المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمريكا كشفت عن وجهها الحقيقي برفض هذا التقرير لانه يحمل انتقادات سياسية لدول الخليج!



سيد مرحوم
12-31-2004, 03:18 AM
مصطفى كامل السيد عضو فريق تقرير التنمية البشرية:
أمريكا كشفت عن وجهها الحقيقي برفض التقرير

القاهرة - طه عبد الرحمن:

في الوقت الذي تزعم فيه الإدارة الأمريكية انها جاءت إلى العراق بغرض نشر الديمقراطية وتطبيق قيم حقوق الإنسان، لوحظ أخيرا انها تضيق بكلمات النقد الموضوعية في سطور قد يقرؤها المواطن الأمريكي نفسه.

ولا ادل على ذلك من اعتراضها الواضح اخيرا على عدم نشر تقرير التنمية البشرية في العالم العربي ضمن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وممارستها ضغوطا على المنظمة الدولية للحيلولة دون أن ينشر التقرير باسم هذه المنظمة، والتي باتت تتعرض للضغوط الأمريكية اكثر من أي وقت مضى.

وفي حديثه ل”الخليج” يؤكد الدكتور مصطفى كامل السيد -المشرف على جزء الحريات السياسية في مصر وأحد أعضاء الفريق المشارك في التقرير أن الإدارة الأمريكية ضاقت بانتقادات علمية لسياساتها في الوقت الذي كشفت فيه عن وجهها امام العالم بالضيق من اوراق منشورة.

وذكر السيد أن فريق العمل يعتزم نشر التقرير ضمن دور النشر باللغتين العربية والإنجليزية في الوقت الذي توقع فيه توزيع التقرير بعد جملة الاعتراضات التي أثيرت حوله، فضلا عما اثاره من جدل، اضافة إلى حديثه عن جوانب أخرى في التقرير، جاءت في الحديث التالي:

الآن، وبعد الضغوط الأمريكية على برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعدم طبع ونشر تقرير التنمية البشرية في العالم العربي، ما مصير هذا التقرير حاليا؟

أتصور أن الدكتور نادر فرجاني المؤلف الرئيسي للتقرير والفريق المشارك في اعداده بدأوا يفكرون جديا في طبع ونشر التقرير خارج دائرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خاصة بعد الضغوط الأمريكية الهائلة التي مورست على البرنامج لمنع نشر وطبع التقرير، لما رأته الإدارة الأمريكية من انه يمس قضايا تتعلق بمصالحها سواء في العراق أو في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا في “إسرائيل”.

من هنا، يدور تفكير لدى الفريق المشارك في التقرير بطبعه ونشره باللغتين العربية والإنجليزية باعتباره نتاجا علميا موضوعيا نال قدرا هائلا من الدراسة والبحث إلى أن وصل إلى الشكل الحالي له.

وهل ترى أن هذه النقطة الأخيرة هي التي وصلت عندها المفاوضات؟

اعتقد، انه رغم عدم وصول المفاوضات إلى نقطة محددة فإن التفكير بدأ يساور كما ذكرت- فريق التقرير المشارك في طبع ونشر التقرير من خلال دور النشر التجارية الخاصة، وهي كلها أفكار معروضة على منسق التقرير الدكتور نادر فرجاني الذي يتشاور ايضا مع فريق العمل للوصول إلى نتيجة محددة لنشر التقرير الثالث عن التنمية البشرية في العالم العربي.

وهل تعتقد أن تفويض دور النشر التجارية يمكن أن يسهم فعليا في الترويج للتقرير بالشكل المطلوب؟

اعتقد ذلك، لأنه بعد الضجة التي أثيرت حول التقرير حاليا، ستدفع بالكثير من دور النشر التجارية إلى عرضه بالشكل الصحيح، كما أن الكثيرين سيحرصون على اقتناء التقرير، وحظي بنسبة اقبال عالية لموضوعية ما يتعرض له التقرير من رصد للحقائق، وتقييم موضوعي للامور.

