المهدى
12-24-2004, 07:41 AM
أمير طاهري
العمامة أم القبعة؟ هذا هوالسؤال الذي يواجهه القادة الإيرانيون وهم يقبلون على الانتخابات الرئاسية الربيع القادم. والسؤال على كل حال ليس خياليا، فالعمامة تمثل مؤسسة رجال الدين الشيعة، والتي ظلت الشكوك تعتريها منذ ظهورها قبل خمسة قرون فيما يشوب تصرفاتها إزاء السلطة السياسية التردد. أما القبعة فهي رمز النخب الإيرانية ذات التوجهات الغربية، والتي بدأت بخلق قاعدة سياسية لها في منتصف القرن التاسع عشر، وانتهى بها المطاف إلى الهيمنة على السلطة السياسية منذ العقد الأول من القرن العشرين، وحتى استيلاء الملالي على السلطة عام 1979.
وقد تعاون ذوو القبعات الذين يعرفون بـ«المكلا»، أثناء ثورة 1978 ـ 1979 مع أصحاب العمائم لطرد الشاه من البلاد. ونجح التحالف لبعض الوقت، إذ سمح أصحاب العمائم لذوي القبعات باحتلال مواقع مهمة في السلطة، بما في ذلك منصب رئيس الجمهورية الإسلامية ورئاسة الوزارة، وبقي أصحاب العمائم إما في الظلال ووراء الكواليس، وإما في وظائف متوسطة ومواقع في الصف الثاني، ولكنهم اكتشفوا تدريجيا أن إدارة الحكومة ليست على هذه الدرجة من العسر أو الغموض. وخلال عام واحد قرر أصحاب العمائم، الذين ذاقوا السلطة واستطابوا المذاق، أن يلغوا التحالف ويعيدوا ترتيب الأمور على أساس الانفراد والاستبعاد، وخاصة على مستوى الوظائف الكبرى.
وعلى مدى سنوات ممتدة، احتل أصحاب العمائم المواقع الرفيعة من رئاسة الجمهورية، وولاية القضاء، ورئاسة المجلس ووزارة العدل ووزارة الثقافة والإرشاد، ثم سيطروا على مؤسسات هامة مثل مجلس حراس الثورة، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، ومجلس الخبراء، والمجلس الأعلى للدفاع الوطني وكثير غير ذلك. وتقع العين كذلك على مسؤولين معممين في كل شعبة مهمة من شعب الحكومة، على المستويين القومي والإقليمي. ويلعب هؤلاء في الأقاليم دور الترياق المضاد للحكام من أصحاب القبعات.
وأخيرا وليس آخرا، فإن موقع المرشد الأعلى، أو الولي الفقيه، محتجز دوما لرجل معمم، مع أنه، ومن الناحية النظرية البحتة، فإن من الممكن لذي قبعة أن يحتله في ظروف معينة.
والآن ، لماذا إذن أثير الجدل من جديد حول العمامة والقبعة؟
هناك ثلاثة أسباب لذلك.
السبب الأول، هو أن الحكام الملالي يكرهون أن يطلق عليهم اسم الملالي، وهو مصطلح يذكر العالم كله بحكم طالبان. ويفضل الملالي الإيرانيون أن ينظر إليهم كثوريين من العالم الثالث، يقاتلون الإمبريالية، وليس كمحافظين يقيدون حرية المجتمع . ويعتقد كثيرون داخل صفوف أصحاب العمائم، أنه قد آن الأوان لإتاحة الفرصة لواحد من ذوي القبعات ليكون رئيسا للجمهورية، لتغيير صورة النظام في الأذهان.
وعلى كل حال، فإن رئيس الجمهورية لا يتمتع بصلاحيات كبيرة تحت دستور الخميني، كما أن المرشد الأعلى، الذي يمثل السلطة الحقيقية في البلاد، وله من السلطات ما لا يملكه رئيس آخر في العالم، يمكنه أن يبعد الرئيس في أي وقت. رئيس الجمهورية الإسلامية يقوم مقام رئيس الوزراء، ورغم كونه منتخبا، فإنه لا يستطيع أن يمارس ما لديه من سلطات بدون إذن من المؤسسات التي يهيمن عليها الملالي.
السبب الثاني هو أن الكثيرين من رجال الدين الشيعة أخذ ينتابهم القلق، حول الآثار السلبية لحكم الملالي على المذهب الشيعي، بل على الإسلام نفسه. وحجتهم هنا أن الناس يمكن أن يسقطوا سخطهم الناتج عن الإخفاقات السياسية والاقتصادية على الدين. ويمكن لرئيس من ذوي القبعات أن يمثل درعا بشريا، بتحمل المسؤولية عن أخطاء الحكومة وقصورها.
