المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كاتب في جريدة ايلاف السعودية يصف الله سبحانه وتعالى بالاكثر تشاؤما وأبليس بالمتفائل



زوربا
07-06-2012, 10:17 AM
2012 الخميس 5 يوليو

http://www.myelaph.com/Web/ImageHandlers/ResizeImageHandler.ashx?ImageUrl=/elaphweb/Resources/images/ElaphWriter/2011/9/week1/ghalib-el-chabander.gif&Width=160


تشاؤم الله تبارك وتعالى

غالب حسن الشابندر


الله هو الكائن الاعلى، جلّ وعلا، وهو في نفس الوقت أكبر المتشائمين، بل رأسهم، نقرا في كتابه الكريم بأن أكثر الناس للحق كارهون، ونقرأ أيضا أن اكثر البشر ليس بمؤمنين، ونقرا في التراث الديني الصحيح بان النار تصرخ وتصيح هل من مزيد حتى يطفئها الله في نهاية المطاف رغم نداء جهنم بالمزيد من الحطب البشري!



الله هو الكائن الأعلى المتشائم بامتياز، وإلاّ كيف نفسر تلك الامضاءات الحاسمة؟

يخلق الله البشر، ويرسل لهم الانبياء هداة، ويوضح لهم الطريق السليم، ويرغبهم به دنيا وآخرة، ويسهل لهم كل مخارج الهداية والإنابة والطاعة، ولكن رغم ذلك يتمردون، ويغالطون، ويعتدون، ويرتكبون المنكر، ويحاربون المعروف، الارض مشبَّعة بالدم الحرام منذ أن خلق الله الإنسان...

أفلا يدعو هذا الى التشاؤم؟

لنفترض مدرس رياضيات ناجح، يبلغ الجهد الجهيد في تعليم طلابه، ويبذل كل ما يملك من أجل أن تتحقق نسبة نجاح عالية،ولكن حينما تسأله عن النتيجة المحتملة، يجيبك بان نسبة النجاح لا تتعدى عشر بالمائة من العدد الكلي لطلابه، وهذه لغة تشاؤم بطبيعة الحال، ولكن الفرق بين تشاؤم الله وتشاؤم هذا المدرس، تشاؤم الله عين اليقين، ثابت، لا شك فيه، أي حقا أكثرهم للحق كارهون، وحقا أكثرهم لا يؤمنون مهما حرص الانبياء والدعاة والهداة، ولكن تشاؤم مدرس الرياضيات هذا معرض للتكذيب، فقد ترتفع نسبة النجاح إلى أكثر من المتوقع بمديات واسعة وكبيرة.

الله متشائم من البشر رغم أنه خلقهم في أحسن تقويم، تشاؤمه يقيني لا لبس فيه أوحوله، وما المانع أن يتشاءم الله، ولكن حسب ما يليق به، كما يقول بعض المسلمين، أن لله رأساً وعيناً حسب ما يليق بشأنه وجبروته ورحمته وكبريائه!

ولكن السؤال....

إذا كان الله متشاءم من البشر، وتشاؤمه على وجه اليقين الكامل، فلماذا يخلقهم؟

هنا تبرز نظرية المفكر الايطالي غرامشي، تشاؤم العقل لا يتناقض مع العمل، مع العطاء، مع البذل، لقد كان علي بن أبي طالب متشاءما من الناس، حتى من أقرب أصحابه، ولكنه كان يقاتل قتال الابطال، بل من دواعي الرفعة والسمو والنبل أن تعطي رغم تشاؤمك، فهذا يعني أن أصالة العمل، وجذرية التكامل متكرسة فيك، فانت متشاءم من هذا الفقير فيما إذا اعطيته يخلق له فرصة عمل، ولكن رغم ذلك تعطيه وربما وزيادة !

هنا سؤال آخر...

لماذا لا نقول إن الله متفائل بدليل أن هناك من يستحق جناته من عباده، فلماذا لا نقيس المزاج الرباني على التفاؤل وليس التشاؤم؟

والواقع أن هذا عين ما يدعو الى تشاؤم الله جل وعلا، فهو يحب من عباده كلهم الطاعة والاستقامة، ولكن جاءت النتيجة عكسية تماما، على غرار صاحبنا مدرس الرياضايات، فهو يأمل أن يحقق نسبة تسعين بالمائة من النجاح، ولكن الذي تحقق دون هذا المستوى بكثير، فهل المستوى الهابط من النتيجة يشكل سبب تفاؤل؟

ابليس اللعين هو المتفاءل حقا، لقد أقسم أن يضلهم، وأن يقعد لهم الطريق والسبيل، وكان ما أراد، فقد نجح في إغواء اكبر عدد من الكم البشري، وأبعدهم عن الله، وقد كان متفاءلا في إداء مهمته، فجاءت حسابات الحب متساوية مع حسابات البيدر.
إذا كان الله متشائما من البشر، فهل يحق لنا نتفائل؟

لست أدري

ولكن هل هناك ما يدعو الى التفاؤل حقا في هذا الوجود؟ كيف يكون الجواب والتاريخ البشري مصبوغ بالدم في أكثرمساحاته وفصوله وسنيه واشهره وأيامه وساعاته ودقائقه ولحظاته؟

عندما يبصر الانسان هذه الحقيقة لا يتمنى غير الموت، هكذا أتصور، فأين هو يا رب؟

كنت أتصور أن الخلاص بالجنون، ولكن تجربتي تقول: إن الخلاص بالموت.... الموت الهاديء السريع...

فهل هو آت يا رب؟


http://www.elaph.com/Web/opinion/2012/7/745926.html?entry=writers (http://www.elaph.com/Web/opinion/2012/7/745926.html?entry=writers)