المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف قتلت الجعلان أمير الاحساء والقطيف عبدالله بن جلوي ؟



بركان
07-01-2012, 12:02 PM
الجزء الثامن والأخير من كتاب التقدمية المتسلسل تاريخ آل سعود للشهيد ناصر سعيد

29يونيو (http://www.taqadoumiya.net/?p=13772)
2012

http://www.taqadoumiya.net/wp-content/uploads/2012/06/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%81%D9%87%D8%AF-%D9%88%D9%86%D8%B6%D8%A7%D9%841.jpg (http://www.taqadoumiya.net/wp-content/uploads/2012/06/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%81%D9%87%D8%AF-%D9%88%D9%86%D8%B6%D8%A7%D9%841.jpg)

كيف مات الطاغوت؟

قد مات هذا الطاغية بأتفه الأسباب المضحكة… مات بقرصة من “جعل” عضه بين خصيتيه!.

والجعل هو “ابن عم الخنفساء!”.. مات بعد أن بذل جهده الجهيد في ممارسة جنسية ارتكبها في سطح قصره وكان الوقت صيفا فأدركه التعب ونام على ظهره بقاذوراته كاشفا عورته للهواء الطلق.

فحامت حول شرجه جماعة من الجعلان، لدغه بعضها بين الخصيتين فهّب يصرخ ويستصرخ العبيد… وورمت خصيته في الحال وتقيحت في اليوم التالي واستدعي إليه عدد من المشايخ “ومحضري الجن”!…

لتلاوة التعاويذ حول شرجه وخصيتيه والدعاء لها بالشفاء… وحينما لم ينفع الدعاء… إستدعي طبيب امريكي من البحرين اسمه (الدكتور ديم) وبعد فحصه له قال الطبيب: (ان سموه مصاب بارتفاع شديد ومزمن في مرض السكر وان عضّة الجعل لخصيان سمّوه هذه قد تحولت إلى “غرغرينا” وأنه لابد من بتر خصيتي وقضيب سموه على عجل وإلا تآكل لحم جسمه كله)!..
فرفض الملك عبد العزيز كما رفض المصاب نفسه عبد الله بن جلوي ان يقطع الطبيب “هيبة الحكم” فالحكم السعودي قائم على الاعضاء التناسلية… واستمر علاج مشايخ الدين السعودي لشرج الطاغية بالتفال والتعاويذ!… واستمرت “الغرغرينا” تفتك في شرجه واسفله لتثأر لعشرات الآلاف ممن قطع الطاغية أيديهم وأرجلهم ورؤوسهم وأوصالهم… ومات الطاغية… وكاد الجعل يقدس لهذا الفعل الجليل..
إذ بدأ دعاء الناس المظلومين يتعالى بالهتاف “للجعل” أطال الله عمر الجعل الحقير الذي فعل ما عجز عن فعله البشر السوي، البشر الذي لم يكن وقتها يصّدق ان مثل هذا الطاغية المسمّى بشيخ الظلمة عبد الله بن جلوي يموت بقرصة من شيخ الخنافس ـ الجعل ـ …
حتّى الطاغية الاكبر عبد العزيز آل سعود لم يصدق ما حدث لأبن عمه حينما أبلغ بما حدث إلا بعد أن كشف بنفسه على شرج ابن عمه عبد الله بن جلوي فأمر بدفنه…
لكن عبد العزيز لم يتعظ بمصير الطغاة فاقتطع مناطق الاحساء والقطيف والجبيل والمناطق البترولية لجلاد أقذر منه تعلّم فنون البطش والرذيلة في أحضان والده شهيد الجعلان… انّه الطاغية سعود بن عبد العزيز الجلوي… والجميع من عائلة آل سعود… فأخذ الابن عن والده سيرته القذرة، بل أقذر، إذ أصبح الخلف أشر من السلف..
بحيث لا يمكن للقلم بهذه السرعة أن يحصي مآسيه وآثامه، وانما أردت بذلك التنويه عن بعضها فقط فهي لا حصر لها ولا عدد و”مشروعاته في فن الاجرام كثيرة…
أول تلك المشروعات اصداره الاوامر بقتل 82 “عبدا” من عبيد والده، عشرة منهم قتلهم بتهمة التآمر على حياته…
أما القسم الاخر فلا تهمة لهم، إلا أن احدى جواري الجلاد الجديد سعود الجلوي الصقت بأحدهم تهمة معاشرتها… وبدأت القصة كما يلي:
لقد حملت احدى الجواري من ابنه عبد العزيز (شهيد الخمّارة ـ الذي قتله الجزائري عام 1963 في الخمارة الفرنسية بباريس عندما ذهب لباريس برفقة الملك سعود) فسأل سعود الجلوي ـ الجارية ـ عن مصدر ذلك الجنين ولم تجرؤ أن تعترف بأن ابنه عبد العزيز قد اغتصبها وهددها بالقتل فيما لو أخبرت والده.