أما السبب الثالث فهو أن قسما كبيرا من مؤسسة الحكم الثورية، يتكون من ذوي القبعات الذين يشعرون بالإحباط، من احتمال ألا يجدوا أية فرصة لاحتلال منصب كبير. وهؤلاء قوم التحقوا بالثورة وهم دون العشرين، واحتجزوا الرهائن الأميركيين، وكونوا فرق الموت ضد أعداء الثورة، كما حاربوا في الحرب الإيرانية ـ العراقية. وقد عزز الكثيرون منهم أوراق اعتمادهم بالزواج من أسر رجال الدين. ولكن لأنهم ليسوا من الملالي، فهم لا يأملون في الوصول إلى الدرجات العليا من سلم السلطة.
الرئيس الحالي محمد خاتمي لن يخوض انتخابات الرئاسة المقبلة في ايران، لأنه لا يجوز له بنص الدستور الترشح لفترة رئاسية ثالثة على التوالي.
لمجموعة العمائم الآن مرشحان، أولهما علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وهو رجل دين ورجل أعمال، شغل منصب الرئاسة لفترتين من 1989 حتى 1997. الكثيرون يعتبرون رفسنجاني، 71 سنة، «الرجل القوي» في النظام الإيراني، وبفضل ثروته الشخصية وشبكة علاقاته الواسعة في عالم المال الأعمال، يتمتع رفسنجاني بقاعدة سلطة ونفوذ.
إلا أن رفسجاني يواجه مشكلتين، أولاهما أنه لا يتمتع بتأييد واسع داخل المؤسسة الحاكمة، والسبب في ذلك فشله في الحصول على مقعد في انتخابات مجلس الشورى قبل عامين. ربما يكون هذا الموقف غير منصف، إلا أن الخمينيين الملتزمين يقرون بأن عودة رفسنجاني إلى مقعد الرئاسة ربما تكون ضررها أكبر من نفعها.
ويواجه رفسنجاني مشكلة ثانية أكثر تعقيدا تتلخص في أن «المرشد الأعلى»، علي خامنئي، يعارض عودة رفسنجاني إلى الرئاسة. تجمع بين الرجلين علاقة صداقة على مدى ثلاثين عاما تقريبا، ومن المحتمل أن يكون الفضل في وجود خامنئي في موقعه الحالي لمناورات رفسنجاني لمصلحة خامنئي عام 1989 غداة وفاة آية الله الخميني، إلا أن الأمر المؤكد هو أن عودة رفسنجاني كرئيس، فضلا عن شبكة علاقاته الواسعة، ربما تكون سببا في ضعضعة مكانة خامنئي، التي عكف على بنائها على مدى سنوات.
كما ليس من المرجح أن يوافق خامنئي على أن يصبح رجلا ثانيا، بعد أن اعتاد على التربع على القمة طوال السنوات السابقة.
من أبرز المنافسين في انتخابات الرئاسة حسن روحاني، 63 سنة، وهو رجل دين أرهب الأوروبيين بمهاراته التفاوضية خلال المحادثات التي دارت حول برنامج إيران النووي، كما أن وزير الخارجية البريطاني وصف روحاني بأنه «رجل يمكننا التعامل معه». وظل روحاني يعمل خلال العقد السابق أمينا عاما للمجلس الأعلى للدفاع الوطني، وهو مقرب من الأجهزة العسكرية والاستخباراتية في إيران.
وتتردد شائعات في إيران عن ميل خامنئي إلى الحل المتمثل في الاستعانة بأصحاب القبعات، ذلك أن شغل موقع الرئاسة بواسطة واحد من هؤلاء لن يشكل خطرا على موقع خامنئي، كما أن ذلك سيعكس وجها أفضل للجمهورية الإسلامية في الخارج. يضاف إلى ذلك أن شغل منصب الرئاسة بواسطة شخص من خارج دائرة العمائم، سيرضي بعض الشيء الطبقة الوسطى الإيرانية، التي ظل أفرادها يشعرون بأنهم عزلوا تماما عن المشاركة في السلطة. ويلاحظ أن خامنئي أبدى في الآونة الأخيرة ميلا إلى فكرة لعب أصحاب القبعات دورا أكبر، إذ رقى واحدا من أقربائه، وهو غلام علي حداد عادل، ليصبح أول رئيس لمجلس الشورى من خارج مجموعة أصحاب العمائم.
