الدكتور عادل رضا
12-28-2004, 12:47 PM
السيستاني والمرجعية قـُبيل الاحتلال وبعد فترة الاحتلال وانقلاب الوكلاء والمكاتب على المرجعية!!
كتابات - سميرعبيد
أسئلة لابد منها كي تكون مقدمة لموضوع يشغل القراء والباحثين والمتابعين:
السؤال الأول:
من المسئول عن الانحراف الوطني في مواقف المرجعيّة الشيعية التي عودت العراقيين والشيعة في العالم، والعالم أجمع على نضج القرار، وشجاعة الموقف، وتغليب العام على الخاص، والآخرة على الدنيا؟
السؤال الثاني:
ما لسر في تذبذب مواقف المرجعية الشيعية المتمثلة بالسيد السيستاني بين فترة قُبيل الاحتلال، وبدايات الاحتلال، والفترة التي بعدها وللآن؟
السؤال الثالث:
يطالب الشرفاء والمنتبهون من الشيعة العرب في العراق وخارج العراق، وأخيار العالم الإسلامي بجميع أطيافه ومذاهبه، وكذلك أخيار العالم بمعرفة مصير السيستاني الأول، وسر ظهور السيستاني الثاني المناقض تماما لمواقف السيستاني الأول ؟
السؤال الرابع والمهم:
ماذا قدمت المرجعية للعراقيين وخصوصا في الفترة الأخيرة، وتحديدا في الفترة الأخيرة التي ولدنا وعشنا فيها؟
فلم نشاهدها بنت مدرسة لتعليم التلاميذ أو الكبار، باستثناء المدارس الخاصة بكل مرجع والتي تعلم فكر المرجع فقط.
ولم نشاهد المرجعية عبّدت طريق، أو قامت بتشييد مستشفى، أو قامت بفتح مستوصف، أو قامت بفتح نهر أو تطهيره كي يغذي المزارع والناس، ولم نراها فتحت دارا للمسنين أو دورا للأيتام، ولم نشاهد مؤسسات خدمية أو ثقافية أو اجتماعية قامت بدعمها المرجعية، ولم نسمع بسوق خيري كانت وراءه المرجعية، ولم نراها قامت بترميم مشهود في المساجد والحسينيات كي تكون تحفة إسلامية وشيعية، بل من يقوم بذلك الخيرين والمؤمنين والمؤسسين لهذه الحسينيات، وتقوم بذلك الدولة في أغلب الأحيان، لم نرى غير صب اهتمامهم على مدارسهم ومقراتهم الخاصة فقط، ولم نلمس موقفا شجاعا من المرجعية طيلة حكم صدام حسين، باستثناء الصوت العربي داخل المرجعية، وكان بصوت الشهداء محمد باقر الصدر وشقيقته، والبدري، ومحمد صادق الصدر وبعض الأسماء العربية اللامعة!.
فنحن الغلابة والمساكين والبسطاء نمتلك حق السؤال والصراخ لحد المطالبة بالتحقيق والهتاف نريد حقوقنا ( أين ذهبت المليارات؟).
لقد عاش آلاف البسطاء ينحبون ويبكون ويذودون عن العلماء والمراجع بأرواحهم، ولقد ماتوا حفاة ومرضى وفقراء، ومنهم من مات عطشانا هم ومزارعهم وماشيتهم، ولم تنقذهم المرجعية أو المراجع، بل كانت قسم من المجالس تتندر بالنكات على هؤلاء البسطاء والفقراء والحفاة، والتيار الفارسي والآذري في المرجعية كان صاحب السبق في ذلك، فلم يكن هناك عدلا ولا إنصافا قط، يعيش ويموت الفرد الشيعي العربي، ولم يشاهد أربيل أو الرمادي، وأبنائهم وبناتهم يسافرون إلى البلدان الأوربية، والعربية والشرق آسيوية، و يتمتعون بلذات الحياة من حقوق الفقراء والمساكين!!!!!.
مقدمة لابد منها:
ليس لدينا أدنى شك إن قسم كبير من المستوطنين والدارسين في العراق، وفي مقدمتهم الإيرانيين وصلوا إلى مراكز علمية وفقهية ودينية متقدمه في الحوزة العلمية في النجف، وفي هرم المرجعية الشيعية في النجف، ومنهم الأساتذة الكبار في الحوزة ( وهي بمثابة الجامعة الشيعية للعالم الشيعي)، ومنهم المراجع الكبار، وقد يكون نظام التسجيل في الحوزة العلمية، كان ولازال صارما وخاصا، حيث لم يشجع ولم يقبل أبناء العمال والفلاحين والمسحوقين من العرب الشيعة، بل فقط أبناء العائلات ــ البازارية ــ وأبناء العائلات المتصاهرة مع التيار الفارسي، ولم يكسر هذا الطوق إلا الشهيد المرحوم آية الله السيد محمد صادق الصدر فقط، وحورب حتى قُتل، ولا ننكر قسم كبير من هؤلاء أحبوا العراق، ودافعوا عن العراق، وجعلوه الوطن الأول، والانتماء الأول، ومنهم من تجنّس بالجنسية العراقية، ومنهم من رفض التجنّس ولكن لا غبار على مواقفه اتجاه العراق والعراقيين، ونعطي مثال آية الله المرحوم (الشيرازي) الذي عشق العراق، وتراب العراق وهو رائد التيار القومي الديني الوسطي، وهو الذي كان مفكرا قبل أن يكون فقيها، وهو الذي كان بطلا من أبطال ثورة و استقلال العراق، وكذلك الشهيد آية الله ( الغروي)، والشهيد أية الله ( البروجردي) الذين قتلا بظروف غامضة قبيل الاحتلال بفترة قصيرة، ويجب التحقيق في مقتلهما لمعرفة أسرار وأبعاد مؤامرة القتل الشنيعة، لأنهما كانا يرفضا الهيمنة الأميركية، وكذلك كانا يرفضا الهيمنة الإيرانية على القرار الشيعي، وكانا عالمين كبيرين جدا.
