مجاهدون
01-02-2005, 08:08 AM
العالم يحتفل بمائة عام على تقديم أنشتاين لأول أعماله
http://www.asharqalawsat.com/2005/01/02/images/technology.274845.jpg
مع حلول العام 2005 الجديد، يحتفل العالم بالعالم الدولي للفيزياء. كما يحتفل بأهم الانجازات التي تحققت في هذا الميدان، ومنها تلك التي بدأت مسيرتها على يد العالم الفذ ألبرت أنشتاين الذي قدم للنشر عام 1905 دفعة من اعماله التي هزّت النظريات القديمة ومهدت لفتوحات عظيمة.
وقد وضع أنشتاين الشاب الذي كان يعمل في مكتب براءة الاختراعات في بيرن في سويسرا، ذلك العام، اسس نظريات العلم الحديث سواء نظرية الكمّ التي تفسر عالم الاجسام المتناهية في الصغر ـ عالم الذرات، والنظرية النسبية لعالم الاجسام الكبيرة جدا. ومهدت اعماله لفهم طبيعة الطاقة والكتلة والحركة والزمان والمكان. وارسل أنشتاين اول مقالاته الى مجلة «أنالين دير فيزيك» في مارس (آذار) 1905 بعد ثلاثة ايام من عيد ميلاده السادس والعشرين. وكانت موجهة لتفسير الظاهرة الكهروضوئية.
* الظاهرة الكهروضوئية
* كانت التجارب المختبرية للعلماء قد اظهرت ان الالكترونات تنبعث من السطوح المعدنية عند تسليط الضوء عليها. ولم يستطع العلماء تفسير اسباب تغير سرعة الالكترونات المنبعثة مع تغيير لون الضوء، مع انهم لاحظوا تغير عددها مع تغيير شدة الضوء. واقترح أنشتاين نظريته بأن شعاع الضوء يتألف من دقائق متناهية في الصغر سميت «كمّة الضوء» (الفوتون كما سميت في ما بعد). وعندما تزداد شدة الضوء يزداد عدد هذه «الكمّات الضوئية» الساقطة على سطح المعدن، ويخرج عدد أكبر من الالكترونات. الا ان سرعة الالكترونات المنبعثة تزداد فقط، عندما يتغير لون الضوء من الاحمر نحو البنفسجي في نطاق الطيف الشمسي.
وهكذا عاد انشتاين الى نظرية قديمة كانت تقول إن الضوء يتكون من جسيمات منفصلة متدفقة. وقد تلاشت تلك النظرية مع ظهور النظرية الموجية للضوء التي تمكنت من شرح ظاهرة حيود الضوء (انعراج شعاع الضوء المستقيم مثلا لدى مروره من ثقب صغير) او تداخله. الا انه اكد مع ذلك، ان الضوء يظل يحمل صفة موجية، وان الضوء يتميز بتردداته. وبهذه النظرية دخل الفيزياء المفهوم المزدوج للضوء: فهو يتكون من فوتونات، كما ان له صفات الموجة. وتفسر كلتا هاتين الصفتين ظواهر ضوئية مختلفة.
وقد فاز انشتاين بجائزة نوبل عام 1922 عن عمله العلمي هذا لتفسير الظاهرة الكهروضوئية. كما تلقت نفس المجلة في 11 مايو (ايار) من نفس العام 1905 مقالة اخرى للعالم الشاب حول الحركة البراونية، وهي الحركة العشوائية التي تلاحظ في السوائل التي رصدها تحت المجهر عام 1827 العالم الاسكوتلندي روبرت براون. وشرح أنشتاين الظاهرة بحركة الجزيئات التي لا ترى بالعين، في زمن كان اغلب العلماء يشككون فيه بوجود الذرات اصلا.
