على
12-25-2004, 10:46 AM
فاخر السلطان
الوطن - الكويت
الذبح اليومي ضد الإنسان في العراق تحت شعار «المقاومة» و«الجهاد» يتحمل كامل مسؤوليته الفقه الأصولي السياسي المسيطر على مشاريع العنف في المنطقة والمتحالف مع المخابرات العربية الظلامية و«البعث الجديد» ومنظري العروبية والقومية. فهذا الفقه يشرعن للإرهاب في العراق (وغير العراق) في إطار الحجة الفكرية التاريخية الواهية المتمثلة في «طرد المحتل الأجنبي الكافر» من «أرض المسلمين». أي أنه يختار مفردات مرتبطة بثقافة عفا عليها الزمن ويبني تحليلاته المشوهة اعتمادا على تلك المفردات.
إضافة إلى هذا فإن ذلك الفقه لا يملك إلا مشروع إزالة شيء ما يعتقد بأنه يتعارض وتفسيره التاريخي للكتاب والسنة، حيث يحمّل «المؤمن» مسؤولية القيام بهذا الشيء، وبالتالي فإنه لا يملك مشروعا لما بعد مرحلة إزالة ذلك الشيء، إضافة إلى أنه يدعو لاستخدام وسيلة العنف لتحقيق هدفه هذا لأنها الوسيلة الأبرز أمامه «لإرهاب الكافر» والأسرع للوصول إلى مراد «المؤمنين الساعين للشهادة» أي الجنة.
فالفقه الأصولي السياسي لا يتبنى مشاريع حياة بل جل ما يدعو إليه هو إزالة شيء يعتقد بأنه يتعارض وتفسيره التاريخي المرتبط بمفردات ماضوية حول الدين، ووسيلته لتحقيق ذلك مرتبطة بالإرهاب والعنف.
فلا هم لمنظري الفقه السياسي في الظرف الذي يمر به العراق اليوم سوى الترتيب لطرد «الكافر المحتل» من أرضه بالدعوة لمزيد من عمليات الذبح والخطف والإرهاب ضد المحرر الأمريكي وضد المواطن العراقي الذي يهدف لبناء وطن جديد وحياة سياسية واجتماعية جديدة يكون الإنسان فيه محترما لا بوصفه ينتمي إلى دين خاص أو إثنية معينة بل بوصفه إنسانا.
أما قدرة هذا الفقه على التنظير لتطوير المفاهيم الإنسانية بهدف تحقيق مزيد من الاحترام للإنسان، والتخطيط لطرح رؤى تنموية في المجتمع، فإن ذلك ليس من اختصاصاته حيث إن «الأصول» التي يضع قدمه عليها ويستمد علمه من خلالها غير قادرة على فعل ذلك الشيء. أي أن مشروعه الفكري لا يحمل في طياته أسس الدفاع عن حقوق الإنسان أو أسس تكوين حياة تنموية حديثة، وإنما يحمل أسس بناء الحياة التاريخية القديمة بكل ما تحمله تلك الكلمة من معنى للتقيد بالماضي على حساب إزالة الحاضر وتخريب المستقبل.
لذلك تنصب مجمل أهداف الفقه الأصولي السياسي على مواجهة مشاريع الحداثة، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية. كما إنه لا يحرك ساكنا لتطوير نفسه لمواكبة هذه الحداثة أو حتى التصالح معها، بل إن جل اهتمامه بات منصبا على كيفية ضرب الحداثة وأصحابها والسعي «لطلبنة» المجتمعات بما فيها المجتمع العراقي بحجة تطبيق الشرع.
لذا نجد أن من أبرز الإشكاليات التي يعيشها الفقه الأصولي السياسي، في ظل طبيعته التاريخية الماضوية، هو عدم قدرته على طرح وصف دقيق يصالح بين مفهوم «الجهاد» (في العراق وفي غير العراق) وبين الحياة الحديثة. فهو غير قادر على طرح الموضوع بحيث يبعده عن وصف الإرهاب وذبح الإنسان.
لذلك باتت الغالبية العظمى من شعوب وحكومات دول العالم تدين الإرهاب الأصولي سواء في العراق أو أفغانستان أو الأراضي الفلسطينية أو في غيرها من الدول الإسلامية وغير الإسلامية لا بوصفه صادرا عن المسلمين وإنما بوصفه غير متوافق مع ثقافة الحياة الراهنة. وهذا الأمر إن دل على شيء فإنما يدل على أن مشروعية تنفيذ العمليات الإرهابية بالنسبة للفقه الأصولي السياسي لا ترتبط بمواقف الرأي العام وموافقته عليها، وإنما ترتبط بصكوك الإذن الصادرة من قبل علماء الفقه الناطقين باسم الحق الإلهي بمعية مشروعهم التاريخي المرتبط بتفسيرهم الخاص عن الكتاب والسنة.