فادعت الجارية (انها كانت نائمة فهجم عليها واحد من العبيد في ظلمة الليل وكتم أنفاسها وصوب مسدسه إلى رأسها وبهذه الطريقة اغتصبها ولم تجرؤ ساعتها أن تخبر سعود لخشيتها منه أن يفسر الامر على أنه حدث بموافقتها)!…
فسألها سعود الجلوي هل تعرفين العبد؟… قالت: “لا أعرفه لقد تم كل شئ في الظلام”…
قال اذن فلينفذ هذا التشريع: (تقتل المرأة وجنينها، ثم يسجن كل العبيد الذين يسكنون القصر في سجن الاحساء “الدباب” ويتركون بلا طعام ولا ماء حتّى يموتون جوعا وظمأ).. وبموجب هذا التشريع السعودي ألقي القبض على 82 انسانا ممن جعل منهم الظلم والطغيان والتشاريع الطاغوتية “عبيداً” فزج بهم في السجن وماتوا بهذه الطريقة الفاحشة الوحشية…
وفي هذا الاثناء: اتفق عدد من العبيد الذين لم يعتقلوا بعد على القيام بثورة على هذا الطاغوت وقتله هو وعائلته وقالوا: ان نجحنا فقد نلنا شرف قتل هؤلاء الاشرار وان قُتلنا فقد نلنا شرف الاستشهاد وما هذه الحياة الا عبودية لنا وعار عليها…
وكان يقودهم ـ يماني ـ مستعبد أطلقوا عليه اسم “مريزيق” ولكن الطاغية سعود الجلوي اكتشف الخطة قبل نجاحها وأحضر الارقاء وعددهم عشرون واحدا وطلب منهم أن يقتل كل واحد منهم الاخر حتّى يفني بعضهم بعضا.. وكان منظراً بطوليا مؤثرا حيث رفض العبيد أن يقتل بعضهم بعضا…
وأدخل هؤلاء الابطال إلى سجن الاحساء مقيدين بأثقال الحديد ومنعوا عنهم الطعام والماء ثم أحرقوهم بالنارأحياء…
واستشهد الابطال الذين يسمونهم عبيدا… بينما بقي العبيد آل سعود والسعوديين الاحياء… ومن ذلك الوقت سمي سجن الاحساء باسم “سجن العبيد” وهو عبارة عن مقبرة للاحياء تحت الأرض تضم عظام البشر وقد قتل فيه معظم الزعماء الثائرين بهذه الطريقة، ويضرب أبناء الشعب المثل المعروف في هذا السجن بقولهم (داخله مفقود وخارجه مولود)…
ومن تشاريع هذا الطاغية (سعود بن الطاغية عبد الله الجلوي) التشاريع الاتية:
ألقى سعود الجلوي القبض على عامل يدعى جربوع الجبيلي بتهمة عدم اطاعة اوامر (السيكيورتي) في الوقوف.
و”السيكيورتي” هو بوليس الامن الامريكي بشركة أرأمكو، وزج بالعامل جربوع في السجن، ومن سوء حظ جربوع الجبيلي انّه وجد إلى جانبه في السجن شخصاً آخراً يشاركه في الاسم الأول أيضاً ويدعى جربوع السبيعي، وقد اتهم الاخير بطعن أحد الامريكان بخنجره..
فأمر سعود الجلوي بقطع يد جربوع السبيعي الذي طعن الامريكي غير أن “عبده” الجزار المدعو (خسارة) أساء الفهم فقطع يد جربوع الجبيلي الذي رفض اطاعة أمر الامريكي، وما أن عاد العبد إلى سيده حتّى أمره بأن يعود ثانية ليقوم بجلد جربوع الجبيلي المتهم بمعصية أوامر بوليس الامن الامريكي، ولما أخبره “عبده” خسارة: بأنه قد قطع يد المذكور…
رد عليه سيده سعود الجلوي بكل برود: (هذا هو ما كتبه الله لهذا الجربوع ـ اذن اذهب يا خسارة واقطع يد الثاني جربوع السبيعي..)
فنفذ العبد الجلوي خسارة أمر سيده وبذلك قطعت ـ يدا ـ الجربوعين ـ جربوع الجبيلي وجربوع السبيعي… ان هذه القصة من قصص الاحتلال السعودي وأمنه المزعوم الذي يتشدق به بعض المأجورين من كتاب وشعراء زيفوا تاريخ شعبنا العربي الثائر وليقرأ الذين زيفوا تاريخنا قصة أخرى من قصص احتلال السعوديين وتاريخهم الملعون:
جاء إلى سعود بن جلوي أحد المواطنين يخبره (أنه عثر على كيس من البن في صحراء الدهناء وان الكيس لا يزال هناك موجودا في صحراءه فأحببت اطلاعكم عليه يا أمير حتّى تتمكنوا من انتشاله قبل أن تدفنه الرمال) فسأله سعود بن جلوي عن الوسيلة التي جعلته يعرف بها انّه كيسا من البن أو غيره؟.
فأجابه المواطن البدوي الشريف أنه لمس الكيس بقدمه.
فقال ابن جلوي: أي قدم هذه لمست بها كيس البن؟ قال البدوي: لمسته بقدمي اليمنى..، فأمر ابن جلوي بقطع قدمه اليمنى.. والغريب ليس هذا!.. بل الغريب في الامر أن هذا المواطن الشريف كان يضحك أثناء عملية قطع رجله اليمنى وهو يردد باستمرار “الحمد لله الحمد لله ما دفع الله كان أعظم!”..