وثمة تقارير غير مؤكدة تشير إلى أن خامنئي يرغب في أن يتولى الرئاسة علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي للسياسة الخارجية، إلا أن ولايتي، 65 سنة، يواجه مشكلة تتمثل في صدور مذكرة اعتقال دولي بحقه، صادرة من محكمة برلين الجنائية، بسبب تهم تتعلق بتورطه في اغتيال أربعة معارضين إيرانيين أكراد عام 1992.
كما من المتوقع أن ينافس على مقعد الرئاسة الرئيس السابق لشبكة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، علي لاريجاني، الذي عمل على مدى ما يزيد على عشر سنوات مسؤولا عن الدعاية للمؤسسة الحاكمة. ويتوقع أيضا أن ينضم إلى قائمة المنافسين أحمد توكلي، وزير التجارة الإيراني السابق وواحد من الخمينيين المتشددين.
ومن المحتمل أن يقدم الحرس الثوري مرشحا له للمنافسة على معقد الرئاسة، كما فعل في انتخابات الرئاسة السابقة. وتشير التوقعات إلى احتمال ترشيح الحرس الثوري الجنرال محمد باقر قاليباف، الذي تربطه علاقات وثيقة مع الفصائل المتشددة.
في المقابل لم يعد هناك وجود الآن للائتلاف المؤيد للإصلاحات، الذي حمل خاتمي إلى مقعد الرئاسة قبل حوالي ثماني سنوات، فيما فشلت المحاولات الرامية إلى تشجيع رئيس الوزراء السابق حسين موسوي، الذي قال إنه لن يسعى لشغل أي موقع، طالما ظل الدستور الإيراني الحالي ساري المفعول. ويعلق من تبقى من الحركة المؤيدة للرئيس الحالي خاتمي آمالهم على مصطفى معين، وهو وزير سابق للتربية ليس له قاعدة مؤيدين، فضلا عن انه ليس من الأسماء البارزة.
ويبقى القول ان الأمر المؤكد هو أن من سيفوز بمعقد الرئاسة، سواء كان من مجموعة العمائم أو القبعات، سيكون من معسكر المتشددين، لأن الجمهورية الإسلامية قررت أن الوقت الراهن غير مناسب للعب بالإصلاح السياسي، وان النموذج الصيني الخاص بالانفتاح الاقتصادي والسيطرة السياسية هو الأفضل، على الأقل في المستقبل المنظور.
العمامة أم القبعة؟ هذا هوالسؤال الذي يواجهه القادة الإيرانيون وهم يقبلون على الانتخابات الرئاسية الربيع القادم. والسؤال على كل حال ليس خياليا، فالعمامة تمثل مؤسسة رجال الدين الشيعة، والتي ظلت الشكوك تعتريها منذ ظهورها قبل خمسة قرون فيما يشوب تصرفاتها إزاء السلطة السياسية التردد. أما القبعة فهي رمز النخب الإيرانية ذات التوجهات الغربية، والتي بدأت بخلق قاعدة سياسية لها في منتصف القرن التاسع عشر، وانتهى بها المطاف إلى الهيمنة على السلطة السياسية منذ العقد الأول من القرن العشرين، وحتى استيلاء الملالي على السلطة عام 1979.
وقد تعاون ذوو القبعات الذين يعرفون بـ«المكلا»، أثناء ثورة 1978 ـ 1979 مع أصحاب العمائم لطرد الشاه من البلاد. ونجح التحالف لبعض الوقت، إذ سمح أصحاب العمائم لذوي القبعات باحتلال مواقع مهمة في السلطة، بما في ذلك منصب رئيس الجمهورية الإسلامية ورئاسة الوزارة، وبقي أصحاب العمائم إما في الظلال ووراء الكواليس، وإما في وظائف متوسطة ومواقع في الصف الثاني، ولكنهم اكتشفوا تدريجيا أن إدارة الحكومة ليست على هذه الدرجة من العسر أو الغموض. وخلال عام واحد قرر أصحاب العمائم، الذين ذاقوا السلطة واستطابوا المذاق، أن يلغوا التحالف ويعيدوا ترتيب الأمور على أساس الانفراد والاستبعاد، وخاصة على مستوى الوظائف الكبرى.
وعلى مدى سنوات ممتدة، احتل أصحاب العمائم المواقع الرفيعة من رئاسة الجمهورية، وولاية القضاء، ورئاسة المجلس ووزارة العدل ووزارة الثقافة والإرشاد، ثم سيطروا على مؤسسات هامة مثل مجلس حراس الثورة، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، ومجلس الخبراء، والمجلس الأعلى للدفاع الوطني وكثير غير ذلك. وتقع العين كذلك على مسؤولين معممين في كل شعبة مهمة من شعب الحكومة، على المستويين القومي والإقليمي. ويلعب هؤلاء في الأقاليم دور الترياق المضاد للحكام من أصحاب القبعات.