فمفهوم «الجهاد»، من أجل أن يصالح الحاضر الحديث، عليه أن يأخذ بموافقة هذا الحاضر بثقافته وقوانينه وأعرافه وأُناسه. لذلك تحمّل هذه القضية المسلمين مسؤولية البحث عن أفكار دينية جديدة تواجه مدرسة الفقه الأصولية السياسية الإرهابية لكي تستطيع أن ترمي الأفكار الإرهابية في مزبلة التاريخ، وتتصالح مع الأفكار والمفاهيم الإنسانية الحديثة.
f_ssultann@kwtanweer.com
الوطن - الكويت
الذبح اليومي ضد الإنسان في العراق تحت شعار «المقاومة» و«الجهاد» يتحمل كامل مسؤوليته الفقه الأصولي السياسي المسيطر على مشاريع العنف في المنطقة والمتحالف مع المخابرات العربية الظلامية و«البعث الجديد» ومنظري العروبية والقومية. فهذا الفقه يشرعن للإرهاب في العراق (وغير العراق) في إطار الحجة الفكرية التاريخية الواهية المتمثلة في «طرد المحتل الأجنبي الكافر» من «أرض المسلمين». أي أنه يختار مفردات مرتبطة بثقافة عفا عليها الزمن ويبني تحليلاته المشوهة اعتمادا على تلك المفردات.
إضافة إلى هذا فإن ذلك الفقه لا يملك إلا مشروع إزالة شيء ما يعتقد بأنه يتعارض وتفسيره التاريخي للكتاب والسنة، حيث يحمّل «المؤمن» مسؤولية القيام بهذا الشيء، وبالتالي فإنه لا يملك مشروعا لما بعد مرحلة إزالة ذلك الشيء، إضافة إلى أنه يدعو لاستخدام وسيلة العنف لتحقيق هدفه هذا لأنها الوسيلة الأبرز أمامه «لإرهاب الكافر» والأسرع للوصول إلى مراد «المؤمنين الساعين للشهادة» أي الجنة.
فالفقه الأصولي السياسي لا يتبنى مشاريع حياة بل جل ما يدعو إليه هو إزالة شيء يعتقد بأنه يتعارض وتفسيره التاريخي المرتبط بمفردات ماضوية حول الدين، ووسيلته لتحقيق ذلك مرتبطة بالإرهاب والعنف.
فلا هم لمنظري الفقه السياسي في الظرف الذي يمر به العراق اليوم سوى الترتيب لطرد «الكافر المحتل» من أرضه بالدعوة لمزيد من عمليات الذبح والخطف والإرهاب ضد المحرر الأمريكي وضد المواطن العراقي الذي يهدف لبناء وطن جديد وحياة سياسية واجتماعية جديدة يكون الإنسان فيه محترما لا بوصفه ينتمي إلى دين خاص أو إثنية معينة بل بوصفه إنسانا.
أما قدرة هذا الفقه على التنظير لتطوير المفاهيم الإنسانية بهدف تحقيق مزيد من الاحترام للإنسان، والتخطيط لطرح رؤى تنموية في المجتمع، فإن ذلك ليس من اختصاصاته حيث إن «الأصول» التي يضع قدمه عليها ويستمد علمه من خلالها غير قادرة على فعل ذلك الشيء. أي أن مشروعه الفكري لا يحمل في طياته أسس الدفاع عن حقوق الإنسان أو أسس تكوين حياة تنموية حديثة، وإنما يحمل أسس بناء الحياة التاريخية القديمة بكل ما تحمله تلك الكلمة من معنى للتقيد بالماضي على حساب إزالة الحاضر وتخريب المستقبل.
لذلك تنصب مجمل أهداف الفقه الأصولي السياسي على مواجهة مشاريع الحداثة، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية. كما إنه لا يحرك ساكنا لتطوير نفسه لمواكبة هذه الحداثة أو حتى التصالح معها، بل إن جل اهتمامه بات منصبا على كيفية ضرب الحداثة وأصحابها والسعي «لطلبنة» المجتمعات بما فيها المجتمع العراقي بحجة تطبيق الشرع.
لذا نجد أن من أبرز الإشكاليات التي يعيشها الفقه الأصولي السياسي، في ظل طبيعته التاريخية الماضوية، هو عدم قدرته على طرح وصف دقيق يصالح بين مفهوم «الجهاد» (في العراق وفي غير العراق) وبين الحياة الحديثة. فهو غير قادر على طرح الموضوع بحيث يبعده عن وصف الإرهاب وذبح الإنسان.
لذلك باتت الغالبية العظمى من شعوب وحكومات دول العالم تدين الإرهاب الأصولي سواء في العراق أو أفغانستان أو الأراضي الفلسطينية أو في غيرها من الدول الإسلامية وغير الإسلامية لا بوصفه صادرا عن المسلمين وإنما بوصفه غير متوافق مع ثقافة الحياة الراهنة. وهذا الأمر إن دل على شيء فإنما يدل على أن مشروعية تنفيذ العمليات الإرهابية بالنسبة للفقه الأصولي السياسي لا ترتبط بمواقف الرأي العام وموافقته عليها، وإنما ترتبط بصكوك الإذن الصادرة من قبل علماء الفقه الناطقين باسم الحق الإلهي بمعية مشروعهم التاريخي المرتبط بتفسيرهم الخاص عن الكتاب والسنة.
فمفهوم «الجهاد»، من أجل أن يصالح الحاضر الحديث، عليه أن يأخذ بموافقة هذا الحاضر بثقافته وقوانينه وأعرافه وأُناسه. لذلك تحمّل هذه القضية المسلمين مسؤولية البحث عن أفكار دينية جديدة تواجه مدرسة الفقه الأصولية السياسية الإرهابية لكي تستطيع أن ترمي الأفكار الإرهابية في مزبلة التاريخ، وتتصالح مع الأفكار والمفاهيم الإنسانية الحديثة.
f_ssultann@kwtanweer.com