ولما سئل المواطن عن سبب هذا التحميد الزائد والضحك بينما العبيد يقطعون رجله قال المواطن: (انني أضحك على شر البلية .. وشر البلية ما يضحك، أضحك
أولا ـ على هذا الحكم المضحك السعودي وأقول أن هذا العمل هو عمل اليهود بعينه وليس من فعل العرب والاسلام أبدا… واضحك
ثانيا ـ على الناس الذين يظلمون “قراقوش” عندما يتندرون بحكمه ولا يتندرون بحكم آل سعود بدلا من حكم قراقوش، وأحمد الله أيضاً.. أحمده على قطع رجلي فقط… لاني لم أغلط وأقل لابن جلوي بأنني لمست كيس القهوة برأسي لكيلا يقطع رأسي… ولكنه عمل اليهود)…
وقصة أخرى نسقوها لشعراء المديح ومزيفي التاريخ، وكذلك نسوقها لذوي الضمائر الحية والميتة:
فقد أحد الامريكان قلمه فاتهم به عامل يدعى محمد العتيبي فاقتادته شركة أرامكو الاستعمارية إلى ابن جلوي وقطعوا يده في الحال مع نفيه عن المنطقة حيث مات في الطريق وفي اليوم التالي وجد الامريكي المجرم قلمه في جيب قميصه الثاني…
وكانت تلك المهزلة واحدة من تسالي الامريكان المضحكة حول أكواب الويسكي المتجاوبة مع هزات رقصة الروك اندرول في “امريكان سيتي” (المستعمرة الامريكية) وواحدة من مهازل الامن السعودي الامريكي المزعوم…
وهذه حكاية أخرى تفضح مزاعم الدجالين عن الامن السعودي المزعوم… اسمعوا الحكاية.. الغصة:
وجد راع من أبناء ـ قبيلة المرة ـ عند مرعى غنمه لوحا مركوزا من قبل رسل شركة ارامكو في أرضنا العربية عن البترول العربي فأخذه الراعي العربي ليهش به على غنمه، فقابله أحد الامريكان وعرف أن اللوح الذي لا يزيد طوله عن أربعة أقدام فقط، هو من العلامات الكثيرة التي تركزها شركة أرامكو وتملأ بها أرضنا كعلامات مميزة لملكية شركة أرامكو الاستعمارية لارضنا الشاسعة الواسعة، فاقتاد الامريكي الراعي العربي إلى أقرب مركز للشرطة السعودية حيث كتبوا إلى ابن جلوي على قطعة من روق اللف أسموها معاملة كتبوا عليها كلمة تقول”بأن الراعي سرق اللوح من شركة أرامكو”، فجاء الرد الجلوي في الحال “لاجراء اللازم حسب النظام، اقطعوا يد السارق، مع تغريمه خمسمائة ريال كثمن للورق وخدمة للمعاملة وأتعاب لعبدنا الذي قطع يده ورد اعتبار لشكة أرامكو وضيوفنا الامريكان”…
أيها الناس: هكذا نعيش في حكم الاحتلال السعودي، هكذا يعيش الفرد مجردا من أبسط الحقوق الانسانية، حيث لا توجد قوانين تشكل ضمانا لحماية حقوق الوطن والمواطنين وصون الكرامة والقيم الإنسانية المهدورة، طغيان بلا أنظمة إلا القرآن الكريم الذي جنوا عليه هو الآخر مثلما جنوا على شعبنا وحرفوا آياته الكريمة تحريفا واضحا عن حقيقتها الإنسانية التي نادى بها محمد كهدي للناس ونذيرا للطغاة الظالمين وحربا شعواء على الملوك وبني صهيون أينما كانوا حيث أخذوا يحرفون القرآن الكريم لصالح فسقهم وفسادهم رغم أن القرآن الكريم يصرخ في وجوه الطغاة قائلا:
(السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء من الله نكالا بما كسبا) وهذه الآية القرآنية الكريمة لا تعني أن تقطع أيدي أبناء الشعب الكريمة وانما يعني أن تقطع أيدي الملوك والامراء وأيدي الحكام الخونة الذين يسرقون الملايين من أفواه الملايين…
يسرقون الشعب كله وحرياته كلها ويعتدون على كل حرماته، وهذا ما جعل النبي محمد عليه السلام يرفض وساطة من توسطوا لاحدى الاميرات والامراء الاغنياء عندما سرق الامير قائلا عليه السلام (والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها فاقطعوا يدا هذا النبيل) وقال ما معناه (لقد كان من سبقكم من الكفار يتركون أيدي النبلاء تسرق ويقطعوا أيدي الفقراء).
كما شرع عمر بن الخطاب بقطع يد أحد النبلاء حينما جاءه يشكو إليه أن عاملا عنده قد سرق بعيره فقال عمر (أطعموا عمالكم مما تطعمون لو لم يكونوا جياعا لما سرقوا).
ومع ذلك فهناك شئ ربما يخفى على الناس.
وهو أن عصابة الاحتلال السعودي تعتبر عضو في الجامعة العربية وعضو في الامم المتحدة ولها مكتب دائم لدى هيئة الامم ينفق عليه 50 مليون دولار سنويا ولها مندوب في هيئة الامم يتقاضى 50 ألف دولار صافية مهمته الصراخ في أمريكا بالدعاية للاستعمار السعودي.
