د. حامد العطية
07-26-2012, 09:29 PM
هل صدق أبو بكر؟
د. حامد العطية
المقصود هو المدعو أبو بكر البغدادي، المتحدث باسم تنظيم القاعدة في العراق، والذي أصدر بياناً في الأيام الأول من شهر رمضان معترفاً ومتباهياً بالمسؤولية عن الهجمات الإرهابية، التي ذهب ضحيتها ما يزيد على ثلاثمائة عراقي، بين قتيل وجريح، أغلبهم مدنيون عزل.
لم يصدق أبو بكر في بيانه الصادر عنه، وبالتحديد في قوله:" لم نكذب على الله عندما أعلنا دولة الاسلام ولا نكذب على الله عندما نقول إنها باقية"، والكذب على الله ليس كالكذب على الناس، إذ هو أن تختلق لله كلاماً أو فعلاً زوراً وبهتاناً، مثل أن يدعي الانسان نزول الوحي عليه، أو يفتري كلاماً وينسبه لله، وكما تبين لنا الآيات الكريمة التالية: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ) [الأنعام: 93] وكذلك: ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) [البقرة: 79 ]، ويفهم من خطاب ابي بكر زعيم القاعدة في العراق بأن اعلانه عما أسماه دولة الاسلام استجابة لتكليف رباني بذلك، اي أن الله أمره بذلك، أما تنزيلاً أو تأويلاً، وهو في بيانه يوثق امتثاله لهذا التكليف الآلهي، وهذا ادعاء خطير، لم يتجرأ عليه سوى أصحاب الرسالات السماوية وكذلك أدعياء النبوة فأي الصنفين يدعي أبو بكر الانتماء إليه؟
يضيف أبي بكر في بيانه ما يلي: " ولا نكذب على الله عندما نقول إنها باقية"، وفي هذا القول اشكالية لا تقل خطراً عما ورد في العبارة السابقة، فبالإضافة إلى توكيد تنفيذه للتكليف بالاعلان يدعي حتمية بقاء ما أسماه دولة الاسلام، ولا حتمية إلا بأمر وقضاء الله، وكل ما عدا ذلك من فعل البشر وصروف الطبيعة مرتهن بالمشيئة الربانية، لذا يأمر الله المؤمنين بما يلي: (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) [ الكهف: 23-24] والادعاء بأن هذه الدولة التي أعلنها زعيم الإرهابيين باقية واشهاد الله على ذلك رجم بالغيب، وادعاء معرفته، ولا يعلم الغيب إلا الله أو من يختصه بجانب من علمه: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ) [الجن: 26-27] فهل يدعي أبو بكر بأنه رسول يوحى إليه ومطلع على الغيب؟
وهل الكيان الذي يتزعمه الإرهابي ابو بكر إسلامي اصلاً؟ إن من الخواص الأساسية والكلية والمميزة للإسلام كونه دين إحياء، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [ الأنفال:24] والقاعدة السلفية الوهابية على النقيض من ذلك كيان إهلاك، للمسلمين وغيرهم، وعندما تنتفي صفة الإحياء من كيانهم فماذ يتبقى من اسلامهم؟
وفي بيان سابق يذكر أبو بكر زعيم تنظيم القاعدة في العراق بأن غالبية السنة في العراق يؤيدون تنظيم القاعدة وينتظرون عودته، وكلامه على أي حال غير موثوق، ولا أرجح صدقه، لكنه بهذا القول ألقى الحجة على سنة العراق وبالأخص قادتهم للمبادرة إلى تكذيبه، فإن خرجوا على العلن وقالوا بأنه كاذب ولا يمثل السنة صدقناهم، ولا يجوز هنا الصمت، ولا يمكن تفسيره بأنه تجاهل وازدراء، فالسكوت هنا علامة التصديق، خاصة بعد التفجيرات الارهابية، وفي ضوء الاتهامات الموجهة لأكبر زعماء السنة الهاشمي بالضلوع في الارهاب.
في الخلاصة لم يصدق أبي بكر على الله، بل تخرص وافترى وتطاول على الله، وعلى قادة سنة العراق أن يؤكدوا للعراقيين بأنه لا يمثل السنة وبأنه كاذب ايضاً في ادعاءه بأن معظم سنة العراق يؤيدون تنظيمه ويتوقون لعودته.