* نسبية أنشتاين
* الا ان اعظم مقالاته المقدمة في ذلك العام كانت «النسبية الخاصة» التي استلمت يوم 30 يونيو (حزيران) 1905. وكانت هذه النظرية تطمح الى مواءمة قوانين نيوتن الكلاسيكية حول الحركة، مع النظرية الكهرومغناطيسية التي قدمها العالم الاسكوتلندي جيمس ماكسويل في سبعينات القرن التاسع عشر. ووفقا لقوانين نيوتن الكلاسيكية فانه لا توجد حركة مطلقة بل هي نسبية، فحركة السيارة وسرعتها ترصد نسبة الى الارض، او حتى نسبة الى القمر او الى مجرة بعيدة.
كما ان الحركة يمكن ان تحدث بسرعة الضوء. اما ماكسويل فقد اعلن في نظريته ان سرعة الضوء في الفراغ ثابتة (300 الف كلم في الثانية)، وهي قيمة مطلقة. ولحسم التضارب بين النظريتين قال أنشتاين انه يقبل بالمبدأين المتناقضين، واعلن ان سرعة الضوء ثابتة لا تتغير مهما كانت سرعة أي مراقب نسبة الى المصدر الذي ينطلق منه شعاع الضوء. ولذلك فان الذي سيتغير هو المكان (المسافة) والزمان اللذان «سيتشوهان». وهذان العاملان الفيزيائيان يرتبطان مباشرة بالسرعة التي هي حاصل قسمة الازاحة (المسافة) على الزمن.
وأدارت نظرية انشتاين الشاب الرؤوس، اذ انه اعلن ان عقارب ساعة الزمن ستتباطأ ان حدث وتحركت الساعة بسرعة. الا ان عقارب الساعة الساكنة لن تتباطأ في حركتها! وفي سبتمبر (ايلول) نفس العام نشر انشتاين مقالة قصيرة عن علاقة الكتلة بالطاقة، قال فيها ان الجسم الذي يحرر طاقته، بفعل الاشعاع مثلا، يفقد جزءا متناسبا من كتلته. وبعد عامين من ذلك اعلن ان العكس صحيح ايضا، أي ان الكتلة لها طاقة. وطرح معادلته الشهيرة «الطاقة E تساوي حاصل ضرب الكتلة m مع مربع سرعة الضوء c2» E=mc2)) التي تجاوزت شهرتها حدود العالم! وبهذه النظرية فان فناء الكتلة سيؤدي الى تحرير طاقة هائلة.
* القنبلة الذرية
* ويمكن تحرير طاقة جبارة (لأن قيمة العامل الفيزيائي c تصل الى 300 مليون متر في الثانية) من كمية صغيرة من الكتلة من نواة العناصر الثقيلة مثل البلوتونيوم. واعتبر انشتاين هذه المعادلة أهم ناتج للنظرية النسبية التي وضعها. وأضحت القنبلة الذرية التي صنعت في اربعينات القرن الماضي البرهان الحقيقي لهذه المعادللة التاريخية، رغم ان انشتاين لم يساهم في تطويرها.
ولا يزال المؤرخون مندهشين كيف ابتسم الحظ للعالم الشاب بعد قيام مجلة علمية محترمة بنشر مقالاته الثورية الغريبة. ورغم ان اعمال انشتاين هذه شملت مواضيع فيزيائية متباينة الا ان العلماء الالمان في معهد ماكس بلانك يعتقدون بانه كانت لدى انشتاين الشاب «نظرة عالمية» انطلقت من فهمه للعالم من أساسيات وجود الذرات والجزيئات والالكترونات وكمات من الطاقة. وفي عام 1915 طور العالم نظرية النسبية العامة التي شملت ايضا مجال الجاذبية والتي قلبت قوانين نيوتن حول الجاذبية.