وما سبق ذكره أمثلة فقط على ما حدث ويحدث في الاحساء العاصمة وفي القطيف والجبيل ودارين وبقية أجزاء المنطقة الشرقية وكل أنحاء البلاد التي انخدع بعض كبارها آنذاك بالدخول في جنة آل سعود الموعودة، التي كان يعدهم ويمنيهم بها وما يعدهم الشيطان إلا غرورا…
ولكنهم قبلوا الدخول تحت حكم ابن السعود لانهم ظنوا أن حكمه سيكون كما وعد به وعاهدهم عليه “أصلح” حكما ممن كانوا يحكمونهم من أمراء ومشايخ وعثمانيين يسلبون أرزاقهم ويعتدون على حرياتهم، كما رأوا أن هذه المناطق القريبة من الساحل قد أصبحت عرضة لانواع من القراصنة والغزاة وظنوا أنهم بانضمامهم لابن السعود سيكون لهم دولة كبيرة قوية تقدمية موحدة يعيشون في رحابها في بحبوحة من العيش الكريم محافظين على حرياتهم ومعتقداتهم بعد أن أرسل لهم ابن السعود من يفاوضهم على هذا باسمه ويقسم لهم أغلظ الايمان…
وكان الانكليز حتّى تلك الايام لم يروا جدوى الكشف عن وجوههم كثيرا خوفا من (جيش الاخوان) الذي لقنه تجار الدين السعودي الوعاظ بأمر من الانكليز أنفسهم (بأن جميع حكام وشعب الجزيرة العربية والبلاد العربية الاخرى كفارا) وكما هو معروف، كان اتصال الانكليز بعبد العزيز بن السعود يجري بواسطة جون فيلبي ورجال بعثته الذين أصبحوا من رجال الدين والقضاء السعودي بعد أن أطلقوا ذقونهم وأشهروا اسلامهم زيفا وأخذوا يصلون أكثر من الحد المعقول، وأحيانا يجري الاتصال الانكليزي بواسطة أعضاء (مجلس الربع) ذوي الالسنة والسحن العربية والضمائر الميتة الانكليزية، أمثال حافظ وهبة ويوسف يس، ولكنه ما أن بقيت سواحل الخليج العربي مفتوحة بعد التسلط السعودي على مناطق الاحساء والقطيف والجبيل ودارين حتّى رأى الانكليز أنه لا داع للاختفاء كثيرا بل يجب الوقوف علانية لحماية هذه العصابة السعودية واعطاءها (صفة الدولة) بعد أن خرج الاتراك حتّى لا يعودوا وخاصة بعد أن رأى الانكليز أن الاتراك قد شنوا حملة على عميلهم عبد العزيز من ميناء العقير فخشي الانكليز أن يعاود الاتراك حملتهم بقوة أقوى، لهذا لابد من ردع الاتراك، فأرسلوا عددا من البواخر الحربية الانكليزية إلى ميناء العقير والجبيل وسواحل القطيف والاحساء ودارين وانزل عدد من الانكليز في المراكز الحساسة وأكد الانكليز للاتراك أنهم سيحمون ابن السعود بأي شكل من الاشكال.
وساعد على صد الاتراك اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914 م وزج الاتراك بأنفسهم يخوضون غمارها مع الالمان حيث أنهكت قوى الاتراك.
ولكن الانكليز رأوا أن مجرد المناصبة العادية مهما كان حجمها الكبير لا يجدي وانما لابد من اعلان الحماية لآل سعود بصفة رسمية أمام العالم ليبقى لهم حق الحماية “المشروعة” وانجاح هذا الذلول…
فتوجه الكولونيل السير برسي كوكس المعتمد البريطاني في سواحل الخليج العربي سنة 1915 حيث قابل الامير عبد العزيز بن السعود في مخيم العقير لاول مرة .
ويقول الكولونيل برسي كوكس (لقد كانت أول مرة لي أقابل فيها أميرنا عبد العزيز بن السعود، ولقد أعجبت به ولم يخب ظن أحدنا بالآخر وقلت له: انك شخصية قوية يا عبد العزيز.
فرد عبد العزيز بقوله: أنتم الذين كونتم لي هذه الشخصية وهذا الجاه ولولا بريطانيا العظمى لم يكن يعرف أحد أن هناك شيئاً اسمه عبد العزيز آل سعود، لولاكم كنت أقيم لاجئا في الكويت، انني بكم وصلت إلى لقب الامير عبد العزيز بن سعود وسوف لن أنسى لكم هذا الفضل مدى حياتي وسأبقى لكم خادما مطيعا منفذا لما تريدون) ويقول جون فيلبي الذي حضر هذا الاجتماع: ورد السير برسي كوكس قائلا: (نحن لم نمنحك لقب ـ أمير ـ فقد كنت أميرا بطبيعتك أما اللقب الذي سأقلدك وسامه الآن باسم بريطانيا العظمى فهو لقب ـ السلطان عبد العزيز سلطان نجد والاحساء والقطيف والجبيل)…
فقلده وسام السلطنة البريطانية ـ وقال: وفي المستقبل القريب سنقلدك وسام سلطنة حائل بعد القضاء على خصومنا ثم سلطنة الحجاز ونجد لتصبح سلطان نجد والحجاز وملحقاتهما ثم نجعل منك ملكا بعد تسليمك عسير وبعض الامارات الاخرى لنطلق عليها اسمكم فتصبح (المملكة السعودية) ـ وهنا استفسر عبد العزيز وهو يقبل جبين الكولونيل كوكس ويده اليمنى ترتعش من شدة الفرح ويردد: ـ (الله يقدرنا على خدمتكم الله يقدرنا على خدمة بريطانيا ـ ماذا تعني بالامارات يا سيدنا برسي)؟…
