أمان أمان
07-30-2012, 02:54 AM
اليوم العالمي للتسول (كريكشون أو قرقيعان)
د.عبدالعزيز بن ندى العتيبي - الوطن
2012/07/29
http://alwatan.kuwait.tt/resources/media/writer/301_w.png
لقد منَّ الله علينا بغناه، وأكرمنا بنعم كثيرة ظاهرة وباطنة، قال تعالى: {وَإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إن اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 18]، وقال: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إن كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [النحل: 114]، وما هذه النعم الا اختبار وابتلاء للعباد، وقد جاءت الأخبار بذلك في الأثر كما رواه البخاري (3158)، ومسلم (2961) في «صحيحيهما» من حديث عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم ان تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم»، وفي رواية للبخاري (6425): «وتُلْهيكم كما أَلْهتهم». ولقد أرسلت النعم من السماء والأرض حتى لا نقع ضحية للتسول واستجداء الآخرين، مرددين لكلمات محفوظة استعطافاً للأغنياء والميسورين (أعطونا الله يعطيكم).
القيام بدور المتسولين عمل لا أصل له
فماذا حدث وأُحدِث بعد ان فتحت الأبواب، وبسطت الدنيا بأنواع الخيرات، وفضلنا الله على كثير من خلقه؟، ما هذه الظاهرة السلبية وما الأمر المخترع؟! حيث يقوم بعض الناس في سواحل الخليج العربي باحياء ليلة النصف من رمضان بما يسمى بالقرقيعان أو الناصفة أو كريكشون، وهي عبارة عن تمثيلية احتفالية وتشبه بالفقراء والمساكين والقيام بدور المتسولين، قيام بعمل وطريقة لا يعرف له أصل في القرون الذهبية لهذه الأمة، فلم يُعرف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عهد خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، بل كانوا يحيون تلك الليلة بالقيام والعبادة والاستغفار، وكذا الصحابة والتابعون ومن تبعهم باحسان على مدى الأزمنة والعصور.
ما الغاية من إحياء تمثيلية سنوية لعملية التسول؟!
لماذا نشجع أبناءنا ونحثهم على القيام بممارسة دور المتسولين؟! فنيابة عن الفقراء المتسولين جعلنا التسول فرحة، والاستجداء بهجة، والتشبث بأطراف الأثرياء سرورا. هل ذلك العمل والاحتفال لنعلن تضامناً مع المتسولين في جميع أنحاء العالم؟ حتى لا يشعر متسول بحياء أو خجل من هذه المهنة، أم لنعلن ان التسول غير محرم ولا مذمة فيه أو منقصة؟ أم هو دورة تدريبية لتطوير القدرات (بل هزيمة وكسر للذات)، حتى يتعلم أبناؤنا ثقافة هذه المهنة، فتبقى محفوظة في الذهن ومحفورة، تتناقلها الأجيال، مما يسهل استدعاؤها من الذاكرة، عند الحاجة أو لغير حاجة لممارسة مهنة التسول.
من وُلد في التصف من شعبان والنصف من رمضان (بين قصير ورمضان)؟!
لمعرفة السر في اختيار ليلة النصف من رمضان توقيتاً تاريخياً لهذا الاحتفال، واتخاذه يوم تضامنٍ مع المتسولين في أنحاء المعمورة، كان لابد من قراءة التاريخ والنظر في أحوال الأمم وما وافقها مما اتخذه بعض الناس مناسبة وعيداً.
لقد وُجد ان تزامناً تاريخياً بين هذا التسول (الكريكشون) وولادة الحسن بن على بن أبي طالب رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت ولادته في النصف من رمضان، فهل هناك علاقة؟! ولكن وجدنا ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذه يوماً خاصاً للمسلمين، ولا لآل بيت النبوة، بل لم يجعل من مولد النبي صلى الله عليه وسلم ذاته (سيد ولد آدم) عيداً، وكذلك خلفاؤه من بعده، وفي خلافة أبي الحسن على بن أبي طالب رضي الله عنه لم يجعل من مولد ابنه الحسن رضي الله عنه عبادة وعادة للناس، كما لم يفعل شيئا مشابهاً لنفسه، ولا غيره من الصحابة، وأبناء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
لماذا نردد: بين قصير (شعبان) ورمضان؟
هنالك توافق آخر فقد ولد محمد بن الحسن العسكري في النصف من شعبان، فكانت الموالد والاحتفالات بالكريكشون والناصفة (القرقيعان)، تبدأ في منتصف شعبان (قصيّر) ومنتصف رمصان، ومن ثم جُمعت في أزمنة متأخرة في ليلة النصف من رمضان.