وابتسم القدر لأنشتاين ابتسامة تاريخية لن تنساها الاجيال عام 1919 عندما هللت الصحافة العالمية لأنباء تأكيد العلماء صحة نظريته النسبية العامة بعد ان تحققوا من قياس لإنعراج ضوء صادر من نجم بعيد بسبب الجاذبية. وهكذا اجتازت رؤية انشتاين وافكاره الألمعية كل حدود النظريات العلمية القديمة، وتحقق حلمه منذ ايام شبابه الاولى بأن «يمتطي» شعاع الضوء.
http://www.asharqalawsat.com/2005/01/02/images/technology.274845.jpg
مع حلول العام 2005 الجديد، يحتفل العالم بالعالم الدولي للفيزياء. كما يحتفل بأهم الانجازات التي تحققت في هذا الميدان، ومنها تلك التي بدأت مسيرتها على يد العالم الفذ ألبرت أنشتاين الذي قدم للنشر عام 1905 دفعة من اعماله التي هزّت النظريات القديمة ومهدت لفتوحات عظيمة.
وقد وضع أنشتاين الشاب الذي كان يعمل في مكتب براءة الاختراعات في بيرن في سويسرا، ذلك العام، اسس نظريات العلم الحديث سواء نظرية الكمّ التي تفسر عالم الاجسام المتناهية في الصغر ـ عالم الذرات، والنظرية النسبية لعالم الاجسام الكبيرة جدا. ومهدت اعماله لفهم طبيعة الطاقة والكتلة والحركة والزمان والمكان. وارسل أنشتاين اول مقالاته الى مجلة «أنالين دير فيزيك» في مارس (آذار) 1905 بعد ثلاثة ايام من عيد ميلاده السادس والعشرين. وكانت موجهة لتفسير الظاهرة الكهروضوئية.
* الظاهرة الكهروضوئية
* كانت التجارب المختبرية للعلماء قد اظهرت ان الالكترونات تنبعث من السطوح المعدنية عند تسليط الضوء عليها. ولم يستطع العلماء تفسير اسباب تغير سرعة الالكترونات المنبعثة مع تغيير لون الضوء، مع انهم لاحظوا تغير عددها مع تغيير شدة الضوء. واقترح أنشتاين نظريته بأن شعاع الضوء يتألف من دقائق متناهية في الصغر سميت «كمّة الضوء» (الفوتون كما سميت في ما بعد). وعندما تزداد شدة الضوء يزداد عدد هذه «الكمّات الضوئية» الساقطة على سطح المعدن، ويخرج عدد أكبر من الالكترونات. الا ان سرعة الالكترونات المنبعثة تزداد فقط، عندما يتغير لون الضوء من الاحمر نحو البنفسجي في نطاق الطيف الشمسي.
وهكذا عاد انشتاين الى نظرية قديمة كانت تقول إن الضوء يتكون من جسيمات منفصلة متدفقة. وقد تلاشت تلك النظرية مع ظهور النظرية الموجية للضوء التي تمكنت من شرح ظاهرة حيود الضوء (انعراج شعاع الضوء المستقيم مثلا لدى مروره من ثقب صغير) او تداخله. الا انه اكد مع ذلك، ان الضوء يظل يحمل صفة موجية، وان الضوء يتميز بتردداته. وبهذه النظرية دخل الفيزياء المفهوم المزدوج للضوء: فهو يتكون من فوتونات، كما ان له صفات الموجة. وتفسر كلتا هاتين الصفتين ظواهر ضوئية مختلفة.
وقد فاز انشتاين بجائزة نوبل عام 1922 عن عمله العلمي هذا لتفسير الظاهرة الكهروضوئية. كما تلقت نفس المجلة في 11 مايو (ايار) من نفس العام 1905 مقالة اخرى للعالم الشاب حول الحركة البراونية، وهي الحركة العشوائية التي تلاحظ في السوائل التي رصدها تحت المجهر عام 1827 العالم الاسكوتلندي روبرت براون. وشرح أنشتاين الظاهرة بحركة الجزيئات التي لا ترى بالعين، في زمن كان اغلب العلماء يشككون فيه بوجود الذرات اصلا.