فتكلم المستشار عبد الله الدملوجي مسابقا الكولونيل بقوله: ان الكولونيل ـ يعني بالامارات الاخرى مثل البحرين والكويت وقطر والشام وفلسطين والعراق واليمن ـ فقاطعه السير برسي كوكس بكلمة حاول فيها اخفاء ملامح الغضب من وجهه بابتسامة استخفاف قائلا: كلا…. كلا… انّما أقصد: نجد وحائل والحجاز والاحساء والجوف، لاننا لا نضمن وقوف آل رشيد أو استمرار الحسين بن علي معنا، ولذلك سننقل الحسين بن علي لتعيينه إذا أراد وأولاده ملوكا على العراق وسوريا، ولكننا نعتقد أن الحسين سيرفض الاستجابة لتعيينه في منصب أصغر مما يتخيله في عقله وحينها سنضطر إلى نفيه بعيدا، أما أولاده فنتوقع موافقتهم، أما امام اليمن فنحن نمده الآن لمحاربة الاتراك في اليمن وسنضع حدودا لكل من ممالككم ونحن نحارب توحيد البلاد العربية تحت حكم رجل واحد حتّى ولو كان ملكا لأن هذا ليس في صالح بريطانيا، فالتوحيد سينتج عنه ذوبان الاقاليم وتلاشي التبعيات وبذلك يصبح العرب قوة كبرى تقف في وجه مصالحنا المشتركة، كما أن وضع البلاد العربية تحت حكم شخص واحد سيضعف هذا الشخص في يوم من الايام فتحدث بعد ذلك ثورات قد تؤدي إلى قيام جمهورية عربية واحدة، ثم أن عندنا الان مشكلة اليهود وفلسطين، اننا نريد حسمها لنمكن اليهود من العيش بسلام في وطن لهم بعد هذا التشرد الطويل، ونريد أن يساعدنا ملوك العرب بصفتهم يمثلون الشعوب العربية التي ستعارض فكرة اعطاء اليهود أرضا في فلسطين، فما هو رأي السلطان عبد العزيز؟…
فاستفسر عبد العزيز عن رأي السير كوكس بقوله: (ماذا تعني بهذا الكلام؟…)
فخشي السير كوكس من أن يكون عبد العزيز بسؤاله هذا قد استاء من موضوع ايجاد اليهود في فلسطين، فرأى أن يمهد لما يريد من عبد العزيز اجابة عليه، فقال السير كوكس: (انني واثق منك يا عبد العزيز بأنك سوف لا ترد لنا طلبا وان الحياة كلها مصالح مشتركة، فلولا مصالح بريطانيا لا يمكن لنا أن نساعدك يا عبد العزيز.
ولو لم تكن أيها السلطان موضع ثقة منا لما دعمناك وحاربنا من أجلك والذي أريد أن أقوله هو هل يمكن فيما لو طلبنا منك أن تعترف لنا بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود أن نطمع بالموافقة؟، أعتقد أن في هذا ضمانة لبقائك كما هو من صالح بريطانيا أن يكون لليهود كيان ووطن، وما هو صالح لبريطانيا لاشك في صالحك..
ويتابع جون فيلبي قوله: فضحك عبد العزيز ساخرا من هذا الطلب.. وألقيت نظرة فاحصة على وجه الكولونيل كوكس وإذا به قد امتعض… لا شك أنه خشي مثلما خشيت أنا أيضاً أن تكون ضحكة السلطان عبد العزيز الساخرة بداية للخروج عن الطاعة ورفض الطلب الذي لم يسبق للسير كوكس أن تفوه به لاحد قبل عبد العزيز بل لا يمكن أن يتفوه به السير كوكس لو لم يكن مكلف في بحثه في دائرة المخابرات العامة في لندن وبذلك توقعنا تلك اللحظة أن نخسر عبد العزيز ويخسر هو نفسه ويكون لورنس قد انتصر في اصراره على رأيه القائل بأن ـ الحسين بن علي ـ كان أصلح لبريطانيا من عبد العزيز ابن السعود…
ولكن سرعان ما تبددت أوهامنا وتحقق صواب رأيي في صاحبي العزيز عبد العزيز الذي طالما دافعت عنه.. قال السير كوكس بسخرية: لماذا تضحك من قولنا يا عظمة السلطان عبد العزيز؟!
فرد عظمته قائلا: شئ مضحك فعلا!. شئ مضحك ان تطلبون مني أن أوافق على اقامة وطن لليهود في فلسطين ـ بينما اليهود موجودين في فلسطين فعلا والانكليز يحكمون فلسطين فعلا وبامكان الانكليز اعطاء اليهود ما يشاؤون من هذه الأرض التي يحكمونها، هذا ما يضحكني ويضحكني أيضاً أن ينشئ الانكليز ممالك وملوك وسلاطين ومع ذلك يطلبون أخذ الموافقة ممن أقاموهم بأيديهم من هؤلاء السلاطين والملوك، ثم أضحك أيضاً مماذا يستفيد الانكليز من موافقة واحد مثلي يرجو عون الانكليز ويمد اليهم يده كل شهر ليتقاضى معاشه من الانكليز ويستطيع الانكليز رفع مرتبه أو تخفيضه أو قطعه واسقاطه شخصياً أو انجاحه؟!.. قال كوكس: ان ما تقوله يا عظمة السلطان كله صحيح، ونحن لم نمنحكم ألقاب السلاطين والملوك ونمدكم بالعون والنجاح الا لتكونوا ممثلين للشعوب العربية وبذلك يكون لاعترافكم قيمة وشرعية فأنتم محسوبون من الانكليز ووجود الانكليز أو إسرائيل في فلسطين أو أي بلد عربي يعتبر انتهاكا لحرمة هذا البلد، هذا ما يقال وما هو واقع اليس كذلك يا عظمة السلطان؟…
فرد عبد العزيز قائلا: نعم… لا شك… وإذا كان لاعترافي هذه الاهمية عندكم فأنا أعترف ألف مرة باعطاء اليهود وطنا في فلسطين أو غير فلسطين، وهذا حق وواقع… وهنا دس عبد العزيز يده وأخرج ورقة صغيرة كانت في جيبه المتدلي من أعلى صدره إلى أسفل بطنه وكتب السلطان بخط يده يقول (أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود أقر وأعترف للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من اعطاء فلسطين لليهود أو غيرهم كما ترى بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتّى تصيح الساعة)!…
وصياح الساعة معناه: قيام الساعة… أي القيامة.. ولو كان عبد العزيز يؤمن بقيام القيامة ما قام بهذا العمل.. لكنه السلطان عبد العزيز… صديق بريطانيا الأول…
وقال فيلبي: بعد انفضاض هذا الاجتماع أخذت أمازح عبد العزيز متسائلا وقلت: كيف تبصم يا عظمة السلطان بهذا الشكل؟.
