المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبيك لبيك عطرك المفضل بين يديك»



المهدى
12-23-2004, 07:45 AM
في أسواق القاهرة عطور تحمل أسماء عالمية تركب في ثوان أمام ناظريك

«كافح الغلاء بالاستغناء، أو بقبول التقليد» شعار يرفعه نسبة كبيرة من المصريين الآن بعد ارتفاع تكاليف الحياة، وذلك عند شراء الملابس والأحذية وأدوات التجميل وامتد ذلك للعطور أيضاً».

فأنت تستطيع الآن أن تشتري أشهر ماركات العطور العالمية من محلات تخصصت في تركيبها أمام الزبائن، بسعر 20 جنيها مصريا للزجاجة سعة 100 ملليمتر، مع العلم أن هذه المحلات تنتشر في الكثير من أحياء القاهرة، الراقية منها والشعبية. والملاحظ أنها لا تحتل مساحات كبيرة، فالبائع لا يحتاج سوى لعدد من الأرفف يضع عليها زجاجات يعبئ بها العطور التي يطلبها الزبون، إلى جانب زجاجات تحتوي على تركيبة العطور، وهي ما اصطلح على تسميتها في مصر باسم «إسانس» لأشهر ما تنتجه شركات العطور العالمية، فضلا عن بعض الزجاجات التي تحتوي على مادة الكحول الأبيض التي يحتاجها لتركيب العطر المطلوب، وما على الزبون إلا تحديد ما يريد ليعده البائع في لحظات ويعبئه في زجاجات قد تحمل اسم العطر، أو زجاجات عادية، لكن ما بداخلها مذهل: فهو نفس رائحة العطر الأصلي.


والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كيف تأتى لأصحاب تلك المحال تركيب تلك العطور بسهولة وبأسعار رخيصة جداً بالمقارنة بأسعار العطور الأصلية، في حين أن شركات العطور العالمية تفرض سياجاً قوياً على تركيبات عطورها ويقضي العاملون فيها سنوات في اختبار تركيبة عطر جديد قبل طرحه في الأسواق؟

توجهت بسؤالي لبعض أصحاب تلك المحلات، وكانت البداية مع بائع في مجمع تجاري شهير في حي مصر الجديدة، شرق القاهرة، طلبت منه أولا إعداد زجاجة لي من عطر «أماريج» لجيفنشي ثم طرحت عليه سؤالي، فكان رده مفاجئا: «تركيب العطور مهنة لا تحتاج إلى خبرة أو مهارة عالية، فالمسألة في منتهى البساطة أن هناك مستوردين يقومون باستيراد «أسانسات» تلك العطور من الخارج و90 بالمائة منها يأتي إلينا من الهند التي تعتبر مصدر أساسي لصناعتنا، وهي «أسانسات» تحمل نفس رائحة العطور العالمية التي تقوم الشركات بإنتاجها، وهي عبارة عن زيوت عطرية شديدة التركيز، يتم وضعها في قوارير كبيرة مخصصة لهذا الغرض ويكتب عليها اسم العطر، ونلبي طلبات الزبائن في تحضير أي عطر سواء للرجال أو النساء، بهذه الطريقة. غالبية المستهلكين هم من النساء اللواتي يتابعن الاعلانات على الفضائيات وفي مجلات الموضة، ولا تسمح لهن إمكانياتهن المادية بشراء تلك العطور، والتي تتجاوز الـ 200 جنيه أحيانا، فيلجأن للحصول عليها من خلالنا».

وأضاف أن تركيب العطر في معظم تلك المحلات يتم من خلال مزج 20 مليلترا من الأسانس المركز للعطر، مع 80 بالمائة من الكحول الأبيض.

وفي محل آخر بوسط القاهرة أخبرني البائع عادل «أن المسألة قد تبدو بسيطة ولكن هناك أسرارا تزيد من كفاءة وتميز رائحة العطر الذي يتم تركيبه، مثل طريقة تخزين تلك العطور بعد تركيبها. فأنا أنصح الزبون أن يقوم بوضع العطر في البراد لعدة أيام يقوم بعدها بوضعه في قطعة من قماش الصوف في مكان مظلم لعدة أيام أخرى، فهذا الاسلوب يقارب ما تتبعه شركات العطور لزيادة تركيز عطورها بعد تصنيعها. ليس هذا فقط بل أنه كلما ارتفعت نسبة تركيز أسانس العطر زادت درجة ثباته، ولهذا فأنا أسأل الزبون إذا كان يريد ذلك فانه يكلفه ضعف الثمن المعتاد لأنني أركب له العطر بنسبة تركيز 35 بالمائة وهذا يرفع سعر الزجاجة سعة 100 ملل الى 40 جنيها.

وعلى الرغم من احتفاظ بعض البائعين ببعض أسرار المهنة، كما يقولون، إلا أن الجميع يتفق على أن اسلوب التركيب واحد في النهاية. وبعيداً عن حقوق الملكية، أو أي رقابة فإنها تبقى وسيلة رخيصة لشراء أشهر العطور»..

الحاج ربيع، أحد أصحاب محلات بيع الزيوت العطرية في حي خان الخليلي الشهير بقلب القاهرة قال: إن هذه الظاهرة ليست بالجديدة، الجديد فيها هو قيام التجار بتركيب عطور بأسماء عالمية لإقبال الناس عليها، ولكننا هنا في خان الخليلي نعمل في تجارة العطور التي نقوم بتركيبها بأنفسنا منذ أيام أجدادنا وآبائنا ونسميها بأسماء نبتكرها نحن، حيث نقوم بمزج عدد من الزيوت العطرية بمقادير نعرفها جيدا، ونعبئها في زجاجات يقبل عليها السياح والمصريون من أصحاب المحلات المحيطة بخان الخليلي، أو من المنتمين للطبقات الشعبية البسيطة التي تبحث عن الرائحة الحلوة ولا تعرف أسماء العطور التي تتحدثون عنها، وفي النهاية السوق مفتوح أمام الجميع وكل زبون يشتري العطر الذي يوافق ذوقه».

ويضيف الحاج ربيع قائلا: «الحقيقة أن الناس معها حق، فإذا كان من الممكن أن أحصل على رائحة العطر الذي تنتجه كبرى الشركات بـ20 جنيها فلماذا أشتريه بـ200 جنيه أو 300 جنيه؟».

الطريف أن العاملين في هذا المجال يؤكدون أنه مربح للغاية، وبخاصة في حالة تقليل نسبة تركيز العطر وهو ما يعطي هامش ربح جيد بالنسبة لهم، بل ويجدونه وسيلة ناجحة للقضاء على البطالة التي انتشرت بين الشباب المصري.
بقي أن نعرف أن هناك تجارة أخرى باتت ترتبط بتلك التجارة ألا وهي تجارة الزجاجات الفارغة للعطور العالمية التي يتم جمعها من أكوام القمامة لاعادة بيعها لتجار هذه المهنة بعد تنظيفها لتعبئتها مرة أخرى بالعطور المقلدة.