كان الغروي مرشح كبير للمرجعيّة و بشهادة الجميع، وكذلك كان البروجردي مرشح كبير هو الآخر ليكون على هرم المرجعية الشيعية، وكان قبلهما المرحوم آية الله السيد عبد الأعلى السبزواري، لأن الأول والثاني يمتلكان جميع الأسس للوصول إلى هرم المرجعية، وأول هذه الأسس الفطحلة في العلوم الدينية والإنسانية والعلمية، وثاني الأسس هو حب الآخرة والزهد، وتغليب مصلحة الجماعة على الأفراد، ومن مظاهر الزهد نعطي مثالا بسيطا:
كان المرحوم آية الله الشيخ ( البروجردي) يعيش في النجف في بيت بسيط للإيجار عائد إلى عائلة ــ الياسري ــ في محلة العمارة، وكان زاهدا بكل شيء، وليس لديه غير خدمة العلم والدين، وكان يتمنى أن يموت في النجف الأشرف، وهو عم وكيل وزير الخارجية، والعضو البارز في البرلمان الإيراني الدكتور علاء بروجردي، وعم وكيل وزير الداخلية السيدة ( أ. بروجردي)، وصهر وزير الداخلية السيد لاري، وصهر رئيس الحكومة السابق الشهيد رجائي والقائمة تطول، ولكنه لم يمد يده لهؤلاء، ولم يوافق على نظام ولاية الفقيه، بل كان بنظر الحكم في إيران خارج عن الطاعة... هكذا العلماء الذين يستحقون الاحترام وإن كانوا من إيران أو الهند أو الصين، لأنهم لم يكن أحدهم سببا في إيذاء العراق والعراقيين، ولم يداهن أحدهم محتلا أو غازيا مهما كان نوعه، ولم يداهن أحدهم حتى نظام دولتهم الأصلية ـ إيران ــ.. فكيف لا نحترمهم ولا نتغنى بذكرهم!.
فالمرجعيّة الشيعية هي أول من حمل مشعل تحرير العراق من الاستعمار البريطاني، وهي المخطط والمفجّر لثورة العشرين، وذلك من خلال شجاعة الرهط الأول من العلماء ورجال الدين في ذلك الزمن، والذين كانوا عراقيين وإيرانيين وغيرهم، حيث كانت الراية المتفق عليها روحيا وقلبيا وجسديا هي راية الإسلام قبل أن تكون راية العراق، وكانت راية العراق قبل أن تكون راية الطائفة والحزب والقبيلة، ولهذا جاء النصر على الدولة التي لا تغيب عنها الشمس ــ بريطانيا العظمى ــ وبسلاح بسيط جدا لو قورن بالآلة العسكرية للاستعمار الإنجليزي، ومن المرجعية ذهبت شرارة الثورة للشمال ليكون رجال الدين والقبائل الكرد سندا للثورة، وكذلك استقبلت شرارة الثورة بالترحاب في وسط العراق حيث السنة، وكان رجال الدين والقبائل في المقدمة ومنهم الخالد المرحوم الشيخ ضاري الذي تعانقت بندقيته مع مصحف رجال الدين في النجف، ومع بنادق رجال القبائل في الفرات الأوسط حيث السيد علوان الياسري، وشعلان أبو الجون، وأبو طبيخ، والبطيخ، وغيرهم من النشامى لتكون سيمفونية شرف عراقي خلدت مع التاريخ والى الأبد، وخلدت معها أهازيج الثوار ( الطوب أكبر لو مكَواري*)و ( مشكول الذمّة على الفالة*)، وخلدت فتاوى رجال الدين في المرجعية الشيعية، والتي كانت زيت الثورة واستمرارها ونجاحها، وكانت ولازالت ذهب حروف التاريخ المجيد!.
فما الذي تغيّر في زمننا الغابر هذا..فالدين هو الدين، والعراق هو العراق، والناس هي الناس، وأرض المعركة هي ذاتها، والغازي هو ذاته الذي طردته المرجعية والقبائل والثوار عام 1920، فما السر في كل هذه المداهنة والسكوت، خصوصا ونسبة القتل والدمار و الإهانة أشد وأعنف، ونسبة الخراب أشد وأعنف، ونسبة نهب الثروات أشد وأعنف من الاستعمار الإنجليزي السابق الذي عاد متطورا ومتغطرسا ؟
المرجعية والسيستاني قُبيل الاحتلال وبعده بفترة قصيرة!
