جون
06-29-2012, 02:21 PM
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/06/28/66577.gif (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2012/06/28/66577.gif)
صورة لعبدالكريم ابل جالسا بجانب الشيخ أحمد الجابر الصباح
والشيخ عبدالله الخليفة الصباح
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/06/28/66578.gif (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2012/06/28/66578.gif)
شيك من قبل البنك الشرقي المحدود
فرع البصرة لعبدالكريم ابل بقيمة 2000 روبية في عام 1936
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/06/28/66579.gif (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2012/06/28/66579.gif)
محل عبدالكريم ابل.. صورة حديثة للسوق الداخلي - سوق التجار
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/06/28/66580.gif (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2012/06/28/66580.gif)
صورة لبعض التجار من ضمنهم عبدالكريم ابل أخذت في شيراز عام 1922 من اليمين جلوسا يوسف شيرين، عبدالكريم ابل، محمد المتروك، ميرزا عباس وأخيرا موسى المزيدي، أما الواقفون فمجهولون
محمد إبراهيم الحبيب *
تتحدث الوثائق البريطانية عن دور الوكيل المالي للشيخ أحمد الجابر، عبدالكريم أبل الذي كان أول من امتلك دكانا في السوق الداخلي، وأحد مؤسسي الحسينية الخزعلية والمدرسة الجعفرية.
يعتبر دور تجار الكويت كإحدى «الطبقات الاجتماعية» المساهمة في تشكيل النظام الاقتصادي لامارة الكويت قبل ظهور النفط موضوعا ذات أهمية. فقد تطرقت Jill Crystal في كتابها Oil and Politics in the Gulf: Rulers and Merchants in Kuwait and Qatar، الى الدور الاقتصادي الذي لعبه التجار قبل اكتشاف النفط، وتحول العلاقة الودية بين حكام الكويت مع أغلب التجار العرب الى صراع اجتماعي وسياسي فيما بعد. غير ان النظام الاقتصادي قبل مرحلة النفط يحتاج الى ان يناقش وفق جوانب عديدة أهمها العلاقات الاجتماعية والتجارية Social and Commercial Network لتجار الكويت مع بعضهم البعض من جانب ومع تجار ووكلاء وممثلي شركات مناطق الخليج والمحيط الهندي من جانب آخر.
لذا ومع ظهور الكثير من الوثائق الشخصية المحتفظة لدى بعض أحفاد تجار الكويت والاستعانة بالوثائق البريطانية التي سجلت تقارير مهولة لأغلب تجار الكويت، لا بد من تبني دراسة علمية تناقش دور التجار وعلاقاتهم التجارية في بناء النظام الاقتصادي الكويتي أثناء تلك الحقبة.
وفي هذا السياق تسلط هذه الدراسة المختصرة الضوء على عبدالكريم أبل، أحد تجار الكويت في النصف الأول من القرن العشرين، الذي، على الرغم من تسجيل الوثائق البريطانية دوره الاقتصادي الكبير وعلاقاته التجارية الاقليمية والعالمية، الا أنه لم يأخذ مساحة - كغيره من تجار الكويت- في تاريخ الكويت تليق بالدور الذي قام به.
اعتمدت هذه المقالة على وثائق بريطانية محفوظة في المكتبة البريطانية في قسم Asian and African Studies لم تناقش من قبل، ووثائق شخصية محفوظة عند عائلة أبل تخص أعماله ونشاطاته.
خطوط التجار في البر والبحر
اعتمد اقتصاد الكويت منذ نشأتها حتى ظهور النفط على التبادل التجاري البري والبحري. فكان التجار يقومون بتصدير مواد مثل التمور والأسماك واللؤلؤ، وباستيراد أغلب المواد الغذائية الرئيسية ومواد بناء السفن وغيرها من بضائع متنوعة من موانئ اقليمية مثل البصرة ومسقط والبحرين وموانئ جنوب غرب بلاد فارس، ومناطق عالمية مثل كراتشي وكالكاتا وبومبي وزنجبار ومانشستر. بينما كانت القبائل العربية، مثل العوازم والعجمان والمطير والظفير والشمر وغيرهم، تلعب دورا مهما في التبادل التجاري البري (المسابلة)، وامداد الكويت بالماشية وجلودها ومشتقاتها اللبنية وغيرها من بضائع عن طريق القوافل القادمة من شبه الجزيرة العربية والشام وجنوب بلاد النهرين (العراق) إلى الكويت.