وأخيرا وليس آخرا، فإن موقع المرشد الأعلى، أو الولي الفقيه، محتجز دوما لرجل معمم، مع أنه، ومن الناحية النظرية البحتة، فإن من الممكن لذي قبعة أن يحتله في ظروف معينة.
والآن ، لماذا إذن أثير الجدل من جديد حول العمامة والقبعة؟
هناك ثلاثة أسباب لذلك.
السبب الأول، هو أن الحكام الملالي يكرهون أن يطلق عليهم اسم الملالي، وهو مصطلح يذكر العالم كله بحكم طالبان. ويفضل الملالي الإيرانيون أن ينظر إليهم كثوريين من العالم الثالث، يقاتلون الإمبريالية، وليس كمحافظين يقيدون حرية المجتمع . ويعتقد كثيرون داخل صفوف أصحاب العمائم، أنه قد آن الأوان لإتاحة الفرصة لواحد من ذوي القبعات ليكون رئيسا للجمهورية، لتغيير صورة النظام في الأذهان.
وعلى كل حال، فإن رئيس الجمهورية لا يتمتع بصلاحيات كبيرة تحت دستور الخميني، كما أن المرشد الأعلى، الذي يمثل السلطة الحقيقية في البلاد، وله من السلطات ما لا يملكه رئيس آخر في العالم، يمكنه أن يبعد الرئيس في أي وقت. رئيس الجمهورية الإسلامية يقوم مقام رئيس الوزراء، ورغم كونه منتخبا، فإنه لا يستطيع أن يمارس ما لديه من سلطات بدون إذن من المؤسسات التي يهيمن عليها الملالي.
السبب الثاني هو أن الكثيرين من رجال الدين الشيعة أخذ ينتابهم القلق، حول الآثار السلبية لحكم الملالي على المذهب الشيعي، بل على الإسلام نفسه. وحجتهم هنا أن الناس يمكن أن يسقطوا سخطهم الناتج عن الإخفاقات السياسية والاقتصادية على الدين. ويمكن لرئيس من ذوي القبعات أن يمثل درعا بشريا، بتحمل المسؤولية عن أخطاء الحكومة وقصورها.
أما السبب الثالث فهو أن قسما كبيرا من مؤسسة الحكم الثورية، يتكون من ذوي القبعات الذين يشعرون بالإحباط، من احتمال ألا يجدوا أية فرصة لاحتلال منصب كبير. وهؤلاء قوم التحقوا بالثورة وهم دون العشرين، واحتجزوا الرهائن الأميركيين، وكونوا فرق الموت ضد أعداء الثورة، كما حاربوا في الحرب الإيرانية ـ العراقية. وقد عزز الكثيرون منهم أوراق اعتمادهم بالزواج من أسر رجال الدين. ولكن لأنهم ليسوا من الملالي، فهم لا يأملون في الوصول إلى الدرجات العليا من سلم السلطة.
الرئيس الحالي محمد خاتمي لن يخوض انتخابات الرئاسة المقبلة في ايران، لأنه لا يجوز له بنص الدستور الترشح لفترة رئاسية ثالثة على التوالي.
لمجموعة العمائم الآن مرشحان، أولهما علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وهو رجل دين ورجل أعمال، شغل منصب الرئاسة لفترتين من 1989 حتى 1997. الكثيرون يعتبرون رفسنجاني، 71 سنة، «الرجل القوي» في النظام الإيراني، وبفضل ثروته الشخصية وشبكة علاقاته الواسعة في عالم المال الأعمال، يتمتع رفسنجاني بقاعدة سلطة ونفوذ.
إلا أن رفسجاني يواجه مشكلتين، أولاهما أنه لا يتمتع بتأييد واسع داخل المؤسسة الحاكمة، والسبب في ذلك فشله في الحصول على مقعد في انتخابات مجلس الشورى قبل عامين. ربما يكون هذا الموقف غير منصف، إلا أن الخمينيين الملتزمين يقرون بأن عودة رفسنجاني إلى مقعد الرئاسة ربما تكون ضررها أكبر من نفعها.
