدولة؟ هذا موقفٌ غير معهودٍ بين علماء الدين والفقهاء المسلمين.
محمد مجتهد شبستري: أنا مع الرأي القائل بأنّ المؤسسات الدينية والمؤسسات السياسية هي مؤسساتٌ مختلفةٌ وذات مهام مختلفة.أي أنَّ هذه المقاربة ترى وجود فصل.
ولكن هذا لا يعني أنَّ تديُّن الناس لا يمكنه أن يعطي السياسة دوافع أخلاقية ومعنوية. هذا ممكن، لذلك لا أقول أن السياسة والدين منفصلان عن بعضهما البعض، إنما أقول دائمًا إنه ينبغي أن تكون المؤسسات السياسية والمؤسسات الدينية منفصلة عن بعضها البعض. وبطبيعة الحال من الممكن لا بل وينبغي أن يكون بينهم تعاون.
http://www.dw.de/image/0,,15642767_402,00.jpg
كبار رجال الدين مثل أولئك الذين ينتمون إلى مدرسة الأزهر العريقة يدعمون سلطتهم من خلال الارتكاز إلى مصادر تقليدية. بيد أنَّشكل المجتمع العصري لا يمكن استنباطه من القرآن، بل أنه يُشكِّل في عصرنا واقعًا لا محيد عنه ، كما يرى شبستري.
يستند علماء الدين المسلمون في أقوالهم إلى القرآن والسنَّة، إلى أحاديث وأفعال النبي محمد. أين تجد في المراجع والمصادر الإسلامية الدلائل على أطروحاتك؟
محمد مجتهد شبستري: هذه الأمور لا يمكن استنباطها من القرآن أو السنَّة. وهذا الفصل يُشكِّل في عصرنا واقعًا لا محيد عنه، لأن هذه المؤسسات قد تمَّ فصلها. وهذا لم يجرِ بأمرٍ من أحد. والمؤسسات السياسية والدينية كما نفهمها اليوم لم تكُن موجودةً على الإطلاق في عهد النبي،بل كان هناك ارتباط بين السياسة والدين في مجمل عالم ذلك العصر.
كان أسلوب الحياة في المدينة أومكة بسيطًا للغاية. وما حدث وقتذاك لا يمكن أنْ يكون مِثالاً يُحتذى به اليوم، حيث يعيش المسلمون في أنظمة اجتماعية ذكية يوجد فيها مؤسسات متنوعة ومختلفة تمامًا، ولأجل قيامها نحن بحاجة إلى تطوير خطة فعلية بالاستناد إلى العقل، وهي شيء لا يمكن استنباطه من القرآن.
كان الإسلام في عصره الذهبي معروفًا بخوضه محاورات جدلية وتعددية. إلا أن الواقع يبدو في وقتنا هذا مختلفًا في كثيرٍ من البلدان الإسلامية. حيث هامش حرية التفكير ضيق، بينما حيِّز تحريم التفكير عريض. كيف يمكن ضمان المزيد من حرية التفكير في البلدان الإسلامية؟
محمد مجتهد شبستري: هذا أمرٌ مرهونٌ بالتطوّر السياسي، وفيما إذا تطوّر شعب ما إلى مدىً يتيح له فهم ماهية الحرية ويجعله يطالب بحرية التعبير. عندما يتحرر الشعب بهذا الأسلوب سوف يطالب بالحرية. وإذا لم يتحرر فلن يطالب بالحرية. نشهد اليوم في البلدان الإسلامية جنوحًا قويًا صوب الحرية. أما سبب عدم تطوُّر هذا فعليًا، فتلك مسألة أخرى تتعلق بالعقبات السياسية وبأنظمة الحكم في هذه البلدان. وهذه بالأحرى صعوبات ثقافية لا علاقة لها بالإسلام أو بالدين. إنه وللأسف واقعٌ ثقافيٌ رجعي.