وان مثل تلك الخطوط التجارية البحرية والبرية المحملة ببضائع التجار الكويتيين وغيرهم، هي التي ساهمت في تمكين أهل الكويت من الحصول على أغلب حاجياتهم الأساسية، أهمها الغذاء والماء، لكون الكويت تفتقر إلى الاكتفاء الاقتصادي الذاتي. وبالتالي، فان النظام الاقتصادي السائد ما بين الربع الاخير من القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين ما هو الا حلقة من سلسلة نظام اقتصادي متكامل استمرت عليه الكويت منذ النشأة. وبالتالي فهي على الأرجح تعكس النظام الاقتصادي في مرحلة مبكرة من تاريخ الكويت.
لذلك، نجد أن في النصف الأول من القرن العشرين هناك الكثير من الوثائق التي توضح ان دور التجار الكويتيين في عملية التبادل التجاري بين الكويت وجاراتها من جانب والقارة الهندية من جانب آخر، قد قام على أسس كثيرة أهمها العلاقات التجارية التي تكرس مفهوم «المنفعة التجارية المتبادلة»، ومحاولة التوسع التجاري الاقليمي والعالمي.
وفي ضوء ذلك استقر الكثير من التجار الكويتيين خارج الكويت اما في الهند مثل فهد الفليج ومحمد المرزوق وأخيه فهد المرزوق ومحمد حمود الشايع وغيرهم، أو في ما بين المحمرة والبصرة مثل التاجر محمد عبدالله المتروك (انظر ارشيف المتروك في bin-matrook.com وR/15/5/179). ورغم استقرار الكثير من التجار الكويتيين في الكويت الا انهم كانوا دؤوبي السفر إلى مناطق الخليج أو الهند، للاشراف على العمليات التجارية. وعلاوة على ذلك نجد ان الكثير من التجار الكويتيين كان لهم وكلاء ثقات أو ممثلون في مناطق الخليج والهند لتسهيل العمليات التجارية من جهة وتقليل مشقة السفر وعنائه من جهة اخرى.
التجار بحسب أصولهم!
من خلال النظر في الوثائق الشخصية لكثير من التجار ومقارنتها بالوثائق البريطانية يلاحظ ان التجار ذوي الأصول الفارسية كانت معاملاتهم وعلاقاتهم التجارية في أغلبها مع تجار ووكلاء من بلاد فارس والمحمرة والبصرة، بينما تحظى مسقط والهند بمكانة أقل نوعا ما لأنشطتهم التجارية.
في حين نجد أن البصرة والبحرين ومسقط والهند هي أهم الاماكن التي بنى فيها التجار الكويتيون ذوو الأصول العربية علاقاتهم التجارية. ويرجح ان عوامل كثيرة منها اللغة والأصل العرقي والعلاقات الاجتماعية لعبت دورا مهما وأثرت نوعا ما في اختيار مناطق التبادل التجاري للتجار الكويتيين.
غير ان هذا لا يعني ان التبادلات التجارية لتجار الكويت ذوي الأصول الفارسية والعربية انحصرت في المناطق المذكورة فقط، خصوصاً أن الأمثلة كثيرة لا تسعنا مناقشتها هنا. كما ان أغلب التجار كانوا يطمحون للتوسع التجاري العالمي اينما وجد من دون وضع «حدود للتبادل التجاري» شريطة توافر ظروف تلائم امكانات التجار المالية وعلاقاتهم التجارية والاجتماعية على الصعيدين الاقليمي والعالمي. وهذا انعكس بدوره بالايجاب على تنشيط حركة التجارة في الكويت في النصف الأول من القرن العشرين.
