المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا يكشف أصحاب المليارات عن وطنهم؟



مقاتل
07-14-2012, 03:47 PM
كتب: روتشير شارما



نشر في 13, July 2012


http://aljarida.com/wp-content/themes/aljaridaonlineNew/timthumb.php?src=http://aljarida.com/wp-content/uploads/2012/07/12/2012519334/20100127_Fire_jumper.jpg&h=270&w=280&zc=1&a=t (http://aljarida.com/wp-content/uploads/2012/07/12/2012519334/20100127_Fire_jumper.jpg)


بعد عقدين تقريباً على الاستثمار في الأسواق الناشئة وتمضية معظم الوقت بالسفر من أزقة ولاية بيهار الرملية إلى سطح المدرجات في ساو باولو بحثاً عن الفرص المناسبة، استنتجتُ قاعدة غير مألوفة: يكفي أن نراقب التغيرات التي تطرأ على قائمة أصحاب المليارات، وأن نعرف الطريقة التي اعتمدوها لجني ملياراتهم، وأن نسجل عدد المليارات التي كسبوها. يمكن أن توفر التغييرات الواردة على تلك القائمة وحجم الثروات ومصدرها مؤشرات سريعة عن وضع البلدان الناشئة وقدرتها على المنافسة في الاقتصاد العالمي.

إذا كان البلد ينتج عدداً مفرطاً من أصحاب المليارات مقارنةً بحجم الاقتصاد، يعني ذلك أن تركّز الثروات قد يؤدي إلى حالة من الركود. لنحلل وضع الصين مثلاً. يُنتج الاقتصاد السليم ثروة طائلة في بيئة تنافسية لكن لا يزال وضع الصين سليماً جداً نتيجةً لذلك. لوحظ ارتفاع عائدات أهم عشرة أشخاص من أصحاب المليارات، لكنّ قلة منهم جمعت ثروة تفوق عتبة العشرة مليارات دولار.

من المبرر أن نظن إذاً أنّ بكين تطبق قانوناً غير مكتوب يحدد سقف الثروات الإجمالية. خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، أنتجت الصين نسبة أكبر من الثروات الإجمالية مقارنةً بأي بلد آخر، لكن تبلغ ثروة أغنى رجل فيها حوالى 10 مليارات دولار، أي أقل بكثير مما يجنيه أصحاب المليارات في الأنظمة الاقتصادية الأصغر حجماً مثل الهند والمكسيك وروسيا ونيجيريا.

اللافت أيضاً أن نعلم أنّ رجلين كانا يُعتبران في العقد الماضي من أغنى أغنياء الصين يقبعان الآن في السجن بتهمة الفساد.

لا يعني ذلك أن التّهم ملفّقة. لكن وفق ثقافة الأعمال الحرة في الصين، يبدو أن السلطات تولي كامل اهتمامها إلى الحالات التي تكسب فيها الصفقات ثروات تقارب مبلغ العشرة مليارات دولار. أعلن دنغ شياو بينغ سابقاً أن «الثراء أمر عظيم»، لكن يبدو أن الرسالة الراهنة تدعو إلى عدم المبالغة في اقتناء الثروات. تبدو الحكومة مستعدة لتعزيز المنافسة بين الأثرياء بهدف احتواء مشاعر الاستياء في المجتمع.

لننتقل الآن إلى روسيا حيث يسيطر 100 شخص من أصحاب المليارات على ثروات تبلغ قيمتها 20% من الناتج المحلي الإجمالي. تضم روسيا أصحاب مليارات يساوي عددهم هؤلاء الموجودين في الصين تقريباً، لكنهم يملكون ضعف ثرواتهم الإجمالية ضمن اقتصاد يساوي ربع حجم اقتصاد الصين. الأهم من ذلك هو أن روسيا لا تفتقر حصراً إلى طبقة وسطى بل إلى طبقة أصحاب الملايين أيضاً. وفق مجموعة بوسطن الاستشارية، تحتل الصين المرتبة الثالثة عالمياً على قائمة أصحاب الملايين بينما تبقى روسيا خارج قائمة أهم 15 ثرياً من أصحاب الملايين.