الكثير من الناس في البلدان العربية ذاتها وفي الخارج على حدٍّ سواء يعقدون الأمل على مزيد من الديمقراطيةفي ظل الانتفاضات العربية. بينما هناك من يقول إنَّ الإسلام لا يسمح بالأساس بوجود الديمقراطية. كيف ترى ذلك؟
محمد مجتهد شبستري: لطالما قلت إنَّ السؤال عما إذا كان الإسلام يتوافق مع الديمقراطية هو سؤال خاطئ. والسؤال الصحيح هو: هل يريد المسلمون الديمقراطية أم لا؟ وإجابتي هي: عندما يريد المسلمون الديمقراطية سوف يجدون تأويلاً إسلاميًا يتوافق مع الديمقراطية. وإن كانوا لا يريدون الديمقراطية فلن يجدوا هكذا تأويلا.
يعتمد الإسلام على التأويل، تمامًا كما هي الحال لدى أي دين آخر. والمؤولون هم أولئك الذين يقررون أسلوب تأويل هذا الدين، ويحددون هدف تأويلهم، ويحددون منهج التأويل. وإذا كان المؤولون أشخاصًا جيّدي المعرفة والعلم ويريدون تحقق الحرّية والديمقراطية وصون حقوق الإنسان، سوف يؤوِّلون الدين أيضًا على هذا النحو.
http://www.dw.de/image/0,,16047793_401,00.jpg
أثار الربيع العربي في الغرب على وجه الخصوص تساؤلات حول قدرة المواطنين المدنيين العرب على اعتماد الديمقراطية. محمد مجتهد شبستري على يقين بأنه: "عندما يريد المسلمون الديمقراطية سوف يجدون تأويلًا إسلاميًا يتوافق مع الديمقراطية".
أولئك الذين يدَّعون أن الإسلام والديموقراطية لا يتوافقان مع بعضهما البعض يستندون إلى أنَّ الفقه الإسلامي التقليدي يقول بأنَّ: السيادة العليا هي الله. وفي الديمقراطية يشكل الشعب السيادة العليا. فكيف يمكن التوفيق بين هاتين المقولتين؟
محمد مجتهد شبستري: يوجد في ألمانيا حزب "الاتحاد المسيحي الديمقراطي". فهل يمثّل الله السيادة العليا في هذا الحزب؟ الجواب نعم، رغم ذلك تعيشون في بلد ديمقراطي.
إذن لا يمكن القول إنه عندما يؤمن إنسانٌ أو شعبٌ بأنَّ الله هو السيادة العليا، سوف يعني هذا تلقائيًا أنه ضد الديمقراطية. ولماذا ينبغي أن يكون الأمر كذلك؟
لا سيما وأنه يمكن للمرء أنْ يؤمن بأنَّ الله هو السيادة العليا، كما يمكن بالرغم من ذلك في الحياة الإنسانية وفي الحياة الاجتماعية القول: نعم، أنا حرٌّ، وأنت حرّ والآخرون كذلك أيضًا،فالأمر يتعلق هنا بالحرية بين بني البشر وليس بالحرية بين الله والإنسان.
الحرية والديمقراطية يعنيان نظامًا معيّنًا يضبط العلاقة بين البشر. وهذا لا علاقة له بكون الله هو السيادة العليا. إذن لطالما يُساء استخدام الحجة القائلة: عندما يكون الله السيادة العليا، فلا مكان للديمقراطية. ولكن هذا غير صحيح.
هل يجري استخدام الإسلام لأغراض غير ذات صلة؟
محمد مجتهد شبستري: يمكن استخدام أي دين لأغراضٍ غير ذات صلة، وليس الدين الإسلامي فقط. لقد تعرضت المسيحية أيضًا وأديانٌ أخرى للاستغلال. بيد أنَّ مهمتنا هي الحيلولة دون استخدام الإسلام أداةً لإقامة نظامٍ دكتاتوري.
dw.de