عبدالكريم أبل وفقاً للروايات الشفهية
يتحدرعبدالكريم أبل، المولود عام 1882 - تقريبا - من أسرة أبل، والتي هي امتداد لأسرة آل عبدالرحيم (النقي، ابل، عبدالرحيم، بوفتين) التي نزحت إلى الكويت من جنوب غرب بلاد فارس في مراحل مبكرة من نشأة الكويت يصعب تحديدها. علما بان - وفقا للروايات الشفهية - عائلة ابل تعتبر إحدى الأسر القاطنة في فترات مبكرة من تاريخ الكويت (مقابلة مع قاسم أبل عبدالرحيم سنة 2009). فقد نشأ عبدالكريم وترعرع في حي الوسط، إلا أنه اعتبر من أهالي شرق. له اثنان من الأولاد أحمد وعلي وست بنات.
اعتبر أحد مؤسسي الحسينية الخزعلية عام 1916، والمدرسة الجعفرية في الثلاثينات من القرن الماضي، حظي بمكانة مميزة بين أهالي الكويت. كما يقال إن التجار أطلقوا على السوق الداخلي بسوق عبدالكريم، كون الأخير يمتلك أول متجر (دكان) فيه. نال ثقة المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح، حيث أصبح وكيل أعماله، وكانت العائدات المالية للدولة والتي من ضمنها ضرائب الجمرك تحفظ عنده.
وأن أهم الأسباب التي جعلته يحظى بثقة أحمد الجابر هو امتداه العائلي القديم في الكويت والسمعة الطيبة التي اشتهر بها من جانب، وموقفه، مع الكثير من التجار الكويتيين ذوي الأصول الفارسية، في الوقوف إلى جانب أحمد الجابر أثناء مرحلة الصراع الاجتماعي السياسي بين طبقة التجار العرب وحاكم الكويت منذ عام 1921 من جانب آخر.
امتدت علاقات أبل التجارية إلى مناطق مختلفة، مثل البصرة والهند وبلاد فارس. (مراسلات مع خالد أبل 2012).
أمين صندوق الأسرة
كثيرة هي الوثائق التي سلطت الضوء على عبدالكريم أبل في الأرشيف البريطاني، وأنه من المفارقات أن تلك الوثائق أكدت أغلب ما تداولته الروايات الشفهية المنقولة من أسرة أبل. فقد ذكر في أحد التقارير أسماء أهم رجالات الكويت وأشهرهم، كان من بينهم عبدالكريم أبل. عندما يشير إلى أنه ولد في الكويت، وهو من أصول فارسية، كما أنه رجل فطين يبلغ من العمر 63 عاماً، وأنه ضعيف البصر، وقليلاً ما يرد على التحية.
يتحكم في المال الخاص لأسرة الصباح، وهو يعتبر أمين الصندوق في الوقت نفسه، كذلك اعتبر مؤيداً للبريطانيين، وتاجراً يحقق أرباحاً طائلة من خلال الاتجار في القمح وسلع أخرى (انظر R/15/5/179). أما الدليل الآخر على أنه كان الوكيل المالي للشيخ أحمد الجابر، فهو جدول بيان الإيرادات والنفقات المالية للكويت الذي ورد فيه اسم عبدالكريم أبل تحت بند الإيرادات. فكانت الإيرادات التي حصدها أبل بين 8 مايو إلى 6 يونيو 1940 تبلغ 2000 روبية. كما سجل، أيضاً، حصاده المالي ما بين 7 يونيو إلى 6 يوليو من العام نفسه (انظر، R/15/5/196).
وإذا قمنا بمقارنة التقارير البريطانية ببعض الوثائق الشخصية للتاجر، فنجد أنها تؤكد أنه كان الوكيل المالي لأسرة الصباح. ومثال على ذلك الرسالتين اللتان توضحان طلب الشيخ سالم المبارك والشيخ أحمد الجابر من أبل دفع الأموال بالنيابة عنهما. فتشير الأولى إلى أن يتم تعويض سليمان الصويطي بقيمة 318 ريالاً نمساوياً مقابل قيمة ثلاثة ركايب قام بشرائها في عام 1920. وتوضح الثانية أن يتم دفع مبلغ 800 ريال نمساوي لعبدالله الجابر الصباح لتسديد دية رجل يدعى حنيف (وثائق من أرشيف عائلة أبل).