ألا تتوقع أن يغضب العرب على عظمتكم فيما لو عثروا على هذه الوريقة؟ فقال باستهزاء: العرب؟!… العرب، وين العرب؟… نحن سلاطين العرب يا حاج فيلبي… لورنس اسمه ملك العرب… وفيلبي اسمه شيخ العرب… ولو انتظرنا رأي العرب ما أصبحنا سلاطين كما ترى… وما دامت بريطانيا راضية فلا يهم ان غضب العرب أو رضوا…. وما دام هذه الورقة عند كوكس فهي في مأمن.
قلت للسلطان: ربما يسبب هذا التوقيع تشريد شعب فلسطين بكامله من فلسطين… فرد عبد العزيز علي بقوله وهو يضحك بصوت مرتفع: “ألا ترى أننا قد شردنا من جزيرة العرب الكثير من أهلها وسنشرد الكثير أيضاً وتعلم أننا كفّرنا العرب المسلمين وهم ليسوا كفارا ارضاء لبريطانيا فهل تريد أن اغضب بريطانيا لأن عدداً من أهل فلسطين سيشرد؟… أهل فلسطين لا يستطيعون حمايتي إذا لم تحميني بريطانيا من الاعداء ولتحترق فلسطين بعد هذا… من يعرف أن في نجد شيئاً اسمه السلطان ابن سعود لو رفضت التوقيع أو عارضت أوامر سيدنا كوكس… أنت تمزح والا صادق يا فيلبي؟…” قلت وأنا أبتسم: لا يا عظمة السلطان انني أمزح لأرى ما تقول… وبعد ذلك قرر السير برسي كوكس رفع مرتب السلطان عبد العزيز بعد أن تظلم السلطان من ضآلة مرتبه عن مرتبته، ورفعه من /500/ جنيه استرليني في الشهر إلى/5000/ ومن ثم وضعنا معاهدة للحماية وقعها كل من كوكس وعبد العزيز وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم !
هذه معاهدة بين الحكومة البريطانية من جهة، وبين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود أمير نجد والاحساء والقطيف وجبيل وجميع المدن والمرافئ التابعة لهذه المقاطعات من جهة أخرى.
الحكومة البريطانية باسمها وعبد العزيز باسمه وباسم ورثته وأخلافه ورجال عشيرته، عينت الحكومة البريطانية الكولونيل السير برسي كوكس معتمدها في سواحل خليج العجم مفوضا لاجل أن يعقد معاهدة مع عبد العزيز ابن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ضمن المقصد الاتي.
توطيد وتوكيد الصداقة الموجودة بين الطرفين منذ زمن طويل وتأييد منافعهما المتقابلة: ان الكولونيل السير برسي كوكس، وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ـ المعروف بابن السعود ـ اتفقا وتعاقدا على المواد الآتية: ـ
أولا ـ ان الحكومة البريطانية تعترف وتقبل بأن نجدا والاحساء والقطيف وجبيل وملحقاتها، التي تعين هنا، والمرافئ التابعة على سواحل خليج العجم ـ كل هذه المقاطعات هي تابعة للامير سعود وآبائه من قبل، وهي تعترف بابن سعود حاكما مستقلا على هذه الاراضي، ورئيسا مطلقا على جميع القبائل الموجودة فيها، وتعترف لاولاده وأعقابه الوارثين من بعده، على أن يكون خليفته منتخبا من قبل الامير الحاكم.
وأن لا يكون مخاصما لانكلترا بوجه من الوجوه، أي أنه يجب أن لا يكون ضد المبادئ التي قبلت في هذه المعاهدة.
ثانيا ـ إذا تجاوزت احدى الدول على أراضي ابن سعود أو أعقابه من بعده دون اعلام الحكومة البريطانية ودون أن تمنح الوقت المناسب للمخابرة مع ابن سعود لاجل تسوية الخلاف فالحكومة البريطانية تعاون ابن سعود ضد هذه الحكومة، وفي مثل هذه الظروف يمكن للحكومة البريطانية بمساعدة ابن سعود أن تتخذ تدابير شديدة لاجل محافظة وحماية منافعه.
ثالثا ـ يتعهد ابن سعود أن يمتنع عن كل مخابرة أو اتفاق أو معاهدة مع أية حكومة أو دولة أجنبية، وعلاوة على ذلك فانه يتعهد باعلام الحكومة البريطانية عن كل تعرض أو تجاوز يقع من قبل حكومة أخرى على الاراضي التي ذكرت آنفا.
رابعا ـ يتعهد ابن سعود ـ بصورة قطعية ـ أن لا يتخلى ولا يبيع ولا يرهن ولا بصورة من الصور ولا يقبل بترك قطعة أو التخلي عن الاراضي التي ذكرت آنفا، ولا يمنح امتياز في تلك الاراضي لدولة أجنبية أو لتبعية دولة أجنبية دون رضا الحكومة البريطانية، وأنه يتبع نصائحها التي لا تضر بمصالحه.