* نسبية أنشتاين
* الا ان اعظم مقالاته المقدمة في ذلك العام كانت «النسبية الخاصة» التي استلمت يوم 30 يونيو (حزيران) 1905. وكانت هذه النظرية تطمح الى مواءمة قوانين نيوتن الكلاسيكية حول الحركة، مع النظرية الكهرومغناطيسية التي قدمها العالم الاسكوتلندي جيمس ماكسويل في سبعينات القرن التاسع عشر. ووفقا لقوانين نيوتن الكلاسيكية فانه لا توجد حركة مطلقة بل هي نسبية، فحركة السيارة وسرعتها ترصد نسبة الى الارض، او حتى نسبة الى القمر او الى مجرة بعيدة.
كما ان الحركة يمكن ان تحدث بسرعة الضوء. اما ماكسويل فقد اعلن في نظريته ان سرعة الضوء في الفراغ ثابتة (300 الف كلم في الثانية)، وهي قيمة مطلقة. ولحسم التضارب بين النظريتين قال أنشتاين انه يقبل بالمبدأين المتناقضين، واعلن ان سرعة الضوء ثابتة لا تتغير مهما كانت سرعة أي مراقب نسبة الى المصدر الذي ينطلق منه شعاع الضوء. ولذلك فان الذي سيتغير هو المكان (المسافة) والزمان اللذان «سيتشوهان». وهذان العاملان الفيزيائيان يرتبطان مباشرة بالسرعة التي هي حاصل قسمة الازاحة (المسافة) على الزمن.
وأدارت نظرية انشتاين الشاب الرؤوس، اذ انه اعلن ان عقارب ساعة الزمن ستتباطأ ان حدث وتحركت الساعة بسرعة. الا ان عقارب الساعة الساكنة لن تتباطأ في حركتها! وفي سبتمبر (ايلول) نفس العام نشر انشتاين مقالة قصيرة عن علاقة الكتلة بالطاقة، قال فيها ان الجسم الذي يحرر طاقته، بفعل الاشعاع مثلا، يفقد جزءا متناسبا من كتلته. وبعد عامين من ذلك اعلن ان العكس صحيح ايضا، أي ان الكتلة لها طاقة. وطرح معادلته الشهيرة «الطاقة E تساوي حاصل ضرب الكتلة m مع مربع سرعة الضوء c2» E=mc2)) التي تجاوزت شهرتها حدود العالم! وبهذه النظرية فان فناء الكتلة سيؤدي الى تحرير طاقة هائلة.
* القنبلة الذرية
* ويمكن تحرير طاقة جبارة (لأن قيمة العامل الفيزيائي c تصل الى 300 مليون متر في الثانية) من كمية صغيرة من الكتلة من نواة العناصر الثقيلة مثل البلوتونيوم. واعتبر انشتاين هذه المعادلة أهم ناتج للنظرية النسبية التي وضعها. وأضحت القنبلة الذرية التي صنعت في اربعينات القرن الماضي البرهان الحقيقي لهذه المعادللة التاريخية، رغم ان انشتاين لم يساهم في تطويرها.
ولا يزال المؤرخون مندهشين كيف ابتسم الحظ للعالم الشاب بعد قيام مجلة علمية محترمة بنشر مقالاته الثورية الغريبة. ورغم ان اعمال انشتاين هذه شملت مواضيع فيزيائية متباينة الا ان العلماء الالمان في معهد ماكس بلانك يعتقدون بانه كانت لدى انشتاين الشاب «نظرة عالمية» انطلقت من فهمه للعالم من أساسيات وجود الذرات والجزيئات والالكترونات وكمات من الطاقة. وفي عام 1915 طور العالم نظرية النسبية العامة التي شملت ايضا مجال الجاذبية والتي قلبت قوانين نيوتن حول الجاذبية.
وابتسم القدر لأنشتاين ابتسامة تاريخية لن تنساها الاجيال عام 1919 عندما هللت الصحافة العالمية لأنباء تأكيد العلماء صحة نظريته النسبية العامة بعد ان تحققوا من قياس لإنعراج ضوء صادر من نجم بعيد بسبب الجاذبية. وهكذا اجتازت رؤية انشتاين وافكاره الألمعية كل حدود النظريات العلمية القديمة، وتحقق حلمه منذ ايام شبابه الاولى بأن «يمتطي» شعاع الضوء.