تجارته في العراق
أما عن دوره الاقتصادي، فقد سجلت الحكومة البريطانية العديد من الوثائق عن معاملاته وعلاقاته التجارية المحلية والإقليمية. ففي عام 1930، أعطى عبدالكريم أبل صك توكيل للمحامي سليمان فيضي الموصلي والذي بموجبه يتصرف الأخير بالمدافعة عن أبل ضد أي شخص أو شركة أو هيئة في جميع محاكم العراق. (انظر R/15/5/89)، حيث يدلل هذا التوكيل على ان أبل كانت له معاملات تجارية اقليمية من ضمنها العراق. ومما يؤكد ذلك هو الشيك المحرر لأبل في عام 1936من قبل البنك الشرقي المحدود (فرع البصرة) بقيمة 2000 روبية لإحدى المعاملات التجارية له في المنطقة (وثيقة من أرشيف عائلة أبل).
كما أشارت وثيقة بريطانية أخرى الى انه في عام 1928 كان أبل ينوي زيارة خريسان (خوراسان). غير ان الوثيقة لم توضح مقصد تلك الزيارة سواء كانت عملا تجاريا أم رحلة سياحية ام زيارة أقرباء او أصدقاء (انظر ,93/5/15/R).
استيراد صناديق الشاي
أما على صعيد التجارة العالمية فقد سجلت وثيقة بريطانية في عام 1938 بطلب 15 تاجرا كويتيا -من ضمنهم عبدالكريم أبل -ممن لهم مصالح تجارية في الهند عريضة للشيخ أحمد الجابر ليساعدهم في تسهيل عملية الواردات على صناديق الشاي القادمة من الهند، وعدم فرض اجراءات استثنائية وطلب شهادات اضافية غير المتعارف عليه، لانه في النهاية يعطل عميلة التجارة ويضر بمصالح التجار، الأمر الذي قد يؤثر سلبا على عملية التبادل التجاري بين الكويت والهند. وفي تقرير اخر يوضح ان عبدالكريم أبل استورد 50 صندوقا من الشاي أرسلت له عن طريق حمد العلي القاضي من بومبي في عام 1941. وقد تكررت العملية عن طريق استيراد شحنة اخرى ب 100 صندوق شاي عن طريق جعفر عبدالرحيم مابين عامي 1942 و1943 (انظر R/15/5/204)
كما كان له الدور في المساعدة بتشييد منزل لطبيب دار الاعتماد البريطاني عندما قام عام 1945باستيراد 30 طنH من الأسمنت من مدينة بوربندر في الهند بالنيابة عن الشيخ أحمد الجابر وبمساعدة الوكيل البريطاني في الكويت. كما قام أبل بالعملية نفسها وطلب حمولة قدرها 50 طنا التي كانت قيد الأجراءات التنفيذية من قبل حكومة الهند البريطانية (انظر، R/15/5/10).
توفي عبدالكريم أبل كما سجلت أحد التقارير البريطانية، في 14 من ديسمبر عام 1945 اثر نوبة قلبية (انظر، L/P&S/12/3758). عين ابنه أحمد عبدالكريم فيما بعد ليكون خليفة لأبيه في ادارة الشؤون المالية للشيخ أحمد الجابر وأسرة الصباح (انظر، R/15/5/179). كما عين أحمد في عام 1948 عضوا أساسيا لمجلس استشاري مكون من 12عضوا، وذلك للإشراف على الشؤون التنموية في مجالات مثل الصحة والتربية والبلدية والغذاء (انظر، L/P&S/12/3759A).