الحكم الرشيد

وهل ترى أن الولايات المتحدة يمكن أن تفرض قيودا جديدة على عدم طبع التقرير في دور النشر أو أنها يمكن أن تسعى للحيلولة دون توزيعه في العالم العربي؟

لا أتصور ذلك فمن الصعب عليها أن تمارس ضغوطا على دور نشر خاصة في عدم طبع أو توزيع التقرير في الدول العربية، وخاصة أن بعض النظم في دول مصر والأردن والمغرب ولبنان تبلغ حدا من القوة تجعلها لا تتأثر بتوزيع مثل هذه التقارير في أسواقها وهو ما يظهر في استفادة صحف هذه البلاد من هامش الحرية المتاح لديها.

في تقديرك، لماذا اعترضت الولايات المتحدة على هذه النسخة الثالثة من التقرير في الوقت الذي نال العددان الأول والثاني منه استحسانها وفق التصريحات الرسمية التي سبق وصدرت على لسان وزير الخارجية المستقيل “كولن باول”؟

لأن التقرير، وخاصة في الجزء الخاص بالحريات السياسية، تعرض للسياسات الأمريكية في المنطقة، ودان هذه السياسات وخاصة في العراق على نحو ما رأينا من ممارسات لجنودها في سجن “أبو غريب” فضلا عن ذكره بأن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تقييد المواطن العربي داخل بلاده وخارجها عن طريق فرض القيود على حرية حركته وهذا كله يضعف الحكم الرشيد.

وفي الوقت نفسه أدان التقرير السياسات “الإسرائيلية” وممارسات الجيش “الإسرائيلي” في حق الشعب الفلسطيني وهذه الإدانات للسياستين الأمريكية و”الإسرائيلية” احتوت في التقرير على 10% تقريبا من عدد صفحات التقرير، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة تضيق بالتقرير والعمل على الحيلولة دون نشره من خلال الأمم المتحدة، خاصة أنها تدفع أعلى النسب لتمويل البرنامج الإنمائي في الأمم المتحدة ولذلك مارست ضغوطها لعدم نشره من خلال الأمم المتحدة.

اما عن ترحيب الإدارة الأمريكية بما ورد في التقريرين الأول والثاني، فذلك لأنهما تعرضا لجوانب المعرفة، والفجوة بين الرجل والمرأة ورصد واقع التنمية في العالم العربي، ولم يكن يتعرض للشق السياسي على النحو الذي تعرض له التقرير في صدوره الثالث الذي احتوى على “الحريات والحكم الرشيد”، وتناوله بالنقد للسياسة الأمريكية في المنطقة العربية، فضلا عن نقده للممارسات الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني.

أمريكا حركت الاعترافات

وما تفسيرك لاعتراضات الدول العربية ومنها دول الخليج على التقرير؟

الاعتراضات الأقوى بالطبع جاءت من الولايات المتحدة وهي التي حركت تاليا الاعتراضات العربية، وأرى أن معارضة حكومة البيت الأبيض لأنظمة الحكم العربية كانت مبررا لجملة الاعتراضات التي نالت التقرير.

وهنا اذكر أن التقرير تعرض لمجال الحريات السياسية واعاقة تنظيم المظاهرات، ومباشرة الحقوق السياسية، فمثلا مصر لا تسمح لجماعة الاخوان المسلمين بتنظيم حزب سياسي، والتقرير يدعو إلى اطلاق السماح للقوى السياسية بتنظيم احزاب لها، وان تعمل في اطار العمل المؤسسي مادامت هذه القوى تلتزم بالعمل السياسي السلمي.

فضلا عن ذلك فإن التقرير يستنكر على دول الخليج عدم سماحها بتشكيل احزاب أو اقامة نقابات عمالية أو مهنية، واعتبار ذلك احدى النقائص في انظمة الحكم العربية.
وهل ترى انه لذلك أبدى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى تحفظا على بعض محاوره، عندما ذكرا اخيرا أن التقرير “يتضمن معلومات جادة وأخرى تتطلب تصحيحا”؟

لم أسمع أو أقرأ حقيقة تصريحات الأمين العام للجامعة العربية وان كنت أرى أن إدلاءه بهذا التصريح لا يعني الاعتراض على التقرير جملة وتفصيلا، فضلا عن انني لا اعرف على وجه اليقين طبيعة النقاط التي يجب تصحيحها وطالب بها الأمين العام للجامعة العربية في التقرير وفق ما نقل عنه السؤال.