يتحّد العراقيون ومن مختلف مذاهبهم و طوائفهم وأديانهم على حب المرجعيّة وتاريخها المجيد، لأننا شعب يمتاز بالوسطية وغياب الطائفية، ولكنه شعب يتغنى بالتاريخ المجيد، ولا يهم من هو بطله سواء كان شيعيا أو سنيا أو كرديا أو مسيحيا أو يزيديا أو صابئيا أو غيره فالمهم أن يكون عراقيا وكفى، فإذن هو أسطورة في الخلود والنهل منه للحاضر، ولهذا زادت وتيرة التعجب والأسئلة والاستفسارات والإنشطار بعد الاحتلال، وبعد تذبذب مواقف المرجعية الشيعية من الاحتلال، والقضية ليست قضية اختلاف بالرأي كي تتجاوزها هذه الأطياف، القضية قضية مبدأ وطريق وتاريخ لا يجب التهاون فيه، وكذلك القضية ليست اختلاف مع شخص السيد السيستاني أو مع أفكاره أو مع تاريخه فهذه قضية نسبية بين شخص وآخر، فالسيستاني كرجل دين وكرجل كبير يجب علينا احترامه لشخصه ولكبر سنه، وهذه أسس تربينا عليها، ولكن من حقنا أن ننتقد مواقفه، ومن حقنا نحاوره ونجلس معه، ومن حقنا نسمعه كما كان يفعل الرسول (ص) والأئمة عليهم السلام جميعا، والصالحين والقادة السياسيين والعسكريين في التاريخ الإسلامي، فجميعا كانوا بين الناس، ولم يسمح هؤلاء أن يكون اللقاء والحوار مع الناس عبر حجاب أو ستار، علما كانوا يعيش الجميع في خيام وأسيجة من الأحراش، فكيف والآن قصورا وسراديب، وسيارات ضد الرصاص، وحمايات مدججة، وموانع كونكريتية، وأجهزة إنذار متطورة ومستوردة!!؟.
ما لذي تغير؟
فلقد شمرّت الحوزة العلمية في النجف عن سواعدها قبل أسبوع من بداية الغزو الأميركي للعراق، وأصدرت فتوى لن يستثنيها التاريخ العراقي، وتاريخ الحوزة العلمية في النجف وبغض النظر عن مواقف وتاريخ الحاكم، فلقد مر على العراق حكاما لا يختلفون عن صدام ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي وغيره، فلقد أصدرت الحوزة العلمية فتوى بتاريخ 13/3/2003 دعوا من خلالها المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى الجهاد لمقاتلة الأميركان المعتدين ومن يساندهم من كفرة ــ حسب ما جاء في الفتوىــ وتم عرضها من تلفاز بغداد بتاريخ 12/3/2003، ومن على جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية، وقالت الفتوى ــ إن تقديم أي نوع من أنواع العون والمساعدة للمعتدين يعد من كبائر الذنوب، وعظائم المحرمات يتبعه الخزي والعار في الحياة الدنيا ــ!!.
فكيف تحولت إلى صغائر الأمور، وصغائر المحرمات، وهل اكتشفتم أنهم ليسو كفارا وليسو معتدين..أم ن القضية تجانب النفاق وبدون زعل أو انتفاخ؟
ومن هو الذي أصبح يتبعه الخزي والعار في الحياة الدنيا؟
هل تغيّر الأمر بعد أن تفاهمت إيران وأميركا على العراق، والذي فضحتها تصريحات مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد ــ علي خامنئي ــ عندما عاتب وأنتقد الولايات المتحدة الأميركية قبل أيام وقال ( لقد نقضت أميركا العهود المبرمة معنا حول قضية العراق) وهي العبارة نفسها التي قالها صدام عندما هجمت الطائرات الأميركية على بغداد في عام 1991 ( لقد غدر الغادرون)!!.
ويسرنا هنا أن نضع فتوى سماحة آية الله العظمى المرجع الديني السيد علي السيستاني كما هي، والتي جاءت قبل أسبوع واحد من الغزو الأميركي وهي:
(بسم الله الرحمن الرحيم..قال تعالى ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا).. وقال عز من قال ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير) صدق الله العلي العظيم... إن واجب المسلمين في هذا الظرف العصيب أن يوحدوا كلمتهم، ويبذلوا كل ما بوسعهم للدفاع عن العراق العزيز ،وحمايته من مخططات الأعداء الطامعين، وليعلم الجميع أنه لو تحققت لا سمح الله مآرب المعتدين في العراق لسوف يؤدي ذلك إلى نكبة خطيرة تهدد العالم الإسلامي بصورة عامة.فعلى كل مسلم أن يعي هذه الحقيقة ويقوم بما يمكنه في سبيل الذود عن العراق المسلم ومنع العدوان عليه، ومن المؤكد أن العراقيين شعبا وقيادة سيقفون متراصين متكاتفين يشد بعضهم أزر بعض أمام أي اعتداء وسيقاومونه بكل قوة وسلامة وسيخيبون أمال المعتدين بعون الله تبارك وتعالى. وأن من يقدم أي نوع من أنواع العون للمعتدين يعد من كبائر الذنوب وعظائم المحرمات يتبعه الخزي والعار في الحياة الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة. لقد قال الأمام الصادق عليه السلام( من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي) فكيف بمن يعين على ضرب شعب مؤمن، ويتعاون مع الأجنبي في الاعتداء على بلاد المسلمين. اسأل الله العلي القدير أن يأخذ بأيدي المسلمين إلى ما فيه الخير والصلاح وأن يجنب العراق القدير شر الأشرار وكيد الكفار أنه سميع مجيب.) أنتهي.
بعد هذه الفتوى، من حقنا نسأل ومن حقنا نقول:
أين شيخنا السيستاني الذي قال هذا القول الوطني والديني والأخلاقي الرائع ، أين اختفى ومن هو المسئول عن اختفائه؟
وأن كان السيستاني، وحسب قول من هم تحت عباءته الآن، حي يرزق وأنه لم يتغير ولم يُبدل، إذن من حقنا نحاججه بفتواه وننقل منها الآتي:
قلت بفتواك (وأن من يقدم أي نوع من أنواع العون للمعتدين يعد من كبائر الذنوب، وعظائم المحرمات يتبعه الخزي والعار في الحياة الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة) ما لذي تغيّر، هل اكتشفت أنهم غير معتدين، عندما قلت فتواك الشهيرة أثناء أحداث انتفاضة الصدر الأولى في نيسان/ أبريل 2004 ( لا تردوا عليهم حتى وأن ضربوكم أو قتلوكم) والمنشورة في الصحف العربية، ومنها موقع ( إيلاف)، فكم من الوجوه التي تتردد على مقرك ومكتبك ــ إن كنت موجود ــ من السياسيين وغير السياسيين ينطبق عليهم ــ الخزي والعار في الحياة الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة ــ لأنهم وصل بهم الحد لقتل الشعب العراقي، وتهديم المدن، وتأسيس المقابر الجماعية من أجل عيون المعتدي، ولم نسمع منك تنديدا ولا شجبا، وأن كان تنديدا فلا يليق بمركزكم كمرجع أعلى، لأنه لا يشبع من جوع ولا ينجي مظلوم.
ونعود للقول الآخر في فتواك وهو (. لقد قال الأمام الصادق عليه السلام( من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقى الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي)، وهل الذي بدر من مكاتبكم، وجماعاتكم، وقسم من السياسيين العراقين ورجال الدين وغيرهم ليس عونا للمعتدي، نحن نعتقد عمل هؤلاء كان ولازال السمسرة، والعمالة، وخيانة الشعب والوطن، والاسترزاق غير المشروع، والنهب المبرمج للأموال العامة مشاركة مع المحتل والمافيا الدولية، وهناك تقارير ودراسات عالمية، وأقوال شهود من المحتل نفسه، ومن المراقبين الأجانب تثبت تورط هؤلاء، فلماذا تتعامل معهم، وتشجعهم، وتصر على انتخابات قررها قانون الدولة العراقية الذي كتبه يهوديا وإسرائيليا هو ــ نوح فليدمان ــ والمحتل ــ بريمر ــ وجماعته، فأصبح صكا من صكوك الغفران، فلماذا كنت ترفضه وتصر على عدم التوقيع عليه، وبقدرة قادر تصر عليه، بل تدافع عنه مع العلم هو مليء بالألغام والثغرات، وهو نواة وأساس لتقسيم العراق ( هل كل هؤلاء في جبهاتهم عبارة ــ آيس من رحمتي، أم أنهم الوجوه البريئة؟).
لذا نحن نريد السيستاني الذي رفض قانون الدولة العراقية، ونريد السيستاني الذي رفض مقابلة ــبريمر ــ في النجف، ونريد السيستاني الذي رفض أن يُدفن أعضاء مجلس الحكم في النجف أو يُصلى عليهم، ولا نريد السيستاني الذي بدأ نجمه يصعد منذ سماحه التوقيع على قانون الدولة العراقية سيء الصيت، ولا نريد السيستاني الذي يسمح للمكاتب بإصدار الفتاوى والتعليمات نيابة عنه، وبأختام مستوردة ولغة جديدة، وكأنها لغة الصحافة والمكاتب الحكومية، فهذا تزوير في التاريخ الشيعي، وتطور خطير في التعليمات والفتاوى والسياق الشيعي، لهذا ندعو الشيعة العرب في العراق المطالبة بالتحقيق الفوري، والمطالبة بلجنة نزيهة لمتابعة الأمر وقبل إجراء الانتخابات كي ــ لا يقع الفأس بالرأس ــ فالأمور تشير إلى مؤامرة وانقلاب مشبوه، وتشير هناك لعبة تُمارس باسم السيستاني الحقيقي، ويأكل طعمها الشيعة في العراق، ويُزور تاريخ المرجعية الناصع، وكذلك ينحرف مسار الحوزة العلمية في النجف، وقد تكون هي مؤامرة من الإيرانيين لزرع الفشل في مرجعية النجف الأشرف، وجعلها بنظر الشيعة في العالم، ونظر الشيعة في العراق مرجعية هزيلة لا قرار لها، بل داهنت المحتل والمعتدي كي يبسط سطوته وامتداده على العراق إلى تدهور، وهذا ما حصل ويحصل بوم بعد يوم، كي يتم بروز مرجعية وحوزة مدينة ــ قم ــ قي إيران ويُقرأ على مرجعية وحوزة النجف السلام، وهذا حلم أيراني بعيد وقد حاولوا ذلك طيلة الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 ــ 1988) ولكنهم فشلوا، لذا أصبح الأمر سالكا لهم بعد احتلال العراق، لذا نطالب بتقوية المرجعية في النجف، وتنظيفها من التيارات الدخيلة وبسرعة، والتحقيق الفوري بالأفعال التي يمارسها التيار الإيراني والآذري وغيره في المرجعية الشيعية في العراق.
كتابات - سميرعبيد
أسئلة لابد منها كي تكون مقدمة لموضوع يشغل القراء والباحثين والمتابعين:
السؤال الأول:
من المسئول عن الانحراف الوطني في مواقف المرجعيّة الشيعية التي عودت العراقيين والشيعة في العالم، والعالم أجمع على نضج القرار، وشجاعة الموقف، وتغليب العام على الخاص، والآخرة على الدنيا؟
السؤال الثاني:
ما لسر في تذبذب مواقف المرجعية الشيعية المتمثلة بالسيد السيستاني بين فترة قُبيل الاحتلال، وبدايات الاحتلال، والفترة التي بعدها وللآن؟
السؤال الثالث:
يطالب الشرفاء والمنتبهون من الشيعة العرب في العراق وخارج العراق، وأخيار العالم الإسلامي بجميع أطيافه ومذاهبه، وكذلك أخيار العالم بمعرفة مصير السيستاني الأول، وسر ظهور السيستاني الثاني المناقض تماما لمواقف السيستاني الأول ؟
السؤال الرابع والمهم:
ماذا قدمت المرجعية للعراقيين وخصوصا في الفترة الأخيرة، وتحديدا في الفترة الأخيرة التي ولدنا وعشنا فيها؟
فلم نشاهدها بنت مدرسة لتعليم التلاميذ أو الكبار، باستثناء المدارس الخاصة بكل مرجع والتي تعلم فكر المرجع فقط.
ولم نشاهد المرجعية عبّدت طريق، أو قامت بتشييد مستشفى، أو قامت بفتح مستوصف، أو قامت بفتح نهر أو تطهيره كي يغذي المزارع والناس، ولم نراها فتحت دارا للمسنين أو دورا للأيتام، ولم نشاهد مؤسسات خدمية أو ثقافية أو اجتماعية قامت بدعمها المرجعية، ولم نسمع بسوق خيري كانت وراءه المرجعية، ولم نراها قامت بترميم مشهود في المساجد والحسينيات كي تكون تحفة إسلامية وشيعية، بل من يقوم بذلك الخيرين والمؤمنين والمؤسسين لهذه الحسينيات، وتقوم بذلك الدولة في أغلب الأحيان، لم نرى غير صب اهتمامهم على مدارسهم ومقراتهم الخاصة فقط، ولم نلمس موقفا شجاعا من المرجعية طيلة حكم صدام حسين، باستثناء الصوت العربي داخل المرجعية، وكان بصوت الشهداء محمد باقر الصدر وشقيقته، والبدري، ومحمد صادق الصدر وبعض الأسماء العربية اللامعة!.
فنحن الغلابة والمساكين والبسطاء نمتلك حق السؤال والصراخ لحد المطالبة بالتحقيق والهتاف نريد حقوقنا ( أين ذهبت المليارات؟).
لقد عاش آلاف البسطاء ينحبون ويبكون ويذودون عن العلماء والمراجع بأرواحهم، ولقد ماتوا حفاة ومرضى وفقراء، ومنهم من مات عطشانا هم ومزارعهم وماشيتهم، ولم تنقذهم المرجعية أو المراجع، بل كانت قسم من المجالس تتندر بالنكات على هؤلاء البسطاء والفقراء والحفاة، والتيار الفارسي والآذري في المرجعية كان صاحب السبق في ذلك، فلم يكن هناك عدلا ولا إنصافا قط، يعيش ويموت الفرد الشيعي العربي، ولم يشاهد أربيل أو الرمادي، وأبنائهم وبناتهم يسافرون إلى البلدان الأوربية، والعربية والشرق آسيوية، و يتمتعون بلذات الحياة من حقوق الفقراء والمساكين!!!!!.
مقدمة لابد منها:
ليس لدينا أدنى شك إن قسم كبير من المستوطنين والدارسين في العراق، وفي مقدمتهم الإيرانيين وصلوا إلى مراكز علمية وفقهية ودينية متقدمه في الحوزة العلمية في النجف، وفي هرم المرجعية الشيعية في النجف، ومنهم الأساتذة الكبار في الحوزة ( وهي بمثابة الجامعة الشيعية للعالم الشيعي)، ومنهم المراجع الكبار، وقد يكون نظام التسجيل في الحوزة العلمية، كان ولازال صارما وخاصا، حيث لم يشجع ولم يقبل أبناء العمال والفلاحين والمسحوقين من العرب الشيعة، بل فقط أبناء العائلات ــ البازارية ــ وأبناء العائلات المتصاهرة مع التيار الفارسي، ولم يكسر هذا الطوق إلا الشهيد المرحوم آية الله السيد محمد صادق الصدر فقط، وحورب حتى قُتل، ولا ننكر قسم كبير من هؤلاء أحبوا العراق، ودافعوا عن العراق، وجعلوه الوطن الأول، والانتماء الأول، ومنهم من تجنّس بالجنسية العراقية، ومنهم من رفض التجنّس ولكن لا غبار على مواقفه اتجاه العراق والعراقيين، ونعطي مثال آية الله المرحوم (الشيرازي) الذي عشق العراق، وتراب العراق وهو رائد التيار القومي الديني الوسطي، وهو الذي كان مفكرا قبل أن يكون فقيها، وهو الذي كان بطلا من أبطال ثورة و استقلال العراق، وكذلك الشهيد آية الله ( الغروي)، والشهيد أية الله ( البروجردي) الذين قتلا بظروف غامضة قبيل الاحتلال بفترة قصيرة، ويجب التحقيق في مقتلهما لمعرفة أسرار وأبعاد مؤامرة القتل الشنيعة، لأنهما كانا يرفضا الهيمنة الأميركية، وكذلك كانا يرفضا الهيمنة الإيرانية على القرار الشيعي، وكانا عالمين كبيرين جدا.
كان الغروي مرشح كبير للمرجعيّة و بشهادة الجميع، وكذلك كان البروجردي مرشح كبير هو الآخر ليكون على هرم المرجعية الشيعية، وكان قبلهما المرحوم آية الله السيد عبد الأعلى السبزواري، لأن الأول والثاني يمتلكان جميع الأسس للوصول إلى هرم المرجعية، وأول هذه الأسس الفطحلة في العلوم الدينية والإنسانية والعلمية، وثاني الأسس هو حب الآخرة والزهد، وتغليب مصلحة الجماعة على الأفراد، ومن مظاهر الزهد نعطي مثالا بسيطا:
كان المرحوم آية الله الشيخ ( البروجردي) يعيش في النجف في بيت بسيط للإيجار عائد إلى عائلة ــ الياسري ــ في محلة العمارة، وكان زاهدا بكل شيء، وليس لديه غير خدمة العلم والدين، وكان يتمنى أن يموت في النجف الأشرف، وهو عم وكيل وزير الخارجية، والعضو البارز في البرلمان الإيراني الدكتور علاء بروجردي، وعم وكيل وزير الداخلية السيدة ( أ. بروجردي)، وصهر وزير الداخلية السيد لاري، وصهر رئيس الحكومة السابق الشهيد رجائي والقائمة تطول، ولكنه لم يمد يده لهؤلاء، ولم يوافق على نظام ولاية الفقيه، بل كان بنظر الحكم في إيران خارج عن الطاعة... هكذا العلماء الذين يستحقون الاحترام وإن كانوا من إيران أو الهند أو الصين، لأنهم لم يكن أحدهم سببا في إيذاء العراق والعراقيين، ولم يداهن أحدهم محتلا أو غازيا مهما كان نوعه، ولم يداهن أحدهم حتى نظام دولتهم الأصلية ـ إيران ــ.. فكيف لا نحترمهم ولا نتغنى بذكرهم!.
فالمرجعيّة الشيعية هي أول من حمل مشعل تحرير العراق من الاستعمار البريطاني، وهي المخطط والمفجّر لثورة العشرين، وذلك من خلال شجاعة الرهط الأول من العلماء ورجال الدين في ذلك الزمن، والذين كانوا عراقيين وإيرانيين وغيرهم، حيث كانت الراية المتفق عليها روحيا وقلبيا وجسديا هي راية الإسلام قبل أن تكون راية العراق، وكانت راية العراق قبل أن تكون راية الطائفة والحزب والقبيلة، ولهذا جاء النصر على الدولة التي لا تغيب عنها الشمس ــ بريطانيا العظمى ــ وبسلاح بسيط جدا لو قورن بالآلة العسكرية للاستعمار الإنجليزي، ومن المرجعية ذهبت شرارة الثورة للشمال ليكون رجال الدين والقبائل الكرد سندا للثورة، وكذلك استقبلت شرارة الثورة بالترحاب في وسط العراق حيث السنة، وكان رجال الدين والقبائل في المقدمة ومنهم الخالد المرحوم الشيخ ضاري الذي تعانقت بندقيته مع مصحف رجال الدين في النجف، ومع بنادق رجال القبائل في الفرات الأوسط حيث السيد علوان الياسري، وشعلان أبو الجون، وأبو طبيخ، والبطيخ، وغيرهم من النشامى لتكون سيمفونية شرف عراقي خلدت مع التاريخ والى الأبد، وخلدت معها أهازيج الثوار ( الطوب أكبر لو مكَواري*)و ( مشكول الذمّة على الفالة*)، وخلدت فتاوى رجال الدين في المرجعية الشيعية، والتي كانت زيت الثورة واستمرارها ونجاحها، وكانت ولازالت ذهب حروف التاريخ المجيد!.
فما الذي تغيّر في زمننا الغابر هذا..فالدين هو الدين، والعراق هو العراق، والناس هي الناس، وأرض المعركة هي ذاتها، والغازي هو ذاته الذي طردته المرجعية والقبائل والثوار عام 1920، فما السر في كل هذه المداهنة والسكوت، خصوصا ونسبة القتل والدمار و الإهانة أشد وأعنف، ونسبة الخراب أشد وأعنف، ونسبة نهب الثروات أشد وأعنف من الاستعمار الإنجليزي السابق الذي عاد متطورا ومتغطرسا ؟
المرجعية والسيستاني قُبيل الاحتلال وبعده بفترة قصيرة!
يتحّد العراقيون ومن مختلف مذاهبهم و طوائفهم وأديانهم على حب المرجعيّة وتاريخها المجيد، لأننا شعب يمتاز بالوسطية وغياب الطائفية، ولكنه شعب يتغنى بالتاريخ المجيد، ولا يهم من هو بطله سواء كان شيعيا أو سنيا أو كرديا أو مسيحيا أو يزيديا أو صابئيا أو غيره فالمهم أن يكون عراقيا وكفى، فإذن هو أسطورة في الخلود والنهل منه للحاضر، ولهذا زادت وتيرة التعجب والأسئلة والاستفسارات والإنشطار بعد الاحتلال، وبعد تذبذب مواقف المرجعية الشيعية من الاحتلال، والقضية ليست قضية اختلاف بالرأي كي تتجاوزها هذه الأطياف، القضية قضية مبدأ وطريق وتاريخ لا يجب التهاون فيه، وكذلك القضية ليست اختلاف مع شخص السيد السيستاني أو مع أفكاره أو مع تاريخه فهذه قضية نسبية بين شخص وآخر، فالسيستاني كرجل دين وكرجل كبير يجب علينا احترامه لشخصه ولكبر سنه، وهذه أسس تربينا عليها، ولكن من حقنا أن ننتقد مواقفه، ومن حقنا نحاوره ونجلس معه، ومن حقنا نسمعه كما كان يفعل الرسول (ص) والأئمة عليهم السلام جميعا، والصالحين والقادة السياسيين والعسكريين في التاريخ الإسلامي، فجميعا كانوا بين الناس، ولم يسمح هؤلاء أن يكون اللقاء والحوار مع الناس عبر حجاب أو ستار، علما كانوا يعيش الجميع في خيام وأسيجة من الأحراش، فكيف والآن قصورا وسراديب، وسيارات ضد الرصاص، وحمايات مدججة، وموانع كونكريتية، وأجهزة إنذار متطورة ومستوردة!!؟.
ما لذي تغير؟
فلقد شمرّت الحوزة العلمية في النجف عن سواعدها قبل أسبوع من بداية الغزو الأميركي للعراق، وأصدرت فتوى لن يستثنيها التاريخ العراقي، وتاريخ الحوزة العلمية في النجف وبغض النظر عن مواقف وتاريخ الحاكم، فلقد مر على العراق حكاما لا يختلفون عن صدام ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي وغيره، فلقد أصدرت الحوزة العلمية فتوى بتاريخ 13/3/2003 دعوا من خلالها المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى الجهاد لمقاتلة الأميركان المعتدين ومن يساندهم من كفرة ــ حسب ما جاء في الفتوىــ وتم عرضها من تلفاز بغداد بتاريخ 12/3/2003، ومن على جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية، وقالت الفتوى ــ إن تقديم أي نوع من أنواع العون والمساعدة للمعتدين يعد من كبائر الذنوب، وعظائم المحرمات يتبعه الخزي والعار في الحياة الدنيا ــ!!.
فكيف تحولت إلى صغائر الأمور، وصغائر المحرمات، وهل اكتشفتم أنهم ليسو كفارا وليسو معتدين..أم ن القضية تجانب النفاق وبدون زعل أو انتفاخ؟
ومن هو الذي أصبح يتبعه الخزي والعار في الحياة الدنيا؟
هل تغيّر الأمر بعد أن تفاهمت إيران وأميركا على العراق، والذي فضحتها تصريحات مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد ــ علي خامنئي ــ عندما عاتب وأنتقد الولايات المتحدة الأميركية قبل أيام وقال ( لقد نقضت أميركا العهود المبرمة معنا حول قضية العراق) وهي العبارة نفسها التي قالها صدام عندما هجمت الطائرات الأميركية على بغداد في عام 1991 ( لقد غدر الغادرون)!!.
ويسرنا هنا أن نضع فتوى سماحة آية الله العظمى المرجع الديني السيد علي السيستاني كما هي، والتي جاءت قبل أسبوع واحد من الغزو الأميركي وهي:
(بسم الله الرحمن الرحيم..قال تعالى ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا).. وقال عز من قال ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير) صدق الله العلي العظيم... إن واجب المسلمين في هذا الظرف العصيب أن يوحدوا كلمتهم، ويبذلوا كل ما بوسعهم للدفاع عن العراق العزيز ،وحمايته من مخططات الأعداء الطامعين، وليعلم الجميع أنه لو تحققت لا سمح الله مآرب المعتدين في العراق لسوف يؤدي ذلك إلى نكبة خطيرة تهدد العالم الإسلامي بصورة عامة.فعلى كل مسلم أن يعي هذه الحقيقة ويقوم بما يمكنه في سبيل الذود عن العراق المسلم ومنع العدوان عليه، ومن المؤكد أن العراقيين شعبا وقيادة سيقفون متراصين متكاتفين يشد بعضهم أزر بعض أمام أي اعتداء وسيقاومونه بكل قوة وسلامة وسيخيبون أمال المعتدين بعون الله تبارك وتعالى. وأن من يقدم أي نوع من أنواع العون للمعتدين يعد من كبائر الذنوب وعظائم المحرمات يتبعه الخزي والعار في الحياة الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة. لقد قال الأمام الصادق عليه السلام( من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي) فكيف بمن يعين على ضرب شعب مؤمن، ويتعاون مع الأجنبي في الاعتداء على بلاد المسلمين. اسأل الله العلي القدير أن يأخذ بأيدي المسلمين إلى ما فيه الخير والصلاح وأن يجنب العراق القدير شر الأشرار وكيد الكفار أنه سميع مجيب.) أنتهي.
بعد هذه الفتوى، من حقنا نسأل ومن حقنا نقول:
أين شيخنا السيستاني الذي قال هذا القول الوطني والديني والأخلاقي الرائع ، أين اختفى ومن هو المسئول عن اختفائه؟
وأن كان السيستاني، وحسب قول من هم تحت عباءته الآن، حي يرزق وأنه لم يتغير ولم يُبدل، إذن من حقنا نحاججه بفتواه وننقل منها الآتي:
قلت بفتواك (وأن من يقدم أي نوع من أنواع العون للمعتدين يعد من كبائر الذنوب، وعظائم المحرمات يتبعه الخزي والعار في الحياة الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة) ما لذي تغيّر، هل اكتشفت أنهم غير معتدين، عندما قلت فتواك الشهيرة أثناء أحداث انتفاضة الصدر الأولى في نيسان/ أبريل 2004 ( لا تردوا عليهم حتى وأن ضربوكم أو قتلوكم) والمنشورة في الصحف العربية، ومنها موقع ( إيلاف)، فكم من الوجوه التي تتردد على مقرك ومكتبك ــ إن كنت موجود ــ من السياسيين وغير السياسيين ينطبق عليهم ــ الخزي والعار في الحياة الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة ــ لأنهم وصل بهم الحد لقتل الشعب العراقي، وتهديم المدن، وتأسيس المقابر الجماعية من أجل عيون المعتدي، ولم نسمع منك تنديدا ولا شجبا، وأن كان تنديدا فلا يليق بمركزكم كمرجع أعلى، لأنه لا يشبع من جوع ولا ينجي مظلوم.
ونعود للقول الآخر في فتواك وهو (. لقد قال الأمام الصادق عليه السلام( من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقى الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي)، وهل الذي بدر من مكاتبكم، وجماعاتكم، وقسم من السياسيين العراقين ورجال الدين وغيرهم ليس عونا للمعتدي، نحن نعتقد عمل هؤلاء كان ولازال السمسرة، والعمالة، وخيانة الشعب والوطن، والاسترزاق غير المشروع، والنهب المبرمج للأموال العامة مشاركة مع المحتل والمافيا الدولية، وهناك تقارير ودراسات عالمية، وأقوال شهود من المحتل نفسه، ومن المراقبين الأجانب تثبت تورط هؤلاء، فلماذا تتعامل معهم، وتشجعهم، وتصر على انتخابات قررها قانون الدولة العراقية الذي كتبه يهوديا وإسرائيليا هو ــ نوح فليدمان ــ والمحتل ــ بريمر ــ وجماعته، فأصبح صكا من صكوك الغفران، فلماذا كنت ترفضه وتصر على عدم التوقيع عليه، وبقدرة قادر تصر عليه، بل تدافع عنه مع العلم هو مليء بالألغام والثغرات، وهو نواة وأساس لتقسيم العراق ( هل كل هؤلاء في جبهاتهم عبارة ــ آيس من رحمتي، أم أنهم الوجوه البريئة؟).
لذا نحن نريد السيستاني الذي رفض قانون الدولة العراقية، ونريد السيستاني الذي رفض مقابلة ــبريمر ــ في النجف، ونريد السيستاني الذي رفض أن يُدفن أعضاء مجلس الحكم في النجف أو يُصلى عليهم، ولا نريد السيستاني الذي بدأ نجمه يصعد منذ سماحه التوقيع على قانون الدولة العراقية سيء الصيت، ولا نريد السيستاني الذي يسمح للمكاتب بإصدار الفتاوى والتعليمات نيابة عنه، وبأختام مستوردة ولغة جديدة، وكأنها لغة الصحافة والمكاتب الحكومية، فهذا تزوير في التاريخ الشيعي، وتطور خطير في التعليمات والفتاوى والسياق الشيعي، لهذا ندعو الشيعة العرب في العراق المطالبة بالتحقيق الفوري، والمطالبة بلجنة نزيهة لمتابعة الأمر وقبل إجراء الانتخابات كي ــ لا يقع الفأس بالرأس ــ فالأمور تشير إلى مؤامرة وانقلاب مشبوه، وتشير هناك لعبة تُمارس باسم السيستاني الحقيقي، ويأكل طعمها الشيعة في العراق، ويُزور تاريخ المرجعية الناصع، وكذلك ينحرف مسار الحوزة العلمية في النجف، وقد تكون هي مؤامرة من الإيرانيين لزرع الفشل في مرجعية النجف الأشرف، وجعلها بنظر الشيعة في العالم، ونظر الشيعة في العراق مرجعية هزيلة لا قرار لها، بل داهنت المحتل والمعتدي كي يبسط سطوته وامتداده على العراق إلى تدهور، وهذا ما حصل ويحصل بوم بعد يوم، كي يتم بروز مرجعية وحوزة مدينة ــ قم ــ قي إيران ويُقرأ على مرجعية وحوزة النجف السلام، وهذا حلم أيراني بعيد وقد حاولوا ذلك طيلة الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 ــ 1988) ولكنهم فشلوا، لذا أصبح الأمر سالكا لهم بعد احتلال العراق، لذا نطالب بتقوية المرجعية في النجف، وتنظيفها من التيارات الدخيلة وبسرعة، والتحقيق الفوري بالأفعال التي يمارسها التيار الإيراني والآذري وغيره في المرجعية الشيعية في العراق.