❊ طالب دكتوراه قسم التاريخ،
كلية رويال هولووي، جامعة لندن
m_e_alhabib@yahoo.com (m_e_alhabib@yahoo.com)
صورة لعبدالكريم ابل جالسا بجانب الشيخ أحمد الجابر الصباح
والشيخ عبدالله الخليفة الصباح
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/06/28/66578.gif (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2012/06/28/66578.gif)
شيك من قبل البنك الشرقي المحدود
فرع البصرة لعبدالكريم ابل بقيمة 2000 روبية في عام 1936
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/06/28/66579.gif (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2012/06/28/66579.gif)
محل عبدالكريم ابل.. صورة حديثة للسوق الداخلي - سوق التجار
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/06/28/66580.gif (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2012/06/28/66580.gif)
صورة لبعض التجار من ضمنهم عبدالكريم ابل أخذت في شيراز عام 1922 من اليمين جلوسا يوسف شيرين، عبدالكريم ابل، محمد المتروك، ميرزا عباس وأخيرا موسى المزيدي، أما الواقفون فمجهولون
محمد إبراهيم الحبيب *
تتحدث الوثائق البريطانية عن دور الوكيل المالي للشيخ أحمد الجابر، عبدالكريم أبل الذي كان أول من امتلك دكانا في السوق الداخلي، وأحد مؤسسي الحسينية الخزعلية والمدرسة الجعفرية.
يعتبر دور تجار الكويت كإحدى «الطبقات الاجتماعية» المساهمة في تشكيل النظام الاقتصادي لامارة الكويت قبل ظهور النفط موضوعا ذات أهمية. فقد تطرقت Jill Crystal في كتابها Oil and Politics in the Gulf: Rulers and Merchants in Kuwait and Qatar، الى الدور الاقتصادي الذي لعبه التجار قبل اكتشاف النفط، وتحول العلاقة الودية بين حكام الكويت مع أغلب التجار العرب الى صراع اجتماعي وسياسي فيما بعد. غير ان النظام الاقتصادي قبل مرحلة النفط يحتاج الى ان يناقش وفق جوانب عديدة أهمها العلاقات الاجتماعية والتجارية Social and Commercial Network لتجار الكويت مع بعضهم البعض من جانب ومع تجار ووكلاء وممثلي شركات مناطق الخليج والمحيط الهندي من جانب آخر.
لذا ومع ظهور الكثير من الوثائق الشخصية المحتفظة لدى بعض أحفاد تجار الكويت والاستعانة بالوثائق البريطانية التي سجلت تقارير مهولة لأغلب تجار الكويت، لا بد من تبني دراسة علمية تناقش دور التجار وعلاقاتهم التجارية في بناء النظام الاقتصادي الكويتي أثناء تلك الحقبة.
وفي هذا السياق تسلط هذه الدراسة المختصرة الضوء على عبدالكريم أبل، أحد تجار الكويت في النصف الأول من القرن العشرين، الذي، على الرغم من تسجيل الوثائق البريطانية دوره الاقتصادي الكبير وعلاقاته التجارية الاقليمية والعالمية، الا أنه لم يأخذ مساحة - كغيره من تجار الكويت- في تاريخ الكويت تليق بالدور الذي قام به.
اعتمدت هذه المقالة على وثائق بريطانية محفوظة في المكتبة البريطانية في قسم Asian and African Studies لم تناقش من قبل، ووثائق شخصية محفوظة عند عائلة أبل تخص أعماله ونشاطاته.
خطوط التجار في البر والبحر
اعتمد اقتصاد الكويت منذ نشأتها حتى ظهور النفط على التبادل التجاري البري والبحري. فكان التجار يقومون بتصدير مواد مثل التمور والأسماك واللؤلؤ، وباستيراد أغلب المواد الغذائية الرئيسية ومواد بناء السفن وغيرها من بضائع متنوعة من موانئ اقليمية مثل البصرة ومسقط والبحرين وموانئ جنوب غرب بلاد فارس، ومناطق عالمية مثل كراتشي وكالكاتا وبومبي وزنجبار ومانشستر. بينما كانت القبائل العربية، مثل العوازم والعجمان والمطير والظفير والشمر وغيرهم، تلعب دورا مهما في التبادل التجاري البري (المسابلة)، وامداد الكويت بالماشية وجلودها ومشتقاتها اللبنية وغيرها من بضائع عن طريق القوافل القادمة من شبه الجزيرة العربية والشام وجنوب بلاد النهرين (العراق) إلى الكويت.