في موسكو

ينعكس تنامي قطاع الأعمال في البلد في واقع أن 69 شخصاً من أصحاب المليارات يعيشون في موسكو (أكبر تجمّع للأثرياء في مدينة واحدة في العالم). يحظى هؤلاء الأثرياء بحماية أسيادهم ولا يواجهون أي منافسة مهمة. كذلك، من الملاحظ أن ثمانية أشخاص من أبرز عشرة أثرياء يحافظون على مراكزهم منذ عام 2006. ينجم أكثر من 80% من ثروات أصحاب المليارات الروس عن الصناعات غير المنتجة مثل العقارات والبناء، لا سيما السلع (تحديداً النفط والغاز) حيث تساهم الروابط السياسية في الحفاظ على الثروات إلى أجل غير مسمى. ما من دولة نامية أخرى تشهد ارتفاع هذه الحصة إلى أكثر من 35%. حتى في البرازيل حيث يسجل اقتصاد السلع مستوى الدخل نفسه مثل روسيا، تبلغ الحصة غير المنتجة من ثروات أصحاب المليارات 12% فقط.

إذا كان ازدهار ثروات أصحاب المليارات ينجم عن تعزيز الروابط السياسية بدل إنشاء صناعات جديدة، فقد يؤدي هذا الوضع إلى اندلاع ثورة كتلك التي أسقطت الرئيس سوهارتو في أندونيسيا خلال التسعينات. وفق وسائل الإعلام العالمية، لا تزال الهند على علاقة وثيقة برجال الأعمال في مجال التكنولوجيا، لكن بدأ هؤلاء الأثرياء يختفون عن قائمة أصحاب المليارات مؤخراً ليتم استبدالهم بمجموعة جديدة:

رجال أعمال نافذون عقدوا صفقات مع الحكومات لحصر السوق ضمن الصناعات المتمركزة في مواقع معينة مثل المناجم والعقارات. في ظل غياب الضرائب على الثروات والميراث، لطالما كانت الهند تعج بأصحاب المليارات لكن بدأت هذه الطبقة تتوسع الآن بوتيرة أسرع من أي بلد آخر. عام 2000، لم يرد اسم أي ثري هندي على قائمة أبرز 100 ملياردير في العالم. بحلول عام 2011، وردت أسماء سبعة منهم، وقد تفوّق عليهم حصراً أثرياء من الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا. عام 2012، وبسبب ضعف أداء سوق البورصة الهندية، انخفض ذلك العدد إلى أربعة.

عند المقارنة بين أثرياء الهند والصين، يتبين أن الطريقة التي ينمو فيها كل اقتصاد تختلف تماماً عن الأخرى. تأتي الهند بعد روسيا وماليزيا فقط في ما يخص حصة ثروات أصحاب المليارات من الاقتصاد، وتساوي تلك الحصة الآن 17%. لكن بدأت عائدات الأغنياء تتباطأ. لوحظ أن أبرز عشرة أثرياء هنود وردت أسماؤهم على أحدث لائحة في مجلة «فوربز» يحتفظون بمراكزهم منذ عام 2006، بينما كانت لائحة عام 2006 تضم خمسة أشخاص يحتفظون بمراتبهم السابقة. في المقابل، يشكل أصحاب المليارات في الصين حوالى 3% من الاقتصاد ويحتفظ أربعة من أهم عشرة أثرياء منهم على مراكزهم السابقة.

على رغم مؤشرات الركود هذه، يبث عدد كبير من كبار أثرياء الهند الفخر الوطني في نفوس مواطنيهم بدل مشاعر البغض. لكنّ الوضع معاكس في أميركا اللاتينية حيث يتجول فاحشو الثراء بسيارات مضادة للرصاص ويحاولون البقاء بعيداً عن الأنظار. في المكسيك التي لم تشهد أي تغيير في حجم طبقة الأثرياء منذ سنوات، يعيش أغنى رجل في العالم، كارلوس سليم، في منزل معزول نسبياً ومؤلف من ست غرف نوم وراء الجدران العالية لمدينة مكسيكو.