لماذا نكسر العزة في أبنائنا ونمارس الهزيمة واذلال الذات؟!
ان مشاهد هذه الصورة، وهذا النظام التسولي، كسر لهيبة الذات، وزرع لِهزيمة داخلية في جزء من جسد الأمة، دون شعور أو قصد، وهذا الدفع بالأبناء ليتجاسروا على مد اليد، وطلب المساعدة والعون تمثيلاً أو حقيقة، ممارسة لسلوك غير سوي، مخالف للعزة وطلب العلو الشريف، وقد ذمَّ الشرع المسألة وهي: سؤال الناس وطلب العطاء منهم، ولنا دليل فيما رواه مسلم (1038) في «صحيحه» من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ولا تسألوا الناس شيئا»، وقد كان الكلام في جمع من الصحابة فأورث هذا التوجيه أدباً رفيعاً، فكان عوف بن مالك بعد ذلك يقول: (فلقد رأيت بعض أولئك النَّفر يسقط سوطُ أحدهم، فما يسأل أحداً يناوِلُه اياه).
نصوص شرعية في ذم المسألة والتسول حقيقة أو تمثيلاً
-1 روى البخاري (1469)، ومسلم (1053) في «صحيحيهما» من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر».
-2 وروى البخاري (1429)، ومسلم (1041) في «صحيحيهما» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة».
-3 وروى البخاري (1474)، ومسلم (1040) في «صحيحيهما» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مُزْعَةُ لَحمٍ».
-4 وروى مسلم (1041) في «صحيحه» من حديث أَبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس تَكَثُّراً فانما يسأل جمراً، فليستقلَّ أو ليستكثِرْ».
-5 وروى الامام أحمد في «المسند» (5/10، 19، 22)، وأبو داود (1639)، والترمذي (681)، والنسائي (2599، 2600) في «السنن» باسناد صحيح من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء كدح وجهه ومن شاء ترك، الا ان يسأل الرجل ذا سلطانٍ أو شيئاً لا يجد منه بداً»، وفي رواية: «ان المسألة كَدٌّ يَكُدُّ بها الرجل وجهه»، والكدوح: من الكدح بمعنى الجرح والخدوش.والكد: التعب والنصب.وأخيراً أدعو الله لنا ولاخواننا المسلمين بالعودة للعهد الجميل والحمد لله رب العالمين.
د.عبدالعزيز بن ندى العتيبي
http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?Id=211290&WriterId=301
د.عبدالعزيز بن ندى العتيبي - الوطن
2012/07/29
http://alwatan.kuwait.tt/resources/media/writer/301_w.png
لقد منَّ الله علينا بغناه، وأكرمنا بنعم كثيرة ظاهرة وباطنة، قال تعالى: {وَإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إن اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 18]، وقال: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إن كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [النحل: 114]، وما هذه النعم الا اختبار وابتلاء للعباد، وقد جاءت الأخبار بذلك في الأثر كما رواه البخاري (3158)، ومسلم (2961) في «صحيحيهما» من حديث عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم ان تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم»، وفي رواية للبخاري (6425): «وتُلْهيكم كما أَلْهتهم». ولقد أرسلت النعم من السماء والأرض حتى لا نقع ضحية للتسول واستجداء الآخرين، مرددين لكلمات محفوظة استعطافاً للأغنياء والميسورين (أعطونا الله يعطيكم).
القيام بدور المتسولين عمل لا أصل له
فماذا حدث وأُحدِث بعد ان فتحت الأبواب، وبسطت الدنيا بأنواع الخيرات، وفضلنا الله على كثير من خلقه؟، ما هذه الظاهرة السلبية وما الأمر المخترع؟! حيث يقوم بعض الناس في سواحل الخليج العربي باحياء ليلة النصف من رمضان بما يسمى بالقرقيعان أو الناصفة أو كريكشون، وهي عبارة عن تمثيلية احتفالية وتشبه بالفقراء والمساكين والقيام بدور المتسولين، قيام بعمل وطريقة لا يعرف له أصل في القرون الذهبية لهذه الأمة، فلم يُعرف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عهد خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، بل كانوا يحيون تلك الليلة بالقيام والعبادة والاستغفار، وكذا الصحابة والتابعون ومن تبعهم باحسان على مدى الأزمنة والعصور.
ما الغاية من إحياء تمثيلية سنوية لعملية التسول؟!