25 تموز 2012م
د. حامد العطية
المقصود هو المدعو أبو بكر البغدادي، المتحدث باسم تنظيم القاعدة في العراق، والذي أصدر بياناً في الأيام الأول من شهر رمضان معترفاً ومتباهياً بالمسؤولية عن الهجمات الإرهابية، التي ذهب ضحيتها ما يزيد على ثلاثمائة عراقي، بين قتيل وجريح، أغلبهم مدنيون عزل.
لم يصدق أبو بكر في بيانه الصادر عنه، وبالتحديد في قوله:" لم نكذب على الله عندما أعلنا دولة الاسلام ولا نكذب على الله عندما نقول إنها باقية"، والكذب على الله ليس كالكذب على الناس، إذ هو أن تختلق لله كلاماً أو فعلاً زوراً وبهتاناً، مثل أن يدعي الانسان نزول الوحي عليه، أو يفتري كلاماً وينسبه لله، وكما تبين لنا الآيات الكريمة التالية: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ) [الأنعام: 93] وكذلك: ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) [البقرة: 79 ]، ويفهم من خطاب ابي بكر زعيم القاعدة في العراق بأن اعلانه عما أسماه دولة الاسلام استجابة لتكليف رباني بذلك، اي أن الله أمره بذلك، أما تنزيلاً أو تأويلاً، وهو في بيانه يوثق امتثاله لهذا التكليف الآلهي، وهذا ادعاء خطير، لم يتجرأ عليه سوى أصحاب الرسالات السماوية وكذلك أدعياء النبوة فأي الصنفين يدعي أبو بكر الانتماء إليه؟
يضيف أبي بكر في بيانه ما يلي: " ولا نكذب على الله عندما نقول إنها باقية"، وفي هذا القول اشكالية لا تقل خطراً عما ورد في العبارة السابقة، فبالإضافة إلى توكيد تنفيذه للتكليف بالاعلان يدعي حتمية بقاء ما أسماه دولة الاسلام، ولا حتمية إلا بأمر وقضاء الله، وكل ما عدا ذلك من فعل البشر وصروف الطبيعة مرتهن بالمشيئة الربانية، لذا يأمر الله المؤمنين بما يلي: (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) [ الكهف: 23-24] والادعاء بأن هذه الدولة التي أعلنها زعيم الإرهابيين باقية واشهاد الله على ذلك رجم بالغيب، وادعاء معرفته، ولا يعلم الغيب إلا الله أو من يختصه بجانب من علمه: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ) [الجن: 26-27] فهل يدعي أبو بكر بأنه رسول يوحى إليه ومطلع على الغيب؟
وهل الكيان الذي يتزعمه الإرهابي ابو بكر إسلامي اصلاً؟ إن من الخواص الأساسية والكلية والمميزة للإسلام كونه دين إحياء، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [ الأنفال:24] والقاعدة السلفية الوهابية على النقيض من ذلك كيان إهلاك، للمسلمين وغيرهم، وعندما تنتفي صفة الإحياء من كيانهم فماذ يتبقى من اسلامهم؟
وفي بيان سابق يذكر أبو بكر زعيم تنظيم القاعدة في العراق بأن غالبية السنة في العراق يؤيدون تنظيم القاعدة وينتظرون عودته، وكلامه على أي حال غير موثوق، ولا أرجح صدقه، لكنه بهذا القول ألقى الحجة على سنة العراق وبالأخص قادتهم للمبادرة إلى تكذيبه، فإن خرجوا على العلن وقالوا بأنه كاذب ولا يمثل السنة صدقناهم، ولا يجوز هنا الصمت، ولا يمكن تفسيره بأنه تجاهل وازدراء، فالسكوت هنا علامة التصديق، خاصة بعد التفجيرات الارهابية، وفي ضوء الاتهامات الموجهة لأكبر زعماء السنة الهاشمي بالضلوع في الارهاب.
في الخلاصة لم يصدق أبي بكر على الله، بل تخرص وافترى وتطاول على الله، وعلى قادة سنة العراق أن يؤكدوا للعراقيين بأنه لا يمثل السنة وبأنه كاذب ايضاً في ادعاءه بأن معظم سنة العراق يؤيدون تنظيمه ويتوقون لعودته.
25 تموز 2012م