اقتصاد متباطئ

لا تُعتبر قائمة أصحاب المليارات وحدها مؤشراً سلبياً، بل إن انخفاض تركّز الثروات الوطنية ضمن طبقة أصحاب المليارات هو أحد الأسباب التي تحسّن فرص البلدان القابعة في أسفل مؤشر الثراء في ظل اقتصاد عالمي متباطئ. يضم بعض البلدان عدداً قليلاً من الأثرياء الذين يحافظون على مراكزهم على قائمة أهم عشرة أثرياء لعام 2011، وقد وردت أسماء خمسة أثرياء فقط من كوريا الجنوبية واثنين (من أصل ستة) من الفيليبين.

من الخطأ على الأرجح أن نقارن بلداً متطوراً مثل الولايات المتحدة بالأنظمة الاقتصادية الحديثة العهد التي تتحرك بوتيرة أسرع، لكن يكشف تحليل سريع للوائح أصحاب المليارات الأميركيين تطورات مثيرة للاهتمام. قد نتوقع وجود ثروات أكبر وأكثر ثباتاً في هذا البلد (وهو أمر صحيح في الولايات المتحدة حيث يبلغ متوسط ثروات أبرز عشرة أثرياء 31 مليار دولار). لكن تبقى الحصة الإجمالية لأصحاب المليارات (10.5%) متوسطة عموماً وفق معايير الأسواق الناشئة.

كذلك، صمد أصحاب المليارات الأميركيون في وجه الأزمة المالية من دون التعرض للأذى.

في المقابل، حين تأثر كبار رجال الأعمال اليابانيين بأزمة اليابان في أوائل التسعينات، سيطر أصحاب المليارات الأميركيون على قائمة أغنى عشرة أشخاص في العالم خلال السنوات العشرين الماضية، كما أنهم حافظوا على تلك المراكز على رغم الأزمة التي بدأت من الولايات المتحدة في عام 2008. يشير هذا الأمر إلى أن الأميركيين كانوا أكثر براعة في التكيف مع الأزمة الكارثية العالمية.

ما يلفت النظر بشأن اللائحة الأميركية هو أن أكبر الثروات وأكثرها استقراراً أنتجها قادة مستقلون ومبدعون كانوا قد أسسوا شركات منتجة كبرى (تحديداً «مايكروسوفت»، «بيركشاير هاثاواي»، «وول مارت»)، وهي تساهم حتماً في زيادة القدرة التنافسية العالمية لأي اقتصاد سواء كان متطوراً أو ناشئاً.

من المتوقع أن تزداد لوائح الأثرياء أهمية باعتبارها عيّنة عن نمو الأسواق الناشئة. (تسجل أندونيسيا صمود شخص ثري واحد على قائمة أهم عشرة أثرياء فيها، ولكنها كانت تضم اثنين من أصحاب المليارات فقط على لائحة عام 2006). لقد اتضح ما يجب البحث عنه إذاً: يجب أن يكون عدد أصحاب المليارات متوازناً بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ويجب أن يواجه أصحاب المليارات منافسة جدية تولّد عائدات خاصة بأطراف أخرى وتحدّ من حصصهم في الاقتصاد، ويجب أن يكسب أصحاب المليارات ثرواتهم في المقام الأول انطلاقاً من صناعات منتجة جديدة بدل أن يتكلوا حصراً على الدعم السياسي.

يدخل مفهوم «الدمار الخلاق» في صلب المجتمع الرأسمالي المزدهر. وبما أن المسؤولين الراهنين الذين يملكون معارف نافذة يتمتعون بجميع المقومات لحصد المكاسب استناداً إلى النظام القائم، فلا شك أنهم أعداء الرأسمالية.

● شارما هو رئيس قسم الأسواق الناشئة ومجلس الاستثمار في مصرف «مورغان ستانلي». تم اقتباس هذه المقالة من كتابه «البلدان الناشئة: البحث عن المعجزات الاقتصادية المقبلة» (Breakout Nations: In Pursuit of the Next Economic Miracles).

مؤشر أصحاب المليارات

يظن روشير شارما، رئيس قسم الأسواق الناشئة واستراتيجية الاقتصاد الكلي العالمي في مصرف «جي بي مورغان»، أننا نستطيع معرفة الكثير عن أي بلد عبر تحليل وضع أصحاب المليارات فيه.

يطرح شارما عوامل عدة، مثل حجم الثروات، لتحديد مكانة البلدان الناشئة وقدرتها على التنافس في الاقتصاد العالمي.