وان مثل تلك الخطوط التجارية البحرية والبرية المحملة ببضائع التجار الكويتيين وغيرهم، هي التي ساهمت في تمكين أهل الكويت من الحصول على أغلب حاجياتهم الأساسية، أهمها الغذاء والماء، لكون الكويت تفتقر إلى الاكتفاء الاقتصادي الذاتي. وبالتالي، فان النظام الاقتصادي السائد ما بين الربع الاخير من القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين ما هو الا حلقة من سلسلة نظام اقتصادي متكامل استمرت عليه الكويت منذ النشأة. وبالتالي فهي على الأرجح تعكس النظام الاقتصادي في مرحلة مبكرة من تاريخ الكويت.
لذلك، نجد أن في النصف الأول من القرن العشرين هناك الكثير من الوثائق التي توضح ان دور التجار الكويتيين في عملية التبادل التجاري بين الكويت وجاراتها من جانب والقارة الهندية من جانب آخر، قد قام على أسس كثيرة أهمها العلاقات التجارية التي تكرس مفهوم «المنفعة التجارية المتبادلة»، ومحاولة التوسع التجاري الاقليمي والعالمي.
وفي ضوء ذلك استقر الكثير من التجار الكويتيين خارج الكويت اما في الهند مثل فهد الفليج ومحمد المرزوق وأخيه فهد المرزوق ومحمد حمود الشايع وغيرهم، أو في ما بين المحمرة والبصرة مثل التاجر محمد عبدالله المتروك (انظر ارشيف المتروك في bin-matrook.com وR/15/5/179). ورغم استقرار الكثير من التجار الكويتيين في الكويت الا انهم كانوا دؤوبي السفر إلى مناطق الخليج أو الهند، للاشراف على العمليات التجارية. وعلاوة على ذلك نجد ان الكثير من التجار الكويتيين كان لهم وكلاء ثقات أو ممثلون في مناطق الخليج والهند لتسهيل العمليات التجارية من جهة وتقليل مشقة السفر وعنائه من جهة اخرى.
التجار بحسب أصولهم!
من خلال النظر في الوثائق الشخصية لكثير من التجار ومقارنتها بالوثائق البريطانية يلاحظ ان التجار ذوي الأصول الفارسية كانت معاملاتهم وعلاقاتهم التجارية في أغلبها مع تجار ووكلاء من بلاد فارس والمحمرة والبصرة، بينما تحظى مسقط والهند بمكانة أقل نوعا ما لأنشطتهم التجارية.
في حين نجد أن البصرة والبحرين ومسقط والهند هي أهم الاماكن التي بنى فيها التجار الكويتيون ذوو الأصول العربية علاقاتهم التجارية. ويرجح ان عوامل كثيرة منها اللغة والأصل العرقي والعلاقات الاجتماعية لعبت دورا مهما وأثرت نوعا ما في اختيار مناطق التبادل التجاري للتجار الكويتيين.
غير ان هذا لا يعني ان التبادلات التجارية لتجار الكويت ذوي الأصول الفارسية والعربية انحصرت في المناطق المذكورة فقط، خصوصاً أن الأمثلة كثيرة لا تسعنا مناقشتها هنا. كما ان أغلب التجار كانوا يطمحون للتوسع التجاري العالمي اينما وجد من دون وضع «حدود للتبادل التجاري» شريطة توافر ظروف تلائم امكانات التجار المالية وعلاقاتهم التجارية والاجتماعية على الصعيدين الاقليمي والعالمي. وهذا انعكس بدوره بالايجاب على تنشيط حركة التجارة في الكويت في النصف الأول من القرن العشرين.