خامسا ـ يتعهد ابن سعود بأن يبقى الطرق المؤدية إلى الاماكن المقدسة مفتوحة، وأن يحافظ على الحجاج أثناء ذهابهم إلى الاماكن المقدسة ورجوعهم منها.
سادسا ـ يتعهد ابن سعود كما تعهد والده من قبل بأن يمتنع عن كل تجاوز وتداخل في أرض الكويت والبحرين وأراضي مشايخ قطر وعمان وسواحلها وكل المشايخ الموجودين تحت حماية انكلترا والذين لهم معاهدات معها.
سابعا ـ الحكومة البريطانية وابن سعود يتفقان فيما بعد بمعاهدة على التفصيلات التي تتعلق بهذه المعاهدة.
3 يناير سنة 1915
التوقيع الكولونيل السير برسي كوكس
معتمد بريطانيا في ساحل خليج العجم
التوقيع
السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن
آل فيصل سعود خادم الدين والدولة
وبعد.. ليست هذه الادلة والوثائق الدامغة بالمستغربة على الاسرة السعودية وسلالتها عبد العزيز… الذي وصفه خونة المؤرخين بأنه بطل الابطال والموحد الاكبر، وصقر الجزيرة… وتجرأ الشعراء الاجراء إلى تشبيهه بعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد…
ثورة العجمان وتأييد الانكليز المطلق لعبد العزيز
أما شعبنا الذي “منحته” بريطانيا لآل سعود بهذه المعاهدة ـ والذي غلب على أمره فانه لم يسكت فقد أصبح الوجه السعودي العميل يتكشف له على مر الايام، واتضح لابناء البادية الاحرار ما يبيته الاستعمار الانكليزي السعودي لهم، فثارت قبيلة العجمان في الاحساء ـ كرد فعل لهذه المعاهدة ـ سنة 1915 ضد الانكليز ومطيتهم عبد العزيز وكالعادة أخذ الخونة السعوديون والانكليز يتهمون قبيلة العجمان الطيبة بالزندقة والكفر والسرقة ولكن الانكليز تغلبوا بقوتهم على العجمان، فالتجأ ثوار العجمان إلى الكويت وبما أن النفوذ التركي كان لا زال آنذاك أقوى من النفوذ الانكليزي فقد وجد الانكليز أن الفرصة مواتية لدفع عبد العزيز بن سعود لمحاربة الكويت دون الاستيلاء عليها…
حتّى يتمكن الانكليز من دفع الكويت إلى أحضانهم، ولكن موت الشيخ مبارك الصباح أخر هذا الهجوم بانتظار ما يفعله جابر بن مبارك الذي تسلم مكان والده فأمر السير برسي كوكس عبد العزيز بن سعود بأن يستغل هذه الفرصة ويتوجه إلى الكويت معزيا الشيخ جابر في والده ومهنئا اياه في منصبه الجديد وموطدا عرى الصداقة وفي الوقت نفسه يفاتح الشيخ جابر بتجنب الاتراك وبالتقرب إلى الانكليز، فأعطى الانكليز باخرة خاصة لعبد العزيز تقله اسمها (جيمو) حيث وصل الكويت بتاريخ 19 نوفمبر 1916 وفي اليوم التالي دعا عبد العزيز إلى اجتماع كبير في الكويت بناء على طلب الانكليز حضره الشيخ جابر الصباح والشيخ خزعل والسير برسي كوكس وعدد من الانكليز والمشايخ ورؤساء العشائر الموالين لبريطانيا.
ووقف عبد العزيز خطيبا في هذا الاجتماع يقول بلهجته (ان الاتراك كفرة مشركين ملاحدة وكل من يتعاون معهم على أنفسهم بالعزلة عن المسلمين لسوء معاملتهم للشعوب وعدم معاملتنا بالانصاف وعملوا دائما على اضعاف العرب وتفريقهم.
أما الانكليز فهم يعملون دائما على جمع كلمة العرب والمسلمين ومساعدتهم على النهوض وواجب كل عربي وكل مسلم أن يتعاون مع أصدقاءنا الانكليز ويحارب أعداءنا الاتراك) الخ… وكان لهذا الخطاب أسوأ الاثر في نفوس أهل الكويت على هذه المقارنة غير الحكيمة وعرف أهل الكويت بلسان من يتكلم هذا الببغاء، وعاد سوء التفاهم من جديد، فأرسل الانكليز مجموعة من قوات عبد العزيز لمهاجمة الكويت فوقعت معركة (حمض) سنة 1337 ـ 1919 فنهبوا من الابل والاغنام والذخائر الانكليز.
ولم يكتفوا بذلك بل عادوا سنة 1338 هـ 1920 م وهاجموا الكويت وقتلوا عدداً من الآمنين من أبناء الكويت وعرفت هذه المعركة بمعركة (الجهرة) حيث حاصر الجيش الانكلو سعودي الشيخ سالم الصباح وكادوا يأسرونه لو لم ينجده ابن طوالة بقوة من قبائل شمر وكذلك العجمان وبعض القبائل وينهزم جيش الانكليز السعودي، وتوفى الشيخ سالم الصباح عام 1921 وتقهفر الاتراك من الكويت وعاد الصفاء بين بريطانيا وحاكم الكويت الجديد وتوقفت هجمات السعوديين بأمر أسيادهم الانكليز الذين عززوا جون فيلبي بمساعدين له لتوجيه عبد العزيز، وهذان المساعدان هما الميجر كنليف اوين،
والميجر هاملتون ـ (اللورد بلهافن) وكانوا جميعا وعلى رأسهم فيلبي وكوكس يؤيدون عبد العزيز دون غيره من الحكام… حتّى أن كوكس عندما عقد المؤتمر العام لرجال المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط، وحضره كوكس نيابة عن مكاتب الخليج التابعة لحكومة بريطانيا في الهند وقد انعقد المؤتمر في القاهرة بتاريخ 23 مارس 1918، بدائره مكتب المخابرات في القاهرة المسمى “المكتب العربي” تحت رئاسة السير ريجنلد ونجت المندوب السامي في مصر وحضور الجنرال كليتون والكومودور هو جارت والميجر كورنوالس، بحضور الكولونيل سيريل ولسون ممثل الحكومة البريطانية لدى الشريف في الحجاز..