ويواجه رفسنجاني مشكلة ثانية أكثر تعقيدا تتلخص في أن «المرشد الأعلى»، علي خامنئي، يعارض عودة رفسنجاني إلى الرئاسة. تجمع بين الرجلين علاقة صداقة على مدى ثلاثين عاما تقريبا، ومن المحتمل أن يكون الفضل في وجود خامنئي في موقعه الحالي لمناورات رفسنجاني لمصلحة خامنئي عام 1989 غداة وفاة آية الله الخميني، إلا أن الأمر المؤكد هو أن عودة رفسنجاني كرئيس، فضلا عن شبكة علاقاته الواسعة، ربما تكون سببا في ضعضعة مكانة خامنئي، التي عكف على بنائها على مدى سنوات.
كما ليس من المرجح أن يوافق خامنئي على أن يصبح رجلا ثانيا، بعد أن اعتاد على التربع على القمة طوال السنوات السابقة.
من أبرز المنافسين في انتخابات الرئاسة حسن روحاني، 63 سنة، وهو رجل دين أرهب الأوروبيين بمهاراته التفاوضية خلال المحادثات التي دارت حول برنامج إيران النووي، كما أن وزير الخارجية البريطاني وصف روحاني بأنه «رجل يمكننا التعامل معه». وظل روحاني يعمل خلال العقد السابق أمينا عاما للمجلس الأعلى للدفاع الوطني، وهو مقرب من الأجهزة العسكرية والاستخباراتية في إيران.
وتتردد شائعات في إيران عن ميل خامنئي إلى الحل المتمثل في الاستعانة بأصحاب القبعات، ذلك أن شغل موقع الرئاسة بواسطة واحد من هؤلاء لن يشكل خطرا على موقع خامنئي، كما أن ذلك سيعكس وجها أفضل للجمهورية الإسلامية في الخارج. يضاف إلى ذلك أن شغل منصب الرئاسة بواسطة شخص من خارج دائرة العمائم، سيرضي بعض الشيء الطبقة الوسطى الإيرانية، التي ظل أفرادها يشعرون بأنهم عزلوا تماما عن المشاركة في السلطة. ويلاحظ أن خامنئي أبدى في الآونة الأخيرة ميلا إلى فكرة لعب أصحاب القبعات دورا أكبر، إذ رقى واحدا من أقربائه، وهو غلام علي حداد عادل، ليصبح أول رئيس لمجلس الشورى من خارج مجموعة أصحاب العمائم.
وثمة تقارير غير مؤكدة تشير إلى أن خامنئي يرغب في أن يتولى الرئاسة علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي للسياسة الخارجية، إلا أن ولايتي، 65 سنة، يواجه مشكلة تتمثل في صدور مذكرة اعتقال دولي بحقه، صادرة من محكمة برلين الجنائية، بسبب تهم تتعلق بتورطه في اغتيال أربعة معارضين إيرانيين أكراد عام 1992.
كما من المتوقع أن ينافس على مقعد الرئاسة الرئيس السابق لشبكة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، علي لاريجاني، الذي عمل على مدى ما يزيد على عشر سنوات مسؤولا عن الدعاية للمؤسسة الحاكمة. ويتوقع أيضا أن ينضم إلى قائمة المنافسين أحمد توكلي، وزير التجارة الإيراني السابق وواحد من الخمينيين المتشددين.
ومن المحتمل أن يقدم الحرس الثوري مرشحا له للمنافسة على معقد الرئاسة، كما فعل في انتخابات الرئاسة السابقة. وتشير التوقعات إلى احتمال ترشيح الحرس الثوري الجنرال محمد باقر قاليباف، الذي تربطه علاقات وثيقة مع الفصائل المتشددة.
في المقابل لم يعد هناك وجود الآن للائتلاف المؤيد للإصلاحات، الذي حمل خاتمي إلى مقعد الرئاسة قبل حوالي ثماني سنوات، فيما فشلت المحاولات الرامية إلى تشجيع رئيس الوزراء السابق حسين موسوي، الذي قال إنه لن يسعى لشغل أي موقع، طالما ظل الدستور الإيراني الحالي ساري المفعول. ويعلق من تبقى من الحركة المؤيدة للرئيس الحالي خاتمي آمالهم على مصطفى معين، وهو وزير سابق للتربية ليس له قاعدة مؤيدين، فضلا عن انه ليس من الأسماء البارزة.
ويبقى القول ان الأمر المؤكد هو أن من سيفوز بمعقد الرئاسة، سواء كان من مجموعة العمائم أو القبعات، سيكون من معسكر المتشددين، لأن الجمهورية الإسلامية قررت أن الوقت الراهن غير مناسب للعب بالإصلاح السياسي، وان النموذج الصيني الخاص بالانفتاح الاقتصادي والسيطرة السياسية هو الأفضل، على الأقل في المستقبل المنظور.