عبدالكريم أبل وفقاً للروايات الشفهية
يتحدرعبدالكريم أبل، المولود عام 1882 - تقريبا - من أسرة أبل، والتي هي امتداد لأسرة آل عبدالرحيم (النقي، ابل، عبدالرحيم، بوفتين) التي نزحت إلى الكويت من جنوب غرب بلاد فارس في مراحل مبكرة من نشأة الكويت يصعب تحديدها. علما بان - وفقا للروايات الشفهية - عائلة ابل تعتبر إحدى الأسر القاطنة في فترات مبكرة من تاريخ الكويت (مقابلة مع قاسم أبل عبدالرحيم سنة 2009). فقد نشأ عبدالكريم وترعرع في حي الوسط، إلا أنه اعتبر من أهالي شرق. له اثنان من الأولاد أحمد وعلي وست بنات.
اعتبر أحد مؤسسي الحسينية الخزعلية عام 1916، والمدرسة الجعفرية في الثلاثينات من القرن الماضي، حظي بمكانة مميزة بين أهالي الكويت. كما يقال إن التجار أطلقوا على السوق الداخلي بسوق عبدالكريم، كون الأخير يمتلك أول متجر (دكان) فيه. نال ثقة المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح، حيث أصبح وكيل أعماله، وكانت العائدات المالية للدولة والتي من ضمنها ضرائب الجمرك تحفظ عنده.
وأن أهم الأسباب التي جعلته يحظى بثقة أحمد الجابر هو امتداه العائلي القديم في الكويت والسمعة الطيبة التي اشتهر بها من جانب، وموقفه، مع الكثير من التجار الكويتيين ذوي الأصول الفارسية، في الوقوف إلى جانب أحمد الجابر أثناء مرحلة الصراع الاجتماعي السياسي بين طبقة التجار العرب وحاكم الكويت منذ عام 1921 من جانب آخر.
امتدت علاقات أبل التجارية إلى مناطق مختلفة، مثل البصرة والهند وبلاد فارس. (مراسلات مع خالد أبل 2012).
أمين صندوق الأسرة
كثيرة هي الوثائق التي سلطت الضوء على عبدالكريم أبل في الأرشيف البريطاني، وأنه من المفارقات أن تلك الوثائق أكدت أغلب ما تداولته الروايات الشفهية المنقولة من أسرة أبل. فقد ذكر في أحد التقارير أسماء أهم رجالات الكويت وأشهرهم، كان من بينهم عبدالكريم أبل. عندما يشير إلى أنه ولد في الكويت، وهو من أصول فارسية، كما أنه رجل فطين يبلغ من العمر 63 عاماً، وأنه ضعيف البصر، وقليلاً ما يرد على التحية.
يتحكم في المال الخاص لأسرة الصباح، وهو يعتبر أمين الصندوق في الوقت نفسه، كذلك اعتبر مؤيداً للبريطانيين، وتاجراً يحقق أرباحاً طائلة من خلال الاتجار في القمح وسلع أخرى (انظر R/15/5/179). أما الدليل الآخر على أنه كان الوكيل المالي للشيخ أحمد الجابر، فهو جدول بيان الإيرادات والنفقات المالية للكويت الذي ورد فيه اسم عبدالكريم أبل تحت بند الإيرادات. فكانت الإيرادات التي حصدها أبل بين 8 مايو إلى 6 يونيو 1940 تبلغ 2000 روبية. كما سجل، أيضاً، حصاده المالي ما بين 7 يونيو إلى 6 يوليو من العام نفسه (انظر، R/15/5/196).
وإذا قمنا بمقارنة التقارير البريطانية ببعض الوثائق الشخصية للتاجر، فنجد أنها تؤكد أنه كان الوكيل المالي لأسرة الصباح. ومثال على ذلك الرسالتين اللتان توضحان طلب الشيخ سالم المبارك والشيخ أحمد الجابر من أبل دفع الأموال بالنيابة عنهما. فتشير الأولى إلى أن يتم تعويض سليمان الصويطي بقيمة 318 ريالاً نمساوياً مقابل قيمة ثلاثة ركايب قام بشرائها في عام 1920. وتوضح الثانية أن يتم دفع مبلغ 800 ريال نمساوي لعبدالله الجابر الصباح لتسديد دية رجل يدعى حنيف (وثائق من أرشيف عائلة أبل).