وقف السير ولسون ممثل الحكومة البريطانية بشدة وحدة بقوله: (مستحيل أن تجد بريطانيا من تستطيع أن تقوده أو تسوقه أو توقفه متى شاءت أو تحركه طوع ارادتها فيتحرك خلاف عبد العزيز بن سعود مهما كثر عملاء بريطانيا…
انّه أخلص المخلصين لنا… ولهذا يجب أن ننهي الشريف حسين من الحجاز.
وأن لا مجال مقارنة بين الشريف حسين وعبد العزيز آل سعود.
وإذا طلب منا الشريف حسين معرفة رأي بريطانيا عن تجاهلنا له فيجب أن نصارحه بالامر الواقع، أما إذا لم يطلب فسنتركه حتّى يتولى مكانه ابن سعود.
والمهم ان نمكن عبد العزيز ماليا وعسكريا لاحتلال حائل فهي الخطر الصامد امامنا بقبائلها قبائل شمر المقاتلة القوية ونقضي على آل رشيد) فرد الكولونيل سيريل ولسون على السير كوكس مؤيدا الابقاء على الشريف مع الانتفاع بالاثنين ـ الشريف وابن السعود ـ ومما قاله: (أنك قد تعلم يا سيد كوكس أن مشيك على قدم واحدة في الجزيرة العربية يتعبك جدا) فرد السير كوكس عليه قائلا: (كلا … أننا سنمشي على قدمين مع أن الإنسان قد يستغني عن واحدة إذا أصيبت بداء فيقطعها.. انني أكدت لكم أن ابن السعود أصلح لنا من الشريف حسين الذي رفض التوقيع أو الموافقة لاقرار وضع اليهود في فلسطين ولهذا نريد أن نرسل ابن السعود لتأديب الشريف حسين واخضاعه لنا، وإذا لم يخضع فسيرى الجميع آنذاك أن استئصاله أصلح لنا مع الاستفادة من أبناءه في أماكن غير الحجاز وتسليم الحجاز لابن السعود)!..
كان هذا هو رأي السير كوكس في ابن السعود، إلا أن الاغلبية من رجال المخابرات البريطانية الذين حضروا هذا المؤتمر رأوا “تأجيل موضوع ارسال ابن السعود لتأديب الحسين إلى بضعة أشهر حتّى يعاودوا الاتصال مع الحسين لعله يوافق على موضوع حق اليهود في فلسطين”…
ولكنهم عادوا من جديد ونفذوا رأي كوكس (وكوكس ـ يهودي صهيوني) فأخذوا يعدون العدة… وعرف الحسين بن علي بالامر فأخذ يعد هو الآخر عدته لصد العدوان السعودي، فأعد جيشا قوامه 40 ألفا بقيادة ابنه عبد الله، وهكذا رأت بريطانيا التي كانت تمشي على قدمين في الجزيرة العربية أن تركل الهاشميين من الحجاز بقدمها الثانية ـ ابن السعود ـ فأمرته بالزحف على الحجاز وكان جيش الحسين بن علي قد زحف هو الآخر وعسكر في “تربة والخرمة” وهي واحة تقع بين الحجاز ونجد…
وفي ليلة 25 شعبان سنة 1337 هـ ـ 1919 م كانت (مجزرة تربة) الشهيرة… وكانت غدراً أكثر منها شجاعة، فقد وضع الانكليز خطة من أسهل الخطط للقضاء على الـ 40 ألف جندي من جنود الشريف ونجحت الخطة…
والمعروف أن قبيلة عتيبة تنقسم إلى قسمين قسم يعيش في الحجاز ويؤيد بعضه الأشراف والقسم الاخر يعيش في نجد ويؤيد بعضه آل سعود وقائد هذا القسم كان فيصل الدويش، فخطط جون فيلبي لذلك الهجوم وأرسل جنديين من جنود عتيبة نجد ليندسا بين صفوف أبناء عمهم من جنود الشريف حسين من عتيبة الحجاز وأمر أحد الجنديين أن يقف في ميمنة الجيش الهاشمي وان يقف الآخر في الميسرة ويطلق كل واحد منهما النار صوب الآخر، في ظلام الليل تم يصرخ الايمن في الجند الهاشمي النائم ليلا قائلا بأعلى صوته (ارمو… ارمو… جند ابن السعود هجم من اليسار) ويصرح الايسر بالقول نفسه (ارمو… جند ابن السعود هجم من اليمن) فيباغت الجيش الهاشمي ويذبح بعضه بعضا… كما ارسل الانكليز والسعوديون عدداً من الجواسيس السعوديين للتسلل إلى داخل صفوف جيش عبد الله بن الحسين ليبثوا فيه الرعب والتخاذل بل واستطاعوا أن يرسلوا بعض الجواسيس للتسلل إلى المدافع والرشاشات وافسادها وجعلها غير صالحة للاطلاق…