وما توصيفك للاعتراض الأمريكي على التقرير في الوقت الذي تعلن فيه أنها تسعى لتطبيق الديمقراطية والإصلاح في العالم العربي، وضيقها في الوقت نفسه بانتقادات علمية وبحثية؟

هذا بالطبع يكشف الوجه الحقيقي للإدارة الأمريكية، بل ويفضح هذا الوجه للحكومة الأمريكية التي تكيل بأكثر من مكيال، فهي فضيحة كبرى للولايات المتحدة التي تضيق بانتقادات علمية من جانب المثقفين والمفكرين في الوطن العربي، وهي بذلك تنتهك استقلال منظمات الأمم المتحدة عندما تمارس ضغوطا على احد برامجها لمنع نشر التقرير.


وما تفسيرك لنقد أمريكا في هذا الإصدار مقابل غض الطرف عن ممارساتها مثلا في أفغانستان خلال العددين السابقين؟

التقرير يتحدث عن الدول العربية ولأننا رأينا تحقيق الموضوعية في التقرير فرأينا عدم الحديث عن أفغانستان حتى ولو في إشارة للولايات المتحدة نتيجة ممارساتها في أفغانستان، ومن هنا عندما رأينا ممارساتها في العراق وجرائم قواتها بحق الشعب العراقي، رأينا إدانة هذه الممارسات وعدم الصمت عنها.

قيود المشاركة

وفي تقديرك، ما ابرز القضايا التي تعرض لها جزء الحريات السياسية في التقرير، وحظي بالنصيب الأكبر من الاعتراضات؟

التقرير يتخذ كما اسلفت عنوان “الحريات والحكم الرشيد”، ويتحدث عن الحريات والمشاركة في الوطن العربي، وضرورة المطالبة بإتاحة الفرصة لكل القوى السياسية ورفض القيود المفروضة على المشاركة السياسية في معظم الدول العربية التي تضع قيودا على الممارسات السياسية، وان كانت تتفاوت من دولة لأخرى في العالم العربي، نظرا لوجود أنظمة ملكية وأخرى جمهورية، باستثناء لبنان، وان كنا قد رأينا في الفترة الأخيرة تمديدا للفترة الرئاسية!

كما يتعرض التقرير لافتقاد كثير من الدول لحرية التنظيم باستثناء الأردن والمغرب واليمن، وفرض قيود على حرية التعبير وعدم الاكتراث بقيمة البرلمانات العربية في أن تنجح بتشكيل حكومات منتخبة على نحو ما يحدث في الدول العربية، فضلا عن رصد التقرير لعجز الدول العربية عن تحقيق بنية اقتصادية، يمكن أن تحقق من خلالها نهضة اقتصادية على نحو ما رأينا في دول شرق آسيا، بالرغم من توفر الإمكانات في العالم العربي.

ويتناول التقرير في هذا الجزء الحديث عن الإصلاح واعتبار ما تقوم به كثير من الدول العربية حاليا إصلاحا شكليا لا يقر بالواقع في شيء حيث تمارس الأنظمة العربية سلطات واسعة دون النزول إلى آراء الشارع ومطالباته بتحقيق الإصلاح على أي مستوى.

وبالتالي فإن هذه الأجواء غير الصحية في العالم العربي، هي التي جعلت جملة من الاعتراضات تنال التقرير، فضلا عن الاعتراضات الأمريكية بسبب سياساتها في المنطقة.

أخيرا، لو طلبت الدول العربية أو الإدارة الأمريكية تعديلا في التقرير، هل يمكن أن يستجيب له الفريق الذي يعد التقرير؟

لا أتصور ذلك، لأن الأمانة العلمية تفرض على الباحثين عرض الواقع كما هو بتحليله والنظر إليه من دون الاستجابة لأي ضغوط، فضلا عن الضمير المهني الذي يحكم فريق العمل في التقرير._