تجارته في العراق
أما عن دوره الاقتصادي، فقد سجلت الحكومة البريطانية العديد من الوثائق عن معاملاته وعلاقاته التجارية المحلية والإقليمية. ففي عام 1930، أعطى عبدالكريم أبل صك توكيل للمحامي سليمان فيضي الموصلي والذي بموجبه يتصرف الأخير بالمدافعة عن أبل ضد أي شخص أو شركة أو هيئة في جميع محاكم العراق. (انظر R/15/5/89)، حيث يدلل هذا التوكيل على ان أبل كانت له معاملات تجارية اقليمية من ضمنها العراق. ومما يؤكد ذلك هو الشيك المحرر لأبل في عام 1936من قبل البنك الشرقي المحدود (فرع البصرة) بقيمة 2000 روبية لإحدى المعاملات التجارية له في المنطقة (وثيقة من أرشيف عائلة أبل).
كما أشارت وثيقة بريطانية أخرى الى انه في عام 1928 كان أبل ينوي زيارة خريسان (خوراسان). غير ان الوثيقة لم توضح مقصد تلك الزيارة سواء كانت عملا تجاريا أم رحلة سياحية ام زيارة أقرباء او أصدقاء (انظر ,93/5/15/R).
استيراد صناديق الشاي
أما على صعيد التجارة العالمية فقد سجلت وثيقة بريطانية في عام 1938 بطلب 15 تاجرا كويتيا -من ضمنهم عبدالكريم أبل -ممن لهم مصالح تجارية في الهند عريضة للشيخ أحمد الجابر ليساعدهم في تسهيل عملية الواردات على صناديق الشاي القادمة من الهند، وعدم فرض اجراءات استثنائية وطلب شهادات اضافية غير المتعارف عليه، لانه في النهاية يعطل عميلة التجارة ويضر بمصالح التجار، الأمر الذي قد يؤثر سلبا على عملية التبادل التجاري بين الكويت والهند. وفي تقرير اخر يوضح ان عبدالكريم أبل استورد 50 صندوقا من الشاي أرسلت له عن طريق حمد العلي القاضي من بومبي في عام 1941. وقد تكررت العملية عن طريق استيراد شحنة اخرى ب 100 صندوق شاي عن طريق جعفر عبدالرحيم مابين عامي 1942 و1943 (انظر R/15/5/204)
كما كان له الدور في المساعدة بتشييد منزل لطبيب دار الاعتماد البريطاني عندما قام عام 1945باستيراد 30 طنH من الأسمنت من مدينة بوربندر في الهند بالنيابة عن الشيخ أحمد الجابر وبمساعدة الوكيل البريطاني في الكويت. كما قام أبل بالعملية نفسها وطلب حمولة قدرها 50 طنا التي كانت قيد الأجراءات التنفيذية من قبل حكومة الهند البريطانية (انظر، R/15/5/10).
توفي عبدالكريم أبل كما سجلت أحد التقارير البريطانية، في 14 من ديسمبر عام 1945 اثر نوبة قلبية (انظر، L/P&S/12/3758). عين ابنه أحمد عبدالكريم فيما بعد ليكون خليفة لأبيه في ادارة الشؤون المالية للشيخ أحمد الجابر وأسرة الصباح (انظر، R/15/5/179). كما عين أحمد في عام 1948 عضوا أساسيا لمجلس استشاري مكون من 12عضوا، وذلك للإشراف على الشؤون التنموية في مجالات مثل الصحة والتربية والبلدية والغذاء (انظر، L/P&S/12/3759A).
❊ طالب دكتوراه قسم التاريخ،
كلية رويال هولووي، جامعة لندن
m_e_alhabib@yahoo.com (m_e_alhabib@yahoo.com)