لماذا نشجع أبناءنا ونحثهم على القيام بممارسة دور المتسولين؟! فنيابة عن الفقراء المتسولين جعلنا التسول فرحة، والاستجداء بهجة، والتشبث بأطراف الأثرياء سرورا. هل ذلك العمل والاحتفال لنعلن تضامناً مع المتسولين في جميع أنحاء العالم؟ حتى لا يشعر متسول بحياء أو خجل من هذه المهنة، أم لنعلن ان التسول غير محرم ولا مذمة فيه أو منقصة؟ أم هو دورة تدريبية لتطوير القدرات (بل هزيمة وكسر للذات)، حتى يتعلم أبناؤنا ثقافة هذه المهنة، فتبقى محفوظة في الذهن ومحفورة، تتناقلها الأجيال، مما يسهل استدعاؤها من الذاكرة، عند الحاجة أو لغير حاجة لممارسة مهنة التسول.
من وُلد في التصف من شعبان والنصف من رمضان (بين قصير ورمضان)؟!
لمعرفة السر في اختيار ليلة النصف من رمضان توقيتاً تاريخياً لهذا الاحتفال، واتخاذه يوم تضامنٍ مع المتسولين في أنحاء المعمورة، كان لابد من قراءة التاريخ والنظر في أحوال الأمم وما وافقها مما اتخذه بعض الناس مناسبة وعيداً.
لقد وُجد ان تزامناً تاريخياً بين هذا التسول (الكريكشون) وولادة الحسن بن على بن أبي طالب رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت ولادته في النصف من رمضان، فهل هناك علاقة؟! ولكن وجدنا ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذه يوماً خاصاً للمسلمين، ولا لآل بيت النبوة، بل لم يجعل من مولد النبي صلى الله عليه وسلم ذاته (سيد ولد آدم) عيداً، وكذلك خلفاؤه من بعده، وفي خلافة أبي الحسن على بن أبي طالب رضي الله عنه لم يجعل من مولد ابنه الحسن رضي الله عنه عبادة وعادة للناس، كما لم يفعل شيئا مشابهاً لنفسه، ولا غيره من الصحابة، وأبناء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
لماذا نردد: بين قصير (شعبان) ورمضان؟
هنالك توافق آخر فقد ولد محمد بن الحسن العسكري في النصف من شعبان، فكانت الموالد والاحتفالات بالكريكشون والناصفة (القرقيعان)، تبدأ في منتصف شعبان (قصيّر) ومنتصف رمصان، ومن ثم جُمعت في أزمنة متأخرة في ليلة النصف من رمضان.
لماذا نكسر العزة في أبنائنا ونمارس الهزيمة واذلال الذات؟!
ان مشاهد هذه الصورة، وهذا النظام التسولي، كسر لهيبة الذات، وزرع لِهزيمة داخلية في جزء من جسد الأمة، دون شعور أو قصد، وهذا الدفع بالأبناء ليتجاسروا على مد اليد، وطلب المساعدة والعون تمثيلاً أو حقيقة، ممارسة لسلوك غير سوي، مخالف للعزة وطلب العلو الشريف، وقد ذمَّ الشرع المسألة وهي: سؤال الناس وطلب العطاء منهم، ولنا دليل فيما رواه مسلم (1038) في «صحيحه» من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ولا تسألوا الناس شيئا»، وقد كان الكلام في جمع من الصحابة فأورث هذا التوجيه أدباً رفيعاً، فكان عوف بن مالك بعد ذلك يقول: (فلقد رأيت بعض أولئك النَّفر يسقط سوطُ أحدهم، فما يسأل أحداً يناوِلُه اياه).
نصوص شرعية في ذم المسألة والتسول حقيقة أو تمثيلاً
-1 روى البخاري (1469)، ومسلم (1053) في «صحيحيهما» من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر».
-2 وروى البخاري (1429)، ومسلم (1041) في «صحيحيهما» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة».
-3 وروى البخاري (1474)، ومسلم (1040) في «صحيحيهما» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مُزْعَةُ لَحمٍ».
-4 وروى مسلم (1041) في «صحيحه» من حديث أَبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس تَكَثُّراً فانما يسأل جمراً، فليستقلَّ أو ليستكثِرْ».
-5 وروى الامام أحمد في «المسند» (5/10، 19، 22)، وأبو داود (1639)، والترمذي (681)، والنسائي (2599، 2600) في «السنن» باسناد صحيح من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء كدح وجهه ومن شاء ترك، الا ان يسأل الرجل ذا سلطانٍ أو شيئاً لا يجد منه بداً»، وفي رواية: «ان المسألة كَدٌّ يَكُدُّ بها الرجل وجهه»، والكدوح: من الكدح بمعنى الجرح والخدوش.والكد: التعب والنصب.وأخيراً أدعو الله لنا ولاخواننا المسلمين بالعودة للعهد الجميل والحمد لله رب العالمين.
د.عبدالعزيز بن ندى العتيبي
http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?Id=211290&WriterId=301