2005ليلى
05-31-2012, 12:20 AM
أحمد الصراف - القبس
يقول القارئ «محمد ق» إنه عمل في مطلع السبعينات في شركة نفط الكويت، وكان اتقان الانكليزية في تلك الأيام من ضروريات النجاح في العمل، وربما تغير الوضع الآن. ومن أجل ذلك قامت شركة النفط بتشجيع الموظفين على الالتحاق بمركز التدريب اللغوي في مدينة الأحمدي. ويقول إن أول مدرس لغة تصادف وجوده هناك كان، لحسن الحظ، انكليزيا، واسمه السيد جون، ولكنه كان قليل النشاط بسبب تقدمه في السن. وكان معروفا عنه اصراره على ارتداء ربطة العنق نفسها يوما بعد يوم، بصرف النظر عن لون البدلة أو القميص، وكانت الكرافتة، بسبب طول
الاستعمال، شاحبة اللون ويبدو عليها القدم، كما كان منظره أحيانا وهو يرتديها مثار سخرية وانتقاد دائمين من جميع الطلبة. ويقول محمد انه كان يشعر بأنه كان يعلم بتعليقاتهم وسخريتهم، ولكنه كأي انكليزي، كان مهذبا وبارد الأعصاب، حتى وهو بربطة عنقه المهترئة تلك، وبالتالي لم يكن يكترث كثيرا لما كنا نقوله عنه. وفي أحد الأيام أخبرهم رئيس مركز التدريب أن عيد ميلاد المستر جون يصادف اليوم التالي، وأن عليهم ترتيب مفاجأة لطيفة له.
وهكذا تم الاتفاق على مشاركة جميع طلبته في شراء هدية للمدرس الأرمل بتلك المناسبة، مع تحضير وجبة طعام خاصه به. وهكذا تم الاتفاق على شراء عدد من ربطات العنق الأنيقة له بألوان مختلفة، ومفاجأته بها! وفي فترة الغداء، قاموا بالطلب من المستر جون مشاركتهم الطعام في الكانتين، وهناك فاجأوا الرجل بغناء جماعي لأغنية عيد الميلاد المعتادة، وقدموا له الهدية بعدها، فشكرهم بتأثر واضح، ووضع الهدية جانبا من دون أن يفكر في فتحها.
وفي صباح اليوم التالي حضر المستر جون الى الفصل، وابتسامة جميلة تملأ وجهه، ولكن من دون ان يكترث لوضع واحدة من ربطات العنق التي اهديت له، ولم يحاول أن «يجبر خاطر»، بل جاء مرتديا ربطته القديمة، وعندما لاحظ علامات التساؤل بادية على وجوه الجميع، قال إنه يقدر مشاعرنا ويشكرنا كثيرا على الهدية، وأنه سوف يحتفظ بتلك الربطات ما دام حيا، ولكن طلب اعفاءه من ارتداء اي منها، فربطته القديمة عزيزة عليه ولن يستبدلها بأخرى، فقد كانت آخر هدية حصل عليها من زوجته قبل أن تتوفى نتيجة مرض عضال، ووفاء منه لذكراها قرر الاحتفاظ بربطة العنق تلك وارتداءها ما بقي على قيد الحياة.
ويقول محمد إننا شعرنا جميعا يومها بالخجل من سابق أحكامنا على الرجل، وما أطلقناه عليه من أوصاف تتعلق بقلة الذوق والبخل، وأصبحنا منذ تلك اللحظة نطلق عليه اسم «القديس جون»!
أحمد الصراف
habibi.enta1@gmail.com (habibi.enta1@gmail.com)
www.kalamanas.com (http://www.kalamanas.com/)
يقول القارئ «محمد ق» إنه عمل في مطلع السبعينات في شركة نفط الكويت، وكان اتقان الانكليزية في تلك الأيام من ضروريات النجاح في العمل، وربما تغير الوضع الآن. ومن أجل ذلك قامت شركة النفط بتشجيع الموظفين على الالتحاق بمركز التدريب اللغوي في مدينة الأحمدي. ويقول إن أول مدرس لغة تصادف وجوده هناك كان، لحسن الحظ، انكليزيا، واسمه السيد جون، ولكنه كان قليل النشاط بسبب تقدمه في السن. وكان معروفا عنه اصراره على ارتداء ربطة العنق نفسها يوما بعد يوم، بصرف النظر عن لون البدلة أو القميص، وكانت الكرافتة، بسبب طول
الاستعمال، شاحبة اللون ويبدو عليها القدم، كما كان منظره أحيانا وهو يرتديها مثار سخرية وانتقاد دائمين من جميع الطلبة. ويقول محمد انه كان يشعر بأنه كان يعلم بتعليقاتهم وسخريتهم، ولكنه كأي انكليزي، كان مهذبا وبارد الأعصاب، حتى وهو بربطة عنقه المهترئة تلك، وبالتالي لم يكن يكترث كثيرا لما كنا نقوله عنه. وفي أحد الأيام أخبرهم رئيس مركز التدريب أن عيد ميلاد المستر جون يصادف اليوم التالي، وأن عليهم ترتيب مفاجأة لطيفة له.
وهكذا تم الاتفاق على مشاركة جميع طلبته في شراء هدية للمدرس الأرمل بتلك المناسبة، مع تحضير وجبة طعام خاصه به. وهكذا تم الاتفاق على شراء عدد من ربطات العنق الأنيقة له بألوان مختلفة، ومفاجأته بها! وفي فترة الغداء، قاموا بالطلب من المستر جون مشاركتهم الطعام في الكانتين، وهناك فاجأوا الرجل بغناء جماعي لأغنية عيد الميلاد المعتادة، وقدموا له الهدية بعدها، فشكرهم بتأثر واضح، ووضع الهدية جانبا من دون أن يفكر في فتحها.
وفي صباح اليوم التالي حضر المستر جون الى الفصل، وابتسامة جميلة تملأ وجهه، ولكن من دون ان يكترث لوضع واحدة من ربطات العنق التي اهديت له، ولم يحاول أن «يجبر خاطر»، بل جاء مرتديا ربطته القديمة، وعندما لاحظ علامات التساؤل بادية على وجوه الجميع، قال إنه يقدر مشاعرنا ويشكرنا كثيرا على الهدية، وأنه سوف يحتفظ بتلك الربطات ما دام حيا، ولكن طلب اعفاءه من ارتداء اي منها، فربطته القديمة عزيزة عليه ولن يستبدلها بأخرى، فقد كانت آخر هدية حصل عليها من زوجته قبل أن تتوفى نتيجة مرض عضال، ووفاء منه لذكراها قرر الاحتفاظ بربطة العنق تلك وارتداءها ما بقي على قيد الحياة.
ويقول محمد إننا شعرنا جميعا يومها بالخجل من سابق أحكامنا على الرجل، وما أطلقناه عليه من أوصاف تتعلق بقلة الذوق والبخل، وأصبحنا منذ تلك اللحظة نطلق عليه اسم «القديس جون»!
أحمد الصراف
habibi.enta1@gmail.com (habibi.enta1@gmail.com)
www.kalamanas.com (http://